من تداعيات سقوط القصير: رفع السقف الروسي وإرجاء التوافق الدولي

عشرون يوما بالتمام والكمال منحتهم موسكو للرئيس السوري بشار الأسد لانهاء ما كان قد بدأه منذ عشرين يوما في محافظة حمص، وذلك بعد أن رفعت سقفها التفاوضي إلى مداه الاقصى ما أدى إلى الاعلان عن فشل اللقاء الأميركي الروسي التمهيدي الذي انعقد خلال الساعات الاخيرة لاطلاق مؤتمر "جنيف 2".
واعتبرت مصادر متابعة للقاء جنيف أنّ إرجاء الاعلان عن التوافق الدولي حول هوية المشاركين في مؤتمر "جنيف 2" هو من أبرز تداعيات سقوط مدينة القصير، فالتوقيت الدقيق للغاية لاعلان سقوط المدينة قبيل ساعات من انعقاد اللقاء ساهم الى حد بعيد في رفع السقف الروسي، كما حجز مقعدا لايران في أيّ مؤتمر دولي أو إقليمي، فيما قلص الدور التركي وقضى على آمال قطر والمملكة العربية السعودية في تزعم العالمين العربي والاسلامي.
وكشف المصدر أنّ أحد أفراد الوفد الروسي أبلغ المشاركين أثناء إعداد أوراقهم للدخول إلى قاعة المناقشات بالخبر اليقين عن حسم النظام السوري لمعركة القصير منذ ساعات الفجر الاولى، كما أبلغهم تأكيد المعارضة الخبر، وبالتالي فما كان مدرجا على قائمة المفاوضات لا بد من ان يتم تعديله تماشيا مع التطورات. بيد أنّ المجتمعين دخلوا القاعة، بحسب المصدر، في ظل إرباك وعدم قدرة على مجاراة الأوراق الروسية الرابحة التي طرحها الموفد الروسي بثقة عارمة، في وقت عمد فيه غاتينوف إلى رفع السقف والاصرار على دور إيراني إلى جانب دور الرئيس السوري في اي تسوية عاجلة أم آجلة.
وفي هذا السياق، نقل المصدر عن دبلوماسي أممي اعتباره أنّ الموقف الروسي جاء ليعطي المزيد من الوقت لانهاء الحسم العسكري، خصوصا بعد أن تمكّن الجيش السوري من تحقيق هدف استراتيجي من الدرجة الاولى وهو اقفال طرق الامداد العسكري واسقاط الجسر البحري الذي كان قائما عبر الاراضي اللبنانية مرورا بالقصير، وذلك بعد ان نجح في التضييق على طرق الامداد عبر تركيا والاردن والحد من اخطارها عبر الاراضي العراقية، ما يعني استعادة المبادرة بشكل نهائي يمكنه من الاستمرار في عمليات الحسم العسكري مستفيدا من الضياع السائد بين صفوف مقاتلي المعارضة من جهة، وداعميهم من جهة ثانية.
غير أن السؤال الذي طرحه المصدر يتمحور حول ما اذا كانت المدة الفاصلة عن انعقاد اللقاء الثاني اي بعد عشرين يوما ستكون كافية ام انها ستكون مخصصة لتعزيز موقف النظام ودعم الطرح الروسي، خصوصا بعد الاندفاعة الصينية المفاجئة التي انطلقت من اعتبار واضح وهو ان اميركا تحتاج الى الصين وليس العكس، وبالتالي فانه من المرجح ان يعمد المحور الروسي الى الاستفادة من كل ثغرة وتعميق الخلل في موازين القوى تمهيدا لاتفاق محوري ينطلق من نتائج الميدان السوري ويمتد الى الشرق الاوسط برمته.
في هذا الوقت يعرب المصدر عن اعتقاده بان اطالة عمر الازمة السورية من شأنه ان يساهم بشكل او بآخر في شرذمة المعارضة وتوسيع رقعة خلافاتها الداخلية، فالتهديدات التي اطلقها الائتلاف لم تأخذ طريقها الى اذان المجتمعين في جنيف بعد ان تحولت الى "شيك بلا رصيد" بحسب التعبير، خصوصا انها ترافقت مع مواقف متناقضة اطلقها المعارضون وعلى رأسهم الجيش الحر الذي لم يكن يوما في شهر عسل جهادي مع ذراع الائتلاف المكون من جبهة النصرة التي لم تخرج يوما من الحضن القطري – السعودي بحيث يبقى الكلام الاخير للايام القليلة المقبلة المتوقع لها ان تكون اكثر حماوة.