النظام العربي ، على الفقيد الرحمة .

أحمد الحباسى

سقط ، يسقط ، فهو ساقط ، هذا هو حال النظام العربي منذاحمد-الحباسي (1) البداية ، النظام الرسمي العربي سقط مرارا و تكرارا ، لم تنجح الجامعة العربية ، جامعة النظام العربي ، إلا في إعطاء الامبريالية و الصهيونية كل المسوغات و الغطاء السياسي لتنفيذ كل المشاريع الغربية الرامية لإنهاك الأمة ثم الإجهاز عليها تحت ستار ظلام المؤامرات المختلفة، لم تنجح الأنظمة العربية رغم اختلاف خطبها و توجهاتها و رغم كل الفرص المتاحة في تجميع القوى العربية على قلب و رأى واحد و هذا دليل أكيد على أن الخطب أو الشعارات مهما كانت براقة و جذابة لا تصنع مستقبل الشعوب و لا تفض مشاكلها المستعصية ، لذلك سقط الزعيم جمال عبد الناصر رائد الوحدة العربية و أحد أبرز الخطباء في القضايا العربية .

النظام العربي مقسم من البداية و كل محاولات تجميع أشلائه المنتسبة للصهيونية بلا حسيب و لا رقيب هو سعى خائب و مضيعة للوقت ، فالنظام السعودي ، مثلا ، لا يمكن أن يكون عربيا تحت أي عنوان لأنه يحمل في داخله عوامل سلبية كثيرة تجعله أقرب للنظام الصهيوني باعتباره اللوبي المسيطر على مفاصل القرار السياسي في كل الدول الغربية ، و عندما يضيق صدر العائلة السعودية الحاكمة بالعروبة و بالقومية العربية و بالإسلام و بالديمقراطية و التداول السلمي للسلطة و يتم التسويق إلى كون الحكم السعودي هو قضاء و قدر الشعب السعودي فقد تجمعت عوامل تؤدى جميعها إلى خروجه عن الصف الشعبي العربي ليصبح مجرد رديف و مقاول هدم في يد الصهيونية العالمية لكل القيم أو المصالح العربية ، في هذا المجال ، لا فائدة في التذكير بمساوئ و خطايا هذا النظام ، فيكفى المتابع ما يراه اليوم في سوريا ليفهم الطبيعية العدوانية الوحشية لهذا النظام إزاء شعب عربي شقيق.

لا أتحدث عن دويلات و مشيخات الخليج التي خرجت من رحم المؤامرات البريطانية الصهيونية و بقي حكامها يتقاسمون موارد النفط محاولين الإيحاء بكونهم بصدد إقامة دول عصرية و الحال أن أغلب تلك المشاريع واهية و لا مستقبل لها سوى كونها أنهكت الموارد و قضت على فرص الرقى بمستوى تلك الشعوب التي بقيت صفرا على الشمال في كل المجالات “تعيش” بواسطة اليد العاملة الأجنبية و ما تفرغه الحاويات “التجارية” في الموانئ ، يقينا ، أن جيوش الخليج الكارتونية هي أكبر مفسدة استثمارية تصيب موارد دول الخليج ، يقينا ، أن تنظيم قطر مثلا فعاليات نهائيات كأس العالم هو مثال معبر عن غرور العقل الخليجي الحاكم الذي يستشعر حالة الدون أمام بقية دول العالم و يسعى بكل الطرق ” الهمجية” إلى لفت الأنظار إليه بكل الطرق حتى لو استنفدت قدرات الشعب الخليجي بدون داع .

على الجانب الآخر ، هناك السودان أو ما درج الإعلام الهابط على توصيفه بمطمورة العرب ، جرب السودان كل وصفات الحكم و لم ينجح إلا في إعطاء الصهيونية مع بعض دول المؤامرة العرب فرصة تقسيمه إلى شمال و جنوب ، شمال يحمل في ذاته فرصا كثيرة للانقسام بعد أن تمكن فكر “الإخوان” من جسد و عقل المواطن السوداني ليجعله مجرد خليط من الحداثة و الظلامية ، فالمواطن في السودان مسلم و كافر في نفس الوقت ، مسلم لأنه ينشد الحداثة و كافر لأنه ينشد الحداثة و يرفض فكر الظلام الموحش الظلمة ، جنوب يسعى بكل الطرق ليكون جزيرة صهيونية تنتهك الحرمة السودانية و تخرب دول الجوار و على رأسها مصر المنتشية بثورة بقيت بلا هوية و لا اتجاه و لا بوصلة ، في الأخير يعيش السودان الفقر و الاقتصاد المخرب و المستقبل السياسي الغامض ، و في النهاية يشكل السودان مثالا حيا على فشل كل نماذج الحكم و فشل محاولات القفز على الواقع السوداني بكل تضاريسه.

النظام العربي ضحية تناقضاته الداخلية ، هذه حقيقة ، المغرب العربي يعيش حالة من المد و الجزر السياسية الشعبية الأمنية ، المغرب العربي لا يمثل امتدادا للمشرق العربي بأي شكل و الذين يتحدثون عن قواسم مشتركة بين المشرق و المغرب العربي كاذبون و منافقون ، فالخليج هو الخليج و المغرب العربي هو المغرب العربي ، حكام المغرب العربي لهم توجهاتهم المعروفة نحو الغرب و هم يعيشون على وهم أنه ينتمون للجانب الحضاري في الغرب في حين تعيش شعوبهم في أدنى مراتب التقدم الحضاري بدليل هذه الرياح الشعبية التي أحرقت الأخضر و اليابس في المشهد الغربي للأمة العربية ، و حتى بعض المكتسبات القليلة فهي لا تقنع المتابع بوجود مستقبل معلوم وواضح لشعوب منطقة المغرب العربي الذي بات في انتظار قدوم جحافل دولة الخلافة ” العراقية” أكثر من قدوم موجات الديمقراطية و حرية الحركة الفكرية .

لعل الحرب في سوريا ، و بقدر ما دمرت ، فهي قد أفادت النظام و كشفت عيوبا كثيرة ، و لا بد أن الرئيس الأسد قد انتبه أنه أمام فرصة تاريخية ليعيد بناء سوريا و تشكيل هويتها و مستقبلها و طموحاتها مستفيدا من دروس هذه الحرب الكونية الإرهابية المدمرة التي كادت تعصف بقواعد و أسس النظام ، سوريا اليوم يجب أن تدخل مرحلة جديدة و أن تفتح فيها ورش إصلاح و تطبيب كثيرة ، هذا هو جدول أعمال المرحلة التاريخية القادمة ، يبقى أن أزلام النظام العربي العميل سيحاولون بكل الطرق كالمعتاد إجهاض هذه الثورة السورية الرسمية القادمة لكن الشعب السوري الذي فهم قواعد اللعبة الخليجية الصهيونية قادر على إسقاط هذه المؤامرة .