ميدل ايست أونلاين :هل نحن في حاجة الى مشروع باتريوس ليبي؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
ميدل ايست أونلاين :هل نحن في حاجة الى مشروع باتريوس ليبي؟
دعونا في البداية ننطلق من مدونة للسلوك والثوابت فحواها اننا لسنا مع اي طرف من الاطراف المتقاتلة لاهدافها الشخصية ولكنها على ارض الليبيين، رغم ان الثابت لدينا بما لا يدع مجال للشك من متاجرة هؤلاء بالدين والمصلحة العامة وبالنصوص القرآنية في غير مواضعها مثل المتاجرة باسهم البورص لتحقيق مرابح شخصية.
وان الثابت لدينا وجود مشروع تحالف جهوي اقليمي للسيطرة على ليبيا وجعلها رأس حربة لهذا المشروع.
وان الثابت لدينا انه لا احد بمقدوره ان يقنع الليبين ان من يتصدرون المشهد المليشياوي هم حقا ثوار، فالثائر في عرف المفهوم لا يطلب ثمن دمه، والثائر لا يرهب ابناء وطنه، والثائر لا يسرق ممتلكات جيرانه، والثائر لا يدمر مقدرات وطنه، والثائر لا يهجر ابناء وطنه ويعرض كرامتهم للاهانة من قبل الاجنبي ويمشط ممتلكاتهم وكانها غنائم.
الاشكالية التي تنم عن خطورة في نظري انه مثلما الدم يستسقي الدم فإن السلاح يستدعي السلاح والفوضى تستدعي الفوضى، وفائض القوة يستثير فائض القوة.
كما ان الاشكالية ان الليبيين سكتوا وهم يعلمون، عما كانت اكبر الخطايا الا وهي تدمير المؤسسة العسكرية وهي آخر ما يمكن ان يحمي السيدة الدولة.
خرج مشروع باتريوس للوجود في العراق عندما اشتدت وطأة الانتهاكات للحرم والمقدرات والاستهتار بالحياة البشرية من طرف مليشيات دولة العراق الاسلامية متذرعة بتطبيق الشريعة واستحلال لدماء الابرياء تحت مبررات واهية، فكان لزاماً تشكيل فصائل مسلحة من العشائر السنة لمواجهة دولة العراق الاسلامية، انتهى بطردها من غالبية الحواضر والمدن العراقية التي توطنت فيها في مرحلة انطلاق المقاومة العراقية ضد الاحتلال الاميركي والبريطاني.
في الحقيقة لم يعكس مشروع ما عرف لاحقاً بالصحوات، رغبة اميركية، بمقدار ما عكس رغبة لدى شرائح عراقية سنية، بتمييز نفسها عن دولة العراق الاسلامية، والذي حاول اختصار المشهد السني المقاوم في العراق.
بعيداً عن كل المبررات التي حاول اطراف النزاع المسلح تسويقها من مبررات واهية واسطوانة مشروخة ومقززة من شاكلة مبرر الازلام وانصار النظام السابق...إلخ، الا ان المبرر الحقيقي للتصعيد العسكري في طرابلس وبنغازي كان نتاجاً مباشراً لكون الانتخابات البرلمانية وجهت ضربة قاسية للمشروع الاسلاموي وهددت بسحب البساط، وسحب الامتيازات التي تحصل عليها انصار المشروع من خلال المؤتمر الوطني السابق، ومن ثم فقد نظرت قيادات المشروع الاسلاموي في الداخل والخارج بعين الريبة الى الانجازات التي تحصل عليها مناوئي المشروع، وعليه فقد قررت تلك القيادات لعب ورقة الحل العسكري.
تدرك قيادات ذلك المشروع انه لكي تصل الى مشروعها كان لا بد لها من التحالف مع بعض التيارات المناطقية الاخرى التي تمتلك فائض قوة عسكرية وفائض قوة اقتصادية مستغلة حقيقة ان تلك القوة المناطقبة كانت تتوق الى تصدر المشهد السياسي والسلطوي في ليبيا بعد ان فقدت موقعها مرتين الاولى كانت نتيجة الممارسات الخاطئة لمنتسبيها من بعض المليشيات ضد اهالي طرابلس مما قاد الى انتفاضة اهلية من طرف سكان طرابلس والتي شهدت ذروتها بمذبحة غرغور واجبار تلك المليشيات على الخروج من طرابلس، بينما الثانية كانت نتيجة حكم تاريخي للمحكمة العليا.
المغامرات العسكرية دوماً هي في حاجة لمبررات يسوقها اصحابها وان لم تكن مقنعة با لدرجة الكافية. وعليه فقد قرر التحالف المصلحي الجديد واستباقاً للزمن ارباك المشهد السياسى بحملة تشويه دعائية ترتكز على مشروعية ودستورية مكان انعقاد جلسات البرلمان.
كما لجأوا الى المظاهرات المجيشة في العديد من المدن مستلفين اساليب الاخوان المسلمين في مصر المتمثلة في توفير باصات لنقل المريدين والاتباع من مظاهرة الى اخرى لايهام الناس ان لديهم زخم شعبى مستغلين بعض القنوان التي تمت السيطرة عليها عنوة وكذلك فائض القوة المالية الداخلية والخارجية. اللافت للنظر ان جل هذه المظاهرات يغلب عليها طابع التواجد الكبير للاطفال الحاملين للافتات لا تتناسب ومداركهم العقلية والفكرية.
عندما ادركوا انها قد استنفدت دون تحقيق المراد وخصوصا بعد الكم الهائل من التائييد المحلي والدولي للبرلمان وشروعه في اتخاذ القرارات المهمة، كان لزاما التركيز على التحرك العسكري وتصعيد وتيرته في محاولة لفرض الامر الواقع او على الاقل تحسين شروط التفاوض لنيل بعض المكاسب السياسية التي لم يحققوها من خلال الصناديق الانتخابية.
تطبيقا لفكرة الانقلابات العسكرية المتمحورة على ان السيطرة على العاصمة يؤدى الى السيطرة على الدولة كان لزاماً السعي للسيطرة على طرابلس، الا ان وجود بعض الكتائب المسلحة المناوئة كان يتطلب استهدافها كخطوة اولى للسيطرة عليها او طردها ومن ثم اعلان الانقلاب على المكتسبات الدستورية التي حققها الليبيون.
المراقب لتحركات التنظيمات الاسلاموية في ليبيا لا يجد صعوبة في اكتشاف ان هذه التنظيمات نظراً لارتباطها العقدي والتنظيمي مع التنظيمات المشابهة في مصر وسوريا والعراق فهي تحاول محاكاة أساليب تلك التنظيمات في محاولة التموضع والسيطرة على المؤسسات الاقتصادية والمراكز في محاولة لتشكيل فائض قوة مالية وعسكرية ومعنوية ورمزية يمكنها في نهاية المطاف من اعلان دولة الخلافة، وهو هدف دأبت الحركات الجهادية الاسلامية على مختلف مشاربها في وضعه ضمن قائمة اولوياتها المستقبلية.
كما ان تحركات المجموعات المسلحة المنتمية الى هذا التيار في طرابلس وبنغازي والمناورات والتكتيكات التي تنتهجا من قصف عشوائي ومبدأ الارض المحروقة والقوة التدميرية القوية، وتهجير الاحياء السكنية من متساكنيها انما يكمن في ان تللك المليشيات تحاول ان ترسم صورة لليبيين في كل سطر يطالعك ويفجأك ويرعبك.
صورة تلك المجموعات بما يعرف الليبيون وما لا يعرفون من انواع الاسلحة، واساليب الذبح للاسرى وتقطيع الاطراف، وحرق الاجسام وترويع الآمنيين بسبب او لغير سبب مفهوم، فهم ينظرون لليبيين بعين الشك، لكونهم لا يلزمهم قانون غير قوانينهم التي وضعوها والبسوها لباس الدين ولا شريعة غير شريعتهم التي فصلوها على مقاسهم هم والتي صاغها لهم جهابذتهم القابعون في كهوف قندهار وتورا بورا، وممولوهم في قطر وتركيا، فلا مجال عندهم لقانون وشريعة او خلق مشترك يجمعهم مع بقية الليبيين الذين حكموا عليهم بالجاهلية والكفر، وهذ كله في نظري يندرج تحت فائض القوة وفائض شرعية الامر الواقع التي اعتقدوا انهم وحدهم المالكون لها.
اننا اذن امام تحول مفاهيمي من المفهوم الذي يحلم به جميع الليبيين ويتمنونه بعد الثمن الباهظ الذي دفعوه الى مفهوم صورة الكابوس والشبح والعفريت يخافه الاخرون ويمتلئون منه رعباً، فقد قطع هؤلاء على انفسهم عهدا الا يكفوا عن ملاحقة الليبيين وارعابهم وقتلهم حتى لا يكفوا عن الهروب امامهم والرقص في حضرتهم كما طلب احد منتسبي المليشيات الجهوية من اهل طرابلس ان يعدوا له حفلة رقص تقيمها بناتهم عند دخوله طرابلس عليهم منتصراً.
وتكتمل المسرحية بتحويل كعبة العاصمة طرابلس المدمرة الى حاضرة الكعبة المزدهرة في مدينة المليشيات الاصلية تكراراً على ما يبدو لمشهد حملة ابرهة الحبشي لهدم الكعبة المشرفة.
فى عصر ابرهة كانت الكعبة لاهل مكة مصدر الطمأنينة ومصدر الرزق اما حاليا فإن المطار وخزانات النفط والمحطات الكهربائية هي مصدر الرزق والدفء والاتصال بالعالم فهي من الاشياء الاقرب الى قلوبهم ومن ثم فإن تدميرها كان لعقابهم.
ابرهة لم يستطع هدم الكعبة لان للكعبة رباً يحميها واما خزانات النفط ومطار طرابلس ومحطات الكهرباء فان حاميها (الدولة) في حاجة لمن يحميها ولذا فانها اصبحت اثراً بعد عين، بسبب اجهل خلق الله.
القراءة الموضوعية لما يجرى في ليبيا وما تقوم به المليشيات ضد الليبيين العزل والمنكوبين بنكبة الوطن، ونكبة الممتلكات، ونكبة الامن، تفتح نافذة امام صياغة جيل جديد من التساؤلات حول معنى القوة المليشياوية ومغزاها وغاياتها وحول دور تلك المليشيات وحدوده في مشهد مستقبل ليبيا، وحول صورة المليشيات كما نلمسها اليوم من رجل الشارع وكما يعايشها الليبيون.
فإلى جانب القوة الذي نلمسه واضحاً في ظاهرة اللغة السياسية والعسكرية لدى تلك المليشيات يمكنك ان تلمس في الوقت ذاته، فيضامن فائض الخوف يحيا متحركا في جوف وعمق وباطن هذه اللغة، بمعنى انه في لغة وتصرف تلك المليشيات وقادتها يتعانق فائض القوة مع فائض الخوف.
ان فائض القوة الكامن في امتلاك المليشيات الجهوية كانت في حاجة الى مرتزق اسلاموي يحارب بجانب هولاء حتى تتنتصر على ما يمور في اعماقها من فائض الخوف وفائض القوة وفائض جموح شهوة الحكم بعد النكسات التي حدثت.
