تحالف عسكري "خليجي-مصري" .... ضد من؟

إن ازدياد نفوذ “الدولة الإسلامية” وامتداد أذرعها إلى مناطق مختلفة من الوطن العربي ، أثار حالة من الهلع والخوف المتزايد منها ، لدى الممالك العربية والسلطات العسكرية في مصر ، لاسيما بعد أن حذت جماعة “أنصار بيت المقدس” التي هي من أقوى الجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء ، حذو الكثير من الفصائل المسلحة ، وأعلنت ولاءها للدولة الإسلامية ، ما جعل الحاجة ملّحة لإنشاء تحالف عسكري عربي مؤلف من (مصر والسعودية والإمارات والكويت) ، حسب المعلومات السرية المسربة من المباحثات “المصرية – الخليجية ” ، التي وردت في تقرير لوكالة الأنباء الأمريكية ” الأسوشيتيد بريس” .

تشكيل تحالف عسكري ” مصري خليجي ” خطوة متوقعة على الساحة العربية ، أولاً ، لما تمر به المنطقة من مرحلة مصيرية تهدد وجودها ، ثانياً، رغبة مصر الواضحة في توسيع التعاون مع دول الخليج في المجال العسكري على وجه الخصوص ، الذي بدا جلياً بعد إسقاط حكم ” الإخوان المسلمين ” العام الماضي ، من خلال تصريحات الرئيس المصري ” عبد الفتاح السيسي” الذي أكد مراراً وتكراراً أن مصر تعتبر أمن الخليج جزأ لا يتجزأ من أمنها .

بالرغم من أنه لم يتم الإعلان عن تشكيل هذا التحالف بشكل رسمي من قبل الدول المشكلة له ، إلا أن المعلومات المسربة للوكالة من قبل مسؤولين عسكريين تؤكد أن التحالف لا يهدف إلى محاربة داعش في سورية والعراق ، حيث يتولى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هذه المهمة ، وإنما يهدف إلى تشكيل قوة يمكن اللجوء إليها لحماية دول الخليج من أي هجوم محتمل عليها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية ” داعش ” ، و إعادة ترتيب أوراق الدول السنية في المنطقة كقوة مكافئة للنفوذ الإيراني ، و إنشاء قوة أساسية من القوات الخاصة والقوات الجوية ، المخولة بالاطلاع على المعلومات الاستخباراتية ،من قبل مخابرات الدول المشاركة في التحالف ، فضلاً عن محاربة البؤر المتطرفة ، لاسيما في ليبيا ذات الحكومتين ، (حكومة إسلامية متشددة في طرابلس ، وحكومة معترف بها دولياً فرّت من بطش الأولى إلى مدينة طبرق قرب الحدود المصرية بانتظار منقذ ما ) ، يضاف إلى ما سبق ، ضرورة التدخل السريع في اليمن ، حيث يسيطر الحوثيون الشيعة ( المدعومون من إيران وفق التصريحات السعودية ) على المشهد السياسي حاليا ، بخاصة بعد استحواذهم على العاصمة صنعاء ، هذا مع وجود قوي لواحد من أنشط أجنحة القاعدة الذي يحارب الحكومة منذ سنوات. ما يعتبر تهديدا للرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم خليجياً .

مسؤولون مصريون نفوا ما تناقلته وسائل إعلام عن تشكيل التحالف ، فيما أكده عسكريون خليجيون ومصريون آخرون ، قائلين : أن المباحثات حول إنشاء تحالف ضد المتطرفين قطع شوطا كبيرا، إلا أن هناك اختلافات بين الدول حول حجم القوة العسكرية ،وتمويلها ،ومقرها ، وما إذا كانت العمليات التي ستقوم بها تلك القوة ستكون تحت الغطاء السياسي للجامعة العربية أو الأمم المتحدة.
الولايات المتحدة كعادتها تماطل ، وتدعي عدم المعرفة ، وتراوغ إلا أن تٌطلب مباركتها ، حينها ستبارك ، وترحب ، وتصرّح ، وتسلّح .
مَن يتعمق في المشهد السياسي الذي طغى على المنطقة منذ بداية ما يسمى “الربيع العربي” يرى أن تشكيل مثل هذه القوة العسكرية المشتركة ، ذو أبعاد سياسية مبنية على المنفعة المتبادلة تتعدى هدف محاربة الإسلام السياسي ، لاسيما بوجود دول الخليج القلقة من الندّ الإيراني الذي يهدد مصالحها في المنطقة .