زعماء…عرب

أحمد الحباسى

مع عدا بعض الاستثناءات القليلة جدا و التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة لم تنجب الأمة العربية في العصر الحديث زعماء عرب بحجم تاريخها و حضارتها ، ولان هذه الشعوب العربية المريضة “ترث” زعمائها بالغصب و القوة الأمنية المتوحشة أحيانا كثيرة و بالغصب و القوة ” الدينية ” المنافقة أحيانا أخرى فنحن نحتاج إلى علماء مهرة في علم النفس لفهم خبايا و أسرار هذه الكائنات المريضة التي تسوسنا كالقطعان الخائفة المتخوفة على مصيرها ، و نحتاج فيما نحتاج إلى دراسات جادة كثيرة لمعرفة الأسباب الخفية التي تجعلنا لا نتصدى بعنف أو بسلاسة متواصلة لهذه الكائنات العميلة القابضة على نفوسها المفرطة في حقوقنا و أعراضنا.
الحكام العرب أصناف ، فيهم من قلبه تماما على المقاومة و لا يخشى المواجهة مع الصهيونية و الامبريالية العالمية ، هؤلاء قلة قليلة جدا ، و فيهم من ولد خائنا بالوراثة مثل العائلة الهاشمية و العائلة المغربية و العائلة السعودية و الكويتية ، و فيهم من تعلم الخيانة و هو في طريقه للرئاسة أو العرش ، و فيهم من فرضت عليه متطلبات المنصب الرئاسي شيئا من العمالة فأفرط في تنفيذ المهمات الخبيثة الموكولة إليه شأن الرئيس حسنى مبارك و بن على ، و فيهم من أختار أن يكون عميلا للغرب أو للصهيونية العالمية من باب مجاراة الرياح و الابتعاد عن القلاقل الذهنية و هؤلاء كثيرون في الوطن العربي ، و صغارنا يعلمون هويتهم قبل كبارنا.
الذين يقفون مع المشروع الصهيوني الامبريالي الغربي في المنطقة اليوم هم خليط من حكام العمالة بالفطرة و العملاء بالصدفة و العملاء المعينون من النظام الصهيوني العالمي و العملاء الخائفون على كراسيهم ، هؤلاء يفعلون كل شيء لإنهاك محور المقاومة العربية في كل عناوينه ، يمنعون المال و الاستثمار في دول المقاومة ، يهاجمون كل لسان ينطق بالمقاومة و رفض التطبيع ، يسلطون أدوات بطشهم البوليسية ضد كل رموز المجتمع المدني التي تحاول استنهاض الهمم و معارضة التمدد الصهيوني في المنطقة العربية ، يغذون ثقافة الانقسام و الكراهية بين الشعوب العربية ، تعمل مخابراتهم على تتبع و استقصاء أخبار المجتمع المدني الرافض للهيمنة الأمريكية الصهيونية ، يفتعلون ملفات التخوين ، يقطعون رزق كل الهمم التي تزرع ثقافة المقاومة في الوجدان العربي ، إلى غير ذلك من الأفعال و الخطايا الخادشة لأبسط حقوق الإنسان .
وثائق ويكيليكس الشهيرة مثلت الحدث في حينه بما احتوته من حجج و براهين و أدلة دامغة على حجم الانهيار و الفساد و العمالة لهؤلاء الحكام العرب ، من عادة أعلام شارع محمد على العربي أن يواجه كل ” التهم ” الموجهة إليه من معارضيه بوصفهم بالخونة و العملاء للصهيونية و الغرب و السفارات الأجنبية ، هذه المــرة زهـــق الباطل و بهت الذي كفر لان هذه الوثائق تؤكد بالدلائل و التواريخ و الأسماء و الهويات أن هؤلاء الحكام هم العملاء و الخونة للصهيونية و الغرب و للسفارات الأجنبية التي تخصص لهم الرواتب المغرية ، ولان إسرائيل لا تتحرج في نشر الغسيل الوسخ للقيادات العربية ، فقد كشفت عديد التسريبات الإعلامية على لسان أكثر من مسئول صهيوني مدى السقوط الأخلاقي لأغلب القيادات العربية ، الخليجية بالخصوص ، في حين لم تتحرج السيدة تسيبي ليفنى وزيرة خارجية العدو السابقة من ” نشر” فضائح لياليها الساخنة مع أغلب قيادات الصف الأول الفلسطينية و من بينها طبعا هؤلاء المهتمون بملف المفاوضات العبثية مع الكيان الغاصب.
في مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي الصهيوني الذي يتم تنفيذه على مراحل منذ ما قبل إسقاط النظام العراقي سنة 2003 ، هناك مقاعد مخصصة لهؤلاء العملاء من الحكام العرب المعروفون بالاسم الآن ، النظام السعودي مثلا يقوم بدور محوري على غاية من الأهمية لأنه يعطى “الغطاء الديني” للإرهاب الذي تنفذه الجماعات الوهابية التكفيرية في العراق ، سوريا ، تونس ، مصر على سبيل الذكر ، المؤسسة الدينية السعودية تستغل ثقة المسلم العربي لإغرائه “بالجهاد” في هذه الدول بعلة نصرة الإسلام و بمشروعية هذا “الجهاد المقدس ” مع أنها تغلق هذا الباب عند الحديث عن القضية و الجهاد في فلسطين ، النظام الأردني من جانبه يقوم بدور ” الخاصرة الرخوة” على حدود العراق و سوريا و لبنان حتى لا يتفرغ الجيش السوري تماما لمتابعة المجموعات الإرهابية الوافدة من تركيا و لبنان ، الرئيس “الراحل” سليمان يقوم بدور عميل يطلق عليه البعض مسمى “النأي بالنفس ” و هو يمثل دورا حقيرا لغاية عزل سوريا عن محيطها الجغرافي و محيطها الوجداني المساند للمقاومة السورية.
لا أدرى لماذا تم “تكليف” العاهل المغربي برئاسة لجنة …القدس ، لماذا يصمت العاهل على ما يحدث في القدس ، ثم هل أن العلاقة الحميمية بين العاهل و كل القيادات المتطرفة الصهيونية ستجعله يقف ضد الغطرسة الصهيونية لهدم القدس ، لماذا قبل العاهل هذه المهمة ” المقدسة” و هو الذي يعانى من إرهاصات وضع مغربي متعفن ، هل أن صمت العاهل على ما يحدث في القدس و غزة هو ثمن سكوت الإدارة الأمريكية الصهيونية على موضوع الصحراء الغربية ، لماذا تصمت القيادة الفلسطينية على “صمت” العاهل المغربي ، لماذا لا تتحدث وسائل الإعلام العربية على الدور المغربي في سقوط القدس ، من يضع الحواجز أمام ألسنة الإعلام العربي، من يملك فهم الدور المغربي …أسئلة ، للفهم لا غير .