ايها السادة، ان ما نخاف منه على ليبيا ومستقبلها ليس فائض القوة في ايدي هؤلاء ولكن قطعاً فائض الكراهية الذي يشوي الوجوه، كراهية مخيفة تسرى في النفوس المشحونة يأساً، تورثها الثأر ممن ظلمها وقتلها، كراهية مكبوته ما تلبث ان تنفجر مخلفة جراحاً في جسم الوطن، تزلزل ثوابته، تشوه معانيه، لا يتبقى بعد هذا الانفجار الرهيب سوى نفوس متهتكة، كسيرة مملؤة بكراهية عمياء، ضد هولاء الذين وجهوا سلاحهم ضد صدور الليبيين، ضد هولاء الذين يمعنون في تعطيل مؤسسات الدولة واذلال مسؤوليها وتهميش دورها.
ضد هؤلاء الذين من شدة ما اصابهم من غرور بجبروتهم وطغيانهم والثقة بان الدولة عاجزة عن كبح غرورهم وتصرفاتهم، فهم يتحدثون في حضرة الموت والدمار والخراب بالفخر بإنجازاتهم بل يكبرون وهم يدكون علينا بيوتنا بالراجمات، ويكبرون وهم يدمرون مقدراتنا، ويكبرون وهم يسرقون اموال الآخرين ويكبرون وهم يزهقون ارواح المسلمين.
لهؤلاء نقول:
الله اكبر على من كانوا اخوة لنا في الدين وفي الانسانية، فكفرونا
الله اكبر على من كانوا شركاء لنا في الوطن فخونونا
الله اكبر على من كانوا جيراننا لنا فبغوا علينا وقتلونا
الله اكبر على من كانوا لنا ابناء واخوة فغدروا بنا، وجلبوا لنا غرباء يقتلوننا باسم الدين.
الله اكبر، ان تتكلم فهذا يعني انك تقاتل، ونحن قررنا الكلام!
حمدي العيساوي
كاتب من ليبيا
وان الثابت لدينا وجود مشروع تحالف جهوي اقليمي للسيطرة على ليبيا وجعلها رأس حربة لهذا المشروع.
وان الثابت لدينا انه لا احد بمقدوره ان يقنع الليبين ان من يتصدرون المشهد المليشياوي هم حقا ثوار، فالثائر في عرف المفهوم لا يطلب ثمن دمه، والثائر لا يرهب ابناء وطنه، والثائر لا يسرق ممتلكات جيرانه، والثائر لا يدمر مقدرات وطنه، والثائر لا يهجر ابناء وطنه ويعرض كرامتهم للاهانة من قبل الاجنبي ويمشط ممتلكاتهم وكانها غنائم.
الاشكالية التي تنم عن خطورة في نظري انه مثلما الدم يستسقي الدم فإن السلاح يستدعي السلاح والفوضى تستدعي الفوضى، وفائض القوة يستثير فائض القوة.
كما ان الاشكالية ان الليبيين سكتوا وهم يعلمون، عما كانت اكبر الخطايا الا وهي تدمير المؤسسة العسكرية وهي آخر ما يمكن ان يحمي السيدة الدولة.
خرج مشروع باتريوس للوجود في العراق عندما اشتدت وطأة الانتهاكات للحرم والمقدرات والاستهتار بالحياة البشرية من طرف مليشيات دولة العراق الاسلامية متذرعة بتطبيق الشريعة واستحلال لدماء الابرياء تحت مبررات واهية، فكان لزاماً تشكيل فصائل مسلحة من العشائر السنة لمواجهة دولة العراق الاسلامية، انتهى بطردها من غالبية الحواضر والمدن العراقية التي توطنت فيها في مرحلة انطلاق المقاومة العراقية ضد الاحتلال الاميركي والبريطاني.
في الحقيقة لم يعكس مشروع ما عرف لاحقاً بالصحوات، رغبة اميركية، بمقدار ما عكس رغبة لدى شرائح عراقية سنية، بتمييز نفسها عن دولة العراق الاسلامية، والذي حاول اختصار المشهد السني المقاوم في العراق.
بعيداً عن كل المبررات التي حاول اطراف النزاع المسلح تسويقها من مبررات واهية واسطوانة مشروخة ومقززة من شاكلة مبرر الازلام وانصار النظام السابق...إلخ، الا ان المبرر الحقيقي للتصعيد العسكري في طرابلس وبنغازي كان نتاجاً مباشراً لكون الانتخابات البرلمانية وجهت ضربة قاسية للمشروع الاسلاموي وهددت بسحب البساط، وسحب الامتيازات التي تحصل عليها انصار المشروع من خلال المؤتمر الوطني السابق، ومن ثم فقد نظرت قيادات المشروع الاسلاموي في الداخل والخارج بعين الريبة الى الانجازات التي تحصل عليها مناوئي المشروع، وعليه فقد قررت تلك القيادات لعب ورقة الحل العسكري.
تدرك قيادات ذلك المشروع انه لكي تصل الى مشروعها كان لا بد لها من التحالف مع بعض التيارات المناطقية الاخرى التي تمتلك فائض قوة عسكرية وفائض قوة اقتصادية مستغلة حقيقة ان تلك القوة المناطقبة كانت تتوق الى تصدر المشهد السياسي والسلطوي في ليبيا بعد ان فقدت موقعها مرتين الاولى كانت نتيجة الممارسات الخاطئة لمنتسبيها من بعض المليشيات ضد اهالي طرابلس مما قاد الى انتفاضة اهلية من طرف سكان طرابلس والتي شهدت ذروتها بمذبحة غرغور واجبار تلك المليشيات على الخروج من طرابلس، بينما الثانية كانت نتيجة حكم تاريخي للمحكمة العليا.
المغامرات العسكرية دوماً هي في حاجة لمبررات يسوقها اصحابها وان لم تكن مقنعة با لدرجة الكافية. وعليه فقد قرر التحالف المصلحي الجديد واستباقاً للزمن ارباك المشهد السياسى بحملة تشويه دعائية ترتكز على مشروعية ودستورية مكان انعقاد جلسات البرلمان.
كما لجأوا الى المظاهرات المجيشة في العديد من المدن مستلفين اساليب الاخوان المسلمين في مصر المتمثلة في توفير باصات لنقل المريدين والاتباع من مظاهرة الى اخرى لايهام الناس ان لديهم زخم شعبى مستغلين بعض القنوان التي تمت السيطرة عليها عنوة وكذلك فائض القوة المالية الداخلية والخارجية. اللافت للنظر ان جل هذه المظاهرات يغلب عليها طابع التواجد الكبير للاطفال الحاملين للافتات لا تتناسب ومداركهم العقلية والفكرية.
عندما ادركوا انها قد استنفدت دون تحقيق المراد وخصوصا بعد الكم الهائل من التائييد المحلي والدولي للبرلمان وشروعه في اتخاذ القرارات المهمة، كان لزاما التركيز على التحرك العسكري وتصعيد وتيرته في محاولة لفرض الامر الواقع او على الاقل تحسين شروط التفاوض لنيل بعض المكاسب السياسية التي لم يحققوها من خلال الصناديق الانتخابية.
تطبيقا لفكرة الانقلابات العسكرية المتمحورة على ان السيطرة على العاصمة يؤدى الى السيطرة على الدولة كان لزاماً السعي للسيطرة على طرابلس، الا ان وجود بعض الكتائب المسلحة المناوئة كان يتطلب استهدافها كخطوة اولى للسيطرة عليها او طردها ومن ثم اعلان الانقلاب على المكتسبات الدستورية التي حققها الليبيون.
المراقب لتحركات التنظيمات الاسلاموية في ليبيا لا يجد صعوبة في اكتشاف ان هذه التنظيمات نظراً لارتباطها العقدي والتنظيمي مع التنظيمات المشابهة في مصر وسوريا والعراق فهي تحاول محاكاة أساليب تلك التنظيمات في محاولة التموضع والسيطرة على المؤسسات الاقتصادية والمراكز في محاولة لتشكيل فائض قوة مالية وعسكرية ومعنوية ورمزية يمكنها في نهاية المطاف من اعلان دولة الخلافة، وهو هدف دأبت الحركات الجهادية الاسلامية على مختلف مشاربها في وضعه ضمن قائمة اولوياتها المستقبلية.
كما ان تحركات المجموعات المسلحة المنتمية الى هذا التيار في طرابلس وبنغازي والمناورات والتكتيكات التي تنتهجا من قصف عشوائي ومبدأ الارض المحروقة والقوة التدميرية القوية، وتهجير الاحياء السكنية من متساكنيها انما يكمن في ان تللك المليشيات تحاول ان ترسم صورة لليبيين في كل سطر يطالعك ويفجأك ويرعبك.
صورة تلك المجموعات بما يعرف الليبيون وما لا يعرفون من انواع الاسلحة، واساليب الذبح للاسرى وتقطيع الاطراف، وحرق الاجسام وترويع الآمنيين بسبب او لغير سبب مفهوم، فهم ينظرون لليبيين بعين الشك، لكونهم لا يلزمهم قانون غير قوانينهم التي وضعوها والبسوها لباس الدين ولا شريعة غير شريعتهم التي فصلوها على مقاسهم هم والتي صاغها لهم جهابذتهم القابعون في كهوف قندهار وتورا بورا، وممولوهم في قطر وتركيا، فلا مجال عندهم لقانون وشريعة او خلق مشترك يجمعهم مع بقية الليبيين الذين حكموا عليهم بالجاهلية والكفر، وهذ كله في نظري يندرج تحت فائض القوة وفائض شرعية الامر الواقع التي اعتقدوا انهم وحدهم المالكون لها.
اننا اذن امام تحول مفاهيمي من المفهوم الذي يحلم به جميع الليبيين ويتمنونه بعد الثمن الباهظ الذي دفعوه الى مفهوم صورة الكابوس والشبح والعفريت يخافه الاخرون ويمتلئون منه رعباً، فقد قطع هؤلاء على انفسهم عهدا الا يكفوا عن ملاحقة الليبيين وارعابهم وقتلهم حتى لا يكفوا عن الهروب امامهم والرقص في حضرتهم كما طلب احد منتسبي المليشيات الجهوية من اهل طرابلس ان يعدوا له حفلة رقص تقيمها بناتهم عند دخوله طرابلس عليهم منتصراً.
وتكتمل المسرحية بتحويل كعبة العاصمة طرابلس المدمرة الى حاضرة الكعبة المزدهرة في مدينة المليشيات الاصلية تكراراً على ما يبدو لمشهد حملة ابرهة الحبشي لهدم الكعبة المشرفة.
فى عصر ابرهة كانت الكعبة لاهل مكة مصدر الطمأنينة ومصدر الرزق اما حاليا فإن المطار وخزانات النفط والمحطات الكهربائية هي مصدر الرزق والدفء والاتصال بالعالم فهي من الاشياء الاقرب الى قلوبهم ومن ثم فإن تدميرها كان لعقابهم.
ابرهة لم يستطع هدم الكعبة لان للكعبة رباً يحميها واما خزانات النفط ومطار طرابلس ومحطات الكهرباء فان حاميها (الدولة) في حاجة لمن يحميها ولذا فانها اصبحت اثراً بعد عين، بسبب اجهل خلق الله.
القراءة الموضوعية لما يجرى في ليبيا وما تقوم به المليشيات ضد الليبيين العزل والمنكوبين بنكبة الوطن، ونكبة الممتلكات، ونكبة الامن، تفتح نافذة امام صياغة جيل جديد من التساؤلات حول معنى القوة المليشياوية ومغزاها وغاياتها وحول دور تلك المليشيات وحدوده في مشهد مستقبل ليبيا، وحول صورة المليشيات كما نلمسها اليوم من رجل الشارع وكما يعايشها الليبيون.
