احتدام الصراع بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية

عباس ضاهر
مد وجزر في العلاقات خصوصا في الآونة الأخيرة، لكن النزاع الحاصل في ساحات الشرق الأوسط حول النفوذ والمصالح زاد من حدة الصراع بين الرياض وطهران. الفريقان يتبادلان الاتهامات مباشرة أو بالإشارة حول سعي لبسط النفوذ. جاءت الأزمة السورية وموقف الطرفين منها لتؤدي إلى تباعد بينهما، إضافة إلى وضع العراق الذي تحاول فيه السعودية خلق جبهة سياسية متماسكة قادرة موالية لها.

في الأشهر الماضية جرت تطورات منها إقالة رئيس الحكومة العراقي السابق نوري المالكي. شعر المطّلعون أن ثمة تسوية سياسية تلوح بين السعوديين والإيرانيين من خلال رسالة إيجابية لطهران باتجاه الرياض، لكن جاءت تطورات اليمن لتجزم أن الصراع في عزه.

لم يتراجع الاثنان عن ترجمة السباق الإقليمي على الأرض السورية. رغم الإشارات الأميركية الإيجابية نسبياً باتجاه الإيرانيين، كان الحذر المتبادل قائما على خط الرياض- طهران. دائماً كانت تحيط العلاقات أزمات لا تقتصر على سوريا والعراق، بل تحضر في البحرين واليمن ودول إسلامية وإفريقية يجرى فيها سباق لكسب مساحات نفوذ جديد.

الحلف بين السعوديين والأمريكيين واضح، بينما كانت العلاقات الروسية- الإيرانية تصنف في درجات عادية. جاءت التموضعات والاحتكاكات الدولية لتفرز تحالفات عملية جديدة . اقتربت المسافات بين الروس والإيرانيين والصينيين. ارتفع المنسوب في المسار أيضاً بعد تخفيض الغرب المدروس لأسعار النفط، لإصابة الإيرانيين والروس والفنزويليين دفعة واحدة وإثارة أحداث هونغ كونغ.

صمدت دمشق، واستعاد حلفاء طهران زمام المبادرة في العراق، لكن أهم ما حصل بالنسبة إلى إيران في الأسابيع الماضية هو تقدم الحوثيين حلفاء الإيرانيين لامساك السلطة في اليمن عملياً، والوصول إلى البحر الأحمر.

باتت إيران تمسك باب المندب الاستراتيجي. ما هو ؟ وما هي أهميته ؟

هو أحد أهم ممرات النقل والمعابر البحرية ، يصل بين بلدان أوروبية والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي وشرقي إفريقيا. موقعه وطبيعته تسمح لمختلف السفن من العبور. تكمن أهميته بعد ازدياد إنتاج النفط الخليجي وتصديره عبره. ويمر فيه يومياً ما يقارب مئة سفينة نفط.

بعد إمساكه من قبل الحوثيين حلفاء إيران، بات التحكم فيه قائماً وخصوصاً إزاء النفط الخليجي. ليضاف إلى مضيق هرمز الذي يعتبر من أفضل الممرات البحرية في العالم وأكثرها نشاطاً. يفصل ما بين مياه الخليج وبحر العرب والمحيط الهندي. هو المنفذ البحري الوحيد للكويت والعراق والإمارات والبحرين وقطر. يلعب دوراً مهماً في حركة التجارة العالمية تاريخياً.

التحكم بمضيقي باب المندب وهرمز في يد إيران عملياً. ومن هنا فإن نفط الخليج يصدر تحت العيون الإيرانية. ما يعني أن أي أزمة تتخطى الخطوط الحمراء ستؤدي إلى سلبيات تدفع ثمنها دول الخليج.

الوسائل الدبلوماسية قائمة لمنع التدهور قبل الوصول إلى مرحلة اللاعودة بين الدول، خصوصا إن حربا عالمية ثالثة تخاض اليوم بأساليب مختلفة.

هل سيقتصر السباق بين الرياض وطهران هنا، أم يتوسع؟ وماذا بعد؟

لا مصلحة لدول الخليج بزيادة الأزمة مع إيران. تلك الدول تخاف من تمدد الإيرانيين لتوسيع نفوذهم كما تقول دول الخليج. لكن تجارب العلاقة بين طهران والإمارات نموذج يمكن الاحتذاء به رغم خلافات الطرفين حول الجزر، بينما رقي العلاقة بين إيران و سلطنة عُمان وتبادل المصالح هو الأكثر واقعية.

قد لا يقتصر الأمر في الصراع على مضيقين ويمن سعيد. فهل يتم دفع السعودية إلى التقسيم كما يخطط الغرب لسوريا والعراق وليبيا ومصر؟ لم لا؟. في حال أراد الغرب تطبيق مشروعه التقسيمي سيطال كل دول المنطقة دون استثناء. عندها تسقط الخطوط الحمر.