الرأي العام اللي حقّه "ليرتين"

ولاء النابلسي

دعك من مسائل الكرامة والعزّة, لن أتحدّث عنها فلن يفهمها مَن ليستْ فيه, سأتحدّث عن الأمور الواقعية المعيشيّة على الأرض, وسأقول أنّ للخيارات الاستراتيجية الخاصّة بالمُقاومة اللُبنانية كما لكلّ أفعالها ونشاطاتها انعكاساً إيجابيّاً مباشراً _وسريعاً غالباً_ على جمهورها بشكل خاصّ وعلى لُبنان والمنطقة العربية بشكل عام.

فمن يُقارن بين الحياة في جنوب لُبنان قبل التحرير عام 2000 وبعده, سيجد أنّ حياة أهل الجنوب تغيّرت بشكل كامل, حيث دخلتْ الدولة لتُمارس الحدّ الأدنى من مسؤولياتها, فصار لدى أهل الجنوب بُنى تحتية وطرقات والحدّ الأدنى من الكهرباء, والأهمّ من هذا صار لديهم أمنٌ وأمان, فلم تعد المواقع “الإسرائيلية” _كموقع “الدبشة”_ رابضة على تلالهم بأضوائها الكالحة المخيفة ليلاً, وصار يمكنهم الانتقال بسيّاراتهم بكلّ حرّية, وازدهرتْ المنطقة بدخول المنتزهات والنوادي والمدارس الأجنبية والنموذجية, بعد أن كانت المنطقة محرومة من أبسط مقوّمات الحياة الأساسية, فما بالك بالرفاهية.

في عام 2006 ومع نشوء التحالف بين حزب الله والتيّار الوطني الحُرّ, صار جمهور التيّار ينظر إلى أهل الجنوب بطريقة مغايرة, فبعد أن كان التنميط الغبيّ سائداً بشكلٍ كبير بأنّ أهل الجنوب “سوفاج”, وجدَ جمهور التيّار بأنّ أهل الجنوب وجمهور حزب الله متحضّرون مثلهم تماماً وأكثر, وحمى هذا التحالف لبنان من أمورٍ سلبية كثيرة, وقرّب بين الطوائف والمذاهب.
وفي عام 2006 أيضاً تحقّق تحرير الأسرى اللُبانيين في سجون الاحتلال, فما كان لأسير حُكِم عليه بخمسة مؤبّدات زائد 47 عاماً في السجن كسمير القنطار أن يتحرّر سوى بحرب تمّوز الّتي أظهرتْ جاهزية المقاومة وزادت من مستوى الردع بشكلٍ كبير بعدها, حيث بات العدوّ يفكّر ألف مرّة قبل أن يتحرّك في منطقة الجنوب, وهكذا ورغم الضحايا والخسائر الكبيرة إلّا أنّ أهل الجنوب باتوا يشعرون بأمانٍ أكبر بعد حرب تمّوز, وزادتْ نسبة السياحة والاستثمارات وازداد عدد المنتزهات في المنطقة هناك, وتعمّر كلّ ما تهدّم ليُصبح أجمل.

في عام 2013 و2014, استطاعت المُقاومة الحدّ _بشكلٍ كبير_ من السيّارات الإرهابية المفخّخة الّتي كانت تجول في لبنان وضواحيه, حيث بمشاركتها العملية في سوريا وعلى الحدود السوريّة استطاعتْ القضاء على البؤَر الّتي تنطلق منها السيّارات المُفخّخة إلى لبنان, وبات جليّاً أنّ دور المُقاومة كان فعّالاً في الحدّ من التفجيرات الإرهابية في لُبنان, وبذلك شعر جمهورها بالأمان أكثر.

واليوم أثق بأنّ عمليّة المُقاومة ضدّ الرتل الصهيوني ستزيد من نسبة الردع مع العدوّ, بل ستجعل العدوّ يُدرك بأنّ مساسه بأيّ مُقاوم في أيّ مكانٍ سيكون حماقةً يندم عليها.
وهكذا لا يهتمّ جمهور المُقاومة في فلسطين وفي لُبنان برأيك النابع غالباً من خنوعك وقلّة كرامتك ومن مذهبيّتك المقيتة, فإذا كان الرأي العام تبع كلّ أُمّتك حقّه ليرتين, قدّيش دخلك رح يكون حقّ رأيك الخاصّ؟! المُقاومة حقّقت وتُحقّق لجمهورها _ولغير جمهورها ولكنّهم لا يشعرون_ ما لم ولا تُحقّقه دوَلٌ لمواطنيها.