فإلى جانب القوة الذي نلمسه واضحاً في ظاهرة اللغة السياسية والعسكرية لدى تلك المليشيات يمكنك ان تلمس في الوقت ذاته، فيضامن فائض الخوف يحيا متحركا في جوف وعمق وباطن هذه اللغة، بمعنى انه في لغة وتصرف تلك المليشيات وقادتها يتعانق فائض القوة مع فائض الخوف.
ان فائض القوة الكامن في امتلاك المليشيات الجهوية كانت في حاجة الى مرتزق اسلاموي يحارب بجانب هولاء حتى تتنتصر على ما يمور في اعماقها من فائض الخوف وفائض القوة وفائض جموح شهوة الحكم بعد النكسات التي حدثت.
ايها السادة، ان ما نخاف منه على ليبيا ومستقبلها ليس فائض القوة في ايدي هؤلاء ولكن قطعاً فائض الكراهية الذي يشوي الوجوه، كراهية مخيفة تسرى في النفوس المشحونة يأساً، تورثها الثأر ممن ظلمها وقتلها، كراهية مكبوته ما تلبث ان تنفجر مخلفة جراحاً في جسم الوطن، تزلزل ثوابته، تشوه معانيه، لا يتبقى بعد هذا الانفجار الرهيب سوى نفوس متهتكة، كسيرة مملؤة بكراهية عمياء، ضد هولاء الذين وجهوا سلاحهم ضد صدور الليبيين، ضد هولاء الذين يمعنون في تعطيل مؤسسات الدولة واذلال مسؤوليها وتهميش دورها.
ضد هؤلاء الذين من شدة ما اصابهم من غرور بجبروتهم وطغيانهم والثقة بان الدولة عاجزة عن كبح غرورهم وتصرفاتهم، فهم يتحدثون في حضرة الموت والدمار والخراب بالفخر بإنجازاتهم بل يكبرون وهم يدكون علينا بيوتنا بالراجمات، ويكبرون وهم يدمرون مقدراتنا، ويكبرون وهم يسرقون اموال الآخرين ويكبرون وهم يزهقون ارواح المسلمين.
لهؤلاء نقول:
الله اكبر على من كانوا اخوة لنا في الدين وفي الانسانية، فكفرونا
الله اكبر على من كانوا شركاء لنا في الوطن فخونونا
الله اكبر على من كانوا جيراننا لنا فبغوا علينا وقتلونا
الله اكبر على من كانوا لنا ابناء واخوة فغدروا بنا، وجلبوا لنا غرباء يقتلوننا باسم الدين.
الله اكبر، ان تتكلم فهذا يعني انك تقاتل، ونحن قررنا الكلام!
حمدي العيساوي
كاتب من ليبيا
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
مواضيع مماثلة
» كل خيارات الحلّ في ليبيا تؤدي إلى التدخل العسكري ميدل ايست اونلاين
» تنسيق قطري تركي لدعم بلحاج في مواجهة الجيش الوطني ميدل ايست
» ميدل ايست اولاين::::تونس في أقصى درجات التأهب لمواجهة الإرهاب القادم من ليبيا
» المعركة اليوم في سوريا و الوطن العربي تدور بين مشروع عروبي وطني و مشروع رجعي تكفيري
» تكنولوجيا : لو بتدور على محام.. روبوت جديد يقدم لك المشورة القانونية "أونلاين" مجانا
» تنسيق قطري تركي لدعم بلحاج في مواجهة الجيش الوطني ميدل ايست
» ميدل ايست اولاين::::تونس في أقصى درجات التأهب لمواجهة الإرهاب القادم من ليبيا
» المعركة اليوم في سوريا و الوطن العربي تدور بين مشروع عروبي وطني و مشروع رجعي تكفيري
» تكنولوجيا : لو بتدور على محام.. روبوت جديد يقدم لك المشورة القانونية "أونلاين" مجانا
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الإثنين نوفمبر 25, 2024 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi