علاقة "داعش" بسينما هوليوود.. دراما الرعب تصنع إرهابيين جددًا
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
علاقة "داعش" بسينما هوليوود.. دراما الرعب تصنع إرهابيين جددًا
أهم ما يميز الجماعات الإرهابية الجديدة ومنها تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، أنهم لا يتقيدون بجنس أو لون أو حدود، فالانضمام للتنظيمات متاح لكل المسلمين دون أي استثناء، وهى ظاهرة عابرة للحدود ولا تعترف بها لأنها وثنية حسبما يعتقدون، ويشددون على إزالتها.
ومن هنا أصبح تصميم تنظيم “داعش” هذا الاختصار للدولة الإسلامية الافتراضية، هاجسًا لكل دول المنطقة وغيرها من البلدان الأوروبية وكندا وأستراليا والولايات المتحدة. فداعش وغيرها من الإرهابيين الجدد مهما اختلفت مسمياتها تسعى للهروب من الدولة الوطنية والقومية إلى الدولة الافتراضية، لتشمل كل الجنسيات بلا مسميات عتيقة أو حدود حتى لو عابرة للمحيطات والقارات.
وعلى نهج داعش وغيرها، هرب إليها الوافدون الجدد من كل بلدان العالم من دولهم القومية القديمة، حيث عانوا من اضطهاد الدولة الأم لهم دينيًا واجتماعيًا وثقافيا واقتصاديا، ليؤسسوا الدولة الافتراضية رغم انعدام مكونات الدولة المدنية الحديثة فى عوالمهم الجديدة. فحدود الدولة الإسلامية تائهة المعالم ووهمية وبلا خطوط مرسومة، وترتبط فقط بعالم شبكات التواصل الاجتماعى والإنترنت .. ولكن مع فرض نمط حياة قبلية قديمة نسيها العالم منذ عشرات السنين إن لم يكن مئات السنين.
ربما كان الظلم والاضطهاد هو الدافع وراء انسياق الوافدين الجديد من أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا إلى عالم الدولة الإسلامية الوهمية أو دولة داعش الجديدة فى المنطقة، فهؤلاء عانوا مرارة الوحدة والقهر النفسى وعدم التواصل الاجتماعى مع مواطنيهم فى بلدانهم التى ولدوا ونشأوا بها، فهربوا إلى عالم افتراضى جديد لا يربطهم به سوى ما يحملونه من الرابط الديني، فالإسلام كديانة يجمع بينهم. وإذا كان الدين سببا رئيسيا لتعرض هؤلاء لاضطهاد فى بلدانهم الأصلية، يعد فى ذات الوقت الحافز القوى لتركهم بلادهم والهجرة نحو الدولة الداعشية، ليمنحهم الانضمام إليها صفة المسلم فى بلاد الإسلام، ولتكون لهم الأولوية فى العيش والحياة والحصول على كينونة افتقدوها فى الغرب، حتى لو التصقت بهم الآن صفة الإرهابي فهذا لا يهم طالما كان العيش بجانب مسلمين فى دولة جديدة تترعرع فى المنطقة، وبالتالى فهو يجارى أفكارها المتطرفة حتى وإن كانت تدعو إلى قتل الغريب أو الأجنبى وربما كان المغدور به جارا، لهذا الإرهابى الوافد أو قريبه.
ليس مهما ما إذا كانت الولايات المتحدة اعترفت حتى وقتنا الراهن بأنها هى التى أسست تنظيم القاعدة لمواجهة الاحتلال السوفيتى الشيوعى لأفغانستان، فالمهم أنها هى التى أرست أسس الإرهاب الحديث فى المنطقة والعالم، لتعانى لاحقا مع دول أوروبية وعربية اخرى من ويلات تطرف وإرهاب الفكر القاعدى على مدى سنوات، لتشتد الأزمة وتفرخ القاعدة فى تطور طبيعى يتفق مع نظرية “التفتت بعد القوة” أو “عنقودية الأساس”، عدة منظمات إرهابية جديدة اتخذت مسميات عدة منها الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام” و”جبهة النصرة”.
كيفية مواجهة الدولة الإسلامية الافتراضية وضعت المنطقة العربية أمام تحديات لا حد لها منذ اواخر 2010 بالتزامن مع ظهور “الربيع العربي”، حيث بدأت ظاهرة بزوغ ما يسمى بـ “الإمارات الإسلامية” وانتشارها فى عدد من دول المنطقة . وسعت هذه الإمارات المتطرفة لفرض سيطرتها على مناطق جغرافية بعينها عبر تطبيق الشريعة الإسلامية، وفقا لتفسيراتها المتشددة دون الاعتداد بالقوانين الوضعية، وهو ما يجعلها مناطق خارج سيطرة الدولة الوطنية، بما يهدد كيانات وحدود الدول القائمة على الخريطة حاليا ويعرض بنيتها القومية لمخاطر عديدة وربما تذوب وتتلاشى مع تنامى حدود دولة الخلافة الإسلامية المزعومة.
ومن الطبيعى أن ينقلب السحر على الساحر، لكن هنا انقلب مرتين، ففى الأولى كانت الأراضى الأمريكية والأوروبية ذاتها هدفا لإرهاب القاعدة، وتمكنت هذه الدول فى مرحلة لاحقة من مواجهة الإرهاب على أرضها الرخوة بسبل متعددة، ولكن الإرهابيين الجدد نالوا من مواطنين ورعايا أجانب فى موطنهم الجديد، وهذا هو الانقلاب الثانى للسحر على الساحر، والذى امتد أيضا إلى الأوطان ذاتها عبر ما يسمى بـ”الذئب المنفرد” وفقا لما نشرته صحيفة “ديلى تليجراف” البريطانية عن أن تنظيم القاعدة أنفق أقل من مليون دولار لتنظيم هجمات 11 سبتمبر 2001، لكن تنظيم “داعش” وجد طريقة أقل تكلفة لضرب الأراضى الأمريكية، وذلك عبر التأثير على المتعاطفين معه من المرضى النفسيين لتنفيذ هجمات ما يطلق عليه “الذئاب المنفردة”.
فداعش يحول المواطنين الأجانب فى بلادهم الى إرهابيين محتملين أو “ذئاب منفردة” عبر نشره صور وفيديوهات الرءوس المقطوعة والجثث على موقع التواصل الاجتماعى والإنترنت، إلى جانب الدعوات الصريحة للقتل. وبهذا يتحول هؤلاء الى أسلحة عن بعد – بيد التنظيم، وهذا التكنيك الجديد لا يتطلب محاولات استمالة عبر خلايا نائمة أو خططا أو تنسيقا أو حتى دعما ماديا، لكنه يثبت التأثير العميق لنشر الخوف، ويستخدم فى هذا التأثير على المرضى النفسيين، وهؤلاء يكونون أكثر شراسة فى تنفيذ أعمال عنف وإرهاب فى أوطانهم .
المثير فى الأمر أن الأمريكيين على المستوى الرسمى لم يعترفوا بعد بتأسيس الجماعات الإرهابية، وحتى على مستوى المحللين السياسيين والاقتصاديين والكتاب والنقاد لم يعترفوا أيضا بخطايا بلادهم حتى ولو بعد حين.
ولكن على المستوى الدرامى، ونقصد هنا عالم هوليوود الخيالي، فهو خير حافظ للذاكرة الأمريكية، ولا يترك شاردة أو واردة وإلا احتفظ بها وجسدها فى أحداث ومشاهد سينمائية. فأنتجت هوليوود شرائط مهمة مثل “صائد الغزلان” و”العودة للوطن” وغيرها لتحكى عن مأساة حرب فيتنام التى ورط فيها سكان البيت الأبيض شعبهم على مدى سنوات لتتحول الأراضى الأمريكية الى شبه مقابر مفتوحة على الدوام من كثرة الضحايا من الجنود، وكذلك لم تهدأ الحالة فى المستشفيات بسبب التوافد اليومى من الجرحى والمصابين. فهذه الحرب طبعت فى أذهان العائدين فكرا معقدا حيال الوطن الأمريكى، وربما عبروا بصدق عن مدى شعورهم بالهزيمة والانكسار والاضطهاد فهم حاربوا وأصيبوا بأمراض وكسور شتى جعلتهم مقعدين غير قادرين على ممارسة حياتهم فى أدنى مستوياتها الإنسانية وربما شعر بعضهم بأنهم منبوذون من بقية المجتمع الأمريكى حيث يذكرونه بفداحة الهزيمة والانكسار.
ومرورًا بأزمة فيتنام وتداعياتها المؤلمة فى نفوس الأمريكيين، ورغم أنها لم تخلق منهم إرهابيين ضد وطنهم، فثمة شريط سينمائى مهم للغاية ربما لم يحظ بالجماهيرية عربيا، وهو “خريف العدالة” وعنوانه الأصلى “Heavens Fall”، وربما لم يتطابق العنوان العربى مع الأصلى ولكن يرتبط بالمعنى ضمنا اذا حكمنا حسب القصة الإصلية للشريط . و تحكى عن توجيه تهمة الإعدام لتسعة شبان زنوج باغتصاب فتاتين قاصرتين فى عربة قطار شحن، وتتوالى أحداث الشريط الذى يجسد مدى تعرض الزنوج الى الاضطهاد فى وطنهم ومحاولة تغريبهم عنه بفرض نمط معيشة معين لا يليق بأدنى حقوق للإنسان. ثم يظهر صامويل ليبوفيتز المحامى الشريف الذى يقرأ عن قضية هؤلاء ويتكبد مشقة الانتقال من مدينة نيويورك ويترك عائلته الصغيرة الى بلدة (سكوتسبورو) فى ولاية آلاباما بالجنوب ليتولى الدفاع عن الشبان بعدما تأكد من كذب الأدلة المقدمة ضدهم ومدى الظلم الذى تعرضوا له بعد تكالب المدعى العام للبلدة والقاضى جيمس هورنون وهيئة المحلفين الصورية المشكلة من أعضاء بيض، على تحميلهم القضية الملفقة بهدف تبرئة شاب أبيض من مغبة مواجهة الحكم بالإعدام. ولطالما حاول المحامى ليبوفيتز الدفاع عنهم والبحث عن الادلة الكفيلة بتبرئة موكليه حتى اقترب بالفعل من إدانة المدعى العام والقاضى وهيئة المحلفين وشرطة البلدة، وحصل على اعتراف رسمى من احدى الفتاتين بتبرئة الشبان السود واتهام الشاب الأبيض مع تأكد هيئة المحكمة بمدى كذب الفتاة الاخرى وسوء سمعتها أخلاقيا، الا ان هيئة المحلفين لم تتراجع عن حكمها السابق ليصدر القاضى حكمه النهائى للمرة الثانية بإعدام الشبان السود ظلما وعدوانا، رغم انه يقول ضمن مشاهد الشريط :” لن أتخلى عن تطبيق العدالة والقانون حتى لو انطبقت السماء على الأرض”.. ومن هنا جاء العنوان الأصلى للشريط السينمائي، الذى تحقق بالفعل سواء بالعنوان الأصلى أو المترجم، لأن العدالة لم تتحقق وكذلك اختلت السماء بسبب الظلم الذى وقع على الشبان السود وإبعاد التهمة عن الجانى الأبيض.
لقد بدأ الشريط السينمائى “خريف العدالة” بخروج جرار القطار الذى يقله المحامى وهو ذاهب الى بلدة (سكوتسبورو) بولاية آلاباما الجنوبية العنصرية آنذاك من النفق ليشعر المشاهد أن ثمة ضوءا فى أخر النفق كما يرى كل المتفائلين عموما، لينتهى بصورة مأساوية وطبيعية ليختفى القطار براكبه المحامى فى النفق المظلم بعد خسارة القضية، وهو ما يعبر عن الواقع الحالى الأمريكي، فغاب الحق والعدل وعم الظلم لا لشيء سوى لاختلاف اللون.
وتطبيقًا على حالة الوافدين الجدد الى تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية الجديدة، فكل أعضائه الأوروبيين والكنديين والأمريكيين والاستراليين ربما شعروا بالاضطهاد والظلم والقمع وتدنى المستوى الاقتصادى فى أوطانهم الأصلية كما أسلفنا، ورأوا فى عالم داعش دولتهم الافتراضية بعد أن ضجروا من معاملة الدولة الأم لهم. فهم يبغون عالما يشعرون فيه بالمساواة وليس الدونية، بالعدل وليس الظلم، بالأهمية وليس بالنكران.. ومن هنا قال المحامى فى “خريف العدالة” فى حوار جانبى مع المدعى العام الذى انكر جميع الوقائع الدالة على تبرئة الشبان السود وتمادى فى البحث عن أدلة اتهام ضدهم :” الغريب ان الأشجار فى بلدة (سكوتسبورو) تتخذ اتجاهات مختلفة نحو الشمس”.. وكان يقصد أنه بالرغم ان المنبت واحد وعليه يجب ان يكون انحراف ميل الشجر فى اتجاه واحد، فإن البلدة الظالمة حادت عن تطبيق العدل لابنائها، فمنبتها من نفس الأرض ولكن هذا الأسود تعرض للتعذيب والظلم وذاك الأبيض كان مصيره التبرئة رغم جرمه الواضح.
واتساقًا مع “خريف العدالة”، تعرضت المنطقة العربية للظلم الأمريكى والغربى مرتين على الأقل فى الحقبة الأخيرة، ففى المرة الأولى أسست أمريكا القاعدة التى مارست إرهابها على بلدان وشعوب المنطقة العربية قبل الغرب وأمريكا، والثانية عندما أمدت أمريكا والغرب تنظيم داعش وغيره بالوافدين الجدد المضطهدين ليهجروا مواطنهم الأصلية قسرا الى عالمهم الافتراضى الجديد. فأمريكا والغرب ارتكبا الجريمة بنفس اللاعبين والوسيلة ولم يحققا العدالة فى أوطانهم، لتعانى المنطقة من ويلات الأمراض الأمريكية والغربية وغيرها.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» راية لِـ”داعش” في تل أبيب تثير الرعب
» قناص سرت يزرع الرعب في صفوف داعش
» ويكيليكس يكشف علاقة صهر أردوغان بنفط داعش
» جنرال أميركي : "داعش" على علاقة مع المافيا التركية
» تجمع العلماء المسلمين: داعش صنيعة مخابراتية وليس له علاقة بالاسلام
» قناص سرت يزرع الرعب في صفوف داعش
» ويكيليكس يكشف علاقة صهر أردوغان بنفط داعش
» جنرال أميركي : "داعش" على علاقة مع المافيا التركية
» تجمع العلماء المسلمين: داعش صنيعة مخابراتية وليس له علاقة بالاسلام
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد