الرصاص الطائش يسيل دماء السوريين ويصم آذانهم

لم يكن ذنب الطفلة "نماء خطاب" ابنة الـ 13 ربيعاً سوى أنها كانت تسير في أحد شوارع اللاذقية ، عندما اخترقت رصاصة طائشة رأسها، لتسقط ورقة خريفية في يوم أراده السوريون ربيعاً، فاصر بعض "شذاذ الآفاق" على أن جعله دامياً.

"أن يعبر الشخص عن فرحته هو أمر لا يمكن لأي شخص في الدنيا أن يمنعه، ولكن أن تكون فرحتك سبباً لدمار عائلة، أو لفقدان شخص، أو لعاهة يصاب بها إنسان آخر فهو أمر لا يمكن السكوت عنه"، تقول سيدة اتصلت بتلفزيون الخبر مذعورة، تخلل أزيز الرصاص صوتها، مضيفة " خرجوا ليعبروا عن فرحتهم، فحولوا حالتنا لما يشبه أرض المعركة".

عشرات الاتصالات المماثلة تلقاها تلفزيون الخبر من مختلف المحافظات السورية بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث خرج آلاف السوريين الذين يؤيدون الرئيس بشار الأسد للتعبير عن فرحتهم بنجاح مرشحهم في الانتخابات، فعكر بعض المسلحين صفو احتفالاتهم وحولوا بعضها إلى "مآتم".

الرصاص الكثيف الذي انطلق نحو السماء عاد إلى الأرض فاستقر بعضه في أجسام سوريين آخرين خرجوا لـ "يشاركوا في الأفراح"، لتعلوا صفارات سيارات الإسعاف، التي لم تهدأ طيلة الليل.

ففي مدينة اللاذقية سجل عشرات الإصابات نتيجة الرصاص الكثيف الذي أطلقه بعض "الفرحين" تم توثيق ثماني حالات منها، بينها الطفلة "نماء خطاب" التي سقطت شهيدة بين ذراعي والدتها قرب دوار الزراعة، إثر اختراق مقذوف راجع رأسها.

دمشق أيضا لم تسلم من الرصاص الطائش، حيث سجل استشهاد 4 اشخاص امام المحكمة الدستورية العليا بعيد اعلان نتائج الانتخابات.

وارتفع عدد الشهداء إلى 9 شهداء في دمشق حتى ظهر الخميس فيما سقط أكثر من 70 جريحا اخرين ، نتيجة الفلتان الحاصل .

وفي حمص تم تسجيل عشرات الإصابات أيضاً، تم توثيق 22 حالة منها وصلت إلى مشافي الزعيم والاهلي والنهضة،جميعها تحمل توقيع "الرصاص الطائش".

الدماء التي سالت، والشهداء الذين سقطوا لم يتمكنوا من إيقاف هذا الرصاص الذي صم أزيزه آذان السوريين في مختلف المحافظات، واستمر رغم حديث الرئيس بشار الأسد وتأكيده ضرورة إيقاف هذه الظاهرة.

وقال الرئيس الأسد في تصريح نشر على صفحة رئاسة الجمهورية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "إن جنودنا البواسل وهم على خطوط النار يدافعون عن الوطن ويحاربون الإرهاب أولى بكل رصاصة تطلق في الهواء تعبيرا عن الابتهاج بأي مناسبة أو حدث".

وعلق أحد المشتكين خلال اتصال مع تلفزيون الخبر بالقول " الدماء سالت، والرئيس بشار الأسد يطلب من مطلقي الرصاص التوقف، ولكن الرصاص مستمر ، والإصابات إلى ارتفاع، التعبير عن الفرح يكون بشكل حضاري، لا عن طريق تحويل أحيائنا الآمنة إلى حقل للرمي".

وقال آخر " من المعيب أن يسقط بيننا شهداء نتيجة الرصاص الطائش، بعد أن خرجنا وتحدينا الهاون والقذائف، وصمدنا طيلة أعوام الحرب الثلاثة"، وتابع " هذا الرصاص مكانه على جبهات القتال، في بنادق عناصر الجيش الذين يدافعون عنا وعن حضارتنا وتاريخنا، وليس هنا لهدر دمائنا وإرهابنا".

وفي وقت تبكي فيه أمهات "شهداء الرصاص الطائش" ابناءها، ويعمل فيه الأطباء على وقف نزيف المصابين، لايزال بعض "الموتورين" يصرون على إفساد هذا اليوم الذي تحدى فيه السوري كل العالم، وأراد لصوته ان يصل، ولإرادته ان تنتصر.