ملتقى غدامس والضحك على ذقون الليبيين

ميلاد عمر المزوغي

ملتقى الحوار بمدينة غدامس الذي جمع بين أعضاء البرلمان الذين حضروا اجتماعات طبرق والمتغيبون عن سبق إصرار وترصد,قد يبدو للوهلة الأولى للعامة بأن الأعضاء المخلفون يعترفون بمجلس النواب,فما صدر عن الملتقى من دعوة لوقف الاقتتال وفتح المطارات لا يعدو كونه حبر على ورق,فالذي بدأ القتال واحرق الأخضر واليابس هم الانقلابيون,والسؤال هل للأعضاء المخلفون نفوذ على الميليشيات التي عاثت ولا تزال في العاصمة والمناطق المجاورة؟إن كان الأمر كذلك فإنه يعني وبما لا يدع مجالا للشك, بأنهم الذراع السياسية للمجرمين المدججين بكافة أنواع الأسلحة. لما يقرب من الشهرين والأعضاء المخلفون يساندون وبكل قوة ما تقوم به العصابات الإجرامية المتمثلة في “فجر ليبيا”,منهم من حضر بعض الجلسات لمجر أن يكون عينا على البرلمان لأولئك المجرمين.

المخلفون عن الركب “مجلس النواب” كما أولئك المخلفون عن القتال في بداية انتشار الإسلام ,ونعرف جميعا حكم الرب فيهم,فهؤلاء أرادوا وأد التجربة الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة وإحداث فتنة بين أبناء المجتمع الواحد, وكل همهم أن يبقوا مسيطرين على مقاليد الأمور بقوة السلاح,جابوا كافة أنحاء البلاد من اجل تأليب الناس على مجلس النواب,استعملوا وسائل الترغيب والترهيب,افلحوا في ضم أصحاب النفوس المريضة,لكن الغالبية أعلنت التزامها بما نتج عن الانتخابات.

لم يقبل هؤلاء المخلفون الحوار إلا بعد أن سدت كل الدروب في وجوهم القذرة, أرادوا وبكل وقاحة تمثيل الشعب الليبي في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة, لم تستقبلهم أية منظمات أممية بما فيها الأمم المتحدة,لم تؤيدهم في عملياتهم الإجرامية سوى قطر وتركيا والسودان,وهي الدول التي لا تريد للشعب الليبي أن ينعم بخيراته ويبنى ما هدمه هؤلاء,والدول الثلاث هي الدول التي تحاول أن تنشئ كيانا جديدا وهو كيان الإخوان المسلمين,وقد أصبح العالم ينظر إليهم على أنهم تنظيما إرهابيا.

اعتقد شخصيا أن هؤلاء المخلفون ليسوا جادين في الحوار,إنما هي عملية لتمضية الوقت والظهور أمام الرأي العام بأنهم يريدون بناء الدولة,هؤلاء المخلفون لا يؤمنون بالدولة الوطنية أصلا,أو تداول السلطة سلميا بل كل همهم إقامة دولة الخلافة الإسلامية وتكميم الأفواه ليس عن طريق الإقصاء السياسي بل الإقصاء من الوجود وقد بدا ذلك جليا من خلال أعمالهم الشنيعة على مدى السنوات الماضية حيث حكموا بقوة الحديد والنار.

عن أي حوار نتحدث؟ فالجلوس مع من أجرم ولا يزال في حق الشعب الليبي يعتبر جريمة لا تغتفر,مئات الآلاف من الليبيين لا يزالون مهجرين بدول الجوار والداخل وقد منعوا من العودة إلى ديارهم,إضافة إلى آلاف المساجين بدهاليز الميليشيات,بل يجب تقديم المجرمين إلى المحاكم الدولية والمحلية,وان أية محاولة من البرلمانيين جميعا للعفو عن هؤلاء المجرمين بحجة راب الصدع ولمّ الشمل والمحافظة على اللحمة الوطنية إنما هي تنازل عن دماء الليبيين التي أريقت دون وجه حق ومقدرات الشعب التي أهدرت.

إن أي حوار لا يرد الحقوق إلى أهلها, ولا يقتص من المجرمين القتلة,إنما هو حوار فاشل بكل المعايير ويعتبر ضحكا على ذقون الليبيين.الذي نخشاه حقيقة هو أن تكون هناك تسوية برعاية دولية وإقليمية انطلاقا من: لا غالب ولا مغلوب, ويكون الشعب الليبي ضحيتها.