ماذا يريد بان كي مون من سوريا؟؟

أحمد الحباسي

أكره جميع أمناء مجلس الأمن ، و على رأسهم السيد بان كى مون ، و لا أحتاج إلى من يذكرني بأن هذه الصفحة ليست مفتوحة لمن يدعون الكراهية لأحد أو يدعون أصلا للكراهية تحت أي عنوان ، فقط اكتفى بكراهيتي الشخصية لهذا الرجل من باب أنه يكره العرب و عملا بالمقولة الشهيرة من يصادق عدوى فهو عدوى ، و السيد مون لا يخفى عداوته للشعوب العربية بدليل أنه لا يتحدث عن فلسطين ، القضية العربية الأم ، إلا من باب رفع العتب ، و لا يتحدث عن محاسبة الإدارة الأمريكية حول جرائمها ضد الإنسانية في العراق مع أنه منتبه إلى مآسي كل الشعوب و الأقليات في العالم ، بدليل أنه لم يزر سوريا رغم أن ما حدث هو اعتداء من دول إرهابية خليجية و غربية على دولة عضو في الأمم المتحدة .
هو من يذكر العالم صباحا مساء بالهولوكست الصهيوني ، و هو من يكذب على سوريا بعلة استعمال النظام للسلاح البيولوجي ، و هو من يزعم أن كل هذه الجماعات الإرهابية السعودية هي مقدمة جيش نشر الديمقراطية و حقوق الإنسان في العالم العربي ، و هو أيضا من صمت على مذبحة الإخوان ضد الشعب المصري لمجرد أنه أعلن رفضه حكم الاستبداد الديني الملتبس ، و هو بالطبع من لا يحرك ساكنا في الملف الليبي رغم أن المجلس الذي يقوم على ” أمانته” هو من أسس وعد الظواهري ( على وزن وعد بلفور ) للجماعات الإرهابية لتستقر في هذا البلد كأرض ميعاد لكل القبائل التكفيرية العربية ، و لتصبح ليبيا أكبر مصدر للإرهاب في العالم بعد أن ركنت تصدير النفط إلى مراتب أخرى ، هذا النحيف صاحب النظارات السميكة لا يرى العالم العربي إلا من خلال أبواق التضليل الصهيونية و بالطبع لا يستمع إلا لصوت واحد هو صوت اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية .
ينفى السيد مون أي اتصال مع الرئيس الأسد ، و هو لا يجرؤ على هذا الاتصال أصلا لان الإدارة الأمريكية هي من تشغل خطوط الهاتف و من تضع الحرارة ، و هذه الإدارة مرتبكة و غير قادرة على فهم ما يجرى من تحولات دراماتيكية و تاريخية في الشام خاصة بعد انتصار معركة الانتخابات الرئاسية السورية ، يفسر السفير الأمريكي السابق في سوريا السيد فورد هذا الارتباك و التأتأة في القيادة بكون المطبخ السياسي الأمريكي قد أخطأ في قراءته للوضع العام في المنطقة و في سوريا بالتحديد و ينتهي إلى أن أمريكا قد خسرت سوريا و هي في وارد خسارة الأردن و لبنان ، و بموازين القوى و الأهمية الإستراتيجية فان خسارة سوريا لن تعوض و من المؤكد أن هذه الخسارة تصب في مصلحة الحليف الروسي لسوريا مما يمثل خسارة مضاعفة للجانب الأمريكي و صفعة تاريخية أخرى تعيد روسيا إلى المياه الدافئة و تنهى حالة الاستقطاب الأمريكي الأحادي .
سقط السيد الأخضر الإبراهيمي في امتحان الشهامة العربية و دخل “التاريخ” من أرذل أبوابه ، و البحث جار اليوم على بيدق “دولي ” آخر ، حتى يقوم بدور تقطيع الوقت لفائدة الإدارة الصهيونية الأمريكية و حلفاءها الخليجيين المهزومين ، و الحديث يدور حول عميل عربي متمرس يقول العالمون أنه السيد عمرو موسى “أمين” الجامعة العربية السابق و أحد أكبر العملاء المتخرجين من المدرسة السياسية القذرة للرئيس السابق حسنى مبارك ، و لن ننسى للسيد عمرو موسى ، بقاءه المخزي بجانب الرئيس الصهيوني شمعون بيريز في مؤتمر دافوس قبل سنوات ، و إعطاءه الضوء الأخضر للناتو لضرب الشعب الليبي ، و بين هذا و ذاك موقفه التعيس من العدوان الصهيوني على لبنان صيف تموز 2006 دون أن يحرك ساكنا لإنقاذ المقاومة و الوقوف بجانبها مفضلا صمت القبور و مشاهدة بكاء السيد فؤاد السنيورة على اتخاذ موقف تاريخي تتطلبه تلك اللحظة التاريخية الفارقة .
هناك تسريبات تتحدث عن اختيار السيد كمال مرجان لهذا ” المنصب” ، الرجل “أمين” عام لحزب سياسي في تونس ما بعد ” الثورة” ، و هو لا يرفع صوته أمام حركة النهضة التي دفعت البلاد إلى شفا الحرب الأهلية و الإرهاب ، و رغم أن هذه الحركة الإرهابية لم تقطع صلتها بالإرهاب الدولي إلى حد الآن و هي شريكة في إراقة الدم السوري ، فالرجل لا يملك موقفا في هذا المجال ، و لم يعبر حتى من باب رفع العتب على موقف معارض لقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا ، مع أنه يزعم نفاقا أنه بورقيبى حد النخاع ، و بورقيبة لم يقطع علاقته مع سوريا أبدا رغم كل خلافه مع نظام البعث الحاكم ، لذلك ، تفطن السيد مون إلى هذه الدرة الثمينة النادرة حتى تقوم بالمهمة القادمة في سوريا تحت ستار متابعة ” الجهود” الدولية لإحلال ” السلام ” في سوريا و إنقاذ الشعب السوري من …رئيسه المنتخب .
بطبيعة الحال ، هناك شرفاء مميزون ، محنكون ، في هذا العالم ، و لكن ملكة الشم لدى السيد مون معطلة منذ ما قبل انتخابه لهذا المنصب البائس في أكبر منظمة أممية على الإطلاق ، و لعل الإدارة الأمريكية الصهيونية لا تبحث كعادتها عن الشرفاء الذين يملكون حرية قرارهم الأخلاقي و السياسي و بالتالي فان “اختيارها” الدقيق على السيدان موسى و مرجان هو اختيار منطقي حتى تعطى صورة مغلوطة للرأي العام بأن هذا ” العربي” أو المحسوب على العرب هو الأقرب لفهم عقلية الرئيس الأسد ، و بتعيينه فان هذه الإدارة تعبر للعالم عن عدم ” انحيازها” إلا لمصلحة …الشعب السوري و تطلعاته المشروعة .
من الممكن أن يظن البعض أن الشعب السوري قد انتخب الرئيس الأسد ، هذا خطأ فادح ، و نعيد التذكير أن الشعب السوري لا يحتاج إلى رئيس يقوده ، و لا إلى رئيس يشبه بقية الرؤساء العرب ،و لا إلى رئيس “شرعي” أو يحتاج إلى شرعية ، الشعب السوري ، كما أفهم و أزعم ، يعتبر الرئيس الأسد ابنا من أبناءه ، هذا الابن يتعرض إلى حملة صهيونية خليجية منافقة و ظالمة ، و خروج هذا الشعب لأداء واجبه ليس خروجا لإعطاء الشرعية ، فهذا ادعاء صهيوني مزيف ، لان الرئيس الأسد لا يقل شرعية عن كل الرؤساء في العالم و لا يحتاج إلى شهادة الغرباء ، بل أن هذه الانتخابات تشكل بداية وعى دقيق بأهمية المرحلة القادمة ، مرحلة تحتاج إلى تفويض شعبي لمواطن سوري قام بدوره في إدارة معركة الانتصار على اللوبي الصهيوني الخليجي ، و من حق الشعب أن يطالبه بانجاز معركة البناء و إعادة هيبة الدولة على كامل أراضيها ، معركة لا تقل أهمية عن المعركة السابقة، لذلك نتساءل مجددا ، ما جدوى جينيف 3 بعد انتصار سوريا ، ما جدوى بحث السيد مون عن مبعوث خاص إلى سوريا ،و هل يملك الرئيس الأسد سلطة التفريط في انتصار المعاناة و الدم .