انتصارات الجبهات بموازاة الفوز الساحق للرئيس الأسد

عمر معربوني

مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في سورية، لا تزال العمليات العسكرية على أكثر من جبهةٍ مستمرة.. فمن كسب شمالاً، التي يحقق فيها الجيش العربي السوري إنجازاتٍ كبيرةً من ناحية استنزاف قوة المسلحين البشرية والنارية ويعمل عبر استخباراته على جمع المعلومات اليومية عن تنقلات وأماكن تواجد قادتهم والعمل على استهدافهم وتصفيتهم، ما يشير الى وصول هذه الجماعات الى مرحلة شبه شللٍ في تحركاتها.. وفي حين أنّ جبهة ادلب لا تزال المنطقة الرخوة التي تتحرك فيها الجماعات المسلحة بحريةٍ اكبر، إلا أنها لم تستطع حتى الآن تحقيق انتصاراتٍ كبيرة على الجيش العربي السوري الذي يعتمد أنماط دفاعية ويتمسك بالنقاط التي يتمركز فيها منذ اكثر من سنة.. الى المليحة التي يمكننا القول إنها استلزمت وقتاً مضاعفاً عن الوقت المرسوم في خطط الجيش العربي السوري، ولكن العدد الكبير من الانفاق والعبوات المزروعة في طرق تقدّم الجيش جعلته يعمد الى تنفيذ خططٍ تعتمد على القوة النارية الضخمة وتقدم قوات صغيرة من عناصر النخبة بمؤازرة المدرعات.. وحتى ساعة كتابة هذا التقرير تفيد المعلومات أن إعلان المليحة منطقةً آمنة هي مسألة لن تتجاوز الأيام، فيما ترجّح بعض المصادر إمكانية إعلانها آمنةً في وقتٍ لن يتجاوز اليومين..

ويؤكد هذه التوقعات تمكّن الجيش السوري من قطع كافة طرق الإمداد الى المليحة التي عُزلت بشكلٍ كاملٍ عن الغوطة الشرقية... والى درعا والمنطقة الحدودية حيث تعمل قوات الجيش العربي السوري على تثبيت مواقعها بشكلٍ متسارعٍ وتعمل على ربط طرقات التحرك في حركة مناورةٍ سريعةٍ يمكننا القول إنها ترهق الجماعات المسلحة وتجعلهم في موقفٍ حرج.

وتبقى التطورات الأكثر أهميةً، والتي تتّسم بالحركة وتحقيق النتائج الميدانية المتلاحقة، هي جبهة حلب.. فمنذ يومين، تقوم وحدات الجيش العربي السوري بعملية عسكرية هامة في الريف الجنوبي لمدينة حلب (مرفق خارطة العمليات)، أسفرت هذه العملية عن السيطرة على أكثر من موقعٍ استراتيجي بدءاً من جبل النبي ادريس وقرى تركان - عسان - رسم بكرو وتلة رسم عسان، إضافةً الى حدادين، ويبقى الموقع الاهم في كل هذه العملية هو تل اعزان الذي يسيطر بالارتفاع على مساحة واسعة وكبيرة من مساحات تحرك المسلحين، وهي المرة الاولى منذ أيلول 2013 التي يستعيد فيها الجيش السوري السيطرة على هذا التل.. علماً أنّ السيطرة على هذا التل تعني تأمين طريق خناصر حلب بشكلٍ أفضل، وتمنح حلب مساحة آمنة اكبر في من جهة ريفها الجنوبي، كما يؤمن محاور الراموسة النيرب والوضيحي الجنوبية.

وتفيد بعض المعلومات أنّ الجيش بصدد إكمال عمليته باتجاه الزربة التي تعتبر موقعاً هاماً لوجود محطة الزربة الكهربائية التي يتحكم المسلحون فيها لجهة إمداد حلب بالكهرباء. كما تشير بعض المعلومات الى أنّ الجيش السوري قد بسط سيطرته على الزربة، إلا أن هذه المعلومات لم تتأكد بعد.

وفي قراءةٍ ميدانيةٍ سريعةٍ لتطورات جبهة حلب، يبدو أنّ الجيش العربي السوري يدرك أهمية كسر شوكة المسلحين في هذه الجبهة لأهميتها من الناحيتين العسكرية والمعنوية، ولما ستحدثه من انهياراتٍ ليس في حلب وحدها وإنما في كافة الجبهات.. فبعد تحرير سجن حلب غير ما قبله.. ومن يعرف العقيد سهيل الحسن قائد قوة المهام الخاصة يعرف أنه لا يمكن توقع الجبهة الرئيسية التي ينوي تركيز الهجوم عليها وتحريرها. ويمكننا القول إنّ جبهة حلب هي الجبهة التي تتحقق فيها انتصاراتٌ متلاحقةٌ مع غموض مضمون الخطط والتحركات التي يقوم بها قادة الجيش السوري على تلك الجبهة.

وأخيراً وليس آخراً، هل سيطلع علينا يوم غدٍ بإعلان المليحة منطقةً آمنة ؟؟ بعد الانتخابات الرئاسية كل شيء ممكن، والميدان سيشهد تطوراتٍ دراماتيكية غير مسبوقة، خصوصاً أنّ معالم الحسم ببعده الاستراتيجي قد رست لمصلحة الجيش العربي السوري..

*ضابط سابق (خريج الاكاديمية العسكرية السوفياتية)