بين الفاعل والمفعول به

قرأنا في مقاعد الدراسة الفرق بين الفاعل والمفعول به وعرفنا بأن الفاعل مرفوع بالضمة والمفعول به منصوب بالفتحة ولاحظنا دائما أن الفاعل هو الذي يكون متفوقاً على المفعول به .. فالفاعل دائماً يكون مسيطر والمفعول به ضعيف ويقع عليه الفعل .. فهناك أناس يعتبرون أنفسهم دائما (مفعول به) طول الوقت.. وأناس آخرين يعتبرون أنفسهم (فاعل) مهما حدث .. والنوع الثاني هم الناجحون في حياتهم .. وهذه المقدمة فقط لأسقاطها علي الواقع الليبي .. فالليبيين كانوا كالجسد الواحد في توادهم وتراحمهم وترابطهم وكانوا قبلة أحرار العالم ومحط أنظاره في هيبتهم وشموخهم واستقلال قرارهم وقوة أرادتهم لذلك كانوا دائما في دور الفاعل المؤثر في كل الأحداث أقليميا ودوليا .. وكانوا صانعين للحدث لا متأثرين به .. وكانوا رواد عصرهم ورسل الحضارة الجديدة ومعلمي الشعوب وملهمي الساسة والمفكرين والثائرين قولا وعملا .. وعنوانا للأصالة والأنتماء والمدافعين عن هوية الأمة وحاملي أمانتها بكل ماتحتاجه الأمانة من مسئولية تاريخية وأخلاقية وماتستحقه من ثمن باهض واستعداد دائم للتضحية .. هذا حتى تاريخ منتصف فبراير للعام 2011 حيث أنشق الصف وتبعثرث أجزائه وأنقسم بين فاعل ومفعول به .. في ذلك التاريخ ظهر أولئك المفعول بهم المأمورين من الخارجين والطائعين لأصحاب الجلالة والسمو والراكعين لسكان البيت الأبيض والأليزيه .. خرجوا في مشهد مريب أستغربه كل العالم الذي كان يكن الأحترام والتقدير لهم .. بكوا وكذبوا ونافقوا وخانوا العهد والميثاق وسقطوا أمام العالم سقوطا أخلاقيا وسياسيا ودينيا وفضلوا أن يكونوا دمى وبيادق تتلقى الأوامر وتنفذ وتسعي بكل جهد لكسب الود والرضا .. ولكن الغالبية الساحقة التي تنفست عبير الحرية الحقيقية منذ الفاتح 1969 وأمتلكت زمام أمورها ومقدراتها وأعطت النموذج لشعوب العالم في الأنعتاق النهائي من كل أنظمة العسف والظلم والاستغلال أختارت أن تكون في دور الفاعل كما كانت دائما وكما تعلمت من امامها وقائدها ومرشدها .. لذلك لم تنتظر الأوامر بل أعدت عدتها وتدافعت أفواج تتلوها أفواج لساحات الوغى تدفع ثمن الحفاظ علي دور الفاعل ورفضها بأن تكون مفعول به .. لم تأبه بالفارق في ميزان القوى والذي لم يكون في صالحها حيث كانت هذه الجماهير في مواجهة أساطيل أمم العالم مجتمعه ومن لم يشارك في القتال من أمم العالم قدم الدعم اللوجستي ومن لم يشارك في الدعم لعب دور المتفرج لمشهد كان في غاية الدهشة والاثارة في كل فصوله بداية من المسيرات المليونية المتحدية لقصف الطائرات فوق رؤوسها مرورا بالمواجهة المسلحة الغير متكافئة ونهاية بالزغاريد علي قوافل الشهداء وأستعداد الأخرين لمواصلة المعركة ليس طلبا للنصر أو الحياة بقدر ماهو قياما بالواجب ودفع ثمن دور الفاعل .. مرت شهور لصمود أسطوري لم يتوقعه أكثر المراقبين تفائلا .. وأربك كل حسابات الخصوم وأعطى الثقة لكل قوى العالم الأخرى بأنها قادرة أن تكون رقما صعبا أمام هذا الغول الذي أنكشفت حقيقته بأنه مجرد وهم زرع في أذهان العالم فظهرت علي أثرها كوريا الشمالية تهدد وتتوعد بعد أن عرفت حقيقة الغول الذي كاد أن يهزم أمام شعب صغير في العدد والعدة كبيرا في الارادة والصمود ثم كشرت روسيا أيضا عن أنيابها وفرضت شروطها ورفعت الفيثو أمام هذا الغول وسارت الصين علي نفس الدرب .. بعد شهور المواجهة كان لابد من الانسحاب والذي لم يكون من قبيل الهزيمة ولكن في منهج القتال تحتاج الى وقت لاعادة التنظيم والتجهيز ومواصلة المعركة بأكثر قدرة وفاعلية .. ظن أولئك المفعول بهم أنهم أنتصروا ونسوا لبرهة أنهم كدمى مسرح العرائس التى تحرك حسب رؤية المخرج في الخفاء .. مماأفقدهم نكهة النصر الذي لم يكن نتيجة أفعالهم وأدخلهم في دوامة الأقتتال والتناحر والأنتحار الجماعي بينما أنهمك الفاعلين الحقيقيين في التنظيم وتحليل المشهد وأختيار الزمن اللازم للفعل واللحظة المناسبة للاقتحام وسط معنويات عالية وثقة وامتلاك زمام المبادرة والقدرة الفائقة والمهارة العالية النابعة من الذات لا من الخارج .. هكذا يبدو المشهد في فصله الأخير غاية في الدقة ودرسا وعبرة لأولى الألباب وأن من يصنع التاريخ هم المؤمنين بقدرتهم في العمل والأبداع والمستعدين لدفع الثمن والواثقين من النصر الذي يمنحه الله للعاملين في سبيله .. فلاأحد يمنحك النصر والسعادة ألا نفسك وأيمانك وعملك .. فثق بنفسك وتحدى العواصف وهى تجتاح المدى .. وللحديث بقية في ساعات الفجر التي بدت خيوطها تظهر والنصر الذي بدأت ترسم ملامحه في الافق ... الفــــــــــــــــــــارس

بارك الله فيك
ابدعت
دام ابداعك

بارك الله بك اخي الفارس على شحذ الهمم وقتل اليأس والإيمان بالله وبامكانيات وبطولة المقاومين الذي شربوا من كأس ثورة الفاتح من سيبتمبر العظيمة بماء نقي صاف اغتمس بندى جبين شهدائنا واسرانا ومقاتلين الذين ابوا ان يستسلموا وابوا ان يخونوا الوعد والعهد والذين ما زالت كلمات القائد الشهيد الصائم تدغدغ احاسيس الحرية والكرامة والصمود والتصدي لهذا العدوان الغاشم بجرذانه وعملائة ومرتزقتة ومفتنية وما النصر الا صبر ساعة من رب مطلع على كل شيء يمهل ولا يهمل

تحياتي واحترامي وتقديري لك اخي الفارس الحر