ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ، ﻣﺎﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻘﻠﻢ/ ‫ﻋﻤﺎﺭ_ﺍﻷﺷﻮﻝ‬ , ﺍﻟﻴﻤﻦ

ﻗﺪ ﺗﺠﺪ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻔﻘﺘﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﺴﻂ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﺘﺨﺒﻂ ﺑﻴﻦ ﺁﺭﺍء ﻭﺭﺅﻯ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ، ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻯ ﻗﺎﺋﺪﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻣﺤﻨﹽﻚ، ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺍﻟﻘﻴﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﻣﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺮﺑﻴﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﻮﻋﺰ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺮﺍﻻﺕ ﺍﻟﺠﻴﺶ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻳﺼﺒﺤﻮﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻇﺮﻭﻑ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻭﺻﻌﺒﺔ، ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺗﻔﻀﻴﻼ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻩ، ﺇﺫ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺑﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻟﺴﺎﺳﺔ ﻭﻋﺴﻜﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻭﻳﺤﺘﺎﺝ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﻤﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺗﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺘﻴﻦ – ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺘﻴﻦ ﺃﻣﺮ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻭﻧﺎﺩﺭ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﻮﻓﻖ ﺑﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺤﻈﻮﻇﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ، ﺇﻧﻤﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺘﻴﻦ – ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ – ﺑﺄﺩﻭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﻷﻣﻜﺎﻥ ﻋﺎﺩﺓ – ﺑﻞ ﻳﻔﻀﻞ – ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﺄﺩﻭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺟﺪﺍ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻱ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺄﺩﻭﺍﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻭﻫﻨﺎ ﻧﻘﻒ ﻟﻨﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ .. ﺑﻼ ﺷﻚ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ .
ﻣﺨﻄﺊ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻟﻢ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺣﻠﻒ ﺷﻤﺎﻝ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺇﻻ ﻓﻲ 2011ﻡ، ﻣﺨﻄﺊ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺑﺄﻥ ﺃﻭﻝ ﻫﺠﻮﻡ ﺷﻨﺘﻪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ 1986ﻡ، ﻣﺨﻄﺊ ﺃﻛﺜﺮ .. ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻢ ﻳﺨﻮﺽ ﺣﺮﺑﺎ ﺿﺮﻭﺱ ﺿﺪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻹﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻟﻤﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﺃﺭﺑﻌﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎ .
ﻟﻘﺪ ﺗﻨﺎﺳﻰ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻥ ﺧﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﺍﻧﺘﺼﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻌﺔ ﺭﻭﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺨﺴﺮ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻃﻠﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﺳﺎﺣﻘﺎ؛ ﻟﻮﻻ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻔﺬﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻣﺎ ﺗﺤﻘﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ، ﻳﺆﻛﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻲ: ﺻﻦ ﺗﺰﻭ – ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﻓﻦ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ " ﺇﻥ ﺃﺩﻫﻰ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻫﻮ ﺍﺧﻀﺎﻉ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺩﻭﻥ ﻗﺘﺎﻝ"، ﻭﻗﺪ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻭﺑﺄﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﺧﻀﻌﺖ ﺭﻭﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪ ﻭﻗﺒﹽﻠﺖ ﻳﺪﻩ .
ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﻬﺎ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺣﺪ ﺍﻟﺒﺬﺥ، ﺗﺒﺪﺃ ﺑﺈﺟﻼء ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻼﺩﻩ، ﻟﺘﻨﺘﻬﻲ ﺑﺈﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﻋﺒﺪﺍﻟﺒﺎﺳﻂ ﺍﻟﻤﻘﺮﺣﻲ، ﻟﻘﺪ ﺗﺤﺎﺷﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﻟﻴﺲ ﺧﻮﻓﺎ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﻜﻤﺔ ﻭﺣﻨﻜﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺭﺩ ﺍﻟﺼﺎﻉ ﺻﺎﻋﻴﻦ، ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻟﻴﺒﻴﺎ؛ ﻭﺣﺪ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ؛ ﺍﻧﺸﺄ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻣﻘﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ .. "ﻻ ﺣﺮﻳﺔ ﻟﺸﻌﺐ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﺭﺍء ﺣﺪﻭﺩﻩ"، ﺩﻋﻤﻮﺍ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻩ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺼﻴﺒﻪ؛ ﻭﺍﺟﻪ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻋﻢ ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﻧﺎﺩﺍ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺴﻮﺩ ﻭﻣﺴﺎﻭﺍﺗﻬﻢ ﺑﻐﻴﺮﻫﻢ ﻭﺿﺮﻭﺭﺓ ﻧﻴﻠﻬﻢ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ 2011ﻡ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﺍﻧﻰ ﺃﻭ ﻳﺘﺄﺧﺮ، ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻞ ﻟﻠﺜﻘﺔ ﻭﻋﻨﻮﺍﻥ ﻟﻠﺼﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﻱ .
ﻫﺬﺍ ﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻌﻤﺮ ﺍﻟﻘﺬﺍﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ .. ﺃﻣﺎ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ؛ ﻓﻬﻲ ﻣﻨﺤﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﻗﺎﺭﻳﻮﻧﺲ، ﻭﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﻳﺔ، ﻫﻲ ﻣﺮﺳﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻲ ﺭﻗﻢ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻣﻠﺤﻤﺔ، ﻫﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ، ﻭﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻭﺃﺣﺒﺎﺑﻪ، ﻫﻲ ﻣﻮﺛﹽﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺼﺪﻭﻕ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﺺ .. ﺍﻟﻠﻮﺍء ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﻳﻮﻧﺲ ﺟﺎﺑﺮ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻨﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰﺓ ﺑﺸﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺃﻫﻢ ﻣﻘﺮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ .