كيف سترد سوريا على الاعتداء الاسرائيلي ؟

ايلي لحُّود
قصفت إسرئيل تسعة أهداف عسكرية سورية في الجولان ليل 22 – 23 حزيران، ردا على سقوط قذيفة صاروخية ادت الى مقتل إسرائيلي. الغارات التسع إستهدفت جميعها مواقعا للواء 91. فما هي أبعاد الرد الإسرائيلي السريع والمبالغ به؟
منذ العام 2013 وفي 30 كانون الثاني تحديدا دخلت إسرائيل على خط المواجهة بين الجماعات المسلحة والجيش السوري. ففي أول غيثها أمطرت إسرائيل دمشق بالصواريخ مستهدفة ما زعمت أنه مجمع يضم موقعا كيميائيًا ومنصات صواريخ أرض – جو. كرت سبحة الإعتداءات، ومعها كرّ حبل المخيلة الإسرائيلية بإحتمالات أحلاها مرّ لكرامة العرب. من هذه الإحتمالات أن تكون سورية خائفة من الرد أم عاجزة عنه في ميادين الحرب المعلنة. لكن الواقع أبعد بكثير، وما تروجه إسرائيل غير الذي تعرفه وتدرسه في غرف عمليات جيشها.

سورية التي ردت برسائل واضحة على كيان العدو، وفي القلمون تحديدًا، ليست من هواة المعارك الدونكيشوتية، ولا هي من الذين يكشفون الأوراق قبل بدء اللعبة.

اللعبة لم تبدأ بعد، فخيوطها بين إسرائيل وسورية لا تحركها غارة ولا حتى غارات. قيادة عمليات الجيش السوري مختلفة تماما عن نموذج أولمرت وإدارته للمعارك بمناظير سياسية وأدوات عسكرية. فلنعد بالذاكرة الى حرب تموز، حيث رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي مستوى الطموحات الى حد اللاعودة. ليعود فيتراجع رويدًا رويدًا، وبندًا بندًا الى حد طلب الجيش الذي لا يقهر وقف إطلاق النار.

لم تحدد سورية يومًا زمانًا ولا مكانًا للرد، وقد يبدو ذلك للوهلة الاولى مخيبًا للآمال. لكن المراهقة والرد السريع في مثل هذه الحالات، لا هو من شيم العسكر المتمرس ولا من شيم الأقوياء. لنرفع المجهر قليلا، إسرائيل وعند كل مفترق مهم تشن غارات على أهداف سورية، لكنها وفي المحصلة تفشل في إعادة عقارب الساعة الى الوراء وتزيد من فشل المسلحين فشلا يتضاعف حين تتدخل لتسعفهم فتفشل بدورها.

أما وضع جنوب سوريا، وأهداف إسرائيل من الضربات على مواقع اللواء 91 في الجولان، فهي رسالة واضحة لدمشق مفادها أن إسرائيل لا زالت تراهن على مهاجمة العاصمة من ناحية الجنوب ومن درعا. وما إستهداف مواقع الجيش السوري إلا بمثابة طمأنة للمسلحين بأن الأمل لا يزال موجودًا بتحقيق تقدم أو خرق بإتجاه العاصمة.

لكن تحلل وتلاشي أحلام المسلحين طغى على المحاولة الفاشلة، بالأخص بعد معارك القلمون التي تمكن فيها الجيش السوري مدعومًا من حزب الله من خوض معارك بظروف شبه مستعصية ونجح في إحكام سيطرته على المنطقة. وإسرائيل التي راقبت التنسيق بين القطع العسكرية البرية والجوية وعمل فرق النخبة والقوات الخاصة في القلمون غير مطمئنة الى ما يمكن أن تؤول اليه الأمور في أي مواجهة مقبلة مع محور المقاومة.

القلمون قلبت موازين القتال البري، ومنظومة القيادة والسيطرة المشتركة بين الجيش السوري وحزب الله تُراكم الخبرات الى جانب مراكمة المقاتلين لمهارات وخبرات قتالية بالإلتحام المباشر وحرب العصابات ينذر بما تخشاه إسرائيل ألا وهو تحول من تعود على الدفاع الى من ينتظر الهجوم..

من الشمال السوري ومن كسب تحديدًا مرورًا بكل منازلة على الأرض السورية وصولًا الى القنيطرة، درع العاصمة، سطرت دماء الجيش السوري وحزب الله قصصًا ترعب العدو. فكيف سترد إسرائيل، أبفتح جهنم أم بالسير بتسوية؟