هل احال اوباما الائتلاف السوري المعارض الى التقاعد ؟

قبل اشهر قليلة كان الائتلاف الوطني السوري المعارض على وشك الجلوس على مقعد سورية في جامعة الدول العربية كخطوة اولى على طريق القفز الى مقعدها الاهم في الامم المتحدة، ولكن هذه الطموحات تتآكل بشكل متسارع هذه الايام ليس بسبب تركيز الاهتمام العربي والدولي بتسونامي الدولة الاسلامية في العراق الذي قلب كل المعادلات السياسية والعسكرية على الارض في اقل من 24 ساعة، وانما ايضا بسبب الصدمة الكبرى التي احدثتها تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما قبل بضعة ايام، واكد فيها “انه لا توجد معارضة معتدلة في سورية قادرة على الحاق الهزيمة بالرئيس بشار الاسد والدولة الاسلامية في العراق والشام على حد سواء”.
هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس الدولة الاعظم في العالم حاليا كانت بمثابة الهزة الارضية التي لم يتوقعها رجال الائتلاف وقيادته من حيث مضمونها وتوقيتها، والآثار التي يمكن ان تترتب عليها فيما يتعلق بالصورة التي سيكون عليها الائتلاف في المستقبل.
فمن حيث المضمون يمكن القول ان تصريحات اوباما هذه جاءت بمثابة حكم الاعدام على الائتلاف، وانزاله من عليائه، وسحب وحدانية تمثيله للمعارضة السورية وللشعب السوري بشكل عام.
اما من حيث التوقيت فقد جاء هذا الموقف الامريكي الصادم في وقت يواجه الائتلاف السوري ازمة داخلية عاصفة، انعكست في تفاقم الخلافات والانقسامات في اوساط قيادية اولا، وقاعدته ثانيا، فمن المفترض ان تعقد الهئية العامة للائتلاف اجتماعا في مدينة اسطنبول ايام 4 و5 و6 من شهر تموز (يوليو) المقبل لانتخاب رئيسا جديدا للهيئة السياسية خلفا للسيد احمد الجربا الذي سيغادر منصبه الذي شغله لفترتين رئاسيتين مدة كل واحدة ستة اشهر وفقا للنظام التأسيسي للائتلاف.
الصراعات محتدمة حاليا على هوية الرئيس القادم للائتلاف بين الاجنحة الداخلية السورية والقوى العربية والدولية الداعمة لها، ومن هذه القوى كل من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وامريكا.
السيد الجربا الذي حظي بدعم المملكة العربية السعودية بسبب كونه من قبيلة شمر واسعة النفوذ وتربطه صلة نسب بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز يرفض تماما ان يرشح اسما بعينه لخلافته، ربما لانه لم يهيئ البديل، او لوجود قناعة لديه بأن الائتلاف في النزاع الاخير ولا جدوى من ترشيح خليفة، بينما يفضل الجناح المعارض له السيد رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الاسبق الذي انشق عن النظام، ويروج هذا الجناح ان السيد حجاب يحظى بدعم دولة قطر.
لم يعد مهما من سيكون الرئيس الجديد للائتلاف بعد موقف الرئيس الامريكي اوباما الذي رفع الراية البيضاء، ومعلنا يأسه من الائتلاف وكل القوى المعتدلة في المعارضة السورية لانها في نظره لم تعد قادرة على اسقاط النظام ووقف توسع اهمية نفوذ الدولة الاسلامية القوة الصاعدة حاليا، وتشكل صداعا مزمنا ليس لامريكا فقط وانما لكل القوى الغربية والعربية الاخرى.
موقف الرئيس الامريكي الصادم هذا يعني ان مطالب السيد الجربا التي حملها الى الادارة الامريكية اثناء زيارته الى واشنطن الشهر الماضي بضرورة تسليح الجيش السوري الحر باسلحة حديثة متقدمة قادرة على تغيير موازين القوى في ميادين القتال قد لا تتحقق في المستقبل القريب، فما فائدة ارسال هذه الاسلحة الى الجيش الحر طالما ان هناك قناعة لدى الادارة الامريكية بانه غير قادر على اسقاط النظام السوري، او ان يشكل قوات “صحوات” سورية للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية.
ايام الائتلاف السوري المعارض تبدو معدودة، وسيكون السيد الجربا في موقف ضعيف جدا وهو يواجه اعضاء الهيئة السياسية، وهو الذي بشرهم بأن هذه الاسلحة النوعية في طريقها الى الجيش الحر وستصل في غضون ثلاثة اسابيع على الاكثر.
الدولة الاسلامية بتقدمها المفاجيء على الارض في العراق واستيلائها على المدن الواحدة تلو الاخرى، لم توجه صفعة قوية للسيد المالكي وجيشه الجرار، وانما للائتلاف السوري المعارض ايضا، ودقت المسمار الاخير في نعشه دون ان تطلق عليه رصاصة واحدة.
“راي اليوم”