مصادر: النظام السوري يتحضّر لانتخابات زعامة عربية مطلقة لا مجرد انتخابات رئاسية سورية

على مسافة ثلاثة أيام من الانتخابات الرئاسية في سوريا، يتوزّع المراقبون بين متابعة الوضعين السياسي عشية فتح صناديق الاقتراع في العاصمة دمشق والمحافظات كافة التي يربو عددها على ثمانية آلاف، والأمني الذي يشهد المزيد من التصعيد في محاولات من قبل المسلحين لتعطيل الانتخابات أو التشكيك بالعملية الانتخابية ونتائجها، والنظام لضم أكبر عدد من المناطق والمحافظات إلى لائحة الناخبين في ظلّ أوضاع هادئة تبعد عنه التشكيك بنتائج العملية المعروفة سلفا.
وفي هذا السياق، يكشف قادمون من العاصمة السورية ومواكبون لأزمتها منذ أنّ النظام يتحضّر لانتخابات زعامة عربية مطلقة وليس مجرّد تمديد ولاية تحت عناوين الديمقراطية خصوصًا أنّ الاتصالات التي بدأت تتلقاها الخارجية السورية تؤكد أنّ عددًا لا يُستهان به من الدول العربية والأوروبية والغربية عازمة على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة الجديدة، وذلك بعد صرف النظر عن السياسات السابقة التي أدّت مفاعيلها وهي استدراج الجيش السوري لشن حربه على الإرهاب وتشكيله لرأس حربة عربية وإسلامية للقضاء على تنظيم "القاعدة" وإخوانه من المرجح أن ينضمّ إليها عدد من الجيوش العربية على غرار مصر ولبنان عبر تبادل معلومات وملفات تتعلق بالتنظيمات المشكو منها إقليميًا ودوليًا . وهذا ما يبرّر خفض منسوب المعركة الإعلامية التي يشنها الغرب على سوريا وإقفال عدد من الملفات على غرار الحديث عن مشاركة "حزب الله" في المعارك السورية، أو تحميل النظام السوري مسؤولية عدم الانتهاء من موضوع نقل السلاح الكيميائي خارج الأراضي السورية، إضافة إلى غض النظر عن الشدة العسكرية التي يعتمدها النظام في مواجهة المسلحين.
ويتوقف هؤلاء عند المشهد العسكري ، فيعتبرون أنّ الحرب الحقيقية على الإرهاب والمسلحين ستبدأ بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية على اعتبار أنّ فوز الأسد في الانتخابات سيعطيه شرعية إضافية لاعتماد سياسات الحسم العسكري بالتوازي مع المصالحات التي لن تبدأ إلا بعد القضاء على الرؤوس العسكرية القادمة من خارج سوريا وحدودها الجغرافية لا سيما في الغوطة الشرقية التي تشهد في هذه الأيام حربًا تبدو اقرب إلى المناوشات منها إلى حرب الاقتحامات وذلك في إطار السياسة التي يعتمدها النظام وهي إحلال الأمن عشية الانتخابات إفساحًا في المجال أمام أكبر عدد من السوريين للاقتراع طالما أنّ المعارضة لن تشارك ما يعني أنّ أيّ ناخب إضافي سيكون زيادة على الأرقام التي سيحققها الأسد في ظل غياب المنافسة الحقيقية.
ويبدو أنّ للمعارضة السورية حساباتٍ أخرى تعتمد على تصعيد الموقف العسكري من خلال تنفيذ المزيد من العمليات الانتحارية والقصف العشوائي خصوصًا على دمشق ومحيطها وهذا ما يتحسب له النظام من خلال تشديد المراقبة من جهة وخرق المسلحين من الداخل من جهة ثانية وبالتالي شن هجمات وقائية ومحدودة تعيق حركة المسلحين ولا تفجر الأوضاع الميدانية اقله بانتظار إقفال صناديق الاقتراع وإعلان النتائج حيث سيكون لكل حادث حديث وفق التعبير المستخدم.
وليس بعيدًا عن ذلك، يؤكد الزوار أنّ الجيش السوري نجح في ضمّ حلب إلى لائحة المدن السورية المشاركة في الانتخابات وذلك بعد أن أعاد السيطرة الكاملة على سجن حلب المركزي ومحيطه ما أضاف إلى لائحة الناخبين المفترضين عشرات الآلاف من سكان الأحياء المحرّرة.
يبقى أنّ الجيش يعمل بجهد متواصل وغير مسبوق لتأمين طرق التواصل بين المحافظات الخاضعة إلى حد ما لسيطرة المسلحين والعاصمة دمشق أو الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية وذلك لحشد أكبر عدد من الأصوات لاسيما أنّ الرئيس الأسد يعمل على أساس الزعامة العربية أكثر من الرئاسة مستفيدا بذلك من النتائج الميدانية المحققة خلال الأشهر الأخيرة من جهة وتبدل المزاج الشعبي السوري بعد ممارسات المسلحين التكفيريين القادمين من خارج الحدود.