من ليبيا يأتي العجب ... اصفعني وخذ دينار

ميلاد عمر المزوغي

من ليبيا يأتي العجب,مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه صنفوا الميليشيات التي لا تعترف بالشرعية بأنها ميليشيات إرهابية,الغريب العجيب في الأمر أن قادة وأفراد هذه الميليشيات لا يزالون يتقاضون مرتباتهم المجزية من الحكومة أي من خزينة الشعب الذي تقوم هذه العصابات بقتله وتدمير مقدراته العامة والخاصة ويتمتعون بمزايا لا يتمتع بها آخرون من أبناء الوطن.
يقول احد نواب الشعب بشان قطع رواتب الميليشيات,كيف لنا إن نوقف رواتبهم,وقال بان البعض مغرر بهم وليس لهم مصدر رزق آخر,وان كنا سنقطع عن الرواتب فالحري بمجلس النواب أن يوقف رواتب العسكر الذين لم يلتحقوا بثكناتهم استجابة لنداء رئاسة الأركان, كيف لعسكري سابق أن يلتحق بمعسكره وهو يعيش في بيئة حاضنة للإرهاب,ويحمد الله صباح مساء على أن تلك الميليشيات لم تقم باقتياده إلى السجون سيئة الذكر,كيف لعسكري أن يقوم بمقاتلة مرتزقة وطنيون وغير وطنيين يتقاضون من خزينة الشعب الذي سيدافع عنه رواتب أضعاف ما تتقاضاه اكبر رتبة عسكرية في البلد.

أي نوع من النواب هؤلاء الذين انتخبهم الشعب ليقوموا بتسيير أموره,إنهم ولا شك ليسوا بشرا بل نخالهم من جنس الملائكة,فهنيئا لك أيها الشعب العظيم باختيارك,واعتقد جازما أنك بحثت كثيرا في سبيل الإتيان بهؤلاء النواب الميامين,ليت مثل هؤلاء لا يخرجون علينا عبر الفضائيات المدفوعة الأجر, فيفصحون عما يدور بخلدهم ورؤيتهم لما يجري بالبلد,وبالتالي يثبطون عزيمة الشعب الذي اختارهم,فيجعلونه يندم على فعلته التي لن تغتفر.

ندرك أن المهمة الملقاة على مجلس النواب ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة,وندرك جيدا أن هناك ضغوطا تفرض على البرلمانيين لأجل القبول بالطرف الآخر الذي لا يعترف بنتائج صناديق الاقتراع,بل هناك أخبارا حول منحهم الثلث المعطل,فكيف لهؤلاء الانقلابيون الذين يعدون قلة لا تكاد تذكر أن يكون لهم ذلك؟.كان الأجدر بمجلس النواب إن يتبع قرار تصنيف الميلشيات بأنها إرهابية بقطع رواتب منتسبيها,إنهم يقومون الآن بقتل الشعب,فماذا عسى هؤلاء المجرمون أن يفعلوا أكثر مما يفعلون؟وأي خير يرتجى منهم؟,إنهم ينصبون البوابات حيثما يشاءون,يقبضون على الهوية,وفوق ذلك كله يتقاضون أعلى مرتبات,يعيشون جنتهم الموعودة على الأرض.
دعا رئيس حكومة الانقلابيين في طرابلس إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة,أقول والحالة هذه إن استمر تعاطي مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه مع قضايا المجتمع بهذه الكيفية, فقد يغيّر الشعب راية في من اختارهم,لأنهم لم يحققوا له أي شيء يذكر,بل ازدادت معاناته,ويأتي بأناس آخرين,لن يكونوا أمثالهم.

أعود إلى عنوان المقالة,نسمع بالمثل القائل اصفعني وخذ دينارا,ولقد تم تجسيد ذلك في أكثر من عمل تلفزيوني,ما جعلنا نحتفظ بتلك المشاهد في ذاكرتنا التي فقدت الكثير مما علق بها,لأن الأمور تتسارع,والذي يبقى في الذاكرة ليس بالضرورة الجيّد من الأحداث,بل أتعسها وما أكثرها هذه السنوات,لم تعد الصفعة في بلدي بدينار بل بمليارات الدولارات,ناهيك عن عمليات القتل المأجور والاختطاف,فليبيا بلد غني,الدينار لم تعد له قيمة,لأن الذين يتحكمون في أمور البلد أصحاب أكثر من جنسية,أتوا إلى ليبيا لأجل نهب الأموال وعند شعورهم بالخطر,يركبون أول طائرة أو باخرة متجهة إلى حيث كانوا يخططون ضد هذا البلد,لأنهم يستولون على عديد إن لم نقل كل الموانئ البحرية والجوية بالبلد.

إن ما يعانيه الشعب الليبي اليوم هو نتاج اختياره,الذي أراه غير موفق,ربما لعدم إفصاح المرشحين عن برامجهم,ربما لعدم معرفة المواطن بالعديد منهم لأنهم كانوا خارج الوطن بحجة الفرار من النظام القمعي الديكتاتوري,فتصرفات الذين انتخبهم خلال المدة الماضية,فاقت ما فعله النظام السابق طيلة الأربعة عقود.لا اعتقد أن وضع المواطن في بلدان الربيع العربي يختلف كثيرا عنه في ليبيا بل بدرجات متفاوتة.