الرعب الدائم....سجين النصرة الأميركي يروي: عامان في معتقلات المعارضة السورية!
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
الرعب الدائم....سجين النصرة الأميركي يروي: عامان في معتقلات المعارضة السورية!
روى ثيو بادوس، المواطن الأميركي، حكاية إعتقاله لمدة عامين من قبل الجيش الحر، وجبهة النصرة، حيث تنقل من حلب إلى دير الزور ودرعا، قبل ان يطلق سراحه في منطقة القنيطرة.
وكتب بادوس في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يقول: في ساعات الصباح الاولى من يوم 3 تموز استدعاني من سجني احد من القادة الكبار في تنظيم القاعدة في سوريا, حيث انهم ابقوني سجينا لمدة سنتين متنقلا بين السجون, في تلك الليلة نقلت من غرفو في مدرسة خارج مدينة شرق دير الزور حيث كنت محتجزا الى تقاطع طرق صحراوي يبعد دقائق عن مكان سجني وعند وصولي خرج القائد من سيارته اللاند كروزر ووقف في الظلام محاطا برجال مسلحين بالبنادق الروسية وسالني باسما هل تعرف من انا؟ اجبته بالايجاب لانه زارني مرة منذ 8 اشهر في سجني واعطاني محاضرة عن جرائم الغرب ضد الاسلام ولكن معرفتي به اتت في معظمها من سمعته كقائد اعلى للجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا والمسؤول عن توزيع النقود الخاصة بالجبهة وعن اختيار المباني التي يجب تفجيرها وعن النقاط الواجب الهجوم عليها وايضا عن تحديد من من السجناء يجب اعدامه ومن يجب اطلاق سراحه. اراد مني ان اعرف اسمه وبالفعل كنت اعرفه فرددت قائلا ابو ماريا القحطاني انت من يدعى الرجل المتعلم ياشيخنا اجبته كما يحب ان يناديه رجاله فاجابني هل تعلم ان داعش تحاصرنا؟ ولكن هذه المعلومة لم يكن لدي أي فكرة عنها فهز كتفيه واخبرني ان لا اقلق وانهم لن يصلوا الي فحيثما ذهب سوف اذهب معه. انطلقنا في السيارة الى احد حقول النفط القريبة من نهر الفرات وكان معنا حوالي ال200 عنصر من جنود المشاة وحوالي 25 من القادة من المجاهدين الافغان. كان هناك حقائب مليئة بالنقود السورية في سيارات تويوتا وصناديق من الاطعمة الجاهزة محملة على الشاحنات واسرّة وحقائب ومبردات ماء كما انه كان هناك الكثير من الاسلحة وقذائف الهاون والصواريخ والرشاشات واكياس مليئة بالقنابل والرصاص والاحزمة الناسفة.
عند الساعة الرابعة صباحا انتهى حزم الامتعة واطلق القائد الرصاص في الهواء معلنا بدء التحرك وخلال ثوان بدأ التحرك على الرمال على طرق لم يتم استخدامه قبلا.
كنت سجينا لما يقارب ال20 شهرا عند جبهة النصرة ولكن هذا التحرك والتغير المفاجئ في التعامل مع الاحزمة الناسفة جعلني اعتقد انني اما سوف اقتل او ان يتم اطلاق سراحي وهذه كانت حياتي التي اعتدت عليها. في شهر تشرين الاول من عام 2012 وفي اول فترة خطفي اعتدت الجلوس في زنزانتي وهي عبارة عن غرفة معاينة في مشفى اطفال في حلب وفي حالة من الرعب المستمر, في هذه الايام الاولى كان الخاطفين يضربوني ضاحكين ويجروني من سترتي على طول ممرات المشفى وعندما اصرخ لاحدهم ان يساعدني يسخر الجميع مني. ولانه لم يكن هناك حمام في الزنزانة كنت اطرق الباب لكي يخرجوني الى الحمام ولكن الرد لاياتي قبل ساعات وعندما ياتون للرد يضربون الباب بوحشية قائلين اخرس ايها الحيوان. هذه الوحشية ارعبتني ولكن اشد اللحظات مرارة في اوائل فترة سجني هو تفكيري بمن كان السبب وراء خطفي.
كنت اظن انني اعرف كيف اسير اموري في البلدان العربية فمنذ عام 2004 وعندما دخلت الولايات المتحدة الحرب في العراق قررت الدخول في تجربة خاصة فانتقلت من فيرمونت الى عاصمة اليمن صنعاء لدراسة اللغة العربية والاسلام ولقد كنت جيدا باللغات وكان لدي شهادة دكتوراه في الادب المقارن وكنت متشوقا لفهم عالم لم يستطع الغرب فهمه جيدا وبدأت دراستي في مسجد المنطقة ثم التحقت بمدرسة دينية مشهورة بمحاولاتها العودة الى طريقة حياة الرسول. بعد ذلك انتقلت الى سوريا للدراسة في كلية دينية في دمشق وبدات بكتابة رواية عن رحلتي الى اليمن وعن المساجد وحلقات العلم التي تتشكل بعد الصلاة والمشاعر الدينية الخطيرة التي تتطور في هذه المجالس. في بداية الحرب الاهلية في سوريا كتبت عدة مقالات من دمشق ثم عدت الى فيرمونت في صيف 2012 عندما بدأ الاسلاميون السيطرة على عدة مناطق في سوريا وبدأت ارسال مقالاتي الى الناشرين في لندن ونيويورك عن القضايا الدينية الكامنة في هذه الصراع وفي هذا الوقت كنت قد استطعت قراءة عدد من الآيات القرآنية وكنت جيدا جدا في اللغة العربية ولكن هذه الميزات لم تؤثر كثيرا فالناشرون لم يكونوا يعرفونني وبعضهم رد على مقالاتي والآخرون لم يفعلوا. وكنت اظن ان هذا الاهمال من الممكن التخلص منه ان كتبت من سوريا او من بلدة حدودية في تركيا. وفي الثاني من تشرين الاول 2012 وصلت الى انطاكية في تركيا حيث استأجرت غرفة وسطية الفخامة متقاسما اياها مع شاب تونسي وحاولت التواصل مع الناشرين من جديد بدون فائدة.وبدأت افقد الامل من امكانية نشر أي شيء وبدأت ابحث عن شيء مفيد لافعله كتعليم اللغة الفرنسية او تعليم كرة المضرب.
امضيت فترة الظهيرة اتمشى على جبال انطاكية خارج حدود المدينة ناظرا عبر الافق الى سوريا حيث انه في هذا الوقت وعلى الرغم من القصف العنيف ضد المعارضة والمدنيين فان نظام بشار الاسد كان يخسر المواقع واحدا تلو الآخر وكان المجتمع الدولي يدين وحشية الاسد ضد المدنيين دون أي تدخل عسكري ولاحتى من الولايات المتحدة, وهنا بدا المشايخ الاسلاميين حربا الاعلامية ضد النظام السوري وهددوا من يساعده بالموت. اما النظام السوري فبدأ على وسائل الاعلام بحملة تحذيرية من ان مناطق سيطرة المعارضة اصبحت مليئة بالاسلاميين المتطرفين والمتعاونين مع اسرائيل وهم يتسللون من العراق وليبيا. اما جبهة المعارضة الرئيسية فكانت الجيس السوري الحر FSA والذي انشأ على يد ضباط سابقين لدى النظام السوري واعتبروا بالنسبة للغرب المعارضة المعتدلة وكان FSAاستطاع في هذه الفترة السيطرة على اثنين من اهم المعابر الحدودية مع تركيا في شمال حلب.
وفي احد الايام وخلال رحلتي على الجبال خارج انطاكية خطر لي موضوع مقال عن كون الانسان الذي يعيش في سوريا يعلم مرارة الانقسام الكبير بين الاسلاميين والعلمانيين ومؤيدي ومن يريد السير على طريقهم, هذه الانقسامات كان من الصعب ان ترسم على الخريطة بل هي في الغالب موجودة في عائلات باكملها او بين الافراد المستقلين. على كل حال في شهر تشرين الثاني من خريف العام نفسه اصبحت الامور على الشكل التالي: كل من يعيش شرق الجبال الممتدة من حمص الى الحدود التركية هم من معارضي النظام السنة ومن يعيش غرب هذه الجبال هم العلويون مؤيدو الاسد. وخلال هذه الفترة وانا على الجبال في انطاكية تخيلت نفسي اسافر خلال هذه الحدود الوهمية وكيف انني كنت سأتوقف عند كل قرية واقوم بمقابلات صحفيه مع الجميع لاحكي قصة أمة فيها الكثير من الطوائف الغير راضيين والواقعين في مشاكل والمطالبين للمساعدة ولكن خبرتي في البلدان العربية اوقفتني فبعد نشر كتابي عن رحلة اليمن غيرت اسمي من ثيو بادوس الى بيتر ثيو كيرتيس وهذا بسبب خوفي من أي ردة فعل قد يسببها الكتاب خصوصا وان كاتبه غربي ولكن في الواقع فإن دراستي تمت تحت عيون الحكومة العسكرية والشرطة السرية التي استمعت الى كل مقابلاتي ولم اذهب الى أي منطقة اسلامية فهناك الامور مختلفة وقد اقع في أي فخ مباشرة.
وفي احد الايام في انطاكية قابلت 3شبان سوريين يبدو عليهم الدهاء ويبدوا انهم من الفدائيين الاسلاميين فأخبروني انهم هنا لتجنيد عناصر من أجل الFSA لاحضارهم من تركيا وعرضوا علي أن اذهب معهم وبسبب اعتقادي انني سوف اعود خلال ايام قليلة فإنني لم اخبر احد عن مكان ذهابي ولاحتى شريكي في السكن الشاب التونسي. تسللنا عبر الحدود في وسط حقل من اشجار الزيتون ناظرا خلفي باتجاه تركيا معتقدا ان الامور جيدة حتى الآن وقادني اصدقائي السوريين الى منزل معزول كان من الممكن ان استخدمه كمكتب ميداني.
وفي اليوم التالي تساعدنا في ترتيب المكان وتنظيفه ثم اجلسوني امام كاميرا وطلبوا مني ان اقوم بمقابلة مصورة مع احدهم ويدعى ابو أسامة وبعد نهاية المقابلة ابتسم صاحب الكاميرا متقدما باتجاهي ثم ضربني على صدري طالبا ان يشدو وثاقي وموجها مسدسا الى رأسي, نحن من تنظيم القاعدة, قال ابو أسامة مبتسما الم تعلم بذلك؟ وأخبرني انني سوف اقتل خلال اسبوع ان لم تدغه اسرتي مامقداره ربع كيلو غرام من الذهب وهو الفدية المحددة بحسب قوانين الدين الاسلامي وعلى الرغم من التصوير وطلب الفدية فقد كان هؤلاء الخاطفين هواة ففي تلك الليلة استطعت التخلص من وثاقي والهرب مع اول خيوط الفجر عبر الجدران المليئة بالكتابات عبرت مقبرة ثم اشرت الى احد الباصات المارة وطلبت منه ان ياخذني الى FSA وان هذه الطلب عاجل جدا وعند وصولي الى المقر رجوت الضابط ان يحميني وبعد التشاور اخذوني الى المحكمة الشرعية حيث استجوبني القاضي وحبسني في زنزانة كانت مرحاضا تركيا فيما مضى وكان هناك سجناء حوالي في غرف اخرى فنظرت من الباب وكان هناك صبي مسجون في العاشرة من عمره ينظر من الباب الخاص بسجنه مثلي فسألته ماذا فعلت؟ وهنا ابتعد الطفل وظهر والده العجوز مجيبا على سؤالي الذي اعدته عليه بشيء من الاسى قائلا نحن من الشيعة.
عاد ضابط الجيش الحر بعد فترة من الزمن مصطحبا معه من خطفني ثم رموني في سيارة وتم اخذت الى احد ملاجئ FSA حيث وضعوني في حفرة في الارض وهالوا علي التراب وهم يشتموني ثم قفز احدهم على صدري بينما ضربني الآخر بالبندقية بينما امرني احد الضباط ان اردد كلامه بأنني نجس, بعد عدة ايام نقلني الFSA الى جماعة من الاسلاميين حيث علمت الفرق بين الFSA والاسلاميين, يعتقد الاصوليين انهم النخبة الاولى في الدولة الاسلامية الناشئة حيث انهم يعذبون الشخص بشكل بطئ وبادوات خاصة ولايحق لك بمناداتهم سيدي لان هذا يذكرهم بالجيش العلماني بل يجب ان تناديهم شيخيبالنسبة للشبان واما الكبير فيهم فينادى الامير.
بعد ان سلمني الFSA الى النصرة اعادوني الى مشفى الاطفال في حلب والذي يعتبر مقرهم الرئيسي وسجنهم ايضا. خلال الفترة الاولى لم اكن اصدق مايحدث وكان عقلي يسترجع قصة خطفي بالكامل ففي البداية اعتقدت انني بين اصدقائي السوريين ولكن في الواقع انني وقعت في كابوس مخيف. كنت اعلم ان هناك مايريدون ان يعلموني اياه وهم كانوا يفعلون ذلك من خلال تعذيبهم لي.
في احد ايام سجني الاولى تجمع عدد من الشبان المقاتلين في زنزانتي حيث كنت مكبلا ووجهي الى الحائط وبدأ التحقيق معي وائناء الضرب الكبير لي استغرب احدهم كل هذا العنف تجاهي سائلا هل هذا ماأمرتم به؟ فلم يجيبه احد.
كان القائد والذي لم اعرفه يحمل عصا خاصة برعي الاغنام وبدا يضربني على راسي ثم بدأ يصلي وعندما سمعت صوته رفعت يدي لاحمي رأسي فصاح بصوت عميق مهددا انزل يديك وفي الواقع فان يدي حتى لو انزلتهم فانهم سوف يعودون لحماية راسي بشكل غريزي في حال ضربني من جديد, لم اكن اعرف ماهي المدة التي انقضت وانا تحت التعذيب اهي ساعة ام 20 دقيقة وفي النهاية اقترب القائد مني فاعتقدت انه سوف يضرب من جديد ولكنه همس في أذني قائلا اكره الاميركان انا اكرهكم جميعا. بعد ذلك فقدت الاحساس بالوقت وحلمت كما لوانني مت وكفنوني وخلال الايام اللاحقة بدأت احضر نفسي لكي اعدم. ولايام طويلة كنت ممدا في سجني حيث لم تكن هناك كهرباء نظامية وبنافذة مسدودة جعلتني في كثير من الاحيان لا اميز الليل من النهار. كنت على يقين ان هناك سبب لهذه المعاملة وجاهدت كثيرا لاعرف ذلك وجاء الجواب واضحا ان القاعدة تعمل على التحكم بكل لحظة من لحظات السجين من خلال حرمانه من النوم.
بعد شهر ايقنت انهم لايريدون قتلي ليس الآن على كل حال كما انه لم يوجد أي دليل على نهاية هذا الكابوس. وعندما كانوا يحضرون الطعام والذي كان عبارة عن حلاوة وزيتون كانوا يرمون الطعام على الارض قائلين كل ايها الخنزير ويصفعوا الباب بقوة.
كان قائد السجن في المشفى كردي- تركي وكان يسمح للمقاتلين الاتراك بالاستراحة في الممر امام زنزانتي وكان شغلهم الشاغل ان يؤذنوا للصلاة ثم يضايقوا المساجين عند ذهابهم الى الحمام وكلما ذهبت الى المرحاض كنت معصوب العينين فيضربونني على وجهي ورأسي وفي احد الايام وجه احد الاتراك ضربة كاراتيه الى قفصي الصدري فوقعنا على الارض معا ظانا ان اضلاعي قد تحطمت فشكوت الى احد الحراس انه من غير العدل تركي معصوب العينين فوافق على كلامي زهنا بدأت اعتقد انني من الممكن ان اتفاوض مع هذا الحارس والذي كان يضربني بخرطوم يلسعني بدون ايذائي فعليا. وكلما كنت اسمع صوت المفتاح يدور في الباب ادير رأسي الى الحائط بحسب اوامره ومع ذلك يضربني وفي الاحد الايام قلت له حتى لو سمعت كلامك سوف تضربني لماذا ياشيخ ناظرا اليه سألته؟ فأجابني لأدرب روحك فبدأت اعتقد انه يجب ان افهمه انني اتعلم وبالفعل عند دخوله قلت له ياشيخي وجهي الى الحائط واسترق نظرة اليه لارى ردة فعله من كلامي فيجيبني انك تتعلم. بعد ذلك توقف عن ضربي وفي احدى الليالي احضر لي الطعام مبتسما في وجهي ثم وبعد عدة ايام اضاف الى الطعام المعتاد تفاحة وكوب من الشاي فأيقنت ان هناك تطورا في معاملته معي ولكنه كان واحد من حراس عديدون يتناوبون على السجن وكان منهم من يصر على ضربي بعد ان ادير رأسي ومنهم من لايهتم ولكن لم يحضر لي احد مااحضره ذلك الحارث.
في اوائل شتاء 2012 بدأت بالاعتقاد انني اسير لساديين متوحشين وهم يهمسون قائلين انك من المخابرات الاميركية CIA وسوف نشوي جلدك ولم اميز ان كان هذا يعني قتلي او فقط لدعي بالنار. وفي اثناء التحقيق اشار القائد التركي والذي كان يدعى شيخ كاوا الى احد السجناء المكبلين الى احد الانابيب في السقف والذي كان يصرخ راجيا ان ينزلوه فاقترب مني مجيبا ان هذا الصراخ هو كالموسيقى لآذاننا.
كان كاوا يعذبني كثيرا ولكن مع بدايات كانون الثاني بدأت اعتقد ان هناك من القادة في تنظيم القاعدة من يريدني ان ابقى على قيد الحياة فربما ان بقيت حيا ان اتحدث بالحسنى عن الجبهة والاسلام عامة.
وعندما جاء احد قادة القاعدة مع الكثير من الحراس الى زنزانتي رددت ىيات من القرآن كنت حافظا لها وكان هذا الامر يسعدهم ولكن بدون فائدة تعود علي وهذا كان بسبب مااخبرني به احد الحراس قائلا ان المسيحيين والاميركان اعداء له لذلك فهو يكرهكم بحسب تعاليم ديننا, ثم اضاف قائلا ان الاميركان قتلوا اكثر من مليون مسلم في العراق والقرآن يمنعنا من مصادقتكم ثم قرأ آية من القرآن (لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فهو منهم).
بدأت اعرف تاريخ كل يوم عن طريق رزنامة صنعتها في السجن, وكان الوقت هو كانون الثاني 2013 عندما بدأ آمر السجن يدعوني الى الاسلام وكل اليوم يحاول الحراس بوعظي قارئين القرآن باللغة العربية وينصحونني قائلين يجب ان تدخل في الاسلام او تعترف به يابيتر ولفترة ظننت انني لودخلت الاسلام فإن حياتي ستتحسن ولكن كنت مخطئا ففي كانون الثاني وضعوا معي اميركيا آخر في الزنزانة كان عبارة عن مصور صحفي من نيويورك واسمه ماثيو شراير ومع وصوله عرفت ان رزنامتي خاطئة وان هناك فرق في التواريخ يبلغ 10 ايام. في البداية رفض ماثيو ان يتعلم أي كلمة عربية معتقدا ان كونه جاهلا بالعربية سوف يجعل التحقيق اسهل ولايشكون فيه على انه جاسوس, وفي اوائل آذار وضعوا شخصا آخر معنا وهو مجاهد مغربي شكوا في كونه جاسوس وكان داعية متمرس يتحدث الانكليزية استطاع خلال فترة اقناع ماثيو بتعلم الاسلام عله ينضم الدين وفعلا طلب ماثيو نسخة انكليزية من القرآن واعلن اسلامه قائلا الجملة السحرية (اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله) مما اثار اعجاب المقاتلين مهنيئينه ومشيرين بالمديح اليه وبالذم لي. لكن دخوله في الاسلام لم يفيده ابدا فلا طعام افضل ولم يستطع العودة الى بلده بل ان احد الحراس ضربه عندما كنا في طريقنا الى الحمام متهما اياه بالكذب في اسلامه ومشيرا بالمديح الي قائلا انت ايها المسيحي جيد.
بعد ذلك صددت دعواتهم للاسلام قائلا ان الله خلقني مسيحي وهذا ليس خطئي فيجيبوني انني اذا مت الآن ولم اؤمن فان الله سوف يحرمني من الجنة. وبعد ان اقتنع كلُ بدينه بدانا التحدث في مواضيع اخرى كالحرب في سوريا او في السياسة او في مواضيعهم المفضلة المتعلقة بالنساء الغربيات.
وفي قادمات الايام اصبح الروتين هو الدعوة الى الاسلام في اول عشر دقائق ومن ثم الانتقال الى موضوع آخر ويسألونني ان كنت قادرا على تعريفهم الى فتيات غربيات.
وفي صيف 2013 تنقلنا انا وماثيو على يد جبهة النصرة الى عدة سجون حيث حبسنا في فيلا خارج حلب وفي محل للبقالية وفي مستودع شحن وفي قبو خاص بوكالة دراجات نارية ولم تواجهنا الصعوبات في معرفة اماكن حبسنا لان المقاتلين يعتقلون الناس من المنطقة ويضعوهم معنا وفي آخر تموز 2013 وضعت وماثيو خطة للهرب واتفقنا على ان يكون البادئ بالتنفيذ وفعلا في صباح 29 من تموز نجح ماثيو في الهرب والوصول الى بر الامان وفشلت في ذلك وبعد هذه الخطة اقتنع عناصر النصرة انني وماثيو من عناصر الCIA المدربين بشكل عالي الاحترافية ولزيادة معاناتي بقيت مربوطا ومعصوب العينين لمدة 45 يوم وبعد ذلك وجدت نفسي في سيارة متجهة بعيدا عن حلب الى مكان في شرق مدينة دير الزور.
بدأت فوار في هذا السجن في تكوين صداقات مع الحراس وفي نهاية الصيف اصبحوا يقدمون لي طعام مناسب ويمزحون معي حتى انهم يخرجونني من سجني لارى الشمس. كان السجن عبارة عن منزل فيه اربع زنزانات كل واحدة بحجم مرحاض عام ومجهز باقفال وابواب فولاذية وفتحة لادخال الطعام فلم استطع رؤية السجناء الآخرين واي محاولة للحديث بين السجناء عقوبتها الضرب ولكن احيانا يلتهي الحراس اما باللعب باسلحتهم ام بمشاهدة افلام الكرتون فنستطيع التهامس فيما بيننا حتى انني بدأت اغني وكان بالنسبة للنصرة والمسلمين من المحرمات وليس كذلك في الدين المسيحي لذلك كنت اغني واحيانا بصوت مرتفع سمعه الحراس ويعجبون به بحسب اعتقادي.
بعد مرور 19 شهر على سجني وصلت الى حقيقة مقاتلي القاعدة كاسبا ودهم وحتى انني بدأت احس بالامل في ان اصبح حرا طليقا او ان أقتل ولكي لااشغل بالي في هذا الموضوع قررت كتابة قصة على رزنامة وجدتها في احد السجون التي مررت بها وكان اسمها الغروب في فيرمونت وتتكلم عن الحب والوطن والحماسة الدينية.
بدأت جبهة النصرة تخسر حربها ضد الدولة الاسلامية وهذا الشيء لم يكن لدي أي فكرة عنه وكانوا يشيرون الى هذه الجماعة بكلمة داعش وبحسب مااستخلصت من الحراس فان الطرفين متوازنين في القوة العسكرية وان جبهة النصرة تحت أي ظرف لن تسمح لداعش بالسيطرة على الجائزة الحقيقية في سوري – حقول النفط شرق سوريا.
ولكن في اواسط حزيران وبعد ان سمح لي لاول مرة بمشاهدة التلفاز شاهدت خريطة فيها انتشار داعش كان بشكل كبير وفجأة توقفت النصرة عن عملية بناء السجن بقرب زنزانتي وعندما سالت احد الحراس عن السبب طلب مني التروي لارى ماسيحدث. وفي بدايات حزيران كانت النصرة قد نقلت كل السجناء ماعداي ولم اعرف مصير هؤلاء السجناء.
وفي اوائل تموز وجدت نفسي فجأة على اطراف الصحراء مع صاحب العلم والذي اعطاني لباس المجاهدين طالبا مني ان اختلط مع المقاتلين ووعدني بان يطلق سراحي فور وصولنا الى درعا وهي مدينة جنوب سوريا والقريبة من مرتفعات الجولان. وبدأ المسير وكنت معه في السيارة وتحدثنا عن الصعوبات التي تعترض سبيلهم كونهم مجاهدين والذين يختارون السير على صراط الله المستقيم, وفي احد الايام اثناء رحلتنا اخبرني ان العالم اساء فهمه فأجبته انه من الصعب ان تعرف ان كل العالم يريد قتلك حتى داعش وبشار الاسد. فاجابني صدقت ولكن داعش هي الاسوأ وخلال الايام اللاحقة كان يجاول التخفيف عن ضباطه بقصص كوميدية او يشجعهم بالكلام بالسوء عن زعماء العدو بينما كان حديثه معي هو عن مستقبلي كصحفي فاخبرته انني اريد ان اصبح اختصاصي بشؤون القاعدة واكون اول من يقول الحقيقة عن الجهاد في سوريا.
بعد حديثنا الاول كان حريصا على ان اكون اما في سيارته او في السيارة التي خلفه مباشرة وخلال عشرة ايام قطعت ساراتنا مسافات طويلة واستطعنا التملص من حواجز الجوية في سوريا ومتسللين من جانب احد المدن السورية ذات الغالبية الدرزية, وفي احد الليالي وبعد مسيرتنا لمئات الاميال وصلنا الى موقع يبعد حوالي 20 ميلا شرق دمشق حيث كان هناك حاجز للFSA ورحبوا بنا بشكل فاتر وخلال عدة ايام اكتشف طيران النظام مواقعنا وقصف القبو الذي كنا مختبئين فيه وقتل احد مقاتلي النصرة وتم تدمير 6 سيارات وفجأة ولسبب لم افهمه غادرت الطائرات وتركتنا بسلام. وخلال تلك الفترة وفي احد الايام قبل ان يستيقظ الحراس تمشيت قليلا مفكرا بالهروب وفي احد الايام اسرعت الخطا نحو اربعة من FSA ومعتقدا بأنني ان اخذت منهم وعدا بالحماية واقنعتهم بان يخفوني بعيدا عن مرمى نيران النصرة فمن الممكن ان اصبح حرا. ومع ذلك كنت افكر بطريقة للتحدث الى الFSA ففي بداية رحلتنا حذرني صاحب العلم بان لااتحدث الى الغرباء ولكنني في ذلك اليوم قررت المخاطرة. كان جنود الFSA يشربون الشاي فناديتهم قائلا السلام عليكم مالاخبار؟ فردوا السلام وسألني احدهم من اين انت؟ ومن اين اتيت؟
فاعتذرت قائلا بانني لااستطيع الكلام فاضافوني كوبا من الشاي وشربناه في صمت ثم اعاد احد الجنود السؤال علي فاجبته لقد جئت من بعيد ثم سألتهم من اين انتم؟ وكان جوابهم بانهم من ضواحي دمشق فسالني احدهم هل جئت الى هنا للجهاد؟ فأجبتهم كلا انني صحفي مدني فسألني منذ متى وانت مع النصرة فاجبته منذ سنتين فحدق الجنود الي ثم تهامسوا وبعد ذلك طلب المسؤول عنهم ان لا انبس ببنت شفة واشار لي ان نذهب الى مكان نتحدث فيه على انفراد وعندما ابتعدنا عن الجنود نظر الي بنظرة ثاقبة قائلا انت اميركي؟ ويبدو انه سمع بقصتي قبلا فاجبته بالموافقة فسألني هل استطعت خلال هذه الفترة التواصل مع اهلك فاجبته بالنفي فزادت حدة نظرته مما جعلني اتساءل هل هو يشكك بكلامي ام انه حانق على جبهة النصرة لم استطع معرفة السبب الحقيقي فقلت له لقد درست اللغة العربية اسنتين في دمشق وانني احب الشعب السوري ولم استطع التحدث مع عائلتي منذ مدة طويلة جدا فأومأ برأسه واضعا يداه خلف ظهره. ارجو ان يفتح الله عليك تمتم قائلا ومبتعدا بنفس الوقت. عدت الى جنود الFSA فأخبرني احدهم ان وحدته قد ذهبت حديثا الى الاردن حيث تلقت تدريبا عسكريا لمحاربة فصائل مثل جبهة النصرة فتعجبت قائلا حقا؟ الاميركان دربوكم؟ ارجو ان يكون تدريبهم مفيدا لكم, طبعا اجابني قائلا وبعد فترة من التحديق المتبادل بيننا سألتهم هل فعلا ستقاتلون جبهة النصرة فأجاب احدهم لقد اخبرنا الاميركان ماأرادوا سماعه فقط.
عودة الى مخيم جبهة النصرة فقد قضيت الوقت مستلقيا على شرشف على الرمال ومحاطا بخمس مقاتلين وبعد ان تناولنا الطعام والحلوى انتظرنا اوامر صاحب العلم وفي الواقع كان ذهن المقاتلين مشتتا فهم بعيدين عن بيوتهم منذ اسبوع وهو شيء يشبه الابدية بالنسبة للشباب السوري وكانوا قلقين عما يحدث في دير الزور حيث كانوا يجوبون المنطقة جيئة وذهابا لكي يجدوا اشارة اتصال للموبايل وعندما حصلوا على مرادهم بدأت الاخبار بالوصول عن ان داعش قد سيطرت على المدينة بعد عدة ايام من سفرنا واقامت الاحتفالات بالنصر وايضا صادروا سيارة والد احد مجاهدي النصرة.
وفي احد الايام احضر احد جنود النصرة واسمه ابو فاروق بطيخة واخبرنا ان داعش فرضت قانونا جديد في دير الزور وهو انه على كل الذكور البالغين من العمر 13 عاما فما فوق التوبة وان المسلم الصحيح كان يجب ان يحارب جبهو النصرة عندما كانت تحكم وكان الحكم ان من تاب فمن الممكن ان يتابع ما كان فيه اما إن رفض التوبة فقد يكون الموت هو الحكم فيه, اما مقاتلي جبهة النصرة فيجب قتلهم على الفور بمجرد رؤيتهم.
كنت قلقا على مستقبل المقاتلين الخمسة المكلفين بحراستي ماذا ان اعتزلوا الحياة العسكرية وعادوا الى منازلهم واعلنوا البيعة هل ستقتلهم داعش؟ فكان جوابهم طبعا سيفعلون ولكن لماذا؟ سألتهم فأجابونني لاننا جبهة النصرة. ومع انني كنت اعرف جواب سؤالي القادم لكنني سألتهم قائلا ولكنكم تمارسون نفس الطقوس الدينية الاسلامية انتم وداعش وتقرأون القرآن نفسه فاجابوا ان كلامي صحيحا ثم اضفت قائلا وانكم انضممتم الى القاعدة في البداية حيث لم تكن الدولة الاسلامية موجودة؟ فوافقوا على كلامي كليا. ثم اضفت والآن هم يريدون قتلكم؟ فقالوا نعم. ان هذا الوضع سخيف قلت لهم مضيفا: انه يشبه شخص يشرب البيبسي في الشارع فيأتي مندوب السفن أب ويسأل الرجل كيف تجرؤ على شرب البيبسي انك يجب ان تموت وفي حال كان من الممكن لهذا الرجل ان يجيب فسيقول انني آسف ياسيدي ولكن عندما ذهبت الى البقالية لم يكن هناك الا نوع واحد من المشروبات وهو البيبسي ولهذا اشتريته فما هي المشكلة؟
كان الجنود في بدايات ال30 من عمرهم وكانوا يشربون الكولا كثيرا فأعجبهم المثال الذي طرحته عن حالتهم وضحكوا.
بقد كانت المشكلة الحقيقية بين النصرة والدولة الإسلامية هو في الواقع قياداتهم والذين هم اصدقاء الماضي في العراق وفي الواقع هم لن يصلوا الى اتفاق بمشاركة الغنيمة والمتمثلة بآبار النفط في شرق سوريا والتي كانت تحت سيطرة النصرة. ولو توصلوا الى اتفاق لاصبحت سجينا لدى المنظمة الارهابية الموحدة والتي تقاد عبر ابو بكر البغدادي قائد داعش وحتى ماقبل قصص قطع الرؤوس التي حصلت لم يكن هذا الامر مشجعا على الاطلاق.
لمدة ستة اشهر راقبت اعداد المقاتلين المسؤولين عن سجني آخذ في التظاؤل فاحدهم تلقى رصاصة قناص في رأسه والآخر اختفى بعد تفجير انتحاري لاحد الحواجز وغيره وقع في شرك احد حواجز داعش وقتل على الفور وهكذا دواليك.
ومع مرور الايام سفكت الدماء ووصلت الى قناعة عن السبب الحقيقي وراء موت هؤلاء الشباب وهو أن القادة اعلنوا ان هؤلاء الشباب يجب ان يموتوا وقد اخبرني احدهم ان الطرفين يؤمن بأن الله قد كتب اقدارهم وانهم يجب ان يموتوا حصريا بهذه الطريقة منذ خمسين الف سنة.
في هذه الفترة كان كعب داعش قد علا وكانت قدرتها على تجنيد الشباب واخبرني المقاتلين عن اصدقائهم واقربائهم الذين انضموا تحت راية الدولة الاسلامية فهم يدفعون اكثر بالاضافة الى ان جيش الدولة الاسلامية القوي قد حقق الكثير من الانتصارات في شرق سوريا وفي العراق.
في احد ايام سجني في دير الزور وضع قائد السجن خمس اشخاص غير مرغوب فيهم من النصرة معي في الزنزانة بتهمة انهم يخططون للانضمام للدولة الاسلامية ولكنهم انكروا ذلك ولكن وبعد ابتعاد الحراس اخبروني انهم يتمنون الانضمام الى الدولة الاسلامية لكي يتكمنوا من الاتصال بالهاتف وايضا يجب التحدث عن روعة البغدادي وهنا سوف تصفح الدولة الاسلامية عنه وسوف يلتقي في اليوم الثاني بقائده الجديد اما في مسجد او في مطعم ويطلق عليه اسم جديد ويأخذ هاتف جديد وتبدأ حياتهم من الصفر.
خلال الصيف لم تكن اصوات صفارات الانذار عالية ولكن مع اقترابنا من نواحي دمشق اصبحت اكثر وضوحا وقد اصبح واضحا للمشاة ان رحلتنا ليست من العمليات المشرّفة في سبيل الله ولم يكن من اجل استرجاع مرتفعات الجولان ولم يكن سوى انسحاب من منطقة آبار النفط والقواعد العسكرية وكل شيء آخر كانت جبهة النصرة قد سيطرت عليه خلال سنتين ونصف.
بعد ان انهينا تناول البطيخة التي احضرها ابو فاروق استمعت الى اقوال المقاتلين حول مستقبلهم فسألوني ابو بيتر مارأيك بالسويد وسألوني انهم إن ذهبوا الى هناك وقدموا انفسهم كمنشقين عن النظام ماذا سيحدث وعن كوني ضليعا بالإجراءات اللازمة للحصول على اللجوء السياسي؟
وماذا عن برلين ان استطاعوا الوصول الى المانيا وكم من الوقت اللازم لتعلم الالمانية؟
استمعت الى تخيلاتهم لمدة من الزمن ثم لفت سمعي صوت المدفعية في البعيد الأمر الذي جعل الصمت يسود فيما بيننا, وبينما استسلم حراسي للنوم لم استطع منع نفسي من التفكير حول امكانية ان يشير صاحب العلم نحوي فأنا اعرف الكثير عن جبهة النصرة وعملياتهم وممقاتليهم وماذا يحدث في سجونهم وماذا لو قرر انني اعرف ماهو اكثر من ذلك ومماذا لو ارسل احدهم رسالة تخبره بان بترا هو نفسه ثيو الذي درس في مساجد اليمن وألّف كتاب عن تجربته كمراقب سري ماذا سوف يحدث في هذا الحال؟
في منتصف تموز واخيرا وصلت قافلتنا الى فيلا في منطقة سيدا وهي من ضواحي محافظة درعا وفي كل يوم كان صاحب العلم يخبرني بأنه سوف يطلق سراحي قريبا ويقول سوف احررك يوم الثلاثاء, ويأتي الثلاثاء ويذهب ولاجديد. وبحسب تحليل فإن وجودي الى جانب صاحب العلم هو بسبب كوني صحفيا مرة اخرى فهو يريد تبرير افعاله امام الغرب في مقابلة مصورة ومن ثم يحررني مع المقابلة ويرسلني الى البيت. وفي كل ليلة اسأله مبتسما متى ستحررني ياشيخ ويجيب قريبا جدا.
وفي احد ايا آب وعندما كان حراسي نائمون اخذت القمامة الى الخارج كما افعل دائما فامرني احد الحراس وانا خارج بان اغلق الباب عند عودتي, اخذت قصة فيرمونت وخبأتها في بنطالي وتسللت خارجا. في هذه المرحلة اصبح عندي من الخبرة الكثير كي لاأقع في شرك الذهاب وطلب اللجوء من ال FSA ذو النزعة المعتدلة فطلبت من سائق دراجة كان مارا من المنطقة ان يوصلني الى المشفى وهناك رحب حارس المشفى بي فأخبرته بأنني صحفي من إيرلندا وارجو ان تساعدني فأنا احب الشعب السوري فأجابني لاتقلق فأنا من الFSA وادخلني الى غرفة داخلية مطمئنا لي ان لااحد ممكن ان يدخل الى هنا الا بأمري فارتاح انت الآن بأمان فسألته ان كان بالامكان الاتصال بأهلي فوافق وكانت اسهل طريقة لدي هي ارسال بريد الكتروني الى اهلي لكن الكمبيوتر كان محمي بكلمة سر وصاحبها كان بعيدا ويحتاج الى عدة دقائق للوصول الى المشفى ثم سألأني ان كنت بحاجة الى عناية طبية او كوب من الشاي. ثم خرج الجندي وعاد بعد عشر دقائق مشيرا الي ببطئ كما لوأنه سجان يستدعي سجين برئ الى حكم الاعدام.
في قاعة المشفى كان هناك 15 مقاتل من النصرة مع الاسلحة المتدلية من اكتافهم, ساد الصمت لوهلة ثم صدر الامر من احدهم هيا ايها الاميركي وأعادوني بالسيارة الى الفيلا وضربوني على الطريق ومع وصولنا الى غرفة المعيشة حيث كان المقاتلين مجتمعين تم رميي على السجادة حيث كان صاحب العلم متربعا على الاريكة: من لديه اصفاد سأل صاحب العلم بينما كان احدهم يقيدني. انت ناصري كاذ يابيتر وبعد ظهر اليوم سوف اعدمك بيدي هاتين قالها لي صاحب العلم.
أمضيت الاسابيع المتلاحقة محبوسا في غرفة نوم في الفيلا وكان صاحب العلم يمنع المقاتلين من الانتقام بل إنه طردهم واستبدلهم بحراس جدد اقل عنف, وبينما كنت انتظر المحتوم عدت الى كتابة روايتي فيرمونت وكنت اراقب طائرات الأسد تقصف المناطق المجاورة بين الحين والآخر وكان عقلي مشغول بالعنف اللانهائي الذي يدمر سوريا.
فيما مضى وخلال آذار استطاع مقاتلي النصرة القبض على اثنين من قواد الدولة الاسلامية ورميهم في السجن بجانبي ولأن التعاليم الإسلامية لاتقبل الخطأ فقد سمح لنا بالكلام بما ان الحديث سيكون بشكل بديهي عن الاسلام. وفي هذه الاثناء استحضرني المنطق الذي يتصرف به المسلمون في هذه المناطق والقائل (لقد قتلت رجالي وسوف اقتل رجالك) وكان جاري من الناس الجديرين بابداء الرأي واسمه ابو ضهار وكان عن يساري وهو مقاتل من تنظيم القاعدة كان في العراق ثم انضم الى جبهة النصرة واخيرا مع الدولة الاسلامية وهو مهرب سلاح, اما ابو عمران الذي عن يميني فهو مسؤول عن المتفجرات والتي قتلت المئات من السوريين والعراقيين.
ولكن هذا العنف لايفيد الاسلام بشئ سألتهم فكانت ردة فعلهم مختلفة عما ظننت فالخلاف بين البغدادي وصاحب العلم لهو شيئ صبياني من المخجل الحديث عنه بينما القتل والقنص والتفجيرات التي يتبناها الطرفين فهي ذات تفسير منطقي وحكيم. ان الحرب ضد قوات الاسد لم تكن إلا مناوشة صغيرة في المعركة العالمية القادمة حيث أن الفئة المؤمنة سوف تهيمن على الفئة المعاكسة. بعد ان نغزو القدس سوف نغزو روما قال ابو عمران. لم يحاول احد ان يغزوكم فلماذا تريدون غزو العالم؟ سألته, فأجابني ابو عمران ان الغزاة قد جاؤوا الى سوريا في الماضي وهم على يقين انهم سيعودون وخص بالذكر في حديثه حقول النفط المسيطر عليها من قبل الغرب والتي هي الغنيمة الكبر بالإضافة الى ظهور الاسلام في الدول الغربية والذي لايؤمن به أي من حكومات الدول في العالم خصوصا منها حكومات الدول الشرق اوسطية والغير ملتزمة بالدين الاسلامي. فإن قام اوباما بقصف المؤمنين سوف نردها لكم في بلادكم قالها ابو عمران مضيفا فنحن لدينا ايضا صواريخ التوماهوك الخاص بنا مشيرا بكلامه الى العنصر البشري عندهم.
فعليا لم اعد اتفاجأ من حديث قادة النصرة خلال ال22 شهر المنصرمة عن الاطفال الصغار كمشاريع لانتحاريين مستقبليين فالاطفال كانوا يشاركون في جلسات التعذيب لابسين الاحزمة الناسفة وينشدون لندمر اليهود والموت لاميركا في ممرات السجون ومن الخطأ الاعتبار ان السوريين فقط من يتعلمون هذه المناهج فجبهة النصرة تدعو حتى الغربيين للجهاد في سوريا ليش لأنهم بحاجة الى العنصر البشري فلديهم الكثير ولكن لأنهم يريدون تعليم الغربيين بنقل الصراع الى البلدان الغربية ويريدون من هؤلاء ان يعلموا اطفالهم هذه التعاليم وبهذا فإن إمارات اسلامية سوف تنبثق من تلك البلدان الغربية بعد ان تتشكل الدولة الاسلامية في سوريا والعراق وفي هذه الحال سوف يعيش المسلمون الغربيون حياة كريمة وتحت تعاليم الدين الاسلامي.
اثناء حديثي مع مقاتلي النصرة حاولت مواجههتهم بفكرة العنف اللامتناهي لتحقيق هذا الحلم وهنا يوافقوني الرأي قائلين نحن فقط نريد التخلص من بشار الأسد ونريد إعادة بناء الخلافة هنا في سوريا أولا, وإن لم يقاتلنا الغرب فلن نقتلكم. أعود لؤالهم هل خليفتكم هذا لديه مدارس او مشافي او طرقات فيجيبوني بأنه بالطبع لديه كل ذلك متناسين الدمار الهائل والحاصل
وكتب بادوس في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يقول: في ساعات الصباح الاولى من يوم 3 تموز استدعاني من سجني احد من القادة الكبار في تنظيم القاعدة في سوريا, حيث انهم ابقوني سجينا لمدة سنتين متنقلا بين السجون, في تلك الليلة نقلت من غرفو في مدرسة خارج مدينة شرق دير الزور حيث كنت محتجزا الى تقاطع طرق صحراوي يبعد دقائق عن مكان سجني وعند وصولي خرج القائد من سيارته اللاند كروزر ووقف في الظلام محاطا برجال مسلحين بالبنادق الروسية وسالني باسما هل تعرف من انا؟ اجبته بالايجاب لانه زارني مرة منذ 8 اشهر في سجني واعطاني محاضرة عن جرائم الغرب ضد الاسلام ولكن معرفتي به اتت في معظمها من سمعته كقائد اعلى للجبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا والمسؤول عن توزيع النقود الخاصة بالجبهة وعن اختيار المباني التي يجب تفجيرها وعن النقاط الواجب الهجوم عليها وايضا عن تحديد من من السجناء يجب اعدامه ومن يجب اطلاق سراحه. اراد مني ان اعرف اسمه وبالفعل كنت اعرفه فرددت قائلا ابو ماريا القحطاني انت من يدعى الرجل المتعلم ياشيخنا اجبته كما يحب ان يناديه رجاله فاجابني هل تعلم ان داعش تحاصرنا؟ ولكن هذه المعلومة لم يكن لدي أي فكرة عنها فهز كتفيه واخبرني ان لا اقلق وانهم لن يصلوا الي فحيثما ذهب سوف اذهب معه. انطلقنا في السيارة الى احد حقول النفط القريبة من نهر الفرات وكان معنا حوالي ال200 عنصر من جنود المشاة وحوالي 25 من القادة من المجاهدين الافغان. كان هناك حقائب مليئة بالنقود السورية في سيارات تويوتا وصناديق من الاطعمة الجاهزة محملة على الشاحنات واسرّة وحقائب ومبردات ماء كما انه كان هناك الكثير من الاسلحة وقذائف الهاون والصواريخ والرشاشات واكياس مليئة بالقنابل والرصاص والاحزمة الناسفة.
عند الساعة الرابعة صباحا انتهى حزم الامتعة واطلق القائد الرصاص في الهواء معلنا بدء التحرك وخلال ثوان بدأ التحرك على الرمال على طرق لم يتم استخدامه قبلا.
كنت سجينا لما يقارب ال20 شهرا عند جبهة النصرة ولكن هذا التحرك والتغير المفاجئ في التعامل مع الاحزمة الناسفة جعلني اعتقد انني اما سوف اقتل او ان يتم اطلاق سراحي وهذه كانت حياتي التي اعتدت عليها. في شهر تشرين الاول من عام 2012 وفي اول فترة خطفي اعتدت الجلوس في زنزانتي وهي عبارة عن غرفة معاينة في مشفى اطفال في حلب وفي حالة من الرعب المستمر, في هذه الايام الاولى كان الخاطفين يضربوني ضاحكين ويجروني من سترتي على طول ممرات المشفى وعندما اصرخ لاحدهم ان يساعدني يسخر الجميع مني. ولانه لم يكن هناك حمام في الزنزانة كنت اطرق الباب لكي يخرجوني الى الحمام ولكن الرد لاياتي قبل ساعات وعندما ياتون للرد يضربون الباب بوحشية قائلين اخرس ايها الحيوان. هذه الوحشية ارعبتني ولكن اشد اللحظات مرارة في اوائل فترة سجني هو تفكيري بمن كان السبب وراء خطفي.
كنت اظن انني اعرف كيف اسير اموري في البلدان العربية فمنذ عام 2004 وعندما دخلت الولايات المتحدة الحرب في العراق قررت الدخول في تجربة خاصة فانتقلت من فيرمونت الى عاصمة اليمن صنعاء لدراسة اللغة العربية والاسلام ولقد كنت جيدا باللغات وكان لدي شهادة دكتوراه في الادب المقارن وكنت متشوقا لفهم عالم لم يستطع الغرب فهمه جيدا وبدأت دراستي في مسجد المنطقة ثم التحقت بمدرسة دينية مشهورة بمحاولاتها العودة الى طريقة حياة الرسول. بعد ذلك انتقلت الى سوريا للدراسة في كلية دينية في دمشق وبدات بكتابة رواية عن رحلتي الى اليمن وعن المساجد وحلقات العلم التي تتشكل بعد الصلاة والمشاعر الدينية الخطيرة التي تتطور في هذه المجالس. في بداية الحرب الاهلية في سوريا كتبت عدة مقالات من دمشق ثم عدت الى فيرمونت في صيف 2012 عندما بدأ الاسلاميون السيطرة على عدة مناطق في سوريا وبدأت ارسال مقالاتي الى الناشرين في لندن ونيويورك عن القضايا الدينية الكامنة في هذه الصراع وفي هذا الوقت كنت قد استطعت قراءة عدد من الآيات القرآنية وكنت جيدا جدا في اللغة العربية ولكن هذه الميزات لم تؤثر كثيرا فالناشرون لم يكونوا يعرفونني وبعضهم رد على مقالاتي والآخرون لم يفعلوا. وكنت اظن ان هذا الاهمال من الممكن التخلص منه ان كتبت من سوريا او من بلدة حدودية في تركيا. وفي الثاني من تشرين الاول 2012 وصلت الى انطاكية في تركيا حيث استأجرت غرفة وسطية الفخامة متقاسما اياها مع شاب تونسي وحاولت التواصل مع الناشرين من جديد بدون فائدة.وبدأت افقد الامل من امكانية نشر أي شيء وبدأت ابحث عن شيء مفيد لافعله كتعليم اللغة الفرنسية او تعليم كرة المضرب.
امضيت فترة الظهيرة اتمشى على جبال انطاكية خارج حدود المدينة ناظرا عبر الافق الى سوريا حيث انه في هذا الوقت وعلى الرغم من القصف العنيف ضد المعارضة والمدنيين فان نظام بشار الاسد كان يخسر المواقع واحدا تلو الآخر وكان المجتمع الدولي يدين وحشية الاسد ضد المدنيين دون أي تدخل عسكري ولاحتى من الولايات المتحدة, وهنا بدا المشايخ الاسلاميين حربا الاعلامية ضد النظام السوري وهددوا من يساعده بالموت. اما النظام السوري فبدأ على وسائل الاعلام بحملة تحذيرية من ان مناطق سيطرة المعارضة اصبحت مليئة بالاسلاميين المتطرفين والمتعاونين مع اسرائيل وهم يتسللون من العراق وليبيا. اما جبهة المعارضة الرئيسية فكانت الجيس السوري الحر FSA والذي انشأ على يد ضباط سابقين لدى النظام السوري واعتبروا بالنسبة للغرب المعارضة المعتدلة وكان FSAاستطاع في هذه الفترة السيطرة على اثنين من اهم المعابر الحدودية مع تركيا في شمال حلب.
وفي احد الايام وخلال رحلتي على الجبال خارج انطاكية خطر لي موضوع مقال عن كون الانسان الذي يعيش في سوريا يعلم مرارة الانقسام الكبير بين الاسلاميين والعلمانيين ومؤيدي ومن يريد السير على طريقهم, هذه الانقسامات كان من الصعب ان ترسم على الخريطة بل هي في الغالب موجودة في عائلات باكملها او بين الافراد المستقلين. على كل حال في شهر تشرين الثاني من خريف العام نفسه اصبحت الامور على الشكل التالي: كل من يعيش شرق الجبال الممتدة من حمص الى الحدود التركية هم من معارضي النظام السنة ومن يعيش غرب هذه الجبال هم العلويون مؤيدو الاسد. وخلال هذه الفترة وانا على الجبال في انطاكية تخيلت نفسي اسافر خلال هذه الحدود الوهمية وكيف انني كنت سأتوقف عند كل قرية واقوم بمقابلات صحفيه مع الجميع لاحكي قصة أمة فيها الكثير من الطوائف الغير راضيين والواقعين في مشاكل والمطالبين للمساعدة ولكن خبرتي في البلدان العربية اوقفتني فبعد نشر كتابي عن رحلة اليمن غيرت اسمي من ثيو بادوس الى بيتر ثيو كيرتيس وهذا بسبب خوفي من أي ردة فعل قد يسببها الكتاب خصوصا وان كاتبه غربي ولكن في الواقع فإن دراستي تمت تحت عيون الحكومة العسكرية والشرطة السرية التي استمعت الى كل مقابلاتي ولم اذهب الى أي منطقة اسلامية فهناك الامور مختلفة وقد اقع في أي فخ مباشرة.
وفي احد الايام في انطاكية قابلت 3شبان سوريين يبدو عليهم الدهاء ويبدوا انهم من الفدائيين الاسلاميين فأخبروني انهم هنا لتجنيد عناصر من أجل الFSA لاحضارهم من تركيا وعرضوا علي أن اذهب معهم وبسبب اعتقادي انني سوف اعود خلال ايام قليلة فإنني لم اخبر احد عن مكان ذهابي ولاحتى شريكي في السكن الشاب التونسي. تسللنا عبر الحدود في وسط حقل من اشجار الزيتون ناظرا خلفي باتجاه تركيا معتقدا ان الامور جيدة حتى الآن وقادني اصدقائي السوريين الى منزل معزول كان من الممكن ان استخدمه كمكتب ميداني.
وفي اليوم التالي تساعدنا في ترتيب المكان وتنظيفه ثم اجلسوني امام كاميرا وطلبوا مني ان اقوم بمقابلة مصورة مع احدهم ويدعى ابو أسامة وبعد نهاية المقابلة ابتسم صاحب الكاميرا متقدما باتجاهي ثم ضربني على صدري طالبا ان يشدو وثاقي وموجها مسدسا الى رأسي, نحن من تنظيم القاعدة, قال ابو أسامة مبتسما الم تعلم بذلك؟ وأخبرني انني سوف اقتل خلال اسبوع ان لم تدغه اسرتي مامقداره ربع كيلو غرام من الذهب وهو الفدية المحددة بحسب قوانين الدين الاسلامي وعلى الرغم من التصوير وطلب الفدية فقد كان هؤلاء الخاطفين هواة ففي تلك الليلة استطعت التخلص من وثاقي والهرب مع اول خيوط الفجر عبر الجدران المليئة بالكتابات عبرت مقبرة ثم اشرت الى احد الباصات المارة وطلبت منه ان ياخذني الى FSA وان هذه الطلب عاجل جدا وعند وصولي الى المقر رجوت الضابط ان يحميني وبعد التشاور اخذوني الى المحكمة الشرعية حيث استجوبني القاضي وحبسني في زنزانة كانت مرحاضا تركيا فيما مضى وكان هناك سجناء حوالي في غرف اخرى فنظرت من الباب وكان هناك صبي مسجون في العاشرة من عمره ينظر من الباب الخاص بسجنه مثلي فسألته ماذا فعلت؟ وهنا ابتعد الطفل وظهر والده العجوز مجيبا على سؤالي الذي اعدته عليه بشيء من الاسى قائلا نحن من الشيعة.
عاد ضابط الجيش الحر بعد فترة من الزمن مصطحبا معه من خطفني ثم رموني في سيارة وتم اخذت الى احد ملاجئ FSA حيث وضعوني في حفرة في الارض وهالوا علي التراب وهم يشتموني ثم قفز احدهم على صدري بينما ضربني الآخر بالبندقية بينما امرني احد الضباط ان اردد كلامه بأنني نجس, بعد عدة ايام نقلني الFSA الى جماعة من الاسلاميين حيث علمت الفرق بين الFSA والاسلاميين, يعتقد الاصوليين انهم النخبة الاولى في الدولة الاسلامية الناشئة حيث انهم يعذبون الشخص بشكل بطئ وبادوات خاصة ولايحق لك بمناداتهم سيدي لان هذا يذكرهم بالجيش العلماني بل يجب ان تناديهم شيخيبالنسبة للشبان واما الكبير فيهم فينادى الامير.
بعد ان سلمني الFSA الى النصرة اعادوني الى مشفى الاطفال في حلب والذي يعتبر مقرهم الرئيسي وسجنهم ايضا. خلال الفترة الاولى لم اكن اصدق مايحدث وكان عقلي يسترجع قصة خطفي بالكامل ففي البداية اعتقدت انني بين اصدقائي السوريين ولكن في الواقع انني وقعت في كابوس مخيف. كنت اعلم ان هناك مايريدون ان يعلموني اياه وهم كانوا يفعلون ذلك من خلال تعذيبهم لي.
في احد ايام سجني الاولى تجمع عدد من الشبان المقاتلين في زنزانتي حيث كنت مكبلا ووجهي الى الحائط وبدأ التحقيق معي وائناء الضرب الكبير لي استغرب احدهم كل هذا العنف تجاهي سائلا هل هذا ماأمرتم به؟ فلم يجيبه احد.
كان القائد والذي لم اعرفه يحمل عصا خاصة برعي الاغنام وبدا يضربني على راسي ثم بدأ يصلي وعندما سمعت صوته رفعت يدي لاحمي رأسي فصاح بصوت عميق مهددا انزل يديك وفي الواقع فان يدي حتى لو انزلتهم فانهم سوف يعودون لحماية راسي بشكل غريزي في حال ضربني من جديد, لم اكن اعرف ماهي المدة التي انقضت وانا تحت التعذيب اهي ساعة ام 20 دقيقة وفي النهاية اقترب القائد مني فاعتقدت انه سوف يضرب من جديد ولكنه همس في أذني قائلا اكره الاميركان انا اكرهكم جميعا. بعد ذلك فقدت الاحساس بالوقت وحلمت كما لوانني مت وكفنوني وخلال الايام اللاحقة بدأت احضر نفسي لكي اعدم. ولايام طويلة كنت ممدا في سجني حيث لم تكن هناك كهرباء نظامية وبنافذة مسدودة جعلتني في كثير من الاحيان لا اميز الليل من النهار. كنت على يقين ان هناك سبب لهذه المعاملة وجاهدت كثيرا لاعرف ذلك وجاء الجواب واضحا ان القاعدة تعمل على التحكم بكل لحظة من لحظات السجين من خلال حرمانه من النوم.
بعد شهر ايقنت انهم لايريدون قتلي ليس الآن على كل حال كما انه لم يوجد أي دليل على نهاية هذا الكابوس. وعندما كانوا يحضرون الطعام والذي كان عبارة عن حلاوة وزيتون كانوا يرمون الطعام على الارض قائلين كل ايها الخنزير ويصفعوا الباب بقوة.
كان قائد السجن في المشفى كردي- تركي وكان يسمح للمقاتلين الاتراك بالاستراحة في الممر امام زنزانتي وكان شغلهم الشاغل ان يؤذنوا للصلاة ثم يضايقوا المساجين عند ذهابهم الى الحمام وكلما ذهبت الى المرحاض كنت معصوب العينين فيضربونني على وجهي ورأسي وفي احد الايام وجه احد الاتراك ضربة كاراتيه الى قفصي الصدري فوقعنا على الارض معا ظانا ان اضلاعي قد تحطمت فشكوت الى احد الحراس انه من غير العدل تركي معصوب العينين فوافق على كلامي زهنا بدأت اعتقد انني من الممكن ان اتفاوض مع هذا الحارس والذي كان يضربني بخرطوم يلسعني بدون ايذائي فعليا. وكلما كنت اسمع صوت المفتاح يدور في الباب ادير رأسي الى الحائط بحسب اوامره ومع ذلك يضربني وفي الاحد الايام قلت له حتى لو سمعت كلامك سوف تضربني لماذا ياشيخ ناظرا اليه سألته؟ فأجابني لأدرب روحك فبدأت اعتقد انه يجب ان افهمه انني اتعلم وبالفعل عند دخوله قلت له ياشيخي وجهي الى الحائط واسترق نظرة اليه لارى ردة فعله من كلامي فيجيبني انك تتعلم. بعد ذلك توقف عن ضربي وفي احدى الليالي احضر لي الطعام مبتسما في وجهي ثم وبعد عدة ايام اضاف الى الطعام المعتاد تفاحة وكوب من الشاي فأيقنت ان هناك تطورا في معاملته معي ولكنه كان واحد من حراس عديدون يتناوبون على السجن وكان منهم من يصر على ضربي بعد ان ادير رأسي ومنهم من لايهتم ولكن لم يحضر لي احد مااحضره ذلك الحارث.
في اوائل شتاء 2012 بدأت بالاعتقاد انني اسير لساديين متوحشين وهم يهمسون قائلين انك من المخابرات الاميركية CIA وسوف نشوي جلدك ولم اميز ان كان هذا يعني قتلي او فقط لدعي بالنار. وفي اثناء التحقيق اشار القائد التركي والذي كان يدعى شيخ كاوا الى احد السجناء المكبلين الى احد الانابيب في السقف والذي كان يصرخ راجيا ان ينزلوه فاقترب مني مجيبا ان هذا الصراخ هو كالموسيقى لآذاننا.
كان كاوا يعذبني كثيرا ولكن مع بدايات كانون الثاني بدأت اعتقد ان هناك من القادة في تنظيم القاعدة من يريدني ان ابقى على قيد الحياة فربما ان بقيت حيا ان اتحدث بالحسنى عن الجبهة والاسلام عامة.
وعندما جاء احد قادة القاعدة مع الكثير من الحراس الى زنزانتي رددت ىيات من القرآن كنت حافظا لها وكان هذا الامر يسعدهم ولكن بدون فائدة تعود علي وهذا كان بسبب مااخبرني به احد الحراس قائلا ان المسيحيين والاميركان اعداء له لذلك فهو يكرهكم بحسب تعاليم ديننا, ثم اضاف قائلا ان الاميركان قتلوا اكثر من مليون مسلم في العراق والقرآن يمنعنا من مصادقتكم ثم قرأ آية من القرآن (لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فهو منهم).
بدأت اعرف تاريخ كل يوم عن طريق رزنامة صنعتها في السجن, وكان الوقت هو كانون الثاني 2013 عندما بدأ آمر السجن يدعوني الى الاسلام وكل اليوم يحاول الحراس بوعظي قارئين القرآن باللغة العربية وينصحونني قائلين يجب ان تدخل في الاسلام او تعترف به يابيتر ولفترة ظننت انني لودخلت الاسلام فإن حياتي ستتحسن ولكن كنت مخطئا ففي كانون الثاني وضعوا معي اميركيا آخر في الزنزانة كان عبارة عن مصور صحفي من نيويورك واسمه ماثيو شراير ومع وصوله عرفت ان رزنامتي خاطئة وان هناك فرق في التواريخ يبلغ 10 ايام. في البداية رفض ماثيو ان يتعلم أي كلمة عربية معتقدا ان كونه جاهلا بالعربية سوف يجعل التحقيق اسهل ولايشكون فيه على انه جاسوس, وفي اوائل آذار وضعوا شخصا آخر معنا وهو مجاهد مغربي شكوا في كونه جاسوس وكان داعية متمرس يتحدث الانكليزية استطاع خلال فترة اقناع ماثيو بتعلم الاسلام عله ينضم الدين وفعلا طلب ماثيو نسخة انكليزية من القرآن واعلن اسلامه قائلا الجملة السحرية (اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله) مما اثار اعجاب المقاتلين مهنيئينه ومشيرين بالمديح اليه وبالذم لي. لكن دخوله في الاسلام لم يفيده ابدا فلا طعام افضل ولم يستطع العودة الى بلده بل ان احد الحراس ضربه عندما كنا في طريقنا الى الحمام متهما اياه بالكذب في اسلامه ومشيرا بالمديح الي قائلا انت ايها المسيحي جيد.
بعد ذلك صددت دعواتهم للاسلام قائلا ان الله خلقني مسيحي وهذا ليس خطئي فيجيبوني انني اذا مت الآن ولم اؤمن فان الله سوف يحرمني من الجنة. وبعد ان اقتنع كلُ بدينه بدانا التحدث في مواضيع اخرى كالحرب في سوريا او في السياسة او في مواضيعهم المفضلة المتعلقة بالنساء الغربيات.
وفي قادمات الايام اصبح الروتين هو الدعوة الى الاسلام في اول عشر دقائق ومن ثم الانتقال الى موضوع آخر ويسألونني ان كنت قادرا على تعريفهم الى فتيات غربيات.
وفي صيف 2013 تنقلنا انا وماثيو على يد جبهة النصرة الى عدة سجون حيث حبسنا في فيلا خارج حلب وفي محل للبقالية وفي مستودع شحن وفي قبو خاص بوكالة دراجات نارية ولم تواجهنا الصعوبات في معرفة اماكن حبسنا لان المقاتلين يعتقلون الناس من المنطقة ويضعوهم معنا وفي آخر تموز 2013 وضعت وماثيو خطة للهرب واتفقنا على ان يكون البادئ بالتنفيذ وفعلا في صباح 29 من تموز نجح ماثيو في الهرب والوصول الى بر الامان وفشلت في ذلك وبعد هذه الخطة اقتنع عناصر النصرة انني وماثيو من عناصر الCIA المدربين بشكل عالي الاحترافية ولزيادة معاناتي بقيت مربوطا ومعصوب العينين لمدة 45 يوم وبعد ذلك وجدت نفسي في سيارة متجهة بعيدا عن حلب الى مكان في شرق مدينة دير الزور.
بدأت فوار في هذا السجن في تكوين صداقات مع الحراس وفي نهاية الصيف اصبحوا يقدمون لي طعام مناسب ويمزحون معي حتى انهم يخرجونني من سجني لارى الشمس. كان السجن عبارة عن منزل فيه اربع زنزانات كل واحدة بحجم مرحاض عام ومجهز باقفال وابواب فولاذية وفتحة لادخال الطعام فلم استطع رؤية السجناء الآخرين واي محاولة للحديث بين السجناء عقوبتها الضرب ولكن احيانا يلتهي الحراس اما باللعب باسلحتهم ام بمشاهدة افلام الكرتون فنستطيع التهامس فيما بيننا حتى انني بدأت اغني وكان بالنسبة للنصرة والمسلمين من المحرمات وليس كذلك في الدين المسيحي لذلك كنت اغني واحيانا بصوت مرتفع سمعه الحراس ويعجبون به بحسب اعتقادي.
بعد مرور 19 شهر على سجني وصلت الى حقيقة مقاتلي القاعدة كاسبا ودهم وحتى انني بدأت احس بالامل في ان اصبح حرا طليقا او ان أقتل ولكي لااشغل بالي في هذا الموضوع قررت كتابة قصة على رزنامة وجدتها في احد السجون التي مررت بها وكان اسمها الغروب في فيرمونت وتتكلم عن الحب والوطن والحماسة الدينية.
بدأت جبهة النصرة تخسر حربها ضد الدولة الاسلامية وهذا الشيء لم يكن لدي أي فكرة عنه وكانوا يشيرون الى هذه الجماعة بكلمة داعش وبحسب مااستخلصت من الحراس فان الطرفين متوازنين في القوة العسكرية وان جبهة النصرة تحت أي ظرف لن تسمح لداعش بالسيطرة على الجائزة الحقيقية في سوري – حقول النفط شرق سوريا.
ولكن في اواسط حزيران وبعد ان سمح لي لاول مرة بمشاهدة التلفاز شاهدت خريطة فيها انتشار داعش كان بشكل كبير وفجأة توقفت النصرة عن عملية بناء السجن بقرب زنزانتي وعندما سالت احد الحراس عن السبب طلب مني التروي لارى ماسيحدث. وفي بدايات حزيران كانت النصرة قد نقلت كل السجناء ماعداي ولم اعرف مصير هؤلاء السجناء.
وفي اوائل تموز وجدت نفسي فجأة على اطراف الصحراء مع صاحب العلم والذي اعطاني لباس المجاهدين طالبا مني ان اختلط مع المقاتلين ووعدني بان يطلق سراحي فور وصولنا الى درعا وهي مدينة جنوب سوريا والقريبة من مرتفعات الجولان. وبدأ المسير وكنت معه في السيارة وتحدثنا عن الصعوبات التي تعترض سبيلهم كونهم مجاهدين والذين يختارون السير على صراط الله المستقيم, وفي احد الايام اثناء رحلتنا اخبرني ان العالم اساء فهمه فأجبته انه من الصعب ان تعرف ان كل العالم يريد قتلك حتى داعش وبشار الاسد. فاجابني صدقت ولكن داعش هي الاسوأ وخلال الايام اللاحقة كان يجاول التخفيف عن ضباطه بقصص كوميدية او يشجعهم بالكلام بالسوء عن زعماء العدو بينما كان حديثه معي هو عن مستقبلي كصحفي فاخبرته انني اريد ان اصبح اختصاصي بشؤون القاعدة واكون اول من يقول الحقيقة عن الجهاد في سوريا.
بعد حديثنا الاول كان حريصا على ان اكون اما في سيارته او في السيارة التي خلفه مباشرة وخلال عشرة ايام قطعت ساراتنا مسافات طويلة واستطعنا التملص من حواجز الجوية في سوريا ومتسللين من جانب احد المدن السورية ذات الغالبية الدرزية, وفي احد الليالي وبعد مسيرتنا لمئات الاميال وصلنا الى موقع يبعد حوالي 20 ميلا شرق دمشق حيث كان هناك حاجز للFSA ورحبوا بنا بشكل فاتر وخلال عدة ايام اكتشف طيران النظام مواقعنا وقصف القبو الذي كنا مختبئين فيه وقتل احد مقاتلي النصرة وتم تدمير 6 سيارات وفجأة ولسبب لم افهمه غادرت الطائرات وتركتنا بسلام. وخلال تلك الفترة وفي احد الايام قبل ان يستيقظ الحراس تمشيت قليلا مفكرا بالهروب وفي احد الايام اسرعت الخطا نحو اربعة من FSA ومعتقدا بأنني ان اخذت منهم وعدا بالحماية واقنعتهم بان يخفوني بعيدا عن مرمى نيران النصرة فمن الممكن ان اصبح حرا. ومع ذلك كنت افكر بطريقة للتحدث الى الFSA ففي بداية رحلتنا حذرني صاحب العلم بان لااتحدث الى الغرباء ولكنني في ذلك اليوم قررت المخاطرة. كان جنود الFSA يشربون الشاي فناديتهم قائلا السلام عليكم مالاخبار؟ فردوا السلام وسألني احدهم من اين انت؟ ومن اين اتيت؟
فاعتذرت قائلا بانني لااستطيع الكلام فاضافوني كوبا من الشاي وشربناه في صمت ثم اعاد احد الجنود السؤال علي فاجبته لقد جئت من بعيد ثم سألتهم من اين انتم؟ وكان جوابهم بانهم من ضواحي دمشق فسالني احدهم هل جئت الى هنا للجهاد؟ فأجبتهم كلا انني صحفي مدني فسألني منذ متى وانت مع النصرة فاجبته منذ سنتين فحدق الجنود الي ثم تهامسوا وبعد ذلك طلب المسؤول عنهم ان لا انبس ببنت شفة واشار لي ان نذهب الى مكان نتحدث فيه على انفراد وعندما ابتعدنا عن الجنود نظر الي بنظرة ثاقبة قائلا انت اميركي؟ ويبدو انه سمع بقصتي قبلا فاجبته بالموافقة فسألني هل استطعت خلال هذه الفترة التواصل مع اهلك فاجبته بالنفي فزادت حدة نظرته مما جعلني اتساءل هل هو يشكك بكلامي ام انه حانق على جبهة النصرة لم استطع معرفة السبب الحقيقي فقلت له لقد درست اللغة العربية اسنتين في دمشق وانني احب الشعب السوري ولم استطع التحدث مع عائلتي منذ مدة طويلة جدا فأومأ برأسه واضعا يداه خلف ظهره. ارجو ان يفتح الله عليك تمتم قائلا ومبتعدا بنفس الوقت. عدت الى جنود الFSA فأخبرني احدهم ان وحدته قد ذهبت حديثا الى الاردن حيث تلقت تدريبا عسكريا لمحاربة فصائل مثل جبهة النصرة فتعجبت قائلا حقا؟ الاميركان دربوكم؟ ارجو ان يكون تدريبهم مفيدا لكم, طبعا اجابني قائلا وبعد فترة من التحديق المتبادل بيننا سألتهم هل فعلا ستقاتلون جبهة النصرة فأجاب احدهم لقد اخبرنا الاميركان ماأرادوا سماعه فقط.
عودة الى مخيم جبهة النصرة فقد قضيت الوقت مستلقيا على شرشف على الرمال ومحاطا بخمس مقاتلين وبعد ان تناولنا الطعام والحلوى انتظرنا اوامر صاحب العلم وفي الواقع كان ذهن المقاتلين مشتتا فهم بعيدين عن بيوتهم منذ اسبوع وهو شيء يشبه الابدية بالنسبة للشباب السوري وكانوا قلقين عما يحدث في دير الزور حيث كانوا يجوبون المنطقة جيئة وذهابا لكي يجدوا اشارة اتصال للموبايل وعندما حصلوا على مرادهم بدأت الاخبار بالوصول عن ان داعش قد سيطرت على المدينة بعد عدة ايام من سفرنا واقامت الاحتفالات بالنصر وايضا صادروا سيارة والد احد مجاهدي النصرة.
وفي احد الايام احضر احد جنود النصرة واسمه ابو فاروق بطيخة واخبرنا ان داعش فرضت قانونا جديد في دير الزور وهو انه على كل الذكور البالغين من العمر 13 عاما فما فوق التوبة وان المسلم الصحيح كان يجب ان يحارب جبهو النصرة عندما كانت تحكم وكان الحكم ان من تاب فمن الممكن ان يتابع ما كان فيه اما إن رفض التوبة فقد يكون الموت هو الحكم فيه, اما مقاتلي جبهة النصرة فيجب قتلهم على الفور بمجرد رؤيتهم.
كنت قلقا على مستقبل المقاتلين الخمسة المكلفين بحراستي ماذا ان اعتزلوا الحياة العسكرية وعادوا الى منازلهم واعلنوا البيعة هل ستقتلهم داعش؟ فكان جوابهم طبعا سيفعلون ولكن لماذا؟ سألتهم فأجابونني لاننا جبهة النصرة. ومع انني كنت اعرف جواب سؤالي القادم لكنني سألتهم قائلا ولكنكم تمارسون نفس الطقوس الدينية الاسلامية انتم وداعش وتقرأون القرآن نفسه فاجابوا ان كلامي صحيحا ثم اضفت قائلا وانكم انضممتم الى القاعدة في البداية حيث لم تكن الدولة الاسلامية موجودة؟ فوافقوا على كلامي كليا. ثم اضفت والآن هم يريدون قتلكم؟ فقالوا نعم. ان هذا الوضع سخيف قلت لهم مضيفا: انه يشبه شخص يشرب البيبسي في الشارع فيأتي مندوب السفن أب ويسأل الرجل كيف تجرؤ على شرب البيبسي انك يجب ان تموت وفي حال كان من الممكن لهذا الرجل ان يجيب فسيقول انني آسف ياسيدي ولكن عندما ذهبت الى البقالية لم يكن هناك الا نوع واحد من المشروبات وهو البيبسي ولهذا اشتريته فما هي المشكلة؟
كان الجنود في بدايات ال30 من عمرهم وكانوا يشربون الكولا كثيرا فأعجبهم المثال الذي طرحته عن حالتهم وضحكوا.
بقد كانت المشكلة الحقيقية بين النصرة والدولة الإسلامية هو في الواقع قياداتهم والذين هم اصدقاء الماضي في العراق وفي الواقع هم لن يصلوا الى اتفاق بمشاركة الغنيمة والمتمثلة بآبار النفط في شرق سوريا والتي كانت تحت سيطرة النصرة. ولو توصلوا الى اتفاق لاصبحت سجينا لدى المنظمة الارهابية الموحدة والتي تقاد عبر ابو بكر البغدادي قائد داعش وحتى ماقبل قصص قطع الرؤوس التي حصلت لم يكن هذا الامر مشجعا على الاطلاق.
لمدة ستة اشهر راقبت اعداد المقاتلين المسؤولين عن سجني آخذ في التظاؤل فاحدهم تلقى رصاصة قناص في رأسه والآخر اختفى بعد تفجير انتحاري لاحد الحواجز وغيره وقع في شرك احد حواجز داعش وقتل على الفور وهكذا دواليك.
ومع مرور الايام سفكت الدماء ووصلت الى قناعة عن السبب الحقيقي وراء موت هؤلاء الشباب وهو أن القادة اعلنوا ان هؤلاء الشباب يجب ان يموتوا وقد اخبرني احدهم ان الطرفين يؤمن بأن الله قد كتب اقدارهم وانهم يجب ان يموتوا حصريا بهذه الطريقة منذ خمسين الف سنة.
في هذه الفترة كان كعب داعش قد علا وكانت قدرتها على تجنيد الشباب واخبرني المقاتلين عن اصدقائهم واقربائهم الذين انضموا تحت راية الدولة الاسلامية فهم يدفعون اكثر بالاضافة الى ان جيش الدولة الاسلامية القوي قد حقق الكثير من الانتصارات في شرق سوريا وفي العراق.
في احد ايام سجني في دير الزور وضع قائد السجن خمس اشخاص غير مرغوب فيهم من النصرة معي في الزنزانة بتهمة انهم يخططون للانضمام للدولة الاسلامية ولكنهم انكروا ذلك ولكن وبعد ابتعاد الحراس اخبروني انهم يتمنون الانضمام الى الدولة الاسلامية لكي يتكمنوا من الاتصال بالهاتف وايضا يجب التحدث عن روعة البغدادي وهنا سوف تصفح الدولة الاسلامية عنه وسوف يلتقي في اليوم الثاني بقائده الجديد اما في مسجد او في مطعم ويطلق عليه اسم جديد ويأخذ هاتف جديد وتبدأ حياتهم من الصفر.
خلال الصيف لم تكن اصوات صفارات الانذار عالية ولكن مع اقترابنا من نواحي دمشق اصبحت اكثر وضوحا وقد اصبح واضحا للمشاة ان رحلتنا ليست من العمليات المشرّفة في سبيل الله ولم يكن من اجل استرجاع مرتفعات الجولان ولم يكن سوى انسحاب من منطقة آبار النفط والقواعد العسكرية وكل شيء آخر كانت جبهة النصرة قد سيطرت عليه خلال سنتين ونصف.
بعد ان انهينا تناول البطيخة التي احضرها ابو فاروق استمعت الى اقوال المقاتلين حول مستقبلهم فسألوني ابو بيتر مارأيك بالسويد وسألوني انهم إن ذهبوا الى هناك وقدموا انفسهم كمنشقين عن النظام ماذا سيحدث وعن كوني ضليعا بالإجراءات اللازمة للحصول على اللجوء السياسي؟
وماذا عن برلين ان استطاعوا الوصول الى المانيا وكم من الوقت اللازم لتعلم الالمانية؟
استمعت الى تخيلاتهم لمدة من الزمن ثم لفت سمعي صوت المدفعية في البعيد الأمر الذي جعل الصمت يسود فيما بيننا, وبينما استسلم حراسي للنوم لم استطع منع نفسي من التفكير حول امكانية ان يشير صاحب العلم نحوي فأنا اعرف الكثير عن جبهة النصرة وعملياتهم وممقاتليهم وماذا يحدث في سجونهم وماذا لو قرر انني اعرف ماهو اكثر من ذلك ومماذا لو ارسل احدهم رسالة تخبره بان بترا هو نفسه ثيو الذي درس في مساجد اليمن وألّف كتاب عن تجربته كمراقب سري ماذا سوف يحدث في هذا الحال؟
في منتصف تموز واخيرا وصلت قافلتنا الى فيلا في منطقة سيدا وهي من ضواحي محافظة درعا وفي كل يوم كان صاحب العلم يخبرني بأنه سوف يطلق سراحي قريبا ويقول سوف احررك يوم الثلاثاء, ويأتي الثلاثاء ويذهب ولاجديد. وبحسب تحليل فإن وجودي الى جانب صاحب العلم هو بسبب كوني صحفيا مرة اخرى فهو يريد تبرير افعاله امام الغرب في مقابلة مصورة ومن ثم يحررني مع المقابلة ويرسلني الى البيت. وفي كل ليلة اسأله مبتسما متى ستحررني ياشيخ ويجيب قريبا جدا.
وفي احد ايا آب وعندما كان حراسي نائمون اخذت القمامة الى الخارج كما افعل دائما فامرني احد الحراس وانا خارج بان اغلق الباب عند عودتي, اخذت قصة فيرمونت وخبأتها في بنطالي وتسللت خارجا. في هذه المرحلة اصبح عندي من الخبرة الكثير كي لاأقع في شرك الذهاب وطلب اللجوء من ال FSA ذو النزعة المعتدلة فطلبت من سائق دراجة كان مارا من المنطقة ان يوصلني الى المشفى وهناك رحب حارس المشفى بي فأخبرته بأنني صحفي من إيرلندا وارجو ان تساعدني فأنا احب الشعب السوري فأجابني لاتقلق فأنا من الFSA وادخلني الى غرفة داخلية مطمئنا لي ان لااحد ممكن ان يدخل الى هنا الا بأمري فارتاح انت الآن بأمان فسألته ان كان بالامكان الاتصال بأهلي فوافق وكانت اسهل طريقة لدي هي ارسال بريد الكتروني الى اهلي لكن الكمبيوتر كان محمي بكلمة سر وصاحبها كان بعيدا ويحتاج الى عدة دقائق للوصول الى المشفى ثم سألأني ان كنت بحاجة الى عناية طبية او كوب من الشاي. ثم خرج الجندي وعاد بعد عشر دقائق مشيرا الي ببطئ كما لوأنه سجان يستدعي سجين برئ الى حكم الاعدام.
في قاعة المشفى كان هناك 15 مقاتل من النصرة مع الاسلحة المتدلية من اكتافهم, ساد الصمت لوهلة ثم صدر الامر من احدهم هيا ايها الاميركي وأعادوني بالسيارة الى الفيلا وضربوني على الطريق ومع وصولنا الى غرفة المعيشة حيث كان المقاتلين مجتمعين تم رميي على السجادة حيث كان صاحب العلم متربعا على الاريكة: من لديه اصفاد سأل صاحب العلم بينما كان احدهم يقيدني. انت ناصري كاذ يابيتر وبعد ظهر اليوم سوف اعدمك بيدي هاتين قالها لي صاحب العلم.
أمضيت الاسابيع المتلاحقة محبوسا في غرفة نوم في الفيلا وكان صاحب العلم يمنع المقاتلين من الانتقام بل إنه طردهم واستبدلهم بحراس جدد اقل عنف, وبينما كنت انتظر المحتوم عدت الى كتابة روايتي فيرمونت وكنت اراقب طائرات الأسد تقصف المناطق المجاورة بين الحين والآخر وكان عقلي مشغول بالعنف اللانهائي الذي يدمر سوريا.
فيما مضى وخلال آذار استطاع مقاتلي النصرة القبض على اثنين من قواد الدولة الاسلامية ورميهم في السجن بجانبي ولأن التعاليم الإسلامية لاتقبل الخطأ فقد سمح لنا بالكلام بما ان الحديث سيكون بشكل بديهي عن الاسلام. وفي هذه الاثناء استحضرني المنطق الذي يتصرف به المسلمون في هذه المناطق والقائل (لقد قتلت رجالي وسوف اقتل رجالك) وكان جاري من الناس الجديرين بابداء الرأي واسمه ابو ضهار وكان عن يساري وهو مقاتل من تنظيم القاعدة كان في العراق ثم انضم الى جبهة النصرة واخيرا مع الدولة الاسلامية وهو مهرب سلاح, اما ابو عمران الذي عن يميني فهو مسؤول عن المتفجرات والتي قتلت المئات من السوريين والعراقيين.
ولكن هذا العنف لايفيد الاسلام بشئ سألتهم فكانت ردة فعلهم مختلفة عما ظننت فالخلاف بين البغدادي وصاحب العلم لهو شيئ صبياني من المخجل الحديث عنه بينما القتل والقنص والتفجيرات التي يتبناها الطرفين فهي ذات تفسير منطقي وحكيم. ان الحرب ضد قوات الاسد لم تكن إلا مناوشة صغيرة في المعركة العالمية القادمة حيث أن الفئة المؤمنة سوف تهيمن على الفئة المعاكسة. بعد ان نغزو القدس سوف نغزو روما قال ابو عمران. لم يحاول احد ان يغزوكم فلماذا تريدون غزو العالم؟ سألته, فأجابني ابو عمران ان الغزاة قد جاؤوا الى سوريا في الماضي وهم على يقين انهم سيعودون وخص بالذكر في حديثه حقول النفط المسيطر عليها من قبل الغرب والتي هي الغنيمة الكبر بالإضافة الى ظهور الاسلام في الدول الغربية والذي لايؤمن به أي من حكومات الدول في العالم خصوصا منها حكومات الدول الشرق اوسطية والغير ملتزمة بالدين الاسلامي. فإن قام اوباما بقصف المؤمنين سوف نردها لكم في بلادكم قالها ابو عمران مضيفا فنحن لدينا ايضا صواريخ التوماهوك الخاص بنا مشيرا بكلامه الى العنصر البشري عندهم.
فعليا لم اعد اتفاجأ من حديث قادة النصرة خلال ال22 شهر المنصرمة عن الاطفال الصغار كمشاريع لانتحاريين مستقبليين فالاطفال كانوا يشاركون في جلسات التعذيب لابسين الاحزمة الناسفة وينشدون لندمر اليهود والموت لاميركا في ممرات السجون ومن الخطأ الاعتبار ان السوريين فقط من يتعلمون هذه المناهج فجبهة النصرة تدعو حتى الغربيين للجهاد في سوريا ليش لأنهم بحاجة الى العنصر البشري فلديهم الكثير ولكن لأنهم يريدون تعليم الغربيين بنقل الصراع الى البلدان الغربية ويريدون من هؤلاء ان يعلموا اطفالهم هذه التعاليم وبهذا فإن إمارات اسلامية سوف تنبثق من تلك البلدان الغربية بعد ان تتشكل الدولة الاسلامية في سوريا والعراق وفي هذه الحال سوف يعيش المسلمون الغربيون حياة كريمة وتحت تعاليم الدين الاسلامي.
اثناء حديثي مع مقاتلي النصرة حاولت مواجههتهم بفكرة العنف اللامتناهي لتحقيق هذا الحلم وهنا يوافقوني الرأي قائلين نحن فقط نريد التخلص من بشار الأسد ونريد إعادة بناء الخلافة هنا في سوريا أولا, وإن لم يقاتلنا الغرب فلن نقتلكم. أعود لؤالهم هل خليفتكم هذا لديه مدارس او مشافي او طرقات فيجيبوني بأنه بالطبع لديه كل ذلك متناسين الدمار الهائل والحاصل
larbi- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 32946
نقاط : 67999
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
مواضيع مماثلة
» بعد النعمة....قياديّان من الحر بضيافة معتقلات النصرة!
» خلافات داخل المعارضة السورية حول أسباب التراجع الأميركي
» نتائج هزيلة للبرنامج الأميركي لتدريب المعارضة السورية
» البيان المشبوه.....جبهة النصرة تحاول تفجير المعارضة العسكرية السورية!
» انضمام 100 سجين عراقي فار من سجن أبو غريب إلى جبهة النصرة في سورية
» خلافات داخل المعارضة السورية حول أسباب التراجع الأميركي
» نتائج هزيلة للبرنامج الأميركي لتدريب المعارضة السورية
» البيان المشبوه.....جبهة النصرة تحاول تفجير المعارضة العسكرية السورية!
» انضمام 100 سجين عراقي فار من سجن أبو غريب إلى جبهة النصرة في سورية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد