رسالة الشتات إلى غزة .. يا أبن أمي لست وحدك

إنها الثورة هكذا يقولون جميعا..و أنت لا تستطيع أن تعرف معنى ذلك ، إلا إذا كنت تعلق على كتفك بندقية تستطيع أن تطلق..فإلى متى تنتظر ؟ قولوا لهم أن الحجارة أعلنت عصيانها والصامت المهموم من القيد الثقيل تمردا ، معا نحو تحرير الأرض العربية من خطوات الخائنين للقضية .، يا شعبنا يا جبار غزة عم تصيح ليل نهار ، أيوب مات والعنقاء لن تموت يوما .، حاصر حصارك بالجنون وبالجنون فإما أن تكون أو لا تكون ، لست وحدك يا أبن أمي ، سندمر الهيكل معا .

في إزدحام كل هذه الأقوال الثورية والمقتطفات الشعرية والهتافات الشعبية ، والأناشيد الحماسية حشد التجمع الشبابي الفلسطيني اللبناني جمعا من طلاب وطالبات الجامعة الأمريكية في بيروت والجامعة اللبنانية الأمريكية إضافة إلى طلاب ممثلون لعدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية المختلفة في وقفة تضامنية مع أهالي قطاعنا الحبيب غزة تنديدا بجرائم الاحتلال الإسرائيلي التي فاقت حدود الوحشية ، ورفع المشاركون والمشاركات من أمام مسرح المدينة في بيروت الأعلام الفلسطينية التي كان لها الحضور الطاغي بعيدا عن الرايات الحزبية كما هو معتاد في غالبية التجمعات والإعتصامات التضامنية ، و كانت لغة المشاركين واضحة تعدت الإدانة للصمت العربي والدولي ، إزاء ما يحدث في غزة من جرائم ممنهجة بحق الطفولة تحديدا ، حيث الطفلة الجريحة نور أبو عيسى لن تكون آخر حكايا الوجع والتي تعتبر أصغر ضحايا العدوان ، نور الوليدة الجديدة ، التي لم تكتمل فرحة أهلها بعد ، بطقوس إسقبالها لحياة أصبحت مضاعفة في حصارها الجنوني، لتتوالى روايات الألم في غزة ، ترادفا مع حكايا صمود وإرادة المقاومين التي غيرت المعادلة كلها على الأرض بعد أن دكت صواريخها عمق الكيان الغاصب في تل الربيع وحيفا وكافة المستوطنات الصهيونية التي سببت حالات من الهلع والرعب النفسي لدى العدو، الذي أكد الطلاب والطالبات في لافتاتهم التي حملوها على أعناقهم أنه كيان أوهن من بيت العنكبوت ، وإلى زوال قريب

ولعل أبرز ما جسده الإعتصام التضامني أن الهتافات جاءت شديدة الوضوح والرؤية ، مؤكدة أن الجيل القادم هو المعد للنصر فكرا ووعيا وحرية ، في بيروت المقاومة ، وليس كما يتوهم كثيرون من الذين يصرون على جلد كل جيل الشباب ، فما معنى أن يحشد كل شباب وشابات الجامعة المسماة أمريكية وأمريكية دولية ، المنتمين منهم إلى أحزاب وغير المنتمين كل هذا الجمع ، ليلقوا لعنتهم على من يحاصر غزة من ملوك القرون ، ورؤوس الخيانة ، حيث كانت الصرخة بأعلى الحناجر : لا لحصار السيسي الحاكم العسكري بأمره القمعي لغزة ، لا للملك عبد الله ، تاريخ العمالة الطويل ،لعائلة حكمت بالنار والحديد ، لا لملوك الملح ، لا لكل مستسلم وخائن وساع للهدنة ، وبقدر ما كانت الهتافات ضد كل أرباب العاهات في الخيانة، كانت كل التحايا لغزة ومقاوميها الذين قلبوا الطاولة على جميع المتخاذلين كما المعادلة ، ولفلسطين البوصلة الأولى والأنتفاضة الدرب الأوحد .

عماد الرفاعي شاب فلسطيني في مقتبل العمر، رئيس رابطة بيت المقدس لقبلة فلسطين، هو مقاوم بالكلمة والإعتصام والإنتماء والعنفوان والرسالة، وليس مجرد ناشط كان حضوره مميزا كما بقية المشاركين الذين جاءوا يحملون قضية غزة في قلوبهم ووعيهم فعلا على الأرض وفي لقاء مع عماد قال أن هذا الإعتصام التضامني ليس الأول مع غزة ويأتي تأكيدا على نهج وخيار المقاومة، ورفضا لكل أشكال التهدئة ، بعد أن حققت المقاومة في غزة نقلة نوعية في أدائها البطولي الذي أعاد لكل شباب الشتات الأمل مجددا بحتمية العودة الذي حاول الساسة شطبه في كل معاهداتهم التجارية ، وأضاف عماد قائلا : جئت هنا لأشارك مع رفاقي ورفيقاتي في قرع جدران الخزان من قلب بيروت ، التي قاومت بالدبابة والرشاش وبكل أشكال السلاح المقاوم على إمتداد الإجتياحات المتعددة للمدينة ولنرسل رسالة حب ووفاء لدماء الشهداء في غزة، (عاصمة الشهداء ) وهي تسمية تستحقها عن جدارة كما أحقية الحياة لكل المدن التي أنهكها الحصار بعد معاناة طويلة من الحروب المتكررة مع العدو الصهيوني الذي لم يترك وسيلة دموية لتركيع غزة العزة التي لا تنكسر بل ينكسر العالم على أصابعها كفخار ، وقال عماد جئنا من بيروت ، قصتنا وغصتنا وخيمتنا ونجمتنا التي لن تكون الأخيرة بعد أن أنبعث الضوء مجددا من غزة التي حاصرت حصارها بعناد جبار على مدى سنوات من التآمر والتواطؤ والتخاذل والهوان العربي كأقل واجب لنمسح تعب هذا الصيف وثقل الصواريخ المحمولة تحت الشجر، جئنا لنرفع الصوت، والذي لا يقارن بصوت الغارات التي تستهدف أهلنا في غزة ، و الإعتداءات التي تحصل في الضفة والأراضي المحتلة عام 1948، ولنقول مع شعبنا الصامد هناك وحده للعدو ، إن ظننتم بأن الإمعان في جرائمكم اللاإنسانية واللاأخلاقية سيكسرنا ويهزم وحدتنا كشعب تفرق هنا وهناك فأنتم واهمون، واهم من راهن بأن القضية الفلسطينية ستتلاشى ، مع تعاقب الأجيال ، نحن هنا لنؤكد أننا لم ننسى وجهتنا ، ولم نحد عنها برغم الصعوبات التي يواجهها الفلسطيني في لبنان ، ولو كلف الأمر مائة إنتفاضة، فسيبقى الخيار( مقاومة لا مساومة) وكلنا أمل أن عناقنا لأرض الوطن إقترب ميعاده ، وأننا نعيش مرحلة الحسم النهائية .. مقاومة بلا هوادة … لا تهدئة مجانية، فدماء الشهداء لا يقبل كل حر أن تذهب هدرا، أنها ثمن الكرامة والحرية، ولن نسمح هنا من الشتات، رغم القهر والمنفى ، أن تمرر هذه الصفقات المشبوهة، بغطاء لا علاقة لها بمسمى العروبة ، الذي تربينا على روحيتها منذ أول قصيدة حفظناها في مدارس النزوح … سجل أنا عربي .. والتي سنبقى متمسكين بنصها .الأخير (و إذا ما جعت يوما . سآكل لحم مغتصبي . حذار حذار من جوعي ومن غضبي ) .الذي سيكون خاتمة رواية التشرد والهجرات المتوالية هنا وفي المعتقل الكبير ( الوطن ) ، و هنا فقط يكمن جوهر الهدف الواحد، كتفا واحدة تحمل السلاح ، وتطلق نار مقاتل لم يألف إلا قهر المستحيل ، أما رنا مكي المشاركة في تنظيم الإعتصام فقالت أن الخطوة القادمة ستكون بإتجاه السفارة المصرية رفضا لحصار غزة وإغلاق المعبر في ظل حاجة غزة الماسة للدواء والغذاء

كذلك التوجه للحدود مع العدو لأيصال رسالة واضحة بحق العودة الذي لا يمكن إسقاطه والتأكيد أننا شعب لا ينسى تاريخ المجازر الصهيونية فما يحدث في غزة الآن لا ينفصل عن تاريخ العدو الملطخ بالدماء .

ويجدر الذكر أن في جعبة عماد ورفاقه ورفيقاته على الدرب ، الكثير من البرامج التي تهدف كما أشار إلى توحيد جهود الشباب الجامعي اللبناني الفلسطيني، من أجل نصرة قضية الحق الأولى ، وصد كل المشروعات التي تهدف وتسعى إلى طمر قضيتنا البوصلة من خلال الإعلان الدائم بإسم كل شاب وشابة فلسطينية في المنافي عن رفض كل أشكال إجهاض المقاومة في مهدها بعد أن حققت كل هذه المعجزات على الأرض وقال في اللحظة الراهنة سيكون التركيز على فضح ممارسات العدو الصهيوني بحق الطفولة في غزة خاصة في ظل الصمت العربي والدولي الرسمي عما يجري من تجاوزات تدل على إرتباك العدو الذي يستهدف البيوت الآمنة ويكثف ضرباته على المدنيين العزل ، من أجل تثبيط معنويات شعبنا الجبار في غزة ، الذي أصبح مع تراكم تجارب القمع والحصار أقوى في التحدي والمواجهة والذي كل مطالبه الحرية والمقاومة حتى آخر نفس كحق شرعي وليس فقط كخيار لكل الشعوب المحتلة .