ملتقى الوفاء لفلسطين من بيروت .. لا صوت يعلو على صوت المقاومة

نجوى ضاهر

في ملتقى الوفاء لفلسطين ، الذي نظمه المنتدى القومي العربي في بيروت ، تضامنا مع القدس في هبتها الشعبية ، وتضامنا مع فلسطين ، في مواجهتها جرائم الإحتلال المستمرة ،طغت صورة شهيد فجر وشعلة الأنتفاضة محمد أبو خضير على إزدحام المكان بالكلمات الباعثة على الأمل ، الرافضة لكل أشكال التنسيق مع العدو، والمحددة خيار الحرية بالمقاومة الحق ، والداعية لتوسيع سبل دعم الأنتفاضة في لبنان من مختلف ممثلي القوى والأحزاب والهيئات الفلسطينية والوطنية الذين شاركوا في فعاليات الملتقى ، ولعل الأهم في كل هذه الملتقيات هي الدعوة الأخيرة في الخروج من دائرة الأماكن المغلقة في النشاطات التضامنية التي لن نرى فيها الشمس يوما إلى المشاركة الشعبية في مخيمات الشتات ، كأقل شكل من أشكال التضامن مع شعبنا الذي يضحي بأغلى ما يملك في مسيرة تحرير الوطن ، والتصدي لنهج الأستسلام ، ووقف مسلسل المفاوضات من خلال التأكيد على أن لا صوت يعلو على صوت المقاومة كخيار وحيد للحرية ، وهذا ما أكده في صرخته المختصرة الرفيق أبو جابرالمسؤول السياسي للجبهة الشعبية في لبنان حين دعا إلى توجيه البوصلة نحو فلسطين أولا ، مؤكدا أن كل بوصلة لا تشير إلى القدس تؤدي إلى هلاك الأمة بأسرها، كما دعا بعنفوان كلمته إلى ضرورة إنهاء المحاصصة و دكاكين النضال الأجوف الفلسطيني، أمام سيل الدماء المتدفقة في فلسطين، ومن جانب آخر دعا إلى أهمية تحييد الفلسطيني عما يجري في لبنان ، قائلا لن نقبل أن يلعب الفلسطيني دور كيس الرمل ، فقد تحمل النازحون في لبنان ما لا تحتمله طاقة البشر على كافة الصعد ، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هي التي يجب أن تكون في قائمة الأولويات العليا ، فالفلسطيني لا يريد الدخول في أمور جانبية من النفق والمغارات .

وقال الشاعر عمر شلبي في كلمته عن حزب طليعة لبنان أن الكل مطالب أن يتنازل عن مصلحته الخاصة في المناصب والكراسي ، من أجل دماء الشهداء التي فاضت بها أرض الأنبياء .. فالمصائب من المفروض أن توحد ولا تفرق ، وقال الشيخ محمد نمر زغلول أن القضية أحوج في هذه المرحلة ، إلى الخروج من دائرة الجدل العقيم والخلافات العبثية التي لا طائل منها ، فقد أجتمعنا اليوم من أجل الشعب والشهداء ، ومن أجل الشهيد محمد أبو خضير، الذي قتلته أيادي الغدر الأستيطانية حرقا حيا ، مؤكدا أن الرهان الأول والأخير يجب أن يكون للمقاومين الفوارس هناك في فلسطين كلها ، أما المفاوضات فيجب دفنها في أعماق التراب ، لأنها لم تجر على القضية إلا السقوط في هاوية الوحول .. وقال الحاج محمد منورفي كلمة الجهاد الأسلامي ، أن العدوان ليس حديثا على الشعب الفلسطيني الذي يواجه أبشع أنواع القهر والظلم منذ ثلاثينيات القرن ، وما نشاهده الآن من جبروت وصلف إستيطاني هو ذروة لهذا العدوان الغاشم الذي لا يفرق بين طفل وإمرأة وشاب وشيخ ، وحذر من توحش ممارسات قطعان المستوطنين القادمة، حيث تزودهم سلطات الإحتلال بكل أنواع الأسلحة ، لتنفيذ سياستها الوحشية بحق الطفولة على وجه الخصوص ، متسائلا إذا لم يحركنا مشهد ما حدث للطفل محمد أبو خضير وإبن عمه طارق ، ومشهد نزيف الدم اليومي في فلسطين فالأجدر أن يدفن الكل رأسه في الرمال وقال أن المرحلة تتطلب توحيد الجهود ، وبشكل عاجل لدعم إنتفاضة شعبنا بكل الوسائل المتاحة ، مؤكدا أن من حق شعبنا خطف المستوطنين المجرمين دفاعا عن أنفسهم وأرضهم ، ومقابل الإفراج عن أسرانا البواسل ، صناع ملحمة الكرامة الذين يجب أن لا نغفل يوما عن التضحيات التي يقدمونها بأمعائهم الخاوية ، وقال الدكتور غسان جعفر في كلمة التجمع الوطني ، أن ما يحدث في كافة أنحاء فلسطين صوب البوصلة نحو الهدف الأول ، الذي حاول كثيرون تحييده ، مؤكدا أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ، والعدو لا يفهم إلا هذه اللغة ولا يخضع إلا لها ، وما نراه من ممارسات تخبطه أكبر شاهد وبرهان .

وتحدث عن أهمية خطوات التجمع الوطني في فك الحصار الطبي تحديدا ، الذي شارك فيه بفعالية على إمتداد الحصار على غزة مؤكدا على ضرورة العمل على إستمراريته لكسر الحصار في الضفة والقطاع على حد سواء … وقال ما الذي ينقصنا كعرب للفعل والتضامن، وتساءل لماذا هذا التخاذل في دعم القضية الأولى ، في وقت نجد فيه كل ساحات الدول الغربية فاعلة في التضامن ضد وحشية ممارسات الكيان الغاصب، مشيرا إلى كلمة المناضل الأممي تشافيز التي يجب أن تكون قدوة للجميع ( قضية فلسطين هي قضية فنزويلا وكل الفنزوليين وكل شعوب أمريكا اللاتينية التي عانت الكثيرتماما كما الشعب الفلسطيني من أمريكا رأس الخراب في المنطقة.

.وقال الدكتور علي ضاهر في كلمة حزب الله المقاوم ، أن الحزب يعتبر فلسطين المعيار الأول لقياس إلتزامه وخياره الذي لم يحيد عنه يوما ، فالكيان الصهيوني عدو الحزب الأول ، والغدة السرطانية التي يجب أن تزول من الوجود وسوف تزول ، وقال أن إنتفاضة الشعب الفلسطيني في كل فلسطين ، أعاد القضية إلى واجهة الحدث ، فها هم شباب فلسطين ، وكل فئات الشعب تثور على الطغيان الصهيوني بعد الحدث الموجع لحرق الشهيد محمد أبو خضير، شرارة الإنتفاضة ضد الإحتلال الصهيوني الإستيطاني المتوغل في عنصريته الفجة ، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكا بنهج المقاومة ، رغم كل الظروف حتى تحرير الأرض من النهر إلى البحر، ومن الجليل إلى النقب، من الغزاة الصهاينة ، وقال أنه شعب المعجزات التاريخية الذي لا ترهبه التهديدات القهرية ، وحزب الله على أتم الجهوزية الدائمة في تعزيز وحدة المقاومة في فلسطين ولبنان ودعمها بكل الوسائل المتاحة ، فعدونا التاريخي واحد وميدان مواجهات الحزب ضد العدو الصهيوني ووضعه على قائمة الإرهاب أكبر دليل على أهمية هذه اللحمة التي لن تفكك يوما تحت أي ذريعة ، لأن من يختار البوصلة ( فلسطين ) سيكون دربه مكللا بالنصر دافنا لكل زمن الهزائم الذي سيولي إلى غير رجعة …… وأكد على أهمية تضافر الجهود الإعلامية لجعل فلسطين في قلب الحدث أولا ، فكثير من الصحافة العربية للأسف ، تصور إنتفاضة الشعب المبشرة، كما لو أنها حادث مرور عابر،بهدف بث الروح الإنهزامية والأحباط لدى الشعب العربي ، ومن هنا وجب أن يكون للإعلام المقاوم دورا مضاعفا ، في فضح ممارسات المستوطنين، لا الوقوف إلى جانب الجلاد الصهيوني ، كذلك يجب كشف زيف الديمقراطية الصهيونية التي تحرق الأطفال وتدهس العمال وتبلع الأرض بالمستوطنات وتهود القدس وتعمل جاهدة على شطب كل مفردات الوجود الفلسطيني ، وأشار الدكتور علي إلى ما قاله زعيم الموساد الصهيوني مؤخرا بأن الأنتفاضة الشعبية الفلسطينية أخطر على الكيان من المفاعل النووي الإيراني ، فالشعب الفلسطيني يقاتل العدو في بحر الحوت ، ويواجه أخطر المعارك مع العدو مباشرة ، مما يلح على كل أحرار العالم ، الوقوف والتضامن مع الشعب في معركة الوجود بكل السبل المتاحة … خاصة في ظل واقع الإقتتال الداخلي في الدول العربية المستشري وعلى ضوء الهجمة الإرهابية التي هدفها الأول تفتيت المنطقة ، وتضييع البوصلة الأولى على كل المستويات .
وقال يحي صالح رئيس جمعية كنعان اليمنية ، أن الحرب وتوحيد الجهود يجب أن تكون ضد الثالوث الأخطر، الإمبريالية العالمية والحركة الصهيونية الإستيطانية والرجعية العربية من أجل الخلاص من الكابوس الجاثم على الأمة منذ عام 1948الكيان الصهيوني العنصري، ولا يكون ذلك إلا بخيار المقاومة ، ووقف المفاوضات مع العدو الذي يتلاعب بالقضية على هواه ، وكثيرون للأسف يصدقوه ويلهثون وراء السراب ،رغم أن كل ثورات العالم أثبتت أن لا حرية بدون قوة ومقاومة .، وفي كلمة ياسين حمود ، مدير عام مؤسسة القدس الدولية ، تحدث عن واقع القدس الذي يدمي القلب منذ وقت طويل، من خلال قراءة سياسة التهويد ، وتدمير البيوت وطرد سكانها منها ، من أجل تفريغ المدينة ، وتربع المستوطنين في كل زاوية فيها ، والقبض على عنق المدينة لخنق نفسها العربي والإسلامي ، ومطاردة أبنائها ، وإختطافهم، وحرقهم في أفظع الممارسات الإنسانية ، كما حدث مع الطفل الشهيد محمد أبو خضير الذي أختطف من حي شعفاط على أيدي مستوطنين متطرفين، في الثاني من تموز الجاري، ليعثر في اليوم الثاني على جثمانه الطاهر في أحراش دير ياسين محروقا حيا، ليكون شاهدا ليس وحيدا على وحشية الصهاينة ، الذين نسوا أنهم بحرق جثة الشهيد محمد إشتعلت أنتفاضة جديدة ، ستحرق جبروت وصلف العدو ، وتنظف الأرض النبية من دنس العدو الغاصب .. وأكد حمود على ضرورة إيقاف مهزلة التنسيق الأمني ، وتغليب مصلحة الوطن على الكراسي والوقوف في وجه هجمة المستوطنين الموجهة ضد الطفولة بوجه خاص .. أما معن بشور ، المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية المنظم للملتقى ، فقد أكد في كلمته على أن من يتابع الهبة الشعبية الفلسطينية التي أنطلقت من شعفاط في القدس المحتلة يمقدماتها وتداعياتها، يدرك أن المأزق الصهيوني في تزايد مستمر لا سيما فيما يتعلق بخياراته الإستراتيجية ، في مواجهة الحقوق الفلسطينية والعربية ، فهو غير قادر بحكم تكوينه العقائدي والإجتماعي على إنجاز تسوية تاريخية يقدم فيها تنازلات كبيرة من جهة ، وهو عاجز بحكم أزمته البنوية المتصاعدة ، على الصعد العسكرية والسياسية والأقتصادية عن شن حرب على المقاومة داخل فلسطين وخارجها .. وقال أن مصدر القوة الأساسي اليوم للعدو الصهيوني ليس ترسانته حتى النووية منها ، ولا الدعم الأمريكي غير المحدود ، ولا التماسك الداخلي المهدد ، ولا السطوة الأمنية المتلاشية يوما بعد يوم بل هو حالة التردي والتشظي الذي يسود أمتنا العربية . ولكن هذا الضعف والهوان والتواطؤ ، لن يؤثر في مسار الأفول الصهيوني الذي بات مرتبكا بشدة ، أمام ما يراه أمامه من تطورات ومتغيرات في المنطقة ، يفرح لبعضها لحين ، ثم يبدأ حذره وقلقه وخوفه بالإتساع ، فما تمر به الأمة العربية يبقى في النهاية مخاض مرت به كل الأمم ، وآلام المخاض في النهاية تحمل في طياتها آمال ولادة يتحدد موعد حصولها بحسب وجود القابلة ( الأدوات والآليات ) القادرة على التوليد ..
والكل يذكر كيف نجح لبنان المقاوم بتحرير أرضه دون قيد أو شرط ودون أن يكلف النظام الرسمي العربي نفسه عقد إجتماع طارئ لبحث مسلسل الإعتداءات الصهيونية على لبنان ، بما فيها غزوه وإحتلال ثلث أراضيه عام 1982 . وختم بشور كلمته بالحديث عن ملحمة البطولة في فلسطين الآن التي تخترق الحصارين حصار الأشقاء والأعداء معا ، حيث يعيدون التأكيد على قوة جبهة المقاومة التي حاولت كل قوى الشر والأستكبار العالمية تشتيتها وتفتيت وحدتها وكسر حلقاتها وتدمير دولها المدعوة هي أيضا إلى تحصين أوضاعها الداخلية وتأكيد خيار المقاومة الأوحد الذي لا سبيل للحرية بعده.