الرد الروسي
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
الرد الروسي
فؤاد خشيش
مما لا شك فيه أن روسيا مقبلة على اعادة التفيكر في عقيدتها العسكرية والاستراتيجية في ظل التطورات الجيوسياسية التي تحصل في العالم، وبالاخص بعد الازمة المستفحلة على حدودها مع الجارة «الشقيقة» والتاريخية اوكرانيا، والتي كشفت عن محاولات حثيثة من الغرب لزعزعة الاستقرار الذي كان سائداً لفترة طويلة بين البلدين.
ولم تكن الاحداث التي حصلت في جورجيا في العام 2008، والتي كانت بمثابة اللحظة التاريخية التي فضحت مخططات «الحلف الاطلسي» لتحجيم الدور الروسي على الصعيد العالمي، سوى بداية الترجمة العملية لهذه المخططات الاطلسية.
وما ساهم في التفكير بتغيير تلك العقيدة، كخطوة اولى من الخطوات التي قامت بها روسيا على صعيد العمل بالعقيدة الجديدة، الدور الروسي الفعال في إنشاء منظمة دول «بريكس» و«منظمة دول شنغهاي» مع حلفاء فعليين لمواجهة المخططات الغربية للسيطرة على العالم، بعدما اصبح واضحاً ان نجم الأحادية القطبية بدأ بالأفول.
ولطالما جاءت الازمة المالية العالمية لتدق ناقوس الخطر الاقتصادي والسياسي لتلك الهيمنة، ومدى تأثيراتها على الدول الفقيرة والغنية على حد سواء.
وكان نائب رئيس مجلس الامن الروسي ميخائيل بوبوف قد اشار الى ان العقيدة الروسية الحالية، والتي تعود الى العام 2010، ستعدل بحلول نهاية السنة الحالية، لتأخذ في الاعتبار ثورات «الربيع العربي» والنزاع في سوريا والوضع في أوكرانيا، متهماً الحلف الأطلسي بانتهاج «سياسة» تقضي بضرب العلاقات مع موسكو.
ومما قاله بوبوف «لا شك لدي في أنّ اقتراب البنية التحتية العسكرية لدول الحلف الأطلسي من حدود بلادنا... سيدرج من بين التهديدات العسكرية الخارجية» التي تواجهها روسيا، لافتاً إلى ان «كل الوقائع تشهد على رغبة سلطات الولايات المتحدة والحلف الأطلسي في مواصلة سياسة زيادة التوتر مع روسيا».
وبالرغم من أن روسيا تتحدث بلغة الشراكة على المستوى العالمي، فإنّ المشكلة الكبرى تكمن في أن السياسات الغربية، وتحديداً الأميركية، تعبّر بشكل دائم عن رفض الاعتراف بالمصالح الموضوعية لروسيا، في مقابل الحديث مع هذه الدولة العظمى بلغة التهديد والوعيد والعقوبات وبخاصة بعد الأزمة الأوكرانية وما نتج عنها من تبادل للاتهامات بتفجير الأوضاع ومحاولة السيطرة على ذلك البلد، بالإضافة إلى سياسة الحصار السياسي والاقتصادي، التي بدأت تؤثر على الاقتصاد الروسي.
الرد الروسي
ومن الواضح ان الرد الروسي على الصعيد العالمي يتمثل اليوم بذاتية الحركة في المحافل الدولية، وبالأخص في مجلس الأمن الدولي.
وقد بدا ذلك جلياً في ما يخص الأزمة السورية، وهذا دليل على ان روسيا ماضية مع حلفائها في المواجهة السياسية والاقتصادية (العلاقة مع الصين: روبل ـ يوان)، ما قد يخفف أعباء الحصار الأميركي الأوروبي.
وتحاول روسيا تطبيق إستراتيجية هجومية مستفيدة من ارتباك القيادة الأميركية، ومن ثم تردد حلفائها الأوروبيين المنشغلين بإحصاء خسائرهم المالية والاقتصادية التي تترتب عن مقاطعتهم لروسيا.
ربيع عربي .. ولكن!
جاءت احداث ما سمي بـ«الربيع العربي» لتكشف واقعاً اكثر مرارة وخطورة بشأن مدى الهجمة الغربية بقيادة الولايات المتحدة من اجل السيطرة النهائية على المنطقة ومواردها عبر الاستنجاد بـ«حليف» جديد تحت شعار نشر الديموقراطية والتخلص من الأنظمة الديكتاتورية ودعم الشعوب في «حق تقرير المصير».
وتجلّى هذا التحالف عبر دعم الجماعات الإسلامية او ما سُمي الإسلام المعتدل، ولكن رياح تلك الجماعات سارت بما لا تشتهي مخططات الادارة الاميركية، وها هو «البعبع» المتوحش يخرج بلا حدود، وقد اصبح اليوم الشغل الشاغل للعالم تحت مسمّى «الإرهاب الدولي».
ومن الواضح ان الارتباك الحاصل في نجاح تلك الخطط هو التباين في النظرة والمصالح من جهة، وعدم وضوح الرؤية والمنهجية والأسلوب في مكافحة ذلك الوحش الذي بات يهدد بالضرب داخل حدود تلك الدول من دون هوادة.
روسيا وسوريا .. والإرهاب
وبعدما فشلت روسيا في لعب دور مؤثر في الثورات التي اجتاحت بعضاً من الدول العربية وبخاصة في ليبيا، جاءت المظلة الروسية لسوريا أكثر فعالية، عبر تنفيذ صفقات السلاح الموقعة مع دمشق من جهة، واستخدام حق النقض في مجلس الأمن من جهة ثانية، والاستفادة من توازنات سياسية جديدة قوامها القدرة الروسية على المواجهة وانكفاء الدور الاميركي في المنطقة بعد الانسحاب من العراق في العام 2011.
هكذا فإن ظلال ليبيا تجثم على سياسة روسيا مع سوريا، وهذا ما عكسه قول وزير الخارجية الروسي سرغي لافروف إن «روسيا ستقوم بكل ما في وسعها للحيلولة دون تكرار سيناريو ليبيا في سوريا».
وقد رددت روسيا دائماً، على لسان رئيسها ومسؤوليها الديبلوماسيين ان حل الأزمة السورية لن يكون إلا سياسياً، وأن ما يحصل ما هو إلا محاولة لتدمير سوريا، وقد بانت النماذج والثورات التي تحدث عنها الاميركيون والاوروبيون وما آلت اليه، ولذلك نجد ان الدفاع الروسي والصيني والإيراني عن سوريا هو في حقيقته دفاع ضد السيطرة الاميركية، وحتى الإسرائيلية، ومحاولة تحسين الشروط في اللعبة السياسية الدولية، ناهيك عن أن وجود لاعب جديد ـ قديم، ولكن بمسمى («جبهة النصرة» وتنظيم «داعش») قد جعل الغرب يواجه خطر توحّش التنظيمات المتطرفة حتى على اراضيه.
وليست المؤتمرات الغربية التي تعقد، والضربات البهلوانية التي تحصل سوى ذر للرماد على العيون، بعدما تبين أن تلك الحملة العسكرية، المستمرة في العراق منذ مطلع آب والتي تقترب من دخول شهرها الأول في سوريا، لم تحد من تحرك هذه الجماعات او تمنعها من مواصلة تحقيق «إنجازاتها» على الارض.
من هنا، جاء الموقف الروسي الرافض لقصف مواقع تنظيم «داعش» على الاراضي السورية خارج السياق الأممي أو التنسيق مع النظام السوري، على اعتبار ان ذلك مخالف للشرعية الدولية، ويشكل اعتداءً على سيادة الدولة السورية.
وقد وجهت روسيا انتقاداً للضربات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي، واصفة إياها بأنها «أعمال أميركية». كما ابدت اعتراضها على المطالب التركية بإقامة منطقة عازلة بينها وبين سوريا، وهي ترى أن خطوة كهذه في حاجة إلى تفويض من مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا الإطار، يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش إن «العمليات العسكرية الأميركية في سوريا التي لم تحصل على تفويض من الأمم المتحدة، تغذي التطرف الإسلامي»، محذراً من أن «المتطرفين الإسلاميين سيستغلون الضربات الجوية الأميركية غير المصرح بها في سوريا لزيادة تأجيج لهب الآراء المتطرفة».
ومما قاله لوكاشيفيتش «من الضروري محاربة هذا الشر (تنظيم الدولة الاسلامية) مع الالتزام الشديد بممارسات القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بشكل عام ... ومع الاحترام الشديد لسلامة أراضي سوريا والعراق».
ولكن، هل محاربة داعش مصلحة روسية؟
من المؤكد أن الجواب سيكون إيجابياً، على اعتبار ان روسيا عانت من التنظيمات الإرهابية وبخاصة في مناطق القوقاز والشيشان، وهي ليست بعيدة عن دائرة الاستهداف الإرهابي.
وللدلالة على ذلك يمكن الإشارة إلى ان تنظيم «داعش» وجّه تهديداً مباشراً للرئيس فلاديمير بوتين، متوعداً إياه بـ«تحرير» شمال القوقاز حسب ما جاء في شريط مصوّر نشره التنظيم المتطرف عبر شبكة الانترنت، وقال فيه مسلح يقف عند طائرة استولى عليها المتشددون في مطار الطبقة: «هذه رسالة لك يا فلاديمير بوتين، هذه هي الطائرات التي أرسلتها إلى بشار، وسنرسلها لك بإذن الله».
ولكن كيف يمكن لروسيا مكافحة الإرهاب في الوقت الذي تعارض فيه اسلوب التدخل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة ضمن «التحالف الدولي».
من الواضح، وبحسب المعلومات المتداولة، فإن القصف الذي يتعرض له تنظيم «داعش» من قبل الطائرات الاميركية وغيرها من الدول الشريكة في «التحالف» لم يؤثر كثيراً على التنظيم المتشدد، وهو امر ترى فيه روسيا تأكيداً لمقاربتها القائلة بأن الحرب على الإرهاب ينبغي ان تتم في إطار الشرعية الدولية.
وبعد ثلاثة اسابيع على بدء الضربات في سوريا، يبدو ان روسيا ما زالت متمسكة بموقفها هذا، ولكن إن تطوّر الامر الى ابعد من ذلك، فإن ثمة خيارات متعددة يمكن لموسكو ان تبادر من خلالها لإعادة ضبط الامور، ومن بينها، على سبيل المثال، دعوة مجلس الأمن الى جلسة استثنائية لبحث موضوع الحرب على الإرهاب، والتقدم بطلب لوقف ما تسميه «عدواناً» على سوريا، أو التدخل مباشرة عبر تقديم المساعدات العسكرية بشكل مكثف لدمشق او التنظيمات التي تحارب «داعش» والغرب معاً، والامر الثالث تشديد الضغط على المجتمع الدولي عبر موقف موحد لدول مجموعة «بريكس»، ما قد يفتح الباب على مجموعة كبيرة من الاصطفافات السياسية والأيدولوجية فيما العالم احوج ما يكون اليوم الى حوارات بنَّاءة بدل المزيد من التدهور في العلاقات، والذي يمكن للتنظيمات المتشددة ان تستغله لمصلحة مشروعها العقيم.
من أنتم- عضو فعال
-
عدد المساهمات : 2198
نقاط : 4987
تاريخ التسجيل : 04/06/2013
مواضيع مماثلة
» كيف سيكون الرد الروسي على حرب الغرب؟
» الرد السوري الروسي على العدوان الأمريكي و"اس300" بالانتظار
» الرد الشعبي على الابتزاز الأمريكي !
» الاخبارية الليبية| الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته بمناسبة عيد النصر الروسي على النازية
» الرد الكبير: المقاومة من الجولان إلى الجليل
» الرد السوري الروسي على العدوان الأمريكي و"اس300" بالانتظار
» الرد الشعبي على الابتزاز الأمريكي !
» الاخبارية الليبية| الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته بمناسبة عيد النصر الروسي على النازية
» الرد الكبير: المقاومة من الجولان إلى الجليل
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
أمس في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi