الأمم المتحدة تدق ناقوس الحرب الباردة

وكأن الحرب البادرة كانت متوقفة على صافرة الأمم المتحدة كي تعلن عن بدءها، كل ذلك الكباش بين الدب الروسي الشاحذ لمخلبيه وسط عاصفة سيبيرية تنذر بغضبه وبين البوفالو الأمريكي الضارب بحافره للأرض غضباً، والأمم المتحدة لا تدري أن زمهرير الحرب قد لفح كثيراً من المناطق.

وكأن الحرب الباردة لم تُعلن رسمياً عندما أصبحت دمشق محط الرحال وعقدة الطامحين من الغزاة، موسكو عادت من البوابة السورية قطباً آخر، مما جعل الأدرينالين يُضخ بقوة في العروق الأمريكية، فتُحت الجبهة الأوكرانية وخُطفت كييف من المعسكر الشرقي الذي لطالما انتمت له، لتصبح في ركاب المعسكر الغربي مع وعود وردية بالانضمام للاتحاد الأوروبي.

ضُخ السلاح والعتاد إلى كييف نكايةً بموسكو التي استطاعت قنص شبه جزيرة القرم لتعلنها تحت العباءة الروسية، تأزمت العلاقات بين الروس والأمريكيين، وبات الحرب الباردة واضحة المعالم.

في هذا السياق يأتي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ليعلن بأن الأزمة الأوكرانية تهدد أمن واستقرار أوروبا وتحيي شبح "الحرب الباردة".

قد لا يكون تصريح المسؤول الأممي عبثياً، بحيث تكون الأمم المتحدة قد حاولت جاهدة غض الطرف عن ذلك الكباش وعدم تصنيفه ضمن خانة الحرب الباردة، لكن الحقيقة والواقع كانت أقوى من الأمنيات، عندما تعلن منظمة دولية عن شبح الحرب الباردة فهي تعلم كم هي مدمرة نتائج الكباش الدائر بين موسكو وواشنطن، علماً بأن الأمم المتحدة مسيطر عليها غربياً في العموم وأمريكياً بوجه خاص، فهل قصدت أمريكا إرسال رسالة لموسكو عبر المنظمة الدولية إذاً؟ كيف ستتعامل الأمم المتحدة مع هذه الحرب؟، أليس كل من فرنسا وبريطانيا وأمريكا وألمانيا هي في المعسكر الخصم لروسيا؟.

إذا فإن قضية الحرب الباردة ليست بوهم أو مبالغة في التحليل السياسي، بل حقيقة نراها على عدة ملفات في الملف السوري والملف الأوكراني وملف مكافحة الإرهاب والملف الاقتصادي من خلال فرض عقوبات اقتصادية على روسيا من قبل أوروبا أيضاً، ما يعني أن هيئة الأمم المتحدة أمام مشهد انقسام حاد في الدول الأعضاء الأقوى فيها " فرنسا وأمريكا وبريطانيا وألمانيا من جهة" وروسيا وقد يكون معها دول البريكس من جهة أخرى.