سوريا وحماقة الصهيونية .. و" يهودية الدولة "
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
سوريا وحماقة الصهيونية .. و" يهودية الدولة "
حسن شقير
منذ اللحظات الأولى لوقوع الأزمة في سوريا ، وتحولها إلى حرب مفروضة عليها ، لم يستطع الكيان الصهيوني التوقف عن الرقص فرحا ، كون الحدث ، ليس حدثاً عادياً، يمكن أن يمر في قائمة الأحداث المصيرية التي تعصف بالمنطقة ، مرور الكرام على الكيان الصهيوني ، وذلك مرده ببساطة ، إلى أن هذا الأخير ، يُعتبر مع الولايات المتحدة – وبحسب إجماع متابعي الشأن الإستراتيجي لديهما – الأكثر قدرة على استغلال الأحداث العابرة في أرض ” الخصم ” ، والأسرع استثماراً لتلك الأحداث ، والبناء عليها ..ولعل هذا الأمر ، ديدن السياسة الصهيوأمريكية على الدوام .
إنطلاقاً من استراتيجية – الإستغلال والإستثمار تلك ، تحركت السياسة الصهيونية على تحرك الرمال السورية ، وذلك بغية تحقيق أهداف ، أقل ما يُقال عنها بأنها استراتيجية وجوهرية ، لا بل أنها تقترب من الوجودية بالنسبة للكيان ! ، والتي للمفارقة عجز عن تحقيقها ضمن استراتيجيته التدميرية السابقة ، وفي كافة الحروب التي خيضت لأجلها ، والتي كان وما زال على رأس رأسها ” يهودية الدولة ” وتجسيدها واقعاً على أرض فلسطين .
من هذا الهدف الصهيوني ” الأسمى ” انطلقت السياسة ، العسكرة ، الاستخبارات ، الإقتصاد ، وحتى الثقافة الصهيونية ، متوجهةً نحو تلك الأحداث المُستغلة والطارئة ، والتي من بينها حكماً الأزمة التي وقعت في سوريا في أذار من العام ٢٠١١ .
استبشر الكيان الصهيوني ، أن تلك الأزمة – ربما – تشكل طوق النجاة الحقيقي للتخبط الذي عاشه ويعيشه الكيان في تحقيق حلمه العنصري ذاك ، وخصوصاً بعد كل ذاك الفشل الذي أصابت كافة محطاته ، والذي اعتقد أنه من خلالها ، وعن طريقها ، يمكنه أن يجد ضالته ، وإن تنوعت تلك المحطات ، من أساليب الحرب الخشنة ، وصولا ً إلى
كل استراتيجيات الحروب الناعمة … والتي لم تُفلح جميعها في الوصول إلى مبتغاها ….
بعد أن استبشر الكيان بتلك الأزمة ، سارع بعدها إلى التبشير ، بأنها أزمةٌ مركبة ، تعشعش ” الطائفية والمذهبية ” بين ثناياها ! وصولا ً إلى البناء الصهيوني ، على نتائجها – التي توقعها سريعة ً – القائمة على إعادة الرؤية في تكوين الدولة في المنطقة العربية .. حيث صاغتها الدراسات الصهيونية ، على شاكلة دويلات ” متجانسة مذهبياً ” سترتسم على الخارطة الجغرافية في المنطقة العربية برمتها ، وذلك بُعيد هدوء العواصف فيها ..
من هكذا خارطة للكيانات السياسية المفترضة على الأرض السورية ، ومن بعدها لباقي الدول الأخرى المشابهة لسوريا في فسيفسائها المذهبي ، شرع الكيان الصهيوني في وضع خططه وأهدافه ، والتي كان على رأسها إسقاط رأس الدولة في سوريا ، حيث افترض أن ذلك سيكون بداية حتمية لإنهيار الدولة السورية بخريطتها الجغرافية الحالية ، والتي سرعان ما ستنطلق عدواها إلى كل من لبنان والعراق على حدٍ سواء … حيث تُصبح تلك الكيانات نظائر مقبولة بالنسبة لطرح يهودية الدولة – إن عبر المفاوضات أو غيرها – المبتغاة ، وفقاً للحلم الصهيوني الأزلي .
لم يكن من تداعيات صمود الدولة السورية ، ومعها أطراف الممانعة كافة في تلك الحرب المفروضة عليهم ، مقتصرةً على منع تفتيت الدولة السورية ، ومنع انتقال تلك العدوى إلى باقي الدول المحيطة ، ولم يكن من شأن ذاك الصمود الأسطوري ، أن يبقي تلك الدول على حالها قبيل تلك الحرب … مع أن كل ذلك ، ليس سهلا ً وقليلا ً أبداً ، وذلك نظراً لشراسة تلك الحرب التي شُنت على كل أولئك ! فعلى الرغم أن هذا بحد ذاته يُعتبر بالمنطق الاستراتيجي بأنه انتصار لا لبس فيه ، بمجرّد إفشال مخطط تحالف العدوان … إنما – وبالرغم من كل ذلك – فإن ما أفرزه ذاك الصمود يتخطى كل تلك التداعيات ، والتي تفوق بأهميتها أضعافٌ وأضعاف ، وقد تمظهر بعضها ، وبعضها الأخر في طريقه لذلك ..
في الشرق الأوسط
لم تكن خرائط التقسيم للشرق الأوسط ، منذ اتفاقية سايكس – بيكو المقيتة ، بمنأى عن تلك التداعيات الكبرى والمنتظرة على الخارطة الشرق أوسطية الجغرافية ، فما حدث بالنسبة للحدود اللبنانية – السورية ، لا يُنظر إليه صهيونياً ، على أنه بالأمر البسيط الذي يمكن تجاوزه ، وخصوصاً أن ما كان مرسوماً لتلك الحدود ، بعد سيطرة العصابات المسلحة في الجانب السوري عليها ، يتجاوز مسألة إفقاد الدولة السورية للسيطرة عليها ، بغية جعلها منافذاً للسلاح والمسلحين نحو الداخل السوري ، إنما تعداه الأمر إلى جعل منطقتها في مقلبيها اللبناني والسوري على حد سواء ، أشبه بدويلة ، أو بمنطقة عازلة ، تُشكل نواة لدويلة متجانسة مذهبيا ً ، بعدما أفرغت في جانبها السوري من أطياف معينة من الشعب السوري .. لتتجانس لاحقاً مع تلك الأطياف اللبنانية الموجودة في المقلب اللبناني … وهذا ما فُسّر لاحقاً بتلك الهجمة الصهيونية على اعتراض الكيان على ما أسماه سيطرة حزب الله على السلسلة الشرقية لجبال لبنان ، ومنطقة الحدود بشكل عام … ، لأن ما تبيّن لاحقاً أن تلك الدويلة المفترضة من الجانب السوري ، كانت قد بدأت بتأدية دورها المطلوب في جعلها بؤرة لتصدير الموت عبر السيارات المفخخة إلى كل تلك الجغرافيا التي كانت لا تزال تحافظ على لاتجانسها الطائفي سواء في سوريا ، أو في لبنان … وذلك في خطوات تمهيدية خفية لإقامة الشرانق الطائفية ، الممهدة لتفتيت الدول …
لقد أصيب هذا المشروع في بُعده الجغرافي في مقتله ، فلم يتم القضاء فقط على دويلة الموت تلك ، لتنتهي معها مشاريع الشرانق الطائفية فقط ، إنما تعداها ذلك إلى تهشيم الحدود المصطنعة بين لبنلن وسوريا ، وذلك كمسمار أولي في نعش سايكس – بيكو ، حيث وُضعت تلك الحدود ضمن العين الصهيونية وما يجري فيها وعليها ، فكانت إغارة جنتا رسالة لها ، حيث ردت عليها أطراف الممانعة ، من جيش سوري وقوات الدفاع الشعبي والمقاومة اللبنانية ، بعبوات شبعا ولاحقاً الجولان ، لتصل الرسالة إلى الكيان أن الخرائط ما بين لبنان وسوريا قد انشرحت ، بدلا ً من شرخها … وأن الطوائف قد دُمجت .. بدلا من فرزها .
في أوروبا وأمريكا
لا يخالج أحدٌ في العالم الشك ، حول دور الحركة الصهيونية العالمية في أوروبا تحديدا ً في إحياء التطرّف ، والكراهية والنزعة العنصرية عند بعض الجهات الاوروبية المرتبطة بشكل أو بأخر بهذه الحركة … حيث هدفت هذه الأخيرة إلى بث الكراهية الأوروبية تجاه العرب والمسلمين في أوروبا ، وتحميلهم جزء من المسؤولية حول الأزمة المالية ، والإقتصاد المتهالك في الدول الأوروبية ، وقد أضحى جلياً الهدف الصهيوني من وراء ذلك ، إن في أوروبا نفسها لصالح الصهاينة على حساب غيرهم ، أو بهدف اتخاذ اجراءات قاسية بحق كل من يُعتقد أنه يدعم المقاومة في لبنلن ، أو يعمل بشكل أو بأخر لحساب المحور الممانع .. والهدف الصهيوني المضاف لتشويه سمعة كل أولئك ، يصل إلى ما يصبو إليه الصهاينة ، ومنذ فترة طويلة ، إلى جعل هذه الشريحة العربية و الإسلامية المنتجة ، أن تتحول إلى عبء حقيقي في الدول والمجتمعات التي ربما تعود إليها …
ولكن ، ما لم تحسب حسابه هذه الحركة ، هو أن التطرّف الأوروبي الجديد ، والنزعة العنصرية التي أطلت برأسها مجددا على الساحة الأوروبية ، والتي هللت لها هذه الحركة في البداية ، ما لبثت أن استدارت نحو كل من هو غير أوروبي ، وبدون تمييز بين اليهودي أو العربي والمسلم ..
يعتقد الصهاينة أن ظاهرة التطرّف يمكن لهم أن يستفيدوا منها ، لناحية الهجرة اليهودية – هرباً من التطرّف – إلى فلسطين المحتلة ، إلا ّ أنهم يعيشون اليوم ، هاجساً يتمثل بوجود تيار أوروبي بارز ، يمقت العنصرية والتطرّف ، ويقاطع نماذجها في العالم ، والتي من بينها الكيان الصهيوني ، حيث يسعى هذا الأخير إلى إبقاء أوروبا تعيش العقدة الأزلية ، كتكفير عما يسميه الصهاينة ” ذنب المحرقة ” ، في حين هذاالتيار الأوروبي الجديد ، يسعى في جهة متعاكسة ، إلى نسيان الماضي ، والتطلع نحو أوروبا جديدة ، خالية من العنصرية ….
إذا اللعب الصهيوني بورقة التطرّف الأوروبي ، قد يصبح سيفاً ذا حدين ، قد يجعل من الصهاينة من جديد محطة لنقمة أوروبية جديدة ، يكون طرفاها جناحا الإعتدال والتطرّف في أوروبا على حد سواء … وعنوانها الجديد ، ربما يكون : إحياء المحرقة .. لا طمسها ! ولو بشكل مختلف هذه المرّة .
لم تكن حال الصهيونية في أمريكا ، أفضل حالا ً في هذه الأيام من سابقاتها ، فلقد أضحت العلاقة الصهيونية – الأمريكية – وبفعل الكثير من الحماقات الصهيونية في الداخل الأمريكي- توسم بلازمة : تقنين الرعاية .. لا نشرها .
خلاصة القول ، لقد شكل صمود سوريا والمحور الممانع معها من جهة ، وحماقة الصهيونية العالمية من جهة ثانية ، مشنقة مزدوجة لحلم الصهيونية السرمدي في تحقيق مشروعها العنصري ، والمتمثل بإقامة ” يهودية الدولة ” على ما تبقى من أرض فلسطين العربية
باحث وكاتب سياسي
بيروت في 08-06-2014
منذ اللحظات الأولى لوقوع الأزمة في سوريا ، وتحولها إلى حرب مفروضة عليها ، لم يستطع الكيان الصهيوني التوقف عن الرقص فرحا ، كون الحدث ، ليس حدثاً عادياً، يمكن أن يمر في قائمة الأحداث المصيرية التي تعصف بالمنطقة ، مرور الكرام على الكيان الصهيوني ، وذلك مرده ببساطة ، إلى أن هذا الأخير ، يُعتبر مع الولايات المتحدة – وبحسب إجماع متابعي الشأن الإستراتيجي لديهما – الأكثر قدرة على استغلال الأحداث العابرة في أرض ” الخصم ” ، والأسرع استثماراً لتلك الأحداث ، والبناء عليها ..ولعل هذا الأمر ، ديدن السياسة الصهيوأمريكية على الدوام .
إنطلاقاً من استراتيجية – الإستغلال والإستثمار تلك ، تحركت السياسة الصهيونية على تحرك الرمال السورية ، وذلك بغية تحقيق أهداف ، أقل ما يُقال عنها بأنها استراتيجية وجوهرية ، لا بل أنها تقترب من الوجودية بالنسبة للكيان ! ، والتي للمفارقة عجز عن تحقيقها ضمن استراتيجيته التدميرية السابقة ، وفي كافة الحروب التي خيضت لأجلها ، والتي كان وما زال على رأس رأسها ” يهودية الدولة ” وتجسيدها واقعاً على أرض فلسطين .
من هذا الهدف الصهيوني ” الأسمى ” انطلقت السياسة ، العسكرة ، الاستخبارات ، الإقتصاد ، وحتى الثقافة الصهيونية ، متوجهةً نحو تلك الأحداث المُستغلة والطارئة ، والتي من بينها حكماً الأزمة التي وقعت في سوريا في أذار من العام ٢٠١١ .
استبشر الكيان الصهيوني ، أن تلك الأزمة – ربما – تشكل طوق النجاة الحقيقي للتخبط الذي عاشه ويعيشه الكيان في تحقيق حلمه العنصري ذاك ، وخصوصاً بعد كل ذاك الفشل الذي أصابت كافة محطاته ، والذي اعتقد أنه من خلالها ، وعن طريقها ، يمكنه أن يجد ضالته ، وإن تنوعت تلك المحطات ، من أساليب الحرب الخشنة ، وصولا ً إلى
كل استراتيجيات الحروب الناعمة … والتي لم تُفلح جميعها في الوصول إلى مبتغاها ….
بعد أن استبشر الكيان بتلك الأزمة ، سارع بعدها إلى التبشير ، بأنها أزمةٌ مركبة ، تعشعش ” الطائفية والمذهبية ” بين ثناياها ! وصولا ً إلى البناء الصهيوني ، على نتائجها – التي توقعها سريعة ً – القائمة على إعادة الرؤية في تكوين الدولة في المنطقة العربية .. حيث صاغتها الدراسات الصهيونية ، على شاكلة دويلات ” متجانسة مذهبياً ” سترتسم على الخارطة الجغرافية في المنطقة العربية برمتها ، وذلك بُعيد هدوء العواصف فيها ..
من هكذا خارطة للكيانات السياسية المفترضة على الأرض السورية ، ومن بعدها لباقي الدول الأخرى المشابهة لسوريا في فسيفسائها المذهبي ، شرع الكيان الصهيوني في وضع خططه وأهدافه ، والتي كان على رأسها إسقاط رأس الدولة في سوريا ، حيث افترض أن ذلك سيكون بداية حتمية لإنهيار الدولة السورية بخريطتها الجغرافية الحالية ، والتي سرعان ما ستنطلق عدواها إلى كل من لبنان والعراق على حدٍ سواء … حيث تُصبح تلك الكيانات نظائر مقبولة بالنسبة لطرح يهودية الدولة – إن عبر المفاوضات أو غيرها – المبتغاة ، وفقاً للحلم الصهيوني الأزلي .
لم يكن من تداعيات صمود الدولة السورية ، ومعها أطراف الممانعة كافة في تلك الحرب المفروضة عليهم ، مقتصرةً على منع تفتيت الدولة السورية ، ومنع انتقال تلك العدوى إلى باقي الدول المحيطة ، ولم يكن من شأن ذاك الصمود الأسطوري ، أن يبقي تلك الدول على حالها قبيل تلك الحرب … مع أن كل ذلك ، ليس سهلا ً وقليلا ً أبداً ، وذلك نظراً لشراسة تلك الحرب التي شُنت على كل أولئك ! فعلى الرغم أن هذا بحد ذاته يُعتبر بالمنطق الاستراتيجي بأنه انتصار لا لبس فيه ، بمجرّد إفشال مخطط تحالف العدوان … إنما – وبالرغم من كل ذلك – فإن ما أفرزه ذاك الصمود يتخطى كل تلك التداعيات ، والتي تفوق بأهميتها أضعافٌ وأضعاف ، وقد تمظهر بعضها ، وبعضها الأخر في طريقه لذلك ..
في الشرق الأوسط
لم تكن خرائط التقسيم للشرق الأوسط ، منذ اتفاقية سايكس – بيكو المقيتة ، بمنأى عن تلك التداعيات الكبرى والمنتظرة على الخارطة الشرق أوسطية الجغرافية ، فما حدث بالنسبة للحدود اللبنانية – السورية ، لا يُنظر إليه صهيونياً ، على أنه بالأمر البسيط الذي يمكن تجاوزه ، وخصوصاً أن ما كان مرسوماً لتلك الحدود ، بعد سيطرة العصابات المسلحة في الجانب السوري عليها ، يتجاوز مسألة إفقاد الدولة السورية للسيطرة عليها ، بغية جعلها منافذاً للسلاح والمسلحين نحو الداخل السوري ، إنما تعداه الأمر إلى جعل منطقتها في مقلبيها اللبناني والسوري على حد سواء ، أشبه بدويلة ، أو بمنطقة عازلة ، تُشكل نواة لدويلة متجانسة مذهبيا ً ، بعدما أفرغت في جانبها السوري من أطياف معينة من الشعب السوري .. لتتجانس لاحقاً مع تلك الأطياف اللبنانية الموجودة في المقلب اللبناني … وهذا ما فُسّر لاحقاً بتلك الهجمة الصهيونية على اعتراض الكيان على ما أسماه سيطرة حزب الله على السلسلة الشرقية لجبال لبنان ، ومنطقة الحدود بشكل عام … ، لأن ما تبيّن لاحقاً أن تلك الدويلة المفترضة من الجانب السوري ، كانت قد بدأت بتأدية دورها المطلوب في جعلها بؤرة لتصدير الموت عبر السيارات المفخخة إلى كل تلك الجغرافيا التي كانت لا تزال تحافظ على لاتجانسها الطائفي سواء في سوريا ، أو في لبنان … وذلك في خطوات تمهيدية خفية لإقامة الشرانق الطائفية ، الممهدة لتفتيت الدول …
لقد أصيب هذا المشروع في بُعده الجغرافي في مقتله ، فلم يتم القضاء فقط على دويلة الموت تلك ، لتنتهي معها مشاريع الشرانق الطائفية فقط ، إنما تعداها ذلك إلى تهشيم الحدود المصطنعة بين لبنلن وسوريا ، وذلك كمسمار أولي في نعش سايكس – بيكو ، حيث وُضعت تلك الحدود ضمن العين الصهيونية وما يجري فيها وعليها ، فكانت إغارة جنتا رسالة لها ، حيث ردت عليها أطراف الممانعة ، من جيش سوري وقوات الدفاع الشعبي والمقاومة اللبنانية ، بعبوات شبعا ولاحقاً الجولان ، لتصل الرسالة إلى الكيان أن الخرائط ما بين لبنان وسوريا قد انشرحت ، بدلا ً من شرخها … وأن الطوائف قد دُمجت .. بدلا من فرزها .
في أوروبا وأمريكا
لا يخالج أحدٌ في العالم الشك ، حول دور الحركة الصهيونية العالمية في أوروبا تحديدا ً في إحياء التطرّف ، والكراهية والنزعة العنصرية عند بعض الجهات الاوروبية المرتبطة بشكل أو بأخر بهذه الحركة … حيث هدفت هذه الأخيرة إلى بث الكراهية الأوروبية تجاه العرب والمسلمين في أوروبا ، وتحميلهم جزء من المسؤولية حول الأزمة المالية ، والإقتصاد المتهالك في الدول الأوروبية ، وقد أضحى جلياً الهدف الصهيوني من وراء ذلك ، إن في أوروبا نفسها لصالح الصهاينة على حساب غيرهم ، أو بهدف اتخاذ اجراءات قاسية بحق كل من يُعتقد أنه يدعم المقاومة في لبنلن ، أو يعمل بشكل أو بأخر لحساب المحور الممانع .. والهدف الصهيوني المضاف لتشويه سمعة كل أولئك ، يصل إلى ما يصبو إليه الصهاينة ، ومنذ فترة طويلة ، إلى جعل هذه الشريحة العربية و الإسلامية المنتجة ، أن تتحول إلى عبء حقيقي في الدول والمجتمعات التي ربما تعود إليها …
ولكن ، ما لم تحسب حسابه هذه الحركة ، هو أن التطرّف الأوروبي الجديد ، والنزعة العنصرية التي أطلت برأسها مجددا على الساحة الأوروبية ، والتي هللت لها هذه الحركة في البداية ، ما لبثت أن استدارت نحو كل من هو غير أوروبي ، وبدون تمييز بين اليهودي أو العربي والمسلم ..
يعتقد الصهاينة أن ظاهرة التطرّف يمكن لهم أن يستفيدوا منها ، لناحية الهجرة اليهودية – هرباً من التطرّف – إلى فلسطين المحتلة ، إلا ّ أنهم يعيشون اليوم ، هاجساً يتمثل بوجود تيار أوروبي بارز ، يمقت العنصرية والتطرّف ، ويقاطع نماذجها في العالم ، والتي من بينها الكيان الصهيوني ، حيث يسعى هذا الأخير إلى إبقاء أوروبا تعيش العقدة الأزلية ، كتكفير عما يسميه الصهاينة ” ذنب المحرقة ” ، في حين هذاالتيار الأوروبي الجديد ، يسعى في جهة متعاكسة ، إلى نسيان الماضي ، والتطلع نحو أوروبا جديدة ، خالية من العنصرية ….
إذا اللعب الصهيوني بورقة التطرّف الأوروبي ، قد يصبح سيفاً ذا حدين ، قد يجعل من الصهاينة من جديد محطة لنقمة أوروبية جديدة ، يكون طرفاها جناحا الإعتدال والتطرّف في أوروبا على حد سواء … وعنوانها الجديد ، ربما يكون : إحياء المحرقة .. لا طمسها ! ولو بشكل مختلف هذه المرّة .
لم تكن حال الصهيونية في أمريكا ، أفضل حالا ً في هذه الأيام من سابقاتها ، فلقد أضحت العلاقة الصهيونية – الأمريكية – وبفعل الكثير من الحماقات الصهيونية في الداخل الأمريكي- توسم بلازمة : تقنين الرعاية .. لا نشرها .
خلاصة القول ، لقد شكل صمود سوريا والمحور الممانع معها من جهة ، وحماقة الصهيونية العالمية من جهة ثانية ، مشنقة مزدوجة لحلم الصهيونية السرمدي في تحقيق مشروعها العنصري ، والمتمثل بإقامة ” يهودية الدولة ” على ما تبقى من أرض فلسطين العربية
باحث وكاتب سياسي
بيروت في 08-06-2014
بيت الصمود- عضو فعال
-
عدد المساهمات : 2494
نقاط : 4934
تاريخ التسجيل : 06/05/2013
مواضيع مماثلة
» حكومة الاحتلال تصادق على قانون "يهودية الدولة"
» هكذا قامت اسرائيل بتهريب عائلة يهودية من سوريا الى فلسطين المحتلة
» عاجل :: أمينة اردوغان تنفذ خطط الصهيونية ضد سوريا
» هام جداً :: الخطة الماسونية الصهيونية وازلامهم في الشرق الاوسط ضد سوريا
» المضمر في خطاب السيد: العودة إلى سوريا وتفكيك مفاصل الدولة القطرية
» هكذا قامت اسرائيل بتهريب عائلة يهودية من سوريا الى فلسطين المحتلة
» عاجل :: أمينة اردوغان تنفذ خطط الصهيونية ضد سوريا
» هام جداً :: الخطة الماسونية الصهيونية وازلامهم في الشرق الاوسط ضد سوريا
» المضمر في خطاب السيد: العودة إلى سوريا وتفكيك مفاصل الدولة القطرية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
أمس في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi