«اليمين الفرنسي» يشن حربًا على محال «الشاورما»..و «الكباب» دليل على«أسلمة فرنسا»

افتتحت أربعة مطاعم للشاورما الشهر الماضي في «بلوا» الفرنسية ليتجاوز بذلك عدد المطاعم الشرقية العشرة في تلك البلدة الجميلة الواقعة بوادي نهر لوار والتي يتوافد عليها السياح لزيارة قلعتها ويستخدم لفظ كباب أيضا في فرنسا ودول غربية أخرى للإشارة إلى الشاورما.

ادعاءات متطرفة

ونظرا لارتباط الهوية الوطنية في فرنسا بشكل كبير بمطبخها المميز، ما دفع سياسيين من اليمين المتطرف لاعتبار الانتشار المتزايد لمطاعم الشاورما في البلاد دليلا على «الأسلمة» الثقافية.

ويهاجم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف مطاعم المأكولات الشرقية قائلا: «بلوا المركز التاريخي ودرة التاريخ الفرنسي تتحول إلى مدينة مسلمة».

وفي ظل استخدام الطعام في الأغلب كرمز للهوية الفرنسية جعل حزب «الجبهة الوطنية» أحد مواضيع حملته الانتخابية معارضة الانتشار الواسع للحوم الحلال وهو ما يرى فيه تأثيرا للإسلام على التقاليد الفرنسية.

ولا يقتصر الأمر على اللحوم، لأن سياسيا يمينيا كان أحدث ضجة عام 2012 بتكرار حكاية لا أساس لها عن خطف مسلمين صائمين في رمضان لكعكة شوكولاتة فرنسية من يد تلميذ.

وخلال حملة الانتخابات المحلية في مارس الماضي انتقد مرشحو الجبهة الوطنية في جميع أنحاء البلاد انتشار محلات الشاورما.


الرسالة الضمنية واضحة وهي أن مطاعم الشاورما المنتشرة في كل مكان والتي تحظى بشعبية بين الشباب ومحدودي الدخل مؤشر على أنه باتت لثقافة الشرق الأوسط جذور في فرنسا التي لا يرضى كل فرد فيها عن وجود خمسة ملايين مسلم على أراضيها.

ويقول تيبو لو بيليك مؤسس موقع «KebabFrites.com» الذي ينشر تقييما لمطاعم الشاورما في فرنسا ويعمل على الإشادة بجهد العاملين في هذا المجال إن «الشاورما تمثل انعكاسا بدرجة ما لجميع المشاكل المتعلقة بالهجرة والاندماج في فرنسا» حسبما ذكرت وكالة رويترز.

ويتحدث داميان شميتز، الذي يدير مطعما للشاورما في باريس، بصراحة أكبر قائلا إنه بانتقاد مطاعم الشاورما «يمكنك أن تسيء للمسلمين من دون أن تصرح بذلك».

6 يورو لـ«السندوتش»

وجلب المهاجرون الأتراك الشاورما إلى باريس في التسعينيات وسرعان ما لاقت قبولا بين المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا.

وحاليا يباع 300 مليون «ساندوتش» شاورما بسعر ستة يورو للواحد في نحو 10200 مطعم في فرنسا كل عام ما يضع القطاع الذي يبلغ حجمه نحو 1.5 مليارات يورو «1.9 مليارات دولار» وراء قطاع البرجر والبيتزا مباشرة وفقا لشركة جيرا كونسي المتخصصة في أبحاث السوق.
وأصبحت الشاورما تباع في كل مكان في فرنسا، في المدن والبلدات وتباع مجمدة في المتاجر وتقدمها المطاعم السريعة التي تخدم ركاب السيارات حتى أن أحد منتجات البطاطس المقرمشة «الشيبس» يقدم بطعم الشاورما ويمثل إعلانات هذا المنتج "يوهان كاباي" وهو لاعب أبيض البشرة في منتخب فرنسا لكرة القدم وفريق باريس سان جيرمان.


الشاورما ودول أوربا

والوضع على النقيض تماما في ألمانيا حيث تعتبر الشاورما رمزا إيجابيا لاندماج الأتراك في المجتمع الألماني، وصورت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في ثلاث مناسبات على الأقل وهي تقطع لحم الشاورما.

أما فى بريطانيا فبعث زعيم المعارضة البريطاني، إد ميليباند، رسالة إشادة لموقع «بريتش كباب» قال فيها إن العاملين في هذا القطاع يؤدون «عمل شاق ويتفانون لتقديم طعام عالي الجودة وبأسعار معقولة».

على طريق السوشي والبيتزا

وفي بلوا أقرت أوزنور بوسكول، صاحبة مطعم للشاورما بأنه بالنسبة للبعض «فعندما تقول شاورما فإنك تعني العرب» لكنها قالت إن هذا الموقف بدأ يتغير وأشارت إلى أن زبائنها «جميعهم فرنسيون».

وأضافت «عندما كنت صغيرة كانت الشاورما حقا للعرب، الآن أراها متاحة للجميع، لقدت تطورت».

وتقول إن المشكلات المتعلقة بالصورة حاليا ستتلاشى مع الجيل القادم، مشيرة إلى أن البيتزا جلبت عند وصولها لفرنسا في الستينات تهمة «صاحب المتجر الإيطالي القذر الذي لا يتكلم الفرنسية وتفوح منه رائحة العرق».


اتهامات ملفقة

على الرغم من التزايد السريع في شعبية الشاورما إلا أنها تعاني من سمعة عالقة في الأذهان بوصفها وجبة سريعة مليئة بالدهون تقدمها مطاعم صغيرة مملوكة لمهاجرين مسلمين غير مندمجين في المجتمع.

وتعززت تلك السمعة بفعل لقطات بكاميرات خفية بثتها برامج تلفزيونية وتظهر بعض الظروف غير الصحية لإعدادها.

وتوجه بعض الاتهامات لمحلات الشاورما بأنها واجهة لغسل الأموال لكن العاملين في هذا القطاع يقولون إن مثل هذه الاتهامات مبالغ فيها إلى حد كبير.