الدكتور مصطفى الزائدي:القبائل مؤتمرات ومؤامرات !!

هذا تبيان لمن يعتقد انه بالزج بالقبيلة في الصراع يمكنه ان يحقق نتائج لقبيلته ، وهذا ما حاول بعض الفبرايرييين اتباعه بالتمترس خلف قبائلهم فكان ان اوقعوا قبائلهم في الفخ ووضعوها في مواجهة الشعب.
ان الرهان لحل الازمة الليبية ينبغي ان يكون على الشعب الليبي وقواه الوطنية من كل القبائل .
تشهد الساحة الوطنية تكالبا محموما علي عقد اجتماعات قبلية و محاولات لتشكيل هيئات قبلية قيادية للبحث عن موطأ قدم في المشهد الليبي الذي يتعقّد يوما بعد يوم ، و حيث تتجه البلاد الي التفتيت وليس فقط التقسيم !!.
اكثر من عشرة مجالس قبلية ومجالس شيوخ من القوي القبلية المحسوبة علي فبراير بمسميات متعددة ،منها مجالس الحكما ء والمصالحة والشيوخ والاعيان الي اخره .
انا اؤمن ان الشعب ليبي ليس مجتمعا قبليا متخلفا كما يروج البعض ويتوهم الاجانب ، في ليبيا القبيلة مظلة اجتماعية ولم تكن يوما اطارا سياسيا , وهي التي حافظت عبر العصور علي ليبيا عربية اسلامية .
ورغم نكران البعض اقول ان الشعب الليبي ليس شعبا مستجدا في ممارسة السياسة ، فعلى عكس كل الشعوب العربية تقريبا ، كان الليبيون سباقين في ممارسة السياسة رغم ظروف الحياة ورغم شدة قمع الاعداء ، فمن الثورة ضد الترك التي كانت ليبية مائة بالمائة على عكس ثورة محمد على وثورات الشام التي قام بها الجنود الاتراك اومن ضمتهم قوتهم، الي مواجهة الغزو الايطالي فلقد انقسم الليبيون سياسيا وليس قبليا الي مجاهدين ومطلينين و من كل القبائل ، والليبيون هم من اسس اول جمهورية في الوطن العربي والعالم الاسلامي رغم انها لم تصمد طويلا ، بالرغم ان الاستعمار الايطالي منذ بدايته ومع تعقده بتحكم الفاشية كان استيطانيا عمل علي اعتبار ليبيا ملحقة كأرض بدون شعب بإيطاليا .
كما ان النضال السياسي الليبي بعد الحرب الثانية ، لم يكن قبليا بل كان سياسيا بامتياز ،وباستثناء مساعدة السيد عبد الرحمن عزام كان النضال ليبي بالكامل ، بالرغم من محاولة السنوسيين القفز عليه وتجييره لمصلحة الاستعمار ونفي وملاحقة كل قادة النضال الوطني سواء في المؤتمر الوطني او جمعية عمر المختار وهي كيانات سياسية وليست قبلية .
في العهد الملكي العميل تمكن الليبيون من استمرار الكفاح السياسي ضده بالرغم من سطوة القوة المتحركة ودور القواعد الاجنبية في قمع القوي الوطنية التقدمية .
بعد ثورة الفاتح انخرط الليبيون جميعا في ممارسة العمل السياسي بشكل لم يسبق له مثيل، وشكلت عمليات التصعيد الشعبي بكل ايجابياتها وسلبياتها مدرسة حقيقية تدرب بها الليبيون وعرفوا فنون المناورة السياسية بكل تفاصيلها .
القبيلة لم تكن يوما طرفا سياسيا اساسيا في التاريخ الليبي لذلك حافظت على وجودها كمظلة اجتماعية .ولم تحدث حرب اهلية قبلية في اغلب فترات التاريخ الليبي بالرغم من محاولات الولاة الاتراك ومن بعدهم الحكام العسكريين الطليان لنشر الفتن بين القبائل الليبية . وبقى المختلفون سياسيا وربما المتصارعون من كل القبائل يتوافقون اجتماعيا ويتضامنون من خلال صناديق القبائل والياتها المختلفة .
وان المؤتمرات القبلية التي عقدت خلال الازمة والي الان ، رغم تعددها هي مناورات فاشلة، اذا استثنينا مؤتمر القبائل الليبية الذي عقد في شهر مايو 2011 ومؤتمر القبائل والمدن الليبية الذي عقد في شهر مايو 2014 ، لأنها لم تكن بهدف تحويل الاطار الاجتماعي الي كيان سياسي تتصارع القبائل فيما بينها لتصدر قيادته بل كانت اهدافها تعبئة القوي الوطنية من مختلف القبائل لتوحيد جهودها لمقاومة الارهاب والتدخل الاجنبي في الشأن الليبي والمساهمة في اعادة ليبيا دولة مستقلة تتطلع الي غد افضل .
مصطفى الزائدي
26.5.2015