قرار المشنوق بمنع النازحين من دخول سوريا مقدمة لتوطينهم في لبنان

لا يبدو ان قرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بمنع السوريين اللاجئين في لبنان من المشاركة في الانتخابات الرئاسية عابراً: اين قرار الحكومة؟ لماذا تفرد وزير الداخلية بهذا القرار؟ هل وافقت كل القوى السياسية على طلب المشنوق؟ لماذا اقدم على اصدار قرار لتفسير اتفاقية دولية بشأن النازحين السوريين؟ ما قاله وزير الداخلية منطقي، لكن اين مصلحة لبنان منه؟

بدا ان مشهد الحشود الشعبية نهار الأربعاء الماضي على الطرقات المؤدية للسفارة السورية في اليرزة أذهل قوى ” 14 آذار”. لم تكن تتوقع مشاركة كثيفة للسوريين المقيمين في لبنان في تلك الانتخابات. جاء بيان “الداخلية” في شكله للحد من اندفاعة السوريين تجاه الحدود يوم الانتخابات، وفي الجوهر اكمل المشنوق في كلامه الحديث عن مشاركة 6 في المئة فقط من السوريين في لبنان بانتخابات السفارة، ما يعني انه وضع البقية في خانة معارضي النظام.

بمجرد احتشاد السوريين على الحدود الثلاثاء تكتمل الصورة حول انتخابات سوريا، رغم ان مشهد الأربعاء في الحازمية كان كافياً بالنسبة لدمشق، لكن أبعد من تلك الحسابات فإن الخشية من بيان وزير الداخلية تبدو في اعتبار مضمونها مقدمة لإبقاء النازحين السوريين في لبنان دائماً وعدم تشجيعهم للذهاب الى سوريا، لا بل منعهم من العودة الى بلدهم وصولاً الى توطينهم لاحقاً.

ماذا يعني تحذير السوريين اللاجئين من العودة الى بلادهم؟ ماذا يعني تحريض “المجتمع الدولي” على شطبهم من جداول المستفيدين في حال دخلوا الى بلدهم؟
اذا كانت دعوة وزير الداخلية صادقة، لماذا أصدر البيان الآن في زمن الانتخابات الرئاسية السورية وليس قبل ذلك، علما ان عددا كبيرا من السوريين يستفيد من عائدات النزوح ويزور الأراضي السورية بإستمرار؟

لا تخفي المكونات اللبنانية القلق من وجود السوريين في لبنان، بعضها يعتبر ان بقاءها يشكل خطرا على التوازن الديمغرافي القائم. ومن هنا بدأت تتحسس تلك المكونات مخاطر التواجد السوري، خصوصا ان اندماجاً يحصل تدريجياً بين النازحين واللبنانيين في بعض المناطق.

لا يمكن التعامل مع ملف النازحين في لبنان من منطلق الحسابات الضيقة تجاه القيادة السورية. الجغرافية التي تربط بين لبنان وسوريا تلعب دوراً أساسياً الى جانب الانتماءات الطائفية في تحديد مسار النازحين، عدا عن المخططات العابرة للحدود والحسابات الداخلية.

ترسيخ وجود السوريين في لبنان سيؤدي حكماً الى توطينهم عملياً حتى من دون صدور قرارات رسمية في الوقت الحالي. معظم الذين تم توطينهم في لبنان في السنوات الماضية كانوا رسخوا وجودهم تدريجياً. فما الذي يمنع الأن من تكرار التجربة خصوصاً ان الحلول المرتقبة لسوريا قد تطول او لا تقف عند حسابات لبنان الديموغرافية.

دأب وزير الخارجية جبران باسيل في السنتين الماضيتين على طلب عودة النازحين الى سوريا، لكن اين وزير الخارجية اليوم من قرار المشنوق؟ هل حسابات التواصل “العوني” مع “المستقبل” حول الرئاسة فرملت اندفاعة باسيل بشأن النازحين السوريين؟