انوار رمضان
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
انوار رمضان
مواضيع اسلامية مختلفة ساقوم بنقلها لكم طيلة الشهر الفضيل
عدل سابقا من قبل الشابي في الإثنين يونيو 22, 2015 8:02 pm عدل 1 مرات
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
1 رمضان 1436هـ - 18 يونيو 2015م
الرمان شجر الجنة ودواء أهل الدنيا
ذكر الله سبحانه وتعالى (الرمان) في ثلاث آيات من سورتي الرحمن والأنعام، وأخبر سبحانه وتعالى أن الرمّان من فاكهة الجنة فقال عز وجل: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (الرحمن: 68)، وقال بعض العلماء: ليس الرمان والنخل من الفاكهة، لأن الشيء لا يعطف على نفسه إنما يعطف على غيره وهذا ظاهر الكلام.
وقال آخرون : إنما كررها لأن النخل والرمان كانا عند العرب في ذلك الوقت بمنزلة رفيعة لعمومهما وكثرتهما عندهم فهما أعظم الثمار نماء، من المدينة إلى مكة إلى أرض اليمن، فأخرجهما في الذكر من الفواكه وأفرد الفواكه على حدتها.
وقيل: أفردا بالذكر لأن النخل ثمره فاكهة وطعام، والرمان فاكهة ودواء.
ولا نظن أن رمّان الجنة مثل رمّان الدنيا فإنه لا يعلم حقيقة هذه الثمرة وحسنها ولذتها إلا من أدركها، الاسم هو الاسم، ولكن الطعم يختلف، وأخبر سبحانه وتعالى أن ثمار الجنة قطوفها دانية، إذا أراد أن يتناولها المؤمن فإنه سيتناولها بكل سهولة، ويتناولها قائماً وقاعدا كلما أخذ منها شيئاً خلفه آخر في الحال..
لا مقطوعة ولا ممنوعة يدعون فيها بكل فاكهة آمنين، آمنين من الموت، آمنين من الهرم، آمنين من المرض، آمنين من انقطاع تلك الفاكهة أو نقصها، آمنين من كل خوف، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً في اللون والهيئة مختلفاً في الطعم والمذاق لهم رزقهم فيها بكرة وعشياً.
تفكر وتدبر
وإذا تأملنا في هذه النبتة المباركة لوجدنا فيها من الحكم والعجائب على قدرة الله وحكمته كما ذكر ذلك ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة فقال : فَإنَّك ترى دَاخل الرمانة كأمثال القلال شحما متراكما فِي نَوَاحِيهَا وَترى ذَلِك الْحبّ فِيهَا مرصوفاً رصفاً ومنضوداً نضداً لا تمكن الايدي ان تنضده، وَترى الْحبّ مقسوماً اقساماً وفرقاً وكل قسم وَفرْقَة مِنْهُ ملفوفا بلفائف وحجب منسوجة اعْجَبْ نسج وألطفه وأدقه على غير منوال الا منوال {كن فَيكون}.
ثمَّ ترى الْوِعَاء الْمُحكم الصلب قد اشْتَمَل على ذلك كله وضمه احسن ضم، فَتَأمل هَذِه الْحِكْمَة البديعة فِي الشَّحْم الْمُودع فِيهَا، فَإِن الْحبّ لَا يمد بعضه بَعْضًا إِذْ لَو مد بعضه بَعْضًا لاختلط وَصَارَ حَبَّة وَاحِدَة فَجعل ذَلِك الشَّحْم خلاله ليمده بالغذاء وَالدَّلِيل عَلَيْهِ انك ترى اصول الْحبّ مركوزة فِي ذَلِك الشَّحْم وَهَذَا بِخِلَاف حب الْعِنَب فَإِنَّهُ اسْتغنى عَن ذَلِك بَأن جعل لكل حَبَّة مجْرى تشرب مِنْهُ فَلَا تشرب حق اختها بل يجري الْغذَاء فِي ذَلِك الْعرق مجْرى وَاحِدًا ثمَّ يَنْقَسِم مِنْهُ فِي مجاري الْحُبُوب كلهَا فينبعث مِنْهُ فِي كل مجْرى غذَاء تِلْكَ الْحبَّة.
غشاء صلب
فَتَبَارَكَ الله احسن الْخَالِقِينَ ثمَّ انه لف ذَلِك الْحبّ فِي تِلْكَ الرمانة بِتِلْكَ اللفائف ليضمه ويمسكه فَلَا يضطرب ولا يتبدد ثمَّ غشى فَوق ذَلِك بالغشاء الصلب صونا لَهُ وحفظا وممسكا لَهُ بإذن الله وَقدرته فَهَذَا قَلِيل من كثير من حِكْمَة هَذِه الثَّمَرَة الْوَاحِدَة ولا يمكننا ولا غيرنا استقصاء ذَلِك وَلَو طَالَتْ الايام واتسع الْفِكر، وَلَكِن هَذَا مُنَبّه على مَا وَرَاءه واللبيب يكْتَفي بِبَعْض ذَلِك، وَأما من غلبت عَلَيْهِ الشقاوة (وكأين من آيَة فِي السَّمَوَات والأرض يَمرونَ عَلَيْهَا وهم عَنْهَا معرضون) غافلون عَن مَوضِع الدّلَالَة فِيهَا.
فوائد الرمان
إن الفوائد الطبية التي أودعها الله في هذه الثمرة تدل على أهميتها، ولا يعني أن أهل الجنة بحاجة للعلاج! ولكن الله أكرم هذه الثمرة وجعل فيها الشفاء لأهل الدنيا، وجعل فيها اللذة والمتعة لأهل الآخرة.
ذُكر أن علياًّ رضي الله عنه كان يقول :
كلوا الرمان بشحمه، فإنه دباغ المعدة والمقصود بدباغ المعدة أنه يصلحها.
قال ابن القيم : حلو الرمان حار رطب جيد للمعدة مقوٍّ لها.
والرمّان له فوائد عظيمة من هذه الفوائد أنه يعتبر معالجاً جيداً لآلام المعدة ويستخدم عن طريق طحن قشور الرمان وإضافتها إلى القليل من اللبن وتناولها كل صباح وقبل الخلود إلى النوم، يحمي الرمان أيضًا من التهابات اللثة والفم والقرحة.
ويعتبر قشر الرمان أيضًا علاجاً جيداً لمن يعانون من التهاب المريء، ويساعد قشر الرمان أيضًا على مكافحة التهاب اللوزتين، ويعالج قشر الرمان أيضًا الديدان الضارة بالبطن والمعدة..
كما يساعد الرمان على تقليل نسبة الكوليسترول في الدم ومن المعلوم أن الكوليسترول ضار جدًا للجسم ويسبب مشاكل جنسية للرجال ويسبب أيضًا أمراض تصلب الشرايين والقلب، وإضافة لذلك يعمل الرمان على تقليل خطر الإصابة بمرض القلب وأمراض الأوعية الدموية وتصلب الشرايين.
مضاد الأكسدة
يحتوي الرمان على نسبة جيدة من مضادات الأكسدة التي تعمل على حماية الجسم من السرطانات بنسبة كبيرة، فمضادات الأكسدة هذه تعمل على تخفيض خطر الإصابة بسرطان الجلد والبروستاتا والصدر، ومن فوائد الرمان أيضًا أنه يساعد على صحة العظام والغضاريف لاحتوائه على إنزيمات تمنع حدوث هشاشة في العظام او تآكل في الغضاريف، ويعتبر الرمان أيضًا فاتحاً للشهية بنسبة كبيرة، فإن كوباً واحداً من عصير الرمان قد يعمل على فتح الشهية.
*****************************************************************************
دخول الجنة بأمان
الحمد لله الذي أمَرَنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة، تقدَّست أسْماؤهُ وصفاتُه، وصلّى اللهُ على خيرِ مَن دعاه، رسولِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللهم لك الحمد حمدا أبلُغ به رضاك، ولك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد كما أنعمت علينا نعماً بعد نعم، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن..
ولك الحمد على كل حال، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، ولك الحمد على نعمك التي لا يحصيها غيرك ولا اله إلا أنت، أنا السائل الذي أعطيت فلك الحمد، وأنا المريض الذي شفيت فلك الحمد، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، شهادة يشهد بها سمعي وبصري ولحمي ودمي، شهادة أرجو أن يطلق بها لساني عند خروج نفسي حتى تتوفاني وأنت راض عني.
اللهم أخرجني من الدنيا سالماً وأدخلني الجنة آمناً.
اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد.
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم يا مثبت القلوب ثبت علمها في قلبي، سبحانك اللهم لا إله إلا أنت العزيز الوهاب.
اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء.
اللهم يا من هو في الأرض إله وفي السماء إله، يا من له عنت الوجوه وذلت لعظمته الجباه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويسمع العبد إذا ناجاه، يا من ليس معه إله يدعى ولا رب يرجى ولا خالق يخشى، أسألك يا إلهي أن تستجيب دعائي ورجائي، وأن تحقق لي أملي، وأن تصلح لي قولي وعملي، اللهم إني أسالك الجنة، وأستجير بك من النار.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
2 رمضان 1436هـ - 19 يونيو 2015م
النخلة.. أصلها ثابت وفرعها في السماء
النخلة في القرآن
كما ورد ذكر النخلة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، فذكرت بصيغة المفرد (النخلة) في موضعين:
{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم : 23]
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم : 25]
وذكرت بصيغة المفرد بلفظ (لينة) في موضع واحد:
{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر : 5]
وذكرت بصيغة اسم الجنس الجمعي الذي يفيد العموم (نخل) في (11) موضعاً في القرآن الكريم، كما ذكرت بصيغة الجمع الأخرى بلفظ (النخيل) في (7) آيات.
النخلة في الحديث الشريف
ورد ذكر النخلة في مواضع كثيرة جداً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفها بالبركة وشبه بركتها ببركة المسلم، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: كنا عند رسول الله فقال: »أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلاَ وَلاَ وَلاَ، تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ«.
قال ابن عمر: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قال رسول الله : »هِيَ النَّخْلَةُ«. فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. [أخرجه البخاري].
ومن بركة النخل أنه يمكن إعادة استخدامه وتدويره، ويستفاد من كل جزء منه؛ من الجذوع، والخوص، والسعف، والجريد، والشوك، والتليل، والكرب، والشماريخ، والليف، وغيرها.
وقد استخدمت النخلة في بناء مسجد النبي ، فكانت أعمدة المسجد وسواريه من جذوع النخل، وتم تظليل السقف بجريد النخل، واستمر الأمر على ذلك إلى خلافة عثمان رضي الله عنه.
وارتبطت النخلة بالمسلمين عبر سنة النبي في تحنيك المولود، وفي السحور والإفطار في رمضان، وفي العيد، والصدقة وزكاة الفطر، وغير ذلك.
الفوائد الغذائية والطبية للتمر
يعتبر التمر أقرب ما يكون إلى الغذاء الكامل المتكامل، فله فوائد غذائية وصحية كثيرة، وقد أخبر النبي عن الأهمية الغذائية للتمر، فقال لزوجه الحبيبة عَائِشَةَ رضي الله عنها: »يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ«. قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. [رواه مسلم].
كما أخبر النبي عن الفوائد الطبية للتمر، وخاصة عجوة المدينة، واحتوائها على مضادات للسموم والأكسدة، فقال : »مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ« [أخرجه البخاري].
النخلة في الشعر العربي
وذكرت النخلة في الشعر العربي حيث قال أبو العلاء المعري:
وردنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ
وزنا أكرمَ الشجرِ النخيلا
وقال الأمير الأندلسي عبد الرحمن الداخل:
تبدَّتْ لنا وسط الرُّصافةِ نخلةٌ
تناءتْ بأرض الغربِ عن بلدِ النخلِ
فقلت شبيهي في التغرب
والنوى وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنت فيها غريبة
فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
****************************************************************************
الفاتحة تخلو من تعقيدات التجويد والبقرة ملخص القرآن
المصدر: بقلم :د علي منصور الكيالي
يبدأ الجزء الأول منَ القرآن الكريم، منْ بداية سورة الفاتحة وحتى الآية [ 141 ] من سورة البقرة.
سورة الفاتحة
وسورة الفاتحة هي سورة مكيّة، ترتيبها في المصحف [ 1 ]، وترتيب نزولهـا [5] نزلت قبل سورة المسَـد وبعد سورة المدّثر، ولهـا خواصّ تنفرد بهـا من بين جميع سُوَر القُرآن الكريم، ومن هذه الخواصّ:
سُـهُولَة قِرَاءَتِهَـا مِنْ كلّ اللُغَـاتِ لِخُلوِّهَـا مِنْ تَعْقيدَاتِ عِلْمِ التَجْويدِ: [الإدْغامُ وَالإخْفاءُ وَالإقْلاَبُ وَالقَلْقَلَةُ]، كَمَا أنَّهَـا السُورَةُ الوَحيدَةُ التي تَتَوافَقُ مَعَ كُلِّ آيَاتِ القُرْآنِ الكَريمِ، إِذْ يَجُوزُ قِرَاءَة أيِّ آياتٍ مِنَ القُرْآنِ بَعْدَهَـا أثْنَـاءَ الصَلَواتِ، وَهِيَ السُّورَةُ الوَحِـيدَةُ التي فَرَضَ اللّـهُ قِرَاءَتَهَـا [17] مَـرَّة عَلى الأقَلِّ في اليَوْمِ الواحِـدِ، أثْنَـاءَ رَكَعَـاتِ الصَّلاَةِ المَفْروضَةِ، إذَا لَمْ نُضِفْ لَهَـا رَكَعاتِ صَلاَةِ السُـنَّةِ، حَيْثُ يَجُوزُ قِراءَتهَـا وَحْدهَـا في الرَكَعَاتِ الأخِيرَةِ مِنَ الصَلَواتِ بَعْدَ الجُلُوسِ، فَلاَ تَصِحُّ الصَلاَةُ بِقِراءَةِ أيِّ آيَـاتٍ مِنَ القَرْآنِ وَحْدهَـا بِدُونِ قِرَاءَةِ الفَاتِحَـةِ، وَلَـوْ قَرَأنَـا كُلَّ القُـرْآنِ دُونَ الفَاتِحَـةِ.
(الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ) [ الفاتحة 2 ]، تَمَّ تَقْديـمُ كَلِمَةِ الحَمْدِ عَلى لَفْظِ الجَلاَلَةِ (للّه)، وَهِيَ قِمَّةُ فَـنٍّ بَـلاَغِيٍّ يُسَمَّى: [فَنُّ التَحْميـدَاتِ]، وَ[الحَمْـدُ] فيهِ مُنْتَهى التَواضُعِ الأخْلاَقِيِّ لِلإنْسَانِ مَعَ الآخَرينَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَمَعَ خَالِقِـهِ بِشَـكْلٍ خَاصٍّ، لِذَلِكَ جاءت: (الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ) بِصِيغَةِ الجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ التي تُفيدُ الثُبُوتَ وَالإطْـلاَق، فَهِيَ غَيْرُ مُرْتَبِطَـةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكَانٍ أوْ مَادِحٍ مُعَيَّنٍ، وَهِيَ أوْلى مِنْ جُمْلَةِ [حَمْدَاً] بِصِيغَةِ النَكِرَةِ ذَاتِ الصِّيغَةِ الفِعْلِيَّةِ، وَالحَمْدُ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِلحَيِّ، أمَّا المَيِّتُ أوِ الجَمادُ فَيُمْدَحُ فَقَطْ، فَنَحْنُ [نَمْدَحُ] مَعْدَنَ الذَهَبِ مَثَلاً وَلاَ [نَحْمَدُهُ]، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: [المَـدْحُ لِلَّهِ]، وَالحَمْـدُ لاَ يَأْتي إلاَّ بَعْدَ الإحْسَانِ للمَادِحِ وَغَيْرِهِ، أمَّا [الشُكْرُ] فَيَكُونُ بِالإنْعَامِ الوَاصِلِ للشَاكِرِ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: [الشُكْرُ لِلَّهِ].
وَاللَّهُ سبحانه [حَميدٌ] بِذَاتِهِ دُونَ الحَاجَةِ لِحَمْدِ المَخْلُوقَاتِ لهُ: (فكَـفَروا وتولوا وَاسْـتَغْـنى اللّـهُ وَاللّـهُ غَـنِيٌّ حَـمِـيدٌ) [التغابن 6]، وَقَدْ ذَمَّ اللهُ طَالِبي الحَمْدِ: (وَيُحِـبُّونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِمَا لَمْ يَفْعَـلُوا) [آل عمران 188].
(غَـيْرِ الـمَـغْـضُـوبِ عَـلَـيْهِـمْ )[الفاتحة 7]، وَمنَ المغضوب عليهم قاتلو الناس: (وَمَـنْ يَقْتُلْ مُـؤْمِـنَاً مُـتَعَـمِّـدَاً فَجَـزَاؤُهُ جَـهَـنَّمُ خالداً فيها وَغَـضِـبَ اللّـهُ عَـلَـيْهِ وَلَـعَنَهُ ) [النساء 93]
وَمِنْهُمْ الكافـرون: (فبَاءوا بِغَـضَـبٍ عَـلـى غَـضَـبٍ وَلِلْـكَـافِـريْنَ عَـذَابٌ مُـهِـيْنٌ) [البقرة 90].
(وَلاَ الـضَـالّـينَ) [الفاتحة 7]، وَمِنْهُمْ الكافِرونَ: (وَ مَـنْ يَـكْـفُرْ باللّـهِ وَمَـلاَئِـكَـتِهِ وَكُــتُبِهِ وَالـيَوْمِ الآخِـرِ فَقَـدْ ضَـلَّ ضَـلاَلاً بَعِـيدَاً)[ النساء 136 ]، وَمُتَّبِعو الهَـوى: (قُلْ لاَ أتَّبِـعُ أهْـواءَكُـمْ قَـدْ ضَـلـَلَـتُ إذَاً وَمَـا أنَا مِـنَ الـمُـهْـتَدينَ قُـلْ إنَّي عَـلـى بَيِّنَةٍ مِـنْ رَبَّي) [الأنعام 56]، والذينَ يقنطون من رحمة الله هُـم أيْضاً ضـالّون: (وَمَـنْ يَقْـنَطُ مِـنْ رحْـمَة ربّهِ إلاّ الـضـالّونَ)[الحجر 56].
ســورة البـقـرة
هِيَ أطْوَلُ السُوَرِ المَدَنيَّةِ، ترتيبُهَا في المُصْحَفِ [2]، وَتَرْتيبُ نُزُولِهَـا [87] حيثُ نزلت قبل سورة الأنفال وبعد سورة المطففين، وَعَدَدُ آيَاتِهَا [286] آيَة.
إنّ بداية سورة البقرة وخاصّةً الصفحة المُقابلة لسورة الفاتحة، تُحدّد صفات [المتّقين] الذين سيكونون هُم [المفلحون] يوم الحساب، والكَلِمَاتِ الأولى مِنْ كِتَابِ اللّهِ هيَ: (ذَلِـكَ الـكِـتَابُ لاَ رَيْـبَ فِـيـهِ) [البقرة 2 ]، نُلاحِظُ أنَّهُ قَالَ: (ذَلِـكَ الـكِـتَابُ)، وَلَمْ يَقُلْ: [هَـذا الكِتَابُ]، لأنَّ: (ذلِكَ) تُفيدُ البُعْـدَ، أيْ أنَّ: كِتَابَ القُرْآنِ الكريمِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ (لا رَيْبَ فِيهِ)، وَلَنْ يَسْتَطيعَ أحَدٌ إيجَادَ أيِّ رَيْبٍ فيهِ، حَتَّى في رَسْمِ كَلِمَاتِهِ كَكِتابٍ، بالرَغْمِ مِنْ تَنَوّعِ مَواضِيعِهِ في شَتّى المَجالاتِ كالتَشْريعِ وَالفَلَكِ وَالطبِّ وَالطبيعَةِ.
وتُعتبر سورة البقرة [مُلَخَّصَاً] لِكُلِّ القُرْآنِ الكَريمِ، لِذَلِكَ كَانَ الصَحَابَةُ الكِرامُ عليهم رضوان الله جميعاً، يَحْرِصُونَ عَلى حِفْظِهَا غَيْبَاً وَكَانُوا يُدْعَوْنَ: [أصْحابَ سُورَةِ البَقَرَةِ]، وَتَبْدَأُ السُّورَةُ بِبيَانِ سُبُلِ الهِدايَةِ [ الآيات مِنْ 1 إلى 8 ]، ( بَعْدَ أنْ وَرَدَ في سُورَةِ الفَاتِحَةِ آية: (اِهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ).
ثُمَّ تُوضِحُ السُّورَةُ أنَّهُ سَيَكُونُ هُناكَ مُنافِقُونَ يَتَظَاهَرونَ بالإيْمَانِ، وَأنَّ هُناكَ طَائِفَة إيْمَانُهَا ضَعيفٌ تُحَاوِلُ إقَامَةَ عَلاقَاتٍ سِرِيَّةٍ مِعَ هَؤلاَءِ المُنافِقِينَ [الآيات مِنْ 9 إلى 21]، وَأنَّ عَلى كُلِّ شَخْصٍ أنْ يَصِلَ بِمَعُونَةِ القُرْآنِ إلى رَبِّهِ، وَإذَا كَانَ يَتَّبِعُ غَيْرَ دِينِ القُرْآنِ، فَعَليْهِ أنْ يُقَارِنَ دِينَهُ مَعَ دِينِ القُرْآنِ، وَإذَا رَفَضَ المُقَارَنَةَ وَالحُجَّةَ وَقِياسَ صِدْقِ القُرْآنِ مَعَ صِدْقِ الكُتُبِ السَّماويَّةِ السَّابِقَةِ، فَلاَ مَفَرَّ مِنْ عَذَابِ النَارِ، فَلِمَاذَا يَخْلُقُونَ الأَعْذَارَ لِعَدَمِ قَبُولِ الحَلَقَةِ الأَخيرَةِ لِنِظَامِ الارْتِقَاءِ الإيْمَانيِّ [الآيات مِنْ 22 إلى 30]، ثُمَّ تذكر الحَلَقة الأولى مِنَ السِلْسِلَةِ وَهُوَ آدَمُ عليه السلام..
فالذينَ احْتَرَمُوا آدَمَ مَلاَئِكَةٌ، وَالذينَ لَمْ يَحْتَرِمُوه ُشَيَاطِينٌ [الآيات مِنْ 31 إلى 40 ]، وَأنَّ اللّهَ قَدْ أرْسَلَ رُسُلاً تَتْـرا، وَمِثَالُ مُوسى عليه السلام لَيْسَ بِبَعيدٍ، ثُمَّ تُفَنِّدُ السُورَةُ حُجَجَ وَجِدَالَ المنافقين عَلى تَحْويلِ القِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، [ الآيات مِنْ 123إلى 153 ]، وَفي النِّصْفِ الثَّاني مِنَ السُّورَةِ تَتَوَضَّحُ جَميعُ الأَحْكَامِ وَالعِبادَاتِ الإسْلاَمِيَّةِ بدءاً مِنَ الآيَةِ 214: ( يَسْـأَلُـونَكَ ... يَسْـأَلُـونَكَ ... يَسْـأَلُـونَكَ)، ثُمَّ تُخْتَتَمُ السُورَةُ بِأفْضِلِ الأدْعِيَةِ.
استوقد ناراً
إنّ كلمة [استوقد] تختلف عن كلمة [أوقد]، فكلمة [أوقد] تُستخدم للنار المعروفة: (فَـأَوْقِـدْ لِـي يَا هَـامَـانُ عَـلـى الـطِـيْنِ) [القصص 38]، أمّـا كلمة [استوقد] فهي لنـار [الحقد والكراهية] للآخرين، وهذا يضع الجسم في حالَةِ [الحُموضَةِ] وَيُذْهِبُ الطاقَة للشخص والذين يُحيطون بـه، لذلك تقول الآية: (مَـثَلُـهُـمْ كَـمَـثَلِ الـذي اِسْـتَوْقَـدَ نَاراً فَلَـمَّـا أَضَـاءَتْ مَـا حَـوْلَـهُ ذَهَـبَ اللّـهُ بِنُورِهِـمْ) [البقرة 17]، ولم تقُل: [بنـوره].
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
جـاعـل في الأرض خـليفة:
كَانَ الملائكَـةُ يُراقِبُـونَ مَـا يَجْري عَلى الأرض، دُونَ أيِّ سؤالٍ لِلخالِـقِ عَمّـا يَجْري فيهَـا، إلى أنْ: (قالَ ربُّكَ لِلـمَـلائِـكَـةِ إنّي جَـاعِـلٌ في الأَرْضِ خَـلـيفَةً) [البقرة 30] وكلمة [جَـاعِـلٌ] بِصِيغَةِ [فاعِـلْ]، للدلاَلَةِ على أنَّ الأمْرَ قَدْ أصْبَحَ واقِعَاً، فالخَليفَةُ مَوْجُودٌ فِعْـلاً وَيَحْتَاجُ فَقَطْ للتكليف، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: سَـأجْعَلُ، أيْ: قاصِداً آدَمَ عليه السلام مِنْ بَيْنِ كُلِّ المخْلوقاتِ الأُخْرى عَلى الأرْضِ..
فَقَدِ اخْتَـارَ اللهُ آدَمَ اِخْتياراً مِنْ بَيْنِها: (إنَّ اللَّـهَ اصْـطَـفـى آدَمَ) [ آل عمران 33 ]، عِنْدَ ذَلِكَ اسْتَغْرَبَ الملائِكَةُ هَذا الاخْتِيَارَ: (قَالوا أَتَجْـعَـلُ فيهَـا مـَنْ يُفْسِـدُ فيهَـا وَيَسْـفِكُ الـدِّمَـاءَ) [ البقرة 30 ]، وكلمتا: [يُفْسِـدُ] و [يسفك] فعل مضارع يدل على الحاضر وليس على المستقبل، لأَنّهمْ كانوا يُراقِبونَ تَصَرّفاتِ آدَمَ وأولاده عَلى الأرْضِ مِنْ تَخريبٍ للبيئَـةِ، وَلَمْ يكُنِ الأمْرُ غيبيًا علَيهم لأنّـهُ لاَ يعْلَمُ الغَيْبَ إلاّ اللّـه سُبْحَانَهُ:
(وَعِـندَهُ مَـفَاتِحُ الـغَـيْبِ لاَ يَعْـلَـمُـهَـا إلاَّ هُـوَ) [الأنعام 59]، وَلأنَّ الفَسَادَ في الأرْضِ سَبَبُهُ الإنْسَانُ فَقـطْ: (ظَـهَـرَ الـفَسَادُ في الـبَرِّ والـبَحْـرِ بِمَـا كَـسَـبَتْ أَيْدي الـنَاسُ) [ الروم 41 ]، أيْ أنَّ ظُهورَ الفَسَـادِ في الأرْضِ تَـوافَقَ مَعْ ظُهُورِ الإنْسَـانِ عليْهَا.
ومعنى كلمة [خليفةً]، أيْ: يخلُفُ بعضه بعضاً، وليس خليفة لله سبحانه، لأنّ الله سبحانه ليس له خليفة.
علّم آدم الأسماء كلّهـا:
إنَّ أهَمَّ مَا نُقَابِلُ مِنَ المُفْرَداتِ اللّغَويَّةِ، هيَ: [الأسْـماءُ]، وَالتَسْـمِيَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ اعْتِباريّةٍ، فَيُمْكِنُنا إطْلاقُ أيِّ رَمْـزٍ أَوْ مُصْطَلَحٍ [ اسْم ] نُريْدُ عَلى عُنْصُـرٍ مَـا، مِثْلَ تَسْـمِيَةِ الأوْلادِ المَواليْد، وَمِنَ الأفْضَلِ أنْ يَدُلَّ الاسْـمُ على تَعْريْفِ المُسَـمّى، لِذَلِكَ يَجِبُ أنْ يُعَلَّـمَ الاسْمُ تَعْليْمـاً: (وَعَـلَّـمَ آدَمَ الأسْـمَـاءَ كُـلَّـهَـا) [ البقرة 30 ]، فَاللّـهُ سُبْحانَهُ قد [ عَلَّمَ ] وَلَيْسَ [ لَقَّنَ ] آدَمَ: [الإنْسانُ الأوَّلُ]
جَميعَ الأسْماءِ، لأنَّ الأسْـماءَ [فِطْرِيَّـةٌ] لَدى الإنْسَانِ، وَلَيْسَتْ مُكْتَسَبَةً، فاللّغَةُ مَوْجُودَة في الطَبيعَةِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدُ الإنْسَانُ، فَكُلُّ طِفْلٍ وَمُنْذُ وِلاَدَتِهِ يَكُونُ مُزَوَّداً بمبادئ النَحْوِ العالميِّ، وَهَذَا مَا يَسْمَحُ لَهُ بِتَعَلُّمِ أيِّ لُغَـةٍ يَحْتَكُّ بِها في مُحيطِهِ الإنْسانيِّ، وَهَذِهِ المبادئ جُزْءٌ مِنَ [الطبيْعَةِ الإنْسانيَّةِ] التي تَنْتَقِلُ وِراثِيّاً مِنَ الآباءِ إلى الأبْناءِ: (وَاخْـتِلافُ ألْـسِـنَتِـكُـمْ وَألْـوانِـكُـمْ إنَّ في ذَلِـكَ لآيَاتٍ لِلْـعَـالِمِـيْن) [ الروم 22 ].
فالمَطْلُوبُ هُوَ إيْجادُ [نظريّة لُغَويّة] جديْدة تُضِيْفُ أسْماءً وَمعاني جديْدة، وَلِكُلِّ الأفعالِ اللغويّة، عِنْدَ ذَلِكَ نَجِدُ أنَّ اللّغَةَ العربيّةَ وَحْدها القادِرَة على اسْتيعابِ جَميعِ الأسْماءِ وَالمُصْطلحاتِ التي تَظْهَرُ مَعَ التَقَدُّمِ العِلميِّ الهائِلِ، وَهَذا ما أدْرَكَهُ بِوَعْيٍ شَاعِرُ النيلِ [حافِظ إبراهيم] قائِلاً باسمِ اللّغَةِ العربية:
فَكَيْفَ أَضِيْقُ اليَـوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَـةٍ وَتَنْسِـيْقِ أسْـماءٍ لِمُخْتَـرعـَاتِ
دعـاء إبراهيم عليه السلام:
لَقَدْ كَانَ دُعَـاءُ أبينَـا إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا وَابْعَـثْ فِيْهِـمْ رَسُـولاً مِـنْهُـمْ يَتْلُـو عَـلَـيْهِـمْ آيَاتِـكَ وَيُعَـلِّـمُـهُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـة وَيُزَكِّـيْهِـمْ ) [ البقرة 129 ]، وَلكِنَّ اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ على هَذِهِ الأُمَّةِ: (لَـقَـدْ مَـنَّ اللّـهُ عَـلَـى الـمُـؤْمِـنينَ إذْ بَعَـثَ فِيهِـمْ رَسُـولاً مِـنْ أَنْفُسِـهِـمْ يَتْلُـو عَـلَـيْهِـمْ آيَاتِـهِ وَيُزَكِّـيْهِـمْ وَيُعَـلِّـمُـهُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـةَ) [ آل عمران 164 ]، حَيْثُ نُلاحِظُ أنَّ اللّهَ اسْتَجابَ دُعَاء إبراهيمَ، لَكِنَّهُ جَعَلَ [التَزكِيَةَ] ثانيـاً.
كلّ هـذا واللـه أعْلم
النخلة في القرآن
كما ورد ذكر النخلة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، فذكرت بصيغة المفرد (النخلة) في موضعين:
{فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم : 23]
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم : 25]
وذكرت بصيغة المفرد بلفظ (لينة) في موضع واحد:
{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر : 5]
وذكرت بصيغة اسم الجنس الجمعي الذي يفيد العموم (نخل) في (11) موضعاً في القرآن الكريم، كما ذكرت بصيغة الجمع الأخرى بلفظ (النخيل) في (7) آيات.
النخلة في الحديث الشريف
ورد ذكر النخلة في مواضع كثيرة جداً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفها بالبركة وشبه بركتها ببركة المسلم، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: كنا عند رسول الله فقال: »أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا وَلاَ وَلاَ وَلاَ، تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ«.
قال ابن عمر: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قال رسول الله : »هِيَ النَّخْلَةُ«. فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ عُمَرُ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. [أخرجه البخاري].
ومن بركة النخل أنه يمكن إعادة استخدامه وتدويره، ويستفاد من كل جزء منه؛ من الجذوع، والخوص، والسعف، والجريد، والشوك، والتليل، والكرب، والشماريخ، والليف، وغيرها.
وقد استخدمت النخلة في بناء مسجد النبي ، فكانت أعمدة المسجد وسواريه من جذوع النخل، وتم تظليل السقف بجريد النخل، واستمر الأمر على ذلك إلى خلافة عثمان رضي الله عنه.
وارتبطت النخلة بالمسلمين عبر سنة النبي في تحنيك المولود، وفي السحور والإفطار في رمضان، وفي العيد، والصدقة وزكاة الفطر، وغير ذلك.
الفوائد الغذائية والطبية للتمر
يعتبر التمر أقرب ما يكون إلى الغذاء الكامل المتكامل، فله فوائد غذائية وصحية كثيرة، وقد أخبر النبي عن الأهمية الغذائية للتمر، فقال لزوجه الحبيبة عَائِشَةَ رضي الله عنها: »يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ«. قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. [رواه مسلم].
كما أخبر النبي عن الفوائد الطبية للتمر، وخاصة عجوة المدينة، واحتوائها على مضادات للسموم والأكسدة، فقال : »مَنِ اصْطَبَحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ وَلاَ سِحْرٌ« [أخرجه البخاري].
النخلة في الشعر العربي
وذكرت النخلة في الشعر العربي حيث قال أبو العلاء المعري:
وردنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ
وزنا أكرمَ الشجرِ النخيلا
وقال الأمير الأندلسي عبد الرحمن الداخل:
تبدَّتْ لنا وسط الرُّصافةِ نخلةٌ
تناءتْ بأرض الغربِ عن بلدِ النخلِ
فقلت شبيهي في التغرب
والنوى وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي
نشأتِ بأرض أنت فيها غريبة
فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
****************************************************************************
الفاتحة تخلو من تعقيدات التجويد والبقرة ملخص القرآن
المصدر: بقلم :د علي منصور الكيالي
يبدأ الجزء الأول منَ القرآن الكريم، منْ بداية سورة الفاتحة وحتى الآية [ 141 ] من سورة البقرة.
سورة الفاتحة
وسورة الفاتحة هي سورة مكيّة، ترتيبها في المصحف [ 1 ]، وترتيب نزولهـا [5] نزلت قبل سورة المسَـد وبعد سورة المدّثر، ولهـا خواصّ تنفرد بهـا من بين جميع سُوَر القُرآن الكريم، ومن هذه الخواصّ:
سُـهُولَة قِرَاءَتِهَـا مِنْ كلّ اللُغَـاتِ لِخُلوِّهَـا مِنْ تَعْقيدَاتِ عِلْمِ التَجْويدِ: [الإدْغامُ وَالإخْفاءُ وَالإقْلاَبُ وَالقَلْقَلَةُ]، كَمَا أنَّهَـا السُورَةُ الوَحيدَةُ التي تَتَوافَقُ مَعَ كُلِّ آيَاتِ القُرْآنِ الكَريمِ، إِذْ يَجُوزُ قِرَاءَة أيِّ آياتٍ مِنَ القُرْآنِ بَعْدَهَـا أثْنَـاءَ الصَلَواتِ، وَهِيَ السُّورَةُ الوَحِـيدَةُ التي فَرَضَ اللّـهُ قِرَاءَتَهَـا [17] مَـرَّة عَلى الأقَلِّ في اليَوْمِ الواحِـدِ، أثْنَـاءَ رَكَعَـاتِ الصَّلاَةِ المَفْروضَةِ، إذَا لَمْ نُضِفْ لَهَـا رَكَعاتِ صَلاَةِ السُـنَّةِ، حَيْثُ يَجُوزُ قِراءَتهَـا وَحْدهَـا في الرَكَعَاتِ الأخِيرَةِ مِنَ الصَلَواتِ بَعْدَ الجُلُوسِ، فَلاَ تَصِحُّ الصَلاَةُ بِقِراءَةِ أيِّ آيَـاتٍ مِنَ القَرْآنِ وَحْدهَـا بِدُونِ قِرَاءَةِ الفَاتِحَـةِ، وَلَـوْ قَرَأنَـا كُلَّ القُـرْآنِ دُونَ الفَاتِحَـةِ.
(الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ) [ الفاتحة 2 ]، تَمَّ تَقْديـمُ كَلِمَةِ الحَمْدِ عَلى لَفْظِ الجَلاَلَةِ (للّه)، وَهِيَ قِمَّةُ فَـنٍّ بَـلاَغِيٍّ يُسَمَّى: [فَنُّ التَحْميـدَاتِ]، وَ[الحَمْـدُ] فيهِ مُنْتَهى التَواضُعِ الأخْلاَقِيِّ لِلإنْسَانِ مَعَ الآخَرينَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَمَعَ خَالِقِـهِ بِشَـكْلٍ خَاصٍّ، لِذَلِكَ جاءت: (الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ) بِصِيغَةِ الجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ التي تُفيدُ الثُبُوتَ وَالإطْـلاَق، فَهِيَ غَيْرُ مُرْتَبِطَـةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكَانٍ أوْ مَادِحٍ مُعَيَّنٍ، وَهِيَ أوْلى مِنْ جُمْلَةِ [حَمْدَاً] بِصِيغَةِ النَكِرَةِ ذَاتِ الصِّيغَةِ الفِعْلِيَّةِ، وَالحَمْدُ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِلحَيِّ، أمَّا المَيِّتُ أوِ الجَمادُ فَيُمْدَحُ فَقَطْ، فَنَحْنُ [نَمْدَحُ] مَعْدَنَ الذَهَبِ مَثَلاً وَلاَ [نَحْمَدُهُ]، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: [المَـدْحُ لِلَّهِ]، وَالحَمْـدُ لاَ يَأْتي إلاَّ بَعْدَ الإحْسَانِ للمَادِحِ وَغَيْرِهِ، أمَّا [الشُكْرُ] فَيَكُونُ بِالإنْعَامِ الوَاصِلِ للشَاكِرِ فَقَطْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: [الشُكْرُ لِلَّهِ].
وَاللَّهُ سبحانه [حَميدٌ] بِذَاتِهِ دُونَ الحَاجَةِ لِحَمْدِ المَخْلُوقَاتِ لهُ: (فكَـفَروا وتولوا وَاسْـتَغْـنى اللّـهُ وَاللّـهُ غَـنِيٌّ حَـمِـيدٌ) [التغابن 6]، وَقَدْ ذَمَّ اللهُ طَالِبي الحَمْدِ: (وَيُحِـبُّونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِمَا لَمْ يَفْعَـلُوا) [آل عمران 188].
(غَـيْرِ الـمَـغْـضُـوبِ عَـلَـيْهِـمْ )[الفاتحة 7]، وَمنَ المغضوب عليهم قاتلو الناس: (وَمَـنْ يَقْتُلْ مُـؤْمِـنَاً مُـتَعَـمِّـدَاً فَجَـزَاؤُهُ جَـهَـنَّمُ خالداً فيها وَغَـضِـبَ اللّـهُ عَـلَـيْهِ وَلَـعَنَهُ ) [النساء 93]
وَمِنْهُمْ الكافـرون: (فبَاءوا بِغَـضَـبٍ عَـلـى غَـضَـبٍ وَلِلْـكَـافِـريْنَ عَـذَابٌ مُـهِـيْنٌ) [البقرة 90].
(وَلاَ الـضَـالّـينَ) [الفاتحة 7]، وَمِنْهُمْ الكافِرونَ: (وَ مَـنْ يَـكْـفُرْ باللّـهِ وَمَـلاَئِـكَـتِهِ وَكُــتُبِهِ وَالـيَوْمِ الآخِـرِ فَقَـدْ ضَـلَّ ضَـلاَلاً بَعِـيدَاً)[ النساء 136 ]، وَمُتَّبِعو الهَـوى: (قُلْ لاَ أتَّبِـعُ أهْـواءَكُـمْ قَـدْ ضَـلـَلَـتُ إذَاً وَمَـا أنَا مِـنَ الـمُـهْـتَدينَ قُـلْ إنَّي عَـلـى بَيِّنَةٍ مِـنْ رَبَّي) [الأنعام 56]، والذينَ يقنطون من رحمة الله هُـم أيْضاً ضـالّون: (وَمَـنْ يَقْـنَطُ مِـنْ رحْـمَة ربّهِ إلاّ الـضـالّونَ)[الحجر 56].
ســورة البـقـرة
هِيَ أطْوَلُ السُوَرِ المَدَنيَّةِ، ترتيبُهَا في المُصْحَفِ [2]، وَتَرْتيبُ نُزُولِهَـا [87] حيثُ نزلت قبل سورة الأنفال وبعد سورة المطففين، وَعَدَدُ آيَاتِهَا [286] آيَة.
إنّ بداية سورة البقرة وخاصّةً الصفحة المُقابلة لسورة الفاتحة، تُحدّد صفات [المتّقين] الذين سيكونون هُم [المفلحون] يوم الحساب، والكَلِمَاتِ الأولى مِنْ كِتَابِ اللّهِ هيَ: (ذَلِـكَ الـكِـتَابُ لاَ رَيْـبَ فِـيـهِ) [البقرة 2 ]، نُلاحِظُ أنَّهُ قَالَ: (ذَلِـكَ الـكِـتَابُ)، وَلَمْ يَقُلْ: [هَـذا الكِتَابُ]، لأنَّ: (ذلِكَ) تُفيدُ البُعْـدَ، أيْ أنَّ: كِتَابَ القُرْآنِ الكريمِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ (لا رَيْبَ فِيهِ)، وَلَنْ يَسْتَطيعَ أحَدٌ إيجَادَ أيِّ رَيْبٍ فيهِ، حَتَّى في رَسْمِ كَلِمَاتِهِ كَكِتابٍ، بالرَغْمِ مِنْ تَنَوّعِ مَواضِيعِهِ في شَتّى المَجالاتِ كالتَشْريعِ وَالفَلَكِ وَالطبِّ وَالطبيعَةِ.
وتُعتبر سورة البقرة [مُلَخَّصَاً] لِكُلِّ القُرْآنِ الكَريمِ، لِذَلِكَ كَانَ الصَحَابَةُ الكِرامُ عليهم رضوان الله جميعاً، يَحْرِصُونَ عَلى حِفْظِهَا غَيْبَاً وَكَانُوا يُدْعَوْنَ: [أصْحابَ سُورَةِ البَقَرَةِ]، وَتَبْدَأُ السُّورَةُ بِبيَانِ سُبُلِ الهِدايَةِ [ الآيات مِنْ 1 إلى 8 ]، ( بَعْدَ أنْ وَرَدَ في سُورَةِ الفَاتِحَةِ آية: (اِهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ).
ثُمَّ تُوضِحُ السُّورَةُ أنَّهُ سَيَكُونُ هُناكَ مُنافِقُونَ يَتَظَاهَرونَ بالإيْمَانِ، وَأنَّ هُناكَ طَائِفَة إيْمَانُهَا ضَعيفٌ تُحَاوِلُ إقَامَةَ عَلاقَاتٍ سِرِيَّةٍ مِعَ هَؤلاَءِ المُنافِقِينَ [الآيات مِنْ 9 إلى 21]، وَأنَّ عَلى كُلِّ شَخْصٍ أنْ يَصِلَ بِمَعُونَةِ القُرْآنِ إلى رَبِّهِ، وَإذَا كَانَ يَتَّبِعُ غَيْرَ دِينِ القُرْآنِ، فَعَليْهِ أنْ يُقَارِنَ دِينَهُ مَعَ دِينِ القُرْآنِ، وَإذَا رَفَضَ المُقَارَنَةَ وَالحُجَّةَ وَقِياسَ صِدْقِ القُرْآنِ مَعَ صِدْقِ الكُتُبِ السَّماويَّةِ السَّابِقَةِ، فَلاَ مَفَرَّ مِنْ عَذَابِ النَارِ، فَلِمَاذَا يَخْلُقُونَ الأَعْذَارَ لِعَدَمِ قَبُولِ الحَلَقَةِ الأَخيرَةِ لِنِظَامِ الارْتِقَاءِ الإيْمَانيِّ [الآيات مِنْ 22 إلى 30]، ثُمَّ تذكر الحَلَقة الأولى مِنَ السِلْسِلَةِ وَهُوَ آدَمُ عليه السلام..
فالذينَ احْتَرَمُوا آدَمَ مَلاَئِكَةٌ، وَالذينَ لَمْ يَحْتَرِمُوه ُشَيَاطِينٌ [الآيات مِنْ 31 إلى 40 ]، وَأنَّ اللّهَ قَدْ أرْسَلَ رُسُلاً تَتْـرا، وَمِثَالُ مُوسى عليه السلام لَيْسَ بِبَعيدٍ، ثُمَّ تُفَنِّدُ السُورَةُ حُجَجَ وَجِدَالَ المنافقين عَلى تَحْويلِ القِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، [ الآيات مِنْ 123إلى 153 ]، وَفي النِّصْفِ الثَّاني مِنَ السُّورَةِ تَتَوَضَّحُ جَميعُ الأَحْكَامِ وَالعِبادَاتِ الإسْلاَمِيَّةِ بدءاً مِنَ الآيَةِ 214: ( يَسْـأَلُـونَكَ ... يَسْـأَلُـونَكَ ... يَسْـأَلُـونَكَ)، ثُمَّ تُخْتَتَمُ السُورَةُ بِأفْضِلِ الأدْعِيَةِ.
استوقد ناراً
إنّ كلمة [استوقد] تختلف عن كلمة [أوقد]، فكلمة [أوقد] تُستخدم للنار المعروفة: (فَـأَوْقِـدْ لِـي يَا هَـامَـانُ عَـلـى الـطِـيْنِ) [القصص 38]، أمّـا كلمة [استوقد] فهي لنـار [الحقد والكراهية] للآخرين، وهذا يضع الجسم في حالَةِ [الحُموضَةِ] وَيُذْهِبُ الطاقَة للشخص والذين يُحيطون بـه، لذلك تقول الآية: (مَـثَلُـهُـمْ كَـمَـثَلِ الـذي اِسْـتَوْقَـدَ نَاراً فَلَـمَّـا أَضَـاءَتْ مَـا حَـوْلَـهُ ذَهَـبَ اللّـهُ بِنُورِهِـمْ) [البقرة 17]، ولم تقُل: [بنـوره].
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
جـاعـل في الأرض خـليفة:
كَانَ الملائكَـةُ يُراقِبُـونَ مَـا يَجْري عَلى الأرض، دُونَ أيِّ سؤالٍ لِلخالِـقِ عَمّـا يَجْري فيهَـا، إلى أنْ: (قالَ ربُّكَ لِلـمَـلائِـكَـةِ إنّي جَـاعِـلٌ في الأَرْضِ خَـلـيفَةً) [البقرة 30] وكلمة [جَـاعِـلٌ] بِصِيغَةِ [فاعِـلْ]، للدلاَلَةِ على أنَّ الأمْرَ قَدْ أصْبَحَ واقِعَاً، فالخَليفَةُ مَوْجُودٌ فِعْـلاً وَيَحْتَاجُ فَقَطْ للتكليف، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُمْ: سَـأجْعَلُ، أيْ: قاصِداً آدَمَ عليه السلام مِنْ بَيْنِ كُلِّ المخْلوقاتِ الأُخْرى عَلى الأرْضِ..
فَقَدِ اخْتَـارَ اللهُ آدَمَ اِخْتياراً مِنْ بَيْنِها: (إنَّ اللَّـهَ اصْـطَـفـى آدَمَ) [ آل عمران 33 ]، عِنْدَ ذَلِكَ اسْتَغْرَبَ الملائِكَةُ هَذا الاخْتِيَارَ: (قَالوا أَتَجْـعَـلُ فيهَـا مـَنْ يُفْسِـدُ فيهَـا وَيَسْـفِكُ الـدِّمَـاءَ) [ البقرة 30 ]، وكلمتا: [يُفْسِـدُ] و [يسفك] فعل مضارع يدل على الحاضر وليس على المستقبل، لأَنّهمْ كانوا يُراقِبونَ تَصَرّفاتِ آدَمَ وأولاده عَلى الأرْضِ مِنْ تَخريبٍ للبيئَـةِ، وَلَمْ يكُنِ الأمْرُ غيبيًا علَيهم لأنّـهُ لاَ يعْلَمُ الغَيْبَ إلاّ اللّـه سُبْحَانَهُ:
(وَعِـندَهُ مَـفَاتِحُ الـغَـيْبِ لاَ يَعْـلَـمُـهَـا إلاَّ هُـوَ) [الأنعام 59]، وَلأنَّ الفَسَادَ في الأرْضِ سَبَبُهُ الإنْسَانُ فَقـطْ: (ظَـهَـرَ الـفَسَادُ في الـبَرِّ والـبَحْـرِ بِمَـا كَـسَـبَتْ أَيْدي الـنَاسُ) [ الروم 41 ]، أيْ أنَّ ظُهورَ الفَسَـادِ في الأرْضِ تَـوافَقَ مَعْ ظُهُورِ الإنْسَـانِ عليْهَا.
ومعنى كلمة [خليفةً]، أيْ: يخلُفُ بعضه بعضاً، وليس خليفة لله سبحانه، لأنّ الله سبحانه ليس له خليفة.
علّم آدم الأسماء كلّهـا:
إنَّ أهَمَّ مَا نُقَابِلُ مِنَ المُفْرَداتِ اللّغَويَّةِ، هيَ: [الأسْـماءُ]، وَالتَسْـمِيَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ اعْتِباريّةٍ، فَيُمْكِنُنا إطْلاقُ أيِّ رَمْـزٍ أَوْ مُصْطَلَحٍ [ اسْم ] نُريْدُ عَلى عُنْصُـرٍ مَـا، مِثْلَ تَسْـمِيَةِ الأوْلادِ المَواليْد، وَمِنَ الأفْضَلِ أنْ يَدُلَّ الاسْـمُ على تَعْريْفِ المُسَـمّى، لِذَلِكَ يَجِبُ أنْ يُعَلَّـمَ الاسْمُ تَعْليْمـاً: (وَعَـلَّـمَ آدَمَ الأسْـمَـاءَ كُـلَّـهَـا) [ البقرة 30 ]، فَاللّـهُ سُبْحانَهُ قد [ عَلَّمَ ] وَلَيْسَ [ لَقَّنَ ] آدَمَ: [الإنْسانُ الأوَّلُ]
جَميعَ الأسْماءِ، لأنَّ الأسْـماءَ [فِطْرِيَّـةٌ] لَدى الإنْسَانِ، وَلَيْسَتْ مُكْتَسَبَةً، فاللّغَةُ مَوْجُودَة في الطَبيعَةِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدُ الإنْسَانُ، فَكُلُّ طِفْلٍ وَمُنْذُ وِلاَدَتِهِ يَكُونُ مُزَوَّداً بمبادئ النَحْوِ العالميِّ، وَهَذَا مَا يَسْمَحُ لَهُ بِتَعَلُّمِ أيِّ لُغَـةٍ يَحْتَكُّ بِها في مُحيطِهِ الإنْسانيِّ، وَهَذِهِ المبادئ جُزْءٌ مِنَ [الطبيْعَةِ الإنْسانيَّةِ] التي تَنْتَقِلُ وِراثِيّاً مِنَ الآباءِ إلى الأبْناءِ: (وَاخْـتِلافُ ألْـسِـنَتِـكُـمْ وَألْـوانِـكُـمْ إنَّ في ذَلِـكَ لآيَاتٍ لِلْـعَـالِمِـيْن) [ الروم 22 ].
فالمَطْلُوبُ هُوَ إيْجادُ [نظريّة لُغَويّة] جديْدة تُضِيْفُ أسْماءً وَمعاني جديْدة، وَلِكُلِّ الأفعالِ اللغويّة، عِنْدَ ذَلِكَ نَجِدُ أنَّ اللّغَةَ العربيّةَ وَحْدها القادِرَة على اسْتيعابِ جَميعِ الأسْماءِ وَالمُصْطلحاتِ التي تَظْهَرُ مَعَ التَقَدُّمِ العِلميِّ الهائِلِ، وَهَذا ما أدْرَكَهُ بِوَعْيٍ شَاعِرُ النيلِ [حافِظ إبراهيم] قائِلاً باسمِ اللّغَةِ العربية:
فَكَيْفَ أَضِيْقُ اليَـوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَـةٍ وَتَنْسِـيْقِ أسْـماءٍ لِمُخْتَـرعـَاتِ
دعـاء إبراهيم عليه السلام:
لَقَدْ كَانَ دُعَـاءُ أبينَـا إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا وَابْعَـثْ فِيْهِـمْ رَسُـولاً مِـنْهُـمْ يَتْلُـو عَـلَـيْهِـمْ آيَاتِـكَ وَيُعَـلِّـمُـهُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـة وَيُزَكِّـيْهِـمْ ) [ البقرة 129 ]، وَلكِنَّ اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ على هَذِهِ الأُمَّةِ: (لَـقَـدْ مَـنَّ اللّـهُ عَـلَـى الـمُـؤْمِـنينَ إذْ بَعَـثَ فِيهِـمْ رَسُـولاً مِـنْ أَنْفُسِـهِـمْ يَتْلُـو عَـلَـيْهِـمْ آيَاتِـهِ وَيُزَكِّـيْهِـمْ وَيُعَـلِّـمُـهُـمُ الـكِـتَابَ وَالـحِـكْـمَـةَ) [ آل عمران 164 ]، حَيْثُ نُلاحِظُ أنَّ اللّهَ اسْتَجابَ دُعَاء إبراهيمَ، لَكِنَّهُ جَعَلَ [التَزكِيَةَ] ثانيـاً.
كلّ هـذا واللـه أعْلم
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
3 رمضان 1436هـ - 20 يونيو 2015م
الزقوم شجرة النار وغذاء أهلها
شجرة »الزقوم« شجرة ذكرها الله في كتابه تنمو في جهنم وهي طعام أهل النار قال الله تعالى (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) أي أن هذه الشجرة تخرج من قلب نار جهنم ونارها المشتعلة، وهي عقاب الكافرين والعصاة، ويكمل الله عز وجل فيقول: (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)).
أي أن ثمارها من شدة قبحها تشبه رؤوس الأفاعي وعلى أهل جهنم أن يأكلوا منها حتى تمتلئ منها بطونهم وذلك عقاباً لهم، وأما ماذا تفعل ثمار الزقوم ببطونهم فهذا يخبرنا به القرآن فيقول ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) سورة الدخان. أي أنها تغلي في بطونهم كغلي الزيت العكر فتقطع أمعاءهم وأحشاءهم من الداخل.
كسل وتوانٍ
إن نفوسنا تحتاج إلى مواعظ وإنذار بما خوّفنا الله منه في كتابه، لا سيما في هذه الأزمان التي كثر فيها الكسل والتواني، واسترسلت نفوسنا في شهواتها وأهوائها وتمنت على الله الأماني، والشهوات لا يذهبها من القلوب إلا أحد أمرين إما خوف مزعج محرق أو شوق مبهج مقلق، وقد قيل للحسن: يا أبا سعيد، كيف نصنع؟ نجالس أقواماً يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير، فقال: والله، إنك أن تخالط قوماً يخوفونك حتى يدركك الأمن، خير لك من أن تصحب أقواماً يؤمنونك حتى يدركك الخوف، فو الله، ما أنذر العباد وخوفهم بشيء قط هو أشد وأدهى من النار، ووصف لهم حرها ولظاها، وصف لهم طعامها وشرابها، وصف أغلالها ونكالها، وصف حرارتها وغايتها، وصف أصفادها وسرابيلها، وصف ذلك كله حتى إن من يقرأ القرآن بقلب حاضر، ويسمع وحده جهنم كأنما أقيم على شفرها، فهو يراها رأي عين، يرى كيف يحطم بعضها بعضاً، كأنما يرى أهل النار يتقلبون في دركاتها ويجرجرون في أوديتها، كل ذلك من المولى جل وعلا إنذار وتحذير.
وكذا خوّف نبينا عليه الصلاة والسلام من النار وأنذر وتوعد وحذر، وكان شديد الإنذار شديد التحذير من النار، وقف مرة على منبره فجعل ينادي ويقول: ((أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار)) وعلا صوته حتى سمعه أهل السوق جميعاً، وحتى وقعت خميصة كانت على كتفيه، فوقعت عند رجليه من شدة تأثره وانفعاله بما يقول، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أنا آخذ بحجزكم عن النار وأقول: إياكم وجهنم والحدود، إياكم وجهنم والحدود)) فهو آخذ بحجز أمته ويقول: ((إياكم عن النار، هلّم عن النار)) وهم يعصونه ويقتحمونها.
غاية التحذير
أيها الإخوة في الله، أصبح الحديث عن النار وأهوالها حديثاً خافتاً لا تكاد تتحرك به ولا تستشره القلوب، ولا تذرف منه العيون، حديثاً غريباً على المسامع بعيداً عن النفوس مع أن ربنا جل جلاله قد ذكرنا بها غاية التذكير وحذرنا غاية التحذير، ألا فلنشعِر القلوب بشيء من أحوالها، ولنذكّر النفوس بشيء من أهوالها؛ لعل قسوة من قلوبنا تلين وغفلة من نفوسنا تفيق.
فإن سألت عن النار فقد سألت عن دار مهولة وعذاب شديد، إن سألت عن حرها وقعرها وحياتها وزقومها وأصفادها وأغلالها وعذابها وأهوالها وحال أهلها فما ظنك بنار أوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة، ما ظنك بحرها، نارنا هذه جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم.
يقول عليه الصلاة والسلام في بيان حال طعام أهل النار: ((لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه؟!))، يلقى على أهل النار الجوع فإذا استغاثوا أغيثوا بشجر الزقوم، فإذا أكلوه غلا في بطونهم كغلي الحميم، فيستقون، فيسقون بماء حميم إذا أدناه إلى وجهه شوى وجهه، فإذا شربه قطّع أمعاءه حتى يخرج من دبره، وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد: 15].
سحابة سوداء
أما سلاسلها وأغلالها فاستمع إلى وصفها: (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة: 32]، (فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ) [الرحمن: 41] أي: أن ناصية رأسه تجمع إلى قدميه من وراء ظهره، ينشئ الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال لم: يا أهل النار أي شيء تطلبون؟ فيقولون: الشراب، فيستقون، فتمطرهم تلك السحابة السوداء أغلالاً تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمراً يتلهب عليهم.
أما عذاب أهل النار وكل ما مضى من عذابها فما ظنك بعذاب دار أهون أهلها عذاباً من كان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم.
أما حال أهلها فشر حال، وهوانهم أعظم هوان، وعذابهم أشد عذاب، وما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربة حتى انقطعت أعناقهم عطشاً واحترقت أكبادهم جوعاً، ثم انصرف بهم إلى النار، فيسقون من عين آنية قد آذى حرها واشتد نضجها، فلو رأيتهم وقد أسكنوا دار ضيقة الأرجاء مظلمة المسالك مبهمة المهالك، قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي، يسحبون فيها على وجوههم مغلولين، النار من فوقهم، النار من تحتهم، النار عن أيمانهم، النار عن شمائلهم.
**********************************************
ما هى مكروهات الصوم ؟ وما مستحباته ؟ { يجيب الدكتور على جمعة, مفتى الجمهورية المصرية السابق, قائلا: يكره للصائم أمور, يثاب على تركها, ولكنه إذا فعلها لا يبطل صومه, منها:
1- المبالغة فى المضمضة والاستنشاق لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: بالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائما.
2- ذوق الطعام بغير حاجة, خوفا من وصوله إلى جوفه.
3- أن يجمع الصائم ريقه ويبتلعه.
4- القبلة لمن تحرك شهوته, وكذا المباشرة ودواعى الوطء.
5- الحجامة, وهى استخراج الدم الفاسد من الجسم بطرق معينة; لأنها تضعف الصائم.
6- شم ما لا يأمن أن تجذبه أنفاسه إلى حلقه كمسحوق المسك والبخور وما شابه.
7- الانشغال باللهو واللعب; لما فيه من الترفه الذى لا يناسب الصوم ومعانيه الروحية.
8- استعمال السواك بعد الزوال( أي: بعد الظهر) وذلك عند الشافعية ورواية عند الحنابلة, خلافا للجمهور فليس عندهم مكروها. أما مستحبات الصوم فهي: التسحر, لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: تسحروا فإن فى السحور بركة وتأخير السحور, لما روى عن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال: تسحرنا مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية وتعجيل الفطر, لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.
والدعاء عند الفطر وفى أثناء الصيام, لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة لا ترد دعوتهم وذكر منهم الصائم حتى يفطر ومما روى من دعائه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا أفطر قال: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله. والإفطار على رطبات, فإن لم يكن فعلى تمرات, فإن لم يكن فعلى ماء، لحديث أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلى فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء. والكف عما يتنافى مع الصيام وروحانيته, فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه.
**************************************
تُحسن المناعة وتخفف الصداع..صلاة التراويح..سنة وشفاء
خالد أحمد المطعنى وحســنى كمــال
إذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل صيام نهار رمضان فريضة فقد جعل قيام ليله تطوعا، وقد أكد النبي، صلى الله عليه وسلم ذلك فى قوله: (فرض الله صيام رمضان وسننت لكم قيامه) ولهذا كان صلى الله عليه وسلم،
يرغب أصحابه فى قيام ليل رمضان، وأكد العلماء أن صلاة التراويح تكون فى قيام شهر رمضان بعد صلاة العشاء مباشرة، مثنى مثني، على اختلاف بين
الفقهاء فى عدد ركعاتها، واتفق الفقهاء على سنية صلاة التراويح للرجال والنساء. ودعا العلماء الى استثمار ليالى الشهر الكريم فى التقرب الى الله تعالي، باعتبارها فرصة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات، وذلك من خلال إحياء تلك الليالى المباركة بالقيام وتلاوة القرآن والاكثار من ذكر الله تعالي، وأكدوا أن صلاة القيام سنة، وأن تأديتها فى جماعة أفضل.
ويقول الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، ان هناك احاديث كثيرة دلت على استحباب قيام ليل رمضان واحتساب الاجر على الله تعالي، من هذه الادلة، انه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال: يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت الشهر، وقمت رمضان، وآتيت الزكاة؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء» موضحا أن الجماعة فى قيام رمضان، هى أفضل من الانفراد، مشيرا الى ان السبب فى عدم استمرار النبى صلى الله عليه وسلم بالجماعة فى قيام ليل رمضان،هو خشيته صلى الله عليه وسلم، من أن تُفرض عليهم صلاة الليل فى رمضان، فيعجزوا عنها.
حضور النساء
ويشرع للنساء حضورها ، ويجوز أن يُجعل لهن إمام خاص بهن، غير إمام الرجال، فقد ثبت أن عمر رضى الله عنه لما جمع الناس على القيام، جعل على الرجال أبيّ بن كعب، وعلى النساء سليمان بن أبى حثمة، فعن عرفجة الثقفى قال: «كان على بن أبى طالب رضى الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال: فكنت أنا إمام النساء» قلت: وهذا محله عندى إذا كان المسجد واسعاً، لئلا يشوش أحدهما على الآخر.
واكد ان عدد ركعات قيام الليل هو إحدى عشرة ركعة، ونختار الا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا، فقد سئلت عائشة رضى الله عنها عن صلاته فى رمضان؟ فقالت: «ما كان رسول الله يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلى أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى أربعاُ فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى ثلاثاً، وله أن ينقص منها، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، أما الفعل، فقد سئلت عائشة رضى الله عنها: بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت: «كان يوتر بأربع وثلاث، وست وثلاث، وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع، ولا بأكثر من ثلاث عشرة» وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو: «الوتر حق، فمن شاء فليوتر بخمس، ومن شاء فليوتر بثلاث، ومن شاء فليوتر بواحدة».
القراءة
وعن القراءة فى صلاة الليل فى قيام رمضان، يقول الدكتور سيف رجب قزامل العميد السابق كلية الشريعة بطنطا، إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يحُد فيها حدا لا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته فيها تختلف قصراً وطولاً، فكان تارة يقرأ فى كل ركعة قدر (يا أيها المزمل) وهى عشرون آية، وتارة قدر خمسين آية، وكان يقول: «من صلى فى ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين»، وفى حديث آخر: «.. بمائتى آية فإنه يُكتب من القانتين المخلصين» وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطوّل ما شاء، وكذلك إذا كان معه من يوافقه، وكلما أطال فهو أفضل، إلا أنه لا يبالغ فى الإطالة حتى يحيى الليل كله إلا نادراً، اتباعاً للنبى صلى الله عليه وسلم القائل: «وخير الهدى هدى محمد»، وأما إذا صلى إماماً، فعليه ألا يطيل بما لا يشق على من ورائه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف، والمريض، «وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليُطل صلاته ما شاء».
ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر، وله ان يقنت بالدعاء الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن على رضى الله عنهما وهو: «اللهم اهدنى فيمن هديت وعافنى فيمن عافيت وتولنى فيمن توليت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، فإنك تقضى ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك» ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتى بعده، ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح، ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع.
ويقول الدكتور السعيد محمد على من علماء وزارة الأوقاف وإمام مسجد الحسين سابقا، ذهب الجمهور من الحنفية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن صلاة التراويح هى (سنة مؤكدة)، كما أن النبي، صلى الله عليه وسلم قد رغب فى صلاتها، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه) سنن النسائي، كما قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، أخرجه البخارى ومسلم، وروى أن النبي، صلى الله عليه وسلم قد أداها بضع ليال جماعة ثم لم يقم بالصحابة- رضى الله عنهم ـ بقية الشهر- سنن أبى داود والترمذي- وواظب الخلفاء الراشدون من عهد عمر ـ رضى الله عنه- على صلاتها جماعة فى الشهر كله، وهو الذى جمع الناس فيها على إمام واحد- أخرجه البخاري، ويضيف، إن الأئمة قد اختلفوا فى عدد ركعاتها، فمنهم من قال: عشرون ركعة، ومنهم من قال: إحدى عشرة ركعة، ومنهم من قال: ثلاث وعشرون ركعة، كما أنها تؤدى مثنى مثنى بعد صلاة العشاء، فرادى وجماعة، والجماعة أفضل، وثوابها غفران الذنوب.
*********************************************************************
لجــزء الـثـالـث من القرآن الكريم
ابراهيم أدرك البطالة والقصور الذاتي
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآية [ 253 ] من سورة البقرة، وحتى الآيـة [ 92 ] من سورة آل عمـران، ومـمّـا ورَد فيـه :
آيـة الكـرسـيّ :
إذَا أَجْريْنَـا المُقَـارَنَةَ التَـالِـيَةَ :
بين : ( اللَّهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضِ)[ النور 35 ] وَ: ( وَسِـعَ كُـرْسِيُّهُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضَ )[ البقرة 255 ]، وبين : ( إنَّ اللّـهَ يُمْـسِـكُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضَ أنْ تَزولاَ ) [ فاطر 41 ] و: ( وَلا يَؤُودُهُ حِـفْظُـهُـمَـا )[ البقرة 255 ] .
يَتَبَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ: الكُرْسيّ هُوَ أوْتَـارُ الطَـاقَةِ.
إذاً الكُرْسِـيّ: هُوَ أوْتَـارُ الطَـاقَةِ التي يَحْفَظُ بِهَا اللّهُ سُبْحَانَهُ السَماواتِ وَالأَرْضِ مِنَ الزَوالِ عَنْ طَريقِ [ الأَمْـرِ ] : الذي يُمَثِّلُ الطَـاقَةَ الهَـائِلَةَ الكُلّيَةَ التي يُحَرِّكُ بِهَا الخَالِقُ كُلَّ مَـا خَلَقَ، لِذَلِكَ : ( أَلاَ لَـهُ الـخَـلْـقُ وَالأمْـرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الـعَـالَـمـينَ )[ الأعراف 54 ] .
وَعَنْ طَريقِ الأَمْـرِ [ القُدْرَةُ الكليّةُ ] يُديرُ اللّهُ أُمُورَ الكَوْنِ : ( وَأَوْحَـى فـي كُـلِّ سَـمَـاءٍ أَمْـرَهَـا )[ فصلت 12 ]، وَعَنْ طَريقِ الأَمْرِ يَكُونُ [ كُنْ ] : (إنَّمَـا أمْــرُهُ إذا أرَادَ شَـيْئـاً أَنْ يَقُولَ لَـهُ كُـنْ فـَيَكُـونُ)[ يس 82 ]، (وَ يَوْمَ يَقُـولُ كُـنْ فَيَـكُـونُ قَـوْلُــهُ الـحَـقّ)[ الأنعام 72 ]، لأنَّ: اللّهَ سُبحَانَهُ مُمْسِـكٌ بِكُلِّ خُـيُوطِ الطَـاقَةِ في الكَونِ، لِذَلِكَ يَسْتَطيعُ اللّهُ وَبِكُلِّ بَسَاطَةٍ أَنْ يُوجِدَ مَا يَشَاءُ بِأَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، حَيْثُ الحَقيقَةُ العِلْمِيَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ الإرادَةَ تَتَحَقَّقُ قَبْلَ [ الكَافِ وَالنُونِ بِكَلِمَةِ كُنْ ]، وَلَيْسَ بَيْنَ [ الكَافِ وَالنُونِ ]، لأَنَّ لَفْظَ حَرْفِ الكَافِ يَأْخُذُ ثانِيَةً، وَهَذَا زَمَنٌ طَويلٌ جِدَّاً بالنِسْبَةِ لِسُرْعَةِ الضَوْءِ .
مَدينَـةُ بـابِـلْ
مَدينَةٌ قديمةٌ تَقَعُ عَلى بُعْدِ 90 كيلومتْراً جنُوبَ غَرْبِ بَغْدادَ في العِراقِ، وَمَعْـنى اسْمها : [ بابُ الإلهِ - بابُ إيلْ ]، وَقَدْ وَرَدَ اسْمها في القرْآنِ الكريمِ بَقَوْلِهِ تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَـلى الـمَـلَـكَـيْنِ بِـبَابِـلَ )[ البقرة 102 ]، وَيُنْسَبُ لها أُسْـطورَةُ التَكْوين البابليّ.
مِنْ أشْـهَرِ مُلوكِهـَا نَمْـرود الذي كانَ صَيَّـاداً في بدايَـةِ حياتِـهِ، ثُـمَّ أعْطاهُ اللهُ المُلْكَ، فأسَّـسَ الإمبراطوريّةَ البابليّةَ، وَهُوَ الذي حَاجَّ إبْراهيمَ علَيْهِ السلامُ في رَبِّهِ :
(أَلَـمْ تـَرَ إلى الـذّي حَـاجَّ إبراهـيمَ
في رَبِّـهِ أَنْ آتاهُ اللَّـهُ الـمُـلْـكَ ...
(قالَ أنَا أُحْـيـي وَأُمِـيْـتُ )[البقرة 258]
فَقَدْ كانَ جَبّاراً وكافراً.
( فَـبُهِـتَ الـذي كَـفَرَ )[ البقرة 258 ]
مِنَ المُثِيرِ لِلدَهْشَةِ أَنَّ إبراهيمَ عليهِ السلام، كَانَ أَوَّل مَنْ أَدْرَكَ الحَقيقَةَ العِلمِيَّةَ: [مَـبْدَأَ العَطَالَةِ وَالقُصُورِ الذَاتيّ]، وَذَلِكَ مِنْ خِلاَلِ حَديثِهِ مَعَ الكَافِرِ الذي حَاجَّهُ في رَبِّهِ : (قَالَ إبْراهِـيمُ فَإنَّ اللّـهَ يَأْتي بِالـشَـمْـسِ مِـنَ الـمَـشْـرِقِ فَأْتِ بِهَـا مِـنَ الـمَـغْـرِبِ فَـبُهِـتَ الـذي كَــفَرَ)[ البقرة 258 ]
أيْ طَلَبَ مِنْهُ إبراهِيمُ أنْ يَعْكِسَ دَوران الأَرْضِ كَيْ تَأْتي الشَمْسُ مِنَ المَغْرِبِ، فَـبُهِـتَ الـذي كَــفَرَ لأَنَّهُ يُشَكِّلُ مَعَ الأَرْضِ جُمْلَةً فيزيائِيَّةً وَاحِـدَةً فَمْهْمَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ فَإنَّهَا قُوَّةٌ دَاخِلِيَّةٌ بالنِسْبَةِ للجُمْلَةِ الفيزيَائِيَّةِ، وَمُحَصِّلَتُهَا = 0،
نُلاَحِظُ أَنَّ الذي كَفَرَ، بُهِتَ فَقَطْ عِنْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ إبراهيمُ عَكْسَ اتِّجَاهِ دَورانِ الأَرْضِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُبْهَتْ عِنْدَمَا قَالَ لَهُ إبْراهيمُ : (إنَّ رَبِّي يُحْـيي وَيُمِـيْتُ )[ البقرة 258 ]، بَلْ قَالَ : (أنَا أُحْـيي وَأُمِـيْتُ )[ البقرة 258 ]، فَأحْضَرَ شَخْصَيْنِ ثُمَّ أَمَرَ بِإعْدَامِ أَحَدِهِمَا وَإبْقَاءِ الآخَرَ حَيَّاً، وَقَالَ لإبْراهِيم: هَكَذَا أَنـا أُحْيي وَأُمِيْتُ، لِذَلِكَ : (قَالَ إبْراهِـيمُ رَبِّ أَرِني كَــيْفَ تُحْـيي الـمَـوتـى)[ البقرة 260 ]، كَيْ يَرى هَذا الكَافِرُ كَيْفَ يَكُونُ إحْيَاءُ الموتى، فكان الردّ الإلهيّ: (قال فَخُـذْ أَرْبَعَـةً مِـنَ الـطَـيْرِ فَصُـرْهُـنَّ إلَـيْكَ ثُمَّ اجْـعَـلْ عَـلـى كُـلِّ جَـبَلٍ مِـنْهُـنَّ جُـزْءاً ثُمَّ ادْعُـهُـنَّ يَأْتِيْنَكَ سَـعْـيَاً)[ البقرة 260 ]
الـقُـدْسُ وَالـمُـقَـدّسُ :
تَعْـني مَنْ يَمْنَحُ الحَيَاةَ لِغَيْرِهِ، فَلاَ عَجَبَ أنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَحْضَرَ مُوسى إلى الوادِي المُقَدَّسِ : (إنَّكَ بالـوادِ الـمُـقَدَّسِ طُـوى )[ طه 12 ]، حَيْثُ تَحَوَّلتِ العَصَـا إلى حَيَّةٍ تَسْعَى، وَحِيْنَ هَدَّمَ القُدْسَ بِشَكْلٍ كَامِلٍ [ نَبُو خَذِّ نَصَّرْ ] عَام 585 قبل الميلادِ، مَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ فاسْتَغْرَبَ عَوْدَتَها للحَيَاةِ : (أوْ كَـالـذي مَـرَّ عَـلـى قَـرْيَةٍ وَهِـيَ خَـاوِيَةٌ عَـلى عُـروشِهَـا فَقَالَ أنَّى يُحْيي هَذِهِ اللّـهُ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا فَأمَـاتَهُ اللّـهُ مِـئَةَ عَـامٍ ثُمَّ بَعَـثَهُ ) [ البقرة 259 ]، لِيَرى أنَّ القُدْسَ قَدْ عَادَتْ للحَياةِ، كَمَا أنَّ القُدْسَ وَالمُقَدَّسَ يَمْنَحُ البَرَكَةَ حَوْله: (الـمَـسْـجِـدِ الأقْصَـا الـذي بَارَكْـنَا حَـوْلَـهُ)[ الإسراء 1 ]،
فَـنَـظِـرةٌ إلى [مَـيْسَـرة] :
(وَإنْ كَـانَ ذُو عُـسْـرَةٍ فَنَظِـرَةٌ إلـى مَـيْسَـرَةٍ )[ البقرة 280 ]، وَ[ مَيْسَرَة] مُنْتَهى اليُسْـرِ وَلَيْسَ اليُسْرُ العَاديُّ، فعلى الدائن انتظار المدين حتى يُصبح في ميسَرة ويحلّ جميع مشاكله المالية، ثُمّ يُطالبه بالدين.
يُصَاغُ الاسْمُ في اللُّغَةِ عَلى وَزْنِ [مَفْعَلَة ] لِلدَلاَلَةِ عَلى الكَثْرَةِ، فَحَيْثُ تَكْثُرُ الدِراسَةُ
[ مَدْرَسَة ]، وَحَيْثُ يَكْثُرُ العِراكُ [ مَعْرَكَة ] وَحَيْثُ تَكْثُرُ القُبُورُ [ مقْبَرَة] وَحَيْثُ يَكْثُرُ الطَحْنُ [ مَطْحَنَة ]، وَحَيْثُ تَكْثُرُ الكُتُبُ [ مَكْتَبَة ]، وَحَيْثُ تَكْثُرُ الطِباعَةُ [ مَطْبَعَة ]، وَهَكَذَا نَجِدُ في القُرْآنِ الكَريمِ، الكَثيرَ مِنَ الأَمْثِلَةِ :
(أَوْ إطْـعَـامٌ في يَوْمٍ ذِي مَـسْـغَـبَةٍ)[ البلد 14 ] وَالمَسْغَبَةُ: الجُوعُ الشَديدُ، وَالمَخْمَصَةُ: المَجَاعَةُ (فَمَـنِ اضْـطُـرَّ في مَـخْـمَـصَـةٍ )[ المائدة 3]، وَكَثْرَةُ الرَحْمَةِ [ مَرْحَمَة ] : (الـذينَ آمَـنُوا وَتَواصَـوْا بِالـصَـبْرِ وَتَواصَـوْا بِالـمَـرْحَـمَـةِ)[ البلد 17 ]، كَمَا أنَّ كَثْرَةَ الشُؤْمِ [ مَشْأَمَة ] : (وَالـذينَ كَـفَروا بِآيَاتِنَا هُـمْ أصْـحَـابُ الـمـَشْـأَمَـةِ)[ البلد 19 ]
ردّ الآيات المُتشابهات إلى الآيات المُحكمات
(هُـوَ الـذي أنْزَلَ عَـلَـيْـكَ الـكِـتَابَ مِـنْهُ آيَاتٌ مُـحْـكَـمَـاتٌ هُـنَّ أُمُّ الـكِـتَابِ وَأُخَـرُ مُـتَشَـابِهَـاتٌ فَأمَّـا الـذينَ فـي قُـلُـوبِهِـمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُـونَ مَـا تَشَـابَهَ مِـنْهُ)[ آل عمران 7 ]
نُلاَحِظُ أنَّ بَعْضَ آياتِ القُرْآنِ الكَريمِ، قَدْ يَبْدو لِلْوَهْلَةِ الأُولى أنَّهَا تُعَارِضُ بَعْضَهَا بَعْضَاً مِثْل: (فَيَوْمَـئِـذٍ لاَ يُسْـأَلُ عَـنْ ذَنْبِهِ إنْـسٌ وَلاَ جَـانٌ )[ الرحمن 39 ]، وَبَيْنَ : (فَوَرَبِّكَ لَـنَسْـأَلَـنَّهُـمْ أَجْـمَـعِـينَ )[ الحجر 92 ]، وَلَكِنْ : الآية الثانية هي [ مُحْكمة ] والأولى [ مُتشابهة ]، أيْ لا بُدّ من سؤال جميع الناس عن أعمالهم، والآية الأولى تتحدّث عن [ بداية ] يوم الحساب، ولكن بعد ذلك سيتمّ سؤال الجميع، فلا تعارض بين الآيتين الكريمتين، لذلك يجب ردّ الآيات [ المُتشابهات ] إلى الآيات [ المُحكمات ]، فالذينَ في عقولهم [ زيْغٌ = نقص ] هُم وحدهُم الذين يتّبعون فقط الآيات [ المُتشابهات ] من أجْل إثارة الفتنة.
شَـهِـدَ اللّـهُ أَنَّهُ لاَ إلَـهَ إلاَّ هُـوَ :
إنَّ شَهَادَةَ : [ لا إلـهَ إلاَّ اللّـهُ ] هيَ أسَاسُ إسْلاَمِ الإنْسَانِ، وَبِدُونِهَا يَكُونُ الإنْسَانُ مُشْرِكَاً، وَهِيَ شَـهَادَةٌ يَشْهَدُهَا المُسْـلِمُ عَلى أَنَّـهُ لاَ يُوجَدُ في الوُجُودِ كُلِّهِ إلهَـاً آخَـرَ، وبمـا أنّ: [ اللّـهُ أَكْـبَرُ، اللّـهُ أَكْـبَرُ ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ وَحْدَهُ قد أعطانا هَذِهِ الحَقيقَةَ بِأَنَّـهُ لاَ يُوجَدُ في الوُجُودِ إلَهٌ سِواهُ، فَكَانَ أَوَّل مَنْ شَـهِدَ بِذَلِكَ : (شَـهِـدَ اللّـهُ أَنَّهُ لاَ إلَـهَ إلاَّ هُـوَ وَالـمَـلائِـكَـةُ وَأُولـُوا الـعِـلْـمِ قَائِـمَـاً بالـقِسْـطِ)[ آل عمران 18 ]، إذَاً نَحْنُ نَشـهَدُ على شَـهَادَةِ اللّه بِأنَّـهُ: [ لا إلـهَ في الوجودِ كلِّـهِ إلاَّ اللّـهُ ]، وَلَمَّـا وَصَلَتْنَـا هَذِهِ الحَقيقَةُ عَنْ طَريقِ الرَسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَلاَ بُـدَّ مِنْ إتْمَـامِ الشَـهَادَةِ بالاعْتِرافِ بِـهِ رَسُـولاً مِنْ عِنْدِ اللّهِ، فَكَانَتِ الشَهَادَّةُ التَـامَّةُ : [ أَشـهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللّهُ وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللّهِ] .
امـرأة عـمـران :
عِمْـرانُ بنُ مَـاثَان، مِنْ نَسْلِ النبي داوودَ عليه السلام، وَهُوَ رَأْسُ أُسْرَةِ [ آلِ عِمْـرانَ ]، وَوَالِدُ السَيِّدَةِ مَرْيَمَ العَذْراءَ، وَقَدْ تُوفِّيَ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ حَامِلاً بِمَرْيَمَ، فَنَذَرَتْ مَا في بَطْنِهَا خالِصَاً للّـهِ: (إذْ قَـالَـتِ امْـرَأةُ عِـمْـرانَ رَبِّ إنّي نَذَرْتُ لَـكَ مَـا فِي بَطْـني مُـحَـرَّراً... فَلَـمَّـا وَضَـعَـتْـهَـا قَالَـتْ رَبِّ إنَّي وَضَـعْـتُهـا أُنْثـى.... وَإنّي سَـمَّـيْتُهَـا مَـرْيَمَ)[ آل عمران 35 / 36 ]، ومَـرْيَمَ : أيْ خَادِمَةُ اللّهِ، وَزَكَرِيّا هُوَ زَوْجُ أُخْتِها وَتُدْعَى [ إليزابيت ]، وَقَدْ فَازَ بِرِعَايَتِهَا بَعْدَ أنْ رَبِحَ في سِبَاقِ الأَسْهُمِ التي ألْقُوهَا في المَاءِ: (وَمَـا كُنْتَ لَـدَيْهِـمْ إذْ يُلْـقُونَ أَقْلاَمَـهُـمْ أَيُّهُـمْ يَـكْـفُلُ مَـرْيَمَ وَمَـا كُـنْتَ لَـدَيْهِمْ إذْ يَخْـتَصِـمُـونَ)[ آل عمران 44 ]، وَلَهُمْ سُوْرَةُ [ آلِ عِمران ] في القرآن الكريم : (إنَّ اللّـهَ اصْـطَـفـى آدَمَ وَنُوحَـاً وَآلَ إبْراهـيمَ وَآلَ عِـمْـرانَ عَـلَـى الـعَـالَـمـينَ)[ آل عمران 33 ]، ولذلك كان عيسى ويحيي عليهما السلام أولاد الخـالة.
وأولادُ عمـران ثـلاثةٌ وهُم: [ هارون + مـرْيَم + إليزابيت ]، لذلك قال لهـا قومهـا: ( يَا أُخْــتَ هَـارونَ )[ مريم 28 ]، وهارون أخو مريم يختلف عن هارون أخو موسى، لأن بين موسى وعيسى آلاف السنين، عليهم السلام جمـيعاً.
كل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
4 رمضان 1436هـ - 21 يونيو 2015م
العنب ثمر أهل الجنة
ذكر العنب في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة في جملة من النّعم التي أنعم الله بها على عباده، ومن هذه الآيات ما جاء في سورة الأنعام (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب)، وفي سورة الرعد آية 4 (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب)، وفي سورة النحل آية 11 (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب).
كثرة الخير
كان يُسمى العنب سابقاً كرْماً، ثم نهى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن تسميته بهذا الاسم، لأن العنب سابقا كان يستخدم في صناعة الخمر والنبيذ، وكان العرب يكرمون بعضهم بعضا بهذا الشراب، فكانت سبيلاً من سبل ا لكرم، ولأجل ذلك كانوا يسمون شجر العنب بالكرم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسمية، فقال: »الكَرْمُ قَلْبُ المُؤمِنِ« لأن هذه اللفظةَ تَدُلُّ على كثرة الخير والمنافع في المسمَّى بها، وقلبُ المؤمن هو المستحِقُّ لذلك دون شجرة العِنَب.
وقد خرّج الإمام مسلم في صحيحه من حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: »لا تقولوا: الكرم، ولكن قولوا: العنب، والحبلة«، وفي هذا الحديث دليل على اجتناب الألفاظ المكروهة، فالعنب كان يتخذ شرابا خبيثا محرما، فيعصر ويخمر فيكون خمرا خبيثة، والخمر من أكبر الكبائر، وسميت بهذا الاسم لأنها تخمر العقل أي تستره.
وأثر الخمر على الإنسان هو إزالة العقل وأفضل ما في الإنسان عقله، ولهذا إذا دبت الخمر في رأس شاربها وفقد الشعور زنى ولاط وجاء بأنواع الفحش والفجور وسب وشتم ولعن الدين والمسلمين وربما اقترف الإثم مع إحدى محارمه وارتكب الموبقات وكذلك يفعل المخمور.
ومن أجل ما يترتب على شرب الخمر مما ذكرنا من الشرور حرمها كثير من الناس على أنفسهم في الجاهلية قبل بعثة الرسول، ومنهم قيس بن عاصم المتقري فقد شربها يوما فغمز ابنته وشتم والديه وضرب امرأته فلما أفاق أخبر بما صنع.
والخمر أم الخبائث تجر شاربها إلى ارتكاب الجرائم وانتهاك المحرمات، روى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: (قال سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها أن تدعوه لشهادة، فدخل معها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام .
وآنية خمر فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب الخمر فسقته كأساً، فقال: زيدوني فلم يبرح حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر فإنه لا تجتمع هي والإيمان أبداً إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه).
ثمار الجنة
ورغم أن العنب كانت تصنع منه الخمر إلا أنه فاكهة من ثمار الجنة، وله فوائد عظيمة كما ذكره ابن القيم، وأنه من أفضل الفواكه وأكثرها منافع وهو يُؤكل رطباً ويابساً، وأخضر ويانعاً، وهو فاكهة من الفواكه، وقوتٌ من الأقوات، ودواءٌ من الأدوية، وشرابٌ من الأشربة، فهو مقوٍ للبدن، وغذاؤه كغذاء التين والزبيب.
وبالرغم من أن عناقيد العنب صغيرة جداً في الحجم فإن لديها العديد من الفوائد الغذائية منها، إذ يساعد في التخلص من الصداع النصفي، لذلك يمكن أن يستخدم كعلاج فوري له، كما أنه يساعد في علاج عسر الهضم وتهيج المعدة، ومنها أنه يحتوي على مركب يساعد على خفض مستوى الكوليسترول في الدم، وكذلك يحتوي العنب على مستويات ترطيب جيدة تساعد في علاج الربو.
تخفيف الإمساك
وللعنب أيضا تأثير رهيب في التغلب على الإمساك، فهو يعمل كملين كما أنه غني بالسكر والأحماض العضوية والتي تساعد علي تخفيف الإمساك وتليين حركة المعدة، كما أن أوراقه لها فوائد كثيرة، فقد قيل في الحكمة إن أكلته على جوع فخير الزاد، وإن أكلته على شبع فخير مهضم، وإن أكلته على ضيق فخير صديق، إن اكلته على فرح زادك سعادة، إلى غير ذلك من الفوائد العديدة .
وقد ذكرها الأطباء في كتبهم، والتي إن دلّت على شيء فإنما تدل على أن الله تعالى هو أعلم بعباده وأعلم بشفائهم وبأمراضهم، فقد ذكرت هذه الفاكهة وغيرها لتكون هذه الآيات إشارة لطيفة إلى أهمية هذه الفواكه، والتي يكتشف العلماء فوائدها يوماً بعد يوم.
*******************************************************************
سبحة رمضان.. بين البدعة والعبادة
تغص الأسواق في المناسبات الدينية هذه الأيام بالمنتجات الرمضانية التي يقبل على شرائها الناس في شهر رمضان المبارك، ومن هذه المنتجات الإقبال على شراء السبحة أو المسبحة والتي اخذت الصبغة الإسلامية في العصور المتأخرة، حيث ارتبطت بالشعائر الإسلامية إبان الدولة الأموية.
فالسبحة تعتبر دخيلة على الدين الإسلامي، ولا تعد إلا بدعة ابتدعتها الحضارة السومرية خلال الألفية السادسة قبل الميلاد، لتستعيرها حضارات أخرى كالهندية وغيرها من الحضارات.
فلا تقتصر السبحة في استخداماتها على دين بعينه أو حضارة بعينها، فقد عرفها اليهود وأطلقوا عليها اسم "ماه بركوت" وتعني المائة بركة، كما استخدمها رهبان النصارى أيضا، كما عرفت عند الأديان الأرضية الأخرى كالبوذية والبرهامية.
ولأن السبحة أخذت مسحتها الإسلامية في العصور المتأخرة، فقد ذهب بعض العلماء في مسألة حكمها الشرعي إلى أنها بدعة وأفتى بعدم جواز استخدامها لأنها لا ترتبط بشعائر الإسلام أما الآخر فذهب إلى جوازها مع التفضيل بالقول بالتسبيح باليد والعد ببراجم الأصابع طلبا لشهادة الجوارح يوم القيامة.
أما مسألة الإقبال على شراء السبحات في المناسبات الدينية، فمن الناس من يذهب بالمعتقدات الروحانية أو الخرافات الطبية، كملجأ يحمله على شرائها بأنواع أحجارها أو خرزها المختلفة؛ فمنها ما هو مصنوع من نوى البلح أو نوى ثمار الزيتون، ومنها ما هو محفور بالخشب المعطر كالصندل وغيره، أو الأحجار الكريمة أو شبه الكريمة، أو حتى ذلك المصنع من المعادن الثمينة والنفيسة كالذهب والفضة.
وقد تكون السبحة إما مقصدا للجاهة والوجاهة أو كنوع من الموضة، فمنها ما هو يبدو كمظهر شعائري أو آخر طلبا للاستشفاء ودرء للعين والحسد، أو آخرون يستخدمونها كالمريدين أو الدراويش ممن يقبلون على شرائها حفظا للورد. فللناس فيما يشترون من السبحات مذاهب! فمنهم من يحملها كمظهر جمالي، وآخر كمظهر ديني، أو متبركا معتقدا بقدرتها على جلب الحاجة.
كما اقتحمت السبحة مجالس الأدب حيث نظم فيها الشعر أبو نواس الحسن بن هانئ حين قال:
أنت يابن الربيع ألزمتني النسك وعودتنيه والخير عادة المسابيح في ذراعي والمصحف في لبتي مكان القلادة
وتناولتها القصائد النبطية والأشعار الشعبية حيث قال فيها الشاعر بديوي الوقداني إبان حكم الدولة العثمانية:
انفكت السبحة وضاع الخرز ضاع
بغيت ألمه يا سليمان وأزريت.
صار الذهب قصدير والورد نعناع
أنكرت ريحه مختلف يوم شميت.
ودخلت السبحة الفن من أوسع أبوابه فتغنت بها القصائد والطقاطيق المصرية وخاصة تلك التي غناها الثلاثي المرح من كلمات نبيلة قنديل التي تقول:
سبحة رمضان لولي ومرجــــان بتلاتة وتلاتين حباية
الله الله الله الله الله الله
ثلاتة وتلاتين منهم تلاتين أيام رمضــــان نور وهداية
وتلاتة العيد ونقول ونعيــــــــد ذكــر الرحمن آية بآية
أيام رمضان رحمة وغفران ورضا الرحمن وحده كفاية
كما غزت التكنولوجيا خيوط السبحات العتيقة وحبات خرزها، لتدخل غمار التطبيقات على الهواتف المحمولة من خلال تطبيقات إلكترونية سواء على الهواتف النقالة التي تعمل بنظام أبل أي أو إس 8 أو بنظام أندرويد حيث يقوم المستخدم بتحريك أصبعه على الشاشة كما لو أنه يُسبح بالإضافة إلى أدعية وأذكار إسلامية.
*******************************************************************
الجزء الثاني من القرآن الكريم
المسجد الحرام يزود زواره بالطاقة
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، من الآية [ 142 ] من سورة البقرة، وحتى الآيـة [ 252 ] منهـا، ومـمّـا ورَد فيـه:
(ومنْ حيثُ خَرجْتَ فولّ وجهَـكَ شـطْر المسـجد الحـرام ) [الآيتان 149 / 150 ]، هذا الأمْر الذي ورَد في آيتين متتاليتين لأهميته ، يطلب من كل مسلم و مسلمة أنْ يتّجه و لو للحظات نحو المسجد الحرام، ليْسَ في أوقات الصلاة فحسْب ، و لكن منْ أيّ مكانٍ يخرُجُ منه ، سواء كان من محلّ تجاريّ ، أو من سيّارته ، أو منْ بيته ..... ، عليه إعطاء التفاتة و لو قصيرة نحو المسجد الحرام ، كي يتزوّد بـ [ الطـاقة ] التي ينشُـرُهـا المسجد الحرام في كلّ الكرة الأرضية ، ثُمّ يُتابع سيره و سوف يرى الحيوية و النشاط التي يشعر بهـا .
إنّ الاتجَاهَ إلى المسْجِدِ الحَـرامِ هُـوَ مِنْ أجْلِ الانسِـجامِ مَعَ الفِطْرَةِ الإنسَـانيّةِ في التوجُّهِ نَحْوَ المَوْطِنِ الأوَّلِ للإنسَـانيّةِ ، فَحينَمـا كانَ صلى الله عليه وسلم يَتَوَجَّهُ في صَلاتِهِ نَحْوَ المسجِدِ الأقْصى ، كَانَ ظَهْرَهُ نَحْوَ المسْجِدِ الحَرامِ [ 180 درجة ] ، وَ هَذا لَمْ يَتَوافَقْ مَعَ فِطْرَتِهِ الإنسانيّةِ : ( قَـدْ نَرى تَقَـلُّـبَ وَجْـهِـكَ فـي الـسَـمَـاءِ فَـلَـنُوَلِّـيَنَّـكَ قِـبْلَـة ً تَرْضَـاهَـا فَـوَلِّ وَجْـهَـكَ شَـطْـرَ الـمَـسْـجِـدِ الـحَـرامِ وَ حَـيْثُ مَـا كُـنْتُـمْ فَـوَلُّـوا وُجُـوهَـكُـمْ شَـطْـرَهُ )[ البقرة 144 ] ، أي : ترْضَاهَا فِطْرَتُكَ الإنْسَـانيّة ، وَ حَتّى غَيْرِ المسْلمينَ يَعْلَمونَ هَذِهِ الحقيقةَ :
( وَ إنَّ الـذينَ أُوتُـوا الـكِـتَابَ لَـيَعْـلَـمُـونَ أَنَّـهُ الـحَـقُّ مِـنْ رَبِّهِـمْ )[ البقرة 144 ] ، لِذَلِكَ كانَ وُجُوبُ التَوَجّهِ للمَسْجِدِ الحَرامِ لِعَدَمِ مُخالَفَةِ الحقيقَةِ مِنْ جِهَة ، وَ عَدَمَ تْرْكِ المَجالِ لِحَديثِ المُغْرضينَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرى : ( وَحَـيْثُ مَـا كُـنْتُـمْ فَـوَلُّـوا وُجُـوهَـكُـمْ شَـطْـرَهُ لِـئَـلاّ يَكُـونَ لِلـناسِ عَـلَـيْكُـمْ حُـجَّـةٌ )[ البقرة 150 ] ، لأنَّ المُنَـافِقِينَ المُغْرضينَ يَرْفَضونَ هَذا الأمْرَ : ( وَ لَـئِـنْ آتَيْتَ الـذينَ أُوتُـوا الـكِـتَابَ بِكُـلِّ آيَةٍ مَـا تَبِعُـوا قِـبْلَـتَكَ )[ البقرة 145 ] .
( وَ مَـا جَـعَـلْـنَا الـقِـبْـلَـةَ الـتي كُـنْتَ عَـلَـيْهَـا إلاَّ لِـنَعْـلَـمَ مَــنْ يَتَّبِعُ الـرَسُـولَ مِـمَّـنْ يَنْقَـلِـبُ عَـلـى عَـقِـبَيْـهِ )[ البقرة 143 ] ، و الـقِـبْـلَـةَ الـتي كُـنْتَ عَـلَـيْهَـا هي : الاتّجاهِ إلى المسـجدِ الأقصى ، و قد كَانَتْ مَـرْحَلَة اخْتِبـارٍ مُؤقَّـتَةً ، وَ لَيْسَتْ قِبْلَةً دائِمَةً ، لِذَلِكَ كَانَ قَوْلُ المُنـافِقينَ السَـاخِرَ : ( سَـيَقُولُ الـسُـفَهَـاءُ مِـنَ الـنَاسِ مَـا وَلاَّهُـمْ عَـنْ قِبْلَـتِهِـمُ الـتي كَـانُوا عَـلَـيْـهَـا )[ البقرة 142 ] ، [ تَمَّ تَحْويلُ القِبْلَةِ بَعْدَ الهِجْرَةِ بِـ 17 شَهْراً ]
وَ التوَجُّـهُ نَحْـوَ الكَعْبَةِ أمْـرٌ لَيْسَ بالسَـهْلِ عَلى غَيْرِ الذينَ هَداهُمُ اللّـهُ للاتّـجاهِ إليْـهِ : ( وَ إنْ كَـانَتْ لَــكَـبيرَةً إلاَّ عَـلـى الـذينَ هَـدى اللَّـه ُ)[ البقرة 143 ] ، [ الـلاّم في بداية كلمة لكبيرة هي : الـلاّمُ الفارقـة ] .
( إنَّا لِلَّـهِ وَ إنَّا إلَـيْهِ رَاجِـعُـونَ )[ البقرة 156 ]
في هَذِهِ العِبَارَةِ الرَائِعَـةِ التي جَاءَتْنـَا عَلى شَكْلِ آيَـةٍ كَريمَـةٍ مِنَ الخَالِقِ تعالى ، فيهَا نَفْيٌ مَنْطِقيٌّ لِلظُلْمِ عَنْـهُ تعالى ، فَلَمّا كَانَ تَعْريفُ الظَالِمِ أنّـهُ : هُوَ [ الذي يَتَصَرَّفُ بِمَـا لاَ يَمْلُكُ ] ، وَ لَمّـا كَانَ كُلُّ مَا في الوُجُودِ مُلْكٌ للخَالِقِ سُبْحَانَهُ : ( فَسُـبْحَـانَ الـذي بِيَدِهِ مَـلَـكُـوتُ كُـلِّ شَـيْءٍ )[ يس 83 ] ، فَإنِّهُ سبحانه يَتَصَرَّفُ فيمَا يَمْلُكُ ، وَ مَنْ تَصَرَّفَ فيمَا يَمْلُكُ لاَ يَظْلِمُ أحَدَاً :
( إنَّ اللَّـهَ لاَ يَظْـلِـمُ مِـثْقَالَ ذَرَّةٍ )[ النساء 40 ] ، لأَنَّ كُلَّ ذَرَّةٍ في الوُجُودِ مُلْكٌ شَخْصيٌّ لَـهُ ، أمَّـا أيُّ أحَدٍ سِواهُ فَلَيْسَ لَـهُ مِنَ المُلْكِ شَـيْئاً : ( وَ الـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِهِ مَـا يَمْـلِـكُـونَ مِـنْ قِـطْـمـيرٍ )[ فاطر 13 ] ، وَ القِطْميرُ هُوَ : غِشَـاءُ نَواة التمْرِ ، لِذَلِكَ كَانَ المَنْطِـقُ يَقْتَضي : ( لاَ يُسْـأَلُ عَـمَّـا يَفْعَـلُ وَ هُـمْ يُسْـأَلُـونَ)[ الأنبياء 23 ] ، لاَ يُسْـأَلُ عَـمَّـا يَفْعَـلُ لأنَّهُ : يَصَرّفُ فيما يَمْلُكُ ، وَ هُـمْ يُسْـأَلُـونَ لأنَّهُم يَتصَرّفُون في مُلْكِـهِ ، وَ لَيْسَ في مُلْكِهِمْ .
وَ نُلاَحِظُ أنَّ الآيَةَ الكَريمَةَ في سُورَةِ يس ، قَدْ أَوْرَدَتْ كَلِمَةَ مَـلَـكُـوتُ : ( بِيَدِهِ مَـلَـكُـوتُ كُـلِّ شَـيْءٍ )[ يس 83 ] ، وَ المَلَكُوتُ غَيْرُ الملكيَّةِ ، فالمُلْكِيَّةُ تَكُونُ ظَاهِريَّةً للشَـيْءِ ، أمَّا المَلَكُوتُ فَهُوَ مُلْكِيَّةُ كُلِّ ذَرَّةٍ في الشَيْءِ ، فَنَحْنُ لَسْنَا عَبيدَاً وَ مُلْكَاً ظَاهِريّاً لِلّهِ فقط ، بَلِ اللّهُ يَمْلِكُ وَ يَحِقُّ لَـهُ التَصَرُّفُ بِكُلِّ ذَرَّةٍ فينـَا مَتى مَا يَشَاءُ وَ كَيْفما يَشَـاءُ ، وَ هَذَا هُوَ المَلَكُوتُ : ( إنْ يَشَـأْ يُذْهِـبْـكُـمْ وَ يَأْتِ بِخَـلْـقٍ جَـديدٍ )[ فاطر 16 ] ، بَيْنَمَا تَكُونُ المُلْكيَّةُ ذَاتُ شَكْلٍ ظَاهريٍّ فالذي يَمْلِكُ حِصَانَاً مَثَلاً ، يَمْلِكُهُ بِشَكْلِهِ الظَاهريِّ [ حَقُّ الانْتِفاعِ ] ، لاَ بِشَكْلِ مَلَكُوتِ كُلِّ ذَرَّةٍ فيـهِ .
مصيبة الإنسان
إذَا أَصَابَتِ الإنْسَانَ مُصِيبَةٌ قَالَ : ( إنَّا لِلَّـهِ وَ إنَّا إلَـيْهِ رَاجِـعُـونَ )[ البقرة 156 ] ، أيْ : نَحْنُ مُلْـكٌ للّـهِ وَ اللّـهُ قَـدْ تَصَـرَّفَ فيمـا يَمْلُكُ ، وَ في هَذا نَفْيٌ للظُلْمِ عَنِ اللهِ سُـبْحَانَهُ ، فَنُلاَحِظُ أنَّ الإنْسَانَ بِقَوْلِهِ هَذَا يَنْفي الظُلْمَ عَنِ الخَالِقِ سُبْحَانَهُ ، باعْتِرافِهِ أنَّ اللّهَ قَدْ تَصَرَّفَ فيما يَمْلُكُ ، فَيَكُونُ جَزاءُ الذينَ يَقُولُونَ هَذا القَوْل ِ، مُعْتَرِفينَ بِعَدَمِ ظُلْمِ اللّـهِ لَهُمْ : ( أُولَـئِـكَ عَـلَـيْهِـمْ صَـلَـواتٌ مِـنْ رَبِّهِـمْ وَ رَحْـمَـةٌ)[ البقرة 157 ] ، و صَـلَـواتٌ أي : سكينَةٌ و اطْمِئْنانٌ في الدُنْيا وَ الآخِرَةِ ، وَ هَذِهِ الرحْمَةُ كافيَـةٌ لِدُخُولِهِمُ الجَنّـَةَ .
الصَــفـا الصخرة الملساء والـمـروة البيضاء
يَطوف الحُجّاجُ بَيْنَ صخرتيْ [ الصَفـا ] و معناهـا : الصخرة الملساء ، وَ مُذَكَّرُ الصَـفا : صَفْوانٌ [ الحَجَرُ الأمْلَسُ ] : ( فَمَـثَـلُـهُ كَـمَـثَـلِ صَـفْـوانٍ عَـلَـيْهِ تُرابٌ )[ البقرة 264 ] ، أمّا [ المَروَة ] فـمعناهـا : الصخرة البيضاء ، وَ يَحْلِقونَ شُعُورَهُمْ عِنْدَ المَرْوَة : ( إنَّ الـصَــفَـا وَ الـمـرْوَةَ مِـنْ شَـعَـائِرِ اللّـهِ فَمَـنْ حَـجَّ الـبيتَ أوِ اعْـتَمـرَ فَلاَ جُـناحَ عَـلَـيْهِ أنْ يَطَّـوَفَ بِهِـمَـا )[ البقرة 158 ] .
و المسافة بين الصفـا و المروة هي 420 متراً ، ففي السعي بينهُمـا سبعة أشواط ، يكون الحاجّ قد سار نحو 3 كيلومترات، و هذه رياضةٌ للمشي فيهـا كل الصحة و الحيوية إضافةً لثوابهـا الكبير.
يقولُ خُوَيْلـدُ الهُـذَليّ :
حتّى كَأنيّ للحَوادِثِ مَـرْوَةٌ بِصَـفا المُشَـرِّقِ كُلَّ يـومٍ تُقْرَعُ
الصـوم و الصـيام :
إنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ لَيْسَ بِـهِ كَلِمَاتٌ مُتَرادِفَـةٌ ، فَعِنْدَمَـا تُذْكَرُ كَلِمَةُ [ صَـوْم ] بِحَرْفِ الواو ، فَإِنَّهُ لاَ يَقْصُدُ بِهَـا كَلِمَةَ [ صِـيَام ] بِحرف اليـاء ، وَ كَلِمَةُ : [ الصِـيَامِ ] يَقْصُدُ بِهَا القُرْآنُ الكَريْمُ الامْتِنَـاعُ عَنِ الطَعَامِ وَالشَـرابِ وَ باقي المُفْطِـراتِ : ( يَا أَيُّهَـا الـذِيْنَ آمَـنُوا كُـتِبَ عَـلَـيْـكُـمُ الـصِـيَامُ )[ البقرة183 ] و ليْس [ الصـوْمُ ] ، أَيْ أنَّ [ الصِيَامَ ] يَخُصُّ المَعِدَةَ بِالدَرجَةِ الأُولى ، وَ هُوَ الفَرِيْضَةُ التي يُؤَدّيها المُسْلِمُونَ في شَهْرِ رَمَضَان .
أمّا : [ الصَـوْمُ ] بِحرف الـواو ، فَيَخُصُّ اللّسَـانَ وَ قَوْلَ الحَقِّ ، سَواءٌ في رَمَضَـانَ أَوْ غَيْرِهِ ، وَ الدَلِيْلُ عَلى ذَلِكَ ، أَنَّ مَرْيَمَ عليها السلام كَانَتْ تَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ ، مَعَ ذَلِكَ كَانَتْ نَاذِرَةً لِلرَحْمنِ [ صَوْمَاً ] : ( فَـكُـلِـي وَاشْـرَبي وَ قَـرّي عَـيْنَاً وَ إِمّـا تَرَيِنَّ مِـنَ الـبَشَـرِ أَحَـدَاً فَقُولـي إِنّي نَذَرْتُ لِلْـرَحْـمَـنِ صَـوْمَـاً )[ مريَم 26 ] ، وَ ليْسَ [ صِـياماً ] .
وَ [ الصِـيَامُ ] لِوَحْدِهِ دُونَ أنْ يُرافِقَهُ [ الصَـوْمُ ] ، لاَ يُؤَدّي الغَرَضَ المَطْلُوبَ مِنْهُ ، كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الحَدِيْثُ الشَريْفُ : [ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُورِ وَ لعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلّهِ حَاجَةً في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرابَهُ ] ، فالذي يَتَذَرَّعُ بالصِـيَامِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُعَامِلَ الآخَرِيْنَ بِجَفَـاءٍ وَ [ عَصَبيَّةٍ ] وَ سُوءِ خُلُقٍ ، لَيْسَ لِلّهِ حَاجَة في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرابَهُ ، فالمَطْلُوبُ أَنْ يَتَلاَزَمَ الصَوْمُ مَعَ الصِيَامِ ، لِتَكُونَ تَصَرُّفاتِنَا وَ سُلُوكَنَا خِلاَلَ رَمضَانَ أَفْضَلَ مِنْ أيِّ وَقْتٍ آخَرَ ، حَيْثُ الاخْتِبَارُ الحقيقيّ لِلصَبْرِ ، لَيْسَ بالجُوعِ وَ العَطَشِ ، وَلكِنْ بِأُسْلُوبِ التَعَامُلِ مَعَ الآخَريْنَ ، كَمَا تُوْضِحُ الآيَةُ الكَرِيْمَةُ : ( وَجَـعَـلْـنَا بَعْـضَـكُـمْ لِـبَعْـضٍ فِتْنَةً أَ تَصْـبِرونَ )[ الفرقان 20 ] ، فَمَا أَحْوَجَنَا لِلصَوْمِ في رَمْضَانَ وَ غَيْرِهِ مِنَ الأَشْهُرِ ، إِضَافَةً لِصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَان ، فَفِي ذَلِكَ فَقَطْ تَنْتَهي المَشَاكِلُ .
رمضـان لقـاء الأديـان :
إنَّ الكُتُبَ السَـماويَّة الثَـلاثَ قدْ نزلتْ في شَـهْرِ رَمَضَـان ، وَ لَيْسَ القُرْآنُ الكَـريمُ وَحْدَهُ ، لِقَوْلِـهِ تعـالى : ( شَـهْـرُ رَمَـضَـانَ الـذي أُنْـزِلَ فِـيْهِ الـقُـرْآنُ هُـدَىً لِلْـنَاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِـنَ الـهُـدى وَالـفُرْقَان )[ البقرة 185] .
1 _ فالقـرآن الكـريمُ هُـدَىً لِكُلِّ النـاسِ ، فَهُوَ يَحْتـوي كُلَّ التشْـريعات .
2 _ بَيِّنَاتٍ مِـنَ الـهُـدى : هوَ الإنْجيلُ : ( وَلـقَـدْ آتَيْنا عـِيْسـى بن مـرْيَمَ الـبيِّنات )[ البقرة 87 ]
3 _ الـفُرْقَان : كَانَ لِمُوسى عليه السلام : ( وَلَـقَدْ آتَينا مـوسـى وَهـارون الـفُـرْقان )[ الأنبياء 48 ]
لِذَلِكَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ رَمْضانُ هُوَ شَـهْرُ حِوار الأدْيَانِ السَماويَّة الثـلاث ، لاَ أَنْ يَكُونَ حِكْراً للمُسْلمينَ فَقَـط ، وَ قَدْ أوْضَحَ القُـرْآنُ ذَاتُـهُ أَنَّهُ لاَ يَجُـوزُ لأحـدٍ أنْ يَحْتَكِرَ الخَـلاَصَ لِنَفْسـهِ : ( لَـيْسَ بَأمَـانِيِّكُـمْ وَ لاَ أمَـانيِّ أهْـلِ الـكِـتَابِ مَـنْ يَعْـمَـلْ سُـوءَاً يُـجْـزَ بِهِ وَ لاَ يَجِـدْ لَـهُ مِـنْ دُونِ اللّـهِ وَلِـيَّاً وَ لاَ نَصِـيراً وَ مَـنْ يَعْـمَـلْ مِنَ الـصَـالِـحَـاتِ مِـنْ ذَكَـرٍ أوَ أُنْثـى وَ هُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَأولَـئِـكَ يَدْخُـلُـونَ الـجَـنَّةَ )[ النساء 123 ]
يتربّصـنَ ، وصـيّةً :
مَوْضُوعُ العِدَّةِ : ( وَ الـذينَ يُتَوَفَّـوْنَ مِـنْـكُـمْ وَ يَذَرونَ أَزْواجَـاً يَتَـرَبَّصْـنَ بِأنْفُسِـهِـنَّ أَرْبَعَـةَ أَشْـهُـرٍ وَ عَـشْـراً فَإذا بَلَـغْـنَ أَجَـلَـهُـنَّ فَـلاَ جُـنَاحَ عَـلَـيْـكُـمْ فِيمَـا فَعَـلْـنَ فـي أَنْفُـسِـهِـنَّ بِــالـمَـعْـروفِ)[ البقرة 224 ]
استَخْدَمَ حَرْفَ [ البَـاءِ ] للجَرِّ في كلمة : [ بالمعروف ] ، للدَلاَلَةِ عَلى أَمْرٍ واحِـدٍ مَعْروفٍ هُوَ الـزَواجُ فقطْ وَ لِذَلِكَ جَاءَتْ كَلِمَةُ [ الـمعْروفِ ] مُعَرَّفَةٌ بِـ [ الْ ] ، لذلك هذه لآية الكريمة تتحدّث عن موضوع واحد هو : [ العدّة للمرأة ] .
مَوْضُوعُ النَفَقَـةِ : ( وَ الـذينَ يُتَوَفَّـوْنَ مِـنْـكُـمْ وَ يَذَرونَ أَزْواجَـاً وَصِـيَّـةً لأزْواجِـهِـمْ مَـتَاعَـاً إلـى الـحَـوْلِ غَـيْرَ إخْـراجٍ فَإنْ خَـرَجْـنَ فَـلاَ جُـنَاحَ عَـلَـيْـكُـمْ فِيمَـا فَعَـلْـنَ فـي أَنْفُـسِـهِـنَّ مِـنْ مَـعْـروفٍ )[ البقرة 240 ] هذه الآية الكريمة تتحدّث عن [ الوصية المالية ] في حال وفاة الزوج ، و هذه الوصية تَكْفيهَا، كَيْ لاَ تَضْطَـرَّ المَرْأةُ للخُروجِ إلى العَمَـلِ ، و لذلك استخدم هنـا حرف الجرّ [ منْ ] ، وجاءت كلمة [ معروف ] غير معرّفة بـ [ ال التعريف ] ، للدلالة على حالات عدة أمام المرأة في البحث عن عمل شريف تقوم به بعد وفاة زوجهـا .
كل هـذا و اللـه أعلم
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
5 رمضان 1436هـ 22 يونيو 2015م
اليقطين
وقد ورد ذكر اليقطين في القرآن الكريم مرة واحدة اذ قال تعالى:"وإن يونس لمن المرسلين، إذ أبق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم، فلولا أن كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، فنبذناه في العراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين" الصافات 139-146
قال الاطباء فيه : الدبا أو القرع وهو اليقطين ، مبرد ومرطب للدماغ ومفتح للسدود ومدر للبول وملين للمعدة لاسيما معدة المحرورين ، كما يفيد اليرقان والحميات الحادة ، ويستعمل كثيراً لذوي الأرق الشديد . أما الذين تعدوا منتصف العمر وانحطت قواهم وعقولهم ، فعليهم أن يكثروا من أكل القرع فان فيه مزايا خاصة لتجديد القوة والانجسة .
وقال الامام عليه السلام : الدبا يزيد في العقل والدماغ وهو جيد لوجع القولنج
ويقال أنه يحتوي على فيتامين ( أ ) فقط
ولليقطين في ديارنا العديد من الأسماءالشائعة منها القرع، والقرع العسلي ، والكوسة ،والدباي والدباء ........
وبالتحليل الكيماوي الحيوي لبعض ثمار اليقطين المقشرة وجد بها 94% ماء،
1% بروتين، 4% كربوهيدرات،
1% دهن، 6% ألياف،
5,0% رماد – والرماد يحتوي الكالسيوم، والفوسفور، والحديد،والصوديوم، والبوتاسيوم، والماغنسيوم،
وتحتوي الثمارالطازجة فيتامين A، والريبوفلامين والنياسين وحمض الأسكوربيك
،وتحتوي البذور 46% دهن، 34%بروتين، 10% كربوهيدرات ، 3% ألياف
فوائد اليقطين :
1. أن بذور القرع إذا أكلت طازجة وبدون طبخ فإنها تطرد الدودة الشريطية منالأمعاء....
2. ذكر في كتب الطب العربي القديم بإن القرع ثمرة مغذية جداً وأشتهر عنها بإنها تساعدعلى علاج الصداع بإذن الله اذا شرب مرقها أو إذا عصرت وغسل الرأس بعصيرها........
3. ومن الوصفات الشعبية للقرع أن تفرك البشرة المصابة بالبثور والحبوب بقطعة من القرع الطازج يومياً لإزالة البثور بعد مدة بسيطة بإذن الله....
4. أكل بذور القرع يساعد في علاج تضخم غدة البروستات عند كبار السن وما ينتج عنه من اضطرابات في التبول كما في الوصفة التالية:
تنزع قشور بذر القرع الطازجة وتهرسثم يضاف اليها الماء الساخن بنسبة كأس واحد ل20 غرام من البذور ثم يغطى الكأس لمدةربع ساعة وبعدها يحلى بالعسل ويشرب ساخناً....
5. يستخدم عصيره استخداما خارجيا ضد الحروق والالتهابات الجلدية والخراجات على شكل كمادة، أو تصنع الكمادة من مسحوق بذوره لنفس الغاية....
6. القرع سهل الهضم جيد الغذاء لا يجهد المعدة ولا الأمعاء في هضمه يصفه الأطباء في الحمية عندما يريدون تغذية المريض محافظين على جهازه الهضمي وإعطاءه الراحة الكافية لا سيما المصابون بآفات في القولونات....
******************************************************
مواقف خالدة
عندما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأصحابه مكة فاتحاً، حمل الراية سعد بن عبادة وجعل يدور بها في طرقات مكة وينادي قائلاً: (اليوم يوم الملحمة.. اليوم تسبى الحرمة)، فأخبروا بذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر علياً (عليه السلام) بان يدرك سعداً ويأخذ الراية منه، ويدخل بها إدخالاً رفيقاً وينادي في أهل مكة بلين ولطف بعكس ذلك النداء.
فأقبل علي كرم الله وجهه وأخذ الراية من سعد، وجعل يطوف بها في طرقات مكة: وهو ينادي ويكرر النداء قائلاً ـ: (اليوم يوم المرحمة.. اليوم تصان الحرمة)
ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع أهل مكة، فنادى فيهم: ما تقولون إني فاعل بكم؟ قالوا: نقول خيراً ونظن خيراً، أخ كريم بن أخ كريم..
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أقول لكم كما قال أخي يوسف لأخوته: (لا تثريب عليكم) (34)، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (اذهبوا فأنتم طلقاء.
*******************************************************
لجــزء الـرابـع من القرآن الكريم
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المصدر:
بقلم - د. علي منصور الكيالي
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآية [93] من سورة آل عمران، وحتى الآيـة [23] من سورة النساء، ومـمّـا ورَد فيـه:
(إنَّ أوَّلَ بَـيْتٍ وُضِـعَ للـنَاسِ لـَلـذي بِبَكَّـةَ )[ آل عمران 96]، لَـلـذي: اللامُ الأولى هنا تسمّى [اللام المزحلَقَـة] وَتأتي بخبر إنَّ لِتوكيدِهِ، بَكَّـةَ: الموقع الذي يخص الحَـرَم فَقَطْ وَليسَ كل مكّـة، لِذَلِكَ لا يَصْلُحُ غَيْر هَذا المَوْقِعِ [ مَكَّـةَ] للحَـجِّ، وَكانَ ذَلِكَ حَسْبَ تَوْجِيـهٍ إلَهيِّ: (وَإذْ بَوَّأْنا لإبراهِـيمَ مَـكَـانَ الـبَيْتِ )[الحج 26].
لِذَلِكَ أهلَكَ اللهُ جيْشَ أبْرَهَةَ بن الصباح عِنْدَما حاوَلَ هَدْمَ الكعبَةِ لِتَغْييرِ مَكانِهـَا، حَيْثُ بنى في اليَمَنِ [في صَنْعاءَ] بِناءً بَديلاً عَنْها سَمَّاهُ [القُلّيِسْ أو القايِسْ ]: (ألَـمْ تَـرَ كَــيْفَ فَعَـلَ رَبُّكَ بِأصْـحَـابِ الـفـيل ألَـمْ يَجْـعَـلْ كَــيْدَهُـمْ فـي تَضْـلـيلٍ... فَجَـعَـلَـهُـمْ كَـعَـصْـفٍ مـَأْكُـولٍ) [سورة الفيل] فاللـهُ سبحانه لا يَسْـمَحُ بِتَغييرِ المَـوْقِعِ
ومَـا زالَتِ وستبقى الكَـعْبَةُ الشريفة هيَ بيتُ اللهِ الحَرامِ: ( جَـعَـلَ اللـهُ الـكَـعْـبَـةَ الـبيْـتَ الـحَـرامَ)[المائدة 97].
يـأمرون بـالـمعـروف:
(ولـتـكنْ مـنكم أمّـةٌ يـدعونَ إلى الخير ويأمـرون بالمعـروف وينهون عن المنكـر، وأولئك هُـم المفلحون )[ آل عمران 104]، وَ( الأمْـرُ بالمَعْروفِ وَالنَهْيُ عَنِ المُنْـكرِ ) هوَ مِنَ الخَصَائِصِ المهمّة لهذه الأمّة، فَلَمْ تَكنْ هذِهِ الأمَّةُ خَيْرَ الأُمَمِ إلاَّ حينَما أَمَرَتْ بالمَعْروفِ وَنَهَتْ عَنِ المُنْكرِ: ( كُـنْتُمْ خَـيْرَ أُمَّـةٍ أُخْـرِجَـتْ لِلـناسِ تَأْمُـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَتَنهَـوْنَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ )[ آل عمران 110].
مـعـركـة بـدْر:
( ولقـد نصَركُم الله ببـدْرٍ وأنـتُم أذِلّةٌ)[ آل عمران 123].
أخْرَجَ الله المُؤمِنينَ للقِتَالِ: ( كَـمَـا أخْـرَجَـكَ رَبُّـكَ مِـنْ بَيْتِـكَ بِالـحَـقِّ وَإنَّ فَـريقاً مِـنَ الـمُــؤمِـنينَ لَـكَــارِهُـونَ )[ الأنفال 5]، وَنَظَّمَ صُفوفهُمْ عَسْكَرياً: (تُبَـوِّئ الـمُـؤمِـنينَ مَـقَـاعِـدَ للـقِـتَالِ )[ آل عمران 121]، بَعْدَ أنْ شَاوَرَ أصْحَابَ الاخْتِصَاصِ في مَوْقِعِ التَمَرْكُزِ، فَكَانَ رَأْيُهُمْ أنْ يَتَمَرْكَزُوا في العُدْوَةِ الدُنْيَا [ الأقْرَبُ إلى المدينَةِ]، وَقَدْ أيَّدَ القُرْآنُ هَذَا الرَأْيَ للحَبّاب بن المُنْذِرِ كَوْنَهُ صَائِبَاً: ( إذْ أنْتُمْ بالعُدْوَةِ الـدُنْيَا وَهُـمْ بالعُـدْوَةِ الـقُـصْوى ) [ الأنفال 42]، وَفي لَيْلَةِ المَعْرَكَةِ سيْطَرَ عليْهِمُ النَوْمُ العَمِيقُ مِنْ أجْلِ الرِاحَةِ الجسْميَّةِ والنَفسيَّةِ: (إذْ يُغَـشِّـيْـكُـمُ الـنُعَـاسَ أمَـنَةً مِـنْهُ )[ الأنفال 11].
وَفـي المَنـَامِ هَيّـأَ اللهُ رُؤيَا خَاصّة لِرَسُولِهِ الكريم [ رَفْعُ الرُوحِ المَعْنَويَّةِ للقَائِدِ العَسْـكريِّ]: ( إذْ يُـرِيْـكَـهُـمُ اللَّـهُ فـي مَـنَامـكَ قَـلـيلاً وَلَـوْ أراكَـهُـمْ كَـثيراً لَـفَـشِـلْـتُمْ وَلَـتَنَازَعْـتُـمْ فـي الأمْـرِ وَلَـكِـنَّ اللَّـهَ سَـلَـمَ )[ الأنفال 43]، وَفي الصَباحِ تَمَّ الاسْتيقاظُ بِنَشَاطٍ بَعْدَ الرَشِّ بالمِيـاهِ: ( وَيُنَـزِّلُ عـلَـيْكُـمْ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مَـاءً لَـيُطَـهِّـرَكُـمْ بِهِ وَيُذْهِـبَ عَـنْـكُـمْ رِجْــزَ الـشَـيْطانِ وَلِـيَـرْبِطَ عَـلـى قُـلُـوبِكُـمْ )[ الأنفال 11]، وَكانَ رشُّ الأرْضِ بالمَاءِ ضَرورياً لأنَّ غَالبيّة الجيشِ المُسْـلِمِ كانَوا مُشَـاةً: ( وَيُـثَـبـِّتَ بِهِ الأقْدامَ )[ الأنفال 11].
وَقَبْلَ بِدايَةِ المَعْرَكَةِ قَلَبَ اللهُ حَالةَ الرُؤيـَا في عَيْنَيْ رَسُولِهِ وَالمُؤمِنينَ لِرَفْعِ الرُوحِ المَعْنَويّةِ الضَروريّةِ للنَصْرِ: ( وَإذْ يُـريـكُـمُـوهُـمْ إذ ِالـتَقَـيْـتُـمْ فـي أَعْـيُـنِكُـمْ قَـلـيلاً وَيُقَـلِّـلُـكُـمْ فـي أَعْـيُـنِهِـمْ لِـيَقْـضِـيَ اللَّـهُ أمْـراً كَــانَ مَـفْـعُـولاً )[ الأنفال 44]، بَعْدَ أنْ كَانَتْ الرُؤيـَا تُشيرُ لعكْسَ ذَلِكَ بِسَـبَبِ الخَـوْفِ المُسَيـْطِرِ: ( يَرَوْنَهُـمْ مِـثْـلَـيْهِـمْ رَأْيَ الـعَـيْنِ ) [ آل عمران 13].
دعم معنوي
وَكانَ نُزُولُ المَلائِكَةِ، مِنْ أجْلِ رَفعِ الحَالَةِ المَعْنويّةِ أوّلاً: ( وَمَـا جَـعَـلَـهُ اللَّـهُ إلاَّ بُشْـرى وَلِـتَطْـمَـئِنَّ بِهِ قُـلُـوبُـكُـمْ )[ الأنفال 10]، فالمُلاحَظُ أنَّهُ كُلّمَا تَشَكّلَ مَجْموعَةٌ قِتاليـةٌ مُؤمِنَةٌ عَدَدُهَـا [ 100] مُـسْلِمٍ، يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ [ 1000] مَلَكٍ، كَتَغْطِيَةٍ جَوّيَةٍ لِحِمايَتِهِمْ، فَلَمّا كَانَ عَدَدُ المُسْلِمينَ [ 314] مُقَاتِلاً، فَقَدْ كَانَ عَدَدُ المَلائِكَةِ ثلاثَةُ آلافٍ، حَيْثُ بَقِيَ [ 14] مُسْلِمَـاً [ خَارِجَ التَغْطِيَـةِ]، هُمْ الذينَ كَانوا الشُـهَداءَ الأرْبَعَةَ عَشَـرَ فَقَطْ، وَبِما أنَّ الخَسَـائِرَ المُعَـادِيَةَ هيَ عَشَرَةُ أضْعافِ الخَسائِرِ المُؤمِنَةِ، فَقَدْ كانَتْ فِعْلاً خَسَائِرُ الأعْداءِ 140 مُقَاتِلاً: [70 قتيلاً 70 أسيراً بِحُكْمِ القَتْلى]: ( إنْ يَكُـنْ مِـنْكُـمْ عِـشْـرونَ صَـابِرون يَغْـلِـبُوا مِـئَـتَيْنِ وَإنْ يَكُـنْ مِـنْـكُـمْ مَـائَـة يَغْـلِـبُوا ألْـفاً )[ الأنفال 65]، أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ( فَـاضْـرِبوا فَـوْقَ الأعْـناقِ)[ الأنفال 12]، فَهُوَ تَعْليمٌ للمُؤمِنينَ حَيْثُ أنَّ الضَرْبَ فَوْقَ الأعْناقِ، وَلوْ بِقُوّةٍ خَفيفَةٍ عَلى البَصَلَةِ السيسائيّةِ كَافٍ للقَتْلِ، وَهُوَ القَتْـلُ الرَحيْمُ حتّى لِلأعْداءِ، امّا مِنْ أجْلِ شَـلِّ قُدْرَةِ العَدوِّ، وَإخْراجِهِ مِنْ أرْضِ المَعْرَكَةِ: ( وَاضْـرِبوا مِـنْـهُـمْ كُـلَّ بَنَانٍ )[ الأنفال 12]، فَبَعْدَ الأَخْذِ بكُلِّ هَذِهِ الأسْبابِ، أتى النَصرُ الإلهيُّ: ( وَمَـا الـنَـصْـرُ إلاَّ مِـنْ عِــنْـدِ اللَّـهِ إنَّ اللَّـهَ عَـزيزٌ حَـكِـيمٌ )[ الأنفال 10]، ( وَلَـقَـدْ نَصَـرَكُـم اللَّـهُ بِبَـدْرٍ وَأنْتُمْ أذِلّـةٌ )[ آل عمران 123]، بَعْدَ أنْ طَبَّقَ الخُطَطَ العَسْكَريَّةَ اللازِمَةَ، وَلَيْسَ النَصْرُ بِدونِ عَمَلٍ، وَبِدونِ الأخْذِ بالأسْبَابِ: ( وَلَـقَـدْ صَـدَقَـكُـمُ اللّـهُ وَعْـدَهُ إِذْ تَحُـسُّـونَهُـمْ بِإذْنِهِ )[ آل عمران 152].
الأمر بالمعروف
( وَأْمُـرْ بِالـعُـرْفِ )[ الأعراف 199]، وَالعُـرْفُ وَالمعْروفُ : هوَ مَا تَعَـارَفَ عليْهِ المجْتَمَعُ شَرْطَ أنْ لا يَتَعَارَضَ مَعَ نَصٍّ شَرْعيٍّ فَيَكونُ عُرْفـاً باطِـلاً، أيْ هوَ: كلُّ أمْرٍ مُسْتَحْسَنٍ [ عُرْفاً أوْ شَرْعاً أو عَقْلاً أوْ طَبْعاً]، وَهوَ عَـامٌّ لِكلِّ المجتَمَع، وَخاصٌّ لِفِئَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِثْلَ التجَّارِ مَثَلاً، فـالعَادَةُ مُحَكِّمَـةُ، وَالمعْروفُ عَكْسُ المنْكَرِ [ الشَيْءُ غيْرُ المألوفِ، وَما لا يَقْيَلُهُ عَقْلٌ أو منْطِقٌ أوْ طَبعٌ]، وَلا يُنْكَرُ تَغَيَّرُ الأحْكام بِتَغَيّر الزمَـانِ عنْ حُذَيْفَةُ بن اليَمانِ رضيَ الله عنه عَنِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ: [ وَالذي نَفْسي بِيَدِهِ لَتَـأْمُرَنَّ بالمعروف وَلَتَنْهونَ عن المنْكَرِ أوْ لَيوشِكَنَّ الله أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكمْ عِقاباً منه ثُمَّ تَدْعونَهُ فَلا يُسْتَجابُ لكمْ][ رواه الترمذي].
المحص اختبار سري لا يعلمه إلا الله
إنّ [ الفَحْص] هو الاختبـار العـلنيّ، ويُظـهر الإنسان أنّه يعمل العملَ الصالح، مثال: الصلاة نفاقاً دون الإيمان بهـا.
بينمـا [ الـمَـحْـص]: هو اختبار سـريّ لا يعلمه إلاّ الله سبحانه، الذي يعلم [ ذات الصدور]، ويعْلَم [ الـنـيّة] من العمَل، لذلك كان آخر الآية الكريمة: ( والله عـليمٌ بذات الصدور )[ آل عمران 154]، فإذا نجح الإنسان في [ الفحْص] فقط، يكون عمله [ حسناً]، أمّـا إذا نجحَ في [ الفـحْـص الـمَـحْص]، عندهـا يكون عمله [ صالحاً] يُصلح حال الفرْد والمجتمع ويُرفع عمله إلى الله سبحانه: ( والعـملُ الصالح يرفعه ) [ فاطر 10].
الأجـل الـمسـمّى والأجـل الـمُـقـضـى:
إنَّ لِكُلِّ إنْسَـانٍ مِنَّـا أجَلَيْـنِ، وَلَيْسَ أجَـلاً واحِـدَاً، فَـإذَا مَـا نَظَـرْنَا في قَوْلِهِ تعالى: ( هُـوَ الـذي خَـلَـقَـكُـمْ مِـنْ طِـينٍ ثُـمَّ قَـضَـى أجِـلاً وَأجَـلٌ مُـسَـمَّـى عِـنْدَهُ )[ الأنعام 2]، فالأجَلُ أجَـلاَنِ: [ أجَلٌ مُقْضَى] يَذْهَبُ فيهِ الإنْسَانُ بِشَكْلٍ سَريعٍ مِثْلَ الحَوادِثِ وَالكَوارِثِ أوِ القَتْلِ مَثَلاً، وَ[ أجَلٌ مُسَمَّى] يَذْهَبُ فيهِ الإنْسَانُ حَتْمَاً في نِهَايَةِ عُمْرِهِ، وَلَيْسَ فيهِ أيُّ تَقْديْمٍ أوْ تَأْخيرٍ: ( وَمَـا مُـحَـمَّـدٌ إلاَّ رَسُـولٌ قَـدْ خَـلَـتْ مِـنْ قَبْلِـهِ الـرُسُـلُ أَفَإنْ مَـاتَ أوْ قُتِلَ )[ آل عمران 144]، مَـاتَ: بالأجَلِ المُسَمّى، أوْ قُتِلَ: بالأجَلِ المُقْضى في أيِّ وَقْتٍ كَانَ، حَيْثُ كَانَ نَصِيبُ الكَثيرِ مِنَ الأنبياءِ الكِرامِ القَتْلُ [ الأجَلُ المُقْضَى]، ( وَيَقْتُلُـونَ الأنْبِيَاءَ بِغَـيْرِ الـحَـقِّ )[ آل عمران 112]، وقوله: ( بِغَـيْرِ الـحَـقِّ) تُظْهرُ أنّ في القتل لا يكون عُمر الإنسان منتهياً، وَالآيَةُ الكريْمَةُ التاليَةُ تَزيدُ الأمْرَ وُضُوحَاً أكْثَرَ: (وَلَـوْلاَ كَـلِـمَـةٌ سَـبَقَتْ مِـنْ رَبِّكَ إلـى أجَـلٍ مُـسَـمَّـى لَـقُضِـيَ بَيْنَهُـمْ )[ الشورى 14]، وَكَذَلِكَ: ( وَرَبُّكَ الـغَـفُـورُ ذُو الـرَحْـمَـةِ لـوْ يُؤاخِـذُهُـمْ بِمَـا كَـسَـبُوا لَـعَـجَّـلَ لـهُـمُ الـعَـذَابَ بَلْ لَـهُـمْ مَـوْعِـدٌ لَـنْ يَجِـدوا مِـنْ دُونِهِ مَـوْئـِلاً )[ الكهف 58]، عَـجَّـلَ لـهُـمُ الـعَـذَابَ: بالأجَلِ المُقْضى، لَـهُـمْ مَـوْعِـدٌ: الأجَلُ المُسَمّى، أيْ: ( وَلَـوْ يُؤاخِـذُ اللَّـهُ الـنَاسَ بِمَـا كَـسَـبوا مَـا تَرَكَ عَـلـى ظَـهْـرِهَـا مِـنْ دَابَّةٍ وَلَـكِـنْ يُؤَخِّـرُهُـمْ إلـى أجَـلٍ مُـسَـمَّـى) [ فاطر 45]، أي إزالَةِ كلّ أشْكالِ الحياةِ بالأجَلِ المُقْضى، لأنّ الأجَلُ المُسَمّى لَيْسَ فيهِ تَأخيرٌ.
فَالأجَلُ المُقْضَى يُمْكِنُ تَأجيلُهُ حَتَّى الأجَلِ المُسَمَّى حَيْثُ لاَ تَقْديمٌ وَلاَ تَأْخيرٌ وَلَوْ لِسَـاعَةٍ واحِـدَةٍ: (وَلَـوْ يُؤاخِـذُ اللَّـهُ الـنَاسَ بِظُـلْـمِهِـمْ مَـا تَرَكَ عَـلـيْهَـا مِـنْ دَابَّةٍ وَلَـكِـنْ يُؤَخِّـرُهُـمْ إلـى أجَـلٍ مُـسَـمَّـىً فَإذا جَـاءَ أجَـلُـهُـمْ لاَ يَسْـتَأخِـرونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْـتَقْـدِمُـونَ) [ النحل 61]، (وَلِـكُـلِّ أُمَّـةٍ أجَـلٌ فَإذا جَـاءَ أجَـلُـهُـمْ لاَ يَسْـتَأخِـرونَ سَاعَـةً وَلاَ يَسْـتَقْـدِمُـونَ )[ الأعراف 34]، ( لِـكُـلِّ أُمَّـةٍ أجَـلٌ إذا جَـاءَ أجَـلُـهُـمْ فَـلا يَسْـتَأْخِـرونَ سَـاعَـةً وَلاَ يَسْـتَقْـدِمُـونَ )[ يونس 49]، فالأجَـلُ المُسَـمَّى لاَ تَقْديْمَ فيهِ وَلاَ تَأْخيرَ، فقد قَدَّمَ التَأْخيرُ ( يَسْتَأخِرونَ ) وَأخَّرَ التَقْديمُ ( يَسْتَقْدِمُونَ )، وَذَلِكَ لِحَسْمِ المَوْضُوعِ حَيْثُ لاَ تَقْديمٌ وَلاَ تأْخيرٌ في الأجَلِ المُسَمّى.
( وَلَـئـِنْ أخَّـرْنَا عَـنْهُـمُ الـعَـذَابَ إلـى أُمَّـةٍ مَـعْـدُودَةٍ )[ هود 8]، ( وَلَـنْ يُؤَخِّـرَ اللّـهُ نَفْسَاً إذَا جَـاءَ أجَلُـهَـا )[ المنافقون 11]، ( وَمَا كَانَ لِـنَفْسٍ أنْ تَمُـوتَ إلاَّ بِإذْنِ رَبِّهَـا كِـتَابَاً مُـؤَجَّـلاً )[ آل عمران 145]، إذاً: تَمُـوتَ وَليْسَ تُقْتَلُ لأنَّ اللّهَ لاَ يَأْذَنُ بِقَتْلِ أحَدٍ، ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ )[ الرعد 38] وَالكِتَابُ: هُوَ مَجْمُوعَةُ العَوامِلِ وَالأسْبَابِ التي تُنْهي الحَيَاةَ، مِثْلَ الحَوادِثِ وَالمَرَضُ المُميتُ وَالشَيْخوخَةِ وَالقَتْلُ...، فإذَا وَقَعَتْ هَذِهِ العَوامِلُ ( الكِتَابُ ) انْتهى الأجَلُ وَحَصَلَ الحَسْمُ، وَيَعْمَلُ الطُبُّ وَالإسْعَافَاتُ عَلى وَقْفِ وَتَأْخيرِ هَذِهِ العَوامِلَ، لِمَنْعِ الأجَلِ المُقْضى وَرَفْعِ مُعَدَّلِ الأعْمَارِ [ في الدُوَلِ المُتَقَدِّمَةِ]، وَلِكِنَّهُ لاَ يَمْنَعُ في النِهَايَةِ الأجَلَ المُسَمّى.
(خـلَـقَـكُـم مـن نفـس واحـدة) [النساء 1]:
مِنْ بَعْدِ تكْوينِ آدَمَ مِنَ الطينِ، خُلِقَتْ زَوْجَتُهُ حَـوّاءَ مِنهُ في أوَّلِ عَمَليّةِ اسْتِنْسَاخٍ في الجنسِ البشريِّ، لِيَتَزَوّجَهَـا: (خَـلَـقَـكُـمْ مِـنْ نَفْـسٍ وَاحِدَةٍ وَخَـلَـقَ مِنْهَـا زَوْجَهَـا) [ النساء1]، ثُمّ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ غَيْرِ مَعْروفَةٍ أمِرَ اللهُ سبحانَهُ الملائِكَةَ بِتَحيّةِ آدَمَ [السجودَ لآدَمَ]، فَنَفّذَ جميعُ الملائِكَةِ الأَمْرَ، مَـا عَدا إبليسَ الجنّيَ، الذي كانَ قَدْ حَشَرَ نَفْسَهُ بينَ الملائِكَةِ، مُحاوِلاً عِبادَةَ اللهِ مِثْلَهُمْ: (وَإذْ قُلْـنَا لِلـمَـلائـِكَـةِ اسْجُـدوا لآدَمَ فَسَـجَـدوا إلاَّ إبْلـيسَ كـانَ مِـنَ الجِـنِّ)[الكهف 50].
ثُمَّ أسْكَنَ اللهُ سُبْحانَهُ آدَمَ وَزَوجَتَـهُ في الجَنّـةِ الأرْضيّةِ، وَأمَرَهُما عَدَمَ الأكْلِ مِنْ إحْدى الأشْجَارِ: (وَقُلْـنَا يا آدَمُ اسْـكُـنْ أنْتَ وَزَوْجُـكَ الـجَـنَّةَ وَكُـلاَ حَـيْثُ شِـئْـتُمَـا مِـنْهَـا رَغَـداً وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الـشَـجَـرِة َ فَتَكُـونَا مِـنَ الـظَـالِـمِـينَ )[ البقرة 35]
فَتَدَخّلَ إبْليسُ، وَغَرَّرَ بِهِمَا بَعْدَ أنْ أقْسَمَ كاذِباً: (وَقَاسَـمَـهُـمَـا إنّي لَـكُـمَـا مِـنَ الـنَاصِـحـينَ فَدَلاّ هُـمَـا بِغُـرُورٍ )[ الأعراف 21]، غَرّرَ بِهِما، فَلَمْ يخْطُرْ بِبالِ آدَمَ أنّ أحداً يُقْسِمُ باللهِ كَذِباً، فأكَلاَ مِنَ الشَجَرَةِ: (فَلَـمَّـا ذاقَا الـشَجَـرَةَ بَدَتْ لَهُـمَا سَـوْآتُهُـمَـا) [الأعراف 22]، فَحَقّقَ إبْليسُ الشَيْطانُ بِذَلِكَ هدفه، وَكانَ الخُروجُ مِنَ الجَنّةِ الأَرْضيّةِ التي كانَتْ تُؤَمِّنُ لآدَمَ حاجيّاتِهِ الأَسَاسيّةِ، فَبَـدَأَ كِفاحَهُ وَشَقاءَهُ مِنْ أَجْلِ العَيْشِ: (فـَقُـلْـنَا يَا آدَمُ إنَّ هَـذا عَـدوٌّ لَـكَ وَلـزَوْجِـكَ فَـلاَ يُخْـرِجَـنَّكُـمـَا مِـنَ الـجَـنَّةِ فَـتَشْـقى)[ طه 117]، وَكانَ ذَلِك سَبَباً لِدَبِّ النِزاعَاتِ بَيْنَ البَشَـرِ: (بَعْـضُـكُـمْ لِـبَعْـضٍ عَـدُوٌّ) [ البقرة 36].
كُلُّ هَذا والله أعلم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
6 رمضان 1436هـ 23 يونيو 2015م
الزنجبيل شراب أهل الجنة
ذكر أبو نعيم في كتاب الطب النبوي: عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه قال: (أهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة زنجبيل، فأطعم كل إنسان قطعة، وأطعمني قطعة، وقال ابن القيم- رحمه الله في كتابه الطب النبوي: (الزنجبيل معين على الهضم، ملين للبطن تلييناً معتدلاً، نافع من سدد الكبد العارضة عن البرد، والرطوبة، ومن ظلمة البصر الحادثة عن الرطوبة كحلاً واكتحالاً، معين على الجماع، وهو محلل للرياح الغليظة الحادثة في الأمعاء والمعدة، وهو بالجملة صالح للكبد والمعدة.
وقد ذكره الله عز وجل، في كتابه فقال عن نوع من أنواع الشراب في الجنة -{مزاجها زنجبيلا}،المزاج من المزج: أي الخلط في الشراب بما يحصن طعمه ويجعله لذيذا، وقد قال حسان: يكون مزاجها عسلاً وماء، ومنه مزاج البدن، وهو ما يمازجه من الصفراء، والسوداء، والحرارة، والبرودة.
عروق عقدية
وروى أبو مقاتل عن أبي صالح عن سعد عن أبي سهل عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع عيون في الجنة: عينان تجريان من تحت العرش إحداهما التي ذكر الله (يفجرونها تفجيرا)، والأخرى الزنجبيل، والأخريان نضاختان من فوق العرش إحداهما التي ذكر الله (عينا فيها تسمى سلسبيلا)، والأخرى التسنيم). ذكره الترمذي الحكيم في نوادر الأصول.
وقال ابن كثير في قوله تعالى: (ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا، أي ويسقون - يعني الأبرار- أيضا في هذه الأكواب كأسا: أي خمرا كان مزاجها زنجبيلا، فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد، وتارة بالزنجبيل، وهو حار ليعتدل الأمر، وللعلم خمر الجنة (لا تسكر ولا تضر)، بل شراب لذيذ لتجنبهما خمر الدنيا الملعونة التي تذهب بالعقل وصدق الله في قوله (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون)، أي لا تذهب العقول ولا توجع البطن.
وأصل الزنجبيل نبات يظهر تحت التربة، وهو عروق عقدية مثل عروق نبات السعدى إلا أنه أغلظ ولونه إما سنجابي أو أبيض مصفر وله رائحة نفاذة مميزة طيبة يعرف بها، وهو حار الطعم، لاذع، وهو كدرنات البطاطس، ولا يطحن إلا بعد تجفيفه، وتكثر زراعته بالصين والهند وباكستان وجامايكا.
والزنجبيل له زهور صفراء ذات شفاه أرجوانية ولا يستخرج الزنجبيل إلا عندما تذبل أوراقه الرمحية، ولابد من وضع الزنجبيل في الماء ليلتين ويتشبع بالماء لكيلا يغزوه السوس سريعاً، ولحفظ الزنجبيل أطول فترة ممكنة يخزن في أماكن غير مغطاة مع نبات الزعتر الذي تغطيه به أو يوضع مع الفلفل الأسود، وأفضل أنواع الزنجبيل الجامايكي.
عقاقير دستورية
وتقول الدكتورة فايزة محمد حمودة في كتاب »النباتات والأعشاب الطبية.. كيف تستخدمها؟«: الزنجبيل نبات معمر ينمو في المناطق الاستوائية، والريزومات (ساق تنمو تحت الأرض) هي الجزء المستعمل، وأزهار الزنجبيل صفراء ذات شفاه أرجوانية، وأوراقه ذات شكل رمحي، وعندما تذبل الأوراق تستخرج الريزومات من الأرض، وتوضع في الماء حتى تلين، ثم تقشر وتعفر بمسحوق سكري، والزنجبيل من العقاقير الدستورية، هي تلك العقاقير المتضمنة في دستور الأدوية، ولها نفع علاجي، أو تستخدم في الأغراض الصيدلية.
للزنجبيل فوائد عديدة منها تطييب نكهة الطعام، وهو طارد للغازات ويدخل في تركيب أدوية توسيع الأوعية الدموية، ومعوق وملطف للحرارة، كما أنه يدخل في تركيب وصفات زيادة القدرة الجنسية، وفي علاج آلام الحيض.
ويمكن استعماله مع ملعقة صغيرة من مسحوق الزنجبيل في نصف كوب ماء ويحلى بالسكر، ويشرب بعد الفطور أو بعد العشاء، ويقول محمد العربي الخطابي في كتابه (الأغذية والأدوية عند مؤلفي الغرب الإسلامي) الزنجبيل حار رطب، يقوي الباه، ويقوي المعدة، ويزيد في الحفظ، لا مضرة فيه، أفضله العطر الذي ليس بمسوس، يؤكل منه بمقدار.
رائحة طيبة
ويقول الدكتور/ حسن وهبة في كتاب (أعشاب مصر الطبية وفوائدها)، الزنجبيل معروف يضاف مسحوقه إلى مشروبات ليقوي المعدة ويبعث الهضم، مقدار نصف إلى جرام واحد ويضاف إلى المركبات الحديدية ليحسن طعمها، ويمضغه الأبخر ويتمضمض بطبيخه، ويتغرغر به، ويضاف إلى صبغات الأسنان ومنه شراب الزنجبيل وصبغة الزنجبيل مقدار 20 إلى 35 نقطة كدواء للمعدة.
وهناك العديد من الأقوال لمجموعة من المفسرين عن الزنجبيل، حيث يقول القرطبي في (تفسيره)، كانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته؛ لأنه يحذو اللسان، ويهضم المأكول، فرغبوا في نعيم الآخرة، واعتقدوا نهاية النعمة والطيب.
وهناك العديد من الأقوال عن الزنجبيل، حيث قال الإمام فخر الدين الرازي في (التفسير الكبير)، العرب كانوا يحبون جعل الزنجبيل في المشروب، لأنه يحدث فيه ضربا من اللذع، فلما كان كذلك، وصف الله شراب أهل الجنة بذلك.
*******************************************************************************
الغني الحميد
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. سبحانك اللهم أنت العلي العظيم، وأنا العبد البائس الفقير، وأنت الغني الحميد، وأنا العبد الذليل، امنن بغناك على فقري، وبحلمك على جهلي، وبقوتك على ضعفي، يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
اللهم إني أسألك باسمك الأعظم، الذي إذا سألك به السائلون أعطيتهم، وإذا دعاك به الداعون أجبتهم، وإذا استجارك به المستجيرون أجرتهم، وإذا دعاك به المضطرون أنقذتهم، فإني أسألك وأستغفرك بذلك الاسم العزيز العظيم، لذنوب لا يغفرها غيرك، وقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وضاقت علي الحيل، لا ملجأ ولا ملتجأ إلا إليك، فها أنا ذا بين يديك، قد أصبحت وأمسيت خاطئاً مذنباً ذليلاً محتاجاً إليك، ولا أجد لذنبي غافراً غيرك، ولا لكسري جابراً سواك، فرجائي أن تعجل لي الفرج من عندك، وأنا في أتم نعمة وأعظم عافية.
اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز، ولا إلى الناس فأضيع، ولا تخيبني وأنا أرجوك، ولا تعذبني وأنا أدعوك.
اللهم اغفر لي الذنوب التي تورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تأتي بالسقم، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تعجل بالفناء، واغفر لي الذنوب التي تجلب الشقاء.
اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن علي بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء.
اللهم أسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية والاتكال.
*******************************************************************************
فوائد الصيام على أمراض القلب والأوعية الدموية
عد أمراض القلب والأوعية الدموية أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، ويمثل الصيام خلال رمضان تغييرا وكسرا للروتين اليومي، وهذا يؤثر بشكل إيجابي على القلب والأوعية الدموية .ومن أكثر عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب المرتبطة بزيادة معدل حدوث تصلب الشرايين، هو وجود وضع غير طبيعي في نسبة الدهون في الدم، وارتفاع ضغطه، وتغييرات في عوامل تخثره وأيضا التدخين، ولذلك أجريت دراسة لتوضيح مدى العلاقة بين صيام شهر رمضان وتلافي الإصابة بأمراض القلب، وتم نشرها في مجلة التغذية Nutrition Journal.
وتبين الدراسة أن للصيام فوائد جمة على جسم الإنسان، ولاسيما أمراض القلب، وأجريت هذه الدراسة على مجموعة من المرضى مصابين على الأقل بواحد من أمراض القلب والأوعية الدموية، وتم إجراء مقارنة بدراسة هذه الأمراض قبل شهر رمضان وبعد انتهائه، من أجل الوصول لتأثير الصيام على هؤلاء المرضى. وشملت الدراسة كلا الجنسين، حيث ضمت 38 رجلا و44 امرأة، وكانت أعمارهم تتراوح ما بين 29 و 70 سنة، ولكل منهم تاريخ سابق في أمراض القلب والأوعية الدموية، وتم استبعاد النساء الحوامل والمرضعات، ولم تشمل الدراسة من هم في عمر أقل من 18 سنة ، والذين صاموا لفترة أقل من 10 أيام. كانت مدة الصيام في الوقت الذي أجريت فيه الدراسة 14 ساعة و42 دقيقة في اليوم الأول لشهر رمضان، وهو أيضاً اليوم الأول للدراسة، في حين وصلت المدة الزمنية للصيام في آخر أيام الشهر إلى 13 ساعة و35 دقيقة، وبينت هذه الدراسة تحسناً ملحوظاً في الحالات المصابة بأمراض الشريان التاجي، علاوة على تحسن ملحوظ في عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب، مثل الوزن وكتلة الجسم، ولاحظ الباحثون أن هناك انخفاضاً حدث في نسبة الدهون الثلاثية والكولسترول، بالإضافة لتحسن في قراءة ضغط الدم بعد شهر رمضان بالمقارنة مع القراءات المأخوذة قبل شهر رمضان، وتوصلت الدراسة إلى أن صيام شهر رمضان من أفضل الحلول لتحسين حالة مرضى القلب والأوعية الدموية.
1- أثناء استهلاك الجسم للمواد المتراكمة فيه فتره الصيام فإن من بين هذه المواد تكون الدهون الملتصقة بجدران الأوعية الدموية، ويؤدي ذلك إلى إذابتها تماما كما يذيب الماء الثلج، وبالتالي زيادة تدفق الدم خلال هذه الأوعية وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر الدم، وتزداد بذلك حيوية وعمل الخلايا، لذلك نرى أن الشخص الذي يحافظ على الصيام تقل إصابته بمرض تصلب الشرايين وتتأخر عنده علامات الشيخوخة .
2- الصيام يؤدي إلى تحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة، مما يزيد من عمل وقوة وظائف الجسم المختلفة، لذلك يشعر الإنسان بعد انتهاء شهر الصوم بنقاء جسمه وزيادة طاقته وصفاء نفسه .
3- يضخ القلب عادة الدم إلى مختلف أعضاء الجسم، ويستفيد الجهاز الهضمي من 10% من هذه الكمية، لكن أثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي ويتوقف القلب عن ضخ هذه الكمية، مما يساعد مرضى القلب والذبحة الصدرية، الذين يصومون، على تحسن حالتهم الصحية.
*******************************************************************************
الزواج من محصنة أو ملك اليمين
المصدر:بقلم - د. علي منصور الكيالي
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآية [ 24 ] من سورة النساء، و حتى الآيـة [ 147 ] من سورة النساء ذاتها ، ومـمّـا ورَد فيـه : (مَـا مَلَكتْ أيمـانكُم) [ النساء 24 ]
يجب التمـييز بين:
إمَـاء : و هُـنّ [ سـبايا الحرْب ] .
أيـامى : وهُـنّ [ غـيـر الـمـتـزوّجـات].
مـلْك اليمين : و هُنّ اللواتي [يعملْن في البيوت مُقابل أجْر ] في العصر الحديث.
وقـد طـالب القرآن الكريم بالزواج من [ الإمَـاء = سـبايا الحرب ] زواجـاً شـرعيّاً ، مثل أي فتاة أخرى [ أيّـم = غـير متزوّجة ] في المجتمع ، فقال تعالى: (وأنكحـوا الأيـامى منكُـم والصالحين منْ عبـادكم وإمـائكُم) [ النور 32 ]، وسورة النور هي سورةٌ [ مفروضة ] لقولـه تعالى في بدايتهـا: (سورةٌ أنزلناهـا وفَرضْناها) [النور 1]
مـلْـك الـيمـين :
ورد ذكـرهُنّ في القرآن الكريم ، في عدّة مواضع هي :
(مَـا مَلَكتْ أيمـانكُم) 7 مرّات ، في سُوَر النور / النساء / الروم.
(مَـا مَلَـكتْ أيمـانُهُـم) 4 مرّات ، في سُوَر المؤمنون / الأحزاب / النحل / المعارج. _ (مَـا مَلَكتْ يميـنُك) 2 مرّة، في سُورة الأحزاب 50 / 52.
(مـا ملَكـتْ أيمـانهُنّ) 2 مرّة ، في سُورتيْ النور 31 والأحزاب 55.
فإذا كان مسموحا للرجُل إقـامة العلاقات الجنسيّة مع [ملْك اليمين]، فمـاذا سنقول في قولـه تعالى: (مَـا ملكتْ أيمـانهُنّ)!!!!!!
الـزواج من [ ملْك اليمـين ] :
إذا أراد الرجُلُ الزواج من اُنثى زواجاً شـرعيّاً [ مهْـر + عقد شرعيّ ] ، فقد وضَع لـه القرآن الكريم احتمـاليْن :
الزواج من [ مُحصـنة = ابنة عائلة معروفة في البلدة ] ، وإذا كان ذلك يتطلّب تكاليف ماليّة كبيرة [ تأمين السكن والفرش وتكاليف حفلة الزواج وارتفاع المهر .. ] ، عند ذلك يُمكنه الزواج من:
[ مـلْك اليمين = إنسانة تعمل بأجر في بيوت الناس أو بيته ] ، وفي هذه الحالة تكون التكاليف المـاليّة أقلّ .
والدليل على أنّ السبب هو سـببٌ [ مـاليّ ] فقط ، يقول تعالى صراحةً: (و مَنْ لـم يستطعْ منكُم طَـوْلاً أنْ ينكح المُحصـنات المؤمنات، فمن مَـا مَلَكت أيمـانكم منْ فتياتكم المؤمنات) [النساء 25] ، إذا : إمّـا الزواج من [المُحصنة]، أو الزواج من [ ملْك اليمين ] ، وليس الاثنتين معـاً.
وتُتابع الآية الكريمة عن ملْك اليمين: (فانكحوهُنّ بإذن أهلهنّ، وآتوهُنّ اُجورهُنّ بالمعروف) [ النساء 25 ] ، أيْ: الزواج بموافقة أهلهـا + المهر الذي تعارف عليه المُجتمع ( بالمعروف ).
وتُتابع الآية الكريمة: (مُحصـنات غيْرَ مُسـافحاتٍ ولا مُتّخذات أخدان) [ النساء 25 ] ، أي : تُصبح زوجة مُحصنة، وليست [ عشيقة أو صاحبة ] ، لأنّ الله يقول صراحةً: (و لا تُكـرهوا فتـياتكُم على البغـاء) [ النور 33].
أو :
الله سبحانه يستخدم كلمـة [ أوْ ]، للدلالة على [ الاختيار ] بين [ المحصنة أو ملْك اليمين ] ، مثال: (إلاّ على أزواجهم أو مَـا ملَكتْ أيمـانهم) [ المؤمنون 7 / المعارج 3 ]، ( فواحدة أو مَـا ملَكتْ أيمانكم) [ النساء 3 ].
وقد ذكر القرآن الكريم حرف [ و ] فقط مع الرسول صلى الله عليه وسلّم ، وهذا التخصيص لأنّ الرسول هو [صاحب الخُلُق العظيم ] ، فقال تعالى: (يا أيهـا النبيّ إنّا أحْللْنـا لكَ أزواجك اللاّتي آتيْت اُجورهُنّ ومَـا مَلَكتْ يمينُك) [ الأحزاب 50 ].
لذلك يجب عدَم الاستماع إلى الذين يهمُّم فقط الشهوات: (ويريد الذين يتّبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) [ النساء 27 ] ، أيْ : ميلاً عظيماً في فهم الآيات وتسخيرهـا لشهواتهم.
نفي الظلم
نلاَحِظُ في سُورَةِ النِسَاءِ ثَلاَثَ آيَاتٍ تَنْفي الظُلْمَ عَنِ اللّهِ سُبْحَانَهُ: (إنَّ اللَّـهَ لاَ يَظْـلِـمُ مِـثْقَالَ ذَرَّةٍ) [ النساء 40 ] ، (وَ لاَ يُظْـلَـمُـونَ نَقِـيراً) [ النساء 124] ، (وَ لاَ يُظْـلَـمُـونَ فَتيلاً) [ النساء 49 ]، ثُمَّ كَرَّرَ الفَتيلَ فقط في سُورَةِ الإسْراءِ: (وَ لاَ يُظْـلَـمُـونَ فَتيلاً) [ الإسراء 71 ].
علم الاستنباط .. اسْـتِخْراج الأحْكامِ وَ القوانِيْنِ وَالحقائِق
(لا تقولـوا راعـنـا):
راعِـنا: هِيَ كَلِمَةٌ خَبيْثَةٌ [ مِنَ الرُعُونَةِ وَاحْتِقارِ المُخَاطَبِ ] تستخدم في الأسْواقِ عِنْدَ البَيْعِ وَالشِراءِ وَ قَدْ أمَرَ اللّهُ عَدَمَ قَوْلِها: (يَا أيُّهَـا الـذيْنَ آمَـنُوا لاَ تَقُولُـوا راعِـنَا وَ قُولُـوا انْظُـرْنَا) [ البقرة 104 ]، لأنَّ هَذِهِ الكلِمة هيَ [ طَعْنٌ في الديْنِ ]: (وَمـنَ الـذيْنَ هَـادوا يُحَـرِّفُونَ الـكَـلِـمَ عَـنْ مَـواضِـعِـهِ وَ يَقُولُـونَ سَـمِـعْـنَا وَعَـصَـيْنَا وَاسْـمَـعْ غَـيْرَ مُـسْـمَـعٍ وَراعِـنَا لَـيّاً بِألْـسِـنَتِهِـمْ وَطَـعْـنَاً في الـديْنِ ) [ النساء 46 ].
(يسـتـنبطـونه مـنـهُـم):
عِلْمُ الاسْـتِنْباطِ هُوَ جَوْهَرُ العُلُومِ، التي تَحْتاجُ لِمَنْ يَجْلوهَا بِفَهْمٍ وَمَنْطِقٍ، وَروحُ الفِقْهِ الذي يَحْتاجُ لِمَنْ يَجْلوهُ بِبَصِيْرةٍ وَتَبَصُّرٍ، وَكَلِمَةُ الاسْتِنْباط مِنْ [نَبَطَ] أيْ اسْـتَخْرَجَ، فَنَقُولُ : نَبَطَ المَاءُ إذَا اسْتَخْرَجَهُ، لِذَلِكَ فإنَّ اسْتِنْباطَ القُرْآنِ الكَريْمِ: (لَـعَـلِـمَـهُ الـذيْنَ يَسْـتَنْبِطُـونَهُ مِـنْهُـمْ) [ النساء 83 ]، يَعْني اسْـتِخْراج الأحْكامِ وَالقوانِيْنِ وَالحقائِق، مِمّا يَبْدو بَسِـيْطَاً وَهامِشـيّاً أوْ مُتَعارَفاً بَدِيْهِيّاً، وَهُوَ سِرُّ فَهْمِ الأحْكامِ، وَفَهْمِ [ النَصِّ الرَبّـانيّ] فَهْمَاً حَقِيْقِيّاً، لِبَعْثِ الحَياةِ في الفَرْدِ وَالمُجْتَمَعِ.
وَالاسْـتِنْباطُ عِلْمٌ ذَوْقيٌّ، وَالذَوْقُ يَرْفُضُ وَ يَمْنَعُ الشِدَّةَ المُتْلِفة وَالتراخي المُضَيِّعِ، فالذَوْقُ فَهْمٌ لَيّنٌ وَسَلِسٌ لِلنَصِّ الشَرْعيّ، وَفَهْمٌ جَماليّ بِعُمْقٍ نَقْديّ يَمْنَحُ النَصَّ الشَرْعيّ نِطاقَاً أوْسَع وَمَدىً أرْحَب، يَتلاءَمَانِ مَعَ كُلِّ زَمانٍ وَمَكانٍ، وَيَكُونُ الدِيْنُ صَالِحاً لِكُلِّ الناسِ : (اُدْعُ إلـى سَـبِيْلِ رَبِّكَ بِالـحِـكْـمَـةِ وَ الـمَـوْعِـظَـةِ الـحَـسَـنَةِ) [ النحل 125 ]، وَ لَيْسَ بالتَخْويْفِ وَ تَحْويْلِ الدِيْنِ إلى [ فَزَّاعَةٍ ].
(لسْـتَ مُـؤمـناً) [النساء 94]:
إذا كان الإنسانُ مُسـالـماً وآمناً في بيته، فالأمْـرُ الإلـهيّ واضحٌ وُضوحَ الشمس و هوَ: (لا ينهـاكُمُ الله عَنِ الذينَ لـمْ يُقـاتلوكُمْ في الدينِ ولـمْ يُخْرجوكُمْ منْ دياركُم أنْ تَـبـرّوهُـمْ وتُقسـطوا إلـيْهِـمْ) [ الممتحنة 8 ]، لذلكَ فإنّ إخراج الناس الآمنين المُسـالمينَ منْ بيوتهِم هوَ [عصيانٌ] لهذا الأمْـر الإلهيّ.
_ والأمـرُ الإلـهيّ الآخـرَ: (يـا أيّهـا الذينَ آمـنوا ادْخُـلـوا في السِـلْم كـافّةً) [البقرة 208].
_ والأمْـرُ الإلـهيّ أيْضـاً: (و لاَ تقـولـوا لِـمَـنْ ألْقى إلـيْكُمُ السَـلامَ لسْـتَ مُـؤمـناً) [ النساء 94 ]، أيْ : لا يجوزُ [ تكفير ] الآخـرين إذا كـانوا مُسـالمينَ.
والسَادَةُ النصارى لهُم توصـيةٌ خاصّة منَ الله سُبحانهُ: (أقْربَهُم مودّةً للذينَ آمـنوا الذينَ قـالوا إنّــا نصــارى) [ المائدة 82].
_ لذلك لا يجوزُ لا يجوزُ لا يجوزُ ... الاعتداء على أيّ إنسانٍ كانَ، في مـاله وعرضه و ....، والمطلوبُ [ فقـط ] صَـدّ العدوان، وليْسَ [ الاعتداء ] على الآخرينَ .
أمّـا [ الجهـادُ ] في الدين الإسلاميّ، فهـوَ جهـادٌ [ فكْـريّ ] بالحوار والمنطق، وليْسَ بالسيْف، والله يقولُهـا صـراحةً وبكلّ وُضوح: (وجـاهدْهُم بـه جهـاداً كـبيراً) [ الفرقان 52 ]، أيْ : جـاهدهُم بالقرآن الكريم والحوار والمنطق، أمّـا [ الإكـراهُ ] فهوَ مرفُوضٌ مرفوضٌ مرفوضٌ، لأنّ الله لا يُريدُ ذلك: (وَ لـوْ شَـاءَ ربّـكَ لآمَـنَ مَنْ في الأرْضِ كلّهُـمْ جمـيعاً) [ يونس 99 ]، فـالله لا يحتاجُ إلى [ جهـاديين ]، وتكفي مشـيئته لتحقيق ذلك، ولكنّ الله يُريْدُ [ الاختلافَ ] بينَ الناس في مُعتقداتهم: (ولا يزالونَ مُختلفينَ ولذلكَ خَلـقَهُم) [هود 119]، (ولـوْ شـاءَ الله لجمعـهُم على الهُدى) [الأنعام 35]،
وبذلك يُوضح الإسلام أنّ أصل العلاقات مع الآخرين هو [السلْم العادل] سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الشعوب والدول، وقد حذّر القرآن الكريم عدم التقيّد بالأوامر التي مرّت في الآيات السابقة، فقال تعالى: (فإنْ زللتمْ من بعـد ما جاءكم البيّنات فاعلموا أنّ الله عزيز حكيم) [ البقرة 209 ]، أيْ إذا زللتمْ عن هذه التعليمات بعدما أوضحناها لكم، فإنّ الله (عزيز) عنكم وليس بحاجة لكم.
(نُشُـوزاً أوْ إعْـراضَـاً) [النساء 128]:
مِنْ طَبيعَةِ المَرْأةِ النشوز فقط مع عَـدَمَ الإعْراضِ : (وَالـلاَتي تَخَافُونَ نُـشُـوزَهُـنّ) [النساء 34 ]، نُـشُـوزَهُـنَّ : تَمَرُّدَهُنَّ فَقَطْ وَلَمْ يَقُلْ : أوْ إعْراضَهُنَّ، بَيْنَمَا عِنْدَ الرَجُلِ نَجِدُ النُشُوزَ وَالإعْرَاضَ : (وَإنْ اِمْـرَأةٌ خَـافَـتْ مِـنْ بَعْـلـِهَـا نُشُـوزاً أوْ إعْـراضَـاً) [ النساء 128 ]، نُشُـوزاً : تَمـرّداً، إعْـراضَـاً : هُجْرانَاَ بِحيْثُ لاَ يُكلّمها، فَيَكُونُ الشُـحُّ وهو : البُخْل حتّى بالعَـواطِفِ وَ الكلامِ إضَافَةً للمَـال مِنَ الرَجُلِ فَقَطْ، لَذَلِكَ تُتَابِعُ الآيَةُ الكَريمَةُ معَ الرِجال فقط: (وَأُحْـضِـرَتِ الأنْفُسُ الـشُـحّ) [النساء 128 ]، و لِذَلِكَ قال تعالى : (وَ مَـنْ يُوْقَ شُـحَّ نَفْـسِـهِ فَأُولَـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُـونَ) [ الحشر 9 ] [التغابن 16]، (أَشِـحَّـةً عَـلَـيْكُـمْ أَشِـحَّـةً عَـلَـى الـخَـيْرِ) [ الأحزاب 19 ].
(مـا يفْعـلُ الله بعـذابكـم إن شـكرتُم وآمنـتم) [النساء 147]:
إنّ اللّـه سُـبحانه وتعالى خـلقـنـا كـيْ نكـونَ [ فقـط ] سُـعـداءَ وفـرحين بكلّ السَـعادة في الدنيـا والآخـرة، لذلك جعَلَ هـذا الديْن في غـاية [ اليُسْـر ]، كمَـا قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم: [إنّ هـذا الدينَ يُسْـرٌ]، وقال تعالى عن هذا الدين إنّـه [حـنيف = مَـرِنٌ جـداً ]: (قُـلْ إنّنـي هـداني ربّـي إلى صـراطٍ مُسـتقيم، ديْـناً قِــيَــمَــاً، مـلّةَ إبـراهيْـمَ حـنيفـاً) [ الأنعام 161 ]، فالدينُ هُـوَ [القِـيَـمُ] والأخلاق.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
7 رمضان 1436هـ 24 يونيو 2015م
البصل ترياق الأمراض
لقد عرف الفراعنة البصل في مصر وقدسوه وخلدوا اسمه في كتابات على جدران الاهرامات والمعابد وأوراق البردي وكانوا يضعونه في توابيت الموتى مع الجثث المحنطة لاعتقادهم انه يساعد الميت على التنفس عندما تعود إليه الحياة.
وذكر أطباء الفراعنة البصل في قوائم الأغذية المقوية التي كانت توزع على العمال الذين اشتغلوا في بناء الأهرامات، كما وصفوه مغذياً ومشهياً ومدرا للبول.
منع الجلطات
وللبصل فوائد عديدة منها الوقاية من التجلط، حيث أثبتت الدارسات أن البصل يمنع التجلط في شرايين القلب ولذلك يعتبر من الأدوية الوقائية المهمة للمحافظة على سلامة القلب ومنع حدوث الأزمات والذبحة الصدرية، ولعل هذا يكشف لنا سر قلة حدوث إصابة الفلاحين المصريين بالذبحات الصدرية نتيجة تناولهم البصل بكميات كبيرة في طعامهم وبصورة يومية.
إضافة إلى ذلك يقلل البصل من نسبة الإصابة بجلطة الدم حيث أثبتت التجارب التي أجريت في كلية فكتوريا وجامعة نيوكاسل في بريطانيا أن أكل البصل طازجاً أو مطهواً بالزيت أو السمن أو مشوياً يقلل من نسبة الإصابة بجلطة الدم، كما يمكن استخدام البصل في تطهير الفم حيث ان مضغ البصل أو الثوم لمدة 3 دقائق تعد كافية لقتل جميع الجراثيم الموجودة بالفم، وقد ثبت أيضا أن استنشاق بخار البصل أو أكله يؤدي إلى نفاذ الزيت الطيار الكبريتي الموجود في دم الإنسان.
مما يؤدي إلى إبادة الجراثيم المسببة للأمراض وبذلك يمكن استخدام البصل في علاج أمراض الجهاز التنفسي الناتجة من الإصابة بالجراثيم مثل التهاب الأنف الحاد وكذلك التهابات الحلق والقصبة الهوائية والشعب الهوائية مثل النزلات الشعبية.
تخفيف السكر
وأثبتت الدراسات العلمية أن البصل يخفف السكر لدى مرضى السكر فقد وجد إن البصل يحتوي على مادة الجلوكوزين وهي مادة شبيهة بهرمون الأنسولين، ولها مفعول مماثل أو قريب من مفعول الأنسولين حيث تساعد على تخفيف نسبة السكر في الدم، علاوة على ذلك يستخدم البصل في علاج نوبات الربو حيث يستعمل عصير البصل بمقدار ملعقة صغيرة ممزوجة مع ملعقة من العسل كل ثلاث ساعات، حيث يعمل البصل على طرد البلغم من الشعب الهوائية والذي تسبب ضيقها مما ينتج عنها الصعوبة في التنفس وحدوث ازمات الربو.
أما فيما يتعلق بالسرطان فقد حقن الطبيب الفرنسي جورج لاكوفسكي بمصل البصل كثيراً من المرضى لاسيما مرض السرطان فحصل على نتائج طيبة ويمكن عمل حقنة شرجية تعمل من عصير البصل المستخرج بالضغط لتحقيق ذلك، ويستخدم كذلك البصل في علاج الزكام والأنفلونزا، من خلال تناول عصير البصل حيث تقطع البصلة إلى حلقات وتوضع في طبق ثم يضاف إليها السكر وتترك لمدة 24ساعة حتى يتم الترشيح ثم يؤخذ من 2 الى 5 ملاعق من هذا الرشاحة يومياً.
ولعلاج الحمى والبرد ولعلاج الحكة والتهاب الشعب الهوائية ولعلاج ضغط الدم المرتفع ولعلاج الالتهابات الجرثومية والتهابات الفم والحنجرة.
تقشير البصل
يحفظ البصل والثوم في مكان جاف وحسن التهوية ويبعد عن الرطوبة ويستخدم من البصل متوسط الحجم فهو الأفضل، لا يصح الاحتفاظ بالبصلة أو الثوم المقشر أو المفروم لأنها تتأكسد بالهواء وتصبح سامة، وللتخلص من إسالة الدمع عند تقشير البصل فيمكن تقشيرها والماء يصب عليها من الحنفية حيث ان الماء يمنع كبريتات الاليل من إثارة الدموع، وللتخلص من رائحة البصل التي تلتصق باليدين تغسل اليد بماء فاتر فيه كمية من الملح أو ملعقة من الامونيا.
وقد ورد في سورة البقرة:
"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)"
البصل وآداب المساجد
رغم فوائد البصل إلا أن له رائحة كريهة، يتأذى منها كل من يشمها، لذلك كره النبي صلى الله عليه وسلم أكله عند القدوم للمسجد، لأن رائحته تسبب إزعاج المصلين فتفقدهم خشوعهم أثناء الصلاة، وربما قد تسبب فتنة للمصلين، فكم رأينا من الناس من يقطع الصلاة بسبب رائحة البصل فهناك آداب وسنن على المسلم أن يلتزم بها عند حضوره للمسجد أول هذه الآداب اجتنابُ الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين ببخَر فمِه وقَذَر أنفِه وطَفَسِ ريقِه وسهكِ عرقه ونَتَن رائحته، فعن جابر أنَّ رسول الله قال: ((مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّات فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم)) أخرجه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العَوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله : ((لو أنكم تطهَّرتم ليومِكم هذا)) متفق عليه، فأكرِم بعبدٍ يأتي بيوتَ الله مُتطهِّرًا مُتنظِّفًا، تفوح رائحته طيبًا وقَطرًا وتسطَع أرجًا ونشرا وتتضوّع عُودًا وعَرفا.
***********************************************************
ابن القاسم القائد الذي فتح السند
الشباب أمل الأمة ومحرك نهضتها، هم العنصر الأهم الذي تولد منه الطاقات وتعمر به الديار، خبا نور تأثيره في أيامنا بسبب أن شبابنا لم يعرفوا قدر أنفسهم، ورضوا لها الانحطاط في هوي الشهوات، والبقاء في سن الأطفال، حتى غدوا بأجسام الكبار وأحلام العصافير.
ولو أنهم قرأوا وعلموا بأخبار أقرانهم من الشباب الذين طوت صفحات تاريخهم الأيام لما رضوا لأنفسهم طموحاً أدنى منزلة من الثريا؛ فما سادت أمة إلا برفعة شبابها وعلو قدره وما انحدر قوم إلا بانحدار شبابه وفساد شأنه.
في السادس من شهر رمضان عام 92هـ استطاع واحد من أعلام الشباب أن ينتصر على أمة الهند، التي ضربت بجذورها في أعماق التاريخ، ومع ذلك تغلب عليهم وفتح بلاد السند ليبدأ نور الإسلام يضيء أرجاء شبه القارة الهندية.
بداية الفتح
كان ابتداء ذلك عندما كتب الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق رسالة إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب فيها الإذن بغزو السند والهند، وأرسل الحجاج عبدَ الله بن نبهان السلمي لفتح الديبل فاستشهد، ثم أرسل بديل بن طهفة البجلي بثلاثة آلاف فاستشهد، فما كان من الحجاج إلا أن قام بإلقاء هذه المهمة البالغة الصعوبة والشدة على شاب ألمعي حفر اسمه في صخور الذاكرة الباقية ما بقي الليل والنهار.
ما كانت لتقاس قيمة المرء بسنه، بل بإنجازاته وما قدمه لأمته، فمحمد بن القاسم الثقفي فتح بلاد السند ولم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ومع ذلك قاتل جيشاً يقال إنه بلغ أكثر من ستمئة ألف مقاتل، وانتصر عليهم، ليس هذا خيالاً بل هو حقيقة تاريخية وقعت أيام خلافة بني أمية للأمة الإسلامية، محمد بن القاسم الثقفي هو من قال فيه الشاعر:
إن السماحة والنجابة والندى .... لمحمد بن القاسم بن محمدِ
قاد الجيوش لسبعَ عشرةَ حجةً .... يا قرب ذلك سؤدداً من مولدِ
تعيين محمد بن القاسم، لم يكن محاباة لقرابة كانت بينه والحجاج، (فهو ابن عمه)، بل لأهلية تحلى بها ذاك القائد الشاب، حيث لم يلبث أن تحرك بجيشه إلى مدينة شـيراز فعسكر بظاهرها، وبعد استكمال الاستعدادات انطلق ومعه اثنا عشر ألف مقاتل إلى الشرق.
جاء في كتاب (الدولة الأموية عوامل الازدهار والانهيار: 52): »مضى محمد إلى مكران فأقام بها أياماً، ثم أتى »فنزبور« ففتحها، ثم أتى »أرمائيل« ففتحها أيضاً، فقدم »الديبل« يوم جمعة، فوافته هناك سفنه التي كانت تحمل الرجال والسِّلاح والعتاد والمهمات.
فخندق حيث نزل وأنزل الناس منازلهم ونصب منجنيقاً كان يعمل على تشغيله خمسمئة من الرجال ذوي الكفاءة المدربين على استخدامه، فدكّ بقذائفه معبد الهنادكة الأكبر، وحاصر محمد »الديبل« وقاتل حماتها بشدّة فخرجوا إليه، ولكنه هزمهم حتى ردهم إلى البلد، ثم أمر بالسلالم فنصبت وصعد عليها الرجال«.
الفيلة في الحرب
ثم سار ابن القاسم نحو حصن »سيويس« وفتحه، ثم عاد إلى نيرون، واتخذ قراره بعبـور نهر مهران للقاء داهر ملك السند، وبعد عبور الجيش سار ابن القاسم إلى منطقة »جيور«، ونزل بجيشه على مقربة من نهر »ددهاواه«، والتحم الجيشان في معركة استمرت 7 أيام، استخدمت فيها الفيلة، وكان عددها ستين فيلاً، وكان داهر على أكبرها، فاشتد القتال بشكل لم يسمع بمثله، ولكن الله نصر المسلمين.
جاء في كتاب (نهاية الأرب: 305): ».. فلقيه محمد ومن معه وهو على فيل، والفيلة حوله، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وترجّل داهر، وقاتل فقتل عند المساء، وانهزم الكفار وقاتلهم المسلمون كيف شاءوا، وقال قائلهم:
الخيل تشهد يوم داهر والقنا ... ومحمد بن القاسم بن محمّد
أنّى فرجت الجمع غير معرّد ... حتى علوت عظيمهم بمهنّد
فتركته تحت العَجاج مجندلا ... متعفّر الخدّين غير موسّد«
اقتحام الأسوار
واصل محمد بن القاسم جهاده ففتح العديد من المدن بعضها صلحاً وبعضها عنوة، وكان أهمها مدينة ملتان - وهي أعظم مدن السند الأعلى وأقوى حصونه- فامتنعت عليهم شهوراً، إلى أن اقتحم المسلمون الأسوار من بعدها وفتحوها، واستمر ابن القاسم في مسيره حتى وصلت فتوحاته إلى حدود كشمير، واستطاع أن يخضع السند لحكم الخلافة الإسلامية في مدة لم تتجاوز ثلاث سنين فقط.
*******************************************************************
حسن الظن بك
اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن عليَّ بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يارب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء.
اللهم أسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية والاتكال.
اللهم يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين، يا من تبارك اسمه وتعالى جده، يا من جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، يا من لا يدوم إلا بقاؤه، يا من لا شبيه له ولا نظير، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من جعل لكل شيء قدراً، يا من لا يشرك في حكمه أحداً، يا من هو لمن رجاه كريم، يا من هو على من عصاه حليم، يا من هو في حكمه عظيم، يا من هو في إحسانه قديم.
إلهي كيف ادعوك وقد عصيتك، وكيف لا ادعوك وقد عرفتك، مددت إليك يداً بالذنوب مملوءة، ويميناً بالرجاء مأمولة، إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان وعليك متكلي. اللهم اجعل منتهى مطالبنا وجهك ورضاك، وأقصى مقاصدنا عفوك يوم نلقاك.
اللهم ربي أعوذ بك من أعين العائنين، ومن سحر الساحرين.
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا.
اللهم يا سميع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا قاضي الحاجات، ويا كاشف الكربات، ويا رفيع الدرجات، ويا غافر الزلات، اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات. آمين.
*******************************************************************
الجــزء الـسـادس في القرآن الكريم
كلام الله يزود النفوس بالطـاقَة السامية
المصدر: د . علي منصور كيالي
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآية [148] من سورة النساء، وحتى الآيـة [81] من سورة الـمـائدة، ومـمّـا ورَد فيـه:
(لا يُحـبّ اللـه الـجـهْـر بالسـوء مـنَ القـول)[النساء 148]:
الكلامُ الفاسِـدُ، خَاصَّةً [الخَنـَا]: أيْ كَلاَمُ العُهْـرِ، يُفْسِـدُ النَفْسَ، لِذَلِكَ كَانَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ الذي هُوَ كَلاَمُ اللّهِ، يُزَوِّدُ النُفُوسَ بِالطَـاقَةِ السَامِيَةِ، مِثْلَمَا يُزَوِّدُ الطَعَـامُ الصَالِحُ الجِسْمَ بِالطَاقَةِ الحَيَوِيَّةِ، فَمُتْعَةُ الحَيَـاةِ في لُقْمَةٍ طَيِّبَةِ وَكَلِمَةٍ طَيِّبَـةٍ، لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لاَ يُخْرِجُكَ [العُسْرُ وَاليُسْرُ] عَنِ الأخْلاقِ، فالعُسْـرُ وَاليُسْرُ لَيْسَـا خَيْراً أوْ شَـرَّاً بِحَدِّ ذَاتِهِمَا، بَلْ قَدْ يَكُونانِ خَيْراً أوْ شَـرَّاً، وِفْقَـاً لِمَـا يُمْلِيَـانِهِ عَلَيْكَ مِنْ شُـعُورٍ.
وَالأصَـالَةُ: ضَمِيْرٌ طَاهِرٌ، وَفِكْرٌ وامِضٌ، وَقَلْبٌ نابِضٌ، وَقَدَمٌ ثَابِتٌ، وَيَدُ مَمْدودَةٌ بِالخَيْرٍ، فَلاَ يُخْرِجُكَ عَمَلُكَ عَنْ ضَمِيْرُكَ، وَالإيْمَـانُ يَحْتاجُ إلى وَعْي، وَمُشْكِلَةُ كُلِّ أصْحَـابِ دِيْنٍ، لاَ يَعُونَ مَا هُمْ مُؤْمِنُونَ بِـهِ، وَلَوْ وَعَـوْا لَمَـا تَنازَعُـوا، وَكَفَّرَ بَعْضُهُـمْ بَعْضَـاً، وَضَعْفُ النُفُوسِ وَعَدَمُ تَفَهُّمِ الدِيْنِ، هُوَ الذي جَعَلَ مِنْهُ عِلَّـةَ التَفْرِقَـةِ، فَدَعْ قُـوَّةَ رَأْيِكَ تَفْرِضُ نَفْسَهَا وَلَيْسَ قُـوَّةَ يَدِكَ، و[قوّة المحبة] أفضل من [محبة القوة].
(وَالـمُـقِـيمِـينَ الـصَـلاَةَ وَالـمُـؤْتُونَ الـزَكَـاةَ) [النساء 162]:
نَصَبَ كَلِمَةَ (المُقيمينَ) في قَوْلِهِ تَعالى: (لَـكِـنِ الـراسِـخُـونَ فـي الـعِـلْـمِ مِـنْهُـمْ وَالـمُـؤْمِـنُونَ يُؤْمِـنُونَ بِمَـا أُنْزِلَ إلَـيْكَ وَمَـا أُنْزِلَ مِـنْ قَبْلِـكَ والـمُـقِـيمِـينَ الـصَـلاَةَ وَالـمُـؤْتُونَ الـزَكَـاةَ)[النساء 162]، فالسَبَبُ هُوَ أيْضَـاً: أنَّ [الواو] لَيْسَتْ [واو العَطْفِ] بَلْ [واو المُعْتَرِضَةِ]، فَتَمَّ النَصْبُ عَلى المَـدْحِ [عَلى الاخْتِصَاصِ].
(وَآتَيْنَـا داوودَ زَبُوراً)[النساء 163]:
الـَزبُورِ: هُوَ الكِتَابُ الذي لاَ يَحْتَوي عَلى تَشْريعٍ، بَلْ عَلى مَعْلومَاتٍ مُجَـرَّدَةٍ، فأعْمالُ الناسِ مَثَلاً يَجري تَسْجيلُهَا في الزُبُـرِ: (وَكُـلُّ شَـيْءٍ فَـعَـلُـوهُ فـي الـزُبُرِ)[القمر52]، (أَمْ لَـكُـمْ بَراءَةٌ فـي الـزُبُرِ)[القمر43]، وَالكَثيرُ مِنْ كُتُبِ الأوَّلينَ كَانَتْ زُبُـراً: (وَإنَّهُ لَـفـي زُبـُرِ الأوَّلـِينَ)[الشعراء 196]، (وَإنْ يُكَـذِّبُوكَ فَقَدْ كَـذَّبَ الـذينَ مِـنْ قَبْلِـهِـمْ جَـاءَتْهُـمْ رُسُـلُـهُـمْ بالـبَيِّنَاتِ وِ بِالـزُبُرِ وَبالـكِتَابِ الـمُـنيرِ)[فاطر 25]، (فَإنْ كَـذِّبُوكَ فَقَـدْ كُـذِّبَ رُسُـلٌ مِـنْ قَـبْلِـكَ جَـاءوا بالـبَيِّنَاتِ والـزُبُرِ وَالـكِـتَابِ الـمُـنيرِ)[آل عمران 184]، وَمِن بَيْنِهَا كِتَـابُ داوودَ عليه السلام: (وَآتَيْنَـا داوودَ زَبُوراً)[الإسراء 55][النساء 163].
لِمَنِ الطَلَلُ أبْصَرْتُهُ فَشَـجَاني
كَخَطِّ زَبُـورٍ في عَسيْب يَمَـاني
امرئ القيـس
وَجَلاَ السُيُولِ عَنِ الطُلولِ كَأَنَّها زُبُـرٌ تَجِـدُّ مُتُونُهَـا أقْلامُهُ لَبيد بن الأعْصم
أوْفـوا بالعُـقُـودِ:
نُلاَحِظُ عَلى الآيَةِ الأُولى مِنْ سُورَةِ المَائِدَةِ: (يَا أيُّهَـا الـذينَ آمَـنُوا أَوْفُوا بِالـعُـقُـودِ أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيْمَـةُ الأنْعَـامِ)[المائدة 1] ، العُقُودُ هُنا لَيْسَتْ العُقُودُ التجاريّة، لأنَّ: [عَقَدَ] عُنُقَ الدابّةِ أيْ: لَواهَا وَهَيَّـأَها لِلْذَبْحِ الحـلالِ، فأصْبَحَ المَعْنى: يا أيُّهَا الذينَ آمَنوا إذَا ذَبَحْتُمْ على الطريْقَةِ الإسْلاميّةِ [مِنَ العُنُقِ]، سَتَكونُ بَهيمَةُ الأنْعامِ حلالاً عَلَيْكُمْ، وَإذا ذَبَحْتُمْ على أيِّ طريقَةٍ أُخْرى كالصَعْقِ الكهْربائِيِّ، فإنَّ الذبْحَ لَنْ يَكُونَ حلالاً، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: [عِقْد المرْأةِ] لأنَّهُ يُوضَعُ في العُنُقِ، وَعَقْدُ الشَيْءِ: وُجُوبُهُ وَأحْكامُهُ وَمِنْهُ العَقيـدَةُ، وَقَدْ رَكَّزَت الآيَةُ الكريْمَةُ عَلى أنْ يَسِيْلَ الدَمُ مِنَ رَقَبَةِ الدابَّةِ حَصْراً، وَلَيْسَ مِنْ أيِّ مَكانٍ آخَرَ مِثْلَ الدابَّةِ التي أكَلَهَا حَيَوانٌ مُفْترِسٌ، وَقَدْ تَمَّ إيْضَاحُ تحريم أكل أنواع من الحيوان ماتت بالطرق المختلفة ما عدا الذبح الحلال، في الآيَةِ الكريمَةِ التالية: (الـمَـوْقُوذَةُ وَالـمُـتَرَدِّيَةُ وَالـنَطِـيحَـةُ وَمَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ)[المائدة 3]، الـمَـوْقُوذَةُ: المضروبة بآلةٍ ثَقيلَة، الـمُـتَرَدِّيَةُ: سقطت من مكان عالٍ، الـنَطِـيحَـةُ: ضربها حيوان آخر بِقُرونِـهِ، مَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ: حيوان مفترس، أيْ لاَ بُدَّ مِنَ التذْكِيَـةِ وَهي: الذَبْـحُ الحلال، فالطَعَـامُ الفَاسِـدُ يُفْسِـدُ الجِسْمَ، وَيُعْطِيْهِ طَاقَـةَ [احْـتِراق] وَلَيْسَ طَاقَـةَ [ائْـتِـلاق].
(الـهَـدْيَ وَالـقَـلاَئِـدَ) [المائدة 97]:
الهَـدْيُ: هُوَ الذَبَيحَةُ التي تُهْدى إلى الكَعْبَةِ، وَمِثْلُهُ القَلاَئِدُ حَيْثُ تُوضَعُ القِلاَدَةُ للذَبيحَةِ كَإشَارَةٍ: (يَا أيُّهَـا الـذينَ آمَـنُوا لاَ تَحِـلُّـوا شَـعَـائِرَ اللّـهِ وَلاَ الـشَـهْـرَ الـحَـرامَ وَلاَ الـهَـدْيَ وَلاَ الـقَـلاَئِـدَ وَلاَ آمِّـينَ الـبَيْتَ الـحَـرامَ)[المائدة 2]، (وَالـهَـدْيَ وَالـقَـلاَئِـدَ)[المائدة 97] (هَـدْيَاً بَالِـغَ الـكَـعْـبَةِ)[المائدة 95]، (حَـتّى يَبْـلُـغَ الـهَـدْيُ مَـحِـلَّـهُ)[البقرة 196]، (هُـمُ الـذينَ كَـفَروا وَصَـدُّوكُـمْ عَـنِ الـمَـسْـجِــدِ الـحَــرامِ وَالـهَـدْيَ مَـعْـكُـوفَاً أَنْ يَبْـلُـغَ مَـحِـلَّـهُ)[الفتح 25]، مَـعْـكُـوفَاً: ثَابِتَـاً مَكَانَهُ، أَنْ يَبْـلُـغَ: مَمْنُـوعٌ أنْ يَبْلُغَ، مَـحِـلَّـهُ: مَكانَ ذَبْحِـهِ، (فَإنْ أُحْـصِـرْتُمْ فَمَـا اسْـتَيْسَـرَ مِـنَ الـهَـدْيِ)[البقرة 196]، أُحْـصِـرْتُمْ: مُنِعْتُمْ مِنَ الحَـجِّ أوِ العُمْـرَةِ لأيِّ سَبَبٍ كَانَ.
(فَاغْسِـلُـوا وُجُـوهَـكُـمْ وَأيْـدِيَكُـمْ إلـى الـمَـرافِقِ وَامْــسَـحُـوا بِـرُؤوسِـكُـمْ وَأرْجُـلَـكُـمْ) [المائدة 6]:
عِنْدَمَـا يَدْخُلُ ضَوْءُ النَهَـارِ إلى الغِلاَفِ الجَوّي لـلأرْضِ، فَإنَّ إحْدى هَذه طَبَقَاتِ الغِلاَفِ وَهيَ طَبَقَةُ الأيونوسفير تَتَأيَّنُ [تَتَكَهْرَبُ]، وَتَسْتَقْبِلُ الأجْسَامُ المَوْجُودَةُ عَلى سَطْحِ الأرْضِ [وَمِنْ بَيْنِهَا الإنْسَانُ] هَذِهِ الشحْناتُ الكَهْرُبائِيَّةُ، وَتَتَكَهْرَبُ بِهَا فَعْنْدَ لِبْسِ أوْ خَلْعِ كَنْزَةٍ صُوفيَّةٍ مَثَلاً، نُلاَحِظُ ظُهُورَ شَراراتٍ كَهْرُبائِيَّةِ بِيْنَها وَبَيْنَ شَـعْرِ الإنْسـانِ، وَإذَا شُحِنَ جِسْمٌ بِشُـحْنَةٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، فَإنَّ الشُحْناتِ تَتَمَرْكَزُ عَلى نِهَايَاتِ الجِسْـمِ، وَإذَا تَأمَّلْنَا في الوُضُوءِ نُلاَحِظُ بِبَسَـاطَةٍ أنَّـهُ: عَمَلِيَّةُ إيْصَـالِ المَـاءِ إلى نِهَـايَاتِ جِسْـمِ الإنْسَانِ الخَمْسَ فَقَطْ: (يَـا أيُّـهَـا الـذينَ آمَـنُـوا إذا قُـمْـتُمْ إلـى الـصَـلاة ِ فَاغْسِـلُـوا وُجُـوهَـكُـمْ وَأيْـدِيَكُـمْ إلـى الـمَـرافِقِ وَامْـسَـحُـوا بِـرُؤوسِـكُـمْ وَأرْجُـلَـكُـمْ إلـى الـكَـعْـبَيْنِ)[المائدة 6]، أرْجُـلَـكُـمْ: معطوفة على الوجوه، لِذَلِكَ يَجبُ غَسْـلُ الرِجْلَيْنِ لاَ مَسْحِهِما فقط، والخلاصة في الوضوء: الجلدُ يُغسل والشعر يُمسح.
القرآن والتوراة هُدَىً وَرَحْمَة وَتَفْصيل كُلِّ شَيْءٍ
ونُلاَحِظُ أنَّ المَناطِقَ الواقِعَة بَيْنَ كَعْبَيْ الإنْسَانِ وَرَقَبَتِهِ لَيْسَ لَهَا عَلاَقَـةٌ بالوُضُوءِ،
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا غُبَارٌ أوْ تَعَرُّقٌ مَثَلاً، ولذلكَ يُمسَحُ أعلى الـخُفّ ولـيْسَ أسـفلَهُ، لأنّ أسـفلَهُ يُلامسُ الأرْضَ ولا يحـتـوي شحـنات كهـربائيَة.
( مِـيْثَاقَهُ الـذي وَاثَقَـكُـمْ بِهِ إذْ قُلْـتُمْ: سَـمِـعْـنا وَأَطَـعْـنا )[ المائدة 7 ]:
العَهْـد هو: وَعْدٌ أكِيْدٌ بِتَنْفيذِ أَمْرٍ مَـا، والمِيْثَـاق هو: تَعْليْمَاتٌ إلهيّـة يُنَفِّذُهَا المُؤْمِنُ بِسَـعادَة، وهذا ما نجده في الآيات الكريمة التالية:
( وَالـمُـوفُونَ بِعَـهْـدِهِـمْ إذَا عَـاهَـدوا)[ البقرة 117 ]، ( وَأَوْفُـوا بِالـعَـهْـدِ إنَّ الـعَـهْـدَ كَـانَ مَـسْـؤولاً )[ الإسراء 34 ]، ( مِنَ الـمُـؤْمِنينَ رِجَـالٌ صَـدَقُوا مَا عَـاهَـدوا اللّهَ عَـلَـيْهِ ) [ الأحزاب 23 ]، ( وَمَـنْ أوْفـى بِعَـهْـدِهِ مِـنَ اللّـهِ )[ التوبة 111 ]، ( وَالـذينَ هُـمْ لأمَـاناتِهِـمْ وَعَـهْـدِهِـمْ راعُـون )[ المؤمنون 8 ][ المعارج 32 ]، ( الـذينَ يُوفُونَ بِعَـهْـدِ اللّـهِ وَلاَ يَنْقُضُـونَ الـمِـيْثَاقَ )[ الرعد 20 ]، ( وَمَـنْ أوْفـى بِمَـا عَـاهَـدَ عَـلَـيْهُ اللّـهَ فَسَـيُؤْتيْهِ أَجْـراً عَـظِـيْمَـاً ) [ الفتح 10 ]، ( وَأَوْفُوا بِعَـهْـدِ اللّـهِ إذَا عَـاهَـدْتُمْ )[ النحل 91 ]، ( وَبِعَـهْـدِ اللّـهِ أَوْفوا ) [ الأنعام 152 ]، ( وَمَـا وَجَـدْنا لأكْـثَرِهِـمْ مِـنْ عَـهْـدٍ )[ الأعراف 102 ]، ( أَوَ كُـلَّـمَـا عَـاهَـدوا عَـهْـداً نَبَذَهُ فَـريْقٌ مِـنْهُـمْ )[ البقرة 100 ]، ( وَالـذين يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ )[ الرعد 25 ]، ( قَالَ لاَ يَنالُ عَـهْـدي الـظَـالِـمِـيْن )[ البقرة 124 ]، ( الـذينَ عَـاهَـدْتَ مِـنْهُـمْ ثُمَّ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَهُـمْ فـي كُـلِّ مَـرَّةٍ )[ الأنفال 56 ]، ( وَكَـانَ عَـهْـدُ اللّـهِ مَـسْـؤولاً )[ الأحزاب 15 ]، ( وَلَـقَـدْ عَـهِـدْنا إلـى آدَمَ مِـنْ قَبْلُ فَنَسِـيَ وَلَـمْ نَجِـدْ لَـهُ عَـزْمَـاً )[ طـه 115 ]، وَالمُؤْمِنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللـهِ مِيْثَـاقٌ عَلى السَـمْعِ وَالطَـاعَةِ بِرِضا وَدُونَ نِقَاشِ: ( مِـيْثَاقَهُ الـذي وَاثَقَـكُـمْ بِهِ إذْ قُلْـتُمْ: سَـمِـعْـنا وَأَطَـعْـنا )[ المائدة 7 ]، وَيَأْتي العَهْـدُ بَعْدَ الميْثَـاقِ: ( وَالـذين يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ )[ الرعد 25 ]، ( وَقَدْ أَخَـذَ مِـيْثَاقَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ مُـؤْمِـنين )[ الحديد 8 ]، وَالميْثـاقُ: سَـمِعْنا وَأطَعْنَـا: ( آمَـنَ الـرِسُـولُ بِمَـا أُنْزِلَ إلَـيْهِ مِـنْ رَبِّهِ وَالـمُـؤْمِـنُونَ كُـلٌّ آمَـنَ بِاللّـهِ وَمَـلائِـكَـتِهِ وَكُـتُبِهِ وَرُسُـلِـهِ وَقَالـوا: سَـمِـعْنا وَأَطَـعْـنَا )[ البقرة 285 ]، وَبِدونِ جَدَلٍ أوْ نِقاشٍ أوْ اعْتِراضٍ وَحتّى التَنْفيذ بِرِضا وَسَعادَة: ( فَـلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِـنُون حَـتّى يُحَـكِّـمُـوكَ فِيْمَـا شَـجَـرَ بَيْنَهُـمْ ثُمَّ لاَ يَجِـدوا فـي أنْفُسِـهِـمْ حَـرَجٌ مِـمَّـا قَـضَـيْتَ وَيُسَـلّـمُـوا تَسْـلـيْمَـاً )[ النساء 65 ]، وَهَذَا يُظْهِرُ الفَرْقَ بَيْنَ المُـؤْمن وَالمُسْـلِم.
(وكـيْفَ يُـحَـكّـمـونـك وعـندهُم التـوراة فيهـا حُـكْـمُ اللـه )[ المـائدة 43 ]:
القُرْآنُ الكَريمُ يَحْتَوي أيْضَاً على الفُرْقـَانِ، الذي نَزَلَ مِنْ قَبْلُ عَلى موسى عليه السلام: ( تَبَارَكَ الـذي نَزَّلَ الـفُرْقَانَ عَـلـى عَـبْدِهِ )[ الفرقان 1 ]، ( وَأنْزَلَ الـتَوْراةَ وَالإنْجِـيلَ مِـنْ قَـبْلُ هَـدَىً لِلـناسِ وَأنْزَلَ الـفُرْقَانَ )[ آل عمران 3 / 4 ]، ( وَإذْ آتَيْنَا مُـوسَـى الـكِـتَابَ وَالـفُرْقَانَ )[ البقرة 53 ]، ( وَلَـقَـدْ آتَيْنَا مُـوسَـى وَهَـارونَ الـفُرْقَانَ )[ الأنبياء 48 ]، وَالجِـنّ أيْضَاً عِنْدَهُمْ عِلْمٌ فَقَطْ بالقُرْآنِ الكَريمِ وَكِتابِ موسى عليه السلام: ( وَإِذْ صَـرَفْنَا إلَـيْكَ نَفَراً مِـنَ الـجِـنِّ يَسْـتَمِـعُـونَ الـقُرْآنَ فَلَـمَّـا حَـضَـروهُ قَالـوا أنْصِـتُوا فَلَـمَّـا قُضِـيَ وَلّـوْا إلـى قَـوْمِـهِـمْ مُـنْذِرينَ قَالـوا يَا قَـوْمَـنا إنَّا سَـمِـعْـنا كِـتَاباً أُنْزِلَ مِـنْ بَعْـدِ مُـوسـى ) [ الأحقاف 29 / 30 ].
فَمَا أشْبَهَ كِتابُ مُوسى عليْهِ السَلام بالقُرْآنِ الكَريمِ فَكِلاَ الكِتابَيْنِ فيهِ هُدَىً وَرَحْمَة وَتَفْصيل لِكُلِّ شَيْءٍ: ( ثُمَّ آتَيْنَا مُـوسَـى الـكِـتَابَ تَمَـامَـاً عَـلَـى الـذي أحْـسَـنَ وَتَفْـصِـيلاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً )[ الأنعام 154 ]، ( وَكَـتَبْنَا لَـهُ فـي الألْـواحِ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ مَـوْعِـظَـةً وَتَفْـصِـيْلاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ )[ الأعراف 145 ]، وَهَذِهِ هيَ صِفَاتُ القُرْآنِ الكَريمِ، أيْ الهُدى وَالرَحْمَةُ وَتَفْصيلُ كُلِّ شَـيْءٍ: ( وَنَزَّلْـنَا عَـلَـيْكَ الـكِـتَابَ تِبْيَانَاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً وَبُشْـرى لِلـمُـسْـلِـمِـينَ )[ النحل 89 ]، ( مَـا كَـانَ حَـدِيثَاً يُفْتَرى وَلَـكِـنْ تَصْـديقَ الـذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِـيلَ كُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِـقَوْمٍ يُؤْمِـنُونَ ) [ يوسف 111 ].
كل هـذا واللـه أعـلم.
لقد عرف الفراعنة البصل في مصر وقدسوه وخلدوا اسمه في كتابات على جدران الاهرامات والمعابد وأوراق البردي وكانوا يضعونه في توابيت الموتى مع الجثث المحنطة لاعتقادهم انه يساعد الميت على التنفس عندما تعود إليه الحياة.
وذكر أطباء الفراعنة البصل في قوائم الأغذية المقوية التي كانت توزع على العمال الذين اشتغلوا في بناء الأهرامات، كما وصفوه مغذياً ومشهياً ومدرا للبول.
منع الجلطات
وللبصل فوائد عديدة منها الوقاية من التجلط، حيث أثبتت الدارسات أن البصل يمنع التجلط في شرايين القلب ولذلك يعتبر من الأدوية الوقائية المهمة للمحافظة على سلامة القلب ومنع حدوث الأزمات والذبحة الصدرية، ولعل هذا يكشف لنا سر قلة حدوث إصابة الفلاحين المصريين بالذبحات الصدرية نتيجة تناولهم البصل بكميات كبيرة في طعامهم وبصورة يومية.
إضافة إلى ذلك يقلل البصل من نسبة الإصابة بجلطة الدم حيث أثبتت التجارب التي أجريت في كلية فكتوريا وجامعة نيوكاسل في بريطانيا أن أكل البصل طازجاً أو مطهواً بالزيت أو السمن أو مشوياً يقلل من نسبة الإصابة بجلطة الدم، كما يمكن استخدام البصل في تطهير الفم حيث ان مضغ البصل أو الثوم لمدة 3 دقائق تعد كافية لقتل جميع الجراثيم الموجودة بالفم، وقد ثبت أيضا أن استنشاق بخار البصل أو أكله يؤدي إلى نفاذ الزيت الطيار الكبريتي الموجود في دم الإنسان.
مما يؤدي إلى إبادة الجراثيم المسببة للأمراض وبذلك يمكن استخدام البصل في علاج أمراض الجهاز التنفسي الناتجة من الإصابة بالجراثيم مثل التهاب الأنف الحاد وكذلك التهابات الحلق والقصبة الهوائية والشعب الهوائية مثل النزلات الشعبية.
تخفيف السكر
وأثبتت الدراسات العلمية أن البصل يخفف السكر لدى مرضى السكر فقد وجد إن البصل يحتوي على مادة الجلوكوزين وهي مادة شبيهة بهرمون الأنسولين، ولها مفعول مماثل أو قريب من مفعول الأنسولين حيث تساعد على تخفيف نسبة السكر في الدم، علاوة على ذلك يستخدم البصل في علاج نوبات الربو حيث يستعمل عصير البصل بمقدار ملعقة صغيرة ممزوجة مع ملعقة من العسل كل ثلاث ساعات، حيث يعمل البصل على طرد البلغم من الشعب الهوائية والذي تسبب ضيقها مما ينتج عنها الصعوبة في التنفس وحدوث ازمات الربو.
أما فيما يتعلق بالسرطان فقد حقن الطبيب الفرنسي جورج لاكوفسكي بمصل البصل كثيراً من المرضى لاسيما مرض السرطان فحصل على نتائج طيبة ويمكن عمل حقنة شرجية تعمل من عصير البصل المستخرج بالضغط لتحقيق ذلك، ويستخدم كذلك البصل في علاج الزكام والأنفلونزا، من خلال تناول عصير البصل حيث تقطع البصلة إلى حلقات وتوضع في طبق ثم يضاف إليها السكر وتترك لمدة 24ساعة حتى يتم الترشيح ثم يؤخذ من 2 الى 5 ملاعق من هذا الرشاحة يومياً.
ولعلاج الحمى والبرد ولعلاج الحكة والتهاب الشعب الهوائية ولعلاج ضغط الدم المرتفع ولعلاج الالتهابات الجرثومية والتهابات الفم والحنجرة.
تقشير البصل
يحفظ البصل والثوم في مكان جاف وحسن التهوية ويبعد عن الرطوبة ويستخدم من البصل متوسط الحجم فهو الأفضل، لا يصح الاحتفاظ بالبصلة أو الثوم المقشر أو المفروم لأنها تتأكسد بالهواء وتصبح سامة، وللتخلص من إسالة الدمع عند تقشير البصل فيمكن تقشيرها والماء يصب عليها من الحنفية حيث ان الماء يمنع كبريتات الاليل من إثارة الدموع، وللتخلص من رائحة البصل التي تلتصق باليدين تغسل اليد بماء فاتر فيه كمية من الملح أو ملعقة من الامونيا.
وقد ورد في سورة البقرة:
"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)"
البصل وآداب المساجد
رغم فوائد البصل إلا أن له رائحة كريهة، يتأذى منها كل من يشمها، لذلك كره النبي صلى الله عليه وسلم أكله عند القدوم للمسجد، لأن رائحته تسبب إزعاج المصلين فتفقدهم خشوعهم أثناء الصلاة، وربما قد تسبب فتنة للمصلين، فكم رأينا من الناس من يقطع الصلاة بسبب رائحة البصل فهناك آداب وسنن على المسلم أن يلتزم بها عند حضوره للمسجد أول هذه الآداب اجتنابُ الروائحِ الكريهة في ملبسِه ومأكله، فلا يؤذِي إخوانه المصلين ببخَر فمِه وقَذَر أنفِه وطَفَسِ ريقِه وسهكِ عرقه ونَتَن رائحته، فعن جابر أنَّ رسول الله قال: ((مَن أكَلَ البصلَ والثومَ والكرّات فلا يقربنَّ مسجدنا؛ فإنَّ الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم)) أخرجه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعةَ من منازلهم ومن العَوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله : ((لو أنكم تطهَّرتم ليومِكم هذا)) متفق عليه، فأكرِم بعبدٍ يأتي بيوتَ الله مُتطهِّرًا مُتنظِّفًا، تفوح رائحته طيبًا وقَطرًا وتسطَع أرجًا ونشرا وتتضوّع عُودًا وعَرفا.
***********************************************************
ابن القاسم القائد الذي فتح السند
الشباب أمل الأمة ومحرك نهضتها، هم العنصر الأهم الذي تولد منه الطاقات وتعمر به الديار، خبا نور تأثيره في أيامنا بسبب أن شبابنا لم يعرفوا قدر أنفسهم، ورضوا لها الانحطاط في هوي الشهوات، والبقاء في سن الأطفال، حتى غدوا بأجسام الكبار وأحلام العصافير.
ولو أنهم قرأوا وعلموا بأخبار أقرانهم من الشباب الذين طوت صفحات تاريخهم الأيام لما رضوا لأنفسهم طموحاً أدنى منزلة من الثريا؛ فما سادت أمة إلا برفعة شبابها وعلو قدره وما انحدر قوم إلا بانحدار شبابه وفساد شأنه.
في السادس من شهر رمضان عام 92هـ استطاع واحد من أعلام الشباب أن ينتصر على أمة الهند، التي ضربت بجذورها في أعماق التاريخ، ومع ذلك تغلب عليهم وفتح بلاد السند ليبدأ نور الإسلام يضيء أرجاء شبه القارة الهندية.
بداية الفتح
كان ابتداء ذلك عندما كتب الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق رسالة إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب فيها الإذن بغزو السند والهند، وأرسل الحجاج عبدَ الله بن نبهان السلمي لفتح الديبل فاستشهد، ثم أرسل بديل بن طهفة البجلي بثلاثة آلاف فاستشهد، فما كان من الحجاج إلا أن قام بإلقاء هذه المهمة البالغة الصعوبة والشدة على شاب ألمعي حفر اسمه في صخور الذاكرة الباقية ما بقي الليل والنهار.
ما كانت لتقاس قيمة المرء بسنه، بل بإنجازاته وما قدمه لأمته، فمحمد بن القاسم الثقفي فتح بلاد السند ولم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ومع ذلك قاتل جيشاً يقال إنه بلغ أكثر من ستمئة ألف مقاتل، وانتصر عليهم، ليس هذا خيالاً بل هو حقيقة تاريخية وقعت أيام خلافة بني أمية للأمة الإسلامية، محمد بن القاسم الثقفي هو من قال فيه الشاعر:
إن السماحة والنجابة والندى .... لمحمد بن القاسم بن محمدِ
قاد الجيوش لسبعَ عشرةَ حجةً .... يا قرب ذلك سؤدداً من مولدِ
تعيين محمد بن القاسم، لم يكن محاباة لقرابة كانت بينه والحجاج، (فهو ابن عمه)، بل لأهلية تحلى بها ذاك القائد الشاب، حيث لم يلبث أن تحرك بجيشه إلى مدينة شـيراز فعسكر بظاهرها، وبعد استكمال الاستعدادات انطلق ومعه اثنا عشر ألف مقاتل إلى الشرق.
جاء في كتاب (الدولة الأموية عوامل الازدهار والانهيار: 52): »مضى محمد إلى مكران فأقام بها أياماً، ثم أتى »فنزبور« ففتحها، ثم أتى »أرمائيل« ففتحها أيضاً، فقدم »الديبل« يوم جمعة، فوافته هناك سفنه التي كانت تحمل الرجال والسِّلاح والعتاد والمهمات.
فخندق حيث نزل وأنزل الناس منازلهم ونصب منجنيقاً كان يعمل على تشغيله خمسمئة من الرجال ذوي الكفاءة المدربين على استخدامه، فدكّ بقذائفه معبد الهنادكة الأكبر، وحاصر محمد »الديبل« وقاتل حماتها بشدّة فخرجوا إليه، ولكنه هزمهم حتى ردهم إلى البلد، ثم أمر بالسلالم فنصبت وصعد عليها الرجال«.
الفيلة في الحرب
ثم سار ابن القاسم نحو حصن »سيويس« وفتحه، ثم عاد إلى نيرون، واتخذ قراره بعبـور نهر مهران للقاء داهر ملك السند، وبعد عبور الجيش سار ابن القاسم إلى منطقة »جيور«، ونزل بجيشه على مقربة من نهر »ددهاواه«، والتحم الجيشان في معركة استمرت 7 أيام، استخدمت فيها الفيلة، وكان عددها ستين فيلاً، وكان داهر على أكبرها، فاشتد القتال بشكل لم يسمع بمثله، ولكن الله نصر المسلمين.
جاء في كتاب (نهاية الأرب: 305): ».. فلقيه محمد ومن معه وهو على فيل، والفيلة حوله، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وترجّل داهر، وقاتل فقتل عند المساء، وانهزم الكفار وقاتلهم المسلمون كيف شاءوا، وقال قائلهم:
الخيل تشهد يوم داهر والقنا ... ومحمد بن القاسم بن محمّد
أنّى فرجت الجمع غير معرّد ... حتى علوت عظيمهم بمهنّد
فتركته تحت العَجاج مجندلا ... متعفّر الخدّين غير موسّد«
اقتحام الأسوار
واصل محمد بن القاسم جهاده ففتح العديد من المدن بعضها صلحاً وبعضها عنوة، وكان أهمها مدينة ملتان - وهي أعظم مدن السند الأعلى وأقوى حصونه- فامتنعت عليهم شهوراً، إلى أن اقتحم المسلمون الأسوار من بعدها وفتحوها، واستمر ابن القاسم في مسيره حتى وصلت فتوحاته إلى حدود كشمير، واستطاع أن يخضع السند لحكم الخلافة الإسلامية في مدة لم تتجاوز ثلاث سنين فقط.
*******************************************************************
حسن الظن بك
اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن عليَّ بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يارب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء.
اللهم أسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية والاتكال.
اللهم يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين، يا من تبارك اسمه وتعالى جده، يا من جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، يا من لا يدوم إلا بقاؤه، يا من لا شبيه له ولا نظير، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من جعل لكل شيء قدراً، يا من لا يشرك في حكمه أحداً، يا من هو لمن رجاه كريم، يا من هو على من عصاه حليم، يا من هو في حكمه عظيم، يا من هو في إحسانه قديم.
إلهي كيف ادعوك وقد عصيتك، وكيف لا ادعوك وقد عرفتك، مددت إليك يداً بالذنوب مملوءة، ويميناً بالرجاء مأمولة، إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان وعليك متكلي. اللهم اجعل منتهى مطالبنا وجهك ورضاك، وأقصى مقاصدنا عفوك يوم نلقاك.
اللهم ربي أعوذ بك من أعين العائنين، ومن سحر الساحرين.
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا.
اللهم يا سميع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا قاضي الحاجات، ويا كاشف الكربات، ويا رفيع الدرجات، ويا غافر الزلات، اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات. آمين.
*******************************************************************
الجــزء الـسـادس في القرآن الكريم
كلام الله يزود النفوس بالطـاقَة السامية
المصدر: د . علي منصور كيالي
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآية [148] من سورة النساء، وحتى الآيـة [81] من سورة الـمـائدة، ومـمّـا ورَد فيـه:
(لا يُحـبّ اللـه الـجـهْـر بالسـوء مـنَ القـول)[النساء 148]:
الكلامُ الفاسِـدُ، خَاصَّةً [الخَنـَا]: أيْ كَلاَمُ العُهْـرِ، يُفْسِـدُ النَفْسَ، لِذَلِكَ كَانَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ الذي هُوَ كَلاَمُ اللّهِ، يُزَوِّدُ النُفُوسَ بِالطَـاقَةِ السَامِيَةِ، مِثْلَمَا يُزَوِّدُ الطَعَـامُ الصَالِحُ الجِسْمَ بِالطَاقَةِ الحَيَوِيَّةِ، فَمُتْعَةُ الحَيَـاةِ في لُقْمَةٍ طَيِّبَةِ وَكَلِمَةٍ طَيِّبَـةٍ، لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لاَ يُخْرِجُكَ [العُسْرُ وَاليُسْرُ] عَنِ الأخْلاقِ، فالعُسْـرُ وَاليُسْرُ لَيْسَـا خَيْراً أوْ شَـرَّاً بِحَدِّ ذَاتِهِمَا، بَلْ قَدْ يَكُونانِ خَيْراً أوْ شَـرَّاً، وِفْقَـاً لِمَـا يُمْلِيَـانِهِ عَلَيْكَ مِنْ شُـعُورٍ.
وَالأصَـالَةُ: ضَمِيْرٌ طَاهِرٌ، وَفِكْرٌ وامِضٌ، وَقَلْبٌ نابِضٌ، وَقَدَمٌ ثَابِتٌ، وَيَدُ مَمْدودَةٌ بِالخَيْرٍ، فَلاَ يُخْرِجُكَ عَمَلُكَ عَنْ ضَمِيْرُكَ، وَالإيْمَـانُ يَحْتاجُ إلى وَعْي، وَمُشْكِلَةُ كُلِّ أصْحَـابِ دِيْنٍ، لاَ يَعُونَ مَا هُمْ مُؤْمِنُونَ بِـهِ، وَلَوْ وَعَـوْا لَمَـا تَنازَعُـوا، وَكَفَّرَ بَعْضُهُـمْ بَعْضَـاً، وَضَعْفُ النُفُوسِ وَعَدَمُ تَفَهُّمِ الدِيْنِ، هُوَ الذي جَعَلَ مِنْهُ عِلَّـةَ التَفْرِقَـةِ، فَدَعْ قُـوَّةَ رَأْيِكَ تَفْرِضُ نَفْسَهَا وَلَيْسَ قُـوَّةَ يَدِكَ، و[قوّة المحبة] أفضل من [محبة القوة].
(وَالـمُـقِـيمِـينَ الـصَـلاَةَ وَالـمُـؤْتُونَ الـزَكَـاةَ) [النساء 162]:
نَصَبَ كَلِمَةَ (المُقيمينَ) في قَوْلِهِ تَعالى: (لَـكِـنِ الـراسِـخُـونَ فـي الـعِـلْـمِ مِـنْهُـمْ وَالـمُـؤْمِـنُونَ يُؤْمِـنُونَ بِمَـا أُنْزِلَ إلَـيْكَ وَمَـا أُنْزِلَ مِـنْ قَبْلِـكَ والـمُـقِـيمِـينَ الـصَـلاَةَ وَالـمُـؤْتُونَ الـزَكَـاةَ)[النساء 162]، فالسَبَبُ هُوَ أيْضَـاً: أنَّ [الواو] لَيْسَتْ [واو العَطْفِ] بَلْ [واو المُعْتَرِضَةِ]، فَتَمَّ النَصْبُ عَلى المَـدْحِ [عَلى الاخْتِصَاصِ].
(وَآتَيْنَـا داوودَ زَبُوراً)[النساء 163]:
الـَزبُورِ: هُوَ الكِتَابُ الذي لاَ يَحْتَوي عَلى تَشْريعٍ، بَلْ عَلى مَعْلومَاتٍ مُجَـرَّدَةٍ، فأعْمالُ الناسِ مَثَلاً يَجري تَسْجيلُهَا في الزُبُـرِ: (وَكُـلُّ شَـيْءٍ فَـعَـلُـوهُ فـي الـزُبُرِ)[القمر52]، (أَمْ لَـكُـمْ بَراءَةٌ فـي الـزُبُرِ)[القمر43]، وَالكَثيرُ مِنْ كُتُبِ الأوَّلينَ كَانَتْ زُبُـراً: (وَإنَّهُ لَـفـي زُبـُرِ الأوَّلـِينَ)[الشعراء 196]، (وَإنْ يُكَـذِّبُوكَ فَقَدْ كَـذَّبَ الـذينَ مِـنْ قَبْلِـهِـمْ جَـاءَتْهُـمْ رُسُـلُـهُـمْ بالـبَيِّنَاتِ وِ بِالـزُبُرِ وَبالـكِتَابِ الـمُـنيرِ)[فاطر 25]، (فَإنْ كَـذِّبُوكَ فَقَـدْ كُـذِّبَ رُسُـلٌ مِـنْ قَـبْلِـكَ جَـاءوا بالـبَيِّنَاتِ والـزُبُرِ وَالـكِـتَابِ الـمُـنيرِ)[آل عمران 184]، وَمِن بَيْنِهَا كِتَـابُ داوودَ عليه السلام: (وَآتَيْنَـا داوودَ زَبُوراً)[الإسراء 55][النساء 163].
لِمَنِ الطَلَلُ أبْصَرْتُهُ فَشَـجَاني
كَخَطِّ زَبُـورٍ في عَسيْب يَمَـاني
امرئ القيـس
وَجَلاَ السُيُولِ عَنِ الطُلولِ كَأَنَّها زُبُـرٌ تَجِـدُّ مُتُونُهَـا أقْلامُهُ لَبيد بن الأعْصم
أوْفـوا بالعُـقُـودِ:
نُلاَحِظُ عَلى الآيَةِ الأُولى مِنْ سُورَةِ المَائِدَةِ: (يَا أيُّهَـا الـذينَ آمَـنُوا أَوْفُوا بِالـعُـقُـودِ أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيْمَـةُ الأنْعَـامِ)[المائدة 1] ، العُقُودُ هُنا لَيْسَتْ العُقُودُ التجاريّة، لأنَّ: [عَقَدَ] عُنُقَ الدابّةِ أيْ: لَواهَا وَهَيَّـأَها لِلْذَبْحِ الحـلالِ، فأصْبَحَ المَعْنى: يا أيُّهَا الذينَ آمَنوا إذَا ذَبَحْتُمْ على الطريْقَةِ الإسْلاميّةِ [مِنَ العُنُقِ]، سَتَكونُ بَهيمَةُ الأنْعامِ حلالاً عَلَيْكُمْ، وَإذا ذَبَحْتُمْ على أيِّ طريقَةٍ أُخْرى كالصَعْقِ الكهْربائِيِّ، فإنَّ الذبْحَ لَنْ يَكُونَ حلالاً، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: [عِقْد المرْأةِ] لأنَّهُ يُوضَعُ في العُنُقِ، وَعَقْدُ الشَيْءِ: وُجُوبُهُ وَأحْكامُهُ وَمِنْهُ العَقيـدَةُ، وَقَدْ رَكَّزَت الآيَةُ الكريْمَةُ عَلى أنْ يَسِيْلَ الدَمُ مِنَ رَقَبَةِ الدابَّةِ حَصْراً، وَلَيْسَ مِنْ أيِّ مَكانٍ آخَرَ مِثْلَ الدابَّةِ التي أكَلَهَا حَيَوانٌ مُفْترِسٌ، وَقَدْ تَمَّ إيْضَاحُ تحريم أكل أنواع من الحيوان ماتت بالطرق المختلفة ما عدا الذبح الحلال، في الآيَةِ الكريمَةِ التالية: (الـمَـوْقُوذَةُ وَالـمُـتَرَدِّيَةُ وَالـنَطِـيحَـةُ وَمَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ)[المائدة 3]، الـمَـوْقُوذَةُ: المضروبة بآلةٍ ثَقيلَة، الـمُـتَرَدِّيَةُ: سقطت من مكان عالٍ، الـنَطِـيحَـةُ: ضربها حيوان آخر بِقُرونِـهِ، مَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ: حيوان مفترس، أيْ لاَ بُدَّ مِنَ التذْكِيَـةِ وَهي: الذَبْـحُ الحلال، فالطَعَـامُ الفَاسِـدُ يُفْسِـدُ الجِسْمَ، وَيُعْطِيْهِ طَاقَـةَ [احْـتِراق] وَلَيْسَ طَاقَـةَ [ائْـتِـلاق].
(الـهَـدْيَ وَالـقَـلاَئِـدَ) [المائدة 97]:
الهَـدْيُ: هُوَ الذَبَيحَةُ التي تُهْدى إلى الكَعْبَةِ، وَمِثْلُهُ القَلاَئِدُ حَيْثُ تُوضَعُ القِلاَدَةُ للذَبيحَةِ كَإشَارَةٍ: (يَا أيُّهَـا الـذينَ آمَـنُوا لاَ تَحِـلُّـوا شَـعَـائِرَ اللّـهِ وَلاَ الـشَـهْـرَ الـحَـرامَ وَلاَ الـهَـدْيَ وَلاَ الـقَـلاَئِـدَ وَلاَ آمِّـينَ الـبَيْتَ الـحَـرامَ)[المائدة 2]، (وَالـهَـدْيَ وَالـقَـلاَئِـدَ)[المائدة 97] (هَـدْيَاً بَالِـغَ الـكَـعْـبَةِ)[المائدة 95]، (حَـتّى يَبْـلُـغَ الـهَـدْيُ مَـحِـلَّـهُ)[البقرة 196]، (هُـمُ الـذينَ كَـفَروا وَصَـدُّوكُـمْ عَـنِ الـمَـسْـجِــدِ الـحَــرامِ وَالـهَـدْيَ مَـعْـكُـوفَاً أَنْ يَبْـلُـغَ مَـحِـلَّـهُ)[الفتح 25]، مَـعْـكُـوفَاً: ثَابِتَـاً مَكَانَهُ، أَنْ يَبْـلُـغَ: مَمْنُـوعٌ أنْ يَبْلُغَ، مَـحِـلَّـهُ: مَكانَ ذَبْحِـهِ، (فَإنْ أُحْـصِـرْتُمْ فَمَـا اسْـتَيْسَـرَ مِـنَ الـهَـدْيِ)[البقرة 196]، أُحْـصِـرْتُمْ: مُنِعْتُمْ مِنَ الحَـجِّ أوِ العُمْـرَةِ لأيِّ سَبَبٍ كَانَ.
(فَاغْسِـلُـوا وُجُـوهَـكُـمْ وَأيْـدِيَكُـمْ إلـى الـمَـرافِقِ وَامْــسَـحُـوا بِـرُؤوسِـكُـمْ وَأرْجُـلَـكُـمْ) [المائدة 6]:
عِنْدَمَـا يَدْخُلُ ضَوْءُ النَهَـارِ إلى الغِلاَفِ الجَوّي لـلأرْضِ، فَإنَّ إحْدى هَذه طَبَقَاتِ الغِلاَفِ وَهيَ طَبَقَةُ الأيونوسفير تَتَأيَّنُ [تَتَكَهْرَبُ]، وَتَسْتَقْبِلُ الأجْسَامُ المَوْجُودَةُ عَلى سَطْحِ الأرْضِ [وَمِنْ بَيْنِهَا الإنْسَانُ] هَذِهِ الشحْناتُ الكَهْرُبائِيَّةُ، وَتَتَكَهْرَبُ بِهَا فَعْنْدَ لِبْسِ أوْ خَلْعِ كَنْزَةٍ صُوفيَّةٍ مَثَلاً، نُلاَحِظُ ظُهُورَ شَراراتٍ كَهْرُبائِيَّةِ بِيْنَها وَبَيْنَ شَـعْرِ الإنْسـانِ، وَإذَا شُحِنَ جِسْمٌ بِشُـحْنَةٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، فَإنَّ الشُحْناتِ تَتَمَرْكَزُ عَلى نِهَايَاتِ الجِسْـمِ، وَإذَا تَأمَّلْنَا في الوُضُوءِ نُلاَحِظُ بِبَسَـاطَةٍ أنَّـهُ: عَمَلِيَّةُ إيْصَـالِ المَـاءِ إلى نِهَـايَاتِ جِسْـمِ الإنْسَانِ الخَمْسَ فَقَطْ: (يَـا أيُّـهَـا الـذينَ آمَـنُـوا إذا قُـمْـتُمْ إلـى الـصَـلاة ِ فَاغْسِـلُـوا وُجُـوهَـكُـمْ وَأيْـدِيَكُـمْ إلـى الـمَـرافِقِ وَامْـسَـحُـوا بِـرُؤوسِـكُـمْ وَأرْجُـلَـكُـمْ إلـى الـكَـعْـبَيْنِ)[المائدة 6]، أرْجُـلَـكُـمْ: معطوفة على الوجوه، لِذَلِكَ يَجبُ غَسْـلُ الرِجْلَيْنِ لاَ مَسْحِهِما فقط، والخلاصة في الوضوء: الجلدُ يُغسل والشعر يُمسح.
القرآن والتوراة هُدَىً وَرَحْمَة وَتَفْصيل كُلِّ شَيْءٍ
ونُلاَحِظُ أنَّ المَناطِقَ الواقِعَة بَيْنَ كَعْبَيْ الإنْسَانِ وَرَقَبَتِهِ لَيْسَ لَهَا عَلاَقَـةٌ بالوُضُوءِ،
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا غُبَارٌ أوْ تَعَرُّقٌ مَثَلاً، ولذلكَ يُمسَحُ أعلى الـخُفّ ولـيْسَ أسـفلَهُ، لأنّ أسـفلَهُ يُلامسُ الأرْضَ ولا يحـتـوي شحـنات كهـربائيَة.
( مِـيْثَاقَهُ الـذي وَاثَقَـكُـمْ بِهِ إذْ قُلْـتُمْ: سَـمِـعْـنا وَأَطَـعْـنا )[ المائدة 7 ]:
العَهْـد هو: وَعْدٌ أكِيْدٌ بِتَنْفيذِ أَمْرٍ مَـا، والمِيْثَـاق هو: تَعْليْمَاتٌ إلهيّـة يُنَفِّذُهَا المُؤْمِنُ بِسَـعادَة، وهذا ما نجده في الآيات الكريمة التالية:
( وَالـمُـوفُونَ بِعَـهْـدِهِـمْ إذَا عَـاهَـدوا)[ البقرة 117 ]، ( وَأَوْفُـوا بِالـعَـهْـدِ إنَّ الـعَـهْـدَ كَـانَ مَـسْـؤولاً )[ الإسراء 34 ]، ( مِنَ الـمُـؤْمِنينَ رِجَـالٌ صَـدَقُوا مَا عَـاهَـدوا اللّهَ عَـلَـيْهِ ) [ الأحزاب 23 ]، ( وَمَـنْ أوْفـى بِعَـهْـدِهِ مِـنَ اللّـهِ )[ التوبة 111 ]، ( وَالـذينَ هُـمْ لأمَـاناتِهِـمْ وَعَـهْـدِهِـمْ راعُـون )[ المؤمنون 8 ][ المعارج 32 ]، ( الـذينَ يُوفُونَ بِعَـهْـدِ اللّـهِ وَلاَ يَنْقُضُـونَ الـمِـيْثَاقَ )[ الرعد 20 ]، ( وَمَـنْ أوْفـى بِمَـا عَـاهَـدَ عَـلَـيْهُ اللّـهَ فَسَـيُؤْتيْهِ أَجْـراً عَـظِـيْمَـاً ) [ الفتح 10 ]، ( وَأَوْفُوا بِعَـهْـدِ اللّـهِ إذَا عَـاهَـدْتُمْ )[ النحل 91 ]، ( وَبِعَـهْـدِ اللّـهِ أَوْفوا ) [ الأنعام 152 ]، ( وَمَـا وَجَـدْنا لأكْـثَرِهِـمْ مِـنْ عَـهْـدٍ )[ الأعراف 102 ]، ( أَوَ كُـلَّـمَـا عَـاهَـدوا عَـهْـداً نَبَذَهُ فَـريْقٌ مِـنْهُـمْ )[ البقرة 100 ]، ( وَالـذين يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ )[ الرعد 25 ]، ( قَالَ لاَ يَنالُ عَـهْـدي الـظَـالِـمِـيْن )[ البقرة 124 ]، ( الـذينَ عَـاهَـدْتَ مِـنْهُـمْ ثُمَّ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَهُـمْ فـي كُـلِّ مَـرَّةٍ )[ الأنفال 56 ]، ( وَكَـانَ عَـهْـدُ اللّـهِ مَـسْـؤولاً )[ الأحزاب 15 ]، ( وَلَـقَـدْ عَـهِـدْنا إلـى آدَمَ مِـنْ قَبْلُ فَنَسِـيَ وَلَـمْ نَجِـدْ لَـهُ عَـزْمَـاً )[ طـه 115 ]، وَالمُؤْمِنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللـهِ مِيْثَـاقٌ عَلى السَـمْعِ وَالطَـاعَةِ بِرِضا وَدُونَ نِقَاشِ: ( مِـيْثَاقَهُ الـذي وَاثَقَـكُـمْ بِهِ إذْ قُلْـتُمْ: سَـمِـعْـنا وَأَطَـعْـنا )[ المائدة 7 ]، وَيَأْتي العَهْـدُ بَعْدَ الميْثَـاقِ: ( وَالـذين يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ )[ الرعد 25 ]، ( وَقَدْ أَخَـذَ مِـيْثَاقَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ مُـؤْمِـنين )[ الحديد 8 ]، وَالميْثـاقُ: سَـمِعْنا وَأطَعْنَـا: ( آمَـنَ الـرِسُـولُ بِمَـا أُنْزِلَ إلَـيْهِ مِـنْ رَبِّهِ وَالـمُـؤْمِـنُونَ كُـلٌّ آمَـنَ بِاللّـهِ وَمَـلائِـكَـتِهِ وَكُـتُبِهِ وَرُسُـلِـهِ وَقَالـوا: سَـمِـعْنا وَأَطَـعْـنَا )[ البقرة 285 ]، وَبِدونِ جَدَلٍ أوْ نِقاشٍ أوْ اعْتِراضٍ وَحتّى التَنْفيذ بِرِضا وَسَعادَة: ( فَـلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِـنُون حَـتّى يُحَـكِّـمُـوكَ فِيْمَـا شَـجَـرَ بَيْنَهُـمْ ثُمَّ لاَ يَجِـدوا فـي أنْفُسِـهِـمْ حَـرَجٌ مِـمَّـا قَـضَـيْتَ وَيُسَـلّـمُـوا تَسْـلـيْمَـاً )[ النساء 65 ]، وَهَذَا يُظْهِرُ الفَرْقَ بَيْنَ المُـؤْمن وَالمُسْـلِم.
(وكـيْفَ يُـحَـكّـمـونـك وعـندهُم التـوراة فيهـا حُـكْـمُ اللـه )[ المـائدة 43 ]:
القُرْآنُ الكَريمُ يَحْتَوي أيْضَاً على الفُرْقـَانِ، الذي نَزَلَ مِنْ قَبْلُ عَلى موسى عليه السلام: ( تَبَارَكَ الـذي نَزَّلَ الـفُرْقَانَ عَـلـى عَـبْدِهِ )[ الفرقان 1 ]، ( وَأنْزَلَ الـتَوْراةَ وَالإنْجِـيلَ مِـنْ قَـبْلُ هَـدَىً لِلـناسِ وَأنْزَلَ الـفُرْقَانَ )[ آل عمران 3 / 4 ]، ( وَإذْ آتَيْنَا مُـوسَـى الـكِـتَابَ وَالـفُرْقَانَ )[ البقرة 53 ]، ( وَلَـقَـدْ آتَيْنَا مُـوسَـى وَهَـارونَ الـفُرْقَانَ )[ الأنبياء 48 ]، وَالجِـنّ أيْضَاً عِنْدَهُمْ عِلْمٌ فَقَطْ بالقُرْآنِ الكَريمِ وَكِتابِ موسى عليه السلام: ( وَإِذْ صَـرَفْنَا إلَـيْكَ نَفَراً مِـنَ الـجِـنِّ يَسْـتَمِـعُـونَ الـقُرْآنَ فَلَـمَّـا حَـضَـروهُ قَالـوا أنْصِـتُوا فَلَـمَّـا قُضِـيَ وَلّـوْا إلـى قَـوْمِـهِـمْ مُـنْذِرينَ قَالـوا يَا قَـوْمَـنا إنَّا سَـمِـعْـنا كِـتَاباً أُنْزِلَ مِـنْ بَعْـدِ مُـوسـى ) [ الأحقاف 29 / 30 ].
فَمَا أشْبَهَ كِتابُ مُوسى عليْهِ السَلام بالقُرْآنِ الكَريمِ فَكِلاَ الكِتابَيْنِ فيهِ هُدَىً وَرَحْمَة وَتَفْصيل لِكُلِّ شَيْءٍ: ( ثُمَّ آتَيْنَا مُـوسَـى الـكِـتَابَ تَمَـامَـاً عَـلَـى الـذي أحْـسَـنَ وَتَفْـصِـيلاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً )[ الأنعام 154 ]، ( وَكَـتَبْنَا لَـهُ فـي الألْـواحِ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ مَـوْعِـظَـةً وَتَفْـصِـيْلاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ )[ الأعراف 145 ]، وَهَذِهِ هيَ صِفَاتُ القُرْآنِ الكَريمِ، أيْ الهُدى وَالرَحْمَةُ وَتَفْصيلُ كُلِّ شَـيْءٍ: ( وَنَزَّلْـنَا عَـلَـيْكَ الـكِـتَابَ تِبْيَانَاً لِـكُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً وَبُشْـرى لِلـمُـسْـلِـمِـينَ )[ النحل 89 ]، ( مَـا كَـانَ حَـدِيثَاً يُفْتَرى وَلَـكِـنْ تَصْـديقَ الـذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِـيلَ كُـلِّ شَـيْءٍ وَهُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِـقَوْمٍ يُؤْمِـنُونَ ) [ يوسف 111 ].
كل هـذا واللـه أعـلم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
8 رمضان 1436هـ 25 يونيو 2015م
العدس.. "لحم الفقراء
يعتبر العدس من أقدم الأغدية البروتينية التي عرفها الإنسان، ولقيمته الغذائية اعتمد عليه معظم الطبقات العامة للشعوب، لدرجة أنها تفننت في طرائق طهيه وإعداده بأنواع مختلفة، والعدس نبات ينتمي إلى فصيلة النباتات القرنية، بذوره مستخدمة في إعداد الأطعمة، وينمو في مصر وجنوبي أوروبا والولايات المتحدة وغربي آسيا، بذوره ذات لون بني يميل إلى الحمرة، أو رمادي أو أسود، ولا يزيد قطرها عن 13 ملم.
نسبة ضئيلة
يحتوي العدس على نسبة عالية من البروتين، تصل في كل مئة غرام إلى نحو 27.5 في المئة، وغناه بالبروتين يجعله عوضاً عن تناول اللحم، وتصل نسبة المواد الكربوهيدراتية إلى ما يقرب من 5.9 في المئة، بينما يحتوي على نسبة ضئيلة من الدهون نحو 1.4 في المئة، وهي دهون نباتية مختلفة تماماً عن الدهون الحيوانية المشبعة التي ترفع الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، كما يحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات اللازمة لسلامة البصر والجلد وعمليات النمو وحيوية الجسم والحفاظ على الخصوبة.
يعد العدس من الأطعمة الغنية بمجموعة فيتامين «ب»، إضافة إلى احتوائه على مركبات عدة، منها الثيامين والنياسين وحمض الفوليك، وكذلك يحتوي على ما يعادل 59.3 مليغرام كالسيوم و107 مليغرامات فسفور و438 مليغرام حديد، وهذه الأملاح المعدنية تساعد على تقوية العظام وسلامة الأسنان والغضاريف ومكونات الدم، ويعتبر العدس مصدراً للألياف الغذائية بنوعيها القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان.
تقوية العظام
وأكد خبراء التغذية أن العدس يكاد يكون معادلاً للحوم من حيث القيمة الغذائية، وقد يتفوق عليها في بعض النواحي، فهو يحتوي على مواد كربوهيدراتية، والكالسيوم والفسفور والحديد التي تفيد آكلها في تقوية العظام والأسنان والدم، ويحتوي على مواد كربوهيدراتية وقليل من الشحم، وهذه العناصر تجعل مقداراً من العدس لا يتجاوز خمسين غراماً يعطينا قدرة حرارية مقدارها 333 سعراً، لذا يجب أن يكون العدس غذاء أساسياً للذين يبذلون مجهودات عضلية شاقة.
شكر النعم
ورد ذكر العدس في قوله تعالى: (وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).
في العهد القديم كان العدس طعام أيام القحط والحزن والألم، في حين اعتبره الرومان من أغذية الطبقات الوضيعة جداً، يأكله الفقراء والراغبون في التقشف وترك متاع الدنيا من الطعام، وفي مصر الآن يشتهر العدس في الأحياء الشعبية باسم «لحم الفقراء»، وإن كان كذلك فالعدس يبقى نعمة من نعم الله على الأغنياء والفقراء، فعلينا أن نشكر الله عز وجل على ما أودع في هذه النعمة من منافع، فبيَّن الله تعالى نعمته علينا بالماء النازل من السماء، والنابع من الأرض، فهو الذي زَرَعهُ، ونمَّاهُ حتى تكامل، ويسَّرَ لنا الأسباب التي تُيسِّرُ جنيه وحصاده، ثم طَحْنه وطَبْخه، إلى غير ذلك من النِّعَم الكثيرة.
قال بعض العلماء: إِنه لا يُقدَّم الطعام بين يديك وإِلا وفيه ثلاثمئة وستون نِعْمَة، هذا الذي يُدْرَكُ فكيف بالذي لا يُدْرَك؟ ثم بعد ذلك نِعَمٌ عند تناوله، وعندما تأكله على جوع ماذا تكون لذته؟ وعندما تطعمه في فمك تجد لذَّة، وعندما يمشي في الأمعاء لا تجد تعباً في ذلك.
فالآن لو يقف على يدك بعوضة أحسست برجليها وتقشعر منها، لكن هذا الطعام الغليظ ينزل في هذه الأمعاء الرَّقيقة ولا تحسُّ به نِعْمَة من الله عزّ وجل، لأن داخل الجوف ليس فيه إحساس فيمرُّ فيه بدون إحساس، ثم إن الله تعالى خلق غُدَداً تُفرِز أشياء تُلَيِّن هذا الطعام وتخفِّفه حتى ينزل، ثم إن الله عزّ وجل جعل له قنوات يذهب معها الماء، وهناك عروق شارعه في هذه الأمعاء تُفرِّق الدَّمَ على الجسم، توصله إلى القلب، هذه القطعة الصغيرة التي تطهر الدم، وتخرجه إلى الجانب الآخر من القلب نقيّاً، ثم يدور في البدن، ثم يرجع مرَّة ثانية إلى القلب فيطهِّره ويصفيه، ثم يعيده نقيّاً، وهكذا دواليك، وكلُّ هذا ونحن لا نحسُّ بهذا الشيء، وإلا فالقلب يُصْدِرُ نبضات، كلُّ نبضة تأخذ شيئاً، والنبضة الأخرى تخرج شيئاً من هذا الدم.
نعمة دينية
ومع ذلك يذهب هذا الدَّم إلى جميع أجزاء الجسم بشُعَيْرَات دقيقة منظَّمة مرتَّبة على حسب حكمة الله وقدرته، ومع هذا أيضاً: فإنَّ من قدرة الله العظيمة البالغة أنَّ مجاريَ العُروق لا تتَّفق في الأعضاء، فكلُّ عضو له مجارٍ خاصَّة، بمعنى أنَّ يدك اليُمنى ليست المجاري فيها كيدك اليسرى؛ بل تختلف، وكذلك بالنسبة إلى الرِّجل تختلف، كلُّ هذا من أجل بيان قُدرة الله عزّ وجل، ولا شكَّ أن هذا لمقتضى الحكمة، فلولا أن هناك حكمة تقتضي أن لهذه اليد مجاري معيَّنة؛ ولهذه اليد مجاري خاصَّة لم يخلقها الله هكذا.
المهم من كلِّ هذا أن نبيِّن به أن لله علينا نعماً ماديَّة بدنيَّة في هذا الطَّعام، سابقة على وصوله إلينا ولاحقة، ثم إن هناك نعماً دينيَّة تتقدَّم هذا الطعام وتلحقه، فتُسمِّي عند الأكل؛ وتحمد إذا فرغت، فإن الله تعالى يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشَّربة فيحمده عليها، ورضى الله غايةُ كلِّ إنسان، فمن يُحصِّل رضى الله عزّ وجل؟ فنحن نتمتَّع بنعمه، فإذا حمدناه عليها رضي عنَّا، وهو الذي تفضَّل بها أولاً.
******************************************************************************
يعتبر العدس من أقدم الأغدية البروتينية التي عرفها الإنسان، ولقيمته الغذائية اعتمد عليه معظم الطبقات العامة للشعوب، لدرجة أنها تفننت في طرائق طهيه وإعداده بأنواع مختلفة، والعدس نبات ينتمي إلى فصيلة النباتات القرنية، بذوره مستخدمة في إعداد الأطعمة، وينمو في مصر وجنوبي أوروبا والولايات المتحدة وغربي آسيا، بذوره ذات لون بني يميل إلى الحمرة، أو رمادي أو أسود، ولا يزيد قطرها عن 13 ملم.
نسبة ضئيلة
يحتوي العدس على نسبة عالية من البروتين، تصل في كل مئة غرام إلى نحو 27.5 في المئة، وغناه بالبروتين يجعله عوضاً عن تناول اللحم، وتصل نسبة المواد الكربوهيدراتية إلى ما يقرب من 5.9 في المئة، بينما يحتوي على نسبة ضئيلة من الدهون نحو 1.4 في المئة، وهي دهون نباتية مختلفة تماماً عن الدهون الحيوانية المشبعة التي ترفع الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، كما يحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات اللازمة لسلامة البصر والجلد وعمليات النمو وحيوية الجسم والحفاظ على الخصوبة.
يعد العدس من الأطعمة الغنية بمجموعة فيتامين «ب»، إضافة إلى احتوائه على مركبات عدة، منها الثيامين والنياسين وحمض الفوليك، وكذلك يحتوي على ما يعادل 59.3 مليغرام كالسيوم و107 مليغرامات فسفور و438 مليغرام حديد، وهذه الأملاح المعدنية تساعد على تقوية العظام وسلامة الأسنان والغضاريف ومكونات الدم، ويعتبر العدس مصدراً للألياف الغذائية بنوعيها القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان.
تقوية العظام
وأكد خبراء التغذية أن العدس يكاد يكون معادلاً للحوم من حيث القيمة الغذائية، وقد يتفوق عليها في بعض النواحي، فهو يحتوي على مواد كربوهيدراتية، والكالسيوم والفسفور والحديد التي تفيد آكلها في تقوية العظام والأسنان والدم، ويحتوي على مواد كربوهيدراتية وقليل من الشحم، وهذه العناصر تجعل مقداراً من العدس لا يتجاوز خمسين غراماً يعطينا قدرة حرارية مقدارها 333 سعراً، لذا يجب أن يكون العدس غذاء أساسياً للذين يبذلون مجهودات عضلية شاقة.
شكر النعم
ورد ذكر العدس في قوله تعالى: (وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).
في العهد القديم كان العدس طعام أيام القحط والحزن والألم، في حين اعتبره الرومان من أغذية الطبقات الوضيعة جداً، يأكله الفقراء والراغبون في التقشف وترك متاع الدنيا من الطعام، وفي مصر الآن يشتهر العدس في الأحياء الشعبية باسم «لحم الفقراء»، وإن كان كذلك فالعدس يبقى نعمة من نعم الله على الأغنياء والفقراء، فعلينا أن نشكر الله عز وجل على ما أودع في هذه النعمة من منافع، فبيَّن الله تعالى نعمته علينا بالماء النازل من السماء، والنابع من الأرض، فهو الذي زَرَعهُ، ونمَّاهُ حتى تكامل، ويسَّرَ لنا الأسباب التي تُيسِّرُ جنيه وحصاده، ثم طَحْنه وطَبْخه، إلى غير ذلك من النِّعَم الكثيرة.
قال بعض العلماء: إِنه لا يُقدَّم الطعام بين يديك وإِلا وفيه ثلاثمئة وستون نِعْمَة، هذا الذي يُدْرَكُ فكيف بالذي لا يُدْرَك؟ ثم بعد ذلك نِعَمٌ عند تناوله، وعندما تأكله على جوع ماذا تكون لذته؟ وعندما تطعمه في فمك تجد لذَّة، وعندما يمشي في الأمعاء لا تجد تعباً في ذلك.
فالآن لو يقف على يدك بعوضة أحسست برجليها وتقشعر منها، لكن هذا الطعام الغليظ ينزل في هذه الأمعاء الرَّقيقة ولا تحسُّ به نِعْمَة من الله عزّ وجل، لأن داخل الجوف ليس فيه إحساس فيمرُّ فيه بدون إحساس، ثم إن الله تعالى خلق غُدَداً تُفرِز أشياء تُلَيِّن هذا الطعام وتخفِّفه حتى ينزل، ثم إن الله عزّ وجل جعل له قنوات يذهب معها الماء، وهناك عروق شارعه في هذه الأمعاء تُفرِّق الدَّمَ على الجسم، توصله إلى القلب، هذه القطعة الصغيرة التي تطهر الدم، وتخرجه إلى الجانب الآخر من القلب نقيّاً، ثم يدور في البدن، ثم يرجع مرَّة ثانية إلى القلب فيطهِّره ويصفيه، ثم يعيده نقيّاً، وهكذا دواليك، وكلُّ هذا ونحن لا نحسُّ بهذا الشيء، وإلا فالقلب يُصْدِرُ نبضات، كلُّ نبضة تأخذ شيئاً، والنبضة الأخرى تخرج شيئاً من هذا الدم.
نعمة دينية
ومع ذلك يذهب هذا الدَّم إلى جميع أجزاء الجسم بشُعَيْرَات دقيقة منظَّمة مرتَّبة على حسب حكمة الله وقدرته، ومع هذا أيضاً: فإنَّ من قدرة الله العظيمة البالغة أنَّ مجاريَ العُروق لا تتَّفق في الأعضاء، فكلُّ عضو له مجارٍ خاصَّة، بمعنى أنَّ يدك اليُمنى ليست المجاري فيها كيدك اليسرى؛ بل تختلف، وكذلك بالنسبة إلى الرِّجل تختلف، كلُّ هذا من أجل بيان قُدرة الله عزّ وجل، ولا شكَّ أن هذا لمقتضى الحكمة، فلولا أن هناك حكمة تقتضي أن لهذه اليد مجاري معيَّنة؛ ولهذه اليد مجاري خاصَّة لم يخلقها الله هكذا.
المهم من كلِّ هذا أن نبيِّن به أن لله علينا نعماً ماديَّة بدنيَّة في هذا الطَّعام، سابقة على وصوله إلينا ولاحقة، ثم إن هناك نعماً دينيَّة تتقدَّم هذا الطعام وتلحقه، فتُسمِّي عند الأكل؛ وتحمد إذا فرغت، فإن الله تعالى يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشَّربة فيحمده عليها، ورضى الله غايةُ كلِّ إنسان، فمن يُحصِّل رضى الله عزّ وجل؟ فنحن نتمتَّع بنعمه، فإذا حمدناه عليها رضي عنَّا، وهو الذي تفضَّل بها أولاً.
******************************************************************************
الأزهر.. مفخرة أم الدنيا
الأزهر صرح من صروح العلم ومعلم عريق من معالم مصر قديماً وحديثاً، كان له دور بارز على مدى قرون مضت في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد أفرز عدداً هائلاً من الأعلام الذين وضعوا بصماتهم في شتى ميادين العلم والثقافة. وهو أول عمل معماري أقامه الفاطميون في مصر، وأول مسجد أنشئ في مدينة القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية، وقد بدأ في إنشائه في (24 من جمادى الأولى 359هـ/ 4 من أبريل 970م)، وتم بناؤه مسجداً في (7 من رمضان 361هـ/ 22 من يونيو 971م).
جاء في (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي: 16/37): أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة الفاطمية، أتم إنشاءه القائد جوهر الصقلي سنة 361هـ. يقع في الجنوب الشرقي للقاهرة عاصمة مصر. عرف عند نشأته باسم جامع القاهرة، ثم أطلق عليه اسم الأزهر؛ تيمناً باسم السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي، صلى الله عليه وسلم. كان الجامع يتألَّف من صحن، تَحُفُّه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، والرواقان الآخران على الجانبين، ومسطح الجامع الأصلي كان يقترب من نصف مسطَّحه الحالي. كما أضيفت إليه أروقة ومدارس ومحاريب ومآذن؛ مما جعله أشبه بمعرض واسع للفن المعماري الإسلامي في مصر منذ بداية العصر الفاطمي حتى اليوم.
وممن اعتنوا بالجامع الأزهر من الحكام والأمراء: الحاكم بأمر الله؛ فزوده بقناديل من فضة، وباب محفوظ الآن في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. والآمر بأحكام الله؛ إذ أنشأ مقصورة عرفت باسم مقصورة فاطمة، ومحراباً محفوظاً في المتحف الإسلامي أيضاً، وأضاف الحافظ لدين الله رواقاً يحيط به من جوانبه الأربعة وقبة. ولما كان الأزهر جامعاً فاطميّاً يعمل على نشر المذهب الشيعي فقد أغلقه صلاح الدين الأيوبي، ولم يفتح إلا في العصر المملوكي، فاهتم به الأمير عز الدين أيدمر.
عناية لافتة
لقي الأزهر عناية فائقة من سلاطين المماليك منذ عهد الظاهر بيبرس، وتوالت عليه عمليات التجديد، وإلحاق المدارس به، وظل الجامع الأزهر في العهد العثماني موضع عناية الخلفاء وولاتهم في مصر، فجُدّد في بنائه، ووسعت مساحته، وأضيفت إليه مبان جديدة، وشهد إقبالاً على الالتحاق به، فازدحم بالعلماء والدارسين، وبحلقات العلم التي لم تقتصر على العلوم الشرعية واللغوية، بل شملت أيضاً علم الفلك والرياضيات من حساب وجبر وهندسة.
وفي العصر الحديث اعتنى الخديوي عباس حلمي الثاني بالجامع الأزهر؛ فجدد منشآته، وأضاف الرواق العباسي الذي نسب إليه، وهو أحدث الأروقة وأكبرها، وافتتح في عهد الشيخ حسونة النواوي سنة (1897م). وفي سنة (1970م) تم استبدال أرضية رخام بأرضية الصحن الحجرية. وبعد زلزال سنة 1992 م بدأت هيئة الآثار المصرية في إجراء ترميمات وإصلاحات لجدران الجامع الأزهر ومدارسه.
نظام التعليم بالأزهر
كان الطالب يلتحق بالأزهر بعد أن يتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ويحفظ القرآن الكريم، دون التزام بسن معينة للطالب، ثم يتردد الطالب على حلقات العلماء ويختار منها من يريد من العلماء القائمين على التدريس، وكانوا يدرسون العلوم الشرعية من فقه وحديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام.
الأزهر جامعة
صدر القانون 103 في الخامس من يوليو 1961م الذي أصبح الأزهر بمقتضاه جامعة كبرى تضم، إلى جانب كلياته السابقة، كلية المعاملات والإدارة والهندسة والطب والزراعة، وكلية البنات.
كان الأزهر ولا يزال قامة مصرية حُق لها أن تكون فخراً لأهلها، فهو المسجد والمركز العلمي والبحثي والجامعة العريقة، وعلى الرغم مما مر من أزمات ومحن على الأمة الإسلامية يبقى الأزهر نجماً لامعاً في سماء الثقافة والمعرفة، أضاء للسابقين طريقهم بالعلم، ويضيء لللاحقين سبل الهدى، آخذاً بالوسطية مبدأ له، وبسماحة الإسلام منهجاً لنشر الدين الحق.
شيخ الأزهر
لم يعرف الأزهر منصب شيخ الأزهر إلا في العهد العثماني، إذ لم يجر النظام على تعيين شيخ له، تعييناً رسمياً، وكان المعروف أن للأزهر ناظراً يتولى شؤونه المالية والإدارية ولا علاقة له بالنواحي العلمية. وأول من تقلد المشيخة في تاريخ الأزهر هو الشيخ محمد بن عبدالله الخرشي المالكي، المتوفى سنة 1690م، ثم توالى شيوخ الجامع الأزهر حتى يومنا هذا.
**********************************************************************
الأزهر صرح من صروح العلم ومعلم عريق من معالم مصر قديماً وحديثاً، كان له دور بارز على مدى قرون مضت في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد أفرز عدداً هائلاً من الأعلام الذين وضعوا بصماتهم في شتى ميادين العلم والثقافة. وهو أول عمل معماري أقامه الفاطميون في مصر، وأول مسجد أنشئ في مدينة القاهرة التي أسسها جوهر الصقلي لتكون عاصمة للدولة الفاطمية، وقد بدأ في إنشائه في (24 من جمادى الأولى 359هـ/ 4 من أبريل 970م)، وتم بناؤه مسجداً في (7 من رمضان 361هـ/ 22 من يونيو 971م).
جاء في (الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي: 16/37): أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة الفاطمية، أتم إنشاءه القائد جوهر الصقلي سنة 361هـ. يقع في الجنوب الشرقي للقاهرة عاصمة مصر. عرف عند نشأته باسم جامع القاهرة، ثم أطلق عليه اسم الأزهر؛ تيمناً باسم السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي، صلى الله عليه وسلم. كان الجامع يتألَّف من صحن، تَحُفُّه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، والرواقان الآخران على الجانبين، ومسطح الجامع الأصلي كان يقترب من نصف مسطَّحه الحالي. كما أضيفت إليه أروقة ومدارس ومحاريب ومآذن؛ مما جعله أشبه بمعرض واسع للفن المعماري الإسلامي في مصر منذ بداية العصر الفاطمي حتى اليوم.
وممن اعتنوا بالجامع الأزهر من الحكام والأمراء: الحاكم بأمر الله؛ فزوده بقناديل من فضة، وباب محفوظ الآن في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. والآمر بأحكام الله؛ إذ أنشأ مقصورة عرفت باسم مقصورة فاطمة، ومحراباً محفوظاً في المتحف الإسلامي أيضاً، وأضاف الحافظ لدين الله رواقاً يحيط به من جوانبه الأربعة وقبة. ولما كان الأزهر جامعاً فاطميّاً يعمل على نشر المذهب الشيعي فقد أغلقه صلاح الدين الأيوبي، ولم يفتح إلا في العصر المملوكي، فاهتم به الأمير عز الدين أيدمر.
عناية لافتة
لقي الأزهر عناية فائقة من سلاطين المماليك منذ عهد الظاهر بيبرس، وتوالت عليه عمليات التجديد، وإلحاق المدارس به، وظل الجامع الأزهر في العهد العثماني موضع عناية الخلفاء وولاتهم في مصر، فجُدّد في بنائه، ووسعت مساحته، وأضيفت إليه مبان جديدة، وشهد إقبالاً على الالتحاق به، فازدحم بالعلماء والدارسين، وبحلقات العلم التي لم تقتصر على العلوم الشرعية واللغوية، بل شملت أيضاً علم الفلك والرياضيات من حساب وجبر وهندسة.
وفي العصر الحديث اعتنى الخديوي عباس حلمي الثاني بالجامع الأزهر؛ فجدد منشآته، وأضاف الرواق العباسي الذي نسب إليه، وهو أحدث الأروقة وأكبرها، وافتتح في عهد الشيخ حسونة النواوي سنة (1897م). وفي سنة (1970م) تم استبدال أرضية رخام بأرضية الصحن الحجرية. وبعد زلزال سنة 1992 م بدأت هيئة الآثار المصرية في إجراء ترميمات وإصلاحات لجدران الجامع الأزهر ومدارسه.
نظام التعليم بالأزهر
كان الطالب يلتحق بالأزهر بعد أن يتعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ويحفظ القرآن الكريم، دون التزام بسن معينة للطالب، ثم يتردد الطالب على حلقات العلماء ويختار منها من يريد من العلماء القائمين على التدريس، وكانوا يدرسون العلوم الشرعية من فقه وحديث وآداب وتوحيد ومنطق وعلم الكلام.
الأزهر جامعة
صدر القانون 103 في الخامس من يوليو 1961م الذي أصبح الأزهر بمقتضاه جامعة كبرى تضم، إلى جانب كلياته السابقة، كلية المعاملات والإدارة والهندسة والطب والزراعة، وكلية البنات.
كان الأزهر ولا يزال قامة مصرية حُق لها أن تكون فخراً لأهلها، فهو المسجد والمركز العلمي والبحثي والجامعة العريقة، وعلى الرغم مما مر من أزمات ومحن على الأمة الإسلامية يبقى الأزهر نجماً لامعاً في سماء الثقافة والمعرفة، أضاء للسابقين طريقهم بالعلم، ويضيء لللاحقين سبل الهدى، آخذاً بالوسطية مبدأ له، وبسماحة الإسلام منهجاً لنشر الدين الحق.
شيخ الأزهر
لم يعرف الأزهر منصب شيخ الأزهر إلا في العهد العثماني، إذ لم يجر النظام على تعيين شيخ له، تعييناً رسمياً، وكان المعروف أن للأزهر ناظراً يتولى شؤونه المالية والإدارية ولا علاقة له بالنواحي العلمية. وأول من تقلد المشيخة في تاريخ الأزهر هو الشيخ محمد بن عبدالله الخرشي المالكي، المتوفى سنة 1690م، ثم توالى شيوخ الجامع الأزهر حتى يومنا هذا.
**********************************************************************
شكر الصابرين
يا من على العرش استوى، يا من خلق فسوى وقدر فهدى، يا من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، يا من أضحك وأبكى وأمات وأحيا، يا من أسعد وأشقى وأوجد وأبلى، يا من رفع وخفض وأعز وأذل، يا من أعطى ومنع ورفع ووضع، يا من شق البحار وأجرى الأنهار، يا من كور النهار على الليل والليل على النهار، يا من هدى من ضلالة، وأنقذ من جهالة، يا من أنار الأبصار وأحيا الضمائر والأفكار.
إنا نسألك علم الخائفين منك، وخوف العالمين بك. وإنا نسألك يقين المتوكلين عليك، وتوكل الموقنين بك. وإنا نسألك إنابة المخبتين إليك، وإخبات المنيبين إليك. وإنا نسألك شكر الصابرين لك، وصبر الشاكرين لك. وإنا نسألك لحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك.
اللهم إني أعوذ بك من عقوق الأبناء، ومن قطيعة الأقرباء، ومن جفوة الأحياء، ومن تغير الأصدقاء.
اللَّهُمَّ يا من تسبح له السماوات بنجومها وأبراجها والأرض بسهولها وفجاجها والبحار بأحيائها وأمواجها والجبال بقممها وأوتادها والأشجار بفروعها وثمارها والسباع في فلواتها والطير في وكناتها، يا من تسبح له الذرات على صغرها والمجرات على كبرها، يا من تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، يا من خلق الأرض والسماوات العلى، يا رحمن على العرش استوى، يا من له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، يا من يعلم السر وأخفى، يامن له الأسماء الحسنى، يا من هو مع عباده يسمع ويرى، أنت المبتدئ بالإحسان من قبل توجه العابدين، وأنت المبتدئ بالعطايا من قبل طلب الطالبين.
اللَّهُمَّ لا يهزمك جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
**********************************************************************
يا من على العرش استوى، يا من خلق فسوى وقدر فهدى، يا من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، يا من أضحك وأبكى وأمات وأحيا، يا من أسعد وأشقى وأوجد وأبلى، يا من رفع وخفض وأعز وأذل، يا من أعطى ومنع ورفع ووضع، يا من شق البحار وأجرى الأنهار، يا من كور النهار على الليل والليل على النهار، يا من هدى من ضلالة، وأنقذ من جهالة، يا من أنار الأبصار وأحيا الضمائر والأفكار.
إنا نسألك علم الخائفين منك، وخوف العالمين بك. وإنا نسألك يقين المتوكلين عليك، وتوكل الموقنين بك. وإنا نسألك إنابة المخبتين إليك، وإخبات المنيبين إليك. وإنا نسألك شكر الصابرين لك، وصبر الشاكرين لك. وإنا نسألك لحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك.
اللهم إني أعوذ بك من عقوق الأبناء، ومن قطيعة الأقرباء، ومن جفوة الأحياء، ومن تغير الأصدقاء.
اللَّهُمَّ يا من تسبح له السماوات بنجومها وأبراجها والأرض بسهولها وفجاجها والبحار بأحيائها وأمواجها والجبال بقممها وأوتادها والأشجار بفروعها وثمارها والسباع في فلواتها والطير في وكناتها، يا من تسبح له الذرات على صغرها والمجرات على كبرها، يا من تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، يا من خلق الأرض والسماوات العلى، يا رحمن على العرش استوى، يا من له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، يا من يعلم السر وأخفى، يامن له الأسماء الحسنى، يا من هو مع عباده يسمع ويرى، أنت المبتدئ بالإحسان من قبل توجه العابدين، وأنت المبتدئ بالعطايا من قبل طلب الطالبين.
اللَّهُمَّ لا يهزمك جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
**********************************************************************
مفطرات الصيام التي يكثر السؤال عنها:
التحاميل ( لاتفطر) ابن عثيمين
قطرة العين ( لاتفطر) ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين.
الكحل ( لايفطر)ابن تيمية وابن باز و ابن عثيمين.
قطرة الأذن ( لاتفطر)ابن تيمية وابن باز و ابن عثيمين.
قطرة الأنف ( اذا وصلت الى المعدة فإنها تفطر) ابن عثيمين .
ابن باز: قطرة الأنف لاتجوز للصائم ومن وجد طعمها في حلقه فعليه القضاء.
بخاخ الربو ( لايفطر) ابن باز ابن عثيمين واللجنة الدائمة.
بخاخ الأكسجين( لايفطر) سعد الخثلان.
الإبر المغذية( تفطر) ، والإبر العضلية او الوريدية أو الجلدية ( لاتفطر) ابن عثيمين وابن باز.
إبر البنسلين ( لاتفطر) ابن عثيمين
إبر الأونسولين لمرضى السكر ( لاتفطر) اللجنة الدائمة.
إبرة تخدير الأسنان وعمل حشوه وتنظيفها
( لايفطر) ابن باز.
استنشاق البخور عمداً مع العلم( يفطر) ، أما مجرد شم البخور ( فلايفطر) ابن عثيمين.
استعمال العطور واستنشاقها( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
مرطب الشفتين( لايفطر) بشرط عدم ابتلاع شيء منه، ابن عثيمين
المكياج ( لايفطر) ابن باز وابن عثيمين
القيء عمداً ( يفطر) ، وبغير عمد( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
رعاف الأنف وقلع الضرس مع خروج دم ( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
تحليل الدم( لايفطر) ابن باز وابن عثيمين.
الإحتلام( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
السباحة والغوص( لايفطر) ابن عثيمين
دواء الغرغرة( لايفطر) بشرط عدم ابتلاع شيء، ابن عثيمين
السواك( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
قلت: المقصود السواك العادي وليس ذو النكهات
معجون الأسنان ( لايفطر) اذا لم ينزل الى المعدة، والأولى عدم استعماله؛ لان له نفوذ قوي. ابن عثيمين وابن باز.
بلع النخامة( لايفطر) ابن عثيمين
تذوق الطعام( لايفطر) ولكن لاتبتلعه ،ولاتفعله الا لحاجه. ابن عثيمين
الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية( لاتفطر) خالد المشيقح.
لصقات النيكوتين( تفطر) اللجنة الدائمة
من تنبيهات شهر رمضان
سئل بن باز : هل يثاب النظر في المصحف دون تحريك الشفتين ؟
جوابه : لايعتبر قارئا ! ولايحصل له فضل القراءة الا اذا تلفظ بالقرآن
**********************************************************************
التحاميل ( لاتفطر) ابن عثيمين
قطرة العين ( لاتفطر) ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين.
الكحل ( لايفطر)ابن تيمية وابن باز و ابن عثيمين.
قطرة الأذن ( لاتفطر)ابن تيمية وابن باز و ابن عثيمين.
قطرة الأنف ( اذا وصلت الى المعدة فإنها تفطر) ابن عثيمين .
ابن باز: قطرة الأنف لاتجوز للصائم ومن وجد طعمها في حلقه فعليه القضاء.
بخاخ الربو ( لايفطر) ابن باز ابن عثيمين واللجنة الدائمة.
بخاخ الأكسجين( لايفطر) سعد الخثلان.
الإبر المغذية( تفطر) ، والإبر العضلية او الوريدية أو الجلدية ( لاتفطر) ابن عثيمين وابن باز.
إبر البنسلين ( لاتفطر) ابن عثيمين
إبر الأونسولين لمرضى السكر ( لاتفطر) اللجنة الدائمة.
إبرة تخدير الأسنان وعمل حشوه وتنظيفها
( لايفطر) ابن باز.
استنشاق البخور عمداً مع العلم( يفطر) ، أما مجرد شم البخور ( فلايفطر) ابن عثيمين.
استعمال العطور واستنشاقها( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
مرطب الشفتين( لايفطر) بشرط عدم ابتلاع شيء منه، ابن عثيمين
المكياج ( لايفطر) ابن باز وابن عثيمين
القيء عمداً ( يفطر) ، وبغير عمد( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
رعاف الأنف وقلع الضرس مع خروج دم ( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
تحليل الدم( لايفطر) ابن باز وابن عثيمين.
الإحتلام( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
السباحة والغوص( لايفطر) ابن عثيمين
دواء الغرغرة( لايفطر) بشرط عدم ابتلاع شيء، ابن عثيمين
السواك( لايفطر) ابن عثيمين وابن باز.
قلت: المقصود السواك العادي وليس ذو النكهات
معجون الأسنان ( لايفطر) اذا لم ينزل الى المعدة، والأولى عدم استعماله؛ لان له نفوذ قوي. ابن عثيمين وابن باز.
بلع النخامة( لايفطر) ابن عثيمين
تذوق الطعام( لايفطر) ولكن لاتبتلعه ،ولاتفعله الا لحاجه. ابن عثيمين
الأقراص التي توضع تحت اللسان لعلاج الأزمات القلبية( لاتفطر) خالد المشيقح.
لصقات النيكوتين( تفطر) اللجنة الدائمة
من تنبيهات شهر رمضان
سئل بن باز : هل يثاب النظر في المصحف دون تحريك الشفتين ؟
جوابه : لايعتبر قارئا ! ولايحصل له فضل القراءة الا اذا تلفظ بالقرآن
**********************************************************************
الجزء الـسابع في القرآن الكريم
الكعبة مركز الأرض الجغرافي
يبدأ هذا الجزء من القرآن الكريم، منْ الآية [82] من سورة الـمـائدة، وحتى الآيـة [110] من سورة الأنعـام، ومـمّـا ورد فيـه:
الخمْـرُ والميْسِـرُ والأنْصـابُ والأزْلامُ:
(إنّمـا الـخـمْـرُ والـمـيْـسِـرُ والأنْصـابُ والأزْلامُ رِجْـسٌ مِـنْ عـمـلِ الـشـيْطـانِ فاجْـتنِبُوهُ) [المائدة 90]، الـخـمْـرُ هو: كُلُّ أنْواعِ المُسْكِراتِ مهْما كانتْ أسْماؤُها وأنْواعُها، الـمـيْـسِـرُ هو: كُلُّ أنْواعِ القِمارِ والمُراهـنات، الأنْصـابُ هي: هي كُلُّ الأشْكالِ والهياكِلِ التي تُعْبـدُ حصْراً، وتُقدّمُ لِهـا القرابينُ: (ومـا ذُبِح عـلـى الـنُصُـبِ) [المائدة 3]، حتّى إنّ ما يُذْبحُ على النُصُبِ غيْرُ قابِلٍ للتزْكِيةِ، لأنّهُ قدْ أُهِلّ بِهِ لِغيْرِ الله: (أُهِـلّ لِـغـيْرِ اللّـهِ بِهِ) [المائدة 3]، (فِسْـقـاً أُهِـلّ لِـغـيْرِ اللّـهِ بِهِ) [الأنعـام 145]، الأزْلامُ هي: كُلُّ وسائِلِ ضرْبِ الحـظِّ، الرِجْـسُ: هُـو اخْتِـلاطُ الأُمُـورِ، وضـياعُ الصحيحِ مِنْها: (إنّمـا يُريدُ اللـّهُ لِـيُذْهِـب عـنْكُـمُ الـرِجْـس أهْـل الـبيْتِ ويُطـهِّـركُـمْ تطْـهِـيراً) [الأحزاب 33]، (فاجْـتنِبوا الـرِجْـس مِـن الأوْثانِ) [الحج 30]، (فأعْـرِضُـوا عـنْهُـمْ إنّهُـمْ رِجْـسٌ) [التوبة 95]، (كـذلِـك يجْـعـلُ اللّـهُ الـرِجْـس عـلـى الـذين لا يُؤْمِـنُون) [الأنعام 125]، (وأمّـا الـذين فـي قُـلُـوبِهِـمْ مـرضٌ فزادتْهُـمْ رِجْـسـاً إلـى رِجْـسِـهِـمْ) [التوبة 125].
أمّا الرِجْـزُ: الكسلُ والعـذابُ والمُعاناةُ: (لـهُـمْ عـذابٌ مِـنْ رِجْـزٍ ألـيمٍ) [سبأ 5] [الجاثية 11]، (ولـمّـا وقـع عـلـيْهِـمُ الـرِجْـزُ) [الأعراف 134]، (فـأنْزلْـنا عـلـى الـذين ظـلـمُـوا رِجْـزاً مِـن الـسـمـاءِ) [البقرة 59]، (ويُذْهِـب عـنْـكُـمْ رِجْـز الـشـيْطـانِ) [الأنفال 11]، فالشـيْطانُ إذاً: لديْهِ الرِجْسُ والرِجْـز ُمعاً، والله بِكرمِهِ يُريدُ أنْ يُذْهِبهُما معاً عن الناسِ.
(جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام) [المائدة 97]:
تُعْتبرُ الكعبـةُ مرْكزاً لِلحـقِّ في الأرضِ: (جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام قِيامـاً لِلـناسِ) [المائدة 97]، والاتجاهُ نحْو الكعْبـةِ في الصلواتِ مِنْ كلِّ بِقاعِ الأرضِ، يجْعلُ الكعْبة في المركـزِ، والمصلون مِنْ كُلِّ بِقاعِ الأرْضِ يُشكِّلونُ حلقاتٍ دائِريّةٍ حوْلها: (ومِـنْ حـيْـثُ خـرجْـت فـولِّ وجْـهـك شـطْـر الـمـسْـجِـدِ الحـرامِ وحـيْثُ مـا كُـنْتُمْ فولّـوا وُجـوهـكُـم شـطْـرهُ) [البقرة 150]، مِـنْ حـيْـثُ خـرجْـت: في الصـلاةِ وغيْرِ الصـلاةِ لِلتزوُّدِ بالطاقةِ الصادِرةِ عنْهُ.
لِذلِك كانتِ الكعبـةُ مرْكز الحـقِّ في الأرْضِ، وبِما أنّها تتوسّـطُ اليابِسـة فيُمْكِنُ اعتِبارُها مركز الأرضِ الجغرافيّ، وقدْ ذُكِرتْ مكّةُ في القرآنِ الكريمِ باسمها الصريح بِقوْلِهِ تعالى: (وهـو الـذي كــفّ أيدِيهُـمْ عـنْكُمْ وأيْدِيكُـمْ عـنْهُـمْ بِبطْـنِ مـكّـة) [الفتح 24] .
ومكّةُ: اسـمٌ يخُصّ الحرم المكيّ، ويمتدُّ نحو [13 كم] حوْل المسجدِ الحرامِ.
وإذا تأملْنا قوْلهُ تعالى: (جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام قِيامـاً لِلـناسِ) [المائدة 97]، لبـدا لنـا أنّ الكعْبـة هي أسـاسُ المنـافِعِ بالنسبةِ للناسِ عامّـةً، وللمسلمين خاصّـةً وللحُجّاجِ منْهمْ بوجْهٍ أخصُّ: (لِـيشـهـدوا مـنافِـع لـهُـمْ) [الحج 28]، وأهمُّ هذهِ المنافِعِ هي الحنيـنُ للموْطِنِ الأصْليِّ، فلدى جميعِ الكائناتِ الحيّةِ ومِنْها الإنسانُ حنينٌ عجيبٌ لِموْطِنها الأصْليِّ، فالسلاحِفُ وسـمكُ السلمونِ والطيورُ المهـاجرةُ مثلاً، كُلُّها تعودُ لِموطِنِها الأصليِّ بعْد طُـولِ هجْرةٍ، فالناسُ في الحـجِّ والعُمْرةِ يذْهبون إلى حيْثُ يشُدُّهُمُ الحنـينُ إلى الموْطِنِ الأوّلِ للإنسانيّةِ إلى مكّـة: (أُمّ الـقُرى) [الأنعام 92] [الشورى 7]، فمِنْ موْقِعِ مكّة انتشرتِ الإنسانيةُ في الأرضِ، وإلى هذا الموقِعِ تعودُ بالحـجِّ يشُدُّها الحنينُ إلى نُقْطةِ البدْءِ هذهِ: (وإذْ جـعـلْـنا الـبيْت مـثابةً لِلّـناسِ وأمْـناً) [البقرة 125]، مـثابةً لِلّـناسِ: مرْجِعـاً يرجعـون إليْـه.
لِذا يكْفي إعْلانُ الحـجِّ فقطْ حتّى يتوافد الناسُ غيْر عابِئـين بالمشقّةِ ومخاطِرِ السفرِ وبُعْدِ المسافةِ: (وأذِّنْ فـي الـناسِ بالـحـجِّ يأْتُوك رِجـالاً وعـلـى كُـلِّ ضـامِـرٍ يأْتِيْن مِـنْ كُـلِّ فجٍّ عـمـِيقٍ) [الحج 27]، رِجـالاً: مُشـاةً على أرْجُلِهِمْ مُتحمِّلين مشـاقّ السـيرِ، وعـلـى كُـلِّ ضـامِـرٍ: رُكوباً على الحيواناتِ الضامِـرةِ مِنْ طولِ السفرِ، يأْتِيْن مِـنْ كُـلِّ فجٍّ عـمـِيقٍ: دليل بُـعْدِ المسـافةِ مِنْ جهةٍ، وعُمْقِها مِنْ جِهـةٍ أخْرى، فكلِمةُ [عميق] دليلُ كرويّـةِ الأرْضِ.
والكـعْبةُ هي رمْـزُ وحْـدةِ المسلمين، فمن دونِهـا لا يقومُ لـهُمْ ذِكْرٌ ولا شـأْنٌ ولا حيـاةٌ، ولنْ تنْمـو لهمْ قـوّةٌ إذا لمْ يُعْطـوا هذا البيْت العـتيق قيمتهُ الحقيقيّةُ، وإعطاء شعـائِرِهِ أبْعادهـا الإنسانيـّة العامّـة: (ومـنْ يُـعـظِّـمْ شـعـائِـر اللّـهِ فـإنّـها مِـنْ تـقْـوى الـقُـلوبِ) [الحج 32]، فكُلُّ إنْسانٍ مُسْلِمٍ في العـالمِ، يسْتطيعُ عِبادة اللهِ الواحِدِ والصلاةِ لـهُ دون الخوْفِ مِنْ أحدٍ، ويتوجّهُ إليْها ويقْصدُهـا المؤمِنون مِنْ كُلِّ بِلادِ العالمِ، لِيجِدوا فيها الأمْن والسلام المفْقوديْنِ بيْن شُعوبِ الأرْضِ: (أولـمْ يـروْا أنّا جـعـلْـنا حـرمـاً آمِــناً ويُـتـخــطّـفُ الـناسُ مِـنْ حـوْلِـهـمْ) [العنكبوت 67]، (أولـمْ نُـمـكِّـنْ لـهُـمْ حـرمـاً آمِـنـاً يُجْـبى إلـيْهِ ثمـراتُ كُـلِّ شـيْءٍ رِزْقـاً مِـنْ لـدُنّـا) [القصص 57]، (ومـنْ دخـلـهُ كـان آمِـناً) [آل عمران 97]، ولِهذا أصْبحتْ مكّةُ مرْكزاً لِلثقافاتِ العالميّةِ المتنوِعةِ، حيْثُ يحجُّ إليْها المسلِمون مِنْ كلِّ بِلادِ العالمِ على اختِلافِ أجْناسِهِمْ فهي أهـمُّ مرْكزٍ دِينيٍّ عالميٍّ.
بناء الكعبة
كانتِ الكعْبةُ قائِمةً قبْل إبراهيم عليهِ السلام، لكِنّها كانتْ مُنْدثِرةً، فأمر اللهُ نبِيّـهُ إبراهيم بإعادةِ بِنائِهـا في مكانِها السابِقِ: (وإذْ بـوّأْنـا لإبـراهـيـم مـكــان الـبيْـتِ) [الحج 26]، وذلِك: (بِـوادٍ غـيْـرِ ذي زرْعٍ) [إبراهيم 37]، على مُفْترقِ طرُقِ القوافِلِ، فبنى بِمُساعدةِ ابْنِـهِ إسْماعيل عليهما السلام قواعِدهـا فقطْ: (وإذْ يـرْفعُ إبراهـيمُ الـقـواعِـد مِـن الـبيتِ وإسْـمـاعِـيل) [البقرة 127]، وكانتْ من دونِ سقْفٍ، وارتِفاعُها نحو مترين حتّـى سقفها [قُصيُّ بن كِلاب] في القرن الثاني قبْل الهجرة، ورفع بابها نحو مترين، وأخْرج مِنْها حِجْر إسْماعيل [الحطيمُ]، وقدْ أعادتْ قُريْـشُ بِناءها بعْد أنْ تصدّعتْ جدْرانُها، بِسببِ سـيْلٍ جارفِ أصابها مِنْ بعْـدِ حريقٍ، حيثُ شـارك الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليهِ وسلّم ببنائِها، ووضع الحجر الأسـود مكانهُ، وكان عمرُهُ الشريفُ وقْت ذاك 35 عاماً، وكان آخِرُ بِناءٍ للكعْبةِ والذي يطُوفُ حوْلهُ المُسْلِمُون الآن قدْ تـمّ في عام 1040 هجريّةِ المُوافِقُ عام 1630 ميلاديّةٍ، وأكْبرُ توْسِعةٍ للحرميْنِ كانتْ في عهْدِ خادِمِ الحرميْنِ الشريفيْنِ: [الملِكُ عبدالله بن عبدالعزيزِ آل سُـعُود] رحمه اللهِ، والتي لاتزال أعمالها جارية حتى الآن.
مواصفات الكعبة
الكـعْبةُ لُغـةً: هي الغُرْفـةُ المربّـعةُ، فهي بِنـاءٌ مُكـعّبُ الشـكْلِ، ارتِفاعُهـا 16 متـراً، وطـولُ ضِلْعِهـا الذي يحـوي البـاب = 12 متـراً، وطولُ ضِلْعِها الذي يّحوي [الميزابِ وهو مزرابُ السطحِ] = 10 أمتار و10 سم، يرْتفِـعُ بابـُها مترينِ عن الأرضِ ويتّجِهُ للشِمالِ الشرْقيِّ، وتُسمّى زواياهـا «الأرْكان»، والركْنُ الذي على يسارِ البابِ يحْتوي الحجـر الأسْـود على ارتفاعِ مترٍ ونِصْفه، وهي بِنـاءٌ مِن الحجرِ الرماديِّ، والزاويةُ الشماليّةُ تُسمّى العراقيّـةُ، والغربية تُسمّى الشامية، والجنوبيّـةُ تُسمّى اليمنيّـةُ، ويقعُ الحطيمُ في جِهتِها الغربيّةِ.
الأساطير تُعْنى بالخُرافاتِ واللاّمعْقُول وحكايا الآلِهـةِ المُتعدِّدة
(مـا جـعـل اللّـهُ مِـنْ بحِـيرةٍ ولا سـائِبةٍ ولا وصِـيْلـةٍ ولا حـامٍ) [المائدة 103]:
البحيِـرةُ: إذا ولدتِ الـدابّةُ خمْسـة أبْطُنٍ، وكان الولدُ الخامِسُ ذكـراً، ذُبِح وأكلهُ الرِجالُ والنِساءُ، أمّـا إذا كان الولدُ الخامِسُ أُنْثى، بحروا - شقُّوا - أُذُنها ويحْرُمُ أكْلُها على النِساءِ، السـائِبةُ: يُنْذرُ الحيوانُ للرجُلِ إذا شُـفِي مِن المرضِ أوْ أوْصلهُ لِهدفِهِ فإنّ الحيوان يُتْركُ سـائِباً لا يُرْكبُ ولا يُذْبحُ ولا يُمْنعُ مِن الرعْي حيْثُ يشـاءُ، الوصِـيلةُ: إذا ولدتِ الدابّةُ سـبْعةُ أبْطُنٍ، وكان السابِعُ ذكراً ذبحُوهُ، وإنْ كانتْ أُنْثى تُرِكتْ، وإنْ كان البطْنُ السابِعُ توْأمـاً [ذكراً وأُنْثى]، قالُوا: وصلتْ أخاها، فلمْ تُذْبحْ، الحـامُ: الفحْـلُ الذكرُ، إذا نتـج مِنْ صُـلْبِهِ عشـر وِلاداتٍ، قالُوا: حمى ظهْـرهُ، فلا يُذْبحُ ولا يُرْكبُ ويُتْركُ حُـرّاً.
أسـاطـير الأوّلـين:
(يقُولُ الـذين كـفروا إنْ هـذا إلاّ أسـاطِـيرُ الأوّلـين) [الأنعام 25]:
وقدْ أهْملتِ العُلُومُ الشرْعيّةُ دِراسة الأُسْطُورةِ، لأنّ الأساطير تُعْنى بالخُرافاتِ واللاّمعْقُول وحكايا الآلِهـةِ المُتعدِّدةِ، فاعْتبرها عُلماءُ الشريعةِ أباطِيْـل، وقدْ سـاعد هذا لإهْمال، البُعْـدُ الزمنيُّ مـا بيْن التُراثِ القديمِ وبيْن اليوْمِ، حيْثُ لمْ يعُدْ للتُراثِ القديمِ أيّ تأثيرٍ يُذْكرُ في حياةِ الناسِ هذِهِ الأيّام، والسُؤالُ الذي يطْرحُ نفْسهُ بِقُوّةٍ: هلْ يجُوزُ إهْمالُ دِراسةِ التُراثِ المِصْريِّ العريق جِدّاً، مِنْ أجْلِ فِرْعوْنٍ طغى: (اِذْهـبْ إلـى فِرْعـوْن إنّهُ طـغـى) [طه 24] وغرِق مع جيْشِهِ في البحْرِ، وانْتهى الأمْرُ، أمْ إنّ دِراسـة التاريخِ القديمِ دُون أساطيرِهِ، هي دِراسةٌ مبْتُورةٌ ناقِصةٌ.
وتخْتلِفُ الأسْطورةُ عنِ التعاليمِ الدينيّةِ، بِأنّ الأسـاطير لا تهْتمُّ بِإرْشـادِ البشرِ، مِثْلمـا التعاليمُ الدينيّةُ، والناسُ يخْتبرون الحياة على جانبيْنِ: العِـلْمُ والأُسْطورةُ، وبِمـا أنّ العِلْـم يزْدادُ سـيْطرةً، فإنّ الـوعْي الأُسْـطوريّ اللاّعقْـلانيّ يتراجعُ، لأنّ الوعْي الأُسْـطوريّ لا يظهرُ إلاّ عِنْدمـا ينْهارُ المجْتمعُ العقْلانيُّ العِلْميُّ.
وقدْ كان سرْدُ الأسـاطيرِ ضرورةً حيويّـةً لِلناسِ في الماضي، لِشحْـذِ المواهِبِ الروحيّـةِ التي جعلـتْ الإنسان يبْتكـرُ أساطيرهُ لِفهْمِ الكثيرِ مِن المعـاني مِثْل: معْنى الوِلادةِ والموْتِ وما بعْد الموتِ، ومعنى القضـاءُ والقدرُ والوجُودُ، والخِصْبُ والبُطُولةُ وقيامـةُ الأمْواتِ والخلودُ، فلِكلِّ سُـؤالٍ أُسْـطورةٌ تُجيبُ عليـهِ، كما أنّ لِكُلِّ مـزاجٍ أُسْطورةٌ تُلائمُـهُ، فبعيداً عنِ السُـلوكيّاتِ الدينيّةِ وجد الإنْسانُ سُلوكيّاتٍ لا معْقولة ٍ ولا مُبرّرة إلاّ عنْ طريقِ الأسـاطيرِ، فأبْطالُ الأسـاطيرِ عِنْدهُ كانوا يقومُون بأعْمالٍ خارِقةٍ ويُحقِّقُون كافّة الرغباتِ والأمـانيِّ، ويهْزِمُون حتّى الآلِهـة، مِمّـا يُشِـيرُ إلى انْفِـلاتٍ لِمكْـبوتاتِ اللاّوعي الشـعْبيِّ. وقدْ أغْنى القُرْآنُ الكـريمُ العقْل البشـريّ بِمـواضيع تفوقُ مـدى التصـوُّرِ البشـريِّ الذي تحُـدّهُ قوانينُ الطبيعـةِ، مِثْل الناقةِ التي خرجتْ مِن الصخْرِ [ناقةُ النبي صـالح]، والبُراقُ الذي يسْـتحيلُ تصْـنيفهُ ضِمْن أيِّ فصِيلةٍ حيوانيّـةٍ مـعْروفةٍ، كُلُّ هذا كيْ يتْرُك للفِكْرِ البشـريِّ حُـرِيّة الانْطِلاقِ والتصوُّرِ لِمـا وراءِ الطبيعـةِ وقوانينِهـا، بعْد الإيمـانِ بِهذِهِ الأحْـداثِ، ونحْنُ كمُؤمِنِين نبْحـثُ عنِ العـوامِل الموْضُـوعيّةِ للحـدثِ الدينيِّ مثل [الإسْـراءِ والمِعْـراجِ]، ونتركُ اللاّموْضُوعيّ فيهِ لِجـانِبِ الإيْمـانِ، دُون أنْ نكُـون قدِ ارتكبْنـا خطـأً في حـقِّ العِـلْمِ والدينِ معـاً.
والأدْيـانُ قدْ جاءتْ ردّاً على الجهْلِ المعْـرِفيِّ [عصْر الجاهليّةِ]، والحديث الشريفُ: [اللهُمّ اهْـدِ قوْمي فإنّهُمْ لا يعْلمُـون]، فالأسـاطيرُ أوّل مـا نشـأتْ في المعـابِدِ، وكانتْ مُهِمّتها تقْـديم تفْسِـيرٍ للظـواهِرِ التي عجِز الإنْسـانُ عنِ الوُصُـولِ لإجاباتٍ صـادِقةٍ عنْهـا، فجـاءتِ الأُسْـطُورةُ لِتُفسِّـر الحاضِر وتُعْطي الأمـل في مُسْـتقْبلٍ أفْضـل، وقـدْ قسّـمتِ الأُسْـطُورةُ العمـل إلى يدويٍّ وذِهْنيٍّ، ولِهذا كانتِ الأسـاطيرُ جـزْءاً مِنْ بُنْيـةِ الأدْيانِ وطُقُوسِ العِبـادةِ، لكنّهـا لـمْ تتّخِذْ صِـفة الإلْـزامِ، مِمّـا جعلهـا عُرْضـةً دائِمـةً للتغْـييرِ، وكذا كان مع الأدْيانِ والرِسـالاتِ السـماويّةِ التي كان الناسُ يُحـرِّفونها بلْ ويبْتدِعُون كُتُـباً سـماويّةً مِنْ تأليفِهِـمْ: (فـويْـلٌ لِـلّـذين يـكْــتُبُـون الـكِـتاب بأيْـديهِـمْ ثُـمّ يقُـولُـون هـذا مِـنْ عِـنْـدِ اللّـهِ) [البقرة 79]، وبِسـببِ تداخُلِ الأسـاطيرِ مع الأدْيانِ فقدْ بدأتِ المُعْتقداتُ بِعِبـادةِ ظواهِرِ الطبيعـةِ: (وجـدْتُهـا وقـوْمـهـا يسْـجُـدون لِلـشـمْـسِ مِـنْ دُونِ الـلّـهِ) [النمل 24]، لذلك يقول تعالى: (لا تـسْـجُـدوا لِلـشـمْـسِ ولا لِلـقـمـرِ واسْـجُـدوا لِلّـه الذي خـلـقـهُـنّ) [فصلت 37]، ثُمّ انتقلت المعتقدات إلى عِبادةُ آلِهةٍ مُتعدِّدةٍ بدأتْ إنـاثاً أوّلاً: (أفـرأيْتُمُ الـلاّت والـعُـزّى ومـنات الـثـالِـثـة الأُخْـرى) [النجم 19]، ثُمّ ذُكُوراً: (فراغ إلـى آلِـهـتِهِـمْ فقـال ألا تأْكُـلُـون) [الصافات 93]، ثُمّ تحوّل الحُكّامُ إلى آلِهةٍ، ففِرْعوْنُ: (قـال مـا عـلِـمْـتُ لـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غـيْـري) [القصص 38].
كل هـذا واللـه أعلـم
الكعبة مركز الأرض الجغرافي
يبدأ هذا الجزء من القرآن الكريم، منْ الآية [82] من سورة الـمـائدة، وحتى الآيـة [110] من سورة الأنعـام، ومـمّـا ورد فيـه:
الخمْـرُ والميْسِـرُ والأنْصـابُ والأزْلامُ:
(إنّمـا الـخـمْـرُ والـمـيْـسِـرُ والأنْصـابُ والأزْلامُ رِجْـسٌ مِـنْ عـمـلِ الـشـيْطـانِ فاجْـتنِبُوهُ) [المائدة 90]، الـخـمْـرُ هو: كُلُّ أنْواعِ المُسْكِراتِ مهْما كانتْ أسْماؤُها وأنْواعُها، الـمـيْـسِـرُ هو: كُلُّ أنْواعِ القِمارِ والمُراهـنات، الأنْصـابُ هي: هي كُلُّ الأشْكالِ والهياكِلِ التي تُعْبـدُ حصْراً، وتُقدّمُ لِهـا القرابينُ: (ومـا ذُبِح عـلـى الـنُصُـبِ) [المائدة 3]، حتّى إنّ ما يُذْبحُ على النُصُبِ غيْرُ قابِلٍ للتزْكِيةِ، لأنّهُ قدْ أُهِلّ بِهِ لِغيْرِ الله: (أُهِـلّ لِـغـيْرِ اللّـهِ بِهِ) [المائدة 3]، (فِسْـقـاً أُهِـلّ لِـغـيْرِ اللّـهِ بِهِ) [الأنعـام 145]، الأزْلامُ هي: كُلُّ وسائِلِ ضرْبِ الحـظِّ، الرِجْـسُ: هُـو اخْتِـلاطُ الأُمُـورِ، وضـياعُ الصحيحِ مِنْها: (إنّمـا يُريدُ اللـّهُ لِـيُذْهِـب عـنْكُـمُ الـرِجْـس أهْـل الـبيْتِ ويُطـهِّـركُـمْ تطْـهِـيراً) [الأحزاب 33]، (فاجْـتنِبوا الـرِجْـس مِـن الأوْثانِ) [الحج 30]، (فأعْـرِضُـوا عـنْهُـمْ إنّهُـمْ رِجْـسٌ) [التوبة 95]، (كـذلِـك يجْـعـلُ اللّـهُ الـرِجْـس عـلـى الـذين لا يُؤْمِـنُون) [الأنعام 125]، (وأمّـا الـذين فـي قُـلُـوبِهِـمْ مـرضٌ فزادتْهُـمْ رِجْـسـاً إلـى رِجْـسِـهِـمْ) [التوبة 125].
أمّا الرِجْـزُ: الكسلُ والعـذابُ والمُعاناةُ: (لـهُـمْ عـذابٌ مِـنْ رِجْـزٍ ألـيمٍ) [سبأ 5] [الجاثية 11]، (ولـمّـا وقـع عـلـيْهِـمُ الـرِجْـزُ) [الأعراف 134]، (فـأنْزلْـنا عـلـى الـذين ظـلـمُـوا رِجْـزاً مِـن الـسـمـاءِ) [البقرة 59]، (ويُذْهِـب عـنْـكُـمْ رِجْـز الـشـيْطـانِ) [الأنفال 11]، فالشـيْطانُ إذاً: لديْهِ الرِجْسُ والرِجْـز ُمعاً، والله بِكرمِهِ يُريدُ أنْ يُذْهِبهُما معاً عن الناسِ.
(جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام) [المائدة 97]:
تُعْتبرُ الكعبـةُ مرْكزاً لِلحـقِّ في الأرضِ: (جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام قِيامـاً لِلـناسِ) [المائدة 97]، والاتجاهُ نحْو الكعْبـةِ في الصلواتِ مِنْ كلِّ بِقاعِ الأرضِ، يجْعلُ الكعْبة في المركـزِ، والمصلون مِنْ كُلِّ بِقاعِ الأرْضِ يُشكِّلونُ حلقاتٍ دائِريّةٍ حوْلها: (ومِـنْ حـيْـثُ خـرجْـت فـولِّ وجْـهـك شـطْـر الـمـسْـجِـدِ الحـرامِ وحـيْثُ مـا كُـنْتُمْ فولّـوا وُجـوهـكُـم شـطْـرهُ) [البقرة 150]، مِـنْ حـيْـثُ خـرجْـت: في الصـلاةِ وغيْرِ الصـلاةِ لِلتزوُّدِ بالطاقةِ الصادِرةِ عنْهُ.
لِذلِك كانتِ الكعبـةُ مرْكز الحـقِّ في الأرْضِ، وبِما أنّها تتوسّـطُ اليابِسـة فيُمْكِنُ اعتِبارُها مركز الأرضِ الجغرافيّ، وقدْ ذُكِرتْ مكّةُ في القرآنِ الكريمِ باسمها الصريح بِقوْلِهِ تعالى: (وهـو الـذي كــفّ أيدِيهُـمْ عـنْكُمْ وأيْدِيكُـمْ عـنْهُـمْ بِبطْـنِ مـكّـة) [الفتح 24] .
ومكّةُ: اسـمٌ يخُصّ الحرم المكيّ، ويمتدُّ نحو [13 كم] حوْل المسجدِ الحرامِ.
وإذا تأملْنا قوْلهُ تعالى: (جـعـل اللّـهُ الـكـعْـبة الـبيْت الـحـرام قِيامـاً لِلـناسِ) [المائدة 97]، لبـدا لنـا أنّ الكعْبـة هي أسـاسُ المنـافِعِ بالنسبةِ للناسِ عامّـةً، وللمسلمين خاصّـةً وللحُجّاجِ منْهمْ بوجْهٍ أخصُّ: (لِـيشـهـدوا مـنافِـع لـهُـمْ) [الحج 28]، وأهمُّ هذهِ المنافِعِ هي الحنيـنُ للموْطِنِ الأصْليِّ، فلدى جميعِ الكائناتِ الحيّةِ ومِنْها الإنسانُ حنينٌ عجيبٌ لِموْطِنها الأصْليِّ، فالسلاحِفُ وسـمكُ السلمونِ والطيورُ المهـاجرةُ مثلاً، كُلُّها تعودُ لِموطِنِها الأصليِّ بعْد طُـولِ هجْرةٍ، فالناسُ في الحـجِّ والعُمْرةِ يذْهبون إلى حيْثُ يشُدُّهُمُ الحنـينُ إلى الموْطِنِ الأوّلِ للإنسانيّةِ إلى مكّـة: (أُمّ الـقُرى) [الأنعام 92] [الشورى 7]، فمِنْ موْقِعِ مكّة انتشرتِ الإنسانيةُ في الأرضِ، وإلى هذا الموقِعِ تعودُ بالحـجِّ يشُدُّها الحنينُ إلى نُقْطةِ البدْءِ هذهِ: (وإذْ جـعـلْـنا الـبيْت مـثابةً لِلّـناسِ وأمْـناً) [البقرة 125]، مـثابةً لِلّـناسِ: مرْجِعـاً يرجعـون إليْـه.
لِذا يكْفي إعْلانُ الحـجِّ فقطْ حتّى يتوافد الناسُ غيْر عابِئـين بالمشقّةِ ومخاطِرِ السفرِ وبُعْدِ المسافةِ: (وأذِّنْ فـي الـناسِ بالـحـجِّ يأْتُوك رِجـالاً وعـلـى كُـلِّ ضـامِـرٍ يأْتِيْن مِـنْ كُـلِّ فجٍّ عـمـِيقٍ) [الحج 27]، رِجـالاً: مُشـاةً على أرْجُلِهِمْ مُتحمِّلين مشـاقّ السـيرِ، وعـلـى كُـلِّ ضـامِـرٍ: رُكوباً على الحيواناتِ الضامِـرةِ مِنْ طولِ السفرِ، يأْتِيْن مِـنْ كُـلِّ فجٍّ عـمـِيقٍ: دليل بُـعْدِ المسـافةِ مِنْ جهةٍ، وعُمْقِها مِنْ جِهـةٍ أخْرى، فكلِمةُ [عميق] دليلُ كرويّـةِ الأرْضِ.
والكـعْبةُ هي رمْـزُ وحْـدةِ المسلمين، فمن دونِهـا لا يقومُ لـهُمْ ذِكْرٌ ولا شـأْنٌ ولا حيـاةٌ، ولنْ تنْمـو لهمْ قـوّةٌ إذا لمْ يُعْطـوا هذا البيْت العـتيق قيمتهُ الحقيقيّةُ، وإعطاء شعـائِرِهِ أبْعادهـا الإنسانيـّة العامّـة: (ومـنْ يُـعـظِّـمْ شـعـائِـر اللّـهِ فـإنّـها مِـنْ تـقْـوى الـقُـلوبِ) [الحج 32]، فكُلُّ إنْسانٍ مُسْلِمٍ في العـالمِ، يسْتطيعُ عِبادة اللهِ الواحِدِ والصلاةِ لـهُ دون الخوْفِ مِنْ أحدٍ، ويتوجّهُ إليْها ويقْصدُهـا المؤمِنون مِنْ كُلِّ بِلادِ العالمِ، لِيجِدوا فيها الأمْن والسلام المفْقوديْنِ بيْن شُعوبِ الأرْضِ: (أولـمْ يـروْا أنّا جـعـلْـنا حـرمـاً آمِــناً ويُـتـخــطّـفُ الـناسُ مِـنْ حـوْلِـهـمْ) [العنكبوت 67]، (أولـمْ نُـمـكِّـنْ لـهُـمْ حـرمـاً آمِـنـاً يُجْـبى إلـيْهِ ثمـراتُ كُـلِّ شـيْءٍ رِزْقـاً مِـنْ لـدُنّـا) [القصص 57]، (ومـنْ دخـلـهُ كـان آمِـناً) [آل عمران 97]، ولِهذا أصْبحتْ مكّةُ مرْكزاً لِلثقافاتِ العالميّةِ المتنوِعةِ، حيْثُ يحجُّ إليْها المسلِمون مِنْ كلِّ بِلادِ العالمِ على اختِلافِ أجْناسِهِمْ فهي أهـمُّ مرْكزٍ دِينيٍّ عالميٍّ.
بناء الكعبة
كانتِ الكعْبةُ قائِمةً قبْل إبراهيم عليهِ السلام، لكِنّها كانتْ مُنْدثِرةً، فأمر اللهُ نبِيّـهُ إبراهيم بإعادةِ بِنائِهـا في مكانِها السابِقِ: (وإذْ بـوّأْنـا لإبـراهـيـم مـكــان الـبيْـتِ) [الحج 26]، وذلِك: (بِـوادٍ غـيْـرِ ذي زرْعٍ) [إبراهيم 37]، على مُفْترقِ طرُقِ القوافِلِ، فبنى بِمُساعدةِ ابْنِـهِ إسْماعيل عليهما السلام قواعِدهـا فقطْ: (وإذْ يـرْفعُ إبراهـيمُ الـقـواعِـد مِـن الـبيتِ وإسْـمـاعِـيل) [البقرة 127]، وكانتْ من دونِ سقْفٍ، وارتِفاعُها نحو مترين حتّـى سقفها [قُصيُّ بن كِلاب] في القرن الثاني قبْل الهجرة، ورفع بابها نحو مترين، وأخْرج مِنْها حِجْر إسْماعيل [الحطيمُ]، وقدْ أعادتْ قُريْـشُ بِناءها بعْد أنْ تصدّعتْ جدْرانُها، بِسببِ سـيْلٍ جارفِ أصابها مِنْ بعْـدِ حريقٍ، حيثُ شـارك الرسولُ الكريمُ صلى اللهُ عليهِ وسلّم ببنائِها، ووضع الحجر الأسـود مكانهُ، وكان عمرُهُ الشريفُ وقْت ذاك 35 عاماً، وكان آخِرُ بِناءٍ للكعْبةِ والذي يطُوفُ حوْلهُ المُسْلِمُون الآن قدْ تـمّ في عام 1040 هجريّةِ المُوافِقُ عام 1630 ميلاديّةٍ، وأكْبرُ توْسِعةٍ للحرميْنِ كانتْ في عهْدِ خادِمِ الحرميْنِ الشريفيْنِ: [الملِكُ عبدالله بن عبدالعزيزِ آل سُـعُود] رحمه اللهِ، والتي لاتزال أعمالها جارية حتى الآن.
مواصفات الكعبة
الكـعْبةُ لُغـةً: هي الغُرْفـةُ المربّـعةُ، فهي بِنـاءٌ مُكـعّبُ الشـكْلِ، ارتِفاعُهـا 16 متـراً، وطـولُ ضِلْعِهـا الذي يحـوي البـاب = 12 متـراً، وطولُ ضِلْعِها الذي يّحوي [الميزابِ وهو مزرابُ السطحِ] = 10 أمتار و10 سم، يرْتفِـعُ بابـُها مترينِ عن الأرضِ ويتّجِهُ للشِمالِ الشرْقيِّ، وتُسمّى زواياهـا «الأرْكان»، والركْنُ الذي على يسارِ البابِ يحْتوي الحجـر الأسْـود على ارتفاعِ مترٍ ونِصْفه، وهي بِنـاءٌ مِن الحجرِ الرماديِّ، والزاويةُ الشماليّةُ تُسمّى العراقيّـةُ، والغربية تُسمّى الشامية، والجنوبيّـةُ تُسمّى اليمنيّـةُ، ويقعُ الحطيمُ في جِهتِها الغربيّةِ.
الأساطير تُعْنى بالخُرافاتِ واللاّمعْقُول وحكايا الآلِهـةِ المُتعدِّدة
(مـا جـعـل اللّـهُ مِـنْ بحِـيرةٍ ولا سـائِبةٍ ولا وصِـيْلـةٍ ولا حـامٍ) [المائدة 103]:
البحيِـرةُ: إذا ولدتِ الـدابّةُ خمْسـة أبْطُنٍ، وكان الولدُ الخامِسُ ذكـراً، ذُبِح وأكلهُ الرِجالُ والنِساءُ، أمّـا إذا كان الولدُ الخامِسُ أُنْثى، بحروا - شقُّوا - أُذُنها ويحْرُمُ أكْلُها على النِساءِ، السـائِبةُ: يُنْذرُ الحيوانُ للرجُلِ إذا شُـفِي مِن المرضِ أوْ أوْصلهُ لِهدفِهِ فإنّ الحيوان يُتْركُ سـائِباً لا يُرْكبُ ولا يُذْبحُ ولا يُمْنعُ مِن الرعْي حيْثُ يشـاءُ، الوصِـيلةُ: إذا ولدتِ الدابّةُ سـبْعةُ أبْطُنٍ، وكان السابِعُ ذكراً ذبحُوهُ، وإنْ كانتْ أُنْثى تُرِكتْ، وإنْ كان البطْنُ السابِعُ توْأمـاً [ذكراً وأُنْثى]، قالُوا: وصلتْ أخاها، فلمْ تُذْبحْ، الحـامُ: الفحْـلُ الذكرُ، إذا نتـج مِنْ صُـلْبِهِ عشـر وِلاداتٍ، قالُوا: حمى ظهْـرهُ، فلا يُذْبحُ ولا يُرْكبُ ويُتْركُ حُـرّاً.
أسـاطـير الأوّلـين:
(يقُولُ الـذين كـفروا إنْ هـذا إلاّ أسـاطِـيرُ الأوّلـين) [الأنعام 25]:
وقدْ أهْملتِ العُلُومُ الشرْعيّةُ دِراسة الأُسْطُورةِ، لأنّ الأساطير تُعْنى بالخُرافاتِ واللاّمعْقُول وحكايا الآلِهـةِ المُتعدِّدةِ، فاعْتبرها عُلماءُ الشريعةِ أباطِيْـل، وقدْ سـاعد هذا لإهْمال، البُعْـدُ الزمنيُّ مـا بيْن التُراثِ القديمِ وبيْن اليوْمِ، حيْثُ لمْ يعُدْ للتُراثِ القديمِ أيّ تأثيرٍ يُذْكرُ في حياةِ الناسِ هذِهِ الأيّام، والسُؤالُ الذي يطْرحُ نفْسهُ بِقُوّةٍ: هلْ يجُوزُ إهْمالُ دِراسةِ التُراثِ المِصْريِّ العريق جِدّاً، مِنْ أجْلِ فِرْعوْنٍ طغى: (اِذْهـبْ إلـى فِرْعـوْن إنّهُ طـغـى) [طه 24] وغرِق مع جيْشِهِ في البحْرِ، وانْتهى الأمْرُ، أمْ إنّ دِراسـة التاريخِ القديمِ دُون أساطيرِهِ، هي دِراسةٌ مبْتُورةٌ ناقِصةٌ.
وتخْتلِفُ الأسْطورةُ عنِ التعاليمِ الدينيّةِ، بِأنّ الأسـاطير لا تهْتمُّ بِإرْشـادِ البشرِ، مِثْلمـا التعاليمُ الدينيّةُ، والناسُ يخْتبرون الحياة على جانبيْنِ: العِـلْمُ والأُسْطورةُ، وبِمـا أنّ العِلْـم يزْدادُ سـيْطرةً، فإنّ الـوعْي الأُسْـطوريّ اللاّعقْـلانيّ يتراجعُ، لأنّ الوعْي الأُسْـطوريّ لا يظهرُ إلاّ عِنْدمـا ينْهارُ المجْتمعُ العقْلانيُّ العِلْميُّ.
وقدْ كان سرْدُ الأسـاطيرِ ضرورةً حيويّـةً لِلناسِ في الماضي، لِشحْـذِ المواهِبِ الروحيّـةِ التي جعلـتْ الإنسان يبْتكـرُ أساطيرهُ لِفهْمِ الكثيرِ مِن المعـاني مِثْل: معْنى الوِلادةِ والموْتِ وما بعْد الموتِ، ومعنى القضـاءُ والقدرُ والوجُودُ، والخِصْبُ والبُطُولةُ وقيامـةُ الأمْواتِ والخلودُ، فلِكلِّ سُـؤالٍ أُسْـطورةٌ تُجيبُ عليـهِ، كما أنّ لِكُلِّ مـزاجٍ أُسْطورةٌ تُلائمُـهُ، فبعيداً عنِ السُـلوكيّاتِ الدينيّةِ وجد الإنْسانُ سُلوكيّاتٍ لا معْقولة ٍ ولا مُبرّرة إلاّ عنْ طريقِ الأسـاطيرِ، فأبْطالُ الأسـاطيرِ عِنْدهُ كانوا يقومُون بأعْمالٍ خارِقةٍ ويُحقِّقُون كافّة الرغباتِ والأمـانيِّ، ويهْزِمُون حتّى الآلِهـة، مِمّـا يُشِـيرُ إلى انْفِـلاتٍ لِمكْـبوتاتِ اللاّوعي الشـعْبيِّ. وقدْ أغْنى القُرْآنُ الكـريمُ العقْل البشـريّ بِمـواضيع تفوقُ مـدى التصـوُّرِ البشـريِّ الذي تحُـدّهُ قوانينُ الطبيعـةِ، مِثْل الناقةِ التي خرجتْ مِن الصخْرِ [ناقةُ النبي صـالح]، والبُراقُ الذي يسْـتحيلُ تصْـنيفهُ ضِمْن أيِّ فصِيلةٍ حيوانيّـةٍ مـعْروفةٍ، كُلُّ هذا كيْ يتْرُك للفِكْرِ البشـريِّ حُـرِيّة الانْطِلاقِ والتصوُّرِ لِمـا وراءِ الطبيعـةِ وقوانينِهـا، بعْد الإيمـانِ بِهذِهِ الأحْـداثِ، ونحْنُ كمُؤمِنِين نبْحـثُ عنِ العـوامِل الموْضُـوعيّةِ للحـدثِ الدينيِّ مثل [الإسْـراءِ والمِعْـراجِ]، ونتركُ اللاّموْضُوعيّ فيهِ لِجـانِبِ الإيْمـانِ، دُون أنْ نكُـون قدِ ارتكبْنـا خطـأً في حـقِّ العِـلْمِ والدينِ معـاً.
والأدْيـانُ قدْ جاءتْ ردّاً على الجهْلِ المعْـرِفيِّ [عصْر الجاهليّةِ]، والحديث الشريفُ: [اللهُمّ اهْـدِ قوْمي فإنّهُمْ لا يعْلمُـون]، فالأسـاطيرُ أوّل مـا نشـأتْ في المعـابِدِ، وكانتْ مُهِمّتها تقْـديم تفْسِـيرٍ للظـواهِرِ التي عجِز الإنْسـانُ عنِ الوُصُـولِ لإجاباتٍ صـادِقةٍ عنْهـا، فجـاءتِ الأُسْـطُورةُ لِتُفسِّـر الحاضِر وتُعْطي الأمـل في مُسْـتقْبلٍ أفْضـل، وقـدْ قسّـمتِ الأُسْـطُورةُ العمـل إلى يدويٍّ وذِهْنيٍّ، ولِهذا كانتِ الأسـاطيرُ جـزْءاً مِنْ بُنْيـةِ الأدْيانِ وطُقُوسِ العِبـادةِ، لكنّهـا لـمْ تتّخِذْ صِـفة الإلْـزامِ، مِمّـا جعلهـا عُرْضـةً دائِمـةً للتغْـييرِ، وكذا كان مع الأدْيانِ والرِسـالاتِ السـماويّةِ التي كان الناسُ يُحـرِّفونها بلْ ويبْتدِعُون كُتُـباً سـماويّةً مِنْ تأليفِهِـمْ: (فـويْـلٌ لِـلّـذين يـكْــتُبُـون الـكِـتاب بأيْـديهِـمْ ثُـمّ يقُـولُـون هـذا مِـنْ عِـنْـدِ اللّـهِ) [البقرة 79]، وبِسـببِ تداخُلِ الأسـاطيرِ مع الأدْيانِ فقدْ بدأتِ المُعْتقداتُ بِعِبـادةِ ظواهِرِ الطبيعـةِ: (وجـدْتُهـا وقـوْمـهـا يسْـجُـدون لِلـشـمْـسِ مِـنْ دُونِ الـلّـهِ) [النمل 24]، لذلك يقول تعالى: (لا تـسْـجُـدوا لِلـشـمْـسِ ولا لِلـقـمـرِ واسْـجُـدوا لِلّـه الذي خـلـقـهُـنّ) [فصلت 37]، ثُمّ انتقلت المعتقدات إلى عِبادةُ آلِهةٍ مُتعدِّدةٍ بدأتْ إنـاثاً أوّلاً: (أفـرأيْتُمُ الـلاّت والـعُـزّى ومـنات الـثـالِـثـة الأُخْـرى) [النجم 19]، ثُمّ ذُكُوراً: (فراغ إلـى آلِـهـتِهِـمْ فقـال ألا تأْكُـلُـون) [الصافات 93]، ثُمّ تحوّل الحُكّامُ إلى آلِهةٍ، ففِرْعوْنُ: (قـال مـا عـلِـمْـتُ لـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غـيْـري) [القصص 38].
كل هـذا واللـه أعلـم
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
9 رمضان 1436هـ 26 يونيو 2015م
الزيتون... شجرة مباركة
﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ﴾ ويقول الله جلَّ جلاله في آية ثانية:
﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾.
وقف العلماء عند هاتين الآيتين أمام هذه الشجرة المباركة، شجرة الزيتون، وحيال زيتها الذي يُعدُّ المادة الدهنية الأولى في حياة الإنسان، ظن بعض العلماء لعدم اطلاعهم أو تحققهم من خيرية هذه الشجرة؛ أن المواد الدسـمة التي تنتجها مواد ضارة، لكن القرآن الكريم، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ذكر خلاف هذا الظن، يقول عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح:
(كلوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه الترمذي في سننه]، وفي حديثٍ آخر، قال: (ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه ابن ماجة في سننه].
وقود الإنسان
وأكدت البحوث العلمية الصحيحة التي ظهرت قبل سنوات، أن زيت هذه الشجرة وقودٌ للإنسان، بكلِّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنىً، ففي كلِّ غرام من زيت الزيتون، ثماني وحدات حرارية، تعدُّ طاقةً مثلى للإنسان، وقال علماء التغذية: الحوامض الدهنية نوعان؛ مشبعة وغير مشبعة، فالمادةٌ الدسمة المشبعة تبقى عالقةً في الدم، وربما تراكمت على جدران الشرايين، فسببت تضيُّقها، وسببت تصلُّبها، وسببت ضعف القلب، فالمواد الدهنية المشبعة ضارةٌ بالإنسان، أما المواد الدهنية غير المشبعة فهي تتوازن حينما تلتهم بقية الأنواع الدُهنية، وصف العلماء زيت الزيتون بأنه حوامض دهنيةٌ غير مشبعةٍ تفيد الجسم، وتمنع الترسبات الدهنية في جدران الشرايين الدموية، بعكس الحوامض الدهنية المشبعة الموجودة في أكثر الزيوت الحيوانية.
الزيوت الحيوانية المشبعة تسبب تصلب الشرايين، وضعف القلب، لذلك ينصح الأطباء أن يتناول الإنسان ملعقةً من زيت الزيتون كلَّ يوم، يقي بها تصلُّب الشرايين، ويعالج بها تصلُّب الشرايين، وهذا الزيت يطلق البطن، ويسكِّن أوجاعه، ويخرج الدود، وأغلب الأدهان الحيوانية غير زيت الزيتون يزعج المعدة إلا زيت الزيتون، وهو مقوٍ للثة والأسنان، ملينٌ للجلد.
لكن الذي يعجب له الإنسـان! أن الأطباء، ولا سيما أطباء القلب اكتشفوا بعد حينٍ من الزمن؛ أن زيت الزيتون مفيدٌ جداً للشرايين، يليِّنها، ويدفع عنها تصلُّبها، وأن زيت الزيتون حمضٌ دهنيٍ غير مشبعٍ، لا يترسَّب على جُدُر الأمعاء، ولا يسبب تضيقاً في الشرايين، ولا تصلباً لها، هذا معنى قول الله عزَ وجل في الآيات السابقة.
غرس الأشجار
كلَّما تقدَّم العلم اقترب مما في القرآن والسنة، وكلما ابتعد عن القرآن والسنة، فهذا دليل تخلُّفه، ودليل نقصه وانحرافه عن الحقيقة التي جاء بها القرآن، وبما أننا نتحدث عن الأشجار، نتطرق إلى موضوع التشجير الذي حثنا عليه ديننا الحنيف، فالتشجير سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند ابن أبي شيبة وفي مسند أحمد عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فَسِيلَةٍ، فَإِذَا عَلَقَتْ فَأَنَا حُرٌّ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْرِسَ فَآذِنِّي» ، فَآذَنْتُهُ فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَّا وَاحِدَةً، غَرَسْتُهَا بِيَدِي، فَعَلَقْنَ جَمِيعاً إِلَّا الْوَاحِدَةُ الَّتِي غَرَسْتُهَا، والفسيلة هي شجيرة النخل فقد غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين وعددها غير قليل وغرسها شاق ليبين لنا فضل غرس الأشجار وأهميته وسنيته.
ويأمرنا ويحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبين لنا أجر هذا التشجير والزرع، كما أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عَنْ جَابِرٍ وأنس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْساً، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»، فما أعظم هذا الأجر وما أبقاه لصاحبه، فمن أحسن الصدقات الجارية التي يجعلها المسلم لنفسه ولوالديه غرس الشجر النافع في المكان المناسب .
قيام الساعة
بل أكثر من ذلك يوجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العمل والغرس، وإن لم نحصل على فواكه أو نتائج، ويأمرنا بالغرس الذي هو من أهم الأعمال الصالحة فقد ذكره صلى الله عليه وسلم في معرض ذكره لأعظم الأحداث وهي قيام الساعة، فدل ذلك على أهميته فقال كما جاء في مسند أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا». فلا يقول مسلم ما الفائدة من الغرس والزرع بل يغرس ويعتني ويعمل ويترك النتيجة على الله، وهو إن شاء الله مأجور، وهو محاسب أمام الله على العمل وليس محاسباً على ثمار العمل.
ولا يقول المسلم لم أغرس وأنا شيخ كبير وقد لا أكون حيا حين إثمار الشجر، وليكن له عبرة في قول هذا الشيخ الكبير، فقد حكي أن كسرى خرج يوما يتصيد فوجد شيخا كبيرا يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال: أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى: زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له: أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى: زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعا وقال: إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا.
********************************************************************﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ﴾ ويقول الله جلَّ جلاله في آية ثانية:
﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾.
وقف العلماء عند هاتين الآيتين أمام هذه الشجرة المباركة، شجرة الزيتون، وحيال زيتها الذي يُعدُّ المادة الدهنية الأولى في حياة الإنسان، ظن بعض العلماء لعدم اطلاعهم أو تحققهم من خيرية هذه الشجرة؛ أن المواد الدسـمة التي تنتجها مواد ضارة، لكن القرآن الكريم، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام ذكر خلاف هذا الظن، يقول عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح:
(كلوا الزَّيْتَ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه الترمذي في سننه]، وفي حديثٍ آخر، قال: (ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ، وَادَّهِنُوا بِهِ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) [أخرجه ابن ماجة في سننه].
وقود الإنسان
وأكدت البحوث العلمية الصحيحة التي ظهرت قبل سنوات، أن زيت هذه الشجرة وقودٌ للإنسان، بكلِّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنىً، ففي كلِّ غرام من زيت الزيتون، ثماني وحدات حرارية، تعدُّ طاقةً مثلى للإنسان، وقال علماء التغذية: الحوامض الدهنية نوعان؛ مشبعة وغير مشبعة، فالمادةٌ الدسمة المشبعة تبقى عالقةً في الدم، وربما تراكمت على جدران الشرايين، فسببت تضيُّقها، وسببت تصلُّبها، وسببت ضعف القلب، فالمواد الدهنية المشبعة ضارةٌ بالإنسان، أما المواد الدهنية غير المشبعة فهي تتوازن حينما تلتهم بقية الأنواع الدُهنية، وصف العلماء زيت الزيتون بأنه حوامض دهنيةٌ غير مشبعةٍ تفيد الجسم، وتمنع الترسبات الدهنية في جدران الشرايين الدموية، بعكس الحوامض الدهنية المشبعة الموجودة في أكثر الزيوت الحيوانية.
الزيوت الحيوانية المشبعة تسبب تصلب الشرايين، وضعف القلب، لذلك ينصح الأطباء أن يتناول الإنسان ملعقةً من زيت الزيتون كلَّ يوم، يقي بها تصلُّب الشرايين، ويعالج بها تصلُّب الشرايين، وهذا الزيت يطلق البطن، ويسكِّن أوجاعه، ويخرج الدود، وأغلب الأدهان الحيوانية غير زيت الزيتون يزعج المعدة إلا زيت الزيتون، وهو مقوٍ للثة والأسنان، ملينٌ للجلد.
لكن الذي يعجب له الإنسـان! أن الأطباء، ولا سيما أطباء القلب اكتشفوا بعد حينٍ من الزمن؛ أن زيت الزيتون مفيدٌ جداً للشرايين، يليِّنها، ويدفع عنها تصلُّبها، وأن زيت الزيتون حمضٌ دهنيٍ غير مشبعٍ، لا يترسَّب على جُدُر الأمعاء، ولا يسبب تضيقاً في الشرايين، ولا تصلباً لها، هذا معنى قول الله عزَ وجل في الآيات السابقة.
غرس الأشجار
كلَّما تقدَّم العلم اقترب مما في القرآن والسنة، وكلما ابتعد عن القرآن والسنة، فهذا دليل تخلُّفه، ودليل نقصه وانحرافه عن الحقيقة التي جاء بها القرآن، وبما أننا نتحدث عن الأشجار، نتطرق إلى موضوع التشجير الذي حثنا عليه ديننا الحنيف، فالتشجير سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند ابن أبي شيبة وفي مسند أحمد عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى أَنْ أَغْرِسَ لَهُمْ خَمْسَمِائَةِ فَسِيلَةٍ، فَإِذَا عَلَقَتْ فَأَنَا حُرٌّ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَغْرِسَ فَآذِنِّي» ، فَآذَنْتُهُ فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَّا وَاحِدَةً، غَرَسْتُهَا بِيَدِي، فَعَلَقْنَ جَمِيعاً إِلَّا الْوَاحِدَةُ الَّتِي غَرَسْتُهَا، والفسيلة هي شجيرة النخل فقد غرسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين وعددها غير قليل وغرسها شاق ليبين لنا فضل غرس الأشجار وأهميته وسنيته.
ويأمرنا ويحثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبين لنا أجر هذا التشجير والزرع، كما أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عَنْ جَابِرٍ وأنس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْساً، وَلَا يَزْرَعُ زَرْعاً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، وَلَا دَابَّةٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً»، فما أعظم هذا الأجر وما أبقاه لصاحبه، فمن أحسن الصدقات الجارية التي يجعلها المسلم لنفسه ولوالديه غرس الشجر النافع في المكان المناسب .
قيام الساعة
بل أكثر من ذلك يوجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى العمل والغرس، وإن لم نحصل على فواكه أو نتائج، ويأمرنا بالغرس الذي هو من أهم الأعمال الصالحة فقد ذكره صلى الله عليه وسلم في معرض ذكره لأعظم الأحداث وهي قيام الساعة، فدل ذلك على أهميته فقال كما جاء في مسند أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا». فلا يقول مسلم ما الفائدة من الغرس والزرع بل يغرس ويعتني ويعمل ويترك النتيجة على الله، وهو إن شاء الله مأجور، وهو محاسب أمام الله على العمل وليس محاسباً على ثمار العمل.
ولا يقول المسلم لم أغرس وأنا شيخ كبير وقد لا أكون حيا حين إثمار الشجر، وليكن له عبرة في قول هذا الشيخ الكبير، فقد حكي أن كسرى خرج يوما يتصيد فوجد شيخا كبيرا يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له: يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال: أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى: زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له: أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى: زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعا وقال: إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا.
لماذا بكي أنس بن مالك عندما تذكر موقعة "تستر"؟!
"تستر" مدينة فارسية حصينة، حاصرها المسلمون سنة ونصفاً بالكامل، ثم سقطت المدينة في أيدي المسلمين، وتحقق لهم فتح مبين... وهو من أصعب الفتوح التي خاضها المسلمون...
فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك عندما يتذكر موقعة "تستر"؟!
لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن، ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم، ومائة وخمسين ألف فارسي، وكان قتالاً في منتهى الضراوة... وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت، وتحمل الخطر على الجيش المسلم..
موقف في منتهى الصعوبة.. وأزمة من أخطر الأزمات!..
ولكن في النهاية – بفضل الله – كتب الله النصر للمؤمنين.. وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس!
واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب!
لم يستطع المسلمون في هذا الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده!
ويبكي أنس بن مالك لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته..
يبكي وهو معذور، وجيش المسلمين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة سنام الإسلام.. مشغول بالجهاد.. لكن الذي ضاع شيء عظيم!
يقول أنس بن مالك : وما تستر؟! لقد ضاعت مني صلاة الصبح، وما وددت أنّ لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة!
هنا نفهم لماذا كان يُنصر هؤلاء! {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} (محمّد: 7)
إذا كانت هذه أحد أسباب النصر، فخبرني بالله عليك كيف ينصر الله عز وجل قوماً فرطوا في صلاة الصبح؟!
******************************************************فإذا كان الوضع بهذه الصورة الجميلة المشرقة فلماذا يبكي أنس بن مالك عندما يتذكر موقعة "تستر"؟!
لقد فتح باب حصن تستر قبيل ساعات الفجر بقليل، وانهمرت الجيوش الإسلامية داخل الحصن، ودار لقاء رهيب بين ثلاثين ألف مسلم، ومائة وخمسين ألف فارسي، وكان قتالاً في منتهى الضراوة... وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت، وتحمل الخطر على الجيش المسلم..
موقف في منتهى الصعوبة.. وأزمة من أخطر الأزمات!..
ولكن في النهاية – بفضل الله – كتب الله النصر للمؤمنين.. وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً، وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس!
واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب!
لم يستطع المسلمون في هذا الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يصلوا الصبح في ميعاده!
ويبكي أنس بن مالك لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته..
يبكي وهو معذور، وجيش المسلمين معذور، وجيش المسلمين مشغول بذروة سنام الإسلام.. مشغول بالجهاد.. لكن الذي ضاع شيء عظيم!
يقول أنس بن مالك : وما تستر؟! لقد ضاعت مني صلاة الصبح، وما وددت أنّ لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة!
هنا نفهم لماذا كان يُنصر هؤلاء! {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} (محمّد: 7)
إذا كانت هذه أحد أسباب النصر، فخبرني بالله عليك كيف ينصر الله عز وجل قوماً فرطوا في صلاة الصبح؟!
قصة الراعي مع ابن عمر رضي الله عنهم
--------------------------------------------------------------------------------
ذات يوم كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- معه بعض أصحابه يسيرون في الصحراء بالقرب من المدينة، فجلسوا يأكلون، فأقبل عليهم شاب صغير يرعى غنمًا، وسلَّم عليهم، فدعاه ابن عمر إلى الطعام، وقال له: هلمَّ يا راعي، هلمَّ فأصب من هذه السفرة.
فقال الراعي: إني صائم.
فتعجب ابن عمر، وقال له: أتصوم في مثل هذا اليوم الشديد حره، وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم؟!
ثم أراد ابن عمر أن يختبر أمانته وتقواه، فقال له: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها، ونعطيك من لحمها فتفطر عليها؟
فقال الغلام: إنها ليست لي، إنها غنم سيدي.
فقال ابن عمر: قل له: أكلها الذئب.
فغضب الراعي، وابتعد عنه وهو يرفع إصبعه إلى السماء ويقول: فأين الله؟!
فظل ابن عمر يردد مقولة الراعي: (فأين الله؟!) ويبكي، ولما قدم المدينة بعث إلى مولى الراعي فاشترى منه الغنم والراعي، ثم أعتق الراعي).
مراقبة الله: فالله -سبحانه- مُطَّلع على جميع خلقه، يرانا ويسمعنا ويعلم ما في أنفسنا، ولذا يحرص المسلم على طاعة ربه في السر والعلانية، ويبتعد عمَّا نهى عنه، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) _[متفق عليه].
اخي ,اختي في الاسلام اين نحن اليوم من الامانة ,امانة القول وامانة العمل.
قبل ان نقدم على اي عمل علينا ان نعلم ان الله عليم بصير ,وان لم نكن نراه جل في علاه ,انه يرانا."يدرك الابصار ولا تدركه الابصار "
************************************************************************************--------------------------------------------------------------------------------
ذات يوم كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- معه بعض أصحابه يسيرون في الصحراء بالقرب من المدينة، فجلسوا يأكلون، فأقبل عليهم شاب صغير يرعى غنمًا، وسلَّم عليهم، فدعاه ابن عمر إلى الطعام، وقال له: هلمَّ يا راعي، هلمَّ فأصب من هذه السفرة.
فقال الراعي: إني صائم.
فتعجب ابن عمر، وقال له: أتصوم في مثل هذا اليوم الشديد حره، وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم؟!
ثم أراد ابن عمر أن يختبر أمانته وتقواه، فقال له: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها، ونعطيك من لحمها فتفطر عليها؟
فقال الغلام: إنها ليست لي، إنها غنم سيدي.
فقال ابن عمر: قل له: أكلها الذئب.
فغضب الراعي، وابتعد عنه وهو يرفع إصبعه إلى السماء ويقول: فأين الله؟!
فظل ابن عمر يردد مقولة الراعي: (فأين الله؟!) ويبكي، ولما قدم المدينة بعث إلى مولى الراعي فاشترى منه الغنم والراعي، ثم أعتق الراعي).
مراقبة الله: فالله -سبحانه- مُطَّلع على جميع خلقه، يرانا ويسمعنا ويعلم ما في أنفسنا، ولذا يحرص المسلم على طاعة ربه في السر والعلانية، ويبتعد عمَّا نهى عنه، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإحسان، فقال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) _[متفق عليه].
اخي ,اختي في الاسلام اين نحن اليوم من الامانة ,امانة القول وامانة العمل.
قبل ان نقدم على اي عمل علينا ان نعلم ان الله عليم بصير ,وان لم نكن نراه جل في علاه ,انه يرانا."يدرك الابصار ولا تدركه الابصار "
أسألك مغفرة
اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك أن أقول زوراً أو أغشى فجوراً أو أكون بك مغروراً. اللَّهُمَّ أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع. اللَّهُمَّ لا تسلمني إلى عدو يؤذيني، ولا إلى صديق يرديني، وارزقني رزقاً حلالاً يغنيني.
اللَّهُمَّ يا خير من سئل وأجود من أعطى وأكرم من عفا وأعظم من غفر وأعدل من حكم وأصدق من حدث وأوفى من وعد وأبصر من راقب وأسرع من حاسب وأرحم من عاقب وأحسن من خلق وأحكم من شرع وأحق من عُبد وأولى من دعي وأبر من أجاب.
اللهم نجني من النار، وأسألك مغفرة بالليل والنهار. اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللَّهُمَّ يا من لا تمل من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين، ولا تكل من الرغبات إليه مدامع الخاشعين، اغفر لنا ذنوباً حالت بيننا وبين ذكرك، واعف عن تقصيرنا في طاعتك وشكرك، وأدم علينا لزوم الطريق إليك، وهب لنا نوراً نهتدي به إليك. اللَّهُمَّ إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك.
اللَّهُمَّ سبحانك اللهم بابك مفتوح للراغبين، وخيرك مبذول للطالبين، فاهدني هدى المهتدين ولا تجعلني من الغافلين، واغفر لي يوم الدين، وأسألك اللهم صبراً جميلاً، وفرجاً قريباً، وقولاً صادقاً، وأجراً عظيماً.
اللَّهُمَّ رب ما أكثر عفوك وأجل ذكرك وما أوفى عهدك وأنجز وعدك وما أشمل نفعك وأتقن صنعك وما أوسع رزقك وأعظم شكرك وما ألطف خيرك وأقوى أمرك وما أكثر فرجك وأحكم صنعك وما أجمل حكمك وأصدق قولك.
************************************************************************************اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك أن أقول زوراً أو أغشى فجوراً أو أكون بك مغروراً. اللَّهُمَّ أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع. اللَّهُمَّ لا تسلمني إلى عدو يؤذيني، ولا إلى صديق يرديني، وارزقني رزقاً حلالاً يغنيني.
اللَّهُمَّ يا خير من سئل وأجود من أعطى وأكرم من عفا وأعظم من غفر وأعدل من حكم وأصدق من حدث وأوفى من وعد وأبصر من راقب وأسرع من حاسب وأرحم من عاقب وأحسن من خلق وأحكم من شرع وأحق من عُبد وأولى من دعي وأبر من أجاب.
اللهم نجني من النار، وأسألك مغفرة بالليل والنهار. اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللَّهُمَّ يا من لا تمل من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين، ولا تكل من الرغبات إليه مدامع الخاشعين، اغفر لنا ذنوباً حالت بيننا وبين ذكرك، واعف عن تقصيرنا في طاعتك وشكرك، وأدم علينا لزوم الطريق إليك، وهب لنا نوراً نهتدي به إليك. اللَّهُمَّ إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك.
اللَّهُمَّ سبحانك اللهم بابك مفتوح للراغبين، وخيرك مبذول للطالبين، فاهدني هدى المهتدين ولا تجعلني من الغافلين، واغفر لي يوم الدين، وأسألك اللهم صبراً جميلاً، وفرجاً قريباً، وقولاً صادقاً، وأجراً عظيماً.
اللَّهُمَّ رب ما أكثر عفوك وأجل ذكرك وما أوفى عهدك وأنجز وعدك وما أشمل نفعك وأتقن صنعك وما أوسع رزقك وأعظم شكرك وما ألطف خيرك وأقوى أمرك وما أكثر فرجك وأحكم صنعك وما أجمل حكمك وأصدق قولك.
عبرة
هبت عاصفة شديدة على سفينة فى عرض البحر فأغرقتها..
ونجا بعض الركاب..
منهم رجل أخذت الأمواج تتلاعب به
حتى ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة و مهجورة.
ما كاد الرجل يفيق من إغمائه و يلتقط أنفاسه، حتى سقط على ركبتيه
و طلب من لله المعونة والمساعدة
و سأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم.
مرت عدة أيام
كان الرجل يقتات خلالها من ثمار الشجر و ما يصطاده من أرانب
و يشرب من جدول مياه قريب
و ينام فى كوخ صغير بناه من أعواد الشجر
ليحتمى فيه من برد الليل و حر النهار
و ذات يوم أخذ الرجل يتجول حول كوخه ريثما ينضج طعامه الموضوع على بعض أعواد الخشب المتقدة
و لكنه عندما عاد
فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها.
فأخذ يصرخ:
"لماذا يا رب؟ "لماذا يا رب؟
حتى الكوخ احترق لم يعد يتبقى لى شيء فى هذه الدنيا
و أنا غريب فى هذا المكان والآن أيضاً يحترق الكوخ الذى أنام فيه..
لماذا يا رب كل هذه المصائب تأتى علىّ؟!!"
و نام الرجل من الحزن و هو جوعان و لكن فى الصباح
كانت هناك مفاجأة فى انتظاره..
إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة
و تنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه.
أما الرجل فعندما صعد على سطح السفينة أخذ يسألهم كيف وجدوا مكانه فأجابوه:
"لقد رأينا دخاناً، فعرفنا إن شخصاً ما يطلب الإنقاذ" !!!
فسبحان من علِم بحاله وراء مكانه..
سبحانه مدبر الأمور كلها من حيث لا ندري ولا نعلم..
*إذا ساءت ظروفك فلا تخف..
فقط ثِق بأنَّ الله له حكمة في كل شيء يحدث لك وأحسن الظن به..
و عندما يصيبك كرب اعلم أن الله يسعى لإنقاذك
قال الله تعالى:
"مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً"
هبت عاصفة شديدة على سفينة فى عرض البحر فأغرقتها..
ونجا بعض الركاب..
منهم رجل أخذت الأمواج تتلاعب به
حتى ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة و مهجورة.
ما كاد الرجل يفيق من إغمائه و يلتقط أنفاسه، حتى سقط على ركبتيه
و طلب من لله المعونة والمساعدة
و سأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم.
مرت عدة أيام
كان الرجل يقتات خلالها من ثمار الشجر و ما يصطاده من أرانب
و يشرب من جدول مياه قريب
و ينام فى كوخ صغير بناه من أعواد الشجر
ليحتمى فيه من برد الليل و حر النهار
و ذات يوم أخذ الرجل يتجول حول كوخه ريثما ينضج طعامه الموضوع على بعض أعواد الخشب المتقدة
و لكنه عندما عاد
فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها.
فأخذ يصرخ:
"لماذا يا رب؟ "لماذا يا رب؟
حتى الكوخ احترق لم يعد يتبقى لى شيء فى هذه الدنيا
و أنا غريب فى هذا المكان والآن أيضاً يحترق الكوخ الذى أنام فيه..
لماذا يا رب كل هذه المصائب تأتى علىّ؟!!"
و نام الرجل من الحزن و هو جوعان و لكن فى الصباح
كانت هناك مفاجأة فى انتظاره..
إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة
و تنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه.
أما الرجل فعندما صعد على سطح السفينة أخذ يسألهم كيف وجدوا مكانه فأجابوه:
"لقد رأينا دخاناً، فعرفنا إن شخصاً ما يطلب الإنقاذ" !!!
فسبحان من علِم بحاله وراء مكانه..
سبحانه مدبر الأمور كلها من حيث لا ندري ولا نعلم..
*إذا ساءت ظروفك فلا تخف..
فقط ثِق بأنَّ الله له حكمة في كل شيء يحدث لك وأحسن الظن به..
و عندما يصيبك كرب اعلم أن الله يسعى لإنقاذك
قال الله تعالى:
"مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً"
************************************************************************************
الجزء الثامن في القرآن الكريم
اسمُ الله يُضْفي البَرَكَةَ عَلى الطَعامِ
يبدأ هذا الجزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [111] من سورة الأنعـام، وحتى الآيـة [87] من سورة الأعـراف، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَإنَّهُ لَـفِسْـق)[الأنعام 121]:
إنَّ ذِكْرَ اسْمَ اللهِ عَلى الطَعامِ أمْرٌ بالِغُ الأهَميَّةِ، فَذِكْرُ اسْم اللهِ يُعَقِّـمُ الطعامَ مِنَ الجَراثيمِ وَالفيروساتِ وَالكريّاتِ البَيْضَاءِ الالْتِهابيّةِ الخَطِرَةِ عَلى الصِحَّةِ الإنْسانيّةِ: (وَلاَ تَأْكُـلُـوا مِـمّـا لَـمْ يُـذْكَـرِ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ وَإنَّهُ لَـفِسْـق)[الأنعام 121]، الفِسْـقُ هُوَ: الفاسِـدُ في أصْلِهِ، لأنَّ اسْمَ اللّهِ اسْمٌ مُبَارَكٌ: (تَبَارَكَ اسْـمُ رَبِّكَ ذِي الـجَـلاَلِ وَالإكْـرامِ)[الرحمن 78]، وَيُضْفي البَرَكَةَ عَلى الطَعامِ فَيَجْعَلَهُ نافِعَاً.
فَبَعْد إجْراءِ عَمليَّاتِ الاسْتِنْباتِ الجُرْثُوميِّ مِنْ قِبَلِ فَريقٍ طبّي وَصَيْدَلانيّ مُخْتَص لِمُدَّةِ 48 سَاعة، بَـدا لَوْنُ اللحْمِ المُكَبَّرِ عليْهِ زَهْريّاً فاتِحاً [مِمّا يَدُلُّ عَلى عَدَمِ نُمُوِّ الجَراثيمِ العُنقوديَّةِ عليْهِ]، وَاللحْمُ غَيْرِ المُكَبَّرِ عليْهِ أصبحَ أحْمَرَ قاتِماً يَميلُ للزُرْقَةِ [نُمُوٌّ غَزيرٌ للمُكَوَّراتِ العُنْقُوديّةِ وَالحَالّةِ للدَمِ]، وَالأمْرُ صَريحٌ بالأكْلِ مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليْهِ: (فـَكُـلُـوا مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ إنْ كُـنْتُمْ بِآياتِهِ مُـؤمِـنينَ مَـا لَـكُـمْ لاَ تَأكُـلُـونَ مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ)[الأنعام 118 / 119]، وَعَدَمُ ذِكْرِ اسْم اللهِ عَلى الذَبائِحِ هُوَ افْتِراءٌ عَلى اللهِ: (وَأنْعَـامٌ لاَ يَـذْكُـرونَ اسْـمَ اللّـهِ عَـلَـيْهَـا افْـتِراءً عَـلَـيْهِ)[الأنعام 138]، وَهيَ غَيْرُ قابِلَةٍ للتَزْكِيَةِ: (حُـرِّمَـتْ عَـلِـيْكُـمْ الـمَـيْتَةُ وَالـدَمُ وَلَـحْـمُ الـخِـنْزيرِ وَمَـا أُهِـلَّ لِـغَـيْر اللَّـهِ بِهِ وَالـمَـوْقُوذَةُ وَالـمُـتَرَدِّيَةُ وَالـنَطِـيحَـةُ وَمَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ وَمَـا ذُبِحَ عَـلـى الـنُصُـبِ)[المائدة 3]، (قُـلْ لاَ أَجِـدُ فـي مَــا أُوحِـيَ إلَـيَّ مُـحَـرَّمَـاً عَـلَـى طَـاعِـمٍ يَـطْـعَـمَـهُ إلاّ أنْ يَـكُـونَ مَـيْتَـةً أوْ دَمَـاً مَـسْـفُوحَـاً أوْ لَـحْـمَ خِـنْـزيرٍ فَـإنَّـهُ رِجْـسٌ أوْ فِـسْـقَـاً أُهِـلَّ لِـغَـيْرِ اللّـهِ بِهِ)[الأنعام 145]، (أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيمَـةُ الأنْعَـامِ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ)[المائدة 1]، (وَأُحِـلَّـتْ لَـكُـمُ الأنْعَـامُ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ)[الحج 30]، إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ: إلاَّ مَا حُرِّمَ بِنَصٍّ صَريحٍ.
(كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ)[الأنعام 122]:
مَيَّزَ القُرْآنُ الكريْمُ بَيْنَ إنْسَـانٍ [يَحْـيَ] وَبَيْنَ إنْسَـانٍ [يَعِيْـشُ]، فالحَيَـاةُ تَكُونُ دَوْماً [طَيِّبَةً]، بَيْنَمَا المَعيْشَةُ لاَ تَكونُ إلاَّ [ضَنْكاً]، فالعَيْـشُ هُوَ نِظامٌ حَركيٌّ يَصْلُحُ لِلعَيْشِ وَلَيْسَ لِلحَيَاةِ: (أَمْـواتٌ غَـيْرُ أحْـيَاءٍ وَلَـكِـنْ لاَ يَشْـعُـرون)[النحل 21]، وَأصْحَابُ جَهَنَّمَ يَعِيْشُونَ دُونَ حَياةِ: (الـذي يَصْـلَـى الـنَارَ الـكُـبْرى ثُـمَّ لاَ يَمُـوتُ فِيْهَـا وَلاَ يَحْـيَ) [الأعلى 13]، لَكِنَّهُ يَعْيْشُ فيها وَيَأْكُلُ الزَقُّومَ وَيَشْرَبُ الحَميْمَ، وَقَدْ قالَ السَيِّدُ المَسيْحُ عليه السلام: [دَعِ المَـوْتى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ][إنْجِيْل مَتّى 22].
أمّا الحَيَـاةُ: هيَ أيْضَاً نِظَامٌ حَرَكيٌّ، لكِنْ مَعَ وُجُودِ [النُـورِ] الإلَهيِّ لِتَحْقِيْقِ هَدَفٍ سَـامٍ: (أ َوَمَـنْ كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ وَجَـعَـلْـنا لَـهُ نُوراً يَمْـشِـيِ بِهِ في الـنَاسِ)[الأنعام 122]، وَتَكُونُ الحـيَاةُ بالعَمَلِ الصَالِحِ: (مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَـاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثَى وَهُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً)[النحل 97]، وَاخْتارَ اللّهُ اسْمَ النبي [يَحْيَ]: (إنَّا نُبَشِّـرُكَ بِغُـلامٍ اسْـمُـهُ يَحْـيَ لَـمْ نَجْـعَـلْ لَـهُ مِـنْ قَبْلُ سَـمِـيّاً)[مريَم 7]، (وَإنَّ الـدارَ الآخِـرَةَ لَـهِـيَ الـحَـيَوانُ)[العنكبوت 64]، الحيوان: صيغة المبالغة من الحياة السامية.
(اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ)[الأنعام 128]:
إنّ جهنم هي لإبْليسَ وَأتْبَاعَهُ مِنَ الجِنَّ وَالإنْسِ فَقَطْ، فُهُمُ المَجْمُوعَةُ الكافِيَةُ لِمَلْءِ جَهَنَّمَ: (وَيَوْمَ يَحْـشُـرُهُـمْ جَـمِـيعَـاً يَا مَـعْـشَـرَ الـجِـنِّ قَـدِ اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ ... وَقَالَ أَوْلِـيَاؤُهُـمْ مِـنَ الإنْسِ رَبَّنَا اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ وَبَلَـغْـنَا أَجَـلَـنَا الـذي أَجَّـلْـتَ لَـنَا قَالَ الـنَارُ مَـثْواكُـمْ خَــالِــدينَ فِـيْهَـا إلاَّ مَـا شَـاءَ اللَّـهُ)[الأنعام 128]، فَهيَ إذَاً لإبْليسَ وَأتْبَاعَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ فَقَطْ، اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ: أي بالضَـلالِ، أَوْلِـيَاؤُهُـمْ: أي أوليـاءُ الشَـياطينِ مِـنَ الإنْسِ، اسْـتَمْـتَعَ: أي تَجَاوَبْنَـا مع شياطين الجنّ واتّبعناهم.
(قَـتْـلَ أوْلادِهِـمْ)[الأنعام 137]:
كان الإنْسَانُ القديم يَنْذُرُ ذَبْحَ أَحَـدِ أبْنَائِهِ [خَاصَّةً البِكْرَ مِنْهُمْ] كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ، وَالقِصَّةُ الشَهِيْرَةُ عَنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عِنْدَمَا نَذَرَ ذَبْحَ أَحَدِ أبْنائِهِ، إذَا رَزَقَهُ اللّهُ /12/ وَلَدَاً ذَكَراً، وَالتَضْحِيَةُ في الأسَاسِ هيَ التَخَلِّي عَنْ شَيْءٍ ذِي قِيْمَةٍ، وَقَدْ بنيت في السابق مَحَارِقَ لِحَرْقِ أوْلادِهِمْ أحْيـاء، وَكَانَتِ الطُبُولُ تُدَقُّ بِقُوَّةٍ، كَيْ يَطْغَى صَوْتُهَا عَلى صُراخِ الأَطْفالِ، وَهُمْ يُحْرَقُونَ أحْياء حتّى الموتُ: (وَكَـذَلِـكَ زَيَّنَ لِـكَـثِيْرٍ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـيْن َ قَتْلَ أوْلادِهِـمْ ... فَذَرْهُـمْ وَمَـا يَفْتَرونَ)[الأنعام 137]، (الـذيْنَ اتَّخَـذُوا مِـنْ دُونِ اللّهِ قُرْبَانَاً آلِهَـةً)[الأحقاف 28]، وَعِنْدَ الشُعُوبِ القَدِيْمَةِ [الفينيقِيَّونَ] مَثَلاً، كَانَتْ التَضْحِيَةُ بِالوَلَدِ البِكْرِ، وَقَدْ وُجِدَ الكَثِيْرُ مِنْ عِظَامِ الأطْفالِ تَحْتَ أسَاسَاتِ المَنازِلِ وَالمَعَابِدِ، حَيْثُ كَانَ الأطْفالُ يُقَدَّمُونَ ضَحَايَا عِنْدَ تَأْسِيْسِ البِنَاءِ، وَفي قِرْطَاجَة أُحْرِقَ /200/ طِفْل في وَقْتٍ واحِدٍ، كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ، مِنْ أَجْلِ فَكَّ الحِصَـارِ عَنْهَـا.
(مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ)[الأعراف 12]:
(وَإذْ قَالَ رَبُّـكَ لِلـمَـلاَئِـكَـةِ إنِّي خَـالِـقٌ بَشَـراً مِـنْ صَـلْـصَـالٍ مِـنْ حَـمَـأٍ مَـسْـنُونٍ فَإذا سَـوَّيْتُهُ وَنَفَخْـتُ فِيْهِ مِـنْ رُوحِـي فَـقَـعُـوا لَـهُ سَـاجِـدينَ)[الحجر 28]، (فَـسَـجَـدَ الـمَـلاَئِـكَـةُ كُـلُّـهُـمْ أَجْـمَـعُـونَ)[ص 71]، وَبِسُجُودِ جَميعِ المَلاَئِكَةِ بِلاَ اسْتِثْنَاءٍ، تَآلَفَتْ وَتَوافقَتْ طَـاقَةُ المَلاَئِكَـةِ الكِرامِ مَعَ طَاقَةِ وَرُوحِ الإنْسَانِ التي نَفَخَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ فيـهِ، بَيْنَمَا بَقِيَتْ طَاقَةُ إبليس الشَيْطَانُ الجَنَّي مُتَنَافِرَةً مَعَ طَـاقَةِ وَرُوحِ الإنْسَانِ، عِنْدَمَـا رَفَضَ السُجُودَ لآدَمَ عليه السلام، حيث سأله الله تعالى: (قَالَ مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ) [الأعراف 12]، أَلاَّ تَسْـجُـدَ: وَضَعَ [ألاَّ] لِتَوْكِيدِ طَلَبِ السُجُودِ فلأنَّ التَوْكيدَ شَديدٌ اقْتَضى وُجُودَ [لاَ] المُؤكِّدَة، وَفِعْلاً ذَكَرَ مُخَالَفَةَ إبْليسَ للأمْرِ فَقَالَ: إذْ أَمَـرْتُكَ.
بَيْنَمَـا قَوْلُهُ تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) [ص 75]، أَنْ تَسْـجُـدَ: هُنَـا المَنْـعُ بِدُونِ وُجُودَ [لاَ] المُؤكِّدَة، وَكَأنَّ سَـبَبَاً مَـا مَنَعَ إبْليسَ مِنَ السُـجُودِ، وَهَذا السَبَبُ هُوَ: اسـتَـكْـبَرْتَ أَمْ كُـنْتَ مِـنَ الـعَـالِـينَ، فالسَبَبُ مِنْ دَاخِلِ نَفْسِ إبْليسَ وَلَيْسَ مُؤَثِّراً خَارجيّاً: (إلاَّ إبْلِـيسَ أبـى)[البقرة 34]، أبـى: أي امْتَنَعَ ذاتِيَاً دُونَ تأثيرٍ خارجيّ، أمَّا قَوْلُهُ تَعَالى (وَإذْ قُـلْـنَا لـِلْـمَـلاَئِـكَـةِ اسـجُـدُوا لآدَمَ فَـسَـجَـدوا إلاَّ إبْلِـيسَ)[البقرة 34] فَلاَ يَعْني أنَّ إبْليسَ كَانَ مِنَ المَلاَئِكَـةِ، لأنَّ عِبَارَةَ: (إلاَّ إبْلِـيسَ) هِيَ مُسْتَثْنى عَلى الانْقِطَاعِ، أيْ أنَّ [المُسْتَثْنى مِنْـهُ لَيْسَ مِنْ نَوْعِ وَجِنْسِ المُسْـتَثْنى].
أوقات الصلاة الخمسة أفضل مواعيد لتناول الطعام
(خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا)[الأعراف 31]:
إنَّ أفْضَلَ الأوْقاتِ لِتَناوُلِ الطَعَامِ هُوَ أوْقـاتُ الصَلاةِ الخَمْسَـةِ: (يَا بَني آدَمَ خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا وَلاَ تُسْـرِفُوا)[الأعراف 31]، يَا بَني آدَمَ: النِداءُ لِجميْعِ الناسِ وَليْسَ للّذيْنَ آمَنـوا فقطْ، إذَاً المُوْضـُوعُ يَهُمُّ جَميْعَ الناسِ، وَالزِيْنَةُ التي هيَ الراحَةُ النَفْسيَّةُ لَها ارْتِبـاطٌ وَثِيْقٌ بالطَعـامِ، عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ: أيْ ارْتاحُوا وَافْرَحُوا وَتَخَلَّصُوا مِنْ ضُغُوطِ الحَيـاةِ، خَمْسَ مَرَّاتٍ في اليَوْمِ، التي هيَ أوْقاتُ الصَلاةِ الإسْلاميّةِ، وَكُـلُـوا وَاشْـرَبوا: أي في أوقات الصلاة حصْـراً، وَلاَ تُسْـرِفُوا: أيْ خَمْسَ وَجَبـاتٍ خَفيفَـةٍ في اليَـوْمِ: (قُلْ مَـنْ حَـرَّمَ زِيْنَةَ اللّـهِ الـتي أَخْـرَجَ لِـعِـبَادِهِ وَالـطَـيِّباتِ مِـنَ الـرِزْقِ)[الأعراف 33]، وَبَعْدَ الطَعامِ الطيِّبِ أيْ الحَلال وَغَيْرِ المُلَوّث، يَجِبُ تَنظِيم الطـاقَة وَالحالَةِ النَفْسيّةِ السَعيدة، وَذَلِكَ عَنْ طَريْقِ العَمَلِ الصَالِحِ: (يَا أَيُّهَـا الـرُسُـلُ كُـلُـوا مِـن الـطَيِّباتِ وَاعْـمَـلُـوا صَـالِـحَـاً)[المؤمنون 51]، (مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَــاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثى وَهُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَـلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً)[النحل 97].
(الـجَـمَـلُ فـي سَـمِّ الـخـِيَاطِ)[الأعراف 40]:
(إنَّ الـذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا وَاسْـتَكْبروا عَـنْهَـا لاَ تُفَتَّحُ لَـهُـمْ أَبْوابُ الـسَـمـَاءِ وَلاَ يَدْخُـلُـونَ الـجَـنَّةَ حَـتّى يَلِجَ الـجَـمَـلُ في سَـمِّ الـخـِيَاطِ وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـجْـرِمِـيْنَ)[الأعراف 40]، سَـمِّ: ثقب، الـخـِيَاطِ: الإبرة.
[الجَمَـلُ]: في هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَ الحَيَوانُ المَعْـروفُ، بَلْ هُوَ: حَبْـلُ السَـفينَةِ الغَليظ
لأنَّ الحيوانَ المَعْـروفَ يُسَـمّى البَعيـرُ: (وَلِـمَـنْ جَـاءَ بِـهِ حِـمْلُ بَعـيـرٍ)[يوسف 72]، (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعيرٍ)[يوسف 65]، فَأصْبَحَ مَعْنى الآيَةِ: حتّى يَدْخُلَ حَبْلُ السَـفينةِ الغليظِ في ثُقْبِ الإبْرَةِ، وَجَمْعُ الجَمَلِ: جِمَـالةٌ (كَأنَّـهُ جِمَـالَةٌ صُـفْرٌ)[المرسلات 33]، بَيْنَما جَمْعُ البَعيرِ: إبِـلٌ (أفَـلا يَنْظُـرونَ إلى الإبِـلِ كَيْفَ خُلِقَـتْ)[الغاشية 17].
(أفيضـوا علـينا منَ الـمـاء)[الأعراف 50]:
إنَّ الجِنـَانُ مُشْـرِفَةٌ عَلى النـَارِ، والتَخاطُبُ بَيْنَ أَصْحَاب الجنّـةِ وَأَصْحَابِ النـَارِ مُمْكِنٌ وَحـاصِلٌ فِعْـلاً: (وَنَادى أَصْـحَـابُ الـنَارِ أَصْـحَـابَ الـجَـنَّـةِ أَنْ أَفـيضـوا عَـلَـيْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ أوْ مِـمَّـا رَزَقَكُــمُ اللَّـهُ قَالُـوا إنَّ اللَّـهَ حَـرَّمَـهُـمَـا عَـلـى الـكَـافِـرينَ)[الأعراف 50]، (وَنَادى أَصْـحَـابُ الـجَـنَّـةِ أَصْـحَـابَ الـنَارِ أَنْ قَـدْ وَجَـدْنَا مَـا وَعَـدَنَا رَبُّنَـا حَـقّـاً فَـهَـلْ وَجَـدْتُمْ مَـا وَعَـدَ رَبُّكُـمْ حَـقّـاً قَـالـوا نَعَـمْ)[الأعراف 44]، (قَالَ قَائـِلٌ مِـنْهُـمْ إنّي كَـانَ لـِي قَـرينٌ فَأطَّـلَـعَ فَرآهُ في سَـواءِ الـجَـحـيمِ)[الصافات 51].
(الـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ)[الأعراف 58]:
إن عَلاَقَةُ النَبَـاتِ وَالطَاقَةِ التي يَحْتَويهَا، عَلاَقَةٌ وَثِيقَةٌ جِـدَّاً مَعَ الطَاقَةِ الخَيِّرَةِ لَدى سُكَّانِ البَلَدِ الذي يَنْبُتُ فـيهِ، وَمَدى قِيَامِ السُكَّانِ بِتَلْويثِ البِيئَـةِ وَبالتَالي تَلْويثِ الطَعَامِ خَاصَّةً بالمُرَكَّباتِ الكيميائِيَّة: (وَالـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ وَالـذي خَـبُثَ لاَ يَخْـرُجُ إلاَّ نَكِـدَاً)[الأعراف 58]، فَيَجِبُ الانْتِبَاهُ حَتَّى عِنْدَ التَداوي بِالأعْشَابِ الطَبيعِيَّةِ لِحَالِ سُكَّانِ البَلَدِ وَمَدى تَلْويثِهِمْ لِلبيئَةِ.
(اعْبُدوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُه):
مِمّا يُقَوّي العَقيدَةَ الصحيحة، الخَبَرُ الصَادِقُ الذي يَتَجلّى في وِحْدَةِ الرِسالاتِ، فَجميعُ الرُسُلِ على اخْتلافِ أزْمِنَتِهِمْ وَألْسِنَتِهِمْ وَشُعُوبِهِمْ وَأماكِنِهمْ، قالوا عِبارَةً واحِدَةً هي: (اعْبُدوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُه)، أوضحتهـا سورة الأعراف:
نوحٌ: (لَـقَـدْ أَرْسَـلْـنَا نُوحَـاً إلـى قَوْمِـهِ فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَا لَـكُـمْ مِنْ إلهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 59].
هودٌ: (وَإلـى عَــادٍ أَخَـاهُـمْ هُــودَاً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 65].
صالحٌ: (وَإلـى ثَمُـودَ أَخَـاهُـمْ صَالِـحَاً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّهَ مَا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 73].
شُعَيْبٌ: (وَإلـى مَدْيَنَ أَخَاهُـمْ شُـعَـيْباً قَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ) [الأعراف 85].
كل هـذا واللـه أعـلم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
10 رمضان 1436هـ 27 يونيو 2015م
القثاء.. مخزن الأملاح
القثّاء بكسر القاف كما ذكره ابن منظور في لسان العرب فقال هو الخيار وقيل إنه نباتٌ حولي عشبيّ، يزهرُ بأزهار صفراء، وهو من الفصيلة القرعية، وقد ذكر القثّاء في القرآن الكريم في سورة البقرة آية 61 بقوله تعالى: ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).
والقثاء له فوائد عظيمة فهو غنيٌّ بالفيتامينات والأملاح المعدنية فهو يحتوي على الفيتامينات (أ، ب ، ج)، كما يحتوي على أملاح الكالسيوم والحديد والفسفور والمنجنيز والكبريت والكالسيوم، والقثاء يملك نفس خواص وفوائد الخيار، إلا أنه أخفّ منه، ويؤكل القثاء طازجاً وُيستخدم في الطبخ، كما يُستخدم لإعداد المخلّلات والسلطات.
فوائد علاجية
القثاء هو مُدرٌّ للبول، وهو أيضاً يعمل على تنظيف الدم من الفضلات والأملاح الزائدة، ويعمل أيضاً على تبريد الجسم بتخفيض درجة حرارته، ويُستخدم أيضاً في علاج بعض الأمراض الجلديّة، مثل الحكّة الشديدة، وعلاج النّمش والكلف عند خلط عصيره مع الحليب، وللقثاء فوائد علاجيّة وهي معالجة التهابات المفاصل، ويفيد في حالات التسمم ويفيد أيضاً في علاج مرض النُّقرص..
ولم يُذكر للقثاء أية أضرار جانبيّة، عدا للأشخاص الذين يعانون من أمراض المعدة، فيجب تناوله مرة واحدة كل 24 ساعة، ويُفضّلُ إضافة الملح له، فسبحان من جعل لكل داء دواء وسبحان من سخر لعباده ما يتداوون به عند مرضهم .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين القثاء والرطب في طعامه، فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهما - قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما استقام لها ذلك حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمنت عليه كأحسن السمن "، ومن أحسن الكتب التي تناولت سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) في الطعام كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية.
يخبرنا ابن القيم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يجمع في نفس الطعام ما بين اللبن والسمك أو بين اللبن وأكل الحامض (فاكهة، طعام، شراب)، أو لبن وبيض، أو لبن ولحم وكذلك أكلتين ساخنتين أو أكلتين باردتين أو أكلتين سائلتين أو أكلتين تم تحضيرهما على النار، وكان (صلى الله عليه وسلم) لا يأكل طعاما تم تحضيره في الليلة الماضية أو أكلاً فيه خل طال بقاؤه.
تقليل الحرارة
وعلى العكس كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يجمع بين بعض المأكولات من اجل تقليل حرارة الواحدة ببرودة الأخرى، فمثلا كان يجمع بين الرطب والخيار، كما كان يجمع بين التمر والدهن.
وينصح ابن القيم بعدم شرب الماء بعد الأكل، خاصة إذا كانت الوجبة باردة أو العكس ساخنة، بالنسبة له، فالماء كما يرى ابن القيم لا يشرب أيضا في بداية الأكل وكذلك عند الاستيقاظ من النوم أو مباشرة بعد جهد عضلي كبير.
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يأكل العسل بعد خلطه بالماء البارد خاصة في الصباح بعد النهوض من النوم، وبالإمكان تعويض العسل بالزبيب أو بالتمر أو بالتين، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفضل هذا الجمع البارد والسكري، وفي حديث عن عائشة رضي الله عنها "افضل شراب الرسول هو الحلو البارد، " وذكر ابن القيم لأهم أكلة للرسول صلى الله عليه وسلم وهي الثريد..
وهي من أحب الطعام عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو عبارة عن فتة الخبز البر بمسلوق اللحم، حيث تسلق اللحمة جيداً حتى يتكثف ماؤها ويقل ثم تملح، ويقطع خبز البر قطعا صغيرة وتشرب بماء اللحم ثم يضاف اللحم على وجه الطبق ويسكب القليل من الخل فوقها وتقدم.
القثاء والطب
قال ابن سينا" القثاء ألطفه النضيج ، فيه إدرار وتليين وينفع من أوجاع المذاكير وهو موافق للمثانة".، وقال الرازي "القثاء أخف من الخيار وأسرع نزولاً ولا يسخن البدن" وينصح الباحثون للحفاظ على نضارة الجلد وصحته باللجوء إلى الطبيعة ومكوناتها، وفي هذا الإطار أثبتت الدراسات أن للخيار فوائد صحية وتجميلية إضافة إلى فوائده الغذائية المتعددة.
**********************************************************************************القثّاء بكسر القاف كما ذكره ابن منظور في لسان العرب فقال هو الخيار وقيل إنه نباتٌ حولي عشبيّ، يزهرُ بأزهار صفراء، وهو من الفصيلة القرعية، وقد ذكر القثّاء في القرآن الكريم في سورة البقرة آية 61 بقوله تعالى: ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).
والقثاء له فوائد عظيمة فهو غنيٌّ بالفيتامينات والأملاح المعدنية فهو يحتوي على الفيتامينات (أ، ب ، ج)، كما يحتوي على أملاح الكالسيوم والحديد والفسفور والمنجنيز والكبريت والكالسيوم، والقثاء يملك نفس خواص وفوائد الخيار، إلا أنه أخفّ منه، ويؤكل القثاء طازجاً وُيستخدم في الطبخ، كما يُستخدم لإعداد المخلّلات والسلطات.
فوائد علاجية
القثاء هو مُدرٌّ للبول، وهو أيضاً يعمل على تنظيف الدم من الفضلات والأملاح الزائدة، ويعمل أيضاً على تبريد الجسم بتخفيض درجة حرارته، ويُستخدم أيضاً في علاج بعض الأمراض الجلديّة، مثل الحكّة الشديدة، وعلاج النّمش والكلف عند خلط عصيره مع الحليب، وللقثاء فوائد علاجيّة وهي معالجة التهابات المفاصل، ويفيد في حالات التسمم ويفيد أيضاً في علاج مرض النُّقرص..
ولم يُذكر للقثاء أية أضرار جانبيّة، عدا للأشخاص الذين يعانون من أمراض المعدة، فيجب تناوله مرة واحدة كل 24 ساعة، ويُفضّلُ إضافة الملح له، فسبحان من جعل لكل داء دواء وسبحان من سخر لعباده ما يتداوون به عند مرضهم .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين القثاء والرطب في طعامه، فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهما - قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الرطب بالقثاء، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما استقام لها ذلك حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمنت عليه كأحسن السمن "، ومن أحسن الكتب التي تناولت سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) في الطعام كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية.
يخبرنا ابن القيم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يجمع في نفس الطعام ما بين اللبن والسمك أو بين اللبن وأكل الحامض (فاكهة، طعام، شراب)، أو لبن وبيض، أو لبن ولحم وكذلك أكلتين ساخنتين أو أكلتين باردتين أو أكلتين سائلتين أو أكلتين تم تحضيرهما على النار، وكان (صلى الله عليه وسلم) لا يأكل طعاما تم تحضيره في الليلة الماضية أو أكلاً فيه خل طال بقاؤه.
تقليل الحرارة
وعلى العكس كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يجمع بين بعض المأكولات من اجل تقليل حرارة الواحدة ببرودة الأخرى، فمثلا كان يجمع بين الرطب والخيار، كما كان يجمع بين التمر والدهن.
وينصح ابن القيم بعدم شرب الماء بعد الأكل، خاصة إذا كانت الوجبة باردة أو العكس ساخنة، بالنسبة له، فالماء كما يرى ابن القيم لا يشرب أيضا في بداية الأكل وكذلك عند الاستيقاظ من النوم أو مباشرة بعد جهد عضلي كبير.
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يأكل العسل بعد خلطه بالماء البارد خاصة في الصباح بعد النهوض من النوم، وبالإمكان تعويض العسل بالزبيب أو بالتمر أو بالتين، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفضل هذا الجمع البارد والسكري، وفي حديث عن عائشة رضي الله عنها "افضل شراب الرسول هو الحلو البارد، " وذكر ابن القيم لأهم أكلة للرسول صلى الله عليه وسلم وهي الثريد..
وهي من أحب الطعام عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو عبارة عن فتة الخبز البر بمسلوق اللحم، حيث تسلق اللحمة جيداً حتى يتكثف ماؤها ويقل ثم تملح، ويقطع خبز البر قطعا صغيرة وتشرب بماء اللحم ثم يضاف اللحم على وجه الطبق ويسكب القليل من الخل فوقها وتقدم.
القثاء والطب
قال ابن سينا" القثاء ألطفه النضيج ، فيه إدرار وتليين وينفع من أوجاع المذاكير وهو موافق للمثانة".، وقال الرازي "القثاء أخف من الخيار وأسرع نزولاً ولا يسخن البدن" وينصح الباحثون للحفاظ على نضارة الجلد وصحته باللجوء إلى الطبيعة ومكوناتها، وفي هذا الإطار أثبتت الدراسات أن للخيار فوائد صحية وتجميلية إضافة إلى فوائده الغذائية المتعددة.
العفو والعافية
اللهم يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام، أسألك يا إلهي بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. نسألك العفو والعافية يا كريم. اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني، وارحمني أن تكلف مالا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني.
اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيراً مما نقول، ولك الحمد الذي أنت أهله، بعدد ما عندك من العدد، وفي كل لحظة من الأزل وإلى الأبد.
اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد «صلى الله عليه وسلم»، وأنت المستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم إني أعوذ بك من شر الأشرار، ومن كيد الفجار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخيرٍ يا رحمن.
اللَّهُمَّ إني أسألك عيشاً قاراً، ورزقاً داراً، وعملاً باراً.
اللهم يا مشرق البرهان، يا من رحمته في هذا المكان وفي كل مكان، يا فارج الهم ويا كاشف الغم، يا منزل القطر ويا مجيب دعوة المضطر يا رحمن الدنيا ورحيمها، صل على خيرتك من خلقك محمدٍ النبي الأمي الطاهر الزكي، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وفرج اللهم عني كل هم وغم وأخرجني من كل حزن وكرب مما ضاق به صدري وعيل معه صبري وقلت فيه حيلتي وضعفت له قوتي، يا كاشف كل ضر وبلية، يا عالم كل سر وخفية يا أرحم الراحمين، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
***********************************************************************************اللهم يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام، أسألك يا إلهي بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تغسل به بدني فإنه لا يعينني على الحق غيرك، ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. نسألك العفو والعافية يا كريم. اللهم ارحمني بترك المعاصي أبداً ما أبقيتني، وارحمني أن تكلف مالا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني.
اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيراً مما نقول، ولك الحمد الذي أنت أهله، بعدد ما عندك من العدد، وفي كل لحظة من الأزل وإلى الأبد.
اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد «صلى الله عليه وسلم»، وأنت المستعان وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم إني أعوذ بك من شر الأشرار، ومن كيد الفجار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخيرٍ يا رحمن.
اللَّهُمَّ إني أسألك عيشاً قاراً، ورزقاً داراً، وعملاً باراً.
اللهم يا مشرق البرهان، يا من رحمته في هذا المكان وفي كل مكان، يا فارج الهم ويا كاشف الغم، يا منزل القطر ويا مجيب دعوة المضطر يا رحمن الدنيا ورحيمها، صل على خيرتك من خلقك محمدٍ النبي الأمي الطاهر الزكي، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وفرج اللهم عني كل هم وغم وأخرجني من كل حزن وكرب مما ضاق به صدري وعيل معه صبري وقلت فيه حيلتي وضعفت له قوتي، يا كاشف كل ضر وبلية، يا عالم كل سر وخفية يا أرحم الراحمين، وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
روي أن امرأة ارادت ان تحفظ ابنها القرآن ولم يكن في قريتهم من يحفظ القرآن فأرسلته الى قرية بعيدة وكانوا فقراء لا يملكون المال وصل الغلام الى المعلم فوجد الحلقة مكتملة وقال له لا مكان لك فيها فحزن الغلام وعاد الى قريته فأدركه الليل في الطريق فأستند الى شجرة ونام
فرأى الرسول صلى الله عليه السلام في المنام فأخبره بما حدث له مع المعلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع الى الشيخ وقل له يقول لك رسول الله حفظني القرآن
فقال له الغلام قد لا يصدقني فقال له رسول الله بأمارة زمرا زمرا
استيقظ الغلام وعاد الى منزل الشيخ وقرع الباب فجرا ففتح له الشيخ وقال له لم عدت قال له الغلام يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظني القرآن بأمارة زمرا زمرا
فبكى الشيخ وأكرم الغلام وجعل له مكانا في الحلقة فسأله الغلام يا معلمي ما قصة زمرا زمرا فقال له الشيخ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته كيف يدخل أهل القرآن الجنة فقال لي زمرا زمرا.
وقفة مع آيه قال تعالى : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا.
يقول الامام ابن القيم - رحمه الله - معلقاً على هذه الآية :
" يأبى الله أن يدخل الناس الجنة فرادى ، فكل صحبة يدخلون الجنة سويا " .
أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن نكون صحبة نأخذ بعضنا بيد بعض وندخل الجنةَ .اللهم آمين ...اذا اعجبك ما قرات فتفضل بزيارة صفحتى وعمل متابعة او صداقة وسترى وتقرا ما يسرك
**********************************************************************************فرأى الرسول صلى الله عليه السلام في المنام فأخبره بما حدث له مع المعلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع الى الشيخ وقل له يقول لك رسول الله حفظني القرآن
فقال له الغلام قد لا يصدقني فقال له رسول الله بأمارة زمرا زمرا
استيقظ الغلام وعاد الى منزل الشيخ وقرع الباب فجرا ففتح له الشيخ وقال له لم عدت قال له الغلام يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظني القرآن بأمارة زمرا زمرا
فبكى الشيخ وأكرم الغلام وجعل له مكانا في الحلقة فسأله الغلام يا معلمي ما قصة زمرا زمرا فقال له الشيخ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسألته كيف يدخل أهل القرآن الجنة فقال لي زمرا زمرا.
وقفة مع آيه قال تعالى : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا.
يقول الامام ابن القيم - رحمه الله - معلقاً على هذه الآية :
" يأبى الله أن يدخل الناس الجنة فرادى ، فكل صحبة يدخلون الجنة سويا " .
أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن نكون صحبة نأخذ بعضنا بيد بعض وندخل الجنةَ .اللهم آمين ...اذا اعجبك ما قرات فتفضل بزيارة صفحتى وعمل متابعة او صداقة وسترى وتقرا ما يسرك
القعقاع بن عمرو التميمي
قيل عنه
لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل
كتب عمر بن الخطاب إلى سعد أي فارس أيام القادسية كان أفرس؟
وأي رجل كان أرجل؟ وأي راكب كان أثبت؟
فكتب إليه
لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ويقتل في كل حملة كميا..
بطولات القعقاع يوم القادسية
أزعجت المسلمين الفيلة التي جاء بها رستم لأن الخيول كانت تحجم عنها وتحيد فاقترح عاصم بن عمرو أن يرموا ركبان الفيلة بالنبل فشد عليهم الرماة فما بقي فيل إلا قتل صاحبه
واقتتل الناس ذلك اليوم حتى غروب الشمس وفي اليوم الثاني أصبح المسلمون وإذا بنواصي الخيل
قادمة من الشام وقد فتحت دمشق وفي مقدمته القعقاع بن عمرو فما عمل القعقاع وهو يعلم عدد جيش المسلمين
وضخامة جيش الفرس؟!
قطع الجيش عشرًا عشرًا وكانوا ألف فارس وجعلهم متباعدين يثيرون الأرض حتى يصلوا ويلحقوا بالجيش فبقيت العشرات تتوارد أرض على القادسية حتى المساء
فظن الفرس أن مائة ألف قد وصلوا من الشام فألقى القعقاع في قلوبهم الرعب والهلع فلا تدري من أين جاء هؤلاء الفرسان بفنون الحرب وخططها
وهم حديثو عهد بالحروب؟!
ومن خطط القعقاع أيضًا أنه ألبس الإبل البراقع فجعلت خيل الفرس
تفر منها تحسبها فيلة
فلقي الفرس من الإبل أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة فتنشط المسلمون وتقاتل الفريقان ذلك اليوم حتى منتصف الليل.
وأصبح الناس لليوم الرابع
والقتال مستمرفأصبح القعقاع بن عمرو ورأى أنها قد طالت فجمع حوله جماعة من الرؤساء وشجعهم وكان هو محور المعركة الفاصلة
فقال لهم
إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم فاصبروا ساعة.
فقصدوا رستم وخالطوا جيش العدو فوصل القعقاع إلى سرير رستم وقتلوا من دونه فهرب رستم ونزل في الماء فرآه هلال بن علّفة فلحق به ورمى بنفسه عليه
وتناوله من رجليه فأخرجه من الماء ثم ضرب جبينه بالسيف حتى قتله ثم ألقاه بين أرجل البغال ثم صعد طرف السرير
وقال: قتلت رستم وربِّ الكعبة فكبر الجميع وهم يطوفون به يرون رأس رستم فلما رأى الفرس ذلك المنظر وبعد قتال استمر
يومين كاملين دون توقف انهزموا فتبعهم المسلمون برماحهم وسيوفهم وهم يقتلون فيهم.
البداية والنهاية بن كثير
خطبة للشيخ ناصر بن محمد الأحمد.
*********************************************************قيل عنه
لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل
كتب عمر بن الخطاب إلى سعد أي فارس أيام القادسية كان أفرس؟
وأي رجل كان أرجل؟ وأي راكب كان أثبت؟
فكتب إليه
لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ويقتل في كل حملة كميا..
بطولات القعقاع يوم القادسية
أزعجت المسلمين الفيلة التي جاء بها رستم لأن الخيول كانت تحجم عنها وتحيد فاقترح عاصم بن عمرو أن يرموا ركبان الفيلة بالنبل فشد عليهم الرماة فما بقي فيل إلا قتل صاحبه
واقتتل الناس ذلك اليوم حتى غروب الشمس وفي اليوم الثاني أصبح المسلمون وإذا بنواصي الخيل
قادمة من الشام وقد فتحت دمشق وفي مقدمته القعقاع بن عمرو فما عمل القعقاع وهو يعلم عدد جيش المسلمين
وضخامة جيش الفرس؟!
قطع الجيش عشرًا عشرًا وكانوا ألف فارس وجعلهم متباعدين يثيرون الأرض حتى يصلوا ويلحقوا بالجيش فبقيت العشرات تتوارد أرض على القادسية حتى المساء
فظن الفرس أن مائة ألف قد وصلوا من الشام فألقى القعقاع في قلوبهم الرعب والهلع فلا تدري من أين جاء هؤلاء الفرسان بفنون الحرب وخططها
وهم حديثو عهد بالحروب؟!
ومن خطط القعقاع أيضًا أنه ألبس الإبل البراقع فجعلت خيل الفرس
تفر منها تحسبها فيلة
فلقي الفرس من الإبل أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة فتنشط المسلمون وتقاتل الفريقان ذلك اليوم حتى منتصف الليل.
وأصبح الناس لليوم الرابع
والقتال مستمرفأصبح القعقاع بن عمرو ورأى أنها قد طالت فجمع حوله جماعة من الرؤساء وشجعهم وكان هو محور المعركة الفاصلة
فقال لهم
إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم فاصبروا ساعة.
فقصدوا رستم وخالطوا جيش العدو فوصل القعقاع إلى سرير رستم وقتلوا من دونه فهرب رستم ونزل في الماء فرآه هلال بن علّفة فلحق به ورمى بنفسه عليه
وتناوله من رجليه فأخرجه من الماء ثم ضرب جبينه بالسيف حتى قتله ثم ألقاه بين أرجل البغال ثم صعد طرف السرير
وقال: قتلت رستم وربِّ الكعبة فكبر الجميع وهم يطوفون به يرون رأس رستم فلما رأى الفرس ذلك المنظر وبعد قتال استمر
يومين كاملين دون توقف انهزموا فتبعهم المسلمون برماحهم وسيوفهم وهم يقتلون فيهم.
البداية والنهاية بن كثير
خطبة للشيخ ناصر بن محمد الأحمد.
الجــزء الـتـاسـع في القرآن الكريم
الفِسْق .. قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 88 ] من سورة الأعـراف، وحتى الآيـة [ 40 ] من سورة الأنفـال، ومـمّـا ورَد فيـه :
(فَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ ) [ الأعراف 91 ] :
مَدْيَنْ اسْمٌ مَعْناهُ: مَحْكَمَة، وَتَقَعُ مَدْيَنَ في أرْضِ [ مَعَانَ ] شَرْقَ خَليجِ العَقَبَةِ، وَسَكَنَها قَوْمُ مَدْيَنَ وَرَسُولُهُمْ هُوَ شُعَيْبٌ: (وَإلـى مَـدْيَنَ أخاهم شُـعَـيْباً )[ الأعراف 85 ] قـال أخَـاهُمْ: لأنَّ شُـعَيْباً كانَ من قَـوْمِ مَـدْيَن، وَلَمّا كَذّبوا شُعَيْباً أُهْلِكُوا بالصَيْحَةِ وَالرَجْفَةِ مَعَاً، مِثْلَ قَوْمِ ثَمُودَ:
(وَإلـى مَـدْيَنَ أَخَـاهُـمْ شُـعَـيْبَاً فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ وارجوا اليوم الآخر وَلاَ تَعْـثَـوْا فـي الأرْضِ مُـفْـسِـدينَ فَـكَـذَّبُوه ُفَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ العنكبوت 36 / 37 ] ، هنا قال : فـي دَارِهِـمْ بالمفـرد، بينمـا في آية أخرى: ( وَ لَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنَا نَجَّـيْنَا شُـعَـيْباً وَ الـذينَ آمَـنوا معه برحمة منا وَ أَخَـذَتِ الـذينَ ظَـلَـمُـوا الـصَـيْحَـةُ فَأَصْـبَحُـوا فـي دِيَارِهِـمْ جَاثِمِـينَ).. (أَلاَ بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ )[ هود 94 / 95 ] ، هنـا قال : فـي دِيَارِهِـمْ بالجمـع ، وقال : بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ : أيْ بِنَفْسِ الطَريقَةِ التي أُهْلِكَتْ بِهَـا ثَمُـودُ ، وَ هيَ الصَـيْحَةُ وَ الرَجْفَة ُ مَعَـاً ، وَ هَذه كانَتْ لِقَوْمِ مَـدْيَنَ فَقَطْ ، وَ لَيْسَ لأصْحَـابِ الأيْكَـةِ .
( أوَ أمِـنَ أهْـلُ القُـرى أنْ يأتيهُم بأسُـنا )[ الأعراف 98 ] :
القَرْيـةُ: سُكَّانُهَا مُتَّفِقُـونَ عَلى أفْكَارٍ وَاحِدَةٍ ، أوْ عَلى مِهْنَةٍ واحِدَةٍ ، وَ نَقُولُ : القَرْيَةُ السِيَاحِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الرِيَاضِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الزِراعِيَّةُ ... ، وَ حينَمَا اتَّفَـقَ قوْمُ لُوطٍ عَلى فِعْلِ اللُّواطَـةِ أسماهـا قرية : ( وَ نَجَّـيْـنَاهُ مِـنَ الـقَرْيَـةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ )[ الأنبياء 74 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ جَـوابُ قَوْمِـهِ إلاَّ أنْ قَالُـوا أخْـرِجُـوهُـمْ مِـنْ قَرْيَتِـكُـمْ إنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّـرونَ )[ الأعراف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى البُخْلِ : ( حَـتّى إذَا أتَيَا أهْـلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْـعَـمَا أهْـلَـهَـا فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُـمَا )[ الكهف 77 ] ، وَ في سُورَةِ يس حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى الكُفْرِ: ( وَ اضْـرِبْ لَـهُـمْ مَـثَلاً أصْـحَـابَ الـقَرْيَةِ إذْ جَـاءَهَـا الـمُـرْسَـلُـونَ إذْ أرْسَـلْـنَا إلَـيْهِـمُ اثْنَيْنِ فَـكَـذَّبُوهُـمَـا )[ يس 13 ] ، لذلك في كل القرآن الكريم كان [ الهـلاك ] للقرى ، وليس للمدن.
(وَإنْ وجـدْنا أكـثرهُـم لـفـاسـقين )[ الأعراف 102 ] :
إنَّ الفِسْقَ هُوَ: قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ، عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ وَ تَصْميمٍ ، أيْ هُوَ مُخَـالَفَةُ المنطِقِ وَ الحقّ: ( وإنَّ كَـثِـيْراً مِــنَ الـنَـاسِ لَـفَـاسِــقُونَ )[ المائدة 49 ] ، أيْ يَقْلِبُونَ الحَقَّ إلى باطِلٍ وَ كَذِبٍ ، ومنهـم : ( وَمَـا يُضِـلُّ بِهِ إلاَّ الـفَاسِـقِـينَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَيَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَيُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـخَـاسِـرونَ )[ البقرة 26 / 27 ] ، ( وَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ لَـهُـمُ اللَّـعْـنَةُ وَ لَـهُـمْ سُـوءُ الـدَارِ )[ الرعد 25 ] ، وَ الذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ هُمْ فَاسِـقُونَ :
( وَ الـذينَ يَرْمُـونَ الـمُـحْـصَـنَاتِ ثُمَّ لَـمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَـةِ شُـهَـداءَ فَاجْـلِـدُوهُـمْ ثَمَـانِينَ جَـلْـدَةً وَ لاَ تَقْبَلُـوا لَـهُـمْ شَـهَـادَةً أَبَدَاً وَأُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ النور 4 ] ، لأنّهم يقلبون الحقّ إلى باطل، وَالذينَ يُمَارِسُونَ اللُّواطَةَ فاسِقُونَ أيضَاً: (وَ لُـوطَـاً آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَ نَجَّـيْنَاهُ مِـنَ الـقَـرْيَةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَ سُـوءٍ فَاسِـقِـيْنَ ) [ الأنبياء 74 ] ، لأنهم يقلبون الحقائق الجنسية، وَالذينَ نَسُوا اللَّهَ فاسقون : (وَلاَ تَكُـونُوا كَـالَّـذينَ نَسُـوا اللَّـهَ فَأَنْسَـاهُـمْ أَنْفُسَـهُـمْ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ الحشر 19 ]، ( إلـى فِرْعَـوْنَ وَقَوْمِـهِ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ )[ النمل 12 ] ، وَ المُنَافَقُونَ فاسِـقُونَ أيْضَاً:
( الـمُـنَافِـقُـونَ وَالـمُـنَافِـقَاتُ بَعْـضُـهُـمْ مِـنْ بَعْـضٍ يَأْمُـرونَ بِالـمُـنْـكَـرِ وَيَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمَـعْـروفِ وَيَقْبِضُـونَ أَيْدِيَهُـمْ نَسُـوا اللّـهَ فَنَسِـيَهُـمْ إنَّ الـمُنَافِقِيْنَ هُـمُ الـفَـاسِـقُونَ )[ التوبة 67 ] ، وَ عَمَلُهُمْ مَرْفُـوضٌ: ( قُلْ أَنْفِقُوا طَـوْعَـاً أَوْ كَـرْهَـاً لَـنْ يُتَقَبَّلَ مِـنْكُـمْ إنَّكُـمْ كُـنْتُمْ قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ ) [ التوبة 53 ] ، وَ لاَ تَجُوزُ الصَلاَةُ عَلَيْهِمْ : ( وَ لاَ تُصَـلِّ عَـلـى أَحَـدٍ مِـنْهُـمْ مَـاتَ أَبَدَاً وَ لاَ تَقُمْ عَـلـى قَبْرِهِ ... وَ مَـاتُوا وَهُـمْ فَاسِـقُونَ )[ التوبة 84 ] .
( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ] :
لاَ بُدَّ في هَذَا السِيَاقِ مِنْ شَرْحِ مَوْضُوعِ [ الحَيَّـةِ وَ الثُعْبـَان وَ الجَـانَّ ] ، فَفي هَذَا المَوْضُوعِ ، أوْرَدَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ مُسَمَّىً واحِدَاً مَعَ أَسْماءَ مُخْتَلِفَة لَـهُ ، وَ هُوَ أَحَدُ أنْواعِ البلاغَةِ القُرْآنِيَةِ الرائِعَةِ ، وَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَنَوُّعِ ، لَيْسَ في الجُمَلِ وَ الأَسَالِيْبِ فَحَسْبُ، بَلْ وَ في المُفْرداتِ أَيْضَاً، حَيْثُ ذَكَرَ القُرْآنُ [ الحَيَّـةَ ] في بَعْضِ المَواقِفِ، بَيْنَمَا ذَكَرَ [ الثُعْبـَان ] في مَواقِفَ أُخْرى، فَعْنْدَما كَانَ مُوسى لِوَحْدِهِ قُرْبَ جَبَلِ الطُورِ: ( وَمَـا تِلْـكَ بِيَمِـيْنِـكَ يَا مُـوسَـى قَالَ هِـيَ عَـصَـايَ أتَوَكَّـأُ عَـلَـيْهَـا وَأَهُـشُّ بِهَـا عَـلـى غَـنَمِي وَلِـيَ فِيْهَـا مَـآرِبُ أُخْـرى قَالَ أَلْـقِـهَـا يَا مُـوسَـى فَأَلْـقَـاهَـا فَإِذَا هِـيَ حَـيَّةٌ تَسْـعَـى )[ طه 17 / 20 ] ، ( فَلَـمَّا رَآهَـا تَهْـتَزُّ كَـأَنَّهَـا جَـانّ وَلّى مُـدْبِراً وَلَـمْ يُعَـقِّبْ )[ النمل 10 ][ القصص 31 ] ، (يَا مُـوسَـى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَـفْ إنَّكَ مِـنَ الآمِـنِيْنَ )[ القصص 31 ] ، فالحَيَّةُ اسْمُ جِنْسٍ، يَقَعُ عَلى الذَكَرِ وَالأُنثى وَالصَغِيْرِ وَالكَبيْرِ، أمَّا [ الجَـانّ ] فَهُوَ النَوْعُ الصَغِيْرُ مِنَ الحَيَّاتِ، وَقَدْ يَكُونُ فَرْخُ الحَيَّةِ، وَنُلاَحِظُ أنَّ عَصَـا مُوسى عليه السلام قَدِ اتَّخَذَتْ أوَّلَ أَشْكَالِهَا عَلى صُورَةِ [ حَيَّـةٍ ] ، بَيْنَمَا اهْتِزَازُهَا كَانَ يُشْـبِهُ اهْتِزَازُ الجَـانّ، لِمَا لِذِكْرِ الجَـانّ مِنْ أَثَرٍ مُرْعِبٍ في النُفُوسِ، وَدَلِيْلٍ نَفْسِيٍّ يَبْعَثُ عَلى الهَـرَبِ.
أمَّا عِنْدَ فِرْعَوْنُ ، وَأمَامَ حَشْدٍ ضَخْمٍ مِنَ الناسِ وَالسَحَرَةِ ، فَإنَّ حَيَّةً صَغِيْرَةً لَنْ تُخِيْفَ هَذَا الجَمْعِ لِذَلِكَ تَحَوَّلَتِ العَصَا إلى ثُعْبَـانٍ مُبِيْنٍ أَخَافَ الجَمِيْعَ : (فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ][ الشعراء 32 ] ، وَ كَانَ قَادِراً عَلى ابْتِـلاَعِ كُلِّ أَدَواتِ السِـحْرِ وَ الشَعْوَذَةِ وَ الكَذِبِ ، ( وَ أَلْـقِ مَـا في يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَعُـوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ )[ طه 69 ] ، (وَأوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَألْـقَى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، وَهَذِهِ بلاغَةُ القُرْآنِ.
(سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَاسْـتَـرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] :
وَذَلِكَ بِسَبَبِ الخِداعِ البَصَريّ: (سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] ، وَبِسَبَبِ خَوْفِ مُوسى عليه السلام : ( فَأَوْجَـسَ فـي نَفْسِـهِ خِـيْفَـةً مُـوسَـى )[ طـه 67 ] ، ظَنَّ أَنَّهَا تَسْعى، فَكَانَ الحَلُّ الإلَهيُّ: ( قُلْـنَا لاَ تَخَـفْ إنَّكَ أَنْتَ الأَعْـلى )[ طـه 68 ] ، الذي كَشَفَ كَذِبَهُمْ: (وَأَوْحَـيْنَا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَأَلْـقَـى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، لأَنَّ سِحْرَهُمْ خَديعَةٌ فيزيَـائِيَّةٌ : (وَأَلْـقِ مَـا فـي يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَـعُوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ وَلاَ يُفْلِـحُ الـسَـاحِـرُ حَـيْث أَتى )[ طـه 69 ] ، لاَ يُفْلِـحُ الساحر: النتيجة خاسـرة، حَـيْثُ أَتى: مَهْما عَمِـلَ .
الأجساد شكل خارجي والأجسام كتلة كاملة مع الأحشاء
( عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] :
التَجَسُّـدُ: هُوَ الظُهُورُ عَلى هَيْئَـةِ أجْـسَادٍ، مِثْلَ ظُهُورِ جِبريل إلى مَرْيَمَ عليها السلام عَلى هَيْئَةٍ بَشَرٍ سَـوِيِّ: ( فَأرْسَـلْـنَا إلَـيْهَـا رُوحَـنا فَـتَمَـثَّـلَ لَـهَـا بَشَـراً سَـوِيَّاً )[ مريم 17 ] ، بينمـا : [ الأجْسَادُ : هيَ شَكْلٌ خَارجيٌّ فَقَطْ، أمَّا الأجْسَـامُ : مِثْلَنَـا، فَهيَ كتْلَةٌ كامِلَةٌ مَعَ الأحْشَاءِ الداخليةِ ] : ( وَ إذا رأيْتَهُـمْ تُعْـجِـبُـكَ أجْـسَـامُـهُـمْ )[ المنافقون 4 ] ..
وَ عَنْ طَبيعَةِ الأجْسَـادِ قَالَ تعالى : ( وَ مَـا جَـعَـلْـنَاهُـمْ جَـسَـداً لاَ يَأْكُـلُـونَ الـطَـعَـامَ )[ الأنبياء 8 ] ، وَ السَامِريُّ أَخْرَجَ لِـبَني إسْرائيلَ جَسَداً فَقَطْ ، لأنَّهُ مِنَ المُسْتحيلِ عَليْهِ أَنْ يُكوِّنَ جِسْـماً كامِلَ الأحْشَاءِ : ( فَأخْـرَجَ لَـهُـمْ عِـجْـلاً جَـسَـداً )[ طه 88 ] ، (وَاتَّخَـذَ قَـوْمُ مُـوسَـى مِـنْ بَعْـدِهِ مِـنْ حُـلِـيِّـهِـمْ عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] .
(غَـضْـبَانَ أسِـفَاً) [ الأعراف 150 ] :
فَأصْبَحَ مُوسَى أسِـفَاً [ بِكسْرِ حَرْفِ السينِ ] وَ مَعْناهُ : الغَضَبُ الشَـديدُ : ( فَرَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ طه 86 ] ، ( رَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] .
[ انفجـرت ، انبجسـتْ ] :
( وَ إذِ اسْـتَسْـقَـى مُـوسَـى لِـقَـوْمِـه فَقُلْـنَا اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْفَجَـرَتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ البقرة 60 ] ، هنا ( اسْـتَسْـقَـى مُوسَـى ) مِنَ اللّهِ ، لذلك : (فَانْفَجَـرَتْ) دليلُ كَثْرَةِ المَـاءِ وَالكَرَمِ الإلَهيّ، لأنَّ مُوسـى يَطْلُبُ مِنَ اللّـهِ مُباشَـرَةً، بينمـا الآية الأخـرى : (وَأوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى إذِ اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ أَنِ اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْبَجَـسَـتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلـمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ الأعراف 160 ]، هنـا (اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ ) أي القَوْمُ يطلبون من موسى ، لذلك : (فَانْبَجَـسَـتْ ) والانبِجـاسُ أقَلُّ مِنَ التَفْجير لأنَّ الطَلَبَ من موسى وليْس من اللّه، وَتدْعى حتى الآنَ : [ عُـيُونُ مُوسى ] عَلى خليجِ السويسِ
( يَنْـزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ )[ الأعراف 200 ] :
النَــزْغُ : وَهُوَ وَسْـوَسَـةٌ خَطِيرَةٌ تُوصِلُ لِلشَـكِّ في العَقِـيدَةِ: (وَإمَّـا يَنْزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ فَـاسْــتَعِـذْ بِاللّـهِ )[ الأعراف 200 ] ، وَ قَالَ صلى الله عليه و سلم : [ يَأْتي الشَيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ : مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتّى يَقُولُ مَنْ خَلَقَ رَبُّكَ ؟!، فَإذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ ][ رواه البخاري ، وَمُسْلم في الإيمان عن أبي هُريرة رضي الله عنه ] ، وَالنَـزْغُ هُوَ أَيْضَاً إفْسَـادُ العَلاَقَـاتِ ، يَقُولُ يُوسُفَ عليه السلام: (مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَبَيْنَ إخْـوَتي)[ يوسف 100 ] .
(فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَأنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] :
فالمَطْلُوبُ هُوَ الاسْتِمَاعُ [ فَهْمُ المَسْمُوعِ ] لِلقُرْآنِ بَعْدَ الإنْصَاتِ [ السُكُوتُ مِنْ أجْلِ السَمَاعِ ] : ( فَإذَا قُـرِئ الـقُـرْآنُ فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَأنْصِـتُوا)[ الأعراف 204 ] .
[ الـمـؤمنـون ، المـؤمنون حـقاً ] :
المؤمنون هُم : ( الـتَائِـبُونَ الـعَـابِدُونَ الـحَـامِـدُونَ الـسَـائِحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدُونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَالـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْـكَـرِ وَالـحَـافِظُـونَ لِـحُـدودِ اللّـهِ وَبَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنِيْنَ )[ التوبة 112 ] .
أمّا المُؤْمِنُونَ حَقـاً : ( إنَّمَـا الـمُـؤمِـنُونَ الـذينَ إذا ذُكِـرَ اللَّـهُ وَجِـلَـتْ قُـلُـوبُهُـمْ وَ إذا تُلِـيَتْ عَـلَـيْهِـمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُـمْ إيْمَـانَاً وَعَـلـى رَبِّهِـمْ يَتَوَكَّـلُـونَ الـذينَ يُقِـيْمُــونَ الـصَـلاَةَ وَ مِـمَّـا رَزَقْنَاهُـمْ يُنْفِـقُونَ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـمُـؤمِـنُونَ حَـقَّـاً )[ الأنفال 2 / 4 ] .
[ يـعـذّبـهُـم ، مُـعـذّبـهُـم ] :
( وَ لَـوْ أنَّـهُـمْ إذْ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ جَـاؤوكَ فَاسْـتَغْـفَروا اللَّـهَ وَاسْـتَغْـفَرَ لَـهُـمُ الرَسُـولُ لَـوَجَـدوا اللَّـهَ تَوّابَاً رَحِـيمَـاً )[ النساء 64 ] ، وَهَذَا يُبَيِّنُ الأهَميَّةَ البالِغَةَ لِزِيارَتِهِ صلى الله عليه وسلم، (وَمَـا كَـانَ اللَّـهُ لِـيُعَـذِّبَـهُـمْ وَأنْتَ فِيهِـمْ وَمَـا كَـانَ اللَّـهُ مُـعَـذِّبَـهُـمْ وَهُـمْ يَسْـتَغْـفِرونَ )[ الأنفال 33 ] ، وردت : ( يُعَـذِّبَـهُـمْ ) بالصِيغَةِ الفِعْليّـةِ ( يُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على أنَّ وُجُودَ الرسُولِ هُوَ حَالـةٌ مُؤَقَّتَـةٌ ، ووردت: مُـعَـذِّبَـهُـمْ بالصيغَةِ الاسمية ( مُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على الـدَوامِ.
كل هـذا واللـه أعـلم.
الفِسْق .. قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 88 ] من سورة الأعـراف، وحتى الآيـة [ 40 ] من سورة الأنفـال، ومـمّـا ورَد فيـه :
(فَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ ) [ الأعراف 91 ] :
مَدْيَنْ اسْمٌ مَعْناهُ: مَحْكَمَة، وَتَقَعُ مَدْيَنَ في أرْضِ [ مَعَانَ ] شَرْقَ خَليجِ العَقَبَةِ، وَسَكَنَها قَوْمُ مَدْيَنَ وَرَسُولُهُمْ هُوَ شُعَيْبٌ: (وَإلـى مَـدْيَنَ أخاهم شُـعَـيْباً )[ الأعراف 85 ] قـال أخَـاهُمْ: لأنَّ شُـعَيْباً كانَ من قَـوْمِ مَـدْيَن، وَلَمّا كَذّبوا شُعَيْباً أُهْلِكُوا بالصَيْحَةِ وَالرَجْفَةِ مَعَاً، مِثْلَ قَوْمِ ثَمُودَ:
(وَإلـى مَـدْيَنَ أَخَـاهُـمْ شُـعَـيْبَاً فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ وارجوا اليوم الآخر وَلاَ تَعْـثَـوْا فـي الأرْضِ مُـفْـسِـدينَ فَـكَـذَّبُوه ُفَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ العنكبوت 36 / 37 ] ، هنا قال : فـي دَارِهِـمْ بالمفـرد، بينمـا في آية أخرى: ( وَ لَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنَا نَجَّـيْنَا شُـعَـيْباً وَ الـذينَ آمَـنوا معه برحمة منا وَ أَخَـذَتِ الـذينَ ظَـلَـمُـوا الـصَـيْحَـةُ فَأَصْـبَحُـوا فـي دِيَارِهِـمْ جَاثِمِـينَ).. (أَلاَ بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ )[ هود 94 / 95 ] ، هنـا قال : فـي دِيَارِهِـمْ بالجمـع ، وقال : بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ : أيْ بِنَفْسِ الطَريقَةِ التي أُهْلِكَتْ بِهَـا ثَمُـودُ ، وَ هيَ الصَـيْحَةُ وَ الرَجْفَة ُ مَعَـاً ، وَ هَذه كانَتْ لِقَوْمِ مَـدْيَنَ فَقَطْ ، وَ لَيْسَ لأصْحَـابِ الأيْكَـةِ .
( أوَ أمِـنَ أهْـلُ القُـرى أنْ يأتيهُم بأسُـنا )[ الأعراف 98 ] :
القَرْيـةُ: سُكَّانُهَا مُتَّفِقُـونَ عَلى أفْكَارٍ وَاحِدَةٍ ، أوْ عَلى مِهْنَةٍ واحِدَةٍ ، وَ نَقُولُ : القَرْيَةُ السِيَاحِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الرِيَاضِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الزِراعِيَّةُ ... ، وَ حينَمَا اتَّفَـقَ قوْمُ لُوطٍ عَلى فِعْلِ اللُّواطَـةِ أسماهـا قرية : ( وَ نَجَّـيْـنَاهُ مِـنَ الـقَرْيَـةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ )[ الأنبياء 74 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ جَـوابُ قَوْمِـهِ إلاَّ أنْ قَالُـوا أخْـرِجُـوهُـمْ مِـنْ قَرْيَتِـكُـمْ إنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّـرونَ )[ الأعراف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى البُخْلِ : ( حَـتّى إذَا أتَيَا أهْـلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْـعَـمَا أهْـلَـهَـا فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُـمَا )[ الكهف 77 ] ، وَ في سُورَةِ يس حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى الكُفْرِ: ( وَ اضْـرِبْ لَـهُـمْ مَـثَلاً أصْـحَـابَ الـقَرْيَةِ إذْ جَـاءَهَـا الـمُـرْسَـلُـونَ إذْ أرْسَـلْـنَا إلَـيْهِـمُ اثْنَيْنِ فَـكَـذَّبُوهُـمَـا )[ يس 13 ] ، لذلك في كل القرآن الكريم كان [ الهـلاك ] للقرى ، وليس للمدن.
(وَإنْ وجـدْنا أكـثرهُـم لـفـاسـقين )[ الأعراف 102 ] :
إنَّ الفِسْقَ هُوَ: قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ، عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ وَ تَصْميمٍ ، أيْ هُوَ مُخَـالَفَةُ المنطِقِ وَ الحقّ: ( وإنَّ كَـثِـيْراً مِــنَ الـنَـاسِ لَـفَـاسِــقُونَ )[ المائدة 49 ] ، أيْ يَقْلِبُونَ الحَقَّ إلى باطِلٍ وَ كَذِبٍ ، ومنهـم : ( وَمَـا يُضِـلُّ بِهِ إلاَّ الـفَاسِـقِـينَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَيَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَيُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـخَـاسِـرونَ )[ البقرة 26 / 27 ] ، ( وَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ لَـهُـمُ اللَّـعْـنَةُ وَ لَـهُـمْ سُـوءُ الـدَارِ )[ الرعد 25 ] ، وَ الذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ هُمْ فَاسِـقُونَ :
( وَ الـذينَ يَرْمُـونَ الـمُـحْـصَـنَاتِ ثُمَّ لَـمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَـةِ شُـهَـداءَ فَاجْـلِـدُوهُـمْ ثَمَـانِينَ جَـلْـدَةً وَ لاَ تَقْبَلُـوا لَـهُـمْ شَـهَـادَةً أَبَدَاً وَأُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ النور 4 ] ، لأنّهم يقلبون الحقّ إلى باطل، وَالذينَ يُمَارِسُونَ اللُّواطَةَ فاسِقُونَ أيضَاً: (وَ لُـوطَـاً آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَ نَجَّـيْنَاهُ مِـنَ الـقَـرْيَةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَ سُـوءٍ فَاسِـقِـيْنَ ) [ الأنبياء 74 ] ، لأنهم يقلبون الحقائق الجنسية، وَالذينَ نَسُوا اللَّهَ فاسقون : (وَلاَ تَكُـونُوا كَـالَّـذينَ نَسُـوا اللَّـهَ فَأَنْسَـاهُـمْ أَنْفُسَـهُـمْ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ الحشر 19 ]، ( إلـى فِرْعَـوْنَ وَقَوْمِـهِ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ )[ النمل 12 ] ، وَ المُنَافَقُونَ فاسِـقُونَ أيْضَاً:
( الـمُـنَافِـقُـونَ وَالـمُـنَافِـقَاتُ بَعْـضُـهُـمْ مِـنْ بَعْـضٍ يَأْمُـرونَ بِالـمُـنْـكَـرِ وَيَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمَـعْـروفِ وَيَقْبِضُـونَ أَيْدِيَهُـمْ نَسُـوا اللّـهَ فَنَسِـيَهُـمْ إنَّ الـمُنَافِقِيْنَ هُـمُ الـفَـاسِـقُونَ )[ التوبة 67 ] ، وَ عَمَلُهُمْ مَرْفُـوضٌ: ( قُلْ أَنْفِقُوا طَـوْعَـاً أَوْ كَـرْهَـاً لَـنْ يُتَقَبَّلَ مِـنْكُـمْ إنَّكُـمْ كُـنْتُمْ قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ ) [ التوبة 53 ] ، وَ لاَ تَجُوزُ الصَلاَةُ عَلَيْهِمْ : ( وَ لاَ تُصَـلِّ عَـلـى أَحَـدٍ مِـنْهُـمْ مَـاتَ أَبَدَاً وَ لاَ تَقُمْ عَـلـى قَبْرِهِ ... وَ مَـاتُوا وَهُـمْ فَاسِـقُونَ )[ التوبة 84 ] .
( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ] :
لاَ بُدَّ في هَذَا السِيَاقِ مِنْ شَرْحِ مَوْضُوعِ [ الحَيَّـةِ وَ الثُعْبـَان وَ الجَـانَّ ] ، فَفي هَذَا المَوْضُوعِ ، أوْرَدَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ مُسَمَّىً واحِدَاً مَعَ أَسْماءَ مُخْتَلِفَة لَـهُ ، وَ هُوَ أَحَدُ أنْواعِ البلاغَةِ القُرْآنِيَةِ الرائِعَةِ ، وَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَنَوُّعِ ، لَيْسَ في الجُمَلِ وَ الأَسَالِيْبِ فَحَسْبُ، بَلْ وَ في المُفْرداتِ أَيْضَاً، حَيْثُ ذَكَرَ القُرْآنُ [ الحَيَّـةَ ] في بَعْضِ المَواقِفِ، بَيْنَمَا ذَكَرَ [ الثُعْبـَان ] في مَواقِفَ أُخْرى، فَعْنْدَما كَانَ مُوسى لِوَحْدِهِ قُرْبَ جَبَلِ الطُورِ: ( وَمَـا تِلْـكَ بِيَمِـيْنِـكَ يَا مُـوسَـى قَالَ هِـيَ عَـصَـايَ أتَوَكَّـأُ عَـلَـيْهَـا وَأَهُـشُّ بِهَـا عَـلـى غَـنَمِي وَلِـيَ فِيْهَـا مَـآرِبُ أُخْـرى قَالَ أَلْـقِـهَـا يَا مُـوسَـى فَأَلْـقَـاهَـا فَإِذَا هِـيَ حَـيَّةٌ تَسْـعَـى )[ طه 17 / 20 ] ، ( فَلَـمَّا رَآهَـا تَهْـتَزُّ كَـأَنَّهَـا جَـانّ وَلّى مُـدْبِراً وَلَـمْ يُعَـقِّبْ )[ النمل 10 ][ القصص 31 ] ، (يَا مُـوسَـى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَـفْ إنَّكَ مِـنَ الآمِـنِيْنَ )[ القصص 31 ] ، فالحَيَّةُ اسْمُ جِنْسٍ، يَقَعُ عَلى الذَكَرِ وَالأُنثى وَالصَغِيْرِ وَالكَبيْرِ، أمَّا [ الجَـانّ ] فَهُوَ النَوْعُ الصَغِيْرُ مِنَ الحَيَّاتِ، وَقَدْ يَكُونُ فَرْخُ الحَيَّةِ، وَنُلاَحِظُ أنَّ عَصَـا مُوسى عليه السلام قَدِ اتَّخَذَتْ أوَّلَ أَشْكَالِهَا عَلى صُورَةِ [ حَيَّـةٍ ] ، بَيْنَمَا اهْتِزَازُهَا كَانَ يُشْـبِهُ اهْتِزَازُ الجَـانّ، لِمَا لِذِكْرِ الجَـانّ مِنْ أَثَرٍ مُرْعِبٍ في النُفُوسِ، وَدَلِيْلٍ نَفْسِيٍّ يَبْعَثُ عَلى الهَـرَبِ.
أمَّا عِنْدَ فِرْعَوْنُ ، وَأمَامَ حَشْدٍ ضَخْمٍ مِنَ الناسِ وَالسَحَرَةِ ، فَإنَّ حَيَّةً صَغِيْرَةً لَنْ تُخِيْفَ هَذَا الجَمْعِ لِذَلِكَ تَحَوَّلَتِ العَصَا إلى ثُعْبَـانٍ مُبِيْنٍ أَخَافَ الجَمِيْعَ : (فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ][ الشعراء 32 ] ، وَ كَانَ قَادِراً عَلى ابْتِـلاَعِ كُلِّ أَدَواتِ السِـحْرِ وَ الشَعْوَذَةِ وَ الكَذِبِ ، ( وَ أَلْـقِ مَـا في يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَعُـوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ )[ طه 69 ] ، (وَأوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَألْـقَى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، وَهَذِهِ بلاغَةُ القُرْآنِ.
(سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَاسْـتَـرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] :
وَذَلِكَ بِسَبَبِ الخِداعِ البَصَريّ: (سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] ، وَبِسَبَبِ خَوْفِ مُوسى عليه السلام : ( فَأَوْجَـسَ فـي نَفْسِـهِ خِـيْفَـةً مُـوسَـى )[ طـه 67 ] ، ظَنَّ أَنَّهَا تَسْعى، فَكَانَ الحَلُّ الإلَهيُّ: ( قُلْـنَا لاَ تَخَـفْ إنَّكَ أَنْتَ الأَعْـلى )[ طـه 68 ] ، الذي كَشَفَ كَذِبَهُمْ: (وَأَوْحَـيْنَا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَأَلْـقَـى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، لأَنَّ سِحْرَهُمْ خَديعَةٌ فيزيَـائِيَّةٌ : (وَأَلْـقِ مَـا فـي يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَـعُوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ وَلاَ يُفْلِـحُ الـسَـاحِـرُ حَـيْث أَتى )[ طـه 69 ] ، لاَ يُفْلِـحُ الساحر: النتيجة خاسـرة، حَـيْثُ أَتى: مَهْما عَمِـلَ .
الأجساد شكل خارجي والأجسام كتلة كاملة مع الأحشاء
( عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] :
التَجَسُّـدُ: هُوَ الظُهُورُ عَلى هَيْئَـةِ أجْـسَادٍ، مِثْلَ ظُهُورِ جِبريل إلى مَرْيَمَ عليها السلام عَلى هَيْئَةٍ بَشَرٍ سَـوِيِّ: ( فَأرْسَـلْـنَا إلَـيْهَـا رُوحَـنا فَـتَمَـثَّـلَ لَـهَـا بَشَـراً سَـوِيَّاً )[ مريم 17 ] ، بينمـا : [ الأجْسَادُ : هيَ شَكْلٌ خَارجيٌّ فَقَطْ، أمَّا الأجْسَـامُ : مِثْلَنَـا، فَهيَ كتْلَةٌ كامِلَةٌ مَعَ الأحْشَاءِ الداخليةِ ] : ( وَ إذا رأيْتَهُـمْ تُعْـجِـبُـكَ أجْـسَـامُـهُـمْ )[ المنافقون 4 ] ..
وَ عَنْ طَبيعَةِ الأجْسَـادِ قَالَ تعالى : ( وَ مَـا جَـعَـلْـنَاهُـمْ جَـسَـداً لاَ يَأْكُـلُـونَ الـطَـعَـامَ )[ الأنبياء 8 ] ، وَ السَامِريُّ أَخْرَجَ لِـبَني إسْرائيلَ جَسَداً فَقَطْ ، لأنَّهُ مِنَ المُسْتحيلِ عَليْهِ أَنْ يُكوِّنَ جِسْـماً كامِلَ الأحْشَاءِ : ( فَأخْـرَجَ لَـهُـمْ عِـجْـلاً جَـسَـداً )[ طه 88 ] ، (وَاتَّخَـذَ قَـوْمُ مُـوسَـى مِـنْ بَعْـدِهِ مِـنْ حُـلِـيِّـهِـمْ عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] .
(غَـضْـبَانَ أسِـفَاً) [ الأعراف 150 ] :
فَأصْبَحَ مُوسَى أسِـفَاً [ بِكسْرِ حَرْفِ السينِ ] وَ مَعْناهُ : الغَضَبُ الشَـديدُ : ( فَرَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ طه 86 ] ، ( رَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] .
[ انفجـرت ، انبجسـتْ ] :
( وَ إذِ اسْـتَسْـقَـى مُـوسَـى لِـقَـوْمِـه فَقُلْـنَا اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْفَجَـرَتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ البقرة 60 ] ، هنا ( اسْـتَسْـقَـى مُوسَـى ) مِنَ اللّهِ ، لذلك : (فَانْفَجَـرَتْ) دليلُ كَثْرَةِ المَـاءِ وَالكَرَمِ الإلَهيّ، لأنَّ مُوسـى يَطْلُبُ مِنَ اللّـهِ مُباشَـرَةً، بينمـا الآية الأخـرى : (وَأوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى إذِ اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ أَنِ اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْبَجَـسَـتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلـمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ الأعراف 160 ]، هنـا (اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ ) أي القَوْمُ يطلبون من موسى ، لذلك : (فَانْبَجَـسَـتْ ) والانبِجـاسُ أقَلُّ مِنَ التَفْجير لأنَّ الطَلَبَ من موسى وليْس من اللّه، وَتدْعى حتى الآنَ : [ عُـيُونُ مُوسى ] عَلى خليجِ السويسِ
( يَنْـزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ )[ الأعراف 200 ] :
النَــزْغُ : وَهُوَ وَسْـوَسَـةٌ خَطِيرَةٌ تُوصِلُ لِلشَـكِّ في العَقِـيدَةِ: (وَإمَّـا يَنْزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ فَـاسْــتَعِـذْ بِاللّـهِ )[ الأعراف 200 ] ، وَ قَالَ صلى الله عليه و سلم : [ يَأْتي الشَيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ : مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتّى يَقُولُ مَنْ خَلَقَ رَبُّكَ ؟!، فَإذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ ][ رواه البخاري ، وَمُسْلم في الإيمان عن أبي هُريرة رضي الله عنه ] ، وَالنَـزْغُ هُوَ أَيْضَاً إفْسَـادُ العَلاَقَـاتِ ، يَقُولُ يُوسُفَ عليه السلام: (مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَبَيْنَ إخْـوَتي)[ يوسف 100 ] .
(فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَأنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] :
فالمَطْلُوبُ هُوَ الاسْتِمَاعُ [ فَهْمُ المَسْمُوعِ ] لِلقُرْآنِ بَعْدَ الإنْصَاتِ [ السُكُوتُ مِنْ أجْلِ السَمَاعِ ] : ( فَإذَا قُـرِئ الـقُـرْآنُ فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَأنْصِـتُوا)[ الأعراف 204 ] .
[ الـمـؤمنـون ، المـؤمنون حـقاً ] :
المؤمنون هُم : ( الـتَائِـبُونَ الـعَـابِدُونَ الـحَـامِـدُونَ الـسَـائِحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدُونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَالـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْـكَـرِ وَالـحَـافِظُـونَ لِـحُـدودِ اللّـهِ وَبَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنِيْنَ )[ التوبة 112 ] .
أمّا المُؤْمِنُونَ حَقـاً : ( إنَّمَـا الـمُـؤمِـنُونَ الـذينَ إذا ذُكِـرَ اللَّـهُ وَجِـلَـتْ قُـلُـوبُهُـمْ وَ إذا تُلِـيَتْ عَـلَـيْهِـمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُـمْ إيْمَـانَاً وَعَـلـى رَبِّهِـمْ يَتَوَكَّـلُـونَ الـذينَ يُقِـيْمُــونَ الـصَـلاَةَ وَ مِـمَّـا رَزَقْنَاهُـمْ يُنْفِـقُونَ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـمُـؤمِـنُونَ حَـقَّـاً )[ الأنفال 2 / 4 ] .
[ يـعـذّبـهُـم ، مُـعـذّبـهُـم ] :
( وَ لَـوْ أنَّـهُـمْ إذْ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ جَـاؤوكَ فَاسْـتَغْـفَروا اللَّـهَ وَاسْـتَغْـفَرَ لَـهُـمُ الرَسُـولُ لَـوَجَـدوا اللَّـهَ تَوّابَاً رَحِـيمَـاً )[ النساء 64 ] ، وَهَذَا يُبَيِّنُ الأهَميَّةَ البالِغَةَ لِزِيارَتِهِ صلى الله عليه وسلم، (وَمَـا كَـانَ اللَّـهُ لِـيُعَـذِّبَـهُـمْ وَأنْتَ فِيهِـمْ وَمَـا كَـانَ اللَّـهُ مُـعَـذِّبَـهُـمْ وَهُـمْ يَسْـتَغْـفِرونَ )[ الأنفال 33 ] ، وردت : ( يُعَـذِّبَـهُـمْ ) بالصِيغَةِ الفِعْليّـةِ ( يُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على أنَّ وُجُودَ الرسُولِ هُوَ حَالـةٌ مُؤَقَّتَـةٌ ، ووردت: مُـعَـذِّبَـهُـمْ بالصيغَةِ الاسمية ( مُعَذِّبُ ) للدَلاَلَةِ على الـدَوامِ.
كل هـذا واللـه أعـلم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
11 رمضان 1436هـ 28 يونيو 2015م
الثوم يقوي مناعة الجسم
ذكر بعض المفسرين في كتبهم أن الفوم هو الثوم، بينما لفظ الثوم في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واضح وصريح، ولو كان غير ذلك لنطقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظة الفوم، وفي تفسير الجلالين قال الفوم هو الحنطة، وفي القاموس المحيط، قال: الفوم: هو الحنطة والحمص والثوم وسائر الحبوب التي تخبز.
مدر للبول
وورد ذكره في قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ).
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله: الثوم قريب من البصل، وفي الحديث الشريف: «من أكلهما فليمتهما طبخاً» رواه مسلم وابن ماجة والنسائي. وأهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فيه ثوم، فأرسله إلى أبي أيوب الأنصاري، فقال: يا رسول الله، تكرهه وترسل به إلي؟ فقال: «إني أناجي من لا تناجي».
والثوم حار يابس، يسخن تسخيناً قوياً، ويجفف تجفيفاً بالغاً، وهو نافع للمبرودين، ولمن مزاجه بلغمي، ولمن أشرف على الوقوع في الفالج وهو مجفف للمني، مفتح للسدد، محلل للرياح الغليظة، هاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، يقوم في لسع الهوام وجميع الأورام الباردة مقام الترياق، وإذا دق وعمل منه ضماد على نهش الحيات أو على لسع العقرب، نفعها وجذب السموم منها..
ويسخن البدن، ويزيد في حرارته، ويقطع البلغم، ويحلل النفخ، ويصفي الحلق، ويحفظ صحة أكثر الأبدان، وينفع من تغير المياه، والسعال المزمن، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً ومشوياً، وينفع من وجع الصدر من البرد، ويخرج العلق من الحلق، وإذا دق مع الخل والملح والعسل ثم وضع على الضرس المتآكل فتته وأسقطه وعلى الضرس الوجع سكن وجعه.
وإذا دق منه مقدار درهمين وأخذ مع ماء العسل أخرج البلغم والدود، وإذا طلي بالعسل على البهق نفع. (انتهى كلام ابن قيم الجوزية).
صحة الأبدان
يستنبط من كلام ابن القيم أن الإسلام اهتم بصحة الأبدان والأجسام، فشرع الآدابَ الصحيةَ والوسائلَ الوقائية وحَضَّ على التطبب والتداوي وتلمس العافية، فإن لكل داء دواءً، ولكل مرض شفاءً، فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَدَاوَى فَقَالَ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ تعالى لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».
لقد بَلَغَ من مظاهر عناية الإسلام بالصحة، أنه وَضَعَ لها الوسائلَ الوقائية، والأساليبَ العلاجية، للمحافظةِ عليها، وتَوَقِّي الأمراضِ قبل حدوثِها، فالوقاية خير من العلاج..
والحقيقة أن موقفَ الإسلامِ من الصحةِ والوقايةِ وسلامةِ الأبدانِ موقفٌ لا نظيرَ له في أي دين من الأديان، فالنظافةُ فيه عبادةٌ وقُرْبَةٌ، بل فريضةٌ من الفرائض، إننا نجد كُتُبَ الشريعةِ في الإسلام تبدأ أولَّ ما تبدأ ببابٍ عنوانه « الطهارة» أي النظافة، فهذا أول ما يدرسه المسلم والمسلمة من فقه الإسلام.
ضوابط لازمة
واهتم الإسلام بصحة الأفراد و الجماعات، ووضع لها الضوابطَ اللازمة، وأمر بمراعاتِها والعنايةِ بها، لِيَشِبَّ الفردُ المسلمُ على المستوى الكريم اللائق به، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن أعمال قد يرتكبها البعضُ دون اكتراثٍ لنتائجها، مع أنها تُعَدُّ من أشد مصادر الأمراض خطراً، ومن هذه الأعمال: التبولُ والتبرُّزُ في الماءِ الراكدِ، والظلِّ الذي يجلسون فيه، والطرقِ والأماكنِ التي يرتادها الناس..
فقد قال صلى الله عليه وسلم : «اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّ» [رواه أبوداود وابن ماجه] ولقد عُنِيَ الإسلامُ بنظافة البيت وساحاتِه وأفنيتِه «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ فَنَظِّفُوا - أُرَاهُ قَالَ- أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ»[رواه الترمذي].
إن من عناية الإسلام بصحة الأجسام والأبدان تحريمَه المسكراتِ والمخدراتِ والمفتِّرات، وغيرِ ذلك مما له آثارٌ سلبيةٌ على الصحةِ العامة، كما أنه حرَّم إرهاقَ البدن بالعمل وطول السهر والجوع، لأي سبب من الأسباب إلا ما كان في طاعة الله سبحانه، فقد أنكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رَهْطٍ من أصحابه أرادَ أحدُهم أن يقومَ الليلَ فلا ينام..
والثاني أن يصومَ فلا يفطر، والثالث: أن يعتزلَ النساء فلا يتزوج، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: «أَمَا وَاللَّهِ إني لأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى» [متفق عليه]، ذلك أن أفضلَ العملِ أدومُه وإن قَلَّ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلّ » [رواه مسلم].
إرشادات قيمة
كما رَغَّبَ الإسلامُ في العمل والنشاطِ والحركة، وحذَّرَ من التباطؤ والتكاسل، ودعا إلى رياضة الأجسام بالسباحة والرماية وركوب الخيل، وما شابهها من ألوان الفروسية، وللصحة مباحث وأقسام، وللرسولِ صلى الله عليه وسلم إرشاداتٌ قيمةٌ في كُلِّ منها، تحفظُ للإنسان صحتَه وعافيتَه، فمثلاً: حذَّر رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من تَرْكِ آنيةِ الطعامِ والشرابِ مكشوفةً عُرْضَةً للهواء..
وللحشرات الناقلة للأمراض، فقال عليه الصلاة والسلام: «غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ» [ رواه مسلم]، ونهى صلى الله عليه وسلم أن يتنفس الشاربُ في الماء بقوله: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَتَنَفَّسْ فِى الإِنَاءِ» [رواه البخاري] لأن هواءَ الزَّفِيرِ يلوثه ويُفسده، وسَنَّ للشارِب تقطيعَ الشُّرْب علَى ثلاثِ دفعات، يتنفس في نهاية كل منها خارجَ الإناء.
ومن اهتمام الإسلام بصحةِ جهازِ الهضْمِ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم حذَّر من مَغَبَّةِ النَّهَمِ، والأكلِ الكثير، وإدخالِ الطعامِ على الطعامِ، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مَلأَ آدَمِىٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» [رواه أحمد والترمذي]، ونَهَى عن النوم عقبَ الأكلِ لأن ذلك يورث عُسراً في الهضم، ويسبب للنفس غماً وكدراً، فقال صلى الله عليه وسلم: «أذيبوا طعامَكم بذكر اللهِ والصلاةِ، ولا تناموا عليه تغفل قلوبُكم».
منتج الفيلم المسيء للرسول يكشف اسم السورة التي كانت سببا في إسلامه
كشف الهولندي ارناود فان دورن منتج الفيلم المسيء للرسول والبالغ من العمر 49 عاماً والذي أسلم قبل عامين كيفية تحول حياته من عضو متطرف في حزب الحرية المعادي للإسلام إلى معتنق للإسلام ودين الوسطية.
وذكر فان الذي التقاه فهد الكندري في الحلقة الرابعة من برنامجه بالقرآن اهتديت إنه قبل الإسلام كانت نظرته مختلفة عن المجتمع حيث كان ينظر له بشكل سلبي، وأوضح بأنه كان منشغلاً بالسياسة ولم يهتم بالإسلام.
وقال: كنا نريد تحذير الناس من الإسلام ولهذا السبب أنتجنا فيلم “فتنة” وأسموه باسم عربي حتى يؤكدوا أن العرب أهل فتنة.
وأضاف “دورن” أن ردود الفعل على الفيلم كانت كبيرة جداً، ورأه الكثير من الغاضبين والمجروحين والمحزونين ويقول ما أعطاني إحساس أن شيئاً ما غير صحيح فلقد جرحنا الكثير من الناس ولا يمكن أن يخطئ 1.2 مليار مسلم”.
وبعد ردود الفعل العالمية والغضب الذي كان على الفيلم توجه “دورن” إلى المسجد ليتعرف على الإسلام أكثر فأخذ مصحفاً مترجماً وكتاب لسيرة النبي عليه السلام.
وحكى أنه كان يقرأ القرآن في البداية من باب القدح في الإسلام، ولكن بعد ذلك جاء ليسأل بعض الأسئلة التي أراد أن يعرف منها حقيقة هذا الدين
وبعد أن أهداه إمام المسجد الكتب ليقرأ فيها عاد بعد ثلاثة أشهر مصليا وسطهم في المسجد بعد أن اعتنق الإسلام ونطق الشهادتين. وأكد دورن أن القرآن هو مرشده وأن النظرة عن الإسلام المتواجدة عند الناس هي التي يعطيها الإعلام والسياسيون للناس، ولكن كل شخص عليه أن يتعلم الدين بنفسه.
وكشف “دورن” أن سورة النساء وتحديداً من الآية 36 – 40 هي الأكثر تأثيراً علي ومن خلالها شعرت بالحب وهي تلخص شعوري الآن حيث قال الله تعالى فيها : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40).
وقال إن لحظة نطقه للشهادة كانت الأكثر تأثيراً في حياته حيث حينها بكى وشعر بدفء وصفه كأن يداً كانت على عاتقي تقول لي إني الآن أصبحت مسلماً.
******************************************************************كشف الهولندي ارناود فان دورن منتج الفيلم المسيء للرسول والبالغ من العمر 49 عاماً والذي أسلم قبل عامين كيفية تحول حياته من عضو متطرف في حزب الحرية المعادي للإسلام إلى معتنق للإسلام ودين الوسطية.
وذكر فان الذي التقاه فهد الكندري في الحلقة الرابعة من برنامجه بالقرآن اهتديت إنه قبل الإسلام كانت نظرته مختلفة عن المجتمع حيث كان ينظر له بشكل سلبي، وأوضح بأنه كان منشغلاً بالسياسة ولم يهتم بالإسلام.
وقال: كنا نريد تحذير الناس من الإسلام ولهذا السبب أنتجنا فيلم “فتنة” وأسموه باسم عربي حتى يؤكدوا أن العرب أهل فتنة.
وأضاف “دورن” أن ردود الفعل على الفيلم كانت كبيرة جداً، ورأه الكثير من الغاضبين والمجروحين والمحزونين ويقول ما أعطاني إحساس أن شيئاً ما غير صحيح فلقد جرحنا الكثير من الناس ولا يمكن أن يخطئ 1.2 مليار مسلم”.
وبعد ردود الفعل العالمية والغضب الذي كان على الفيلم توجه “دورن” إلى المسجد ليتعرف على الإسلام أكثر فأخذ مصحفاً مترجماً وكتاب لسيرة النبي عليه السلام.
وحكى أنه كان يقرأ القرآن في البداية من باب القدح في الإسلام، ولكن بعد ذلك جاء ليسأل بعض الأسئلة التي أراد أن يعرف منها حقيقة هذا الدين
وبعد أن أهداه إمام المسجد الكتب ليقرأ فيها عاد بعد ثلاثة أشهر مصليا وسطهم في المسجد بعد أن اعتنق الإسلام ونطق الشهادتين. وأكد دورن أن القرآن هو مرشده وأن النظرة عن الإسلام المتواجدة عند الناس هي التي يعطيها الإعلام والسياسيون للناس، ولكن كل شخص عليه أن يتعلم الدين بنفسه.
وكشف “دورن” أن سورة النساء وتحديداً من الآية 36 – 40 هي الأكثر تأثيراً علي ومن خلالها شعرت بالحب وهي تلخص شعوري الآن حيث قال الله تعالى فيها : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37) وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38) وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40).
وقال إن لحظة نطقه للشهادة كانت الأكثر تأثيراً في حياته حيث حينها بكى وشعر بدفء وصفه كأن يداً كانت على عاتقي تقول لي إني الآن أصبحت مسلماً.
***
أسد بن الفرات: الفقيه، فاتح صقلية... وأبو «فقيهة»
ناجي الحاج علي
أسد بن الفرات: الفقيه، فاتح صقلية... وأبو «فقيهة»
ناجي الحاج علي
لقد تكفل الله تبارك وتعالى بحفظ هذا الدين فصان كتابه الكريم العزيز من التحريف... وعصمه من التبديل وهيأ لسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم رجالا أفذاذا وعلماء كراما... وفقهاء وعظماء التزموا بها وقاموا بحفظها وتدوينها... ونشرها وشرحها وحمايتها والمدافعة عنها في مشارق الارض ومغاربها... فقد استوى في الاهتمام بالسنة النبوية المطهرة أهل المشرق والمغرب من سلفنا الصالح وقدموها قدر طاقتهم.
ولما كانت القيروان هي المركز العلمي والعاصمة السياسية والدينية لافريقية، فقد ارتأينا في حلقة أعلام مضيئة لهذا اليوم القاء الضوء علىرجال حملوا لواء الدين لا يزال كثير منهم مجهولا نسبيا لدى ناس كثر من مثقفين وغيرهم... وما أسد بن الفرات الا واحد من هؤلاء العلماء الذين عملوا جاهدين على نشر الدين واحيائه بافريقية... يجرنا الحديث فيما بعد الى ابنته السيدة أسماء...
هو أسد بن الفرات بن سنان مولى بني سليم أبو عبد الله، ولد بحرات من ديار بكر سنة 142 هجريا وقدم به والده الى القيروان سنة 144 هجريا وهو ابن سنتين...
تتلمذ على يد علي بن ترياد (183 هجريا) فسمع منه الموطأ وتفسيرا حول المذهب المالكي وأخذ عن غيره مختلف العلوم ثم رحل الى المشرق سنة 172 هجريا وعمره ثلاثون عاما فأعاد سماع الموطأ على الامام مالك الذي لاحظ شغف أسد وحرصه على طلب العلم فنصحه بالرحلة الى العراق ولقاء علمائها.
التقى أسد بن الفرات بالعراق مع كبار تلاميذ أبي حنيفة أمثال محمد بن الحسن وكان من كبار رواة الحديث والقاضي أبو يوسف أخص تلاميذ أبي حنيفة وأفقههم، فتعلم أسد أولا الحكم... وعبد الرحمان بن القاسم الذي أعاد عليه المسائل التي كتبها عن محمد بن الحسن، فأجابه ابن القاسم على عموم تلك المسائل... قدّم لأسد حوالي ستين كتابا، وتعرف تلك المجموعة العلمية بالاسدية وهي مدونة علمية جمعت الفقه والحديث وغيره... عاد ابن الفرات الى القيروان سنة 181 هجريا فجلس لتعليم الفقه والحديث في جامع عقبة ابن نافع فأقبل عليه طلبة العلم ورحلوا اليه من أطراف افريقية والمغرب والاندلس... وقد أخذ عنه الناس الأسدية وشاع ظهورها قبل ظهور المدونة المالكية.. ومن أشهر أهل العلم الذين تتلمذوا عنه بالقيروان خاصة... الامام سحنون بن سعيد وأبو سنان زيد بن سنان، الاسدي ومعمر بن منصور وحمل عنه معظم أهل المغرب مروياته حتى كانت تروى بالاندلس وكثر أصحابه حتى عدوا بالعشرات... وأصبح عالم القيروان بلا منازع... قال محمد بن سحنون «وحصلت له بتلك الكتب رئاسة في القيروان» كما في الرياض والمبارك وغيرهما... ولم يكن نشاط أسد بن الفرات مقتصرا على رواية الحديث والفقه بل كان يلقي التفسير أيضا كما لم يكن في دروسه يتقيد بكتب مذهب دون آخر. ولما قام بنشر علم المذهبيين لسعة علمه فيهما كثر تلاميذه من المالكية والأحناف على السواء... ولم يكن أسد يلتزم بمذهب واحد في الاجتهاد بل كان يجتهد ويفتي بما وافق الحق من أقوال أهل المدينة وأهل العراق.
تولى القضاء بالقيروان سنة 203 هجريا فسار في الناس بالعدل واستمر في ذلك المنصب حتى سنة 212 هجريا حيث عين أميرا على غزوة صقلية ففتح اكثر حصونها وبنى فيها مسجدا وتوفي هناك سنة 213 هجريا عن سن تناهز الواحد والسبعين عاما... لقد عرف أسد بن الفرات بنشره للسنة ودفاعه عنها حتى خارج الحدود وتعني افريقية فضربت شهرته الافاق وشاعت امامته وقد وسمه «الذهبي» في سير أعلام النبلاء بقوله: الامام العلامة القاضي الأمير» وقال عنه صاحب الشجرة «الفقيه الحافظ الراوية الثقة الأمين».
السيدة أسماء الفقيهة العالمة
مخطئ من كان يظن ان المرأة في العصور الاولى للاسلام مقصاة ومهمشة، وغير مؤهلة للابحار في مجال العلم والمعرفة... ولم تحظ بقدر عال من الحرية... حياتها ذلّ واستكانة... بل ولم يكن لها نصيب بالتفقه في العلوم الدينية بمختلف مشاربها ففي تاريخ افريقية الاسلامي صفحات ناصعة البياض مشرقة الاحرف والكلمات لصورة المرأة في المجتمع الاسلامي ولمعاملة الرجال المسلمين أبناء كانوا او ازواجا او اخوة للمرأة في مثال يتجلى رفقا واحتراما... ولنا في سيرة أئمة الاسلام في القيروان الامام سحنون وأسد بن الفرات خير ثابت ودليل. وأسماء بنت اسد بن الفرات مثال رائع وحيّ عما كانت عليه المرأة من كمال العقل وجلال الشخصية... فأسد لم يحرم ابنته الوحيدة من حقها الانساني في العلم والمعرفة ولم ير بأسا في تفقهها في الدين، فاعتنى بها اسد عناية وسهر على تعليمها وتثقيفها... فحفظت القرآن، وروت الحديث حتى تفتق ذهنها عن كثير من الحكمة... وهي التي كانت تحضر مجالس والدها العلمية وتشارك في النقاش والمناظرة واشتهرت بالفقه على مذهب أبي حنيفة... ومما يروى عندما كلف أسد بن الفرات بالخروج لفتح صقلية وخرج الناس لتوديعه من ميناء سوسة خرجت أسماء ضمنهم، وعرفت السيدة أسماء بشخصية فذة، فقد تزوجت أحد تلاميذ أبيها القاضي والفقيه الشهير محمد بن أبي الجواد وحدث ان مرّ زوجها هنا بمحنة اذ اتهم ظلما بالاستيلاء على مال الودائع ولكن أسماء وقفت الى جانبه بشهامة وآزرته ودافعت عنه اذ دخلت على القاضي الجديد وعرضت عليه أن تدفع من مالها المبلغ الذي اتهم به زوجها لكن زوجها ابن ابي عبد الجواد رفض لأنه مظلوم... ومرت المحنة بسلام وأطلق سراحه، وعاد الى منصب القضاء ثانية، وبقيت أسماء بنت أسد بن الفرات ذات مكانة في المجتمع القيرواني الى أن توفيت سنة 280 هجريا.
ناجي الحاج علي
أسد بن الفرات: الفقيه، فاتح صقلية... وأبو «فقيهة»
ناجي الحاج علي
لقد تكفل الله تبارك وتعالى بحفظ هذا الدين فصان كتابه الكريم العزيز من التحريف... وعصمه من التبديل وهيأ لسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم رجالا أفذاذا وعلماء كراما... وفقهاء وعظماء التزموا بها وقاموا بحفظها وتدوينها... ونشرها وشرحها وحمايتها والمدافعة عنها في مشارق الارض ومغاربها... فقد استوى في الاهتمام بالسنة النبوية المطهرة أهل المشرق والمغرب من سلفنا الصالح وقدموها قدر طاقتهم.
ولما كانت القيروان هي المركز العلمي والعاصمة السياسية والدينية لافريقية، فقد ارتأينا في حلقة أعلام مضيئة لهذا اليوم القاء الضوء علىرجال حملوا لواء الدين لا يزال كثير منهم مجهولا نسبيا لدى ناس كثر من مثقفين وغيرهم... وما أسد بن الفرات الا واحد من هؤلاء العلماء الذين عملوا جاهدين على نشر الدين واحيائه بافريقية... يجرنا الحديث فيما بعد الى ابنته السيدة أسماء...
هو أسد بن الفرات بن سنان مولى بني سليم أبو عبد الله، ولد بحرات من ديار بكر سنة 142 هجريا وقدم به والده الى القيروان سنة 144 هجريا وهو ابن سنتين...
تتلمذ على يد علي بن ترياد (183 هجريا) فسمع منه الموطأ وتفسيرا حول المذهب المالكي وأخذ عن غيره مختلف العلوم ثم رحل الى المشرق سنة 172 هجريا وعمره ثلاثون عاما فأعاد سماع الموطأ على الامام مالك الذي لاحظ شغف أسد وحرصه على طلب العلم فنصحه بالرحلة الى العراق ولقاء علمائها.
التقى أسد بن الفرات بالعراق مع كبار تلاميذ أبي حنيفة أمثال محمد بن الحسن وكان من كبار رواة الحديث والقاضي أبو يوسف أخص تلاميذ أبي حنيفة وأفقههم، فتعلم أسد أولا الحكم... وعبد الرحمان بن القاسم الذي أعاد عليه المسائل التي كتبها عن محمد بن الحسن، فأجابه ابن القاسم على عموم تلك المسائل... قدّم لأسد حوالي ستين كتابا، وتعرف تلك المجموعة العلمية بالاسدية وهي مدونة علمية جمعت الفقه والحديث وغيره... عاد ابن الفرات الى القيروان سنة 181 هجريا فجلس لتعليم الفقه والحديث في جامع عقبة ابن نافع فأقبل عليه طلبة العلم ورحلوا اليه من أطراف افريقية والمغرب والاندلس... وقد أخذ عنه الناس الأسدية وشاع ظهورها قبل ظهور المدونة المالكية.. ومن أشهر أهل العلم الذين تتلمذوا عنه بالقيروان خاصة... الامام سحنون بن سعيد وأبو سنان زيد بن سنان، الاسدي ومعمر بن منصور وحمل عنه معظم أهل المغرب مروياته حتى كانت تروى بالاندلس وكثر أصحابه حتى عدوا بالعشرات... وأصبح عالم القيروان بلا منازع... قال محمد بن سحنون «وحصلت له بتلك الكتب رئاسة في القيروان» كما في الرياض والمبارك وغيرهما... ولم يكن نشاط أسد بن الفرات مقتصرا على رواية الحديث والفقه بل كان يلقي التفسير أيضا كما لم يكن في دروسه يتقيد بكتب مذهب دون آخر. ولما قام بنشر علم المذهبيين لسعة علمه فيهما كثر تلاميذه من المالكية والأحناف على السواء... ولم يكن أسد يلتزم بمذهب واحد في الاجتهاد بل كان يجتهد ويفتي بما وافق الحق من أقوال أهل المدينة وأهل العراق.
تولى القضاء بالقيروان سنة 203 هجريا فسار في الناس بالعدل واستمر في ذلك المنصب حتى سنة 212 هجريا حيث عين أميرا على غزوة صقلية ففتح اكثر حصونها وبنى فيها مسجدا وتوفي هناك سنة 213 هجريا عن سن تناهز الواحد والسبعين عاما... لقد عرف أسد بن الفرات بنشره للسنة ودفاعه عنها حتى خارج الحدود وتعني افريقية فضربت شهرته الافاق وشاعت امامته وقد وسمه «الذهبي» في سير أعلام النبلاء بقوله: الامام العلامة القاضي الأمير» وقال عنه صاحب الشجرة «الفقيه الحافظ الراوية الثقة الأمين».
السيدة أسماء الفقيهة العالمة
مخطئ من كان يظن ان المرأة في العصور الاولى للاسلام مقصاة ومهمشة، وغير مؤهلة للابحار في مجال العلم والمعرفة... ولم تحظ بقدر عال من الحرية... حياتها ذلّ واستكانة... بل ولم يكن لها نصيب بالتفقه في العلوم الدينية بمختلف مشاربها ففي تاريخ افريقية الاسلامي صفحات ناصعة البياض مشرقة الاحرف والكلمات لصورة المرأة في المجتمع الاسلامي ولمعاملة الرجال المسلمين أبناء كانوا او ازواجا او اخوة للمرأة في مثال يتجلى رفقا واحتراما... ولنا في سيرة أئمة الاسلام في القيروان الامام سحنون وأسد بن الفرات خير ثابت ودليل. وأسماء بنت اسد بن الفرات مثال رائع وحيّ عما كانت عليه المرأة من كمال العقل وجلال الشخصية... فأسد لم يحرم ابنته الوحيدة من حقها الانساني في العلم والمعرفة ولم ير بأسا في تفقهها في الدين، فاعتنى بها اسد عناية وسهر على تعليمها وتثقيفها... فحفظت القرآن، وروت الحديث حتى تفتق ذهنها عن كثير من الحكمة... وهي التي كانت تحضر مجالس والدها العلمية وتشارك في النقاش والمناظرة واشتهرت بالفقه على مذهب أبي حنيفة... ومما يروى عندما كلف أسد بن الفرات بالخروج لفتح صقلية وخرج الناس لتوديعه من ميناء سوسة خرجت أسماء ضمنهم، وعرفت السيدة أسماء بشخصية فذة، فقد تزوجت أحد تلاميذ أبيها القاضي والفقيه الشهير محمد بن أبي الجواد وحدث ان مرّ زوجها هنا بمحنة اذ اتهم ظلما بالاستيلاء على مال الودائع ولكن أسماء وقفت الى جانبه بشهامة وآزرته ودافعت عنه اذ دخلت على القاضي الجديد وعرضت عليه أن تدفع من مالها المبلغ الذي اتهم به زوجها لكن زوجها ابن ابي عبد الجواد رفض لأنه مظلوم... ومرت المحنة بسلام وأطلق سراحه، وعاد الى منصب القضاء ثانية، وبقيت أسماء بنت أسد بن الفرات ذات مكانة في المجتمع القيرواني الى أن توفيت سنة 280 هجريا.
*********************************************************************
فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ .
روى أبو داود (4242) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ . فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ ؟ قَالَ : ( هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي ، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
*********************************************************************روى أبو داود (4242) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ . فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ ؟ قَالَ : ( هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي ، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
همَّ الدنيا والآخرة
اللهم إنا نسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك، الأحب إليك، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا استرحمت به رحمت، أن تفرج عنا هم الدنيا والآخرة. اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم.
اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم* وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم يا لطيف يا لطيف، الطف بي بلطفك الخفي، وبالقدرة التي استويت بها على العرش، فلم يعلم أحدٌ كيفية استوائك عليه، اكفني شر كل شرير، يا من كان قبل أن يكون شيء، وهو المكون لكل شيء، يا من يكون بعدما لا يكون شيء، إلهنا يا ذا الجلال والإكرام، ويا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت رب العالمين، وأرحم الراحمين، بديع السموات والأرض، ورب العرش العظيم.
اللَّهُمَّ لا يهزمك جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يا من يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، ولا يواري منه سماءٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا بحرٌ إلا يعلم ما في قعره، أسألك اللهم أن تجعل خير عمري أواخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.
اللَّهُمَّ إنا نسألك علم الخائفين منك، وخوف العالمين بك، ونسألك يقين المتوكلين عليك، وتوكل الموقنين بك.
ونسألك لحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك. اللهم إني أعوذ بك من عقوق الأبناء، ومن قطيعة الأقرباء، ومن جفوة الأحياء، ومن تغير الأصدقاء.
**********************************************************************اللهم إنا نسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك، الأحب إليك، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا استرحمت به رحمت، أن تفرج عنا هم الدنيا والآخرة. اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم.
اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم* وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
اللهم يا لطيف يا لطيف، الطف بي بلطفك الخفي، وبالقدرة التي استويت بها على العرش، فلم يعلم أحدٌ كيفية استوائك عليه، اكفني شر كل شرير، يا من كان قبل أن يكون شيء، وهو المكون لكل شيء، يا من يكون بعدما لا يكون شيء، إلهنا يا ذا الجلال والإكرام، ويا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت رب العالمين، وأرحم الراحمين، بديع السموات والأرض، ورب العرش العظيم.
اللَّهُمَّ لا يهزمك جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر، يا من يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، ولا يواري منه سماءٌ سماءً، ولا أرضٌ أرضاً، ولا بحرٌ إلا يعلم ما في قعره، أسألك اللهم أن تجعل خير عمري أواخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.
اللَّهُمَّ إنا نسألك علم الخائفين منك، وخوف العالمين بك، ونسألك يقين المتوكلين عليك، وتوكل الموقنين بك.
ونسألك لحاقاً بالأحياء المرزوقين عندك. اللهم إني أعوذ بك من عقوق الأبناء، ومن قطيعة الأقرباء، ومن جفوة الأحياء، ومن تغير الأصدقاء.
الجزء العاشر في القرآن الكريم
الريح عقيمة والرياح تلقح الأزهار
بقلم - د. علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، من الآيـة [ 41 ] من سورة الأنفـال، حتى الآيـة [ 92 ] من سورة الـتـوبة، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وتـذهـب ريـحـكـم)[ الأنفال 46]:
إنّ [ الريـح ] هي رمـز القـوّة والطـاقة الكبيرة، ولذلك تستخدم كلمة [ الريح ] في القرآن الكريم بصيغة [ المفرد]، بينمـا القـوة الخفيفة تأتي بصيغة الجمع [ رياح ]:
( رِيحٌ فِيهَـا عَـذَابٌ ألـيمٌ )[ الأحقاف 24]، ( وَأَمَّـا عَـادٌ فَأُهْـلِـكُـوا بِريـحٍ صَـرْصَـرٍ عَـاتِيَةٍ )[ الحاقة 6 ]، ( كَـمَـثَلِ ريحٍ فِيهَـا صِـرٌّ أصَـابَتْ حَـرْثَ قَـوْمٍ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ فَأَهْـلَـكَـتْهُ )[ آل عمران 117 ]، ( أوْ تَهْـوي بِهِ الـرِيحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ]، ( كَـرَمَـادٍ اِشْـتَدَّتْ بِهِ الـريحُ فِـي يَوْمٍ عَـاصِـفٍ )[ إبراهيم 18]، ( فَيُرْسِـلَ عَـلَـيْكُـمْ قَاصِـفاً مِـنَ الـريحِ فَيُغْـرِقَـكُـمْ )[ الإسْراء 69 ].
وَقَدْ سَخَّرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ الريـحَ لِسُلَيْمَانَ عليه السلامُ: ( وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ عَـاصِـفَةً تَجْـري بِأمْـرِهِ )[ الأنبياء81]، ( وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ غُـدُوُّهَـا شَهْـرٌ وَرَواحُـهَـا شَهْـرٌ )[ سبأ 12 ]، وَيُوسُف عليه السلامُ كانَتْ لَهُ ريحٌ أيْضَاً، بِمَعْنى ( الطاقَة ): ( قَالَ أبْوهُـمْ إنِّي لأَجِـدُ رِيحَ يُوسُـفَ )[ يوسف 94 ]، وَالريـحُ تَكُونُ عَقيمَةً في تَلْقيحِ أزْهَارِ النَباتِ لإنْتَاجِ الثِمَارِ: ( الـرِيـحَ الـعَـقِيم )[ الذاريات 41]، بَيْنمَا الريَـاحُ تُسهِمُ أسَاسَـاً في عَمَليَّةِ تَلْقيحِ الأزْهَارِ (وَأَرْسَـلْـنَا الـريـاحَ لَـواقِحَ)[ الحجر 22 ].
(فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء) [الأنفال ]:
يوجـد في اللغة العـربية الكثير من العبـارات التي تدلّ على معنى كلمة واحدة مختلفة عن معاني الكلمات التي في العبارة ذاتهـا، مثال: عبارة [ أسْـلَمَ ساقه للريح ] التي تعني [ هَـرَب ]، وهذه العبارة التي وردت في الآية الكريمة: (فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء )[ الأنفال 58]، تعني كلمة واحدة هي:
[ حـذّرهُـم ]، فأصبح معنى الآية الكريمة: إذا علمْتَ من قومٍ خيانةً، فحذّرهُم من خيانتهم وأعْلمْهُم، ولا تأخذهُم غدراً: ( وإمّـا تخـافنّ منْ قـومٍ خـيانةً فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء إنّ الله لا يُحبّ الخائنين )[الأنفال 58 ].
[ إلـى الجـنّة بالسـلاسـل ]:
إذا عَلِمَ اللّهُ في قَلْبِ الإنْسَانِ خَـيْراً، فَإنَّـهُ سُبْحَانَهُ مِنْ كَرَمِهِ سَيَقُودُهُ إلى الجنَّـةِ وَلَوْ بالسَلاَسِلِ، فَبَعْدَ إحْدى مَعَارِكِ الرَسُولِ الكريم صلى الله عليه وسلم، تَمَّ إحْضَارُ أسْرى الكافِرينَ بالسَلاَسِلِ، فَمَعَ أنَّهُمْ كَافِرونَ وَكانُوا يُحَارِبونَ رِسُـولَهُ الكَريمَ، فَقَـدْ نَزَلَ فيهِـمْ قَوْلُهُ تعالى: ( يَا أيُّهَـا الـنَبيُّ قُـلْ لِـمَـنْ فـي أيْديكُـمْ مِـنَ الأَسْـرى إنْ يَعْـلَـمِ اللَّـهُ فـي قُلـُوبِكُـمْ خَـيْراً يُؤْتِكُـمْ خَـيْراً مِـمَّـا أُخِـذَ مِـنْـكُـمْ وَيَغْـفِرْ لَـكُـمْ وَاللَّـهُ غَـفُـورٌ رَحِـيمٌ ) [ الأنفـال 70 ]، فقال صلى لله عليه وسلّم:
[ أإلى الجنّة بالسلاسل ]، وَبِسَبَبِ الخَيْرِ وَحُسْنِ النِيَّةِ في قُلُوبِ أصْحَابِ بَيْعَةِ الرُضْوانِ تَحْتَ الشَجَرَة، فَقَدْ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْ أصْحَابِ تِلْكَ البَيْعَـةِ وكان عددهم نحو (1200) صحابي جليل: ( لَـقَـدْ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنِ الـمُـؤْمِـنينَ إذْ يُبَايِعُـونَـكَ تَحْـتَ الـشَـجَـرَةِ فَعَـلِـمَ مَـا فِـي قُلـُوبِهِـمْ )[ الفتح 18 ]، وَبَعْدَهَـا يُعَامِلُهُمْ بالرَحْمَةِ وَيُنَجِّيهِمْ مِنَ الزَلَلِ، ففي غَزْوَةِ تَبـوك في السنة 9 هجريّة: ( لَـقَـدْ تَابَ اللَّـهُ على الـنَبيِّ وَالـمُـهَـاجِـرينَ وَالأنْصَـارِ الـذينَ اتَّبَعُـوهُ فـي سَـاعَـةِ الـعُـسْـرَةِ مِـنْ بَعْـدِ مَـا كَـادَ يَزيغُ قُلـُوبُ فَـريقٍ مِـنْـهُـمْ ثُمَّ تَابَ عَـلَـيْـهِـمْ إنَّهُ بِهِـمْ رَؤوفٌ رَحِـيمٌ )[ التوبة 117 ]، فَمَـا أعْظَمَ كَـرَمَ الله سبحانه.
( أنَّ اللَّـهَ بَريءٌ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـينَ وَرَسُـولُـهُ )[ التوبة 3 ]:
إنّ الشِرْكُ لَيْسَ ذَنْبَـاً عَادِيّاً، بَلْ هو ظُلْمٌ عَظِيمٌ: ( إنَّ الـشِـرْكَ لَـظُـلْـمٌ عَـظِـيمٌ )[ لقمان 13 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَقَـدِ افْتَرى إثْمَـاً عَـظِـيمَـاً )[ النساء 48 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَقَـدْ ضَـلَّ ضَـلاَلاً بَعِـيدَاً )[ النساء 116 ] ( لَـئِـنْ أَشْـرَكْـتَ لَـيَحْـبَطَـنَّ عَـمَـلُـكَ )[ الزمر 65 ]، ( وَلَـوْ أَشْـرَكُـوا لَـحَـبِطَ عَـنْهُـمْ مَـا كَـانُوا يَعْـمَـلُـونَ )[ الأنعام 88 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَـكَـأَنَّمَـا خَـرَّ مِـنَ الـسَـمَـاءِ فَتَخْـطَـفُهُ الـطَـيْرُ أَوْ تَهْـوي بِهِ الـريحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ]، وَالمشركون نَجَسٌ فِكْريٌّ: ( إنَّمَا الـمُـشْـرِكُـونَ نَجَـسٌ)[ التوبة 38 ]، وَمِنَ الأُمُورِ التي لاَ تُغْفـَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ الشِـرْكُ: ( إنَّ اللَّـهَ لاَ يَغْـفِرُ أَنْ يُشْـرَكَ بِهِ وَيَغْـفِـرُ مَـا دُونَ ذَلِـكَ لِـمَـنْ يَشَـاءُ )[ النساء 48] .
وَاللَّـهُ سُبْحَانهُ قَدْ تَبَـرَّأ مِنَ المُشـرِكينَ وَكَذَلِكَ رَسُولُهُ الكريمُ فَهُمْ خَارِجَ الشَفَاعَةِ يَوْمَ الحِسَابِ: ( أنَّ اللَّـهَ بَريءٌ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـينَ وَرَسُـولُـهُ )[ التوبة 3]، فَعَلى العَاقِلِ أنْ لاَ يَلْجَـأَ لِغَيْرِ اللَّهِ: (إنَّ الـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ عِـبَادٌ أَمْـثَالُـكُـمْ )[ الأعراف 194 ]، ( وَالـذينَ تَدْعُــونَ مِـنْ دُونِهِ لاَ يَسْـتَطِـيعُـونَ نَصْـرَكُـمْ وَلاَ أَنْفُسَـهُـمْ يَنْصُـرونَ )[الأعراف 197 ] ( وَمَـا لَـكُمْ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ مِـنْ وَلـيٍّ وَلاَ نَصِـيرٍ )[ التوبة 116]، فالذينَ مِنْ دُونِ اللهِ هُمْ أَمْـواتٌ مِنْ حيْثُ القُوَّةِ:
( وَالـذينَ يَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ لاَ يَخْـلُـقُونَ شَـيْئَـاً وَهُـمْ يُخْـلَـقُونَ أَمْـواتٌ غَـيْرُ أَحْــيَاءٍ وَمَـا يَشْـعُـرونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ)[ النحل 20 / 21 ]، ( وَالـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِهِ مَـا يَمْـلِـكُونَ مِـنْ قِـطْـمِـيرٍ )[ فاطر 13 ]، ( إنَّ الـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ لَـنْ يَخْـلُـقُـوا ذُبَابَاً وَلَـوِ اجْـتَمَـعُـوا لَـهُ وَإنْ يَسْـلِـبُهُـمُ الـذُبَابُ شَـيْئَـاً لاَ يَسْـتَنْقِـذُوهُ مِـنْهُ ضَـعُـفَ الـطَـالِـبُ وَالـمَـطْـلُـوبُ)[ الحج 73 ]، ( وَالـذينَ يَدْعُـونَ مِـنْ دُونِهِ لاَ يَسْـتَـجِـيبُونَ لَـهُـمْ بِشَـيْءٍ إلاَّ كَـباسِـطِ كَـفَّيْهِ إلـى الـمَـاءِ لِـيَبْلُـغَ فَاهُ وَمَـا هُـوَ بِبَالِـغِـهِ ) [ الرعد 14 ]، ( يَدْعُـو مِـنْ دُونِ اللَّـهِ مَـا لاَ يَضُـرُّهُ وَلاَ يَنْفَـعُـهُ ذَلِـكَ هُـوَالـضَـلاَلُ الــبَعِـيدُ يَدْعُـو لَـمَـنْ ضَـرُّهُ أَقْـرَبُ مِـنْ نَفْـعِـهِ لَـبـِئْـسَ الـمَـوْلـى وَلَـبـِئْـسَ الـعَـشـيرِ )[الحج 12 / 13 ].
التقويم القَمَـري رحمة للعباد فيه أَربعَة أشـهر حُـرُم
( قـاتلوا الـذين لا يـؤمنـون )[ التوبة 29 ]: البعض يُسميّ هذه الآية الكريمة: [ آية السيف ] من أجل تصوير صورة الإسلام الحنيف، وإظهاره بأنه دين الاعتداء على الآخرين، ولكن نُـلاحظُ بشـكْلٍ واضـح، أنّ بداية هذه الآية الكريمة: ( قــاتــلـوا ) وليْسَ:
[ اقتلـوا ]، وكلمـة [ قـاتلـوا ] تعني فقـطْ: [ صَـدّ العـُدوان ] عنـدمـا يبـدأ الجانب الآخـر بالقتـال، والدليلُ على ذلك قولـه تعالى: ( وقـاتلـوا في سبيل الله الذينَ يُقـاتلونَكُم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحبّ المُعتدينَ ) [ البقرة 190 ]، أيْ: الله لا يُحبّ المُعتدين ولوْ كانوا مُسلمينَ، وإذا كان الإنسانُ مُسـالـماً وآمناً في بيته، فالأمْـرُ الإلـهيّ واضحٌ وُضوحَ الشمس وهوَ: ( لا ينهـاكُمُ الله عَنِ الذينَ لـمْ يُقـاتلوكُمْ في الدينِ ولـمْ يُخْرجوكُمْ منْ دياركُم أنْ تَـبـرّوهُـمْ وتُقسـطوا إلـيْهِـمْ )[ الممتحنة 8 ]، لذلكَ فإنّ إخراج الناس الآمنين المُسـالمينَ منْ بيوتهِم هوَ[ عصيانٌ ] لهذا الأمْـر الإلهيّ، والأمـرُ الإلـهيّ الآخـرَ:
(يـا أيّهـا الذينَ آمـنوا ادْخُـلـوا في السِـلْم كـافّةً) [ البقرة 208]، والأمْـرُ الإلـهيّ أيْضـاً: (ولاَ تقـولـوا لِـمَـنْ ألْقى إلـيْكُمُ السَـلامَ: لسْـتَ مُـؤمـناً ) [ النساء 94 ]، أيْ: لا يجوزُ [ تكفير ] الآخـرين إذا كـانوا مُسـالمينَ . والسَادَةُ النصارى لهُم توصـيةٌ خاصّة منَ الله سُبحانهُ: (أقْربَهُم مودّةً للذينَ آمـنوا الذينَ قـالوا إنّــا نصــارى )[ المائدة 82 ]، لذلك لا يجوزُ الاعتداء على أيّ إنسانٍ كانَ، في مـاله وعرضه، والمطلوبُ [ فقـط ] صَـدّ العدوان، وليْسَ [ الاعتداء ] على الآخرينَ.
(مِـنْهَـا أرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ)[التوبة 36]:
إنّ الأشـهر الحُـرُم هـي أربعـة أشـهر من الأشـهر القمـرية، وهي حسب ترقيمها:
مُحَـرَّم: كَانَ اسْـمُهُ مُـؤتَمَر، لأنَّهُمْ كَانُوا يَعْقِدونَ فيهِ المُؤْتَمَراتِ للتَشَاوُرِ .
رَجَبْ: كَانَ اسْمُهُ الأصَمُّ، لأنَّهُ شَهْرٌ حَرامُ لاَ يُسْمَعُ فِيهِ صَوْتُ السِلاَحِ، جَمْعُهُ أَرْجُبْ وَأرْجاب .
ذو القعْدة: كَانَ اسْمُهُ وزْنَـة، يَقْعُدونَ فيهِ عَنِ القِتَالِ اسْتِعْدَادَاً للحَجِّ لكَوْنه شَـهْراً حَـراماً.
ذو الحِجَّة: كَانَ اسْمُهُ بَرَكَ أيْ بَرَكَ البعيرُ فيهِ للحَجِّ، جَمْعُهُ ذَواتُ الحِجَّةِ.
لِذَلِكَ كَانَ التَقْويمُ المُعْتَرَفُ بِـهِ عِنْـدَ اللَّـهِ، هُـوَالتَقْويمُ القَمَـرِيُّ: ( إنّ عِـدَّةَ الـشُـهُـورِ عِـنْدَ اللَّـهِ اثْنَا عَـشَـرَ شَـهْـراً في كِـتَابِ اللَّـه يَوْمَ خَـلـَقَ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضَ مِـنْهَـا أَرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ ذَلـكَ الـدينُ الـقَـيِّمُ فَـلاَ تَظْـلِـمُـوا فِـيهِـنَّ أَنْفُسَـكُـمْ)[ التوبة 36 ].
إذَاً التَقْويمُ القَمَـريُّ الذي يَحْتَوي أَرْبَعَـةَ أشْـهُرٍ حُـرُمٍ، هُـوَرَحْمَـةٌ مِنَ اللَّـهِ سُبْحَانَهُ لِعِبَـادِهِ كَيْ لاَ يَظْلِمُوا أنْفُسَـهُمْ عَلى الأقَلِّ في الأشْـهُرِ الحُـرُمِ، التي هِيَ نَفَحَاتٌ إلهِيَّةٌ يَجِبُ التَعَرُّضُ لَهَا، بَيْنَمَا لاَ نَجِدُ نَفَحَـاتٍ في الأشْهُرِ الميـلاَدِيَّةِ، بَلْ نَجِدُ فيهَـا: عِيد الكَذِبِ فِي أوَّلِ نيسَانِ / إبريل وَعيد فالنْتين [ عيدُ الحُبِّ ] في 14 شـباط / فبراير، وَعِيـد رَأْسِ السَـنَةِ الميلاَديَّةِ في 31 كانون الأوَّلِ / يناير .
(إنَّمَـا الـنَسِـيْءُ زِيَادَةٌ في الــكُـفْرِ)[ التوبة 37 ]:
النسـيء هُوَ: نَوْعٌ مِنَ التَلاعُبِ بِتَوْقيتِ الأشْهُرِ الحُرُمِ القَمَريّةِ، وَكانَتِ العَرَبُ قَدْ تَلاعَبَتْ في حِسَابِ الأشْهُرِ حَسْبَ أهْوائِهَا، فَمنْهُمْ مَنْ يُسَمّي المُحـرّمَ: صَفَراً فَيَحِلُّ فيهِ القِتَالَ، وَمنهمْ مَنْ حَرَّمَ القِتَالَ في سَنَةٍ وَأحَلَّهُ في أُخْرى، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ سَنَتيْنِ حَلالاً وَسَنَتَيْنِ حَراماً، حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ جَعَلَ السَنةَ ثلاثَة عَشَرَ شَهْراً، أي تَلاعَبوا بالسنواتِ وَالأشْهرِ ..
كَمَا يَحلو لَهم، وَأرادَ بَعْضَهُمْ أنْ يَتَلاعَبَ بِطُولِ السَنَةِ القَمريّةِ مِنْ أَجْلِ أنْ يَبْقى مَوْعِدُ المُناسَـبَةِ الدينيّة ثَابِتَـاً في فَصْلٍ واحِدٍ مِنَ الفُصُولِ، كَأَنْ يَبْقى مَوْسِمُ الحجِّ مَثَلاً في فَصْلِ الرَبيعِ، وَيَتَحَقّقُ ذَلِكَ بِإِضَافَـةِ فَرْقِ الزَمَنِ ما بَيْنَ السَنَةِ الميلاديّةِ [ المَدَنِيّـةِ ] وَالسـنَةِ القَمَريّـةِ، وَهَـذا الفَرْقُ هُـوَ: [ 902، 10] يوْمَـاً، تُضَافُ كُلَّ عَامٍ لِلسَنَةِ القَمَريّـة كَيْ تُسَـاوي السَـنَةَ الميلاديَّـةَ، وَبِذَلِكَ يَتَغَيّرُ عَامَاً بَعْدَ عَامٍ تَوْقيتُ الأشْهُرِ الحُرُمِ، وَلِهذا كَانَ النَسيءُ نَوْعاً مِنَ الكفْرِ [ تَغْطِيَةُ الحَقيقَةِ ]: ( إنَّمَـا الـنَسِـيْءُ زِيَادَةٌ في الــكُـفْرِ يُضِـلُّ بِه الـذينَ كَـفَروا يُحِـلُّونَهُ عَـامـاً وَيُحَـرّمُـونَه ُعَــامَـاً لـِيُواطِـئُوا عِـدَّةَ مَـا حَـرَّمَ اللَّـهُ )[ التوبة 37 ] .
(وَيَـقُـولُـونَ هُـوَ أُذُنٌ)[التوبة 61]:
الأذُن: هُوَ الذي يَسْتَمِعُ لِلنَاسِ كَثيراً، وَقَدْ انْتَقَدَ المُنافِقُونَ الرسُولَ الكريمَ صلى الله عليه وسلم لِهذَا السبَبِ: ( وَمِـنْـهُـمُ الـذينَ يُؤْذُونَ الـنَبـيَّ وَيَـقُـولُـونَ هُـوَ أُذُنٌ قُـلْ أُذُنُ خَـيْرٍ لَـكُـمْ )[ التوبة 61 ]، أيْ يَسْتَمِعُ مِـنْ أجْلِ مَصْلَحَةِ الجَميعِ، وَفي ذَلِكَ قالَ الشَاعِرُ:
صُـمٌّ إذا سَـمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بِـهِ وَإنْ ذُكِرْتُ بِسُـوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنـُوا
( إذَا الـسَـمَـاءُ انْشَـقَّتْ وَأذِنَتْ لِـرَبِّهَـا وَحُـقَّتْ .. وَإذا الأرْضُ مُـدَّتْ وَأذِنَتْ لِـرَبِّهَـا وَحُـقَّتْ)[ الانشقاق 1 / 3]، أذِنَتْ: اسـتَمَعت لأوامِرِ رَبَّها.
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الريح عقيمة والرياح تلقح الأزهار
بقلم - د. علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، من الآيـة [ 41 ] من سورة الأنفـال، حتى الآيـة [ 92 ] من سورة الـتـوبة، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وتـذهـب ريـحـكـم)[ الأنفال 46]:
إنّ [ الريـح ] هي رمـز القـوّة والطـاقة الكبيرة، ولذلك تستخدم كلمة [ الريح ] في القرآن الكريم بصيغة [ المفرد]، بينمـا القـوة الخفيفة تأتي بصيغة الجمع [ رياح ]:
( رِيحٌ فِيهَـا عَـذَابٌ ألـيمٌ )[ الأحقاف 24]، ( وَأَمَّـا عَـادٌ فَأُهْـلِـكُـوا بِريـحٍ صَـرْصَـرٍ عَـاتِيَةٍ )[ الحاقة 6 ]، ( كَـمَـثَلِ ريحٍ فِيهَـا صِـرٌّ أصَـابَتْ حَـرْثَ قَـوْمٍ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ فَأَهْـلَـكَـتْهُ )[ آل عمران 117 ]، ( أوْ تَهْـوي بِهِ الـرِيحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ]، ( كَـرَمَـادٍ اِشْـتَدَّتْ بِهِ الـريحُ فِـي يَوْمٍ عَـاصِـفٍ )[ إبراهيم 18]، ( فَيُرْسِـلَ عَـلَـيْكُـمْ قَاصِـفاً مِـنَ الـريحِ فَيُغْـرِقَـكُـمْ )[ الإسْراء 69 ].
وَقَدْ سَخَّرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ الريـحَ لِسُلَيْمَانَ عليه السلامُ: ( وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ عَـاصِـفَةً تَجْـري بِأمْـرِهِ )[ الأنبياء81]، ( وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ غُـدُوُّهَـا شَهْـرٌ وَرَواحُـهَـا شَهْـرٌ )[ سبأ 12 ]، وَيُوسُف عليه السلامُ كانَتْ لَهُ ريحٌ أيْضَاً، بِمَعْنى ( الطاقَة ): ( قَالَ أبْوهُـمْ إنِّي لأَجِـدُ رِيحَ يُوسُـفَ )[ يوسف 94 ]، وَالريـحُ تَكُونُ عَقيمَةً في تَلْقيحِ أزْهَارِ النَباتِ لإنْتَاجِ الثِمَارِ: ( الـرِيـحَ الـعَـقِيم )[ الذاريات 41]، بَيْنمَا الريَـاحُ تُسهِمُ أسَاسَـاً في عَمَليَّةِ تَلْقيحِ الأزْهَارِ (وَأَرْسَـلْـنَا الـريـاحَ لَـواقِحَ)[ الحجر 22 ].
(فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء) [الأنفال ]:
يوجـد في اللغة العـربية الكثير من العبـارات التي تدلّ على معنى كلمة واحدة مختلفة عن معاني الكلمات التي في العبارة ذاتهـا، مثال: عبارة [ أسْـلَمَ ساقه للريح ] التي تعني [ هَـرَب ]، وهذه العبارة التي وردت في الآية الكريمة: (فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء )[ الأنفال 58]، تعني كلمة واحدة هي:
[ حـذّرهُـم ]، فأصبح معنى الآية الكريمة: إذا علمْتَ من قومٍ خيانةً، فحذّرهُم من خيانتهم وأعْلمْهُم، ولا تأخذهُم غدراً: ( وإمّـا تخـافنّ منْ قـومٍ خـيانةً فـانْـبـذْ إلـيهـم على سَـواء إنّ الله لا يُحبّ الخائنين )[الأنفال 58 ].
[ إلـى الجـنّة بالسـلاسـل ]:
إذا عَلِمَ اللّهُ في قَلْبِ الإنْسَانِ خَـيْراً، فَإنَّـهُ سُبْحَانَهُ مِنْ كَرَمِهِ سَيَقُودُهُ إلى الجنَّـةِ وَلَوْ بالسَلاَسِلِ، فَبَعْدَ إحْدى مَعَارِكِ الرَسُولِ الكريم صلى الله عليه وسلم، تَمَّ إحْضَارُ أسْرى الكافِرينَ بالسَلاَسِلِ، فَمَعَ أنَّهُمْ كَافِرونَ وَكانُوا يُحَارِبونَ رِسُـولَهُ الكَريمَ، فَقَـدْ نَزَلَ فيهِـمْ قَوْلُهُ تعالى: ( يَا أيُّهَـا الـنَبيُّ قُـلْ لِـمَـنْ فـي أيْديكُـمْ مِـنَ الأَسْـرى إنْ يَعْـلَـمِ اللَّـهُ فـي قُلـُوبِكُـمْ خَـيْراً يُؤْتِكُـمْ خَـيْراً مِـمَّـا أُخِـذَ مِـنْـكُـمْ وَيَغْـفِرْ لَـكُـمْ وَاللَّـهُ غَـفُـورٌ رَحِـيمٌ ) [ الأنفـال 70 ]، فقال صلى لله عليه وسلّم:
[ أإلى الجنّة بالسلاسل ]، وَبِسَبَبِ الخَيْرِ وَحُسْنِ النِيَّةِ في قُلُوبِ أصْحَابِ بَيْعَةِ الرُضْوانِ تَحْتَ الشَجَرَة، فَقَدْ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْ أصْحَابِ تِلْكَ البَيْعَـةِ وكان عددهم نحو (1200) صحابي جليل: ( لَـقَـدْ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنِ الـمُـؤْمِـنينَ إذْ يُبَايِعُـونَـكَ تَحْـتَ الـشَـجَـرَةِ فَعَـلِـمَ مَـا فِـي قُلـُوبِهِـمْ )[ الفتح 18 ]، وَبَعْدَهَـا يُعَامِلُهُمْ بالرَحْمَةِ وَيُنَجِّيهِمْ مِنَ الزَلَلِ، ففي غَزْوَةِ تَبـوك في السنة 9 هجريّة: ( لَـقَـدْ تَابَ اللَّـهُ على الـنَبيِّ وَالـمُـهَـاجِـرينَ وَالأنْصَـارِ الـذينَ اتَّبَعُـوهُ فـي سَـاعَـةِ الـعُـسْـرَةِ مِـنْ بَعْـدِ مَـا كَـادَ يَزيغُ قُلـُوبُ فَـريقٍ مِـنْـهُـمْ ثُمَّ تَابَ عَـلَـيْـهِـمْ إنَّهُ بِهِـمْ رَؤوفٌ رَحِـيمٌ )[ التوبة 117 ]، فَمَـا أعْظَمَ كَـرَمَ الله سبحانه.
( أنَّ اللَّـهَ بَريءٌ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـينَ وَرَسُـولُـهُ )[ التوبة 3 ]:
إنّ الشِرْكُ لَيْسَ ذَنْبَـاً عَادِيّاً، بَلْ هو ظُلْمٌ عَظِيمٌ: ( إنَّ الـشِـرْكَ لَـظُـلْـمٌ عَـظِـيمٌ )[ لقمان 13 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَقَـدِ افْتَرى إثْمَـاً عَـظِـيمَـاً )[ النساء 48 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَقَـدْ ضَـلَّ ضَـلاَلاً بَعِـيدَاً )[ النساء 116 ] ( لَـئِـنْ أَشْـرَكْـتَ لَـيَحْـبَطَـنَّ عَـمَـلُـكَ )[ الزمر 65 ]، ( وَلَـوْ أَشْـرَكُـوا لَـحَـبِطَ عَـنْهُـمْ مَـا كَـانُوا يَعْـمَـلُـونَ )[ الأنعام 88 ]، ( وَمَـنْ يُشْـرِكْ بِاللَّـهِ فَـكَـأَنَّمَـا خَـرَّ مِـنَ الـسَـمَـاءِ فَتَخْـطَـفُهُ الـطَـيْرُ أَوْ تَهْـوي بِهِ الـريحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ]، وَالمشركون نَجَسٌ فِكْريٌّ: ( إنَّمَا الـمُـشْـرِكُـونَ نَجَـسٌ)[ التوبة 38 ]، وَمِنَ الأُمُورِ التي لاَ تُغْفـَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ الشِـرْكُ: ( إنَّ اللَّـهَ لاَ يَغْـفِرُ أَنْ يُشْـرَكَ بِهِ وَيَغْـفِـرُ مَـا دُونَ ذَلِـكَ لِـمَـنْ يَشَـاءُ )[ النساء 48] .
وَاللَّـهُ سُبْحَانهُ قَدْ تَبَـرَّأ مِنَ المُشـرِكينَ وَكَذَلِكَ رَسُولُهُ الكريمُ فَهُمْ خَارِجَ الشَفَاعَةِ يَوْمَ الحِسَابِ: ( أنَّ اللَّـهَ بَريءٌ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـينَ وَرَسُـولُـهُ )[ التوبة 3]، فَعَلى العَاقِلِ أنْ لاَ يَلْجَـأَ لِغَيْرِ اللَّهِ: (إنَّ الـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ عِـبَادٌ أَمْـثَالُـكُـمْ )[ الأعراف 194 ]، ( وَالـذينَ تَدْعُــونَ مِـنْ دُونِهِ لاَ يَسْـتَطِـيعُـونَ نَصْـرَكُـمْ وَلاَ أَنْفُسَـهُـمْ يَنْصُـرونَ )[الأعراف 197 ] ( وَمَـا لَـكُمْ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ مِـنْ وَلـيٍّ وَلاَ نَصِـيرٍ )[ التوبة 116]، فالذينَ مِنْ دُونِ اللهِ هُمْ أَمْـواتٌ مِنْ حيْثُ القُوَّةِ:
( وَالـذينَ يَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ لاَ يَخْـلُـقُونَ شَـيْئَـاً وَهُـمْ يُخْـلَـقُونَ أَمْـواتٌ غَـيْرُ أَحْــيَاءٍ وَمَـا يَشْـعُـرونَ أَيّانَ يُبْعَثُونَ)[ النحل 20 / 21 ]، ( وَالـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِهِ مَـا يَمْـلِـكُونَ مِـنْ قِـطْـمِـيرٍ )[ فاطر 13 ]، ( إنَّ الـذينَ تَدْعُـونَ مِـنْ دُونِ اللَّـهِ لَـنْ يَخْـلُـقُـوا ذُبَابَاً وَلَـوِ اجْـتَمَـعُـوا لَـهُ وَإنْ يَسْـلِـبُهُـمُ الـذُبَابُ شَـيْئَـاً لاَ يَسْـتَنْقِـذُوهُ مِـنْهُ ضَـعُـفَ الـطَـالِـبُ وَالـمَـطْـلُـوبُ)[ الحج 73 ]، ( وَالـذينَ يَدْعُـونَ مِـنْ دُونِهِ لاَ يَسْـتَـجِـيبُونَ لَـهُـمْ بِشَـيْءٍ إلاَّ كَـباسِـطِ كَـفَّيْهِ إلـى الـمَـاءِ لِـيَبْلُـغَ فَاهُ وَمَـا هُـوَ بِبَالِـغِـهِ ) [ الرعد 14 ]، ( يَدْعُـو مِـنْ دُونِ اللَّـهِ مَـا لاَ يَضُـرُّهُ وَلاَ يَنْفَـعُـهُ ذَلِـكَ هُـوَالـضَـلاَلُ الــبَعِـيدُ يَدْعُـو لَـمَـنْ ضَـرُّهُ أَقْـرَبُ مِـنْ نَفْـعِـهِ لَـبـِئْـسَ الـمَـوْلـى وَلَـبـِئْـسَ الـعَـشـيرِ )[الحج 12 / 13 ].
التقويم القَمَـري رحمة للعباد فيه أَربعَة أشـهر حُـرُم
( قـاتلوا الـذين لا يـؤمنـون )[ التوبة 29 ]: البعض يُسميّ هذه الآية الكريمة: [ آية السيف ] من أجل تصوير صورة الإسلام الحنيف، وإظهاره بأنه دين الاعتداء على الآخرين، ولكن نُـلاحظُ بشـكْلٍ واضـح، أنّ بداية هذه الآية الكريمة: ( قــاتــلـوا ) وليْسَ:
[ اقتلـوا ]، وكلمـة [ قـاتلـوا ] تعني فقـطْ: [ صَـدّ العـُدوان ] عنـدمـا يبـدأ الجانب الآخـر بالقتـال، والدليلُ على ذلك قولـه تعالى: ( وقـاتلـوا في سبيل الله الذينَ يُقـاتلونَكُم ولا تعتدوا إنّ الله لا يُحبّ المُعتدينَ ) [ البقرة 190 ]، أيْ: الله لا يُحبّ المُعتدين ولوْ كانوا مُسلمينَ، وإذا كان الإنسانُ مُسـالـماً وآمناً في بيته، فالأمْـرُ الإلـهيّ واضحٌ وُضوحَ الشمس وهوَ: ( لا ينهـاكُمُ الله عَنِ الذينَ لـمْ يُقـاتلوكُمْ في الدينِ ولـمْ يُخْرجوكُمْ منْ دياركُم أنْ تَـبـرّوهُـمْ وتُقسـطوا إلـيْهِـمْ )[ الممتحنة 8 ]، لذلكَ فإنّ إخراج الناس الآمنين المُسـالمينَ منْ بيوتهِم هوَ[ عصيانٌ ] لهذا الأمْـر الإلهيّ، والأمـرُ الإلـهيّ الآخـرَ:
(يـا أيّهـا الذينَ آمـنوا ادْخُـلـوا في السِـلْم كـافّةً) [ البقرة 208]، والأمْـرُ الإلـهيّ أيْضـاً: (ولاَ تقـولـوا لِـمَـنْ ألْقى إلـيْكُمُ السَـلامَ: لسْـتَ مُـؤمـناً ) [ النساء 94 ]، أيْ: لا يجوزُ [ تكفير ] الآخـرين إذا كـانوا مُسـالمينَ . والسَادَةُ النصارى لهُم توصـيةٌ خاصّة منَ الله سُبحانهُ: (أقْربَهُم مودّةً للذينَ آمـنوا الذينَ قـالوا إنّــا نصــارى )[ المائدة 82 ]، لذلك لا يجوزُ الاعتداء على أيّ إنسانٍ كانَ، في مـاله وعرضه، والمطلوبُ [ فقـط ] صَـدّ العدوان، وليْسَ [ الاعتداء ] على الآخرينَ.
(مِـنْهَـا أرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ)[التوبة 36]:
إنّ الأشـهر الحُـرُم هـي أربعـة أشـهر من الأشـهر القمـرية، وهي حسب ترقيمها:
مُحَـرَّم: كَانَ اسْـمُهُ مُـؤتَمَر، لأنَّهُمْ كَانُوا يَعْقِدونَ فيهِ المُؤْتَمَراتِ للتَشَاوُرِ .
رَجَبْ: كَانَ اسْمُهُ الأصَمُّ، لأنَّهُ شَهْرٌ حَرامُ لاَ يُسْمَعُ فِيهِ صَوْتُ السِلاَحِ، جَمْعُهُ أَرْجُبْ وَأرْجاب .
ذو القعْدة: كَانَ اسْمُهُ وزْنَـة، يَقْعُدونَ فيهِ عَنِ القِتَالِ اسْتِعْدَادَاً للحَجِّ لكَوْنه شَـهْراً حَـراماً.
ذو الحِجَّة: كَانَ اسْمُهُ بَرَكَ أيْ بَرَكَ البعيرُ فيهِ للحَجِّ، جَمْعُهُ ذَواتُ الحِجَّةِ.
لِذَلِكَ كَانَ التَقْويمُ المُعْتَرَفُ بِـهِ عِنْـدَ اللَّـهِ، هُـوَالتَقْويمُ القَمَـرِيُّ: ( إنّ عِـدَّةَ الـشُـهُـورِ عِـنْدَ اللَّـهِ اثْنَا عَـشَـرَ شَـهْـراً في كِـتَابِ اللَّـه يَوْمَ خَـلـَقَ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضَ مِـنْهَـا أَرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ ذَلـكَ الـدينُ الـقَـيِّمُ فَـلاَ تَظْـلِـمُـوا فِـيهِـنَّ أَنْفُسَـكُـمْ)[ التوبة 36 ].
إذَاً التَقْويمُ القَمَـريُّ الذي يَحْتَوي أَرْبَعَـةَ أشْـهُرٍ حُـرُمٍ، هُـوَرَحْمَـةٌ مِنَ اللَّـهِ سُبْحَانَهُ لِعِبَـادِهِ كَيْ لاَ يَظْلِمُوا أنْفُسَـهُمْ عَلى الأقَلِّ في الأشْـهُرِ الحُـرُمِ، التي هِيَ نَفَحَاتٌ إلهِيَّةٌ يَجِبُ التَعَرُّضُ لَهَا، بَيْنَمَا لاَ نَجِدُ نَفَحَـاتٍ في الأشْهُرِ الميـلاَدِيَّةِ، بَلْ نَجِدُ فيهَـا: عِيد الكَذِبِ فِي أوَّلِ نيسَانِ / إبريل وَعيد فالنْتين [ عيدُ الحُبِّ ] في 14 شـباط / فبراير، وَعِيـد رَأْسِ السَـنَةِ الميلاَديَّةِ في 31 كانون الأوَّلِ / يناير .
(إنَّمَـا الـنَسِـيْءُ زِيَادَةٌ في الــكُـفْرِ)[ التوبة 37 ]:
النسـيء هُوَ: نَوْعٌ مِنَ التَلاعُبِ بِتَوْقيتِ الأشْهُرِ الحُرُمِ القَمَريّةِ، وَكانَتِ العَرَبُ قَدْ تَلاعَبَتْ في حِسَابِ الأشْهُرِ حَسْبَ أهْوائِهَا، فَمنْهُمْ مَنْ يُسَمّي المُحـرّمَ: صَفَراً فَيَحِلُّ فيهِ القِتَالَ، وَمنهمْ مَنْ حَرَّمَ القِتَالَ في سَنَةٍ وَأحَلَّهُ في أُخْرى، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ سَنَتيْنِ حَلالاً وَسَنَتَيْنِ حَراماً، حَتَّى إنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ جَعَلَ السَنةَ ثلاثَة عَشَرَ شَهْراً، أي تَلاعَبوا بالسنواتِ وَالأشْهرِ ..
كَمَا يَحلو لَهم، وَأرادَ بَعْضَهُمْ أنْ يَتَلاعَبَ بِطُولِ السَنَةِ القَمريّةِ مِنْ أَجْلِ أنْ يَبْقى مَوْعِدُ المُناسَـبَةِ الدينيّة ثَابِتَـاً في فَصْلٍ واحِدٍ مِنَ الفُصُولِ، كَأَنْ يَبْقى مَوْسِمُ الحجِّ مَثَلاً في فَصْلِ الرَبيعِ، وَيَتَحَقّقُ ذَلِكَ بِإِضَافَـةِ فَرْقِ الزَمَنِ ما بَيْنَ السَنَةِ الميلاديّةِ [ المَدَنِيّـةِ ] وَالسـنَةِ القَمَريّـةِ، وَهَـذا الفَرْقُ هُـوَ: [ 902، 10] يوْمَـاً، تُضَافُ كُلَّ عَامٍ لِلسَنَةِ القَمَريّـة كَيْ تُسَـاوي السَـنَةَ الميلاديَّـةَ، وَبِذَلِكَ يَتَغَيّرُ عَامَاً بَعْدَ عَامٍ تَوْقيتُ الأشْهُرِ الحُرُمِ، وَلِهذا كَانَ النَسيءُ نَوْعاً مِنَ الكفْرِ [ تَغْطِيَةُ الحَقيقَةِ ]: ( إنَّمَـا الـنَسِـيْءُ زِيَادَةٌ في الــكُـفْرِ يُضِـلُّ بِه الـذينَ كَـفَروا يُحِـلُّونَهُ عَـامـاً وَيُحَـرّمُـونَه ُعَــامَـاً لـِيُواطِـئُوا عِـدَّةَ مَـا حَـرَّمَ اللَّـهُ )[ التوبة 37 ] .
(وَيَـقُـولُـونَ هُـوَ أُذُنٌ)[التوبة 61]:
الأذُن: هُوَ الذي يَسْتَمِعُ لِلنَاسِ كَثيراً، وَقَدْ انْتَقَدَ المُنافِقُونَ الرسُولَ الكريمَ صلى الله عليه وسلم لِهذَا السبَبِ: ( وَمِـنْـهُـمُ الـذينَ يُؤْذُونَ الـنَبـيَّ وَيَـقُـولُـونَ هُـوَ أُذُنٌ قُـلْ أُذُنُ خَـيْرٍ لَـكُـمْ )[ التوبة 61 ]، أيْ يَسْتَمِعُ مِـنْ أجْلِ مَصْلَحَةِ الجَميعِ، وَفي ذَلِكَ قالَ الشَاعِرُ:
صُـمٌّ إذا سَـمِعُوا خَيْراً ذُكِرْتُ بِـهِ وَإنْ ذُكِرْتُ بِسُـوءٍ عِنْدَهُمْ أَذِنـُوا
( إذَا الـسَـمَـاءُ انْشَـقَّتْ وَأذِنَتْ لِـرَبِّهَـا وَحُـقَّتْ .. وَإذا الأرْضُ مُـدَّتْ وَأذِنَتْ لِـرَبِّهَـا وَحُـقَّتْ)[ الانشقاق 1 / 3]، أذِنَتْ: اسـتَمَعت لأوامِرِ رَبَّها.
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
12 رمضان 1436هـ 29 يونيو 2015م
البقل نبات التوازن والطاقة
البقل أو البقول أو البقليات هي ثمار النباتات من الفصيلة البقولية المستعملة في تغذية الإنسان، ومن أشهرها الفاصولياء على اختلاف أنواعها والبازلاء والفول والحمص والعدس والترمس واللوبياء بأنواعها.
وقد ذكرها الله عز وجل في قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل فقال الله جل وعلا: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة: الآية 61].
سبب نزول الآيات
في هذه الآية يخاطب الله تعالى بني إسرائيل بقوله: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد وهو المن والسلوى لأنهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فلذلك قالوا: طعام واحد.
ذكر ابن كثير في رواية عن السدي فقال: لما دخل بنو إسرائيل التيه، قالوا لموسى عليه السلام : كيف لنا بما هاهنا ؟ أين الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط على شجر الزنجبيل، والسلوى وهو طائر يشبه السمان، فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كان سمينا ذبحه وإلا تركه حتى يسمن، فإذا سَمِن أتاه، فقالوا : هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، فشرب كل سبط من عين، فقالوا : هذا الشراب، فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام . فقالوا : هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان، ولا ينخرق لهم ثوب، فذلك قوله تعالى : ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) وقوله ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم ) [ البقرة : 60 ] .
فملّ القوم وضجروا من هذه النعم، فطلبوا من موسى أن يبدل ذلك الطعام بطعام آخر، قال الحسن البصري: فبطروا وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه، وكانوا قوماً أهل أعداس وبصل وبقل وفوم، فقالوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ قال السعدي في تفسيرها -رحمه الله- ما نصه:
(بَقْلِهَا ﴾ أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه، ﴿ وَقِثَّائِهَا ﴾ وهو الخيار ﴿ وَفُومِهَا ﴾ أي: ثومها، والعدس والبصل معروف، قال لهم موسى ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى ﴾ وهو الأطعمة المذكورة، ﴿ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ وهو المن والسلوى، فهذا غير لائق بكم، فإن هذه الأطعمة التي طلبتموها موجوده في أي مكان نزلتم به، وأما طعامكم الذي من الله به عليكم، فهو خير الأطعمة وأشرفها، فكيف تطلبون به بدلا؟.
ثم أمرهم الله فقال ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾.
يعني أن هذا ليس بصعب يحتاج إلى دعاء الله؛ لأن الله تعالى أوجده في كل مصر أي في كل بلدة تنزلون بها، وكأن موسى عليه السلام أنكر عليهم هذا، وبين لهم أنه لا يليق به أن يسأل الله سبحانه وتعالى لهم ذلك .
ثم قال: ﴿ وضربت عليهم الذلة والمسكنة ﴾ و﴿ الذلة ﴾: الهوان؛ فهم أذلة لا يقابلون عدوا.
﴿ المسكنة ﴾: أي الفقر؛ فليس عندهم شجاعة، ولا غنًى؛ لا كرم بالمال، ولا كرم بالنفس؛ فـ«الشجاعة» كرم بالنفس: بأن يجود الإنسان بنفسه لإدراك مقصوده؛ و«الكرم» جود بالمال؛ فلم يحصل لهم هذا، ولا هذا ،وهذا تنبيه من الله عزوجل لمن يتضجر من النعم، ويريد أن يستبدل هذه النعم بالنقم والعياذ بالله .
ومن فوائد الآية: إثبات صفة الغضب لله تعالى؛ وغضب الله سبحانه وتعالى صفة من صفاته؛ لكنها لا تماثل صفات المخلوقين؛ فنحن عندما نغضب تنتفخ الأوداج منا، ويحمر الوجه، ويقفُّ الشعر، ويفقد الإنسان صوابه، وهذه العوارض لا تكون في غضب الله، لأن الله ليس كمثله شيء، بل هو غضب يليق بالله عزّ وجلّ دال على كمال عظمته وسلطانه.
فوائد البقول كما ذكرها الأطباء
البقول غنية بالكربوهيدرات والبروتينات، وتعد مصدراً للطاقة، لأنها قليلة الدهون ولا تحتوي على الدهون المشبعة أو الكوليسترول، و تتميز بمحتواها الغني من الألياف الغذائية، الأمر الذي يسهم في تأثيرها بشكل خاص على الشبع (الشعور بعد أن تؤكل بما فيه الكفاية)، فالأطعمة الغنية بالألياف تثبت أيضا أنها مفيدة للسيطرة على مرض السكري والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وفي الواقع، يمكن تساعد الألياف على تنظيم نسبة السكر في الدم عن طريق تأخير مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء حيث يبطئ من امتصاص الجلوكوز.
وعلاوة على ذلك، فإن الألياف تساعد على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، وفيما يتعلق بالفيتامينات والمعادن، فالبقول كلها مصادر ممتازة للحديد (إذا أكل مع مصدر من فيتامين (ج))، وحمض الفوليك والمنجنيز، بل هي أيضا مصادر جيدة من البوتاسيوم والفوسفور، والمغنيسيوم والزنك.
*********************************************************************البقل أو البقول أو البقليات هي ثمار النباتات من الفصيلة البقولية المستعملة في تغذية الإنسان، ومن أشهرها الفاصولياء على اختلاف أنواعها والبازلاء والفول والحمص والعدس والترمس واللوبياء بأنواعها.
وقد ذكرها الله عز وجل في قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل فقال الله جل وعلا: ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة: الآية 61].
سبب نزول الآيات
في هذه الآية يخاطب الله تعالى بني إسرائيل بقوله: وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد وهو المن والسلوى لأنهم كانوا يأكلون أحدهما بالآخر فلذلك قالوا: طعام واحد.
ذكر ابن كثير في رواية عن السدي فقال: لما دخل بنو إسرائيل التيه، قالوا لموسى عليه السلام : كيف لنا بما هاهنا ؟ أين الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط على شجر الزنجبيل، والسلوى وهو طائر يشبه السمان، فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير، فإن كان سمينا ذبحه وإلا تركه حتى يسمن، فإذا سَمِن أتاه، فقالوا : هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، فشرب كل سبط من عين، فقالوا : هذا الشراب، فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام . فقالوا : هذا الظل، فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان، ولا ينخرق لهم ثوب، فذلك قوله تعالى : ( وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى ) وقوله ( وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم ) [ البقرة : 60 ] .
فملّ القوم وضجروا من هذه النعم، فطلبوا من موسى أن يبدل ذلك الطعام بطعام آخر، قال الحسن البصري: فبطروا وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه، وكانوا قوماً أهل أعداس وبصل وبقل وفوم، فقالوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ قال السعدي في تفسيرها -رحمه الله- ما نصه:
(بَقْلِهَا ﴾ أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه، ﴿ وَقِثَّائِهَا ﴾ وهو الخيار ﴿ وَفُومِهَا ﴾ أي: ثومها، والعدس والبصل معروف، قال لهم موسى ﴿ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى ﴾ وهو الأطعمة المذكورة، ﴿ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ﴾ وهو المن والسلوى، فهذا غير لائق بكم، فإن هذه الأطعمة التي طلبتموها موجوده في أي مكان نزلتم به، وأما طعامكم الذي من الله به عليكم، فهو خير الأطعمة وأشرفها، فكيف تطلبون به بدلا؟.
ثم أمرهم الله فقال ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾.
يعني أن هذا ليس بصعب يحتاج إلى دعاء الله؛ لأن الله تعالى أوجده في كل مصر أي في كل بلدة تنزلون بها، وكأن موسى عليه السلام أنكر عليهم هذا، وبين لهم أنه لا يليق به أن يسأل الله سبحانه وتعالى لهم ذلك .
ثم قال: ﴿ وضربت عليهم الذلة والمسكنة ﴾ و﴿ الذلة ﴾: الهوان؛ فهم أذلة لا يقابلون عدوا.
﴿ المسكنة ﴾: أي الفقر؛ فليس عندهم شجاعة، ولا غنًى؛ لا كرم بالمال، ولا كرم بالنفس؛ فـ«الشجاعة» كرم بالنفس: بأن يجود الإنسان بنفسه لإدراك مقصوده؛ و«الكرم» جود بالمال؛ فلم يحصل لهم هذا، ولا هذا ،وهذا تنبيه من الله عزوجل لمن يتضجر من النعم، ويريد أن يستبدل هذه النعم بالنقم والعياذ بالله .
ومن فوائد الآية: إثبات صفة الغضب لله تعالى؛ وغضب الله سبحانه وتعالى صفة من صفاته؛ لكنها لا تماثل صفات المخلوقين؛ فنحن عندما نغضب تنتفخ الأوداج منا، ويحمر الوجه، ويقفُّ الشعر، ويفقد الإنسان صوابه، وهذه العوارض لا تكون في غضب الله، لأن الله ليس كمثله شيء، بل هو غضب يليق بالله عزّ وجلّ دال على كمال عظمته وسلطانه.
فوائد البقول كما ذكرها الأطباء
البقول غنية بالكربوهيدرات والبروتينات، وتعد مصدراً للطاقة، لأنها قليلة الدهون ولا تحتوي على الدهون المشبعة أو الكوليسترول، و تتميز بمحتواها الغني من الألياف الغذائية، الأمر الذي يسهم في تأثيرها بشكل خاص على الشبع (الشعور بعد أن تؤكل بما فيه الكفاية)، فالأطعمة الغنية بالألياف تثبت أيضا أنها مفيدة للسيطرة على مرض السكري والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وفي الواقع، يمكن تساعد الألياف على تنظيم نسبة السكر في الدم عن طريق تأخير مرور الطعام من المعدة إلى الأمعاء حيث يبطئ من امتصاص الجلوكوز.
وعلاوة على ذلك، فإن الألياف تساعد على خفض نسبة الكوليسترول في الدم، وفيما يتعلق بالفيتامينات والمعادن، فالبقول كلها مصادر ممتازة للحديد (إذا أكل مع مصدر من فيتامين (ج))، وحمض الفوليك والمنجنيز، بل هي أيضا مصادر جيدة من البوتاسيوم والفوسفور، والمغنيسيوم والزنك.
عظيم نعمك وإنعامك
إلهي يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا شاهد كل نجوى، ويا سامع كل شكوى، ويا كاشف الضر والبلوى، يا قديم الإحسان، ويا ذا الفضل والإنعام، امنن عليَّ يا إلهي بجلال إكرامك، وتفضل عليَّ بعظيم نعمك وإنعامك.
اللهم ما عصيتك حين عصيتك استهانة بك، ولا استخفافاً بعذابك، ولكن بسابقةٍ سبق بها علمُك، وغلب عليَّ الهوى، فإن غفرت، فخير راحم أنت، وإن عذبت، فغير ظالمٍ أنت. سبحانك يا رحيم يا رحمن، يا كريم ويا منان، يا ذا الجلال والإكرام، يا من عليه يتوكل المتوكلون، ويا من إليه يلجأ الخائفون، لك الحمد وأنت المستعان. اللهم عافني بقدرتك، وأدخلني في رحمتك، واقض أجلي في طاعتك، واختم لي بخير عملي، واجعل ثوابه الجنة. اللهم اهدني وسددني، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، رب اغفر لي وتب عليَّ، إنك أنت التواب الغفور.
يا من تسبح له السموات بنجومها وأبراجها، والأرض بسهولها وفجاجها، والبحار بأحيائها وأمواجها، والجبال بقممها وأوتادها، والأشجار بفروعها وثمارها، والسباع في فلواتها، والطير في وكناتها، يا من تسبح له الذرات على صغرها، والمجرات على كبرها، يا من تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، يا من يعلم السر وأخفى، يا من له الأسماء الحسنى، يا من هو مع عباده يسمع ويرى، أنت المبتدئ بالإحسان من قبل توجه العابدين، وأنت المبتدئ بالعطايا من قبل طلب الطالبين.
اللهم يا واسع الرحاب، ويا عظيم الجناب، ويا مفتح الأبواب، ويا قابل التوب ممن تاب، لا إله إلا أنت العزيز الوهاب، إلهنا لقد ضاقت بنا الرحاب إلا رحابك، وأغلقت الأبواب كلها إلا بابك، فلا تطردنا من جنابك، واجعلنا يا ربنا ممن قبلت دعاءهم واستجبت رجاءهم.
سبحانك اللهم خالقي، أنا تائبٌ إليك فاقبل توبتي، ولا تفضحني بالذي قد كان مني.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
*********************************************************************إلهي يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا شاهد كل نجوى، ويا سامع كل شكوى، ويا كاشف الضر والبلوى، يا قديم الإحسان، ويا ذا الفضل والإنعام، امنن عليَّ يا إلهي بجلال إكرامك، وتفضل عليَّ بعظيم نعمك وإنعامك.
اللهم ما عصيتك حين عصيتك استهانة بك، ولا استخفافاً بعذابك، ولكن بسابقةٍ سبق بها علمُك، وغلب عليَّ الهوى، فإن غفرت، فخير راحم أنت، وإن عذبت، فغير ظالمٍ أنت. سبحانك يا رحيم يا رحمن، يا كريم ويا منان، يا ذا الجلال والإكرام، يا من عليه يتوكل المتوكلون، ويا من إليه يلجأ الخائفون، لك الحمد وأنت المستعان. اللهم عافني بقدرتك، وأدخلني في رحمتك، واقض أجلي في طاعتك، واختم لي بخير عملي، واجعل ثوابه الجنة. اللهم اهدني وسددني، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، رب اغفر لي وتب عليَّ، إنك أنت التواب الغفور.
يا من تسبح له السموات بنجومها وأبراجها، والأرض بسهولها وفجاجها، والبحار بأحيائها وأمواجها، والجبال بقممها وأوتادها، والأشجار بفروعها وثمارها، والسباع في فلواتها، والطير في وكناتها، يا من تسبح له الذرات على صغرها، والمجرات على كبرها، يا من تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده، يا من يعلم السر وأخفى، يا من له الأسماء الحسنى، يا من هو مع عباده يسمع ويرى، أنت المبتدئ بالإحسان من قبل توجه العابدين، وأنت المبتدئ بالعطايا من قبل طلب الطالبين.
اللهم يا واسع الرحاب، ويا عظيم الجناب، ويا مفتح الأبواب، ويا قابل التوب ممن تاب، لا إله إلا أنت العزيز الوهاب، إلهنا لقد ضاقت بنا الرحاب إلا رحابك، وأغلقت الأبواب كلها إلا بابك، فلا تطردنا من جنابك، واجعلنا يا ربنا ممن قبلت دعاءهم واستجبت رجاءهم.
سبحانك اللهم خالقي، أنا تائبٌ إليك فاقبل توبتي، ولا تفضحني بالذي قد كان مني.
ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.
طارق بن زياد
(ت 720 م)
طارق بن زياد بربري من قبيلة الصدف. وكانت مضارب خيام هذه القبيلة في جبال المغرب العالية. وهي قبيلة شديدة البأس، ديانتها وثنية. وكان طارق بن زياد فارساً شجاعاً مقداماً ، وكان غازياً بطاشاً.
ولم يصل المسلمون إلى شمال أفريقيا إلا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك ، الذي وكّل موسى بن نصير بهذه المهمة.
وقد دخلت القبائل الوثنية في الإسلام ، ومن بينها قبيلة طارق بن زياد، ذلك الفارس الشاب الذي أعجب موسى بن نصير بشجاعته وقوته، ولهذا عهد إليه بفتح شمال أفريقيا . وحارب طارق المشركين ودخل الكثيرون منهم في الإسلام وتم أسر من لم يسلم منهم. وبعد هذا النجاح عينه موسى بن نصير واليا على طنجة.
فتح الأندلس
كان الحلم الأكبر الذي يراود طارق بن زياد هو اجتياز الماء إلى الجهة الأخرى واجتياح أسبانيا ، التي كانت تحت حكم ملك القوط لذريق. وكان حاكم سحبة يناصب لذريق هذا العداء، ولهذا قام بالاتصال بطارق بن زياد وموسى بن نصير وأخذ يحثهما على غزو أسبانيا مبديا استعداده لمساعدتهما.
وبعد مراسلات مع الخليفة في الشام وافق الخليفة على ذلك. وقاد طارق بن زياد جيش المسلمين واجتاز المضيق الذي يفصل بين شمال أفريقيا وأوروبا، والذي أصبح يعرف فيما بعد باسمه (مضيق طارق بن زياد)، والتقى الجمعان بالقرب من نهر لكه. ووقف طارق بن زياد يومها أمام جنوده وألقى خطبته المشهورة:
"أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر.. وإني لم أحذِّركم أمراً أنا عنه بنجوة.. واعلموا إنكم إن صبرتم على الأشـقّ قليلاً استمتعتم بالأرفهِ الألذّ طويلاً .. وإن حملتُ فاحملوا وإن وقفت فقفوا. ثم كونوا كهيئة رجل واحد في القتال. ألا وإني عامد إلى طاغيتهم بحيث لا أتهيبه حتى أخالطه أو أُقتَلَ دونه. فإن قتِلتُ فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وتولّوا الدبر لعدوّكم فتبدّدوا بين قتيل وأسير".
هجم المسلمون على جيش القوط فدبّ الرعب في قلوبهم.
أما قائدهم لذريق فلمحه طارق بن زياد وصوّب رمحه نحوه وأرداه قتيلاً يتخبّط في دمائه التي صبغت لون النهر. وعندها صاح طارق بن زياد: "قتلت الطاغية.. قتلت لذريق"..
وبعد هذه المعركة صارت الطريق ممهدة أمام المسلمين لفتح البلاد. وفتح طارق المدن الأسبانية واحدة تلو الأخرى . لكنه احتاج إلى المدد فكاتب موسى بن نصير قائلاً : "إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية فالغوث الغوث".
سارع موسى بن نصير ووصل الأندلس على رأس جيش قوامه 18 ألف مقاتل من العرب والبربر وذلك سنة 712. واتحد الجيش مع جيش طارق بن زياد، حيث خاض الجيش الموحد معركة "وادي موسى" التي هزم المسلمون فيها جموع القوط ودانت لهم بعد هذا النصر الأندلس كلها.
طارق بن زياد بين فكي التاريخ
لطارق بن زياد فضل كبير في إخضاع القبائل البربرية في شمال أفريقيا وفي فتح الأندلس وهزم القوط في "معركة نهر لكه" و"معركة وادي موسى".
وبالرغم من قلة جنده وشحّ المساعدات، وبالرغم من المصاعب التي واجهها في بلاد يدخلها لأوّل مرة، إلا انه استطاع فتح الأندلس وتحقيق الانتصار. إلا أن كل هذا لم يشفع له عند موسى بن نصير الذي ربما يكون قد توجه للأندلس عام 712 لا ليقدّم المساعدات لطارق بن زياد بعد رسالته إليه، وإنما لينسب فتح الأندلس لنفسه.
لقد كان موسى بن نصير حاقداً على طارق لأنه تقدّم أكثر مما أراد !! وبدلاً من تهنئته قام بإهانته وتوبيخه ثم عزله وسجنه ولم يطلق سراحه إلا بعد تدخّل الخليفة الوليد !!
نهاية البطل
توجه طارق بن زياد بصحبة موسى بن نصير إلى دمشق ومعه أربعمائة من أفراد الأسرة المالكة وجموع من الأسرى والعبيد والعديد من النفائس.
ولما وصلا طبريا في فلسطين، طلب منهما سليمان ولي العهد التأخّر حتى يموت الخليفة الوليد الذي كان يصارع الموت. لكنهما تابعا تقدّمهما ودخلا مع الغنائم إلى دمشق.
وبسبب هذا غضب عليهما سليمان، لأنه كان يريد أن ينسب الفتح والغنائم لنفسه ..
وعندما تولّى سليمان الخلافة ، عزل موسى وأولاده ، وقتل ابنه عبد العزيز بن موسى الذي شارك في فتح الأندلس . أما طارق بن زياد جالب النصر والغنائم فأهمِلَ وبقي بدون شأن ومات فقيراً سنة 720 م.
عانى طارق بن زياد من الظلم والحبس عند موسى بن نصير، فحسب أن العدل عند الخليفة الوليد .. لهذا توجه إلى الشام . ولكن بعد وصوله مع موسى بن نصير إلى دمشق، مات الخليفة بعد أربعين يوماً ، وتسلّم السلطة وليّ العهد الذي كان يتوعدهما، والذي انتقم من كليهما.
مات طارق بن زياد معدماً . وقيل انه شوهد في آخر أيامه يتسوّل أمام المسجد !! وكان يستحقّ أن يكون والياً على البلاد التي فتحها مثله مثل عمرو بن العاص الذي فتح مصر وتولى ولايتها ....
*********************************************************************(ت 720 م)
طارق بن زياد بربري من قبيلة الصدف. وكانت مضارب خيام هذه القبيلة في جبال المغرب العالية. وهي قبيلة شديدة البأس، ديانتها وثنية. وكان طارق بن زياد فارساً شجاعاً مقداماً ، وكان غازياً بطاشاً.
ولم يصل المسلمون إلى شمال أفريقيا إلا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك ، الذي وكّل موسى بن نصير بهذه المهمة.
وقد دخلت القبائل الوثنية في الإسلام ، ومن بينها قبيلة طارق بن زياد، ذلك الفارس الشاب الذي أعجب موسى بن نصير بشجاعته وقوته، ولهذا عهد إليه بفتح شمال أفريقيا . وحارب طارق المشركين ودخل الكثيرون منهم في الإسلام وتم أسر من لم يسلم منهم. وبعد هذا النجاح عينه موسى بن نصير واليا على طنجة.
فتح الأندلس
كان الحلم الأكبر الذي يراود طارق بن زياد هو اجتياز الماء إلى الجهة الأخرى واجتياح أسبانيا ، التي كانت تحت حكم ملك القوط لذريق. وكان حاكم سحبة يناصب لذريق هذا العداء، ولهذا قام بالاتصال بطارق بن زياد وموسى بن نصير وأخذ يحثهما على غزو أسبانيا مبديا استعداده لمساعدتهما.
وبعد مراسلات مع الخليفة في الشام وافق الخليفة على ذلك. وقاد طارق بن زياد جيش المسلمين واجتاز المضيق الذي يفصل بين شمال أفريقيا وأوروبا، والذي أصبح يعرف فيما بعد باسمه (مضيق طارق بن زياد)، والتقى الجمعان بالقرب من نهر لكه. ووقف طارق بن زياد يومها أمام جنوده وألقى خطبته المشهورة:
"أيها الناس أين المفرّ؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر.. وإني لم أحذِّركم أمراً أنا عنه بنجوة.. واعلموا إنكم إن صبرتم على الأشـقّ قليلاً استمتعتم بالأرفهِ الألذّ طويلاً .. وإن حملتُ فاحملوا وإن وقفت فقفوا. ثم كونوا كهيئة رجل واحد في القتال. ألا وإني عامد إلى طاغيتهم بحيث لا أتهيبه حتى أخالطه أو أُقتَلَ دونه. فإن قتِلتُ فلا تهنوا ولا تحزنوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وتولّوا الدبر لعدوّكم فتبدّدوا بين قتيل وأسير".
هجم المسلمون على جيش القوط فدبّ الرعب في قلوبهم.
أما قائدهم لذريق فلمحه طارق بن زياد وصوّب رمحه نحوه وأرداه قتيلاً يتخبّط في دمائه التي صبغت لون النهر. وعندها صاح طارق بن زياد: "قتلت الطاغية.. قتلت لذريق"..
وبعد هذه المعركة صارت الطريق ممهدة أمام المسلمين لفتح البلاد. وفتح طارق المدن الأسبانية واحدة تلو الأخرى . لكنه احتاج إلى المدد فكاتب موسى بن نصير قائلاً : "إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية فالغوث الغوث".
سارع موسى بن نصير ووصل الأندلس على رأس جيش قوامه 18 ألف مقاتل من العرب والبربر وذلك سنة 712. واتحد الجيش مع جيش طارق بن زياد، حيث خاض الجيش الموحد معركة "وادي موسى" التي هزم المسلمون فيها جموع القوط ودانت لهم بعد هذا النصر الأندلس كلها.
طارق بن زياد بين فكي التاريخ
لطارق بن زياد فضل كبير في إخضاع القبائل البربرية في شمال أفريقيا وفي فتح الأندلس وهزم القوط في "معركة نهر لكه" و"معركة وادي موسى".
وبالرغم من قلة جنده وشحّ المساعدات، وبالرغم من المصاعب التي واجهها في بلاد يدخلها لأوّل مرة، إلا انه استطاع فتح الأندلس وتحقيق الانتصار. إلا أن كل هذا لم يشفع له عند موسى بن نصير الذي ربما يكون قد توجه للأندلس عام 712 لا ليقدّم المساعدات لطارق بن زياد بعد رسالته إليه، وإنما لينسب فتح الأندلس لنفسه.
لقد كان موسى بن نصير حاقداً على طارق لأنه تقدّم أكثر مما أراد !! وبدلاً من تهنئته قام بإهانته وتوبيخه ثم عزله وسجنه ولم يطلق سراحه إلا بعد تدخّل الخليفة الوليد !!
نهاية البطل
توجه طارق بن زياد بصحبة موسى بن نصير إلى دمشق ومعه أربعمائة من أفراد الأسرة المالكة وجموع من الأسرى والعبيد والعديد من النفائس.
ولما وصلا طبريا في فلسطين، طلب منهما سليمان ولي العهد التأخّر حتى يموت الخليفة الوليد الذي كان يصارع الموت. لكنهما تابعا تقدّمهما ودخلا مع الغنائم إلى دمشق.
وبسبب هذا غضب عليهما سليمان، لأنه كان يريد أن ينسب الفتح والغنائم لنفسه ..
وعندما تولّى سليمان الخلافة ، عزل موسى وأولاده ، وقتل ابنه عبد العزيز بن موسى الذي شارك في فتح الأندلس . أما طارق بن زياد جالب النصر والغنائم فأهمِلَ وبقي بدون شأن ومات فقيراً سنة 720 م.
عانى طارق بن زياد من الظلم والحبس عند موسى بن نصير، فحسب أن العدل عند الخليفة الوليد .. لهذا توجه إلى الشام . ولكن بعد وصوله مع موسى بن نصير إلى دمشق، مات الخليفة بعد أربعين يوماً ، وتسلّم السلطة وليّ العهد الذي كان يتوعدهما، والذي انتقم من كليهما.
مات طارق بن زياد معدماً . وقيل انه شوهد في آخر أيامه يتسوّل أمام المسجد !! وكان يستحقّ أن يكون والياً على البلاد التي فتحها مثله مثل عمرو بن العاص الذي فتح مصر وتولى ولايتها ....
أهل السنة والجماعة أربع مذاهب فقية معتبرة أتباع ابن حنيفة واتباع ابن مالك واتباع الشافعي واتباع ابن حنبل وأيضا ثلاث مذاهب عقيدية الاشعرية والماتريدية والمعتزلة والمعتزلة اندرث أتباعه وبقى أكبر كتبهم مثل تفسير الكشاف
أما المذهب الحشوية والمجسمة هو مذهب انشاه اليهود الذي أظهر دخول الإسلام وادخلوا عقائدهم مثل تشبيه الله بخلقه على شكل أحاديث نبوية في الإرث الإسلامي مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وبعدها أتى ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن القيم الجوزية ووضعوا تأليف وقواعد لهذا العقيدة وتم سجن ابن تيمية بسبب زندقته وبعدها محمد بن عبدالله وتبنى فكر ابن تيمية وساعده في نشر فكره الشيخ محمد بن سعود مؤسس دولة السعودية شيخ منطقة درعة التي وصفة الرسول صل الله عليه وسلم منا يظهر قرن الشيطان والفتن وكفرو كل أهل الجزيرة العربية وقتلوا الناس صغيرهم وكبيرهم نساءهم ورجالهم انظر الكتابهم عنوان المجد في تاريخ نجد وتسموا انهم من أهل السنة والجماعة وعلى المذهب الحنبلي وكفرا كل عقائد أهل السنة والجماعة من الاشاعرة والماتريدية الذين هم أهل السنة والجماعة الحقيقيون ؛وبعد ما كان اسمهم الوهابية لأنهم اتباع فكر محمد بن عبد الوهاب غيروا الى السلفية وأنهم هم فقط أهل السنة وبسبب القوة الاقتصادية لدى السعودية صار لهم أعلام قوى جدا خاصة انهم يمثلوا الإسلام الصحيح بسبب أن الحرمين الشريفين صار لهم وصار كل إلا من رحم ربي يتغذى بفكرهم من كل اصقاع العالم.
محب أهل السنة والجماعة الحقيقيون /سمير اليحيائي
*********************************************************************أما المذهب الحشوية والمجسمة هو مذهب انشاه اليهود الذي أظهر دخول الإسلام وادخلوا عقائدهم مثل تشبيه الله بخلقه على شكل أحاديث نبوية في الإرث الإسلامي مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وبعدها أتى ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن القيم الجوزية ووضعوا تأليف وقواعد لهذا العقيدة وتم سجن ابن تيمية بسبب زندقته وبعدها محمد بن عبدالله وتبنى فكر ابن تيمية وساعده في نشر فكره الشيخ محمد بن سعود مؤسس دولة السعودية شيخ منطقة درعة التي وصفة الرسول صل الله عليه وسلم منا يظهر قرن الشيطان والفتن وكفرو كل أهل الجزيرة العربية وقتلوا الناس صغيرهم وكبيرهم نساءهم ورجالهم انظر الكتابهم عنوان المجد في تاريخ نجد وتسموا انهم من أهل السنة والجماعة وعلى المذهب الحنبلي وكفرا كل عقائد أهل السنة والجماعة من الاشاعرة والماتريدية الذين هم أهل السنة والجماعة الحقيقيون ؛وبعد ما كان اسمهم الوهابية لأنهم اتباع فكر محمد بن عبد الوهاب غيروا الى السلفية وأنهم هم فقط أهل السنة وبسبب القوة الاقتصادية لدى السعودية صار لهم أعلام قوى جدا خاصة انهم يمثلوا الإسلام الصحيح بسبب أن الحرمين الشريفين صار لهم وصار كل إلا من رحم ربي يتغذى بفكرهم من كل اصقاع العالم.
محب أهل السنة والجماعة الحقيقيون /سمير اليحيائي
قال تعالى :
( حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) '
قالت " وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ "
التمست لبني الإنسان عذراً !
لتحطيمه لها ،
لدقة حجمها وأستحالة رؤيتها !
في حال أنشغاله بما هو أعظم
بينما بني البشر اليوم
لا يلتمس لإخيه المسلم عذراً
ويتسلط عليه بإساءة الظنون
والتفتيش عن النوايا التي ما آمر بها . .
والسعي خلف الظن السيء وتحريش الشيطان . .
قيل :
( إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه ،
فالتمس له عذراً ، فإن لم تجد له عذراً ،
فقل . . لعل له عذرا لا أعلمه ) '
ما أجمل أن يكون شعارنآ . .
- [ حسن الظن بالأخرين]
*********************************************************************( حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) '
قالت " وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ "
التمست لبني الإنسان عذراً !
لتحطيمه لها ،
لدقة حجمها وأستحالة رؤيتها !
في حال أنشغاله بما هو أعظم
بينما بني البشر اليوم
لا يلتمس لإخيه المسلم عذراً
ويتسلط عليه بإساءة الظنون
والتفتيش عن النوايا التي ما آمر بها . .
والسعي خلف الظن السيء وتحريش الشيطان . .
قيل :
( إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه ،
فالتمس له عذراً ، فإن لم تجد له عذراً ،
فقل . . لعل له عذرا لا أعلمه ) '
ما أجمل أن يكون شعارنآ . .
- [ حسن الظن بالأخرين]
الجزء الحادي عشر في القرآن الكريم
الصلاة دعاء ورحمة وسكينة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 93 ] من سورة الـتـوبة ، و حتى الآيـة [ 5 ] من سورة هــود ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( وَ صَـلِّ عـلـَيْهِـمْ )[ التوبة 103 ] :
إنَّ كَلِمَةَ الصَلاةِ في اللغةِ ذاتُ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ :
1 – الصِـلَةُ : بَيْنَ العَـبْدِ وَ رَبِّـهِ .
2 - الـدُعـاءُ : كَمَـا وَرَدَ في المعاجم اللغوية .
3 - السَـكينةُ : لِقوْلِهِ تعالى ( وَ صَـلِّ عـلـَيْهِـمْ إنَّ صَـلاتَكَ سَـكَـنٌ لـَهُـمْ )[ التوبة 103 ] ، فَدعاءُ النبيّ : [ اللهم صَلِّ على آلِ أبي أوْفى ] .
4 -(اللّـهُ يُحِـبُّ الـمُـطَّـهِـرينَ)[التوبة 108] :
يتطَهَّـرُ : في مَوْضُـوعٍ واحِـدَ ، يَطَّهَـرُ: في كُلِّ الأُمُـورِ ، أوِ الطَهَارَةُ التَـامَّةُ وَمِنْها النفسـيّة: ( فَاعْـتَزِلُـوا الـنِسَـاءَ فـي الـمَـحِـيضِ وَ لاَ تَقْرَبوُهُـنَّ حَـتّى يَطْـهُـرْنَ فَإذَا تَطَـهَّـرْنَ فَأْتُوهُـنَّ مِـنْ حَـيْثُ أَمَـرَكُـمُ اللّهُ )[ البقرة 222 ] ، يَطْـهُـرْنَ : مِنَ الدورةِ فقط ، تَطَـهَّـرْنَ : مِنَ الدورةِ + الاسْتِحْمامِ ، ( فيهِ رِجَـالٌ يُحِـبُّونَ أن يَتَطَـهَّـروا وَ اللّـهُ يُحِـبُّ الـمُـطَّـهِـرينَ )[ التوبة 108 ] ، يَتَطَـهَّـروا : بالنظَافَةِ الجسميَّةِ ، مُـطَّـهِـرينَ : جِسْميّاً وَ نَفْسيّاً وَ ماليّاً وَ اجتماعيّاً 000 ، وَ ليْسَ جِسْمِيّاً فقط ، فالنظَافَةُ الجسْميَّةُ لِوَحْدِها لاَ تكفي لِحُبِّ اللّـهِ ، ( أخْـرِجُـوا آلَ لُـوطٍ مِـنْ قَـرْيَتِكُـمْ أنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَـهَّـرونَ )[ النمل 56 ] ، يَتَطَـهَّـرونَ في كُلِّ الأُمُورِ ، ( وَ ثِيابَكَ فَـطَـهِّـرْ )[ المدثّر 4 ] ، طَـهِّـرْ : طَهَارة تَامّـةً مِنَ الأوسَاخِ وَالنجاسَةِ ، ( وَ عَـهِـدْنا إلـى إبْراهِـيمَ وَ إسْـمَـاعِـيلَ أنْ طَـهِّـرا بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَ الـعَـاكِـفينَ وَ الـرُكَّـعِ الـسُجُـودِ )[ البقرة 125 ] ، ( وَ طَـهِّـرْ بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَالـقَائِمِـينَ وَالـرُكَّـعِ الـسُجُـودِ )[ الحج 26 ] ، طَـهِّـرْ : الطَلَبُ لإبراهيمَ وَحْدِهِ عِنْدَما كانَ إسْماعيلُ صَغيراً ، بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَ الـقَائِمِـينَ بالصلاةِ ، لأنَّهُ لاَ يُوجَدُ عاكفين مقيمين في ذلك الوقت .
( وَ بَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنينَ )[ التوبة 112] :
مَنْ هُمُ المُؤْمِنُونَ ؟ ، وَ الجَوابُ في القُرْآنِ الكَريمِ أنهم الذين تتحقّق فيهم هذه الشروط : ( الـتَائِـبُونَ الـعَـابِدُونَ الـحَـامِـدُونَ الـسَـائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدُونَ الآمِـرونَ بالـمَـعْـروفِ وَ الـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْـكَـرِ وَ الـحَـافِظُـونَ لِحُـدُودِ اللّـهِ وَ بَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنينَ ) [ التوبة 112 ] ، الـتَائِـبُونَ : تَوبَةً َنصُوحَاً ، الـسَـائِـحُـونَ : المُسـاعِدونَ للآخـرين ، الـراكِـعُـونَ : الخَاضِعُونَ لأَوامِرِ اللّهِ ، الـسَـاجِـدُونَ : بالصَلَواتِ وَ النَوافِلِ ، ( وَ كَـانَ حَـقَّـاً عَـلَـيْنَا نَصْـرُ الـمُـؤْمِـنينَ)[ الروم 47 ] ، ( وَ لاَ تَهِـنُوا وَ لاَ تَحْـزَنُوا وَ أنْتُمُ الأَعْـلَـوْنَ إنْ كُـنْتُمْ مُـؤْمِـنينَ)[ آل عمران 139 ] .
(اسْـتِغْـفَـارُ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ)[التوبة 114]:
الوالِدُ هُوَ الذي لَهُ عَلاَقَةٌ بالحَمْلِ وَ الوِلاَدَةِ : ( وَ وَالـِدٍ وَ مَـا وَلـَدَ )[ البلد 3 ] ، فَقَدْ كَانَ وَالِدُ إبراهيمَ مُؤْمِناً كَوْنَهُ دَعَـا لَهُ : ( رَبِّنا اغْـفـِرْ لـيْ وَ لِـوالـدَيَّ )[ إبراهيم 41] ، ( وَ وَصَّـيْنا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ )[ الأحْقاف 15 ] ، ( وَ اخْـشَـوْا يَوْمَـاً لاَ يَجْـزي وَالِـدٌ عَـنْ وَلَـدِهِ وَ لاَ مَـوْلُـودٍ هُـوَ جَـازٍ عَـنْ وَالِـدِهِ شَـيْئَاً )[ لقمان 33 ] ، بَيْنَمَا الأَبُ قَدْ يَكُونُ عَمّـاً أوْ جَـدّاً 000 ، أوْ شَـخْصَاً بَعِـيْدَاً : ( مِـلَّـةَ أَبِيْكُـمْ إبْراهِـيْم )[ الحج 78 ] ، فَقَدْ تَبَرّأَ إبراهيمُ عليه السلام مِنْ أبيـهِ آزَرَ : ( وَ إِذْ قَالَ إبْراهِـيْمُ لأبِيْهِ آزَرَ )[ الأنعام 74 ] ، ( إلاّ قَوْلَ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ ) [ الممتحنة 4 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ اسْتِغْـفَارُ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ إلاّ عَـنْ مَـوْعِـدَةٍ وَعَـدَهَـا إيَّاه فَلَـمّـا تَبَيَّنَ لَـهُ أَنَّهُ عَـدُوٌ لِلَّـهِ تَبَرَّأَ مِـنْهُ )[ التوبة 114 ] ، وَ لَمْ يَتَبرّأ مِنْ وَالـدِهِ تَـارَح [ وَ مَعْناهُ الهِلالُ وَ رُبَّما جَاءَتْ كَلِمَةُ تَارِيْخ مِنْ هَنا ، نِسْبَةً لِلقَمَرِ ] ، وَ قَدْ يَكُونُ للإنْسَانِ آبَاءٌ كُثُرٌ : ( وَ اتَّبَعْـتُ مِـلَّـةَ آبَائِـي إبْراهِـيْمَ وَ إسْـحَـاقَ وَ يَعْـقُـوبَ )[ يوسف 38 ] ، ( قَالُـوا نَعْـبُدُ إلاَهَـكَ وَ إلَـهَ آبَائِـكَ إبْراهِـيْمَ وَ إسْـمَـاعِـيْلَ وَ إسْـحَـاقَ )[ البقرة 133 ] ، ( كَـمَـا أَتَمَّـهَـا عَـلـى أَبَوَيْكَ مِـنْ قَبْلُ إبْراهِـيْمَ وَ إِسْـحَـاقَ )[ يوسف 6 ] ، وَ كُلُّ وَالِدٍ أَبٌ : ( إذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيْهِ يَا أبَتِ ) [ يوسف 4 ] ، ( قَالَـتْ إنَّ أبي يَدْعُـوكَ لِـيَجْـزِيَكَ )[ القصص 25 ] ، ( وَ كَانَ أبُوهُـمَا صَـالِحَاً )[ الكهف 82 ] ، ( قَالَ إئْـتُونِي بِأخٍ لَـكُـمْ مِـنْ أَبِيْكُـمْ )[ يوسف 54 ] ، ( وَ جَـاؤوا أَبَاهُـمْ عِـشَـاءً يَبْكُـونَ )[ يوسف 16 ] ، ( إرْجِـعُـوا إلـى أَبِيْـكُـمْ فَقُولُـوا يَا أبَانَا إنَّ ابْنَكَ سَـرَقَ )[ يوسف 81 ] ، وَ لَيْسَ كُلُّ أبٍ وَالِـدٌ .
( فَمَـنِ اضْـطُـرَّ في مَـخْـمَـصَـةٍ)[ المائدة 3 ] :
يُصَاغُ الاسْمُ في اللُّغَةِ عَلى وَزْنِ : [ مَفْعَلَة ] لِلدَلاَلَةِ عَلى الكَثْرَةِ : ( فَمَـنِ اضْـطُـرَّ في مَـخْـمَـصَـةٍ غَـيْرَ مُـتَجَـانِفٍ لإثْمٍ )[ المائدة 3 ] ، مَـخْـمَـصَـةٍ : مَجـاعَةٍ شَـديدة ، ( لاَ يُصِـيْبُهُـمْ ظَـمَـأٌ وَ لاَ نَصَـبٌ 000 وَ لاَ مَـخْـمَـصَـةٌ في سَـبيلِ اللّـهِ )[ التوبة 120 ] ، وَ اليتيمُ الشَديدُ القَرابَةِ [ مَقْرَبَة ] : ( يَتيْمَـاً ذَا مَـقْـرَبَةٍ )[ البلد 15 ] ، وَ الشَديدُ الصَداقَةِ [ مَتْرَبَة ] : ( أَوْ مِـسْكِـينَاً ذَا مَـتْرَبَةٍ )[ البلد 16 ] .
( فـي سِـتَّةِ أيَّامٍ )[ يونس 3 ] :
لَقَدْ أشَارَ القرْآنُ الكريمُ إلى خَلْقِ المـَادَّةِ السَـوداءِ بِعِبارَةِ : [ مَـا بَيْنَهُـمَـا ] في ثَلاثِ آياتٍ : ( الـذي خَـلَـقَ الـسَمـاواتِ وَ الأرضَ وَ مَـا بَيْنَهُـمَـا في سِتَّة ِأَيّامٍ )[ الفرقان 59 ] ، (خَـلَـقَ الـسـمَـاوات ِوَالأرضَ وَ مَـا بَيـْنَهُـمـا فـي سِـتَّـةِ أَيَّامٍ)[ السجدة 4 ] ، (وَ لَـقَدْ خَـلَـقـْنَا الــسَـمـاواتِ وَ الأرضَ وَ مَـا بَيْنَهُمـا في سِتَّةِ أَيَّامٍ )[ ق 38 ] ، نُلاحِظُ في هذِهِ الآياتِ الثَلاثِ أنَّهُ قَدْ تـمَّ خَلْقُ ثلاثَةِ أُمورٍ: ( الـسَـمَـاواتُ وَ الأرْضُ وَ مَـا بَيـْنَهُـمَـا) في سِـتّةِ أيـّامٍ مِـنْ أيـَّامِ الخَـلْقِ [ سـتَ مَراحِلَ ] ، وَ لَيْـسَ مِنْ أيّـامِنا الأرضيّـةِ المعْروفَة .
بينمَا في ثَـلاثِ آياتٍ أُخْرى ، لَمْ يَذْكُرْ ( وَ مَـا بَيْنَهُـمَـا ) ، مَعَ المحافَظَةِ عَلى زَمَنِ السِتَّةِ أيّامٍ : ( خَـلـَقَ الـسَـمَـاواتِ وَ الأرضَ فـي سِـتَّةِ أيَّامٍ)[ الأعراف 54][ يونس 3 ][ الحديد 4 ] ، لأنَّ اليَـوْمَ في القُرْآنِ الكَريمِ هُوَ : زَمَنُ الحَادِثَةِ [ الشَـأن ] ، فَلِكُلِّ حَادِثَةٍ أوْ شَـأنٍ يَوْمُهُ الخَاصُّ : ( كُـلَّ يَـوْمٍ هُـوَ فـي شَـأْنٍ )[ الرحمن 29 ] ، وَ في ذَلِكَ إشَـارةٌ واضِحَـةٌ إلى أنَّ : ( مَـا بَيْنَهُـمـا ) لَمْ يأْخُذْ مِنْ وَقْتِ الخَلْقِ شِـيئاً يُذْكَرُ ، وَ ذَلِكَ إذا مَا قارَنّا بينَ آياتِ : [ الفرقان 59 ][ السجدة 4 ][ ق 38 ] منْ جِهَةٍ ، وَ [ الأعراف 54 ][ يونس 3 ][ الحديد 4] منْ جِهَةٍ أُخْرى ، أيْ أنَّ ( مَـا بَيْنَهُـمَـا) مِـنَ المـَادَّةِ السَـوداءِ ، قدْ خُلِقَتْ وَ تُخْـلَقُ بطريقَةِ : ( كُـنْ فَيَكونُ ) الفَوْرِيَّـةِ الحُدوثِ ، وَ لَمْ تَأْخُذْ أيَّ زَمَنٍ إضـَافيّ يُذْكَرُ عَلى السِـتّةِ أيّـَامٍ .
الرسالات السماوية لإزالة الخلاف بين الناس
«بَلَـى »: جَوابٌ يَنْفي النَفي لِيُعِيْدَهُ إِلى الإثْباتِ
(ومـا كَـانَ الـنَاسُ إلاَّ أُمَّــةً وَاحِــدَةً)[يونس 19] :
مِنْ بَعْدِ آدَمَ تَكاثَرَ الناسُ ، وَ ظَلُّوا أُمَّةً وَاحِدَةً [ الأُمَّـةُ رَمْزٌ للوَحْدَةِ ] ، ثُمَّ اختَـلفوا بَعْدَ ذَلِكَ : ( وَ مَـا كَـانَ الـنَاسُ إلاَّ أُمَّــةً وَاحِــدَةً فَـاخْـتَـلَـفوا )[ يونس 19 ] ، لِذَلِكَ جاءَتِ الرِسَالاَتُ السَمَاويَّةُ مِنْ أَجْلِ إزالَةِ الخِـلاَفِ بَيْنَ النَاسِ ، وَ إعَادَةِ توحيدِهِمْ في أُمَّـةٍ واحِـدَةٍ مِنْ جَديدٍ : ( كَـانَ الـنَاسُ أُمَّــةً وَاحِــدَةً فَبَعَـثَ اللَّـهُ الـنَبِيينَ مُـبَشِّـرينَ وَ مُـنْذِرينَ وَ أَنْزَلَ مَـعَـهُـمُ الـكِـتَابَ بِالـحَـقِّ لِـيَحْـكُـمَ بَيْنَ الـنَاسِ فِيمـَا اخْـتَلَـفوا فِيهِ )[ البقرة 213 ] ، فالقَصْـدُ الإلهيُّ مِنْ جميعِ الرسَـالاَتِ إذَاً ، هُوَ إزالَةُ الخِلافِ بَيْنَ النَاسِ ، وَ لكِنَّ إسَـاءَةَ فَهْـمِ هَذا القَصْـدِ الإلهيِّ الحكيمِ، وَ إسَـاءَةَ فَهْمِ رسَـالاتِهِ، قلَبَ المَوازينَ وَالمفاهيمَ رَأْسَـاً عَلى عَقِبٍ، فَتَفَرَّقَ النَاسُ كُـلٌ حَسْبَ دينِـهِ، بلْ وَ حَسْبَ مَذْهَبِهِ في الدينِ الواحِدِ، حَاملينَ العَداوَةَ وَ البَغْضَاءَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ، كُلٌ يُكَـفِّرُ الآخَرَ، وَ مَا أكْثَرَ الحُروبَ التي قامَتْ وَ تَقومُ عَلى أسَاسٍ دِينيٍّ بلْ وَ مَذْهبيٍّ.
(جَـاءَتْهُـا ريحٌ عَـاصِـفٌ) [يونس 22] :
الـريْحُ : العـاصِفَةُ المُـدَمِّرَةُ ، الريـَاحُ : الهَـواءُ النَـافِعُ وَ المُنْعِشُ : ( رِيحٌ فِيهَـا عَـذَابٌ ألـيمٌ )[ الأحقاف 24 ] ، ( وَ أَمَّـا عَـادٌ فَأُهْـلِـكُـوا بِريـحٍ صَـرْصَـرٍ عَـاتِيَةٍ )[ الحاقة 6 ] ، ( كَـمَـثَلِ ريحٍ فِيهَـا صِـرٌّ أصَـابَتْ حَـرْثَ قَـوْمٍ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ فَأَهْـلَـكَـتْهُ )[ آل عمران 117 ] ، صِـرٌّ : برودةٌ شديدَةٍ ، ( أوْ تَهْـوي بِهِ الـرِيحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ] ، ( كَـرَمَـادٍ اِشْـتَدَّتْ بِهِ الـريحُ فِـي يَوْمٍ عَـاصِـفٍ )[ إبراهيم 18 ] ، ( فَيُرْسِـلَ عَـلَـيْكُـمْ قَاصِـفاً مِـنَ الـريحِ فَيُغْـرِقَـكُـمْ )[ الإسْراء 69 ] ، وَ الريـحُ فيهَا الغَدْرُ وَ الخِداعُ : ( حَـتّى إذَا كُـنْتُمْ فِـي الـفُـلْـكِ وَ جَـرَيْنَ بِهِـمْ بِريحٍ طَـيِّبَةٍ وَ فَرِحُـوا بِهَـا جَـاءَتْهُـا ريحٌ عَـاصِـفٌ )[ يونس 22 ] ، وَ قَدْ سَخَّرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ [ الريـحَ ] لِسُلَيْمَانَ عليه السلامُ كي يستخدمها في تحريك السفن في البحر : ( وَ لِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ عَـاصِـفَةً تَجْـري بِأمْـرِهِ )[ الأنبياء81 ] ، ( وَ لِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ غُـدُوُّهَـا شَهْـرٌ وَ رَواحُـهَـا شَهْـرٌ )[ سبأ 12 ] ، وَ يُوسُفَ عليه السلامُ كانَتْ لَهُ ريحٌ أيْضَاً بِمَعْنى [ الطاقَة ] : ( قَالَ أبْوهُـمْ إنِّي لأَجِـدُ رِيحَ يُوسُـفَ )[ يوسف 94 ]
( وَ لَـمَّـا يَأْتِهِـمْ تَأْويلُـهُ )[ يونس 39 ] :
تَأْويلُ القُرْآنِ هو : [ معْرفَةُ حَقائِقِ مَا وَرَدَ فيهِ ] ، و هذا لاَ يَعْلمُهُ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ : ( وَ مَـا يَعْـلَـمُ تَأْويلَـهُ إلاَّ اللَّـهُ )[ آل عمران 7 ] ، وَسَيَكْشِفُ اليَوْمُ الآخِرُ حَقائِقَ التأْويلِ : ( يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُـهُ )[ الأعراف 53 ] ، حَيْثُ يَنْتَهي الحَالُ بِالأحْداثِ التي سَمِعْنا عَنْهَا مِنْ خِلاَلِ القُرْآنِ الكريمِ ، إلى أنْ تُصْبِحَ حَقَائِقَ مَلْمُوسَةً : ( بَلْ كَـذَّبُوا بِمَـا لَـمْ يُحِـيطُـوا بِعِـلْـمِـهِ وَ لَـمَّـا يَأْتِهِـمْ تَأْويلُـهُ )[ الأعراف 53 ] ، و بعد أن أصبح حلمُ يوسف حقيقة ملموسة : ( قَالَ يَا أَبَتِ هَـذا تَأْويلُ رُؤْيَايَ مِـنْ قَبْلُ قَـدْ جَـعَـلَـهَـا رَبِّي حَـقَّـاً )[ يوسف 100 ] ، وَ يَقُولُ صَاحِبَيْ يُوسُفَ : ( نَبِّئْـنَا بِتَـأْويلِـهِ )[ يوسف 36 ] ، وَ قَوْلُ العَبْدِ الصَالِحِ لِموسى عليه السَلام : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلَـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ] ، حيثُ كانَ مُوسى عليه السَلام [ يُفَسّرُ ] الأحداثَ ، لأنّهُ لاَ يَعْلَمُ تأويلَهَا [ حقيقتَهَا ] ، فَقَدْ فَسّرَ مَثَلاً قَتْلَ الغُلاَمِ عَلى أنَّهُ جريمَةُ قَتْلِ نَكْراءَ ، أمّا العَبْدُ الصَالِحُ فَكَانَ يَعْلَمُ تَأويلَهَا [ حقيقتَهَا ] ، فالتَأْويلُ هُوَ مَعْرِفَةُ حَقائِقِ الأُمُورِ .
( قُلْ إيْ وَ رَبِّي )[ يونس 53 ] :
إن [ بَلَـى ] : جَوابٌ يَنْفي النَفي لِيُعِيْدَهُ إِلى الإثْباتِ ، كَمَا في جَوابِ بَني آدَمَ لِلـهِ : ( أَ لَـسْـتُ بِرَبِّـكُـمْ قَالُـوا بَلَـى )[ الأعراف 172 ] ، أي : بَلَـى أنْتَ ربُّـنا حَقّـاً ، وَ لَوْ قالوا : نَعَـمْ ، لَكانَ المَعْنى : نَعَمْ لَسْتَ ربّنـا ، بَيْنَما [ نَعَمْ ] تُفِيْدُ الإثْباتِ مُباشَـرَةً ، دونَ الحاجَةِ إلى نَفي النَفي : ( وَ نَادى أَصْـحَـابُ الـجَـنَّـةِ أَصْـحَـابَ الـنَارِ أَنْ قَـدْ وَجَـدْنَا مَـا وَعَـدَنَا رَبُّنَـا حَـقّـاً فَـهَـلْ وَجَـدْتُمْ مَـا وَعَـدَ رَبُّكُـمْ حَـقّـاً قَـالـوا نَعَـمْ )[ الأعراف 44 ] ، وَ [ إيْ ] هِيَ لِلْتَوكِيْدِ المُطْلَقِ : ( وَ يَسْـتَنْبِئُـونَكَ أَحَـقٌ هُـوَ قُلْ إيْ وَ رَبِّي إنَّهُ لَـحَـقٌّ )[ يونس 53 ] .
كـل هـذا و اللـه أعـلم .
الصلاة دعاء ورحمة وسكينة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 93 ] من سورة الـتـوبة ، و حتى الآيـة [ 5 ] من سورة هــود ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( وَ صَـلِّ عـلـَيْهِـمْ )[ التوبة 103 ] :
إنَّ كَلِمَةَ الصَلاةِ في اللغةِ ذاتُ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ :
1 – الصِـلَةُ : بَيْنَ العَـبْدِ وَ رَبِّـهِ .
2 - الـدُعـاءُ : كَمَـا وَرَدَ في المعاجم اللغوية .
3 - السَـكينةُ : لِقوْلِهِ تعالى ( وَ صَـلِّ عـلـَيْهِـمْ إنَّ صَـلاتَكَ سَـكَـنٌ لـَهُـمْ )[ التوبة 103 ] ، فَدعاءُ النبيّ : [ اللهم صَلِّ على آلِ أبي أوْفى ] .
4 -(اللّـهُ يُحِـبُّ الـمُـطَّـهِـرينَ)[التوبة 108] :
يتطَهَّـرُ : في مَوْضُـوعٍ واحِـدَ ، يَطَّهَـرُ: في كُلِّ الأُمُـورِ ، أوِ الطَهَارَةُ التَـامَّةُ وَمِنْها النفسـيّة: ( فَاعْـتَزِلُـوا الـنِسَـاءَ فـي الـمَـحِـيضِ وَ لاَ تَقْرَبوُهُـنَّ حَـتّى يَطْـهُـرْنَ فَإذَا تَطَـهَّـرْنَ فَأْتُوهُـنَّ مِـنْ حَـيْثُ أَمَـرَكُـمُ اللّهُ )[ البقرة 222 ] ، يَطْـهُـرْنَ : مِنَ الدورةِ فقط ، تَطَـهَّـرْنَ : مِنَ الدورةِ + الاسْتِحْمامِ ، ( فيهِ رِجَـالٌ يُحِـبُّونَ أن يَتَطَـهَّـروا وَ اللّـهُ يُحِـبُّ الـمُـطَّـهِـرينَ )[ التوبة 108 ] ، يَتَطَـهَّـروا : بالنظَافَةِ الجسميَّةِ ، مُـطَّـهِـرينَ : جِسْميّاً وَ نَفْسيّاً وَ ماليّاً وَ اجتماعيّاً 000 ، وَ ليْسَ جِسْمِيّاً فقط ، فالنظَافَةُ الجسْميَّةُ لِوَحْدِها لاَ تكفي لِحُبِّ اللّـهِ ، ( أخْـرِجُـوا آلَ لُـوطٍ مِـنْ قَـرْيَتِكُـمْ أنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَـهَّـرونَ )[ النمل 56 ] ، يَتَطَـهَّـرونَ في كُلِّ الأُمُورِ ، ( وَ ثِيابَكَ فَـطَـهِّـرْ )[ المدثّر 4 ] ، طَـهِّـرْ : طَهَارة تَامّـةً مِنَ الأوسَاخِ وَالنجاسَةِ ، ( وَ عَـهِـدْنا إلـى إبْراهِـيمَ وَ إسْـمَـاعِـيلَ أنْ طَـهِّـرا بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَ الـعَـاكِـفينَ وَ الـرُكَّـعِ الـسُجُـودِ )[ البقرة 125 ] ، ( وَ طَـهِّـرْ بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَالـقَائِمِـينَ وَالـرُكَّـعِ الـسُجُـودِ )[ الحج 26 ] ، طَـهِّـرْ : الطَلَبُ لإبراهيمَ وَحْدِهِ عِنْدَما كانَ إسْماعيلُ صَغيراً ، بَيْتِيَ لِلـطَـائِفِينَ وَ الـقَائِمِـينَ بالصلاةِ ، لأنَّهُ لاَ يُوجَدُ عاكفين مقيمين في ذلك الوقت .
( وَ بَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنينَ )[ التوبة 112] :
مَنْ هُمُ المُؤْمِنُونَ ؟ ، وَ الجَوابُ في القُرْآنِ الكَريمِ أنهم الذين تتحقّق فيهم هذه الشروط : ( الـتَائِـبُونَ الـعَـابِدُونَ الـحَـامِـدُونَ الـسَـائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدُونَ الآمِـرونَ بالـمَـعْـروفِ وَ الـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْـكَـرِ وَ الـحَـافِظُـونَ لِحُـدُودِ اللّـهِ وَ بَشِّـرِ الـمُـؤْمِـنينَ ) [ التوبة 112 ] ، الـتَائِـبُونَ : تَوبَةً َنصُوحَاً ، الـسَـائِـحُـونَ : المُسـاعِدونَ للآخـرين ، الـراكِـعُـونَ : الخَاضِعُونَ لأَوامِرِ اللّهِ ، الـسَـاجِـدُونَ : بالصَلَواتِ وَ النَوافِلِ ، ( وَ كَـانَ حَـقَّـاً عَـلَـيْنَا نَصْـرُ الـمُـؤْمِـنينَ)[ الروم 47 ] ، ( وَ لاَ تَهِـنُوا وَ لاَ تَحْـزَنُوا وَ أنْتُمُ الأَعْـلَـوْنَ إنْ كُـنْتُمْ مُـؤْمِـنينَ)[ آل عمران 139 ] .
(اسْـتِغْـفَـارُ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ)[التوبة 114]:
الوالِدُ هُوَ الذي لَهُ عَلاَقَةٌ بالحَمْلِ وَ الوِلاَدَةِ : ( وَ وَالـِدٍ وَ مَـا وَلـَدَ )[ البلد 3 ] ، فَقَدْ كَانَ وَالِدُ إبراهيمَ مُؤْمِناً كَوْنَهُ دَعَـا لَهُ : ( رَبِّنا اغْـفـِرْ لـيْ وَ لِـوالـدَيَّ )[ إبراهيم 41] ، ( وَ وَصَّـيْنا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ )[ الأحْقاف 15 ] ، ( وَ اخْـشَـوْا يَوْمَـاً لاَ يَجْـزي وَالِـدٌ عَـنْ وَلَـدِهِ وَ لاَ مَـوْلُـودٍ هُـوَ جَـازٍ عَـنْ وَالِـدِهِ شَـيْئَاً )[ لقمان 33 ] ، بَيْنَمَا الأَبُ قَدْ يَكُونُ عَمّـاً أوْ جَـدّاً 000 ، أوْ شَـخْصَاً بَعِـيْدَاً : ( مِـلَّـةَ أَبِيْكُـمْ إبْراهِـيْم )[ الحج 78 ] ، فَقَدْ تَبَرّأَ إبراهيمُ عليه السلام مِنْ أبيـهِ آزَرَ : ( وَ إِذْ قَالَ إبْراهِـيْمُ لأبِيْهِ آزَرَ )[ الأنعام 74 ] ، ( إلاّ قَوْلَ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ ) [ الممتحنة 4 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ اسْتِغْـفَارُ إبْراهِـيْمَ لأبِيْهِ إلاّ عَـنْ مَـوْعِـدَةٍ وَعَـدَهَـا إيَّاه فَلَـمّـا تَبَيَّنَ لَـهُ أَنَّهُ عَـدُوٌ لِلَّـهِ تَبَرَّأَ مِـنْهُ )[ التوبة 114 ] ، وَ لَمْ يَتَبرّأ مِنْ وَالـدِهِ تَـارَح [ وَ مَعْناهُ الهِلالُ وَ رُبَّما جَاءَتْ كَلِمَةُ تَارِيْخ مِنْ هَنا ، نِسْبَةً لِلقَمَرِ ] ، وَ قَدْ يَكُونُ للإنْسَانِ آبَاءٌ كُثُرٌ : ( وَ اتَّبَعْـتُ مِـلَّـةَ آبَائِـي إبْراهِـيْمَ وَ إسْـحَـاقَ وَ يَعْـقُـوبَ )[ يوسف 38 ] ، ( قَالُـوا نَعْـبُدُ إلاَهَـكَ وَ إلَـهَ آبَائِـكَ إبْراهِـيْمَ وَ إسْـمَـاعِـيْلَ وَ إسْـحَـاقَ )[ البقرة 133 ] ، ( كَـمَـا أَتَمَّـهَـا عَـلـى أَبَوَيْكَ مِـنْ قَبْلُ إبْراهِـيْمَ وَ إِسْـحَـاقَ )[ يوسف 6 ] ، وَ كُلُّ وَالِدٍ أَبٌ : ( إذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيْهِ يَا أبَتِ ) [ يوسف 4 ] ، ( قَالَـتْ إنَّ أبي يَدْعُـوكَ لِـيَجْـزِيَكَ )[ القصص 25 ] ، ( وَ كَانَ أبُوهُـمَا صَـالِحَاً )[ الكهف 82 ] ، ( قَالَ إئْـتُونِي بِأخٍ لَـكُـمْ مِـنْ أَبِيْكُـمْ )[ يوسف 54 ] ، ( وَ جَـاؤوا أَبَاهُـمْ عِـشَـاءً يَبْكُـونَ )[ يوسف 16 ] ، ( إرْجِـعُـوا إلـى أَبِيْـكُـمْ فَقُولُـوا يَا أبَانَا إنَّ ابْنَكَ سَـرَقَ )[ يوسف 81 ] ، وَ لَيْسَ كُلُّ أبٍ وَالِـدٌ .
( فَمَـنِ اضْـطُـرَّ في مَـخْـمَـصَـةٍ)[ المائدة 3 ] :
يُصَاغُ الاسْمُ في اللُّغَةِ عَلى وَزْنِ : [ مَفْعَلَة ] لِلدَلاَلَةِ عَلى الكَثْرَةِ : ( فَمَـنِ اضْـطُـرَّ في مَـخْـمَـصَـةٍ غَـيْرَ مُـتَجَـانِفٍ لإثْمٍ )[ المائدة 3 ] ، مَـخْـمَـصَـةٍ : مَجـاعَةٍ شَـديدة ، ( لاَ يُصِـيْبُهُـمْ ظَـمَـأٌ وَ لاَ نَصَـبٌ 000 وَ لاَ مَـخْـمَـصَـةٌ في سَـبيلِ اللّـهِ )[ التوبة 120 ] ، وَ اليتيمُ الشَديدُ القَرابَةِ [ مَقْرَبَة ] : ( يَتيْمَـاً ذَا مَـقْـرَبَةٍ )[ البلد 15 ] ، وَ الشَديدُ الصَداقَةِ [ مَتْرَبَة ] : ( أَوْ مِـسْكِـينَاً ذَا مَـتْرَبَةٍ )[ البلد 16 ] .
( فـي سِـتَّةِ أيَّامٍ )[ يونس 3 ] :
لَقَدْ أشَارَ القرْآنُ الكريمُ إلى خَلْقِ المـَادَّةِ السَـوداءِ بِعِبارَةِ : [ مَـا بَيْنَهُـمَـا ] في ثَلاثِ آياتٍ : ( الـذي خَـلَـقَ الـسَمـاواتِ وَ الأرضَ وَ مَـا بَيْنَهُـمَـا في سِتَّة ِأَيّامٍ )[ الفرقان 59 ] ، (خَـلَـقَ الـسـمَـاوات ِوَالأرضَ وَ مَـا بَيـْنَهُـمـا فـي سِـتَّـةِ أَيَّامٍ)[ السجدة 4 ] ، (وَ لَـقَدْ خَـلَـقـْنَا الــسَـمـاواتِ وَ الأرضَ وَ مَـا بَيْنَهُمـا في سِتَّةِ أَيَّامٍ )[ ق 38 ] ، نُلاحِظُ في هذِهِ الآياتِ الثَلاثِ أنَّهُ قَدْ تـمَّ خَلْقُ ثلاثَةِ أُمورٍ: ( الـسَـمَـاواتُ وَ الأرْضُ وَ مَـا بَيـْنَهُـمَـا) في سِـتّةِ أيـّامٍ مِـنْ أيـَّامِ الخَـلْقِ [ سـتَ مَراحِلَ ] ، وَ لَيْـسَ مِنْ أيّـامِنا الأرضيّـةِ المعْروفَة .
بينمَا في ثَـلاثِ آياتٍ أُخْرى ، لَمْ يَذْكُرْ ( وَ مَـا بَيْنَهُـمَـا ) ، مَعَ المحافَظَةِ عَلى زَمَنِ السِتَّةِ أيّامٍ : ( خَـلـَقَ الـسَـمَـاواتِ وَ الأرضَ فـي سِـتَّةِ أيَّامٍ)[ الأعراف 54][ يونس 3 ][ الحديد 4 ] ، لأنَّ اليَـوْمَ في القُرْآنِ الكَريمِ هُوَ : زَمَنُ الحَادِثَةِ [ الشَـأن ] ، فَلِكُلِّ حَادِثَةٍ أوْ شَـأنٍ يَوْمُهُ الخَاصُّ : ( كُـلَّ يَـوْمٍ هُـوَ فـي شَـأْنٍ )[ الرحمن 29 ] ، وَ في ذَلِكَ إشَـارةٌ واضِحَـةٌ إلى أنَّ : ( مَـا بَيْنَهُـمـا ) لَمْ يأْخُذْ مِنْ وَقْتِ الخَلْقِ شِـيئاً يُذْكَرُ ، وَ ذَلِكَ إذا مَا قارَنّا بينَ آياتِ : [ الفرقان 59 ][ السجدة 4 ][ ق 38 ] منْ جِهَةٍ ، وَ [ الأعراف 54 ][ يونس 3 ][ الحديد 4] منْ جِهَةٍ أُخْرى ، أيْ أنَّ ( مَـا بَيْنَهُـمَـا) مِـنَ المـَادَّةِ السَـوداءِ ، قدْ خُلِقَتْ وَ تُخْـلَقُ بطريقَةِ : ( كُـنْ فَيَكونُ ) الفَوْرِيَّـةِ الحُدوثِ ، وَ لَمْ تَأْخُذْ أيَّ زَمَنٍ إضـَافيّ يُذْكَرُ عَلى السِـتّةِ أيّـَامٍ .
الرسالات السماوية لإزالة الخلاف بين الناس
«بَلَـى »: جَوابٌ يَنْفي النَفي لِيُعِيْدَهُ إِلى الإثْباتِ
(ومـا كَـانَ الـنَاسُ إلاَّ أُمَّــةً وَاحِــدَةً)[يونس 19] :
مِنْ بَعْدِ آدَمَ تَكاثَرَ الناسُ ، وَ ظَلُّوا أُمَّةً وَاحِدَةً [ الأُمَّـةُ رَمْزٌ للوَحْدَةِ ] ، ثُمَّ اختَـلفوا بَعْدَ ذَلِكَ : ( وَ مَـا كَـانَ الـنَاسُ إلاَّ أُمَّــةً وَاحِــدَةً فَـاخْـتَـلَـفوا )[ يونس 19 ] ، لِذَلِكَ جاءَتِ الرِسَالاَتُ السَمَاويَّةُ مِنْ أَجْلِ إزالَةِ الخِـلاَفِ بَيْنَ النَاسِ ، وَ إعَادَةِ توحيدِهِمْ في أُمَّـةٍ واحِـدَةٍ مِنْ جَديدٍ : ( كَـانَ الـنَاسُ أُمَّــةً وَاحِــدَةً فَبَعَـثَ اللَّـهُ الـنَبِيينَ مُـبَشِّـرينَ وَ مُـنْذِرينَ وَ أَنْزَلَ مَـعَـهُـمُ الـكِـتَابَ بِالـحَـقِّ لِـيَحْـكُـمَ بَيْنَ الـنَاسِ فِيمـَا اخْـتَلَـفوا فِيهِ )[ البقرة 213 ] ، فالقَصْـدُ الإلهيُّ مِنْ جميعِ الرسَـالاَتِ إذَاً ، هُوَ إزالَةُ الخِلافِ بَيْنَ النَاسِ ، وَ لكِنَّ إسَـاءَةَ فَهْـمِ هَذا القَصْـدِ الإلهيِّ الحكيمِ، وَ إسَـاءَةَ فَهْمِ رسَـالاتِهِ، قلَبَ المَوازينَ وَالمفاهيمَ رَأْسَـاً عَلى عَقِبٍ، فَتَفَرَّقَ النَاسُ كُـلٌ حَسْبَ دينِـهِ، بلْ وَ حَسْبَ مَذْهَبِهِ في الدينِ الواحِدِ، حَاملينَ العَداوَةَ وَ البَغْضَاءَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ، كُلٌ يُكَـفِّرُ الآخَرَ، وَ مَا أكْثَرَ الحُروبَ التي قامَتْ وَ تَقومُ عَلى أسَاسٍ دِينيٍّ بلْ وَ مَذْهبيٍّ.
(جَـاءَتْهُـا ريحٌ عَـاصِـفٌ) [يونس 22] :
الـريْحُ : العـاصِفَةُ المُـدَمِّرَةُ ، الريـَاحُ : الهَـواءُ النَـافِعُ وَ المُنْعِشُ : ( رِيحٌ فِيهَـا عَـذَابٌ ألـيمٌ )[ الأحقاف 24 ] ، ( وَ أَمَّـا عَـادٌ فَأُهْـلِـكُـوا بِريـحٍ صَـرْصَـرٍ عَـاتِيَةٍ )[ الحاقة 6 ] ، ( كَـمَـثَلِ ريحٍ فِيهَـا صِـرٌّ أصَـابَتْ حَـرْثَ قَـوْمٍ ظَـلَـمُـوا أنْفُسَـهُـمْ فَأَهْـلَـكَـتْهُ )[ آل عمران 117 ] ، صِـرٌّ : برودةٌ شديدَةٍ ، ( أوْ تَهْـوي بِهِ الـرِيحُ فـي مَـكَـانٍ سَـحِـيقٍ)[ الحج 31 ] ، ( كَـرَمَـادٍ اِشْـتَدَّتْ بِهِ الـريحُ فِـي يَوْمٍ عَـاصِـفٍ )[ إبراهيم 18 ] ، ( فَيُرْسِـلَ عَـلَـيْكُـمْ قَاصِـفاً مِـنَ الـريحِ فَيُغْـرِقَـكُـمْ )[ الإسْراء 69 ] ، وَ الريـحُ فيهَا الغَدْرُ وَ الخِداعُ : ( حَـتّى إذَا كُـنْتُمْ فِـي الـفُـلْـكِ وَ جَـرَيْنَ بِهِـمْ بِريحٍ طَـيِّبَةٍ وَ فَرِحُـوا بِهَـا جَـاءَتْهُـا ريحٌ عَـاصِـفٌ )[ يونس 22 ] ، وَ قَدْ سَخَّرَ اللّهُ سُبْحَانَهُ [ الريـحَ ] لِسُلَيْمَانَ عليه السلامُ كي يستخدمها في تحريك السفن في البحر : ( وَ لِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ عَـاصِـفَةً تَجْـري بِأمْـرِهِ )[ الأنبياء81 ] ، ( وَ لِـسُـلَـيْمَـانَ الـريحَ غُـدُوُّهَـا شَهْـرٌ وَ رَواحُـهَـا شَهْـرٌ )[ سبأ 12 ] ، وَ يُوسُفَ عليه السلامُ كانَتْ لَهُ ريحٌ أيْضَاً بِمَعْنى [ الطاقَة ] : ( قَالَ أبْوهُـمْ إنِّي لأَجِـدُ رِيحَ يُوسُـفَ )[ يوسف 94 ]
( وَ لَـمَّـا يَأْتِهِـمْ تَأْويلُـهُ )[ يونس 39 ] :
تَأْويلُ القُرْآنِ هو : [ معْرفَةُ حَقائِقِ مَا وَرَدَ فيهِ ] ، و هذا لاَ يَعْلمُهُ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ : ( وَ مَـا يَعْـلَـمُ تَأْويلَـهُ إلاَّ اللَّـهُ )[ آل عمران 7 ] ، وَسَيَكْشِفُ اليَوْمُ الآخِرُ حَقائِقَ التأْويلِ : ( يَوْمَ يَأْتي تَأْويلُـهُ )[ الأعراف 53 ] ، حَيْثُ يَنْتَهي الحَالُ بِالأحْداثِ التي سَمِعْنا عَنْهَا مِنْ خِلاَلِ القُرْآنِ الكريمِ ، إلى أنْ تُصْبِحَ حَقَائِقَ مَلْمُوسَةً : ( بَلْ كَـذَّبُوا بِمَـا لَـمْ يُحِـيطُـوا بِعِـلْـمِـهِ وَ لَـمَّـا يَأْتِهِـمْ تَأْويلُـهُ )[ الأعراف 53 ] ، و بعد أن أصبح حلمُ يوسف حقيقة ملموسة : ( قَالَ يَا أَبَتِ هَـذا تَأْويلُ رُؤْيَايَ مِـنْ قَبْلُ قَـدْ جَـعَـلَـهَـا رَبِّي حَـقَّـاً )[ يوسف 100 ] ، وَ يَقُولُ صَاحِبَيْ يُوسُفَ : ( نَبِّئْـنَا بِتَـأْويلِـهِ )[ يوسف 36 ] ، وَ قَوْلُ العَبْدِ الصَالِحِ لِموسى عليه السَلام : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلَـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ] ، حيثُ كانَ مُوسى عليه السَلام [ يُفَسّرُ ] الأحداثَ ، لأنّهُ لاَ يَعْلَمُ تأويلَهَا [ حقيقتَهَا ] ، فَقَدْ فَسّرَ مَثَلاً قَتْلَ الغُلاَمِ عَلى أنَّهُ جريمَةُ قَتْلِ نَكْراءَ ، أمّا العَبْدُ الصَالِحُ فَكَانَ يَعْلَمُ تَأويلَهَا [ حقيقتَهَا ] ، فالتَأْويلُ هُوَ مَعْرِفَةُ حَقائِقِ الأُمُورِ .
( قُلْ إيْ وَ رَبِّي )[ يونس 53 ] :
إن [ بَلَـى ] : جَوابٌ يَنْفي النَفي لِيُعِيْدَهُ إِلى الإثْباتِ ، كَمَا في جَوابِ بَني آدَمَ لِلـهِ : ( أَ لَـسْـتُ بِرَبِّـكُـمْ قَالُـوا بَلَـى )[ الأعراف 172 ] ، أي : بَلَـى أنْتَ ربُّـنا حَقّـاً ، وَ لَوْ قالوا : نَعَـمْ ، لَكانَ المَعْنى : نَعَمْ لَسْتَ ربّنـا ، بَيْنَما [ نَعَمْ ] تُفِيْدُ الإثْباتِ مُباشَـرَةً ، دونَ الحاجَةِ إلى نَفي النَفي : ( وَ نَادى أَصْـحَـابُ الـجَـنَّـةِ أَصْـحَـابَ الـنَارِ أَنْ قَـدْ وَجَـدْنَا مَـا وَعَـدَنَا رَبُّنَـا حَـقّـاً فَـهَـلْ وَجَـدْتُمْ مَـا وَعَـدَ رَبُّكُـمْ حَـقّـاً قَـالـوا نَعَـمْ )[ الأعراف 44 ] ، وَ [ إيْ ] هِيَ لِلْتَوكِيْدِ المُطْلَقِ : ( وَ يَسْـتَنْبِئُـونَكَ أَحَـقٌ هُـوَ قُلْ إيْ وَ رَبِّي إنَّهُ لَـحَـقٌّ )[ يونس 53 ] .
كـل هـذا و اللـه أعـلم .
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
13 رمضان 1436هـ - 30 يونيو 2015م
الطلح.. وعد الله للمتقين
ذكر الله عز وجل نعيم أصحاب اليمين فقال: { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ } أي: شأنهم عظيم، وحالهم جسيم{ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ } أي: مقطوع ما فيه من الشوك والأغصان [الرديئة] وسيأتي الحديث عن هذه الشجرة لاحقاً، { وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ } يقول ابن السعدي : والطلح معروف، وهو شجر [كبار] يكون بالبادية، تنضد أغصانه من الثمر اللذيذ الشهي.
الموز
وَقال ابن كثير « الطَّلْح شَجَر عِظَام يَكُون بِأَرْضِ الْحِجَاز مِنْ شَجَر العضاة وَاحِدَته طَلْحَة وَهُوَ شَجَر كَثِير الشَّوْك وَقَالَ مُجَاهِد » مَنْضُود « أَيْ مِتْرَاكُمْ الثَّمَر، وقَالَ اِبْن عَبَّاس يُشْبِه طَلْح الدُّنْيَا وَلَكِنْ لَهُ ثَمَر أَحْلَى مِنْ الْعَسَل، و عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ أَبِي سَعِيد » وَطَلْح مَنْضُود « قَالَ الْمَوْز وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس و مُجَاهِد وَابْن زَيْد قَالَ أَهْل الْيَمَن يُسَمُّونَ الْمَوْز الطَّلْح .
فمهما اختلف المفسرون فإن هذه النبتة من نبات الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين، وفي الجنة شجرة عظيمة يسير الراكب فيها مائة عام لا يقطعها فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: »إنّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام ما يقطعها فاقرؤوا ((وظلٍّ ممدود)).
في المسند بسند صحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ قَالَ« طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي قَالَ لَهُ رَجُلٌ وَمَا طُوبَى قَالَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمامِهَا».
إن مثل هذا الوصف الذي جاء في القرآن الكريم يجعل المؤمن يشمّر لطاعة الله عز وجل ورسوله والسعي في نيل رضاه فاعمل لجنة مفتاحها لا إله إلا الله وأسنان مفتاحها شرائع الإسلام .. فمن جاء بمفتاح له أسنان فتح له .. ومن جاء بمفتاح بلا أسنان فلا يلومن إلا نفسه، ولا بأس أن نشير لبعض أسنان مفتاح الجنة أولها : توحيد الله - سبحانه وتعالى -: فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني آت من ربي فأخبرني أو قال بشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)) قلت: وإن زنى، وإن سرق؟ قال: ((وإن زنى، وإن سرق)).
الصلوات الخمس
ولنيل هذه الهدية لا بد على المسلم أن يحافظ على صلواته الخمس التي تهاون بها كثير من المسلمين اليوم - والله المستعان-، حيث غفلوا عما جاء في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: ((خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة)).
والحرص والمداومة على صلاة البردين - خاصة -: فقد صح من حديث أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من صلى البردين دخل الجنة))، وصح أيضاً عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار)).
كما أن التعفف عن مسألة الناس من صفات المسلم لحديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((من يتقبل لي بواحدة وأتقبل له بالجنة))؛ قلت: أنا! قال: ((لا تسأل الناس شيئاً)) قال: فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه؛ حتى ينزل فيأخذه، وكذلك الحال مع إماطة الأذى عن الطريق: لحديث معاوية بن قرة قال: كنت مع معقل المزني فأماط أذى عن طريق، فرأيت شيئاً فبادرته، فقال: ما حملك على ما صنعت يا ابن أخي؟ قال: رأيتك تصنع شيئاً فصنعته، فقال: أحسنت يا ابن أخي، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من أماط أذى عن طريق مسلمين كتب له حسنة، ومن تقبلت له حسنة دخل الجنة)).
رحمتك من عظيم بلائي
اللهم أجب دعائي واسمع ندائي ولا تخيب رجائي وعجل شفاء دائي وعافني برحمتك من عظيم بلائي.
(ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار* ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد). إلهنا جودك دلَّنا عليك، وإحسانك أوصلنا إليك، نشكو إليك ما لا يخفى عليك، وعلمك بحالنا لا يغني عن سؤالنا.
سبحانك اللهم خالقي بأي وجهٍ ألقاك، وبأي قدم أقف بين يديك، وبأي لسانٍ أذكرك، وأنت قد علمت سرائر أمري، وكيف أعتذر إليك إذا ختمت على لساني ونطقت جوارحي بكل الذي قد كان مني.
اللهم إني أشكو إليك نفساً بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، إن مسها الشر تجزع، وإن مسها الخير تمنع.
اللَّهُمَّ لا يهزمك جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر كله بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم أني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء.
اللهم يا من رزق كل شيءٍ عليه، ومصير كل شيءٍ إليه، يا من يعطي من لا يسأله، ويجود على من لا يؤمله، ها نحن عبيدك الخاضعون لهيبتك، المتذللون لعزك وعظمتك، الراجون جميل عفوك ورحمتك.
سبحانك كيف لا أفتقر إليك وأنت الذي في الفقر أقمتني، وكيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني.
اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. ربنا آتنا من لدنك رحمةً وهيئ لنا من أمرنا رشداً.
اللَّهُمَّ إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك أن أقول زوراً أو أغشى فجوراً أو أكون بك مغروراً.
عُقبة بن نافع رضي الله عنه
عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
***************************************************************
حاتم الأصم من كبار الصالحين ، حنّ قلبه للحج في سنة من السنوات ولا يمتلك نفقة الحج ، ولايجوز سفره بل لا يجب الحج دون أن يضع نفقة الأبناء دون أن يرضوا
فلما أقبل الموعد رأته ابنته حزينا باكيا وكان في البنت صلاح..
فقالت له : ما يبكيك يا أبتاه؟
قال : الحج أقبل.
قالت : ومالك لا تحج؟
فقال : النفقة.
قالت : يرزقك الله.
قال : ونفقتكم؟
قالت : يرزقنا الله.
قال : لكن الأمر إلى أمك.
ذهبت البنت لتذكر أمها..
وفي النهاية قالت له الأم والأبناء : اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله.
فترك لهم نفقة 3 أيام ، وذهب هو إلى الحج وليس معه ما يكفيه من المال ، فكان يمشي خلف القافلة ،
وفي أول الطريق لسعت عقرب رئيس القافلة ، فسألوا من يقرأ عليه ويداويه ، فوجدوا حاتم ، فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته.
فقال رئيس القافلة : نفقة الذهاب والإياب عليّ.
فقال : اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي.
مرت الأيام الثلاثة ، وانتهت النفقة عند الأبناء ، وبدأ الجوع يقرص عليهم ، فبدؤوا بلوم البنت ، والبنت تضحك!
فقالوا : ما يضحكك والجوع يوشك أن يقضي علينا؟!
فقالت : أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟
فقالوا : آكل رزق ؛ وإنما الرزاق هو الله.
فقالت : ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق.
وهي تكلمهم وإذا بالباب يقرع ،
فقالوا : من بالباب؟
فقال الطارق : إن أمير المؤمنين يستسقيكم.
فملأت القربة بالماء ، وشرب الخليفة فوجد حلاوة بالماء لم يعهدها!
فقال : من أين أتيتم بالماء؟
قالوا : من بيت حاتم.
فقال : نادوه لأجازيه
فقالوا : هو في الحج.
فخلع أمير المؤمنين منطقه-وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر- ، وقال : هذه لهم.
ثم قال : من كان له عليّ يد-بمعنى«من يحبني»-
فخلع كل الوزراء والتجار منطقهم لهم ،
فتكومت المناطق فاشتراها أحد التجار بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم حتى الموت ، وأعاد المناطق إليهم .
فاشتروا الطعام وهم يضحكون فبكت البنت!
فقالت لها الأم : أمرك عجيب يا ابنتي ؛ كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين ، أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين؟!
قالت البنت : هذا المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا «الخليفة» نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت ، فكيف بمالك الملك!
إنها الثقة بالله . إنها الثقة بالرزاق ذو القوة المتين. إنها قوة الإيمان وقوة التوكل على الله .فسبحان الله أين نحن من ذلك .
***************************************************************فلما أقبل الموعد رأته ابنته حزينا باكيا وكان في البنت صلاح..
فقالت له : ما يبكيك يا أبتاه؟
قال : الحج أقبل.
قالت : ومالك لا تحج؟
فقال : النفقة.
قالت : يرزقك الله.
قال : ونفقتكم؟
قالت : يرزقنا الله.
قال : لكن الأمر إلى أمك.
ذهبت البنت لتذكر أمها..
وفي النهاية قالت له الأم والأبناء : اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله.
فترك لهم نفقة 3 أيام ، وذهب هو إلى الحج وليس معه ما يكفيه من المال ، فكان يمشي خلف القافلة ،
وفي أول الطريق لسعت عقرب رئيس القافلة ، فسألوا من يقرأ عليه ويداويه ، فوجدوا حاتم ، فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته.
فقال رئيس القافلة : نفقة الذهاب والإياب عليّ.
فقال : اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي.
مرت الأيام الثلاثة ، وانتهت النفقة عند الأبناء ، وبدأ الجوع يقرص عليهم ، فبدؤوا بلوم البنت ، والبنت تضحك!
فقالوا : ما يضحكك والجوع يوشك أن يقضي علينا؟!
فقالت : أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟
فقالوا : آكل رزق ؛ وإنما الرزاق هو الله.
فقالت : ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق.
وهي تكلمهم وإذا بالباب يقرع ،
فقالوا : من بالباب؟
فقال الطارق : إن أمير المؤمنين يستسقيكم.
فملأت القربة بالماء ، وشرب الخليفة فوجد حلاوة بالماء لم يعهدها!
فقال : من أين أتيتم بالماء؟
قالوا : من بيت حاتم.
فقال : نادوه لأجازيه
فقالوا : هو في الحج.
فخلع أمير المؤمنين منطقه-وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر- ، وقال : هذه لهم.
ثم قال : من كان له عليّ يد-بمعنى«من يحبني»-
فخلع كل الوزراء والتجار منطقهم لهم ،
فتكومت المناطق فاشتراها أحد التجار بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم حتى الموت ، وأعاد المناطق إليهم .
فاشتروا الطعام وهم يضحكون فبكت البنت!
فقالت لها الأم : أمرك عجيب يا ابنتي ؛ كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين ، أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين؟!
قالت البنت : هذا المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا «الخليفة» نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت ، فكيف بمالك الملك!
إنها الثقة بالله . إنها الثقة بالرزاق ذو القوة المتين. إنها قوة الإيمان وقوة التوكل على الله .فسبحان الله أين نحن من ذلك .
ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻣﻠﻜﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻭﺯﻳﺮ ﺣﺼﻴﻒ ( ﺟﻴﺪ ﺍﻟﺮﺃﻱ ) ﻟﻪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، " ﺃﻥ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﻘﺪﺭﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻴﺮ ."
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺣﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻳﺎﺧﺬ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﻣﻌﻪ ﻭ ﻓﻰ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻭﺍﺧﺬ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺣﺪﺙ ﺍﻥ ﺍﻓﻠﺖ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻭﺟﺮﺡ ﺍﺻﺒﻌﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ .
ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻣﺴﺮﻋﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭﺣﻀﺮ ﻃﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺭﺍﻯ ﺍﻻﺻﺒﻊ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻘﺪ ﺗﺴﻤﻢ ﺍﻻﺻﺒﻊ ﻭﺍﺻﺒﺢ ﺧﻄﻴﺮﺍ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻀﺎﻳﻖ ﻣﻦ ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻳﺠﺐ ﻗﻄﻌﻪ ﻭﺍﻻ ﺗﺴﻤﻢ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻛﻠﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻮﺯﻳﺮ ﺍﺗﺘﻤﻨﻰ ﺍﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﺻﺒﻌﻰ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ . ﺣﺴﻨﺎ، ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﺍﻗﺒﻀﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﺍﺩﺧﻠﻮﻩ ﺍﻟﺴﺠﻦ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ، ﻣﺮﺕ ﻓﺘﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻫﻮ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺮﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻭﻟﺴﻮﺀ ﺣﻈﻪ ﻫﺎﺟﻤﺘﻪ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﺧﺬﻭﻩ ﺍﻟﻰ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻟﻶﻟﻬﺔ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺍﻩ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻧﻘﺪﻡ ﻟﻶﻟﻬﺔ ﻗﺮﺑﺎﻥ ﻧﺎﻗﺺ ﺍﺻﺒﻊ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻋﻴﺪﻭﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺗﻰ , ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻣﺘﺰﺝ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻋﺠﻮﺑﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﺻﺒﻌﻪ ﺍﻟﻤﻘﻄﻮﻉ .
ﺍﺣﻀﺮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺍﺧﺒﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺍﺏ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻞ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺩﺧﻠﺘﻚ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ " ﺍﻧﺎ ﺍﺫﻫﺐ ﻣﻌﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻓﺎﻥ ﻟﻢ ﺍﻛﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻟﻜﻨﺖ ﺍﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺑﺎﻥ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻚ ."
***************************************************************ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻳﺤﺐ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺣﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻳﺎﺧﺬ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺜﻖ ﺑﻪ ﻣﻌﻪ ﻭ ﻓﻰ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻛﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻭﺍﺧﺬ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﺣﺪﺙ ﺍﻥ ﺍﻓﻠﺖ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﻭﺟﺮﺡ ﺍﺻﺒﻌﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ .
ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻣﺴﺮﻋﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻭﺣﻀﺮ ﻃﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺭﺍﻯ ﺍﻻﺻﺒﻊ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻘﺪ ﺗﺴﻤﻢ ﺍﻻﺻﺒﻊ ﻭﺍﺻﺒﺢ ﺧﻄﻴﺮﺍ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ ﻭﻫﻮ ﻣﺘﻀﺎﻳﻖ ﻣﻦ ﺭﺩ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻳﺠﺐ ﻗﻄﻌﻪ ﻭﺍﻻ ﺗﺴﻤﻢ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻛﻠﻪ ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻮﺯﻳﺮ ﺍﺗﺘﻤﻨﻰ ﺍﻥ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﺻﺒﻌﻰ ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ . ﺣﺴﻨﺎ، ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺱ ﺍﻗﺒﻀﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﺍﺩﺧﻠﻮﻩ ﺍﻟﺴﺠﻦ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ، ﻣﺮﺕ ﻓﺘﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﻫﻮ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺮﺓ ﺍﺧﺮﻯ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻭﻟﺴﻮﺀ ﺣﻈﻪ ﻫﺎﺟﻤﺘﻪ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﺧﺬﻭﻩ ﺍﻟﻰ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻟﻶﻟﻬﺔ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﺍﻩ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻧﻘﺪﻡ ﻟﻶﻟﻬﺔ ﻗﺮﺑﺎﻥ ﻧﺎﻗﺺ ﺍﺻﺒﻊ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻋﻴﺪﻭﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﺗﻰ , ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻣﺘﺰﺝ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻟﻘﺪ ﻧﺠﺎ ﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ﺑﺎﻋﺠﻮﺑﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﺻﺒﻌﻪ ﺍﻟﻤﻘﻄﻮﻉ .
ﺍﺣﻀﺮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺍﺧﺒﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺍﺏ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺋﻞ ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻗﻠﺖ ﻟﻌﻠﻪ ﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﺩﺧﻠﺘﻚ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ " ﺍﻧﺎ ﺍﺫﻫﺐ ﻣﻌﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻟﻠﺼﻴﺪ ﻓﺎﻥ ﻟﻢ ﺍﻛﻦ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻟﻜﻨﺖ ﺍﻧﺎ ﺍﻟﻘﺮﺑﺎﻥ ﺍﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻚ ."
الجزء الثاني عشر في القرآن الكريم
المُخْـبـِتُونَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَتَواضُعٍ كَامِلٍ
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 6 ] من سورة هــود [ 93 ] ، وحتى الآيـة [ 52 ] من سورة يوسـف ، ومـمّـا ورَد فيـه :
( أَخْـبَـتُـوا إلـى رَبِّهِـمْ )[ هود 23 ] :
المُخْـبـِتُونَ : هُمُ الذينَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَبِتَواضُعٍ كَامِلٍ، دونَ اعتِراضٍ وَلَوْ بالنَفْسِ : ( وَبَشِّـرِ الـمُـخْـبِتينَ الـذينَ إذا ذُكِـرَ اللـهُ وَجِـلَـتْ قُـلـوبُهُـمْ والصَابرينَ على مَـا أصـابـهُـمْ والمُقيميْ الصَـلاةَ ومِـمّـا رزقْنـاهُـمْ يُنفقونَ )[ الحج 24 / 25 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنُوا وَ عَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ وَ أَخْـبَتُوا إلـى رَبِّهِـمْ أولَـئِكَ أَصْـحَـابُ الجـنّةِ )[ هود 23 ] ، وَ هُـمْ أهْلُ العلْم حصـراً : ( وَ لِـيَعْـلَـمَ الـذينَ أوتُـوا الـعِـلْـمَ أنّـهُ الـحَـقّ مِـنْ ربّـهِـمْ فَتُخْـبِتَ لـهُ قُـلُـوبُهُـمْ )[ الحج 54] .
(واصْـنَعِ الـفُلْـكَ بِأَعْـيُنِنَا وَ وَحْـيِنَا)[هود 37] :
( وَ أُوحِـيَ إلـى نُوحٍ أَنْه لَـنْ يُؤْمِـنَ مِـنْ قَـوْمِـكَ إلاَّ مَـنْ قَـدْ آمَـنَ فَلاَ تَبْتَئِـسْ بِمَـا كَـانُوا يَفْعَـلُـونَ وَ اصْـنَعِ الـفُلْـكَ بِأَعْـيُنِنَا وَوَحْـيِنَا وَلاَ تُخَـاطِـبْني فِـي الـذينَ ظَـلَـمُـوا إنَّهُـمْ مُـغْـرَقُونَ )[ هود 36 / 37 ] ، كلمة (مُـغْـرَقُونَ ) : جاءت بصيغَةِ اسْـم المفعول ، أيْ أنَّ الغَرَقَ حَاصِلٌ لَهُمْ لاَ مَحَالَة ، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : سَيَغْرَقُون.
كانَتْ سَـفينَةُ نُوحٍ عليه السلامُ ، سـَفينَةً مُتواضِعَةً في مُواصَفاتِهَا ، بَناهَـا شَخْصٌ واحِدٌ هُوَ نُوحٌ : ( فَأَوْحَـيْنَا إلَـيْهِ أَنِ اصْـنَعِ الـفُلْـكَ )[ المؤمنون 27 ] ، ( وَاصْـنَعِ الـفُلْـكَ بأَعْـيُنِنَا وَوَحْـيِنَا )[ هود 37 ] ، (وَ يَصْـنَعِ الـفُلْـكَ )[ هود 38 ] ، فَقَدْ كانَتْ سَـفينَةً صَغيرَةً مِنْ نَوْعِ الفُلْكِ: (فأَنْجَـيْنَاهُ وَالـذينَ مَـعَـهُ في الـفُلْـكِ )[ الأعراف 64]، ( فأَنْجَـيْنَاهُ وَمَـنْ مَـعَـهُ في الـفُـلْـكِ )[ الشعراء 119] ، وَقَدْ كانَتْ عِبارَةً عَنْ ألْواحٍ خَشَـبيَّةٍ مَشْـدُودَةٍ لِبَعْضِهَا بالحِبـَالِ، [ لَمْ تُسْتَخْدَمْ فيهَـا مَسَـاميرُ الحَديدِ ] : (وَحَـمَـلْـنَاهُ عَـلـى ذَاتِ أَلْـواحٍ وَ دُسُـرٍ) [القمر 13 ] ، الدِسَـارُ هـوَ : حَبْـلُ السـفينَةِ، وَ سَـفينَةٌ بِهَذِهِ المُواصَفاتِ ، لاَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْمِلَ مِنْ جَميعِ أَصْنافِ الحَيوانَاتِ وَ الطيورِ وَ الحَشَـراتِ الموجُودَةِ عَلى الأَرْضِ ، زَوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ، إذْ لاَ يُمْكِنُ لأَيِّ سَفينَةٍ ، حَتّى مِنْ سُفُنِ الوَقْتِ الحَاضِرِ العِمْلاقَةِ ، أَنْ تَحْمِلَ كُلَّ هَذا العَدَدِ الهائِـلِ مِنَ المخْلوقاتِ [ فَأصْنافُ الحَشَراتِ وَ الطيورِ مَثَلاً تَزيدُ عَلى مئَاتِ الآلافِ مِنَ الأنْـواعِ ] ، هَذا عَـدا عَنْ تأمينِ المَنـَاخِ المُلاَئِمِ داخِلَ السَفينَةِ لِكُلِّ نَوعٍ عَلى حِدَة [ الدَبُّ القُطْبيُّ مَثَلاً يَحْتاجُ لِمناخٍ بـَارِدٍ جِداً ] ، نَاهيكَ عَنْ تَأمينِ الغِذاءِ المَطْلوبِ لِكُلِّ نَوْعٍ ، عَدا عَنْ تَأمينِ الحِمايَةِ اللاَّزِمَةِ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ الأُخْرى ، [ مِثْلَ حِمايَةِ الغَنَمِ مِنَ الذِئْبِ ، وَ الفأْرِ مِنَ الهِرِّ ] ، ثُمَّ إنَّ جَمْعَ وَ إمْساكَ كُلِّ مَخْلوقاتِ الأَرْضِ ، أمْرٌ مَسْتحيلٌ ، خَاصّةً الحَيواناتُ الخَطِرَةُ ، هَذا إذا تَجَاوَزْنا مَوْضوعَ الذهَابِ إلى مَواطِنِهَا الأَصْليَّةِ [ الكنْغَرُ مَثَلاً في اسْـتراليا ] ، كُلُّ هَذا إذا فَرَضْنا جَدَلاً أنَّ نـُوحَاً عليهِ السلام يَمْتَلِكُ جَداوِلَ إحْصـائيَّةٍ ضَخْمةٍ ، فيهَـا تَصْنيفٌ لِكُلِّ أنْواعِ المَخْلوقاتِ مَعَ صُوَرِهَـا [ للتَعَرُّفِ عَليْهَا ] لِعَدَمِ نِسْـيانِ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ ، كُلُّ هَذا يَدُلُّنـَا بِشَكْلٍ واضِحٍ عَلى أنَّ الأَزْواجَ التي حَمَلَها نُوحٌ في سَـفينَتِهِ المُتواضِعَـةِ : ( فَاسْـلـُكْ فِيـهَـا مِـنْ كُـلٍّ زَوْجَـيْنِ اثْنَيْنِ )[ المؤمنون 27 ] ، كانَتْ أزْواجُ الأنْعـَامِ الثَمانيـَةِ اللازِمَةِ لَـهُ وَمَنْ مَعَهُ بَعْدَ انْتِهَـاءِ الطُوفانِ ، وَالوارِدَةُ بقَوْلِهِ تعالى : ( وَ أَنْزَلَ لَـكُـمْ مِـنَ الأَنْعَـامِ ثَمَـانِيَةَ أَزْواجٍ )[ الزمر 6 ] ، (ثَمَـانِيَةَ أَزْواجٍ مِـنَ الـضَـأْنِ اثْنَيْنِ وَمِـنَ الـمَـعِـزِ اثْنَيْنِ 000 وَمِـنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِـنَ الـبَقَـرِ اثْنَيْنِ )[ الأنعام 143 ] .
(إنَّـهُ لَـيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ) [هود 46]:
أنَّ عَمليّةَ التَنْقِيَـةِ قَدْ شَمَلَتْ أُسْـرَةَ نوحٍ بالذاتِ ، فَقَدْ تَمّ القَضَـاءُ عَلى امْرأتِهِ وَأحَدِ أبْنائِهِ : ( ضَـرَبَ اللَّـهُ مَـثَلاً لِلَّـذينَ كَـفَروا امْـرَأتَ نُوحٍ )[ التحريم 10 ] ، (وَ نَادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَـالَ رَبِّ إنَّ ابْني مِـنْ أَهْـلـي 000 قَـالَ يَا نُوحُ إنَّـهُ لَـيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ إنَّـهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ )[ هود 45 / 46 ] ، نلاحظ أن الله سبحانه قد قال لنوح : ( إنَّـهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ ) وهذا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبادِهِ ، أنّهُ لمْ يَقُلْ لِنوحٍ : [ إنّ ابْنَكَ كَـافِرٌ ] ، لِمَـا لِهَذِهِ العِبارَة مِنْ أثَـرٍ بالِغٍ في نَفْسِ نَبيّ مِثْلَ نوح ، وَ مِنْ رَحْمَتِهِ تعالى بِعِبادِهِ أنَّهُ لَمْ يُغْـرِقْ ابنَ نوحٍ أمَامَ عَيْنِ والِـدِهِ ، بَلْ أَغْرَقَـهُ بَعيداً عَنْهُ : ( وَ حَـالَ بَيْـنَهُـمَـا الـمَـوْجُ فَـكَـانَ مِـنَ الـمُـغْـرَقينَ )[ هود 43 ] ، وَ هَذِهِ التَنْقيَةُ كانَتْ ضَروريَّةً في سُلالَةِ نـوحٍ بالذاتِ ، حَيْثُ بَقِيَتْ سُلالَتُهُ آخِرَ الأمْرِ : ( وَ جَـعَـلْـنَا ذُريَّـتَهُ هُـمُ الـبَاقينَ )[ الصافات 77 ] .
( نَـاقَةَ اللّـه )[ هود 64 ] :
ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلْنَاسِ نَـاقَةَ النبي صَالِح عليه السلام ، وَ بِمَا أَنَّهَا [ نَـاقَةَ اللّهِ ] ، لِذَا يَجِبُ أَنْ تُتْرَكَ وَ شَأْنَهَا تَسْرَحُ في الطَبيعَةِ ، دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهَا أَحَـدٌ : (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَـكُـمْ آيَةً فَذَروهَـا تَأْكُـلُ فـي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَـسُّـوهَـا بِسُـوءٍ فَيَأْخُـذَكُـمْ عَـذَابٌ قَـريبٌ )[ هود 64 ] ، وَ جَميْعُ المَخْلُوقَاتِ الأُخْرى ، مِثْلَ العَصَافيْرِ وَ الطُيُورِ وَ حَتّى المَخْلُوقَاتِ البَرِيَّةِ مِثْلَ الدِبَبَةُ وَ النُمُورِ وَحَيَوانَاتِ [ السِيْركِ ] .... ، أَلَيْسَـتْ مَخْلُوقَاتُ اللّهِ ؟ ؟ ! ، فَلِمَاذَا نَسْـجُنُها في الأقْفَاصِ ثُمَّ نَتَفَرَّجُ عَلَيْهَا ذَلِيْـلَةً حَزِيْنَـةً ، بِبِرودَةِ أَعْصَـابٍ خَالِيَةٍ مِنْ أيِّ إحْسَاسٍ بِمَشَـاعِرِهَا ، أَلَيْسَتْ أُمَمَـاً مِثْلنَـا : (وَمَـا مِـنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ وَلاَ طَـائِرٍ يَطِـيْرُ بِجَـنَاحَـيْهِ إلاَّ أُمَـمٌ أَمْـثَالُـكُـمْ )[ الأنعام 38 ] ، وَاللّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذي تَكَفَّلَ بِتَرْبِيَتِهـا وَ رِعَايَتِهـا : (وَمَـا مِـنْ دابَّةٍ إلاّ هُـوَ آخِـذٌ بِـنَاصِـيَتِهـا إنَّ رَبّـي عَـلـى صِـراطٍ مُـسْـتَقيم) [ هود 56 ]، كَمَا تَكَفَّلَ المَوْلى بِإطْعَامِهَـا جَميْعَاً: (وَمَـا مِـنْ دابَّةٍ في الأَرْضِ إلاّ عَـلَـى اللّـهِ رِزْقُهَـا)[ هود 6 ] ، بَعْدَ كُلِّ هَذَا الإِيْضَاحِ مِنَ المَوْلى ، ماَ زِلْنـَا نَقْتُلُ وَ نَسْجُنُ وَ نُعَذّبُ مَخْلُوقَاتِ اللّهِ، فَكَيْفَ نَرْتَاحُ لِمَنْظَرِ العِصَافيرِ في القَفَصِ ! ، ألَيْسَ مَكانَها الطبيعيّ عَلى الأشْجَارِ ، لِمَاذَا تَهْرُبُ مِنَّـا الطُيُورُ ، وَ قَدْ ذَكَرَ لَنَـا المَوْلى سُبْحَانَهُ مِثَالاً رائِعَـاً عَنْ دَاوودَ عليْهِ السلام وَشِدَّةِ رِفْقِهِ بالطُيُورِ، بِحَيْثُ كَانَتْ تَأْتي إلَيْهِ مُسْـرِعَةً: (وَالـطَـيْرَ مَـحْـشُـورةً كُـلٌّ لَـهُ أَوَّابٌ )[ ص 19 ] .
الـمُـؤْتَفِـكَـةَ: المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ
(يُجَـادِلـُنَا في قَـوْمِ لُـوطٍ )[ هود 74 ] :
قوم لوط عليه السلام ، هُمُ الذينَ سَـكَنوا في قَرْيَـةِ [ سَـدُومْ ] ، التي تَقَعُ حَالياً تَحْتَ جَنُوبِ البَحْـرِ المَيِّتِ بِفِلَسْـطينَ، وَقَدِ ابْتَكَروا للمَرَّةِ الأُولى اللّواطَـةَ [ نِسْبَةً لِقَـوْمِ لُـوْطْ ] وَهِيَ مُعَاشَـرَةُ الذُكُورِ جِنْسيّاً دُونَ الإنَاثِ : (وَلُـوطَـاً إذْ قَالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَا مِـنْ أَحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِسَـاء بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُونَ )[ الأعراف 81 ] ، (وَلُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ إنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَا من أَحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـين إنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِجَـالَ )[ العنكبوت 28 ] (أتَأْتُونَ الـذُكْـرانَ مِـنَ الـعَـالَـمـينَ )[ الشعراء 165] ، وَمَارَسُوا اللُّواطَةَ عَلَناً في ناديهِمْ : (وَتَأْتونَ في نَاديكُـمُ الـمُـنْكَـرَ )[ العنكبوت 29 ] ، لِذَلِكَ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ بعِقابٍ مُتَمَيَّزٍ في شِدَّتِهِ وَقَسْوَتِهِ، إذْ قَلَبَ قَرْيَتَهُمْ رَأْسَاً عَلى عَقِبٍ : (وَالـمُـؤْتَفِـكَـةَ أَهْـوى)[ النجم 53 ] ، الـمُـؤْتَفِـكَـةَ : المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ وهي قَريَةُ سَدوم ، ثُمَّ أَحْرَقَ الجُثَثَ بِحِجَارَةٍ حَارِقَةٍ مِنَ السَمَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ غَطَّى المَنْطِقَةَ بِمِياهٍ شَديدَةِ المُلُوحَةِ [البَحْرُ المَيِّتُ ] ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ إصَابَتِهِمْ بأمْراضٍ مُعْدِيَةٍ حتَّى بَعْدَ الوَفاةِ، وَلَمْ تَنْفَعْ شَفاعَةُ إبْراهيمَ عليه السلام لَهُمْ، فَقَدْ عاشُوا عَلى زَمَنِ إبراهيمَ حَوالي 1700 قَبْلَ الميلاَدِ: (فَـلَـمَّـا ذَهَـبَ عَـنْ إبْراهِـيمَ الـرَوْعُ وَجَـاءَتْهُ الـبُشـرى يُجَـادِلـُنَا في قَـوْمِ لُـوطٍ ... يَا إبْراهِـيمُ أَعْـرِضْ عَـنْ هَـذا إنَّـهُ قَـدْ جَـاءَ أَمْـرُ رَبِّكَ وَ إنَّهُـمْ آتيهِـمْ عَـذابٌ غَـيْرُ مَـرْدودٍ ... فَـلَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنا جَـعَـلْـنَا عَـالِـيَهَـا سَـافِـلَـهَـا وَ أَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـا حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ مَـنْضُـودٍ)[ هود 74 ] ، ( فَجَـعَـلْـنَا عَـالِـيَهَـا سَـافِـلَـهَـا وَأَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ ) [ الحجر 76 ] ، ( وَأَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسَـاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ )[ الشعراء 173 ][ النمل 58 ] ، (الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطِـرَتْ مَـطَـرَ الـسُـوءِ )[ الفرقان 40 ] ، وَكَانَ عليه السلام مُبْغِضَاً أَشَـدَّ البُغْضِ لِمَا كَانَ يَقُومُ بِـهِ قَوْمُـهُ مِنْ مُعَاشَـرَةٍ الذُكُورِ جِنْسـيَّاً تارِكينَ مُعَاشَرَةَ النِسَـاءِ: (كَـذَّبَتْ قَـوْمُ لُـوطٍ الـمُـرْسَـلِـينَ إذْ قَالَ لَـهُـمْ أَخُـوهُـمْ لُـوطٌ أَلاَ تَتَّقُـونَ 000 أَتَأْتُونَ الـذُكْـرانَ مِـنَ الـعَـالَـمِـينَ وَتَذَرونَ مَـا خَـلَـقَ لَـكُـمْ رَبُّـكُـمْ مِـنْ أَزْواجِـكُـمْ بَلْ أَنْتُمْ قَـوْمٌ عَـادون ... قَالَ إنَّي لِـعَـمَـلِـكُـمْ مِـنَ الـقَـالـينَ )[ الشعراء 160 ] ، الـقَـالـينَ : المُبْغِضينَ أشدَّ البُغْضِ ، وَكَانَتْ سَـدُومُ تَقَعُ عَلى طَريقِ القَوافِلِ الدائم الحركة : (وَ إنَّهَـا لَـبِسَـبيلٍ مُـقِـيْمٍ )[ الحِجْر 76 ] ، فَكَانُوا يَقْطَعُونَ الطَريقَ وَ يُمَارِسُونَ الجِنْسَ مَعَ ذُكُورِ القَوافِلِ: (وَتَقْـطَـعُـونَ الـسَـبيلَ )[ العنكبوت 29 ] .
(بَقِـيَّتُ اللّـهِ خَـيْرٌ لَـكُـمْ)[ هود 86] :
أيْ : مَا أَبْقَاهُ اللهُ لَكُمْ مِنَ الحَلاَلِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الأُمُورِ التي حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ، وَجَمْعُها باقِياتُ: (وَالـبَاقِيَاتُ الـصَـالِـحَـاتُ خَـيْرٌ عِـنْدَ رَبِّكَ )[ الكهف 46 ][ مريم 76 ] ، (مِـنَ الـقُرونِ مِـنْ قبْلِـكُـمْ أُولـوا بَقِيَّةٍ يَنْهَـونَ عَـنِ الـفَسَـادِ فـي الأرْضِ )[ هود 116] .
(أَحْـسَـنَ الـقَـصَـصِ)[يوسف 3] :
تُعْتَبَرُ سُورَةُ يُوسُفَ عليه السلام التي هِيَ أَحْسُنُ القَصَصِ : (نَـحْـنُ نَقُـصُّ عَـلَـيْـكَ أَحْـسَـنَ الـقَـصَـصِ )[ يوسف 3 ] ، فَهي السُورَةُ الوحيدةُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ سُوَر القرآنِ الكَريمِ التي اقْتَصَرَتْ عَلى قِصَّةِ يوسُفَ عليه السلام ، وَهيَ القِصَّةُ الوحيدَةُ المُجْتَمِعَةُ في مَوْقَعٍ واحِدٍ، فَأَيُّ سُورَةٍ أُخْرى تَحْمِلُ اسْمَ نَبِيٍّ لَمْ تَنْفَرِدْ بالحديثِ عَنْ ذَلِكَ النَبيِّ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ الحَيَاةِ ، وَتَعْتَمِدُ أَصْلاً عَلى رُؤيَا نَبيٍّ هُوَ يوسُفُ وَتَدُورُ أَحْدَاثُهَا في القَرْنِ 17 قَبْلَ الميلاَدِ، كَمَا نُلاَحِظُ أَنَّ شَخْصِيَّةَ يوسُفَ تَشُعُّ بِمَعَانٍ عَديدَةٍ يَنْفَرِدُ بِهَا يوسُفُ مِنْ حَيْثُ :
جَمَـالُ هَذِهِ الشَخْصِيَّةِ : ففي الحَديثِ الشَريفِ أَنـَّهُ أُوتيَ شَطْرَ [ نِصْفَ ] الحُسْـنِ ، وَ رُبَّمَـا ورِثَ هَذا الجمَالَ عَنْ زَوْجَةِ إبراهيمَ سَـارةُ التي هِيَ أُمُّ جَدّتِـهِ : ( فَلَمّـا رَأَيْنَهُ أَكْـبَرْنَهُ وَ قطَّـعْـنَ أَيْدِيَهُـنّ وَ قُلـْنَ حَاشَـى لِلَّـهِ مَـا هَـذا بَشَـراً إنْ هَـذا إلاَّ مَـلَـكٌ كَريمٌ )[ يوسف 31 ] ، وَ لَمّا أعْطى اللهُ هَذا الجمَال إلى يوسُفَ ابتَلاهُ بالرِقِّ والعُبوديَّةِ : (وَأَسَـرُّوهُ بِضـاعَـةً 000 وَشَـرَوْهُ بِثَمَـنٍ بَخْـسٍ دَراهِـمَ مَـعْـدودَةٍ وَكَـانوا فيـهِ مِـنَ الـزاهِـدينَ )[ يوسف 19 / 20 ] ، ويبقى الجمالُ مَحبوباً بينَ الناسِ .
ثَبـَاتُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : فَقَدْ كانَ طوالَ حَيَاتهِ مِنَ المُحْسِـنينَ ، وفي الحديث الشريف الإحسانُ : [ أن تعبُد الله كأنّكَ تراه ][ رواه البخاري برقم 50] ، فَقَبْلَ السِجْنِ : ( وَلَـمَّـا بَلَغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِــنينَ )[ يوسف 22 ] ، ثُمَّ في السِجْنِ : حَيْثُ يَقُولُ لَـهُ صَاحبَيْ السِجْنِ : ( إنَّا نَرَاكَ مِـنَ الـمُـحْــسـِنينَ )[ يوسف 36 ] ، وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ عَزيزَ مِصْرَ حَيْثُ يَقُولُ لَـهُ إخْوتُهُ أيْضَاً : ( إنَّا نَرَاكَ مِـنَ الـمُـحْــسـِنينَ )[ يوسف 78 ] ، كَمَا كَانَ مِنَ الصَـادِقينَ : ( وَ هُـوَ مِـنَ الـصَـادِقـينَ)[ يوسف 27 ] ، وَ لَمْ يَقُلْ : صَـادِقَاً ، وَلكِنْ قَالَ : مِنَ الصَـادقينَ.
صَـبْرُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : ( قَالَ ربّ الـسِـجْـنُ أَحَـبُّ إلـيَّ مِـمَّـا يَدْعُـونَني إلـَيْهِ )[ يوسف 33 ] ، ثُمّ رَفضَهُ الخُروجَ مِنَ السِجنِ بَعْدَ سَنواتٍ مِنَ السِجْنِ الانْفِراديّ: ( فَلَـبِثَ فِي الـسِـجْـنِ بِضْـعَ سِنينَ )[ يوسف 42 ] ، وَفي ذَلِكَ يَقُولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : [000 وَ لَوْ لَبِثْتُ في السِجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَاعي ][ رواه مسلم في الإيْمـان، والبخـاري في الأنبيـاء عن أبي هـريرة رضي الله عنه ] .
تَـوَكُّلُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى اللَّـهِ : (وَاتَّبَعْـتُ مِـلَّـةَ آبَائي إبْراهِـيمَ وَإسْـحَـاقَ وَ يَعْـقُوبَ مَـا كَـانَ لَـنَا أَنْ نُشْـرِكَ بِاللَّـهِ مـِنْ شَــيْءٍ ذَلـِكَ مِـنْ فَضْـلِ اللَّـهِ عَـلَـيْنَا وَعَـلـى الـنَاسِ ) [ يوسف 38 ] .
انْتِصـَارُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى غَـريزَةِ الجِنْسِ : (وَرَاودتْهُ الـتي هُـوَ في بَيْتِهَـا عَنْ نَفْسِـهِ وَغَـلّـقَـت الأَبْوابَ وَقَالَـتْ هَـيْـتَ لَـكَ قَالَ مَـعَـاذَ اللَّـهِ )[ يوسف 23 ]، وَانتصَارهَا عَلى حِقْدِ الإخْوَةِ : ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَـلَـيْكُـمُ الـيَوْمَ يَغْـفِـرُ اللَّـهُ لَـكُـمْ وَهُـوَ أَرْحَمُ الراحِـمِـين َ)[ يوسف 92 ] ، لذلك يـجبُ دراسة شَـخصيّة يوسف منَ النواحي [ النفسيّة ] ، فعندمـا اتـّهمه أخوتُهُ بالسرقة وأمَـامَ حَاشـيته : (قالوا: إنْ يَسْـرقْ فقـدْ سَـرَقَ أخٌ لـهُ مِـنْ قَـبْلُ )[ يوسف 77 ] ، ولكنّ يوسُفَ عليه السلام لـمْ يبدُ حتّى على مـلامـحـه أيّ آثـار: ( فـأسَـرّهـا يوسُـفُ فـي نفـسـه ولـمْ يُـبْـدِهـا لـهُـمْ )[ يوسف 77 ] ، وأخيراً انتصَارُ هذه الشخصيّة عَلى نَزْغِ الشَيْطانِ : (مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَ بَيْنَ إخْـوَتي)[ يوسف 100 ] .
وَ تُعْطي سُورَةُ يُوسُفَ تَوْثيقاً تَاريخياً مهمّـاً في التَاريخِ المصْرِيِّ، حَيْثُ نُلاَحِظُ أَنَّ السُورَةَ لَمْ تَذْكُرْ كَلِمَةَ فِرْعَوْنَ ، بَلْ ذَكَرَتْ كَلِمَةَ : الملِكِ : (وَقَالَ الـمَـلِـكُ إنّي أَرَى سَـبْعَ بَقَرَاتٍ )[ يوسف 43 ] ، فَفي فترةِ [ 1615 ـ 1560 ] قَبْلَ الميلاَدِ ، دَخَلَ العَمَالِقَةُ الهكْسُوسُ إلى مِصْرَ وَحَكَمُوهَـا خِلاَلَ تِلْكَ الفَتْرَةِ ، وَالحَاكِمُ الهِكْسُوسِيُّ يُدْعَى الملِكُ وَلَيْسَ فِرْعَوْنُ ، وَفي تِلْكَ الفَتْرَةِ دَخَلَ يُوسُفُ وَإخْوَتُهُ إلى مِصْرَ ، وَفي عَامِ 1560 قَبْلَ الميلاَدِ قَامَ الفِرْعَوْن [ إحْموسْ الأَوَّلُ ] بِطَرْدِ الهِكْسُوسِ مِنْ مِصْرَ، وَأعَادَ حُكْمَ الفَرَاعِنَةِ .
(وَقَالَ نِسْـوَةٌ )[ يوسف 30 ] :
مِنَ المواضيعِ اللُّغَويَّةِ المُلْفِتَةِ للنَظَرِ في سُورَةِ يَوسُفَ مَا وَرَدَ في الآيةِ : (وَ قَالَ نِسْـوَةٌ )[ يوسف 30 ] ، فَكَلِمَةُ : [ قالَ ] هِيَ لِلمُذَكَّرِ ، بَيْنَمَا القَائِلُونَ هُمْ نِسْوَةٌ ، فَلِمَاذا لَمْ يَقُلْ : ( وَقَالَتْ نِسْوَةٌ ) ، وَ السَبَبُ هُوَ : أَنَّ القُرآنَ حِينمَا يَسْتَخْدِمُ الفِعْلَ بِصيغَةِ المُذَكَّرِ بينمَا الفاعِلُ مُؤَنَّثٌ، فإنّه يَدُلُّ عَلى [ قِلَّـةِ ] عَدَدِ الفَاعِلينَ ، فَعَدَدُ النِسْوَةِ اللَّواتي تَحَدَّثْنَ كَانَ عَدَداً قَليلاً، وَلَيْسَ كُلُّ نِسَاءِ المدينَةِ وَإلاَّ لأَصْبَحَتْ فَضيحَةً لامْرَأَةِ العَـزيز.
كل هـذا واللـه أعلـم.
المُخْـبـِتُونَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَتَواضُعٍ كَامِلٍ
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 6 ] من سورة هــود [ 93 ] ، وحتى الآيـة [ 52 ] من سورة يوسـف ، ومـمّـا ورَد فيـه :
( أَخْـبَـتُـوا إلـى رَبِّهِـمْ )[ هود 23 ] :
المُخْـبـِتُونَ : هُمُ الذينَ يَعْبُدونَ اللَّهَ بِصَمْتٍ وَبِتَواضُعٍ كَامِلٍ، دونَ اعتِراضٍ وَلَوْ بالنَفْسِ : ( وَبَشِّـرِ الـمُـخْـبِتينَ الـذينَ إذا ذُكِـرَ اللـهُ وَجِـلَـتْ قُـلـوبُهُـمْ والصَابرينَ على مَـا أصـابـهُـمْ والمُقيميْ الصَـلاةَ ومِـمّـا رزقْنـاهُـمْ يُنفقونَ )[ الحج 24 / 25 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنُوا وَ عَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ وَ أَخْـبَتُوا إلـى رَبِّهِـمْ أولَـئِكَ أَصْـحَـابُ الجـنّةِ )[ هود 23 ] ، وَ هُـمْ أهْلُ العلْم حصـراً : ( وَ لِـيَعْـلَـمَ الـذينَ أوتُـوا الـعِـلْـمَ أنّـهُ الـحَـقّ مِـنْ ربّـهِـمْ فَتُخْـبِتَ لـهُ قُـلُـوبُهُـمْ )[ الحج 54] .
(واصْـنَعِ الـفُلْـكَ بِأَعْـيُنِنَا وَ وَحْـيِنَا)[هود 37] :
( وَ أُوحِـيَ إلـى نُوحٍ أَنْه لَـنْ يُؤْمِـنَ مِـنْ قَـوْمِـكَ إلاَّ مَـنْ قَـدْ آمَـنَ فَلاَ تَبْتَئِـسْ بِمَـا كَـانُوا يَفْعَـلُـونَ وَ اصْـنَعِ الـفُلْـكَ بِأَعْـيُنِنَا وَوَحْـيِنَا وَلاَ تُخَـاطِـبْني فِـي الـذينَ ظَـلَـمُـوا إنَّهُـمْ مُـغْـرَقُونَ )[ هود 36 / 37 ] ، كلمة (مُـغْـرَقُونَ ) : جاءت بصيغَةِ اسْـم المفعول ، أيْ أنَّ الغَرَقَ حَاصِلٌ لَهُمْ لاَ مَحَالَة ، لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : سَيَغْرَقُون.
كانَتْ سَـفينَةُ نُوحٍ عليه السلامُ ، سـَفينَةً مُتواضِعَةً في مُواصَفاتِهَا ، بَناهَـا شَخْصٌ واحِدٌ هُوَ نُوحٌ : ( فَأَوْحَـيْنَا إلَـيْهِ أَنِ اصْـنَعِ الـفُلْـكَ )[ المؤمنون 27 ] ، ( وَاصْـنَعِ الـفُلْـكَ بأَعْـيُنِنَا وَوَحْـيِنَا )[ هود 37 ] ، (وَ يَصْـنَعِ الـفُلْـكَ )[ هود 38 ] ، فَقَدْ كانَتْ سَـفينَةً صَغيرَةً مِنْ نَوْعِ الفُلْكِ: (فأَنْجَـيْنَاهُ وَالـذينَ مَـعَـهُ في الـفُلْـكِ )[ الأعراف 64]، ( فأَنْجَـيْنَاهُ وَمَـنْ مَـعَـهُ في الـفُـلْـكِ )[ الشعراء 119] ، وَقَدْ كانَتْ عِبارَةً عَنْ ألْواحٍ خَشَـبيَّةٍ مَشْـدُودَةٍ لِبَعْضِهَا بالحِبـَالِ، [ لَمْ تُسْتَخْدَمْ فيهَـا مَسَـاميرُ الحَديدِ ] : (وَحَـمَـلْـنَاهُ عَـلـى ذَاتِ أَلْـواحٍ وَ دُسُـرٍ) [القمر 13 ] ، الدِسَـارُ هـوَ : حَبْـلُ السـفينَةِ، وَ سَـفينَةٌ بِهَذِهِ المُواصَفاتِ ، لاَ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْمِلَ مِنْ جَميعِ أَصْنافِ الحَيوانَاتِ وَ الطيورِ وَ الحَشَـراتِ الموجُودَةِ عَلى الأَرْضِ ، زَوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ، إذْ لاَ يُمْكِنُ لأَيِّ سَفينَةٍ ، حَتّى مِنْ سُفُنِ الوَقْتِ الحَاضِرِ العِمْلاقَةِ ، أَنْ تَحْمِلَ كُلَّ هَذا العَدَدِ الهائِـلِ مِنَ المخْلوقاتِ [ فَأصْنافُ الحَشَراتِ وَ الطيورِ مَثَلاً تَزيدُ عَلى مئَاتِ الآلافِ مِنَ الأنْـواعِ ] ، هَذا عَـدا عَنْ تأمينِ المَنـَاخِ المُلاَئِمِ داخِلَ السَفينَةِ لِكُلِّ نَوعٍ عَلى حِدَة [ الدَبُّ القُطْبيُّ مَثَلاً يَحْتاجُ لِمناخٍ بـَارِدٍ جِداً ] ، نَاهيكَ عَنْ تَأمينِ الغِذاءِ المَطْلوبِ لِكُلِّ نَوْعٍ ، عَدا عَنْ تَأمينِ الحِمايَةِ اللاَّزِمَةِ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ الأُخْرى ، [ مِثْلَ حِمايَةِ الغَنَمِ مِنَ الذِئْبِ ، وَ الفأْرِ مِنَ الهِرِّ ] ، ثُمَّ إنَّ جَمْعَ وَ إمْساكَ كُلِّ مَخْلوقاتِ الأَرْضِ ، أمْرٌ مَسْتحيلٌ ، خَاصّةً الحَيواناتُ الخَطِرَةُ ، هَذا إذا تَجَاوَزْنا مَوْضوعَ الذهَابِ إلى مَواطِنِهَا الأَصْليَّةِ [ الكنْغَرُ مَثَلاً في اسْـتراليا ] ، كُلُّ هَذا إذا فَرَضْنا جَدَلاً أنَّ نـُوحَاً عليهِ السلام يَمْتَلِكُ جَداوِلَ إحْصـائيَّةٍ ضَخْمةٍ ، فيهَـا تَصْنيفٌ لِكُلِّ أنْواعِ المَخْلوقاتِ مَعَ صُوَرِهَـا [ للتَعَرُّفِ عَليْهَا ] لِعَدَمِ نِسْـيانِ نَوْعٍ مِنَ الأَنْواعِ ، كُلُّ هَذا يَدُلُّنـَا بِشَكْلٍ واضِحٍ عَلى أنَّ الأَزْواجَ التي حَمَلَها نُوحٌ في سَـفينَتِهِ المُتواضِعَـةِ : ( فَاسْـلـُكْ فِيـهَـا مِـنْ كُـلٍّ زَوْجَـيْنِ اثْنَيْنِ )[ المؤمنون 27 ] ، كانَتْ أزْواجُ الأنْعـَامِ الثَمانيـَةِ اللازِمَةِ لَـهُ وَمَنْ مَعَهُ بَعْدَ انْتِهَـاءِ الطُوفانِ ، وَالوارِدَةُ بقَوْلِهِ تعالى : ( وَ أَنْزَلَ لَـكُـمْ مِـنَ الأَنْعَـامِ ثَمَـانِيَةَ أَزْواجٍ )[ الزمر 6 ] ، (ثَمَـانِيَةَ أَزْواجٍ مِـنَ الـضَـأْنِ اثْنَيْنِ وَمِـنَ الـمَـعِـزِ اثْنَيْنِ 000 وَمِـنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ وَمِـنَ الـبَقَـرِ اثْنَيْنِ )[ الأنعام 143 ] .
(إنَّـهُ لَـيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ) [هود 46]:
أنَّ عَمليّةَ التَنْقِيَـةِ قَدْ شَمَلَتْ أُسْـرَةَ نوحٍ بالذاتِ ، فَقَدْ تَمّ القَضَـاءُ عَلى امْرأتِهِ وَأحَدِ أبْنائِهِ : ( ضَـرَبَ اللَّـهُ مَـثَلاً لِلَّـذينَ كَـفَروا امْـرَأتَ نُوحٍ )[ التحريم 10 ] ، (وَ نَادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَـالَ رَبِّ إنَّ ابْني مِـنْ أَهْـلـي 000 قَـالَ يَا نُوحُ إنَّـهُ لَـيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ إنَّـهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ )[ هود 45 / 46 ] ، نلاحظ أن الله سبحانه قد قال لنوح : ( إنَّـهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ ) وهذا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبادِهِ ، أنّهُ لمْ يَقُلْ لِنوحٍ : [ إنّ ابْنَكَ كَـافِرٌ ] ، لِمَـا لِهَذِهِ العِبارَة مِنْ أثَـرٍ بالِغٍ في نَفْسِ نَبيّ مِثْلَ نوح ، وَ مِنْ رَحْمَتِهِ تعالى بِعِبادِهِ أنَّهُ لَمْ يُغْـرِقْ ابنَ نوحٍ أمَامَ عَيْنِ والِـدِهِ ، بَلْ أَغْرَقَـهُ بَعيداً عَنْهُ : ( وَ حَـالَ بَيْـنَهُـمَـا الـمَـوْجُ فَـكَـانَ مِـنَ الـمُـغْـرَقينَ )[ هود 43 ] ، وَ هَذِهِ التَنْقيَةُ كانَتْ ضَروريَّةً في سُلالَةِ نـوحٍ بالذاتِ ، حَيْثُ بَقِيَتْ سُلالَتُهُ آخِرَ الأمْرِ : ( وَ جَـعَـلْـنَا ذُريَّـتَهُ هُـمُ الـبَاقينَ )[ الصافات 77 ] .
( نَـاقَةَ اللّـه )[ هود 64 ] :
ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلْنَاسِ نَـاقَةَ النبي صَالِح عليه السلام ، وَ بِمَا أَنَّهَا [ نَـاقَةَ اللّهِ ] ، لِذَا يَجِبُ أَنْ تُتْرَكَ وَ شَأْنَهَا تَسْرَحُ في الطَبيعَةِ ، دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهَا أَحَـدٌ : (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللَّـهِ لَـكُـمْ آيَةً فَذَروهَـا تَأْكُـلُ فـي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَـسُّـوهَـا بِسُـوءٍ فَيَأْخُـذَكُـمْ عَـذَابٌ قَـريبٌ )[ هود 64 ] ، وَ جَميْعُ المَخْلُوقَاتِ الأُخْرى ، مِثْلَ العَصَافيْرِ وَ الطُيُورِ وَ حَتّى المَخْلُوقَاتِ البَرِيَّةِ مِثْلَ الدِبَبَةُ وَ النُمُورِ وَحَيَوانَاتِ [ السِيْركِ ] .... ، أَلَيْسَـتْ مَخْلُوقَاتُ اللّهِ ؟ ؟ ! ، فَلِمَاذَا نَسْـجُنُها في الأقْفَاصِ ثُمَّ نَتَفَرَّجُ عَلَيْهَا ذَلِيْـلَةً حَزِيْنَـةً ، بِبِرودَةِ أَعْصَـابٍ خَالِيَةٍ مِنْ أيِّ إحْسَاسٍ بِمَشَـاعِرِهَا ، أَلَيْسَتْ أُمَمَـاً مِثْلنَـا : (وَمَـا مِـنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ وَلاَ طَـائِرٍ يَطِـيْرُ بِجَـنَاحَـيْهِ إلاَّ أُمَـمٌ أَمْـثَالُـكُـمْ )[ الأنعام 38 ] ، وَاللّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذي تَكَفَّلَ بِتَرْبِيَتِهـا وَ رِعَايَتِهـا : (وَمَـا مِـنْ دابَّةٍ إلاّ هُـوَ آخِـذٌ بِـنَاصِـيَتِهـا إنَّ رَبّـي عَـلـى صِـراطٍ مُـسْـتَقيم) [ هود 56 ]، كَمَا تَكَفَّلَ المَوْلى بِإطْعَامِهَـا جَميْعَاً: (وَمَـا مِـنْ دابَّةٍ في الأَرْضِ إلاّ عَـلَـى اللّـهِ رِزْقُهَـا)[ هود 6 ] ، بَعْدَ كُلِّ هَذَا الإِيْضَاحِ مِنَ المَوْلى ، ماَ زِلْنـَا نَقْتُلُ وَ نَسْجُنُ وَ نُعَذّبُ مَخْلُوقَاتِ اللّهِ، فَكَيْفَ نَرْتَاحُ لِمَنْظَرِ العِصَافيرِ في القَفَصِ ! ، ألَيْسَ مَكانَها الطبيعيّ عَلى الأشْجَارِ ، لِمَاذَا تَهْرُبُ مِنَّـا الطُيُورُ ، وَ قَدْ ذَكَرَ لَنَـا المَوْلى سُبْحَانَهُ مِثَالاً رائِعَـاً عَنْ دَاوودَ عليْهِ السلام وَشِدَّةِ رِفْقِهِ بالطُيُورِ، بِحَيْثُ كَانَتْ تَأْتي إلَيْهِ مُسْـرِعَةً: (وَالـطَـيْرَ مَـحْـشُـورةً كُـلٌّ لَـهُ أَوَّابٌ )[ ص 19 ] .
الـمُـؤْتَفِـكَـةَ: المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ
(يُجَـادِلـُنَا في قَـوْمِ لُـوطٍ )[ هود 74 ] :
قوم لوط عليه السلام ، هُمُ الذينَ سَـكَنوا في قَرْيَـةِ [ سَـدُومْ ] ، التي تَقَعُ حَالياً تَحْتَ جَنُوبِ البَحْـرِ المَيِّتِ بِفِلَسْـطينَ، وَقَدِ ابْتَكَروا للمَرَّةِ الأُولى اللّواطَـةَ [ نِسْبَةً لِقَـوْمِ لُـوْطْ ] وَهِيَ مُعَاشَـرَةُ الذُكُورِ جِنْسيّاً دُونَ الإنَاثِ : (وَلُـوطَـاً إذْ قَالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَا مِـنْ أَحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِسَـاء بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُونَ )[ الأعراف 81 ] ، (وَلُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ إنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَا من أَحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـين إنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِجَـالَ )[ العنكبوت 28 ] (أتَأْتُونَ الـذُكْـرانَ مِـنَ الـعَـالَـمـينَ )[ الشعراء 165] ، وَمَارَسُوا اللُّواطَةَ عَلَناً في ناديهِمْ : (وَتَأْتونَ في نَاديكُـمُ الـمُـنْكَـرَ )[ العنكبوت 29 ] ، لِذَلِكَ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ بعِقابٍ مُتَمَيَّزٍ في شِدَّتِهِ وَقَسْوَتِهِ، إذْ قَلَبَ قَرْيَتَهُمْ رَأْسَاً عَلى عَقِبٍ : (وَالـمُـؤْتَفِـكَـةَ أَهْـوى)[ النجم 53 ] ، الـمُـؤْتَفِـكَـةَ : المُنْقَلِبَةَ رأساً على عَقبْ وهي قَريَةُ سَدوم ، ثُمَّ أَحْرَقَ الجُثَثَ بِحِجَارَةٍ حَارِقَةٍ مِنَ السَمَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ غَطَّى المَنْطِقَةَ بِمِياهٍ شَديدَةِ المُلُوحَةِ [البَحْرُ المَيِّتُ ] ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ إصَابَتِهِمْ بأمْراضٍ مُعْدِيَةٍ حتَّى بَعْدَ الوَفاةِ، وَلَمْ تَنْفَعْ شَفاعَةُ إبْراهيمَ عليه السلام لَهُمْ، فَقَدْ عاشُوا عَلى زَمَنِ إبراهيمَ حَوالي 1700 قَبْلَ الميلاَدِ: (فَـلَـمَّـا ذَهَـبَ عَـنْ إبْراهِـيمَ الـرَوْعُ وَجَـاءَتْهُ الـبُشـرى يُجَـادِلـُنَا في قَـوْمِ لُـوطٍ ... يَا إبْراهِـيمُ أَعْـرِضْ عَـنْ هَـذا إنَّـهُ قَـدْ جَـاءَ أَمْـرُ رَبِّكَ وَ إنَّهُـمْ آتيهِـمْ عَـذابٌ غَـيْرُ مَـرْدودٍ ... فَـلَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنا جَـعَـلْـنَا عَـالِـيَهَـا سَـافِـلَـهَـا وَ أَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـا حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ مَـنْضُـودٍ)[ هود 74 ] ، ( فَجَـعَـلْـنَا عَـالِـيَهَـا سَـافِـلَـهَـا وَأَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ ) [ الحجر 76 ] ، ( وَأَمْـطَـرْنا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسَـاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ )[ الشعراء 173 ][ النمل 58 ] ، (الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطِـرَتْ مَـطَـرَ الـسُـوءِ )[ الفرقان 40 ] ، وَكَانَ عليه السلام مُبْغِضَاً أَشَـدَّ البُغْضِ لِمَا كَانَ يَقُومُ بِـهِ قَوْمُـهُ مِنْ مُعَاشَـرَةٍ الذُكُورِ جِنْسـيَّاً تارِكينَ مُعَاشَرَةَ النِسَـاءِ: (كَـذَّبَتْ قَـوْمُ لُـوطٍ الـمُـرْسَـلِـينَ إذْ قَالَ لَـهُـمْ أَخُـوهُـمْ لُـوطٌ أَلاَ تَتَّقُـونَ 000 أَتَأْتُونَ الـذُكْـرانَ مِـنَ الـعَـالَـمِـينَ وَتَذَرونَ مَـا خَـلَـقَ لَـكُـمْ رَبُّـكُـمْ مِـنْ أَزْواجِـكُـمْ بَلْ أَنْتُمْ قَـوْمٌ عَـادون ... قَالَ إنَّي لِـعَـمَـلِـكُـمْ مِـنَ الـقَـالـينَ )[ الشعراء 160 ] ، الـقَـالـينَ : المُبْغِضينَ أشدَّ البُغْضِ ، وَكَانَتْ سَـدُومُ تَقَعُ عَلى طَريقِ القَوافِلِ الدائم الحركة : (وَ إنَّهَـا لَـبِسَـبيلٍ مُـقِـيْمٍ )[ الحِجْر 76 ] ، فَكَانُوا يَقْطَعُونَ الطَريقَ وَ يُمَارِسُونَ الجِنْسَ مَعَ ذُكُورِ القَوافِلِ: (وَتَقْـطَـعُـونَ الـسَـبيلَ )[ العنكبوت 29 ] .
(بَقِـيَّتُ اللّـهِ خَـيْرٌ لَـكُـمْ)[ هود 86] :
أيْ : مَا أَبْقَاهُ اللهُ لَكُمْ مِنَ الحَلاَلِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الأُمُورِ التي حَرَّمَهَا عَلَيْكُمْ، وَجَمْعُها باقِياتُ: (وَالـبَاقِيَاتُ الـصَـالِـحَـاتُ خَـيْرٌ عِـنْدَ رَبِّكَ )[ الكهف 46 ][ مريم 76 ] ، (مِـنَ الـقُرونِ مِـنْ قبْلِـكُـمْ أُولـوا بَقِيَّةٍ يَنْهَـونَ عَـنِ الـفَسَـادِ فـي الأرْضِ )[ هود 116] .
(أَحْـسَـنَ الـقَـصَـصِ)[يوسف 3] :
تُعْتَبَرُ سُورَةُ يُوسُفَ عليه السلام التي هِيَ أَحْسُنُ القَصَصِ : (نَـحْـنُ نَقُـصُّ عَـلَـيْـكَ أَحْـسَـنَ الـقَـصَـصِ )[ يوسف 3 ] ، فَهي السُورَةُ الوحيدةُ مِنْ بَيْنِ كُلِّ سُوَر القرآنِ الكَريمِ التي اقْتَصَرَتْ عَلى قِصَّةِ يوسُفَ عليه السلام ، وَهيَ القِصَّةُ الوحيدَةُ المُجْتَمِعَةُ في مَوْقَعٍ واحِدٍ، فَأَيُّ سُورَةٍ أُخْرى تَحْمِلُ اسْمَ نَبِيٍّ لَمْ تَنْفَرِدْ بالحديثِ عَنْ ذَلِكَ النَبيِّ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جَوَانِبِ الحَيَاةِ ، وَتَعْتَمِدُ أَصْلاً عَلى رُؤيَا نَبيٍّ هُوَ يوسُفُ وَتَدُورُ أَحْدَاثُهَا في القَرْنِ 17 قَبْلَ الميلاَدِ، كَمَا نُلاَحِظُ أَنَّ شَخْصِيَّةَ يوسُفَ تَشُعُّ بِمَعَانٍ عَديدَةٍ يَنْفَرِدُ بِهَا يوسُفُ مِنْ حَيْثُ :
جَمَـالُ هَذِهِ الشَخْصِيَّةِ : ففي الحَديثِ الشَريفِ أَنـَّهُ أُوتيَ شَطْرَ [ نِصْفَ ] الحُسْـنِ ، وَ رُبَّمَـا ورِثَ هَذا الجمَالَ عَنْ زَوْجَةِ إبراهيمَ سَـارةُ التي هِيَ أُمُّ جَدّتِـهِ : ( فَلَمّـا رَأَيْنَهُ أَكْـبَرْنَهُ وَ قطَّـعْـنَ أَيْدِيَهُـنّ وَ قُلـْنَ حَاشَـى لِلَّـهِ مَـا هَـذا بَشَـراً إنْ هَـذا إلاَّ مَـلَـكٌ كَريمٌ )[ يوسف 31 ] ، وَ لَمّا أعْطى اللهُ هَذا الجمَال إلى يوسُفَ ابتَلاهُ بالرِقِّ والعُبوديَّةِ : (وَأَسَـرُّوهُ بِضـاعَـةً 000 وَشَـرَوْهُ بِثَمَـنٍ بَخْـسٍ دَراهِـمَ مَـعْـدودَةٍ وَكَـانوا فيـهِ مِـنَ الـزاهِـدينَ )[ يوسف 19 / 20 ] ، ويبقى الجمالُ مَحبوباً بينَ الناسِ .
ثَبـَاتُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : فَقَدْ كانَ طوالَ حَيَاتهِ مِنَ المُحْسِـنينَ ، وفي الحديث الشريف الإحسانُ : [ أن تعبُد الله كأنّكَ تراه ][ رواه البخاري برقم 50] ، فَقَبْلَ السِجْنِ : ( وَلَـمَّـا بَلَغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِــنينَ )[ يوسف 22 ] ، ثُمَّ في السِجْنِ : حَيْثُ يَقُولُ لَـهُ صَاحبَيْ السِجْنِ : ( إنَّا نَرَاكَ مِـنَ الـمُـحْــسـِنينَ )[ يوسف 36 ] ، وَ عِنْدَمَا أَصْبَحَ عَزيزَ مِصْرَ حَيْثُ يَقُولُ لَـهُ إخْوتُهُ أيْضَاً : ( إنَّا نَرَاكَ مِـنَ الـمُـحْــسـِنينَ )[ يوسف 78 ] ، كَمَا كَانَ مِنَ الصَـادِقينَ : ( وَ هُـوَ مِـنَ الـصَـادِقـينَ)[ يوسف 27 ] ، وَ لَمْ يَقُلْ : صَـادِقَاً ، وَلكِنْ قَالَ : مِنَ الصَـادقينَ.
صَـبْرُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ : ( قَالَ ربّ الـسِـجْـنُ أَحَـبُّ إلـيَّ مِـمَّـا يَدْعُـونَني إلـَيْهِ )[ يوسف 33 ] ، ثُمّ رَفضَهُ الخُروجَ مِنَ السِجنِ بَعْدَ سَنواتٍ مِنَ السِجْنِ الانْفِراديّ: ( فَلَـبِثَ فِي الـسِـجْـنِ بِضْـعَ سِنينَ )[ يوسف 42 ] ، وَفي ذَلِكَ يَقُولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : [000 وَ لَوْ لَبِثْتُ في السِجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَاعي ][ رواه مسلم في الإيْمـان، والبخـاري في الأنبيـاء عن أبي هـريرة رضي الله عنه ] .
تَـوَكُّلُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى اللَّـهِ : (وَاتَّبَعْـتُ مِـلَّـةَ آبَائي إبْراهِـيمَ وَإسْـحَـاقَ وَ يَعْـقُوبَ مَـا كَـانَ لَـنَا أَنْ نُشْـرِكَ بِاللَّـهِ مـِنْ شَــيْءٍ ذَلـِكَ مِـنْ فَضْـلِ اللَّـهِ عَـلَـيْنَا وَعَـلـى الـنَاسِ ) [ يوسف 38 ] .
انْتِصـَارُ هَذِهِ الشَخْصيَّةِ عَلى غَـريزَةِ الجِنْسِ : (وَرَاودتْهُ الـتي هُـوَ في بَيْتِهَـا عَنْ نَفْسِـهِ وَغَـلّـقَـت الأَبْوابَ وَقَالَـتْ هَـيْـتَ لَـكَ قَالَ مَـعَـاذَ اللَّـهِ )[ يوسف 23 ]، وَانتصَارهَا عَلى حِقْدِ الإخْوَةِ : ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَـلَـيْكُـمُ الـيَوْمَ يَغْـفِـرُ اللَّـهُ لَـكُـمْ وَهُـوَ أَرْحَمُ الراحِـمِـين َ)[ يوسف 92 ] ، لذلك يـجبُ دراسة شَـخصيّة يوسف منَ النواحي [ النفسيّة ] ، فعندمـا اتـّهمه أخوتُهُ بالسرقة وأمَـامَ حَاشـيته : (قالوا: إنْ يَسْـرقْ فقـدْ سَـرَقَ أخٌ لـهُ مِـنْ قَـبْلُ )[ يوسف 77 ] ، ولكنّ يوسُفَ عليه السلام لـمْ يبدُ حتّى على مـلامـحـه أيّ آثـار: ( فـأسَـرّهـا يوسُـفُ فـي نفـسـه ولـمْ يُـبْـدِهـا لـهُـمْ )[ يوسف 77 ] ، وأخيراً انتصَارُ هذه الشخصيّة عَلى نَزْغِ الشَيْطانِ : (مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَ بَيْنَ إخْـوَتي)[ يوسف 100 ] .
وَ تُعْطي سُورَةُ يُوسُفَ تَوْثيقاً تَاريخياً مهمّـاً في التَاريخِ المصْرِيِّ، حَيْثُ نُلاَحِظُ أَنَّ السُورَةَ لَمْ تَذْكُرْ كَلِمَةَ فِرْعَوْنَ ، بَلْ ذَكَرَتْ كَلِمَةَ : الملِكِ : (وَقَالَ الـمَـلِـكُ إنّي أَرَى سَـبْعَ بَقَرَاتٍ )[ يوسف 43 ] ، فَفي فترةِ [ 1615 ـ 1560 ] قَبْلَ الميلاَدِ ، دَخَلَ العَمَالِقَةُ الهكْسُوسُ إلى مِصْرَ وَحَكَمُوهَـا خِلاَلَ تِلْكَ الفَتْرَةِ ، وَالحَاكِمُ الهِكْسُوسِيُّ يُدْعَى الملِكُ وَلَيْسَ فِرْعَوْنُ ، وَفي تِلْكَ الفَتْرَةِ دَخَلَ يُوسُفُ وَإخْوَتُهُ إلى مِصْرَ ، وَفي عَامِ 1560 قَبْلَ الميلاَدِ قَامَ الفِرْعَوْن [ إحْموسْ الأَوَّلُ ] بِطَرْدِ الهِكْسُوسِ مِنْ مِصْرَ، وَأعَادَ حُكْمَ الفَرَاعِنَةِ .
(وَقَالَ نِسْـوَةٌ )[ يوسف 30 ] :
مِنَ المواضيعِ اللُّغَويَّةِ المُلْفِتَةِ للنَظَرِ في سُورَةِ يَوسُفَ مَا وَرَدَ في الآيةِ : (وَ قَالَ نِسْـوَةٌ )[ يوسف 30 ] ، فَكَلِمَةُ : [ قالَ ] هِيَ لِلمُذَكَّرِ ، بَيْنَمَا القَائِلُونَ هُمْ نِسْوَةٌ ، فَلِمَاذا لَمْ يَقُلْ : ( وَقَالَتْ نِسْوَةٌ ) ، وَ السَبَبُ هُوَ : أَنَّ القُرآنَ حِينمَا يَسْتَخْدِمُ الفِعْلَ بِصيغَةِ المُذَكَّرِ بينمَا الفاعِلُ مُؤَنَّثٌ، فإنّه يَدُلُّ عَلى [ قِلَّـةِ ] عَدَدِ الفَاعِلينَ ، فَعَدَدُ النِسْوَةِ اللَّواتي تَحَدَّثْنَ كَانَ عَدَداً قَليلاً، وَلَيْسَ كُلُّ نِسَاءِ المدينَةِ وَإلاَّ لأَصْبَحَتْ فَضيحَةً لامْرَأَةِ العَـزيز.
كل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
14 رمضان 1436هـ - 01 يوليو 2015م
اليقطين غذاء نبي الله يونس
حين وقع سيدنا يونس عليه السلام في محنته داخل بطن الحوت دعا ربه فقال: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، فاستجاب الله دعاءه على الفور، حيث قال سبحانه: «فاستجبنا له ونجيناه من الغم»، وفي آيات أخرى قال: «فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين» الصافات.
حرارة الشمس
وإذا نظرنا وأمعنا النظر، ثم سألنا سؤالاً ما هو اليقطين؟ ولماذا اختاره الله ليكون غذاء لنبيه يونس؟ تأتي الإجابة من أهل العلم، حيث قالوا إن اليقطين هو القرع، وقد اختاره الله لأن شجرة القرع تتميز بالمميزات الآتية: ورقـــــه يتميز بكثرته وكبره، فكان يحميه من حرارة الشمس الحارقة في هذه الفلاة التي لا زرع فيها ولا بناء يستتر به من حرارة الشمس، فورقه أملس صارف للذباب، فلا يحبه ولا يقربه، فكان حماية ليونس عليه السلام من الذباب وأذاه، ويتميز ثمــــــره بأنه يؤكل بمجرد أن يظهر، فلا حاجة لانتظاره حتى ينضج ، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً.
كما يتميز اليقطين بأنه سهل المأخذ، فلم يتكلف يونس عليه السلام جهداً في تناوله، وسهل الهضم فلا يكلف المعدة جهداً في هضمه، ويمنع العطش، فلا يحتاج آكله لشرب الماء، ويعدل المزاج فيشعر آكله بالسعادة والانسجام، علاوة على ذلك أنه يدفع الحرارة وخاصة ماؤه، ولذلك ينصح بتناوله لمن يعاني من حمى في الجوف أو حموضة زائدة.
طفل رضيع
قال أهل العلم إن الله قد جمع له في شجرة اليقطين الغذاء والمأوى والشفاء، فالناظر في حال يونس عليه السلام حينما نبذه الحوت يجد أنه كان يعاني من أمور ثلاثة، الإعياء والعراء والهزال.
قال ابن عباس ـ حبر الأمة وترجمان القرآن ـ: كان كالطفل الرضيع، وقال ابن مسعود: كان كالفرخ منتوف الريش، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في سنن النسائي يحب اليقطين، ويقول: «شجرة أخي يونس».
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دعا خياط النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى طعام فوضع له خبزاً من شعير، ومرقا به يقطين ـ وفي لفظ دباء وهو اليقطين ـ فكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتتبع اليقطين في القصعة ويأكله، فلما رأيته منذ ذلك الحين وأنا أحب اليقطين.
فكان فضل الله على يونس عليه السلام عظيماً، فما السبب الذي جعل الله جل وعلا ينعم عليه بكل هذه النعم؟
إنه دعاء دعاه في الظلمات الثلاث؛ ظلمة الليل البهيم وظلمة البحر العميق وظلمة بطن الحوت، فقال: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، فجمع هذا الدعاء بين الثناء والتنزيه والاعتراف بالذنب، فكانت الإجابة السريعة من اللهعز وجل: «فاستجبنا له ونجيناه من الغم».
وإذا تبادر إلى الذهن سؤال هل هذه كانت ليونس خاصة، أم هي للمؤمنين عامة؟ يأتي الجواب من الله في الآية نفسها: «... وكذلك ننج ِ المؤمنين»، أي من كان على شاكلته.
ولذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح، هو دعاء ما دعا به مؤمن إلا استجيب له، وهو «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
فوائد اليقطين في الطب القديم
في الطب القديم ذكروا أن اليقطين يسهم في التخلص من البلغم، ويذهب الصداع إذا شرب أو غسل به الرأس، وهو ملين للبطن كيف استعمل، وإذا لطخ بعجين وشوى في الفرن أو التنور واستخرج ماؤه وشرب ببعض الأشربة اللطيفة سكن حرارة الحمى الملتهبة، وقطع العطش وأصبح غذاءً حسناً، وإذا طبخ القرع وشرب ماؤه بشيء من العسل أزاح آلام الحنجرة، وإذا دق وعمل منه ضماد ينفع الأورام الحادة في الدماغ، وإذا عصر جرادته وخلط ماؤه بدهن الورد وقطر منها في الأذن نفعت به الأورام الحارة، وأيضاً تنفع العين.
فوائده في الطب الحديث
في الطب الحديث تبين من تحليل القرع أنه غني بفيتامين(أ)، وأيضاً (ب)، ويؤكل القرع المطهو يومياً لطرد السوائل من الجسم بحيث يقشر لهذا الغرض مقدار نصف كيلو من الثمرة ويقطع مكعبات صغيره تسلق مع كميات من السكر وتهرس لتصبح عجينة رخوة، ثم يضاف قليل من القرفة وتطهى حساء مع الحليب ومن دون ملح، ويستمر في تناول هذا الحساء يومياً لمدة ستة أيام، وبعد توقف بضعة أيام عن تناوله تكرر العملية ثانياً حتى تصل إلى النتيجة المطلوبة.
يعالج القرع تضخم البروستات عند كبار السن وما ينتج عنه من اضطرابات التبول اللاإرادي، وذلك باستخدام بذور القرع، بحيث تنزع منه القشور وتدق لهرسها قليلًا، ثم يضاف إليها الماء الساخن من دون غليان بنسبة فنجان واحد لكل 20 غراماً من البذور، وبعد انتظار بضع دقائق يحلى بالسكر ويشرب ساخناً، ولمعالجة العجز الجنسي تؤخذ كمية متعادلة من بذر القرع والخيار والبطيخ الأصفر، فتقشر وتدق ناعماً، ثم تمزج بمقدار من السكر وتؤكل كل يوم بمعدل ثلاث ملاعق.
******************************************************************حين وقع سيدنا يونس عليه السلام في محنته داخل بطن الحوت دعا ربه فقال: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، فاستجاب الله دعاءه على الفور، حيث قال سبحانه: «فاستجبنا له ونجيناه من الغم»، وفي آيات أخرى قال: «فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين» الصافات.
حرارة الشمس
وإذا نظرنا وأمعنا النظر، ثم سألنا سؤالاً ما هو اليقطين؟ ولماذا اختاره الله ليكون غذاء لنبيه يونس؟ تأتي الإجابة من أهل العلم، حيث قالوا إن اليقطين هو القرع، وقد اختاره الله لأن شجرة القرع تتميز بالمميزات الآتية: ورقـــــه يتميز بكثرته وكبره، فكان يحميه من حرارة الشمس الحارقة في هذه الفلاة التي لا زرع فيها ولا بناء يستتر به من حرارة الشمس، فورقه أملس صارف للذباب، فلا يحبه ولا يقربه، فكان حماية ليونس عليه السلام من الذباب وأذاه، ويتميز ثمــــــره بأنه يؤكل بمجرد أن يظهر، فلا حاجة لانتظاره حتى ينضج ، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً.
كما يتميز اليقطين بأنه سهل المأخذ، فلم يتكلف يونس عليه السلام جهداً في تناوله، وسهل الهضم فلا يكلف المعدة جهداً في هضمه، ويمنع العطش، فلا يحتاج آكله لشرب الماء، ويعدل المزاج فيشعر آكله بالسعادة والانسجام، علاوة على ذلك أنه يدفع الحرارة وخاصة ماؤه، ولذلك ينصح بتناوله لمن يعاني من حمى في الجوف أو حموضة زائدة.
طفل رضيع
قال أهل العلم إن الله قد جمع له في شجرة اليقطين الغذاء والمأوى والشفاء، فالناظر في حال يونس عليه السلام حينما نبذه الحوت يجد أنه كان يعاني من أمور ثلاثة، الإعياء والعراء والهزال.
قال ابن عباس ـ حبر الأمة وترجمان القرآن ـ: كان كالطفل الرضيع، وقال ابن مسعود: كان كالفرخ منتوف الريش، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في سنن النسائي يحب اليقطين، ويقول: «شجرة أخي يونس».
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دعا خياط النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى طعام فوضع له خبزاً من شعير، ومرقا به يقطين ـ وفي لفظ دباء وهو اليقطين ـ فكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتتبع اليقطين في القصعة ويأكله، فلما رأيته منذ ذلك الحين وأنا أحب اليقطين.
فكان فضل الله على يونس عليه السلام عظيماً، فما السبب الذي جعل الله جل وعلا ينعم عليه بكل هذه النعم؟
إنه دعاء دعاه في الظلمات الثلاث؛ ظلمة الليل البهيم وظلمة البحر العميق وظلمة بطن الحوت، فقال: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، فجمع هذا الدعاء بين الثناء والتنزيه والاعتراف بالذنب، فكانت الإجابة السريعة من اللهعز وجل: «فاستجبنا له ونجيناه من الغم».
وإذا تبادر إلى الذهن سؤال هل هذه كانت ليونس خاصة، أم هي للمؤمنين عامة؟ يأتي الجواب من الله في الآية نفسها: «... وكذلك ننج ِ المؤمنين»، أي من كان على شاكلته.
ولذلك قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح، هو دعاء ما دعا به مؤمن إلا استجيب له، وهو «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين».
فوائد اليقطين في الطب القديم
في الطب القديم ذكروا أن اليقطين يسهم في التخلص من البلغم، ويذهب الصداع إذا شرب أو غسل به الرأس، وهو ملين للبطن كيف استعمل، وإذا لطخ بعجين وشوى في الفرن أو التنور واستخرج ماؤه وشرب ببعض الأشربة اللطيفة سكن حرارة الحمى الملتهبة، وقطع العطش وأصبح غذاءً حسناً، وإذا طبخ القرع وشرب ماؤه بشيء من العسل أزاح آلام الحنجرة، وإذا دق وعمل منه ضماد ينفع الأورام الحادة في الدماغ، وإذا عصر جرادته وخلط ماؤه بدهن الورد وقطر منها في الأذن نفعت به الأورام الحارة، وأيضاً تنفع العين.
فوائده في الطب الحديث
في الطب الحديث تبين من تحليل القرع أنه غني بفيتامين(أ)، وأيضاً (ب)، ويؤكل القرع المطهو يومياً لطرد السوائل من الجسم بحيث يقشر لهذا الغرض مقدار نصف كيلو من الثمرة ويقطع مكعبات صغيره تسلق مع كميات من السكر وتهرس لتصبح عجينة رخوة، ثم يضاف قليل من القرفة وتطهى حساء مع الحليب ومن دون ملح، ويستمر في تناول هذا الحساء يومياً لمدة ستة أيام، وبعد توقف بضعة أيام عن تناوله تكرر العملية ثانياً حتى تصل إلى النتيجة المطلوبة.
يعالج القرع تضخم البروستات عند كبار السن وما ينتج عنه من اضطرابات التبول اللاإرادي، وذلك باستخدام بذور القرع، بحيث تنزع منه القشور وتدق لهرسها قليلًا، ثم يضاف إليها الماء الساخن من دون غليان بنسبة فنجان واحد لكل 20 غراماً من البذور، وبعد انتظار بضع دقائق يحلى بالسكر ويشرب ساخناً، ولمعالجة العجز الجنسي تؤخذ كمية متعادلة من بذر القرع والخيار والبطيخ الأصفر، فتقشر وتدق ناعماً، ثم تمزج بمقدار من السكر وتؤكل كل يوم بمعدل ثلاث ملاعق.
ارزقني حلالاً يغنيني
اللَّهُمَّ لا تسلمني إلى عدو يؤذيني، ولا إلى صديق يرديني، وارزقني رزقاً حلالاً يغنيني. اللَّهُمَّ يا خير من سئل وأجود من أعطى وأكرم من عفا وأعظم من غفر وأعدل من حكم وأصدق من حدث وأوفى من وعد وأبصر من راقب وأسرع من حاسب وأرحم من عاقب وأحسن من خلق وأحكم من شرع وأحق من عبد وأولى من دعي وأبر من أجاب. سبحانك أنت الحكيم الرازق، المتكفل بأرزاق الخلائق. إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك، كما أن خوفي لا يفارقني وإن أطعتك.
اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوةً لي فيما تحب، اللهم ما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
لا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، وأسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيدٌ سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه.
لا إله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب العرش العظيم. لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم.
رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر عليَّ وامكر لي ولا تمكر عليَّ واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى عليَّ، رب اجعلني لك شاكراً لك ذاكراً لك راهباً لك مطواعاً، إليك مُخْبِتاً أوَّاهاً مُنِيباً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حُجَّتي واهد قلبي وسدد لساني واسلُلْ سَخِيمَةَ قلبي.
اللَّهُمَّ أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
******************************************************************اللَّهُمَّ لا تسلمني إلى عدو يؤذيني، ولا إلى صديق يرديني، وارزقني رزقاً حلالاً يغنيني. اللَّهُمَّ يا خير من سئل وأجود من أعطى وأكرم من عفا وأعظم من غفر وأعدل من حكم وأصدق من حدث وأوفى من وعد وأبصر من راقب وأسرع من حاسب وأرحم من عاقب وأحسن من خلق وأحكم من شرع وأحق من عبد وأولى من دعي وأبر من أجاب. سبحانك أنت الحكيم الرازق، المتكفل بأرزاق الخلائق. إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك، كما أن خوفي لا يفارقني وإن أطعتك.
اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوةً لي فيما تحب، اللهم ما زويت عني مما أحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
لا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، وأسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيدٌ سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه.
لا إله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب العرش العظيم. لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم.
رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر عليَّ وامكر لي ولا تمكر عليَّ واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى عليَّ، رب اجعلني لك شاكراً لك ذاكراً لك راهباً لك مطواعاً، إليك مُخْبِتاً أوَّاهاً مُنِيباً، رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حُجَّتي واهد قلبي وسدد لساني واسلُلْ سَخِيمَةَ قلبي.
اللَّهُمَّ أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
قصة الرجل الذي كان يكرهه اهل قريته..
**************************
ومات وليس له الا ولد واحد.. ولم يأتِ احد ليمشي في جنازته…
فجره ابنه الى الصحراء ليدفنه.. فرآه اعرابي يرعى الغنم..
فاقبل عليه.. وسأله اين الناس؟ لم تدفن اباك وحدك؟
فما شاء الابن ان يفضح اباه.. وظل يردد: لا حول ولا قوة الا بالله.
فهم الاعرابي.. ومد يده يساعد الابن ليدفن اباه..
ثم رفع يده الى السماء وظل يدعو في سره..
ثم ترك الابن وغادر الى غنمه..
وليلتها.. حلم الابن بأبيه.. ورآه ضاحكا مستبشرا
في الفردوس الاعلى.. فتساءل من الدهشة:
ما بلغك يا ابي هذه المنزلة؟ فقال: ببركة دعاء الاعرابي.
واصبح الابن يبحث عن الاعرابي في لهفة..
ومشط الصحراء كلها حتى وجده.. فامسك بتلابيبه يصيح:
سألتك بالله ما دعوت لوالدي على قبره؟
فقد رأيته في الفردوس الاعلى..
هنا.. اجابه الاعرابي: يا ولدي..
لقد دعوت الله دعوة العبد الذليل.. وقلت له:
اللهم.. اني كريم.. اذا جاءني ضيف اكرمته..
وهذا العبد ضيفك.. وانت اكرم الاكرمين!!
إذن ليست الذرية.. وليست الاموال..
وليست كثرة الاعمال الصالحة.. فقط
انما هي صدق العهد مع الله..
من اي باب تشاء.. وبأي عمل تتقن
********************************************************************************************
ومات وليس له الا ولد واحد.. ولم يأتِ احد ليمشي في جنازته…
فجره ابنه الى الصحراء ليدفنه.. فرآه اعرابي يرعى الغنم..
فاقبل عليه.. وسأله اين الناس؟ لم تدفن اباك وحدك؟
فما شاء الابن ان يفضح اباه.. وظل يردد: لا حول ولا قوة الا بالله.
فهم الاعرابي.. ومد يده يساعد الابن ليدفن اباه..
ثم رفع يده الى السماء وظل يدعو في سره..
ثم ترك الابن وغادر الى غنمه..
وليلتها.. حلم الابن بأبيه.. ورآه ضاحكا مستبشرا
في الفردوس الاعلى.. فتساءل من الدهشة:
ما بلغك يا ابي هذه المنزلة؟ فقال: ببركة دعاء الاعرابي.
واصبح الابن يبحث عن الاعرابي في لهفة..
ومشط الصحراء كلها حتى وجده.. فامسك بتلابيبه يصيح:
سألتك بالله ما دعوت لوالدي على قبره؟
فقد رأيته في الفردوس الاعلى..
هنا.. اجابه الاعرابي: يا ولدي..
لقد دعوت الله دعوة العبد الذليل.. وقلت له:
اللهم.. اني كريم.. اذا جاءني ضيف اكرمته..
وهذا العبد ضيفك.. وانت اكرم الاكرمين!!
إذن ليست الذرية.. وليست الاموال..
وليست كثرة الاعمال الصالحة.. فقط
انما هي صدق العهد مع الله..
من اي باب تشاء.. وبأي عمل تتقن
صلاح الدين الأيوبي
يا صلاح الدين.. أيها القائد العظيم.. لقد بعثك الله إلينا لتخَلِّص المسلمين من الذل والهوان.. لتعيد إليهم عِزَّتهم وكرامتهم المسلوبة.. ولتعلِّمهم أن النصر لا يتم إلا بالإيمان بالله ورسوله، وأَنَّ راياتِ الإسلام لن تُرفَع ماداموا متفرقين غير معتصمين بحبل الله.
في سنة 492هـ استولى الصليبيون على بيت المقدس، فقتلوا الأطفال واغتصبوا النساء ومثلوا بالشيوخ، وهدموا المساجد، وأحرقوا البيوت، وذبحوا الآلاف من شباب المسلمين الأبرياء، واقتحموا المسجد الأقصى، وقتلوا كل من احتمى به من
المسلمين، فقتلوا أكثر من سبعين ألفًا من أئمة المسلمين وعلمائهم وعُبَّادهم وزهادهم ممن فارقوا الأوطان، وجاوروا ذلك الموضع الشريف، ليحتموا به ظنًّا منهم أن الصليبيين لن يقتحموا الأماكن المقدسة.
وبعد هذه المذبحة الوحشية التي حدثت في المسجد الأقصى، أمروا الأسرى فغسلوا شوارع المدينة الملطخة بدماء المسلمين، ودموعهم تنهمر من أعينهم، وظل المسلمون ينتظرون مجاهدًا من مجاهدي الإسلام ينقذ بيت المقدس من أيدي الصليبيين، وبعد حوالي 40 سنة من الزمان، وفي سنة 532هـ ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب من أسرة كردية عريقة الأصل، في بلدة صغيرة من بلاد العراق تسمى (تكريت) وتولِّى والده ولاية (تكريت) في نفس الليلة التي وُلِد فيها صلاح الدين؛ لإخلاصه لـ(عماد الدين زنكي) أتابك الموصل.
رحلت أسرة صلاح الدين إلى الموصل، واستقرت بها، وفيها نشأ صلاح الدين ينعم بخيراتها، ولما وصل إلى سن البلوغ، أرسله والده إلى مدرسة المدينة، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وكان صلاح الدين معروفًا بين زملائه بالذكاء الشديد، وهدوء الطبع، وحبه الشديد للمطالعة ودراسة الكتب، ولم يَنْسَ أبوه أن يعلمه الفروسية، ويدربه على استعمال أدوات الحرب، وفنون القتال، فأظهر فيها مهارة حربية كبيرة، أدهشت والده وزملاءه.
كان صلاح الدين يقرأ ويستمع إلى سِيَرِ قادة الحروب من المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله، ويتمني أن يكون واحدًا منهم لينقذ المسلمين من بطش
الصليبيين، استجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه؛ عندما صحب عمه (أسد الدين شيركوه) على رأس حملة أرسلها (نور الدين محمود) وهو ابن عماد الدين زنكي إلى مصر لحمايتها من أطماع الصليبيين، وأظهر صلاح الدين من الشجاعة والثبات والبأس ما أدهش القادة، وتمَّ النصر لجيش عمه (شيركوه) الذي عينه الخليفة الفاطمي (العاضد) وزيرًا له، وأقام صلاح الدين مع عمه في القاهرة.
وشاءت الأقدار أن يموت (شيركوه) في مارس سنة 1169م، فاختار الخليفة الفاطمي صلاح الدين وزيرًا له بدلاً من عمه وهو في الحادية والثلاثين من عمره، فنشر صلاح الدين العدل بين الناس، وتقرَّب إلى الشعب المصري، يعطف على المساكين، ويساعد الفقراء، حتى أحبوه وأعجبوا بشخصيته.
ولما مات الخليفة الفاطمي تولى صلاح الدين حكم مصر، وثبت ملكه؛ فقضى على عناصر الخيانة فيها، وتخلص من القوى التي هددت سلطانه، ونجح في إزالة الخلاف المذهبي بين المسلمين عن طريق القضاء على الخلافة الفاطمية الشيعية ونشر المذهب السني، ورأى صلاح الدين أن الفرصة قد جاءته ليحقق ما كان يتمناه من إنقاذ المسلمين ورد اعتبارهم، وطرد الصليبيين من بيت المقدس، فأعد جيشًا قويًّا، كامل الأسلحة، كثير العدد، ثم قاد الجيش بنفسه، وسار إلى البلاد الخاضعة للصليبيين وأخذ يحررها واحدة بعد أخرى حتى وصل إلى بيت المقدس، فضرب حوله الحصار؛ مما اضطر الصليبيين إلى تسليم المدينة له.
ودخل جيش صلاح الدين بيت المقدس سنة (583هـ- 1188م) تقريبًا، ظافرًا منتصرًا، رافعًا رايات النصر والتوحيد، مكبرًا.. الله أكبر.. الله أكبر، لم يقتل طفلاً أو امرأة أو شيخًا كبيرًا، بل عاملهم بالرحمة والشفقة، وأطلق صلاح الدين سراح الشيوخ والضعفاء، ولم تنهب جيوشه بيتًا من البيوت أو تخرب زرعًا أو تقطع
شجرًا، وحينما جمعت غنائم الحرب وقسمت بين الجنود والقادة، تنازل صلاح الدين عن نصيبه للفقراء من المسيحيين، وجعل الأسرى الذي كانوا من حظِّه أحرارًا.
وبينما كان صلاح الدين سائرًا ذات يوم في بعض طرقات مدينة بيت المقدس قابله شيخ مسيحي كبير السن، يعلق صليبًا ذهبيًّا في رقبته وقال له: أيها القائد العظيم لقد كتب لك النصر على أعدائك، فلماذا لم تنتقم منهم، وتفعل معهم مثل ما فعلوا معك؟ فقد قتلوا نساءكم وأطفالكم وشيوخكم عندما غزوا بيت المقدس، فقال له صلاح الدين: أيها الشيخ.. يمنعني من ذلك ديني الذي يأمرني بالرحمة
بالضعفاء، ويحرم على قتل الأطفال والشيوخ والنساء، فقال له الشيخ: وهل دينكم يمنعكم من الانتقام من قوم أذاقوكم سوء العذاب؟ فأجابه صلاح الدين: نعم..إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء
بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمن أذنب.. فقال الشيخ: نِعْمَ الدين دينكم وإني أحمد الله على أن هداني في أيامي الأخيرة إلى الدين الحق، ثم سأل: وماذا يفعل من يريد الدخول في دينكم؟ فأجابه صلاح الدين: يؤمن بأن الله واحد لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ويفعل ما أمر الله به، ويبتعد عما نهى الله عنه، وأسلم الرجل وحسن إسلامه، وأسلم معه كثير من أبناء قومه.
وذات يوم كان صلاح الدين يتفقد أحوال جنده؛ فرأى امرأة من الصليبيين تبكي وتضرب على صدرها، فسألها عن قصتها، فقالت: دخل المسلمون في خيمتي وأخذوا ابنتي الصغيرة فنصحني الناس بأن أذهب إليك، وقالوا: إن السلطان صلاح الدين رجل رحيم، فدمعت عينا صلاح الدين، وأمر أحد الجنود أن يبحث عن الصغيرة وعمن اشتراها، ويدفع له ثمنها ويحضرها، فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، ففرحت الأم فرحًا شديدًا وشكرت صلاح الدين على مروءته وحسن صنيعه.
ولما علمت أوربا بانتصار القائد صلاح الدين ودخوله بيت المقدس جهزوا جيشًا كبيرًا من الفرسان البواسل والقادة الشجعان؛ لاسترداد بيت المقدس من يد
صلاح الدين، ووصلت الجيوش الصليبية إلى بلاد الشام تحت قيادة (ريتشارد قلب الأسد) الذي حاصر عكا ودخلها وغدر بأهلها بعد أن أمنهم، لكنه لم يستطع دخول بيت المقدس، وتحرك ريتشارد في نهاية أكتوبر عام 1191م من (يافا) قاصدًا بيت المقدس، ولكن صلاح الدين حصنها بنفسه، فتراجع ريتشارد وارتفعت الروح المعنوية لدى المسلمين، وتمَّ عقد صلح الرملة بين المسلمين والصليبيين، وكان من شروط الصلح وقف القتال بينهما لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ورجع ريتشارد إلى بلاده يجر أذيال الخيبة.
وبعد أن أتمَّ الله النصر للمسلمين، وخلص بيت المقدس من الصليبيين عاد صلاح الدين إلى مصر بعد أن طال غيابه عنها؛ فبنى المساجد والمدارس، وبنى قلعة فوق هضبة جبل المقطم، وبنى حول القاهرة سورًا عظيمًا من الحجر يحميها من مكائد الأعداء، ثم توجه صلاح الدين يتفقد القلاع والمواقع البحرية، وبعدها توجه إلى دمشق، مارًّا ببيت المقدس، وفي دمشق مرض صلاح الدين واشتد المرض عليه
ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة 589هـ، وبات في غيبوية طويلة لم يفق منها إلا نادرًا، فاستحضر أحد المقرئين ليقرأ عنده القرآن حتى وصل القارئ إلى قوله تعالى: لا إله إلا هو عليه توكلت.. تبسم وجه صلاح الدين، وتهلل وانتقلت روحه إلى رضوان الله، ودفن صلاح الدين في قلعة دمشق إلى أن شيدت له قبة ضريح في شمال (الكلاسة) شمالي جامع دمشق قرب المدرسة العزيزية التي بناها العزيز
عثمان بن صلاح الدين؛ فنقل إليها.
وقد كتب في سيرة صلاح الدين كثير من المؤرخين القدماء والمحدثين مثل: (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد، و(الناصر صلاح الدين) لسعيد عبد الفتاح عاشور.
******************************************************************يا صلاح الدين.. أيها القائد العظيم.. لقد بعثك الله إلينا لتخَلِّص المسلمين من الذل والهوان.. لتعيد إليهم عِزَّتهم وكرامتهم المسلوبة.. ولتعلِّمهم أن النصر لا يتم إلا بالإيمان بالله ورسوله، وأَنَّ راياتِ الإسلام لن تُرفَع ماداموا متفرقين غير معتصمين بحبل الله.
في سنة 492هـ استولى الصليبيون على بيت المقدس، فقتلوا الأطفال واغتصبوا النساء ومثلوا بالشيوخ، وهدموا المساجد، وأحرقوا البيوت، وذبحوا الآلاف من شباب المسلمين الأبرياء، واقتحموا المسجد الأقصى، وقتلوا كل من احتمى به من
المسلمين، فقتلوا أكثر من سبعين ألفًا من أئمة المسلمين وعلمائهم وعُبَّادهم وزهادهم ممن فارقوا الأوطان، وجاوروا ذلك الموضع الشريف، ليحتموا به ظنًّا منهم أن الصليبيين لن يقتحموا الأماكن المقدسة.
وبعد هذه المذبحة الوحشية التي حدثت في المسجد الأقصى، أمروا الأسرى فغسلوا شوارع المدينة الملطخة بدماء المسلمين، ودموعهم تنهمر من أعينهم، وظل المسلمون ينتظرون مجاهدًا من مجاهدي الإسلام ينقذ بيت المقدس من أيدي الصليبيين، وبعد حوالي 40 سنة من الزمان، وفي سنة 532هـ ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب من أسرة كردية عريقة الأصل، في بلدة صغيرة من بلاد العراق تسمى (تكريت) وتولِّى والده ولاية (تكريت) في نفس الليلة التي وُلِد فيها صلاح الدين؛ لإخلاصه لـ(عماد الدين زنكي) أتابك الموصل.
رحلت أسرة صلاح الدين إلى الموصل، واستقرت بها، وفيها نشأ صلاح الدين ينعم بخيراتها، ولما وصل إلى سن البلوغ، أرسله والده إلى مدرسة المدينة، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وكان صلاح الدين معروفًا بين زملائه بالذكاء الشديد، وهدوء الطبع، وحبه الشديد للمطالعة ودراسة الكتب، ولم يَنْسَ أبوه أن يعلمه الفروسية، ويدربه على استعمال أدوات الحرب، وفنون القتال، فأظهر فيها مهارة حربية كبيرة، أدهشت والده وزملاءه.
كان صلاح الدين يقرأ ويستمع إلى سِيَرِ قادة الحروب من المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله، ويتمني أن يكون واحدًا منهم لينقذ المسلمين من بطش
الصليبيين، استجاب الله سبحانه وتعالى دعاءه؛ عندما صحب عمه (أسد الدين شيركوه) على رأس حملة أرسلها (نور الدين محمود) وهو ابن عماد الدين زنكي إلى مصر لحمايتها من أطماع الصليبيين، وأظهر صلاح الدين من الشجاعة والثبات والبأس ما أدهش القادة، وتمَّ النصر لجيش عمه (شيركوه) الذي عينه الخليفة الفاطمي (العاضد) وزيرًا له، وأقام صلاح الدين مع عمه في القاهرة.
وشاءت الأقدار أن يموت (شيركوه) في مارس سنة 1169م، فاختار الخليفة الفاطمي صلاح الدين وزيرًا له بدلاً من عمه وهو في الحادية والثلاثين من عمره، فنشر صلاح الدين العدل بين الناس، وتقرَّب إلى الشعب المصري، يعطف على المساكين، ويساعد الفقراء، حتى أحبوه وأعجبوا بشخصيته.
ولما مات الخليفة الفاطمي تولى صلاح الدين حكم مصر، وثبت ملكه؛ فقضى على عناصر الخيانة فيها، وتخلص من القوى التي هددت سلطانه، ونجح في إزالة الخلاف المذهبي بين المسلمين عن طريق القضاء على الخلافة الفاطمية الشيعية ونشر المذهب السني، ورأى صلاح الدين أن الفرصة قد جاءته ليحقق ما كان يتمناه من إنقاذ المسلمين ورد اعتبارهم، وطرد الصليبيين من بيت المقدس، فأعد جيشًا قويًّا، كامل الأسلحة، كثير العدد، ثم قاد الجيش بنفسه، وسار إلى البلاد الخاضعة للصليبيين وأخذ يحررها واحدة بعد أخرى حتى وصل إلى بيت المقدس، فضرب حوله الحصار؛ مما اضطر الصليبيين إلى تسليم المدينة له.
ودخل جيش صلاح الدين بيت المقدس سنة (583هـ- 1188م) تقريبًا، ظافرًا منتصرًا، رافعًا رايات النصر والتوحيد، مكبرًا.. الله أكبر.. الله أكبر، لم يقتل طفلاً أو امرأة أو شيخًا كبيرًا، بل عاملهم بالرحمة والشفقة، وأطلق صلاح الدين سراح الشيوخ والضعفاء، ولم تنهب جيوشه بيتًا من البيوت أو تخرب زرعًا أو تقطع
شجرًا، وحينما جمعت غنائم الحرب وقسمت بين الجنود والقادة، تنازل صلاح الدين عن نصيبه للفقراء من المسيحيين، وجعل الأسرى الذي كانوا من حظِّه أحرارًا.
وبينما كان صلاح الدين سائرًا ذات يوم في بعض طرقات مدينة بيت المقدس قابله شيخ مسيحي كبير السن، يعلق صليبًا ذهبيًّا في رقبته وقال له: أيها القائد العظيم لقد كتب لك النصر على أعدائك، فلماذا لم تنتقم منهم، وتفعل معهم مثل ما فعلوا معك؟ فقد قتلوا نساءكم وأطفالكم وشيوخكم عندما غزوا بيت المقدس، فقال له صلاح الدين: أيها الشيخ.. يمنعني من ذلك ديني الذي يأمرني بالرحمة
بالضعفاء، ويحرم على قتل الأطفال والشيوخ والنساء، فقال له الشيخ: وهل دينكم يمنعكم من الانتقام من قوم أذاقوكم سوء العذاب؟ فأجابه صلاح الدين: نعم..إن ديننا يأمرنا بالعفو والإحسان، وأن نقابل السيئة بالحسنة، وأن نكون أوفياء
بعهودنا، وأن نصفح عند المقدرة عمن أذنب.. فقال الشيخ: نِعْمَ الدين دينكم وإني أحمد الله على أن هداني في أيامي الأخيرة إلى الدين الحق، ثم سأل: وماذا يفعل من يريد الدخول في دينكم؟ فأجابه صلاح الدين: يؤمن بأن الله واحد لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ويفعل ما أمر الله به، ويبتعد عما نهى الله عنه، وأسلم الرجل وحسن إسلامه، وأسلم معه كثير من أبناء قومه.
وذات يوم كان صلاح الدين يتفقد أحوال جنده؛ فرأى امرأة من الصليبيين تبكي وتضرب على صدرها، فسألها عن قصتها، فقالت: دخل المسلمون في خيمتي وأخذوا ابنتي الصغيرة فنصحني الناس بأن أذهب إليك، وقالوا: إن السلطان صلاح الدين رجل رحيم، فدمعت عينا صلاح الدين، وأمر أحد الجنود أن يبحث عن الصغيرة وعمن اشتراها، ويدفع له ثمنها ويحضرها، فما مضت ساعة حتى وصل الفارس والصغيرة على كتفه، ففرحت الأم فرحًا شديدًا وشكرت صلاح الدين على مروءته وحسن صنيعه.
ولما علمت أوربا بانتصار القائد صلاح الدين ودخوله بيت المقدس جهزوا جيشًا كبيرًا من الفرسان البواسل والقادة الشجعان؛ لاسترداد بيت المقدس من يد
صلاح الدين، ووصلت الجيوش الصليبية إلى بلاد الشام تحت قيادة (ريتشارد قلب الأسد) الذي حاصر عكا ودخلها وغدر بأهلها بعد أن أمنهم، لكنه لم يستطع دخول بيت المقدس، وتحرك ريتشارد في نهاية أكتوبر عام 1191م من (يافا) قاصدًا بيت المقدس، ولكن صلاح الدين حصنها بنفسه، فتراجع ريتشارد وارتفعت الروح المعنوية لدى المسلمين، وتمَّ عقد صلح الرملة بين المسلمين والصليبيين، وكان من شروط الصلح وقف القتال بينهما لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ورجع ريتشارد إلى بلاده يجر أذيال الخيبة.
وبعد أن أتمَّ الله النصر للمسلمين، وخلص بيت المقدس من الصليبيين عاد صلاح الدين إلى مصر بعد أن طال غيابه عنها؛ فبنى المساجد والمدارس، وبنى قلعة فوق هضبة جبل المقطم، وبنى حول القاهرة سورًا عظيمًا من الحجر يحميها من مكائد الأعداء، ثم توجه صلاح الدين يتفقد القلاع والمواقع البحرية، وبعدها توجه إلى دمشق، مارًّا ببيت المقدس، وفي دمشق مرض صلاح الدين واشتد المرض عليه
ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة 589هـ، وبات في غيبوية طويلة لم يفق منها إلا نادرًا، فاستحضر أحد المقرئين ليقرأ عنده القرآن حتى وصل القارئ إلى قوله تعالى: لا إله إلا هو عليه توكلت.. تبسم وجه صلاح الدين، وتهلل وانتقلت روحه إلى رضوان الله، ودفن صلاح الدين في قلعة دمشق إلى أن شيدت له قبة ضريح في شمال (الكلاسة) شمالي جامع دمشق قرب المدرسة العزيزية التي بناها العزيز
عثمان بن صلاح الدين؛ فنقل إليها.
وقد كتب في سيرة صلاح الدين كثير من المؤرخين القدماء والمحدثين مثل: (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية) لابن شداد، و(الناصر صلاح الدين) لسعيد عبد الفتاح عاشور.
لجزء الثالث عشر
الطـاقة تحافظ على المـادة
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 53 ] من سورة يوسـف ، و حتى الآيـة [ 52 ] من سورة إبراهـيم ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي )[ يوسف 98 ] :
لـقَدْ تَحَمَّلَ يعقوبُ عليه السلام مِنْ أَذَى أَوْلاَدِهِ أَكْثَرَ مِمّا تَحَمَّلَهُ يوسُفَ بِكَثيرٍ، فَفي آخِرِ السُورَةِ نَجِدُ بالمقَارَنَةِ أَنَّ الإخْوَةَ قالوا ليوسُفَ: ( قَالُـوا تَاللَّـهِ لَـقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَـلَـيْنَا وَ إنْ كُـنَّا لَـخَـاطِـئِـينَ )[ يوسف 91 ] ، فَكَانَ جَوَابُ يُوسُفَ: ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَـلَـيْكُـمُ الـيَوْمَ يَغْـفِرُ اللَّهُ لَـكُـمْ وَ هَوَ أَرْحَـمُ الراحِـمِـينَ )[ يوسف 92 ] ، نُلاَحِظُ أَنَّـهُ قالَ: [ اليومَ ] يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَفَوْراً، بَيْنَمَا يَعْقُوبُ: ( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي إنَّهُ هُـوَ الـغَـفُورُ الرَحِـيمُ )[ يوسف 98 ] ، فَالمُلاَحَظُ أنَّـهُ قالَ : [ سَوْفَ ] وَ هِيَ للمُسْتَقْبَلِ البعيدِ ، بينمَا قالَ يُوسُفُ: [ اليومَ ]، وَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا عَـانى يَعْقُوبُ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَـانى يُوسُفُ بِكَثيرٍ ، كَمَا قالَ يَعْقُوبُ : ( إنَّهُ هُـو الـغَـفُـورُ الـرحِـيمُ ) ، بَيْنَمَا قالَ يُوسُفُ : ( وَ هُـوَ أَرْحَـمُ الـراحِـمـينَ) ، فَالبَطَلُ الحقيقيُّ للقِصَّةِ ، وَ الذي عَانـى فِعْلاً هُوَ يَعْقُوبُ .
الطَـاقَةُ
وَضَعَ اللّهُ بِرَحْمَتِهِ طَـاقَةَ حِمَـايَةٍ حَوْلَ الجِسْـمِ البَشَـرِيِّ مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلى كُتْـلَتِهِ المَادِيَّةِ : ( لَـهُ مُـعَـقِّبَاتٌ مِـنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِـنْ خَـلْـفِهِ يَحْـفَظُـونَهُ مِـنْ أَمْـرِ اللّـهِ )[ الرعد 11 ] ، مُـعَـقِّبَاتٌ: سَـبْعُ طَبْقَـاتِ حِمَـايَةٍ، بَيْنِ يَدَيْهِ: أمَامَهُ، مِـنْ خَـلْـفِهِ: مُحِيْطَةٌ بِـهِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ، وَ إلاَّ لَمَا بَقِيَ الجِسْمُ الإنْسَانِيُّ سَـليمَاً وَ صَالِحَاً لِلحَيَاةِ، كَذَلِكَ يُمْسِكُ اللّهُ مَـادَّةَ السَمَاواتِ وَ الأَرْضِ بِطَـاقَةٍ هَـائِلَةٍ تَفُوقُ التَصَوُّرَ، وَ إلاَّ لَـزَالَتِ السَمَاواتُ وَ الأَرْضُ مِنَ الوُجُودِ تَمَـامَاً: ( إنَّ اللّـهَ يُمْـسِـكُ الـسَـمَـاواتِ وَ الأَرْضَ أنْ تَزولاَ وَ لَـئِـنْ زَالَـتَا إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ )[ فاطر 41 ] ، إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ : لاَ يُوجَـدُ مَـنْ يُمْسِـكَهُمَا أحَـدٌ بَعْـدَهُ .
(وَ يُـنْـشِـىءُ الـسَـحَـابَ الـثـِقَـالَ)[ الرعد 12 ] :
يُقَـدَّرُ وَزْنُ الغُـيُومِ حَوْلَ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ ... ... ... ... ... ... 1 كغ [ عـدد الأصفار 18 ] ، فالرِيَاحُ إذَاً تَحْمِلُ فَوْقَنَا جِبَـالا مِنَ المَاءِ : ( فَالـحَـامـلاَتِ وِقْـراً ) [ الذاريات 2 ] ، وِقْـراً : وزنـاً ثقـيلاً جِـدّاً ، ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ )[ النور 43 ] ، فَحَبَّاتُ المَطَـرِ تَكُونُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ حَبَّـةَ بَـرَدٍ فَقَـطْ ، لأَنَّ دَرَجَةَ الحَرارَةِ تَنْخَفِضُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ إلى حَوالي / - 60 ْ درجة مئـويّة / .
تَرْتَفِعُ تَيَّـاراتُ الهَواءِ الصَاعِدَة دَاخِلَ الغَيْمَةِ بِسُرْعَةِ / 100 متر / ثانيَة ، حَامِلَةً مَعَهَا قُطَيْراتُ الجَليدِ ، فَتَشَكَّلُ نَواة حَبَّـةِ البَـرَدِ ، وَ أثْنَاءَ صُعُودِ هَذِهِ الحَبَّةُ إلى الأَعْلى تَلْتَقِطُ قُطَيْراتِ الجَليدِ ، فَتَكْبَرُ عَلى شَكْلِ طَبْقَاتٍ جَليدِيَّةٍ ، وَ عِنْدَمَا يُصْبِحُ وَزْنُهَـا أَكْبَرُ مِنْ تَيَّاراتِ الهَواءِ الصَاعِدَةِ ، تَسْقُطُ عَلى شَكْلِ بَرَدٍ ، وَ أَثْنَاءَ نُزُولِهَا تَذُوبُ بِفِعْلِ الهَواءِ ، وَ تَصِلُ الأَرْضَ ذَائِبَـةً على شَكْلِ حَبَّاتِ مَطَرٍ ، وَ إذَا كَانَ حَجْمُهَا كَبيراً ، لاَ تَذُبُ كَامِلاً وَ تَصِلُ الأَرْضَ عَلى شَكْلِ حَبَّاتِ بَـرَدٍ ، لِذَلِكَ دَائِمَاً نَجِدُ مَعَ حَبَّاتِ البَرَدِ ، حَبَّاتُ مَطَرٍ ذَائِبَـة ، وَ يَصِلُ ارْتِفاعُ الغَيْمَةِ حتّى / 14 كم / ، وَ فيهَا قِوى وَ طَاقَة لاَ تَهْـدَأُ ، بَيْنَ تَيَّـاراتِ هَواءٍ صَاعِدَة ، وَ حَبَّاتُ بَـرَدٍ نازِلَة .
العَـارِضُ : هُوَ العَـاصِفَةُ الرَعْدِيَّةُ الشَـديدَةُ ، مِثْلَ العَاصِفَة التي أَهْلَكَتْ قَوْمَ عَـاد : ( فَلَـمَّـا رَأَوْهُ عَـارِضَـاً مُـسْـتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِـمْ قَالُـوا هَـذَا عَـارِضٌ مُـمْـطِـرُنَا )[ الأحقاف 24 ] ، ( أَوْ كَـصَـيِّبٍ مِـنَ الـسَـمَـاءِ فِيهِ ظُـلُـمَـاتٌ وَ رَعْـدٌ وَ بَرْقٌ )[ البقرة 19 ] ، ( يَـكَـادُ الـبَرْقُ يَخْـطَـفُ أَبْصَــارَهُـمْ )[ البقرة 20 ] ، ( يُريْـكُـمُ الـبَرْقَ خَـوْفَــاً وَ طَـمَـعَـاً )[ الرعد 12 ][ الروم 24 ] ، وَ البَـرَدُ في العَاصِفَةِ الرَعْدِيَّة هُوَ المُسَبِّبُ للبَرْقِ : ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ فَيُصِـيْبُ بِهِ مَـنْ يَشَـاءُ وَ يَصْـرِفُهُ عَـنْ مَـنْ يَشَـاءُ يَكَـادُ سَـنَا بَرْقِه ِ يَذْهَـبُ بالأَبْصَـارِ )[ النور 43 ] ، وَ الغُيُومُ العَاصِفَةُ هيَ أَكْثَرُ السُحُبِ احْتِواءً على الشحْناتِ الكَهْربائِيَّةِ السَالِبَة في أسْفَلها وَ لِذَلِكَ يَتَشَكَّلُ البَرْقُ الشَريطيُّ .
( وَ يُـرْسِـلُ الـصَـواعِـقَ )[ الرعد 13 ] :
يُـرْسِـلُ الصـواعـق : إلى المكان المطْلوب ، فَيُصِـيْبُ : دونَ ردّ ، فيوجد [ مانعات برْق و ليس مانعات صواعق ] ، مَـنْ يَشَـاءُ وَ لَوْ كَانَ بَعيدَاً عَنْ مَجَال البَرْقِ .
( فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا )[ الرعد 17 ] :
( أنْزَلَ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مَـاءً فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا فَاحْـتَمَـلَ الـسَـيْلُ زَبَداً رابِيَاً وَ مِـمَّـا يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ أوْ مَـتَـاعٍ زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللّـهُ الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ فَـأمَّـا الـزَبَـدُ فَـيَـذْهَـبُ جُـفَـاءً وَأمَّـا مَـا يَنْـفَـعُ الـنَاسَ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللَّـهُ الأمْـثَـالَ )[ الرعد 17 ] ، سَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا : قَـدَرُ الوادي أنْ يَسـيلَ ، وَ في هَذا تَنْبـيهٌ لِسُكَّانِ الأوْدِيَةِ مِنْ خَطَرِ السُيولِ ، زَبَداً رابِيَاً : مرتفِعاً على السطحِ وَ مِنهُ كَلِمَةُ الرَبْـوَةِ ، يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ : مِثْلَ صَهْرِ الذَهَبِ وَ الفِضّةِ ، أوْ مَـتَـاعٍ : مِثْلَ صَهْرِ الحَديدِ أوِ الرَصَاصِ مَثَلاً ، زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ : أيْ يَظْهَرُ الزَبَدُ أيْضَاً على السطْحِ عِنْدَ صَهْرِ المَعَادِنِ ، الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ : فَصْلُ الصَالِحِ عَنِ الطَالِحِ ، الـزَبَـدُ : رَمْزُ الطَالِحِ ، يَنْـفَـعُ الـنَاسَ : رَمْزُ الصَالِحِ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ .
جَــنَّــاتُ عَــدْنٍ
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَ هي الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ ، وَ فيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ : ( يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَ يُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَ مَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ )[ الصف 11 / 12 ] ، ( وَ إنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يدْعـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَ شَـرابٍ وَ عِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ )[ ص 49 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَ عَـمِـلـوا الـصَـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَ رَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ] .
وَ الملائِكَـةُ الأبْرارُ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ وَ حَوْلَهُ ، يَدْعونَ اللهَ تعالى أنْ يُدْخِلَ التائِبينَ في جَنَّاتِ عَـدْنٍ : ( الـذينَ يَحْـمِـلُـونَ الـعَـرْشَ وَ مَـنْ حَـوْلَـهُ يُسَـبِّحُـونَ بِحَـمْـدِ رَبِّهِـمْ وَ يُـؤْمِـنونَ بِهِ وَ يَسْـتَغْـفِرونَ لِلَّـذينَ آمَـنوا رَبَّنَا وَسِـعْـتَ كُـلَّ شَـيْءٍ رَحْـمَـةً وَ عِـلْمَـاً فَاغْـفـِرْ لِلَّـذينَ تَابوا وَ اتَّبَعُـوا سَـبيلَـكَ وَ قِـهِـمْ عَـذابَ الـجَـحـيمِ، رَبَّنَا وَ أَدْخِـلْـهُمْ جَـنّـَاتِ عَـدْنٍ الـتي وَعَـدْتَهُمْ وَ مَـنْ صَـلَـحَ مِـنْ آبائِهِـمْ وَ أَزْواجِـهِـمْ وَ ذُريَّاتِهِـمْ )[ غافر 7 ] ، إذاً في جَنّاتِ عَدْنٍ يَلْتَمُّ شَمْل العائِلَة الواحدّة سَواءً كانوا ظالِمي أنْفُسِهِمْ أمْ مُقْتَصِدونَ أمْ سَابقونَ بالخَيْراتِ : ( الـذينَ اصْـطـفَيْنَا مِـنْ عِـبَادِنَا فَـمِـنْهَـمْ ظَـالِـمٌ لـِنَفْـسِـهِ وَ مِـنْهُـمْ مُـقْـتَصِـدٌ وَمِـنْهُـمْ سَـابِقٌ بالـخَـيْراتِ بِإذْنِ اللَّهِ ذَلِـكَ الـفَـضْـلُ الـكَـبيرُ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ يَـدْخُـلُـونَهـَا يُحَـلَّوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ لُـؤْلُـؤاً وَ لِـبَاسُـهُـمْ فيـهَـا حَـريرٌ )[ فاطر 32 / 33 ] ، مُـقْـتَصِـدٌ : خَلَطَ عَمَلاً صَالِحـاً وَ آخَرَ سَيِّـئاً ، فالزينَةُ مِنَ الذَهَبِ وَ اللؤلؤ وَ اللباسُ حريرٌ : ( وَ مَـنْ يَأْتِهِ مُـؤْمِـنَاً قَـدْ عَـمِـلَ الـصَـالِـحـاتِ فَأُولَـئِـكَ لَـهُـمُ الـدَرَجَـاتُ الـعُـلـى جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فيهَـا )[ طـه 75 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلوا الـصَـالِـحَـاتِ إنَّا لاَ نُـضِـيعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْـسَـنَ عَـمَـلاً أُولَـئِـكَ لَـهُـمْ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ يُحَـلَّـوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ يَلْـبَسُـونَ ثِياباً خُـضْـراً مِـنْ سُـنْدُسٍ وَاسْـتَبْرَقٍ )[ الكهف 30/ 31 ] ، سُـنْدُسٍ : قماش رقـيق ، اسْـتَبْرَقٍ : قماش سـميك .
لغة القرآن الكريم العربية وفيه 275 مصطلحا أجنبيا
( أنْـزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] :
إنَّ لُغَةَ القُرْآنِ الكَريمِ هيَ اللغَةُ العـربيّةُ : ( بِلِـسَـانٍ عَـرَبِيٍّ مُـبيـنٍ)[ الشعراء 195 ]، ( وَهَـذا كِـتَابٌ مُـصَـدِّقٌ لِـسَـاناً عَـرَبيّاً)[ الأحقاف 12 ] ، ( قُـرْآناً عَـرَبيّـاً غَـيْرَ ذي عِـوَجٍ ) [ الزمر 28 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أوْحَـيْنـا إلَـيْـكَ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الشورى 7 ] ، ( إنّا جَـعَـلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الزخرف 1 ] ، ( إنّا أنْزَ لْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّاً )[ يوسف 3 ] ، ( كِــتَابٌ فُصِّـلَـتْ آياتُهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ فصلت 3 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أنْزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أَنْزَلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ طـه 113 ] ، ( وَ إنَّهُ لَـذِكْـرٌ لَـكَ وَ لِـقَوْمِـكَ )[ الزخرف 44 ] ، أيْ أَنَّ الصيغَةَ البلاغيَّةَ تَفْهَمُها أنْتَ وَ قوْمَكَ .
وَ مَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَخْدَمَ أكْثَرَ مِنْ / 275 / مُصْطَلَحَاً مِنَ اللغَاتِ وَ الثَقافاتِ الأخْرى ، كَدليلٍ على الانْفِتاحِ على [ ثَقَـافَةِ الآخَـرِ ] ، وَ مِنْ هذِهِ المُصْطَلَحَـاتِ التي ذَهَبَتْ للثَقَافاتِ الأُخْرى ، قَبْلَ أنْ يُعِيدَهَا القُرْآنُ للعَـربيَّةِ ، مثال :
الطُـورْ : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى جَبل صَغير : ( وَالـطُـورِ وَ كِــتَابٍ مَـسْـطُـورٍ )[ الطور 1 /2 ] ، الرقيـم : كَلِمَةٌ روميّـةٌ بِمَعنى لَـوْح : ( أصْحَابَ الـكَـهْـفِ وَ الـرَّقـيـمِ )[ الكهف 9 ] وَ مِنْهُ كَلِمَةُ الرُقُمِ الأثَريّة ، سُـورة : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى فَصْـل : ( سُــورَةٌ أنْزَلْـنَاهَـا وَ فَـرَضْـنَاهـَا )[ النـور 1 ] ، جَهَـنّم : كَلِمَةٌ فارسـيّة بِمَعنى القَعْر البعيد : ( إنَّ جَـهَـنَّـمَ كَــانَتْ مِـرْصَــاداً )[ النبـأ 21 ] ، وَ غَـيْرِهَا مِنْ مُصْطَـلَحَاتِ وَ ثَقَافات الشُـعُوبِ الأخْرى .
(الطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات)[ النور 26 ] :
قال تعالى : ( الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات و الطـيّبات للطـيّبين و الطـيّبون للطـيّبات أولئـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : ( ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح و امـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... و ضرب الله مثـلاُ للّذين آمنوا امرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لي عـندك بيتاً في الجنّة و نجّـني من فرعـون و عملـه ) [ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولئـك مـبرّؤون مـمّا يقولون ) ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى : ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... و مثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .
و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم) [ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( و قـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى : ( و قولوا للناس حسـناً )[ البقرة 83 ] .
كـل هـذا و اللـه أعْـلـم .
الطـاقة تحافظ على المـادة
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 53 ] من سورة يوسـف ، و حتى الآيـة [ 52 ] من سورة إبراهـيم ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي )[ يوسف 98 ] :
لـقَدْ تَحَمَّلَ يعقوبُ عليه السلام مِنْ أَذَى أَوْلاَدِهِ أَكْثَرَ مِمّا تَحَمَّلَهُ يوسُفَ بِكَثيرٍ، فَفي آخِرِ السُورَةِ نَجِدُ بالمقَارَنَةِ أَنَّ الإخْوَةَ قالوا ليوسُفَ: ( قَالُـوا تَاللَّـهِ لَـقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَـلَـيْنَا وَ إنْ كُـنَّا لَـخَـاطِـئِـينَ )[ يوسف 91 ] ، فَكَانَ جَوَابُ يُوسُفَ: ( قَالَ لاَ تَثْريبَ عَـلَـيْكُـمُ الـيَوْمَ يَغْـفِرُ اللَّهُ لَـكُـمْ وَ هَوَ أَرْحَـمُ الراحِـمِـينَ )[ يوسف 92 ] ، نُلاَحِظُ أَنَّـهُ قالَ: [ اليومَ ] يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ وَفَوْراً، بَيْنَمَا يَعْقُوبُ: ( قَالَ سَـوْفَ أسْـتَغْـفِرُ لَـكُـمْ رَبّي إنَّهُ هُـوَ الـغَـفُورُ الرَحِـيمُ )[ يوسف 98 ] ، فَالمُلاَحَظُ أنَّـهُ قالَ : [ سَوْفَ ] وَ هِيَ للمُسْتَقْبَلِ البعيدِ ، بينمَا قالَ يُوسُفُ: [ اليومَ ]، وَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا عَـانى يَعْقُوبُ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا عَـانى يُوسُفُ بِكَثيرٍ ، كَمَا قالَ يَعْقُوبُ : ( إنَّهُ هُـو الـغَـفُـورُ الـرحِـيمُ ) ، بَيْنَمَا قالَ يُوسُفُ : ( وَ هُـوَ أَرْحَـمُ الـراحِـمـينَ) ، فَالبَطَلُ الحقيقيُّ للقِصَّةِ ، وَ الذي عَانـى فِعْلاً هُوَ يَعْقُوبُ .
الطَـاقَةُ
وَضَعَ اللّهُ بِرَحْمَتِهِ طَـاقَةَ حِمَـايَةٍ حَوْلَ الجِسْـمِ البَشَـرِيِّ مِنْ أَجْلِ المُحَافَظَةِ عَلى كُتْـلَتِهِ المَادِيَّةِ : ( لَـهُ مُـعَـقِّبَاتٌ مِـنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِـنْ خَـلْـفِهِ يَحْـفَظُـونَهُ مِـنْ أَمْـرِ اللّـهِ )[ الرعد 11 ] ، مُـعَـقِّبَاتٌ: سَـبْعُ طَبْقَـاتِ حِمَـايَةٍ، بَيْنِ يَدَيْهِ: أمَامَهُ، مِـنْ خَـلْـفِهِ: مُحِيْطَةٌ بِـهِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ، وَ إلاَّ لَمَا بَقِيَ الجِسْمُ الإنْسَانِيُّ سَـليمَاً وَ صَالِحَاً لِلحَيَاةِ، كَذَلِكَ يُمْسِكُ اللّهُ مَـادَّةَ السَمَاواتِ وَ الأَرْضِ بِطَـاقَةٍ هَـائِلَةٍ تَفُوقُ التَصَوُّرَ، وَ إلاَّ لَـزَالَتِ السَمَاواتُ وَ الأَرْضُ مِنَ الوُجُودِ تَمَـامَاً: ( إنَّ اللّـهَ يُمْـسِـكُ الـسَـمَـاواتِ وَ الأَرْضَ أنْ تَزولاَ وَ لَـئِـنْ زَالَـتَا إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ )[ فاطر 41 ] ، إنْ أَمْـسَـكَـهُـمَـا مِـنْ أَحَـدٍ بَعْـدَهُ : لاَ يُوجَـدُ مَـنْ يُمْسِـكَهُمَا أحَـدٌ بَعْـدَهُ .
(وَ يُـنْـشِـىءُ الـسَـحَـابَ الـثـِقَـالَ)[ الرعد 12 ] :
يُقَـدَّرُ وَزْنُ الغُـيُومِ حَوْلَ الكُرَةِ الأَرْضِيَّةِ ... ... ... ... ... ... 1 كغ [ عـدد الأصفار 18 ] ، فالرِيَاحُ إذَاً تَحْمِلُ فَوْقَنَا جِبَـالا مِنَ المَاءِ : ( فَالـحَـامـلاَتِ وِقْـراً ) [ الذاريات 2 ] ، وِقْـراً : وزنـاً ثقـيلاً جِـدّاً ، ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ )[ النور 43 ] ، فَحَبَّاتُ المَطَـرِ تَكُونُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ حَبَّـةَ بَـرَدٍ فَقَـطْ ، لأَنَّ دَرَجَةَ الحَرارَةِ تَنْخَفِضُ دَاخِلَ الغَيْمَةِ إلى حَوالي / - 60 ْ درجة مئـويّة / .
تَرْتَفِعُ تَيَّـاراتُ الهَواءِ الصَاعِدَة دَاخِلَ الغَيْمَةِ بِسُرْعَةِ / 100 متر / ثانيَة ، حَامِلَةً مَعَهَا قُطَيْراتُ الجَليدِ ، فَتَشَكَّلُ نَواة حَبَّـةِ البَـرَدِ ، وَ أثْنَاءَ صُعُودِ هَذِهِ الحَبَّةُ إلى الأَعْلى تَلْتَقِطُ قُطَيْراتِ الجَليدِ ، فَتَكْبَرُ عَلى شَكْلِ طَبْقَاتٍ جَليدِيَّةٍ ، وَ عِنْدَمَا يُصْبِحُ وَزْنُهَـا أَكْبَرُ مِنْ تَيَّاراتِ الهَواءِ الصَاعِدَةِ ، تَسْقُطُ عَلى شَكْلِ بَرَدٍ ، وَ أَثْنَاءَ نُزُولِهَا تَذُوبُ بِفِعْلِ الهَواءِ ، وَ تَصِلُ الأَرْضَ ذَائِبَـةً على شَكْلِ حَبَّاتِ مَطَرٍ ، وَ إذَا كَانَ حَجْمُهَا كَبيراً ، لاَ تَذُبُ كَامِلاً وَ تَصِلُ الأَرْضَ عَلى شَكْلِ حَبَّاتِ بَـرَدٍ ، لِذَلِكَ دَائِمَاً نَجِدُ مَعَ حَبَّاتِ البَرَدِ ، حَبَّاتُ مَطَرٍ ذَائِبَـة ، وَ يَصِلُ ارْتِفاعُ الغَيْمَةِ حتّى / 14 كم / ، وَ فيهَا قِوى وَ طَاقَة لاَ تَهْـدَأُ ، بَيْنَ تَيَّـاراتِ هَواءٍ صَاعِدَة ، وَ حَبَّاتُ بَـرَدٍ نازِلَة .
العَـارِضُ : هُوَ العَـاصِفَةُ الرَعْدِيَّةُ الشَـديدَةُ ، مِثْلَ العَاصِفَة التي أَهْلَكَتْ قَوْمَ عَـاد : ( فَلَـمَّـا رَأَوْهُ عَـارِضَـاً مُـسْـتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِـمْ قَالُـوا هَـذَا عَـارِضٌ مُـمْـطِـرُنَا )[ الأحقاف 24 ] ، ( أَوْ كَـصَـيِّبٍ مِـنَ الـسَـمَـاءِ فِيهِ ظُـلُـمَـاتٌ وَ رَعْـدٌ وَ بَرْقٌ )[ البقرة 19 ] ، ( يَـكَـادُ الـبَرْقُ يَخْـطَـفُ أَبْصَــارَهُـمْ )[ البقرة 20 ] ، ( يُريْـكُـمُ الـبَرْقَ خَـوْفَــاً وَ طَـمَـعَـاً )[ الرعد 12 ][ الروم 24 ] ، وَ البَـرَدُ في العَاصِفَةِ الرَعْدِيَّة هُوَ المُسَبِّبُ للبَرْقِ : ( وَ يُنَزِّلُ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مِـنْ جِـبَالٍ فِيهَـا مِـنْ بَرَدٍ فَيُصِـيْبُ بِهِ مَـنْ يَشَـاءُ وَ يَصْـرِفُهُ عَـنْ مَـنْ يَشَـاءُ يَكَـادُ سَـنَا بَرْقِه ِ يَذْهَـبُ بالأَبْصَـارِ )[ النور 43 ] ، وَ الغُيُومُ العَاصِفَةُ هيَ أَكْثَرُ السُحُبِ احْتِواءً على الشحْناتِ الكَهْربائِيَّةِ السَالِبَة في أسْفَلها وَ لِذَلِكَ يَتَشَكَّلُ البَرْقُ الشَريطيُّ .
( وَ يُـرْسِـلُ الـصَـواعِـقَ )[ الرعد 13 ] :
يُـرْسِـلُ الصـواعـق : إلى المكان المطْلوب ، فَيُصِـيْبُ : دونَ ردّ ، فيوجد [ مانعات برْق و ليس مانعات صواعق ] ، مَـنْ يَشَـاءُ وَ لَوْ كَانَ بَعيدَاً عَنْ مَجَال البَرْقِ .
( فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا )[ الرعد 17 ] :
( أنْزَلَ مِـنَ الـسَـمَـاءِ مَـاءً فَـسَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا فَاحْـتَمَـلَ الـسَـيْلُ زَبَداً رابِيَاً وَ مِـمَّـا يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ أوْ مَـتَـاعٍ زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللّـهُ الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ فَـأمَّـا الـزَبَـدُ فَـيَـذْهَـبُ جُـفَـاءً وَأمَّـا مَـا يَنْـفَـعُ الـنَاسَ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ كَـذَلِـكَ يَضْـرِبُ اللَّـهُ الأمْـثَـالَ )[ الرعد 17 ] ، سَـالـَتْ أوْدِيَـةٌ بِقَـدَرِهَـا : قَـدَرُ الوادي أنْ يَسـيلَ ، وَ في هَذا تَنْبـيهٌ لِسُكَّانِ الأوْدِيَةِ مِنْ خَطَرِ السُيولِ ، زَبَداً رابِيَاً : مرتفِعاً على السطحِ وَ مِنهُ كَلِمَةُ الرَبْـوَةِ ، يُوقِدونَ عَـلَـيْهِ فـي الـنَارِ ابْـتِـغَـاءَ حِـلْـيَةٍ : مِثْلَ صَهْرِ الذَهَبِ وَ الفِضّةِ ، أوْ مَـتَـاعٍ : مِثْلَ صَهْرِ الحَديدِ أوِ الرَصَاصِ مَثَلاً ، زَبَدٌ مِـثْـلُــهُ : أيْ يَظْهَرُ الزَبَدُ أيْضَاً على السطْحِ عِنْدَ صَهْرِ المَعَادِنِ ، الـحَـقَّ وَ الـبَاطِـلَ : فَصْلُ الصَالِحِ عَنِ الطَالِحِ ، الـزَبَـدُ : رَمْزُ الطَالِحِ ، يَنْـفَـعُ الـنَاسَ : رَمْزُ الصَالِحِ فَـيَمْـكُـثُ فِـي الأرْضِ .
جَــنَّــاتُ عَــدْنٍ
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَ هي الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ ، وَ فيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ : ( يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَ يُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَ مَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ )[ الصف 11 / 12 ] ، ( وَ إنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يدْعـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَ شَـرابٍ وَ عِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ )[ ص 49 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَ عَـمِـلـوا الـصَـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَ رَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ] .
وَ الملائِكَـةُ الأبْرارُ مِنْ حَمَلَةِ العَرْشِ وَ حَوْلَهُ ، يَدْعونَ اللهَ تعالى أنْ يُدْخِلَ التائِبينَ في جَنَّاتِ عَـدْنٍ : ( الـذينَ يَحْـمِـلُـونَ الـعَـرْشَ وَ مَـنْ حَـوْلَـهُ يُسَـبِّحُـونَ بِحَـمْـدِ رَبِّهِـمْ وَ يُـؤْمِـنونَ بِهِ وَ يَسْـتَغْـفِرونَ لِلَّـذينَ آمَـنوا رَبَّنَا وَسِـعْـتَ كُـلَّ شَـيْءٍ رَحْـمَـةً وَ عِـلْمَـاً فَاغْـفـِرْ لِلَّـذينَ تَابوا وَ اتَّبَعُـوا سَـبيلَـكَ وَ قِـهِـمْ عَـذابَ الـجَـحـيمِ، رَبَّنَا وَ أَدْخِـلْـهُمْ جَـنّـَاتِ عَـدْنٍ الـتي وَعَـدْتَهُمْ وَ مَـنْ صَـلَـحَ مِـنْ آبائِهِـمْ وَ أَزْواجِـهِـمْ وَ ذُريَّاتِهِـمْ )[ غافر 7 ] ، إذاً في جَنّاتِ عَدْنٍ يَلْتَمُّ شَمْل العائِلَة الواحدّة سَواءً كانوا ظالِمي أنْفُسِهِمْ أمْ مُقْتَصِدونَ أمْ سَابقونَ بالخَيْراتِ : ( الـذينَ اصْـطـفَيْنَا مِـنْ عِـبَادِنَا فَـمِـنْهَـمْ ظَـالِـمٌ لـِنَفْـسِـهِ وَ مِـنْهُـمْ مُـقْـتَصِـدٌ وَمِـنْهُـمْ سَـابِقٌ بالـخَـيْراتِ بِإذْنِ اللَّهِ ذَلِـكَ الـفَـضْـلُ الـكَـبيرُ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ يَـدْخُـلُـونَهـَا يُحَـلَّوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ لُـؤْلُـؤاً وَ لِـبَاسُـهُـمْ فيـهَـا حَـريرٌ )[ فاطر 32 / 33 ] ، مُـقْـتَصِـدٌ : خَلَطَ عَمَلاً صَالِحـاً وَ آخَرَ سَيِّـئاً ، فالزينَةُ مِنَ الذَهَبِ وَ اللؤلؤ وَ اللباسُ حريرٌ : ( وَ مَـنْ يَأْتِهِ مُـؤْمِـنَاً قَـدْ عَـمِـلَ الـصَـالِـحـاتِ فَأُولَـئِـكَ لَـهُـمُ الـدَرَجَـاتُ الـعُـلـى جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فيهَـا )[ طـه 75 ] ، ( إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلوا الـصَـالِـحَـاتِ إنَّا لاَ نُـضِـيعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْـسَـنَ عَـمَـلاً أُولَـئِـكَ لَـهُـمْ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ يُحَـلَّـوْنَ فِـيهَـا مِـنْ أَسَـاوِرَ مِـنْ ذَهَـبٍ وَ يَلْـبَسُـونَ ثِياباً خُـضْـراً مِـنْ سُـنْدُسٍ وَاسْـتَبْرَقٍ )[ الكهف 30/ 31 ] ، سُـنْدُسٍ : قماش رقـيق ، اسْـتَبْرَقٍ : قماش سـميك .
لغة القرآن الكريم العربية وفيه 275 مصطلحا أجنبيا
( أنْـزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] :
إنَّ لُغَةَ القُرْآنِ الكَريمِ هيَ اللغَةُ العـربيّةُ : ( بِلِـسَـانٍ عَـرَبِيٍّ مُـبيـنٍ)[ الشعراء 195 ]، ( وَهَـذا كِـتَابٌ مُـصَـدِّقٌ لِـسَـاناً عَـرَبيّاً)[ الأحقاف 12 ] ، ( قُـرْآناً عَـرَبيّـاً غَـيْرَ ذي عِـوَجٍ ) [ الزمر 28 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أوْحَـيْنـا إلَـيْـكَ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الشورى 7 ] ، ( إنّا جَـعَـلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ الزخرف 1 ] ، ( إنّا أنْزَ لْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّاً )[ يوسف 3 ] ، ( كِــتَابٌ فُصِّـلَـتْ آياتُهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ فصلت 3 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أنْزَلْـناهُ حُـكْـمَـاً عَـرَبيّـاً )[ الرعد 37 ] ، ( وَ كَـذَلِـكَ أَنْزَلْـناهُ قُـرْآناً عَـرَبيّـاً )[ طـه 113 ] ، ( وَ إنَّهُ لَـذِكْـرٌ لَـكَ وَ لِـقَوْمِـكَ )[ الزخرف 44 ] ، أيْ أَنَّ الصيغَةَ البلاغيَّةَ تَفْهَمُها أنْتَ وَ قوْمَكَ .
وَ مَعَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَخْدَمَ أكْثَرَ مِنْ / 275 / مُصْطَلَحَاً مِنَ اللغَاتِ وَ الثَقافاتِ الأخْرى ، كَدليلٍ على الانْفِتاحِ على [ ثَقَـافَةِ الآخَـرِ ] ، وَ مِنْ هذِهِ المُصْطَلَحَـاتِ التي ذَهَبَتْ للثَقَافاتِ الأُخْرى ، قَبْلَ أنْ يُعِيدَهَا القُرْآنُ للعَـربيَّةِ ، مثال :
الطُـورْ : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى جَبل صَغير : ( وَالـطُـورِ وَ كِــتَابٍ مَـسْـطُـورٍ )[ الطور 1 /2 ] ، الرقيـم : كَلِمَةٌ روميّـةٌ بِمَعنى لَـوْح : ( أصْحَابَ الـكَـهْـفِ وَ الـرَّقـيـمِ )[ الكهف 9 ] وَ مِنْهُ كَلِمَةُ الرُقُمِ الأثَريّة ، سُـورة : كَلِمَةٌ سِـرْيانيّةٌ بِمَعنى فَصْـل : ( سُــورَةٌ أنْزَلْـنَاهَـا وَ فَـرَضْـنَاهـَا )[ النـور 1 ] ، جَهَـنّم : كَلِمَةٌ فارسـيّة بِمَعنى القَعْر البعيد : ( إنَّ جَـهَـنَّـمَ كَــانَتْ مِـرْصَــاداً )[ النبـأ 21 ] ، وَ غَـيْرِهَا مِنْ مُصْطَـلَحَاتِ وَ ثَقَافات الشُـعُوبِ الأخْرى .
(الطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات)[ النور 26 ] :
قال تعالى : ( الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات و الطـيّبات للطـيّبين و الطـيّبون للطـيّبات أولئـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : ( ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح و امـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... و ضرب الله مثـلاُ للّذين آمنوا امرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لي عـندك بيتاً في الجنّة و نجّـني من فرعـون و عملـه ) [ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولئـك مـبرّؤون مـمّا يقولون ) ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى : ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... و مثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .
و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم) [ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( و قـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى : ( و قولوا للناس حسـناً )[ البقرة 83 ] .
كـل هـذا و اللـه أعْـلـم .
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
15رمضان 1436هـ - 02 يوليو 2015م
الأثل شجرة أهل سبأ
بقلم.محمد سبيعان الطنيجي
كانت سبأ دار ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزرعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وبلغ حافات الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار حتى أصبحت جنة.
اعتدال الهواء
ومن شدة خصوبة أراضي سبأ ذكر العلماء أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) ، ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه.
وقال تبارك وتعالى: { لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ { جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، { كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: { فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: { وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.
سيل العرم
قال تعالى: { فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: { وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}.
وقال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر، { وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر، وقوله: { وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال { وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تلك الجنتين إليه، بعد الثمار الناضجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: { ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور.
شجرة الأثل
هي شجرة متوسطة الارتفاع دائمة الخضرة أوراقها صغيرة حرشفية الشكل، أزهارها بيضاء إلى قرمزية ويوجد من الأثل عدة أنواع متوسطة الحجم، وسريعة النمو، جميلة المنظر يكثر نموها على جوانب الطرق الزراعية والأراضي السبخية والأراضي الملحية، وتكثر في مصر وبالأخص حول بركة قاردن بالفيوم، وفي عدة مناطق كثيرة بصحراء سيناء، كما تكثر هذه النبتة في المملكة العربية السعودية فهي تنبت في أي مكان، يسيل من سيقانها سائل سكري حلو المذاق، يستخدمه الأعراب في الصحراء كغذاء خلال فصل الصيف.
لقد عثر علماء الآثار على بعض قطع من أشجار الأثل في وادي قنا يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم وكذلك على خشبها منذ العصر الحجري الحديث في البداري وعصر ما قبل الآسرات. أما الأغصان والأوراق فقد وجدت في مقابر مدينة منف وطيبة، وهذا يدل على ان أشجار الاثل قديمة جداً في مصر كما يؤكد كل من «هيرودت وبليني» أن الأثل موطنه الأصلي مصر وعثر العالم الآخر «انجر» على قطع كثيرة منه في مدينة الكاب، بينما تعرف العالم «شفاينفورت» على فروع كاملة في تابوت الأمير الفرعوني «كنت»، وعثر أيضا العالم «بيتري» على أجزاء هذا النبات في مقابر هوارة.
علاج الحمى
ويستخدم النبات كمليّن ومقو للناحية الجنسية وضد حالات الحمى والحروق وعلى شكل دهانات عقب عمليات الختان «الطهارة» وهذا يؤكد أن الفراعنة عرفوا الخاصية القابضة لهذا النبات.
وقد قال أيمن البيطار: «الأثل ينفع من ضعف الكبد شرباً والحكة والجرب طلاء ورماده ينفع من بروز المقعدة والبواسير وإذا طبخت أصل الشجرة بخل وشرب منه مقدار أربع أوقيات ونصف قوي الكبد ونفعه ولين أورامه، كما أنه يشفي أوجاع الأسنان».
************************************************************بقلم.محمد سبيعان الطنيجي
كانت سبأ دار ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزرعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وبلغ حافات الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار حتى أصبحت جنة.
اعتدال الهواء
ومن شدة خصوبة أراضي سبأ ذكر العلماء أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) ، ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه.
وقال تبارك وتعالى: { لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ { جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، { كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: { فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: { وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.
سيل العرم
قال تعالى: { فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: { وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}.
وقال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر، { وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر، وقوله: { وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال { وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تلك الجنتين إليه، بعد الثمار الناضجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: { ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور.
شجرة الأثل
هي شجرة متوسطة الارتفاع دائمة الخضرة أوراقها صغيرة حرشفية الشكل، أزهارها بيضاء إلى قرمزية ويوجد من الأثل عدة أنواع متوسطة الحجم، وسريعة النمو، جميلة المنظر يكثر نموها على جوانب الطرق الزراعية والأراضي السبخية والأراضي الملحية، وتكثر في مصر وبالأخص حول بركة قاردن بالفيوم، وفي عدة مناطق كثيرة بصحراء سيناء، كما تكثر هذه النبتة في المملكة العربية السعودية فهي تنبت في أي مكان، يسيل من سيقانها سائل سكري حلو المذاق، يستخدمه الأعراب في الصحراء كغذاء خلال فصل الصيف.
لقد عثر علماء الآثار على بعض قطع من أشجار الأثل في وادي قنا يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم وكذلك على خشبها منذ العصر الحجري الحديث في البداري وعصر ما قبل الآسرات. أما الأغصان والأوراق فقد وجدت في مقابر مدينة منف وطيبة، وهذا يدل على ان أشجار الاثل قديمة جداً في مصر كما يؤكد كل من «هيرودت وبليني» أن الأثل موطنه الأصلي مصر وعثر العالم الآخر «انجر» على قطع كثيرة منه في مدينة الكاب، بينما تعرف العالم «شفاينفورت» على فروع كاملة في تابوت الأمير الفرعوني «كنت»، وعثر أيضا العالم «بيتري» على أجزاء هذا النبات في مقابر هوارة.
علاج الحمى
ويستخدم النبات كمليّن ومقو للناحية الجنسية وضد حالات الحمى والحروق وعلى شكل دهانات عقب عمليات الختان «الطهارة» وهذا يؤكد أن الفراعنة عرفوا الخاصية القابضة لهذا النبات.
وقد قال أيمن البيطار: «الأثل ينفع من ضعف الكبد شرباً والحكة والجرب طلاء ورماده ينفع من بروز المقعدة والبواسير وإذا طبخت أصل الشجرة بخل وشرب منه مقدار أربع أوقيات ونصف قوي الكبد ونفعه ولين أورامه، كما أنه يشفي أوجاع الأسنان».
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم .
يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات .
الله أهدني وسددني ، اللهم إني أسالك الهدى والسداد.
*********
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال والأهواء. اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يُسمع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع . أعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة ، فإن جار البادية يتحول .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً .
*********
اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة .
*********
اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما أعطيتني .
اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********
لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم . اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار .
*********
اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت .
اللهم طهرني من الذنوب والخطايا اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .
اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد.
*********
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت (وحدك لا شريك لك) المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم إني أسألك (الجنة وأعوذ بك من النار).
*********
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني .
اللهم ارزقني حُبك وحُب من ينفعني حُبّهُ عندك ، اللهم مارزقتني مما أُحبُ فاجعله قوة لي فيما تحب ، اللهم ما زويت عني مما أُحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********
اللهم إني اسألك عيشة نقية وميتة سوية ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير .
اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي .
*********
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا ولآخرة .
اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث منيِّ وانصرني على من يظلمُني ، وخذ منه بثأري .
اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
*********
اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها زكها انت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها .
*********
اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت المستعان وعليك البلاغ . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً وأعوذ بك من علم لا ينفع.
*********
اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وربَّ إسرافيل أعوذ بك من حر النار ومن عذاب القبر .
اللم إني أعوذ بك من شر سمعي ، ومن شر بصري ، ومن شر لساني ، ومن شر قلبي ومن شر منيي.
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء ، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجزام والبرص وسييء الأسقام .
*********
اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني ، وانقطاع عمري .
اللهم إني أسألك بأني اشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
*********
رب أعني ولا تعن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ وامكر لي ولا تمكر عليّ ، وأهدني ويسر الهدي إليّ ، وانصرني على من بغى عليّ ، رب اجعلني لك شكاراً لك ذكاراً ، لك رهَاباَ ، لك مطواعاً إليك مخبتاَ أوّاهاً منيباَ ، رب تقبل توبتي ، واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي ، وثبت حُجتي واهد قلبي ، وسدد لساني ، وأسْلُلْ سخيمة قلبي .
*********
اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ، ومن سيئ الأسقام .
اللهم قني شر نفسي واعزم لي على ارشد أمري ، اللهم اغفر لي ما اسررتُ وما أعلنتُ ، وما أخطأتُ وما عملتُ وما جهلتُ.
*********
اللهم حاسبني حساباً يسيراَ .
اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات حُب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، وأسألك حُبّك ، وحب من يُحبِك ، وحُب عمل يقربني إلى حُبك .
*********
اللهم فقهني في الدين .
اللهم احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني بالإسلام قاعداً واحفظني بالإسلام راقداً ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً . اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .
*********
اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر .
اللهم جنبني منكرات الأخلاق ، والأهواء ، والأعمال ، والأدواء.
*********
اللهم أغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ، ما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي .
اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين ، وغلبة العدوِّ ، وشمائة الأعداء .
*********
اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت . فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة .
*********
رب اغفر لي وتب عليّ إنك انت التواب الغفور.
اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتن.
*********
اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
اللهم إني أعوذ بك من البخل والجبن وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر .
*********
اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك .
اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحرق ، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت ، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبراً وأعوذ بك ان أموت لديغا .
*********
اللهم إني أعوذ بك أن اشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا اعلم .
اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، واعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة .
*********
اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر .
*********
اللهم ألف بين قلوبنا ، واصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام ، ونجنا من الظلمات إلى النور , وجنبنا الفواحش ما ظهر منها ومابطن ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا .
*********
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِلة والذِلة ، وأعوذ بك من أن أَظلم أو أَظلم ، يا مُقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .
*********
اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة.
*********
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . اللهم إني أسألك بان لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان (يا) بديع السماوات والأرض ياذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم إني اسالك الجنة وأعوذ بك من النار .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات . اللهم اهدني وسددني ، اللهم إني أسألك الهدى والسداد .
*********
اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما اعطيتني ، اللهم إني أسالك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني . اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك . اللهم وارزقني مما احب فاجعله قوة لي فيما تحب . اللهم ما زويت عني مما احب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء . اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ومن نفسع لا تشبع ومن علم لا ينفع .
اعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********
لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
الله إني أسالك الجنة وستجير بك من النار .
*********
اللهم إني أسألك عيشةً نقية وميتة سوية ومرداً غير مخز ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير . اللهم الهمني رشدي واعذني من شر نفسي .
*********
اللهم إني اعوذ من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك. اللهم إني اعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول . اللهم إني اسالك علماً نافعاً ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً.
*********
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، واصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت ، طهرني من الذنوب والخطايا ، اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم طهرني بالثلج وبالبرد والماء البارد .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم ، وعذاب القبر . اللهم أتي نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكَّها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها .
***********************************************************اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم .
يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل ، وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات .
الله أهدني وسددني ، اللهم إني أسالك الهدى والسداد.
*********
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال والأهواء. اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يُسمع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع . أعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة ، فإن جار البادية يتحول .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً .
*********
اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة .
*********
اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما أعطيتني .
اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********
لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم . اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار .
*********
اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت .
اللهم طهرني من الذنوب والخطايا اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .
اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد.
*********
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت (وحدك لا شريك لك) المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي ياقيوم إني أسألك (الجنة وأعوذ بك من النار).
*********
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني .
اللهم ارزقني حُبك وحُب من ينفعني حُبّهُ عندك ، اللهم مارزقتني مما أُحبُ فاجعله قوة لي فيما تحب ، اللهم ما زويت عني مما أُحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********
اللهم إني اسألك عيشة نقية وميتة سوية ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير .
اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي .
*********
اللهم إني أسألك العافية في الدنيا ولآخرة .
اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث منيِّ وانصرني على من يظلمُني ، وخذ منه بثأري .
اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
*********
اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها ، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر ، اللهم آت نفسي تقواها زكها انت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها .
*********
اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذ منه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت المستعان وعليك البلاغ . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
اللهم إني أسألك علماً نافعاً وأعوذ بك من علم لا ينفع.
*********
اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وربَّ إسرافيل أعوذ بك من حر النار ومن عذاب القبر .
اللم إني أعوذ بك من شر سمعي ، ومن شر بصري ، ومن شر لساني ، ومن شر قلبي ومن شر منيي.
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم والقسوة والغفلة والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر والفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء ، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجنون والجزام والبرص وسييء الأسقام .
*********
اللهم اجعل أوسع رزقك عليّ عند كبر سني ، وانقطاع عمري .
اللهم إني أسألك بأني اشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد .
*********
رب أعني ولا تعن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ وامكر لي ولا تمكر عليّ ، وأهدني ويسر الهدي إليّ ، وانصرني على من بغى عليّ ، رب اجعلني لك شكاراً لك ذكاراً ، لك رهَاباَ ، لك مطواعاً إليك مخبتاَ أوّاهاً منيباَ ، رب تقبل توبتي ، واغسل حوبتي ، وأجب دعوتي ، وثبت حُجتي واهد قلبي ، وسدد لساني ، وأسْلُلْ سخيمة قلبي .
*********
اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ، ومن سيئ الأسقام .
اللهم قني شر نفسي واعزم لي على ارشد أمري ، اللهم اغفر لي ما اسررتُ وما أعلنتُ ، وما أخطأتُ وما عملتُ وما جهلتُ.
*********
اللهم حاسبني حساباً يسيراَ .
اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات حُب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، وأسألك حُبّك ، وحب من يُحبِك ، وحُب عمل يقربني إلى حُبك .
*********
اللهم فقهني في الدين .
اللهم احفظني بالإسلام قائماً ، واحفظني بالإسلام قاعداً واحفظني بالإسلام راقداً ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً . اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك .
*********
اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر .
اللهم جنبني منكرات الأخلاق ، والأهواء ، والأعمال ، والأدواء.
*********
اللهم أغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري ، ما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي .
اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين ، وغلبة العدوِّ ، وشمائة الأعداء .
*********
اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت . فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة .
*********
رب اغفر لي وتب عليّ إنك انت التواب الغفور.
اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت .
اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتن.
*********
اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
اللهم إني أعوذ بك من البخل والجبن وسوء العمر وفتنة الصدر وعذاب القبر .
*********
اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك .
اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم والغرق والحرق ، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت ، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مُدْبراً وأعوذ بك ان أموت لديغا .
*********
اللهم إني أعوذ بك أن اشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا اعلم .
اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، واعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة .
*********
اللهم اصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ، واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي آخرتي التي فيها معادي ، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، واجعل الموت راحة لي من كل شر .
*********
اللهم ألف بين قلوبنا ، واصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام ، ونجنا من الظلمات إلى النور , وجنبنا الفواحش ما ظهر منها ومابطن ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا .
*********
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقِلة والذِلة ، وأعوذ بك من أن أَظلم أو أَظلم ، يا مُقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .
*********
اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم أعمل .
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء ، ومن ليلة السوء ، ومن ساعة السوء ، ومن صاحب السوء ، ومن جار السوء في دار المقامة.
*********
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . اللهم إني أسألك بان لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان (يا) بديع السماوات والأرض ياذا الجلال والإكرام ياحي يا قيوم إني اسالك الجنة وأعوذ بك من النار .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات . اللهم اهدني وسددني ، اللهم إني أسألك الهدى والسداد .
*********
اللهم أكثر مالي وولدي وبارك لي فيما اعطيتني ، اللهم إني أسالك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم .
*********
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني . اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك . اللهم وارزقني مما احب فاجعله قوة لي فيما تحب . اللهم ما زويت عني مما احب فاجعله فراغاً لي فيما تحب.
*********
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء . اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ومن نفسع لا تشبع ومن علم لا ينفع .
اعوذ بك من هؤلاء الأربع .
*********
لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
الله إني أسالك الجنة وستجير بك من النار .
*********
اللهم إني أسألك عيشةً نقية وميتة سوية ومرداً غير مخز ولا فاضح.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير . اللهم الهمني رشدي واعذني من شر نفسي .
*********
اللهم إني اعوذ من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك ، وجميع سخطك. اللهم إني اعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول . اللهم إني اسالك علماً نافعاً ورزقاً طيباً ، وعملاً متقبلاً.
*********
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، واصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت ، طهرني من الذنوب والخطايا ، اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم طهرني بالثلج وبالبرد والماء البارد .
*********
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم ، وعذاب القبر . اللهم أتي نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكَّها ، أنت وليها ومولاها .
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها .
اللهم أرحم نفوسا تتألم ولا تتكلم
دخل جراح الى المستشفى بعد ان تم استدعائه على عجل لاجراء عملية فورية لاحد المرضى
لبى النداء بأسرع مايمكن وحضر الى المستشفى وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية .
قبل أن يدخل الى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه
...
وما أن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا :
علام كل التأخير يادكتور ؟
الا تدرك أن حياة ابني في خطر ؟
اليس لديك أي إحساس بالمسؤولية ؟
ابتسم الطبيب برفق وقال :
أنا آسف يا أخي فلم أكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع مايمكنني
وألآن أرجو ان تهدأ وتدعني أقوم بعملي وكن على ثقة أن إبنك سيكون في رعاية الله وأيدي امينة .
لم تهدأ ثورة الاب وقال للطبيب :
أهدأ ؟
ما أبردك يا أخي لو كانت حياة إبنك على المحك هل كنت ستهدأ ؟
سامحك الله .ماذا لو مات ولدك ما ستفعل ؟
ابتسم الطبيب وقال :
أقول قوله تعالى الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون وهل للمؤمن غيرها ؟
يا أخي الطبيب لايطيل عمرا ولايقصرها والاعمار بيد الله ونحن سنبذل كل جهدنا لأنقاذه ولكن الوضع خطير جدا وأن حصل شيئ فيجب ان تقول إنا لله وإنا أليه راجعون,
اتق الله وأذهب الى مصلى المستشفى وصل وادع الله ان ينجي ولدك .
هز الاب كتفه ساخرا وقال : ما اسهل الموعظة عندما تمس شخصا آخر لايمت لك بصلة .
دخل الطبيب الى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات خرج بعده الطبيب على عجل وقال لوالد المريض :
ابشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله وسيكون أبنك بخير
والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل .
حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة اخرى ولكنه انصرف على عجل .
انتظر الأب دقائق حتى خرج أبنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الاب :
ما بال هذا الطبيب المغرور لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟
فجأة اجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له :
لقد توفي ابن الدكتور يوما أمس على اثر حادثة وقد كان يستعد لمراسم الدفن عندما اتصلنا به للحضور فورا
لأنه ليس لدينا جراح غيره وهاهو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك .
اللهم أرحم نفوسا تتألم ولا تتكلم
*****************************************************دخل جراح الى المستشفى بعد ان تم استدعائه على عجل لاجراء عملية فورية لاحد المرضى
لبى النداء بأسرع مايمكن وحضر الى المستشفى وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية .
قبل أن يدخل الى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه
...
وما أن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا :
علام كل التأخير يادكتور ؟
الا تدرك أن حياة ابني في خطر ؟
اليس لديك أي إحساس بالمسؤولية ؟
ابتسم الطبيب برفق وقال :
أنا آسف يا أخي فلم أكن في المستشفى وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع مايمكنني
وألآن أرجو ان تهدأ وتدعني أقوم بعملي وكن على ثقة أن إبنك سيكون في رعاية الله وأيدي امينة .
لم تهدأ ثورة الاب وقال للطبيب :
أهدأ ؟
ما أبردك يا أخي لو كانت حياة إبنك على المحك هل كنت ستهدأ ؟
سامحك الله .ماذا لو مات ولدك ما ستفعل ؟
ابتسم الطبيب وقال :
أقول قوله تعالى الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون وهل للمؤمن غيرها ؟
يا أخي الطبيب لايطيل عمرا ولايقصرها والاعمار بيد الله ونحن سنبذل كل جهدنا لأنقاذه ولكن الوضع خطير جدا وأن حصل شيئ فيجب ان تقول إنا لله وإنا أليه راجعون,
اتق الله وأذهب الى مصلى المستشفى وصل وادع الله ان ينجي ولدك .
هز الاب كتفه ساخرا وقال : ما اسهل الموعظة عندما تمس شخصا آخر لايمت لك بصلة .
دخل الطبيب الى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات خرج بعده الطبيب على عجل وقال لوالد المريض :
ابشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما والحمد لله وسيكون أبنك بخير
والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل .
حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة اخرى ولكنه انصرف على عجل .
انتظر الأب دقائق حتى خرج أبنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة فقال لها الاب :
ما بال هذا الطبيب المغرور لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟
فجأة اجهشت الممرضة بالبكاء وقالت له :
لقد توفي ابن الدكتور يوما أمس على اثر حادثة وقد كان يستعد لمراسم الدفن عندما اتصلنا به للحضور فورا
لأنه ليس لدينا جراح غيره وهاهو قد ذهب مسرعا لمراسم الدفن وهو قد ترك حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك .
اللهم أرحم نفوسا تتألم ولا تتكلم
الجــزء الـرابـع عـشــر في القرآن الكريم
المجرمون قطعوا كل الصلات مع الله
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القرآن الكريم، من الآيـة [ 1] من سورة الحجـر، وحتى الآيـة [ 128] من سورة النحـل، ومـمـا ورد فيـه:
(كـذلك نسـلكه في قلوب المجـرمين)[ الحجـر 12 ]:
المجرمـون: هم الذين قطعـوا كل الصلات مع الله سبحانه: ( إنا كـذلـك نفعـل بـالـمـجــرمـين إنهـم كـانوا إذا قـيل لـهـم لا إلـه إلا اللـه يسـتـكـبرون)[الصـافـات 34 ]، فمعنى كلمة جـرم: قطع، وصفات المجرمـين هي: ( يتسـاءلـون عـن الـمـجـرمـين مـا سـلـكـكـم فـي سـقر قالـوا لـم نك مـن الـمـصـلـين ولـم نك نطـعـم الـمـســكـين وكــنا نخـوض مـع الـخـائـضــين وكـنا نكـذب بيوم الـدين )[ المدثر 41/ 46 ]، و رفضوا رحمة الله وعطاءاته بإرادتهم، وأرادوا قطع الصلة به: (ويا قوم اسـتغـفروا اللـه ثم توبوا إلـيه يرسـل السـماء عـلـيكـم مـدرارا و يزدكـم قوة إلـى قوتكـم و لا تتولـوا مـجـرمـين ) [ هود 52 ]، والذين يعرضون عن القرآن الكريم هم مجرمون أيضاً: (و مـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه ثم أعـرض عـنهـا إنا مـن الـمـجـرمـين مـنتقـمـون )[السجدة 22]، ( وأما الـذين كـفروا أفلـم تكـن آياتي تتلى عـلـيكـم فاسـتكـبرتـم وكـنتم قوما مجـرمـين) [ الجاثية 31]، (فمـن أظـلـم مـمـن افترى عـلـى اللـه كـذبا أو كـذب بآياته إنه لا يفلـح الـمـجـرمـون )[ يونس 17]، ( أم يقولـون افتراه قل إن افتريته فعـلـي إجـرامـي وأنا بريء مـمـا تجـرمـون )[ هود 35 ]، ( فإن كـذبوك فقـل ربـكـم ذو رحـمـة واسـعـة و لا يرد بأسـه عـن الـقـوم الـمـجـرمـين )[ الأنعام 147]، (و كـذلـك نفصـل الآيات و لـتسـتبين سـبيل الـمـجـرمـين )[ الأنعام 55]، لذلك كانت عاقبتهم وخيمة يوم القيامـة: (سـيصـيب الـذين أجـرمـوا صـغـار عـند اللـه وعـذاب شـديد بمـا كـانوا يمـكـرون) [ الأنعام 124 ]، صـغـار: منتهى الذل، ( ويوم تقوم الـسـاعـة يبلـس الـمـجـرمـون ) [الروم 12]، يبلـس: منتهى اليأس ومنه كلمة إبليس لأنه يئس من رحمة الله، (ولـو ترى إذ الـمـجـرمـون ناكــسـوا رؤوسـهـم عـند ربهـم ربنا أبصـرنا وسـمـعـنا فأرجـعـنا نعـمـل صـالـحـا إنا مـوقنون )[السجدة 12].
( فـتحـنا عـلـيـهم بابا مـن الـسـمـاء)[ الحجر 14]:
قضت مشيـئة الله بأن يطـلع الإنسـان على آيات الله في الآفاق العـليا: ( سـنـريهـم آيـاتنا في الآفـاق ) [فصلت 53]، لذلك فتـح الله للإنسان أبواباً خاصة في السماء لـيعرج [ ليصعد] منها للفضاء بإذن اللـه و إرادته: (ولـو فـتحـنا عـلـيـهم بابا مـن الـسـمـاء فـظـلـوا فـيه يعـرجـون) [ الحجر 14].
نلاحظ في عصر الفضاء، أن هناك أماكن محددة [أبواباً] يتم منها إطلاق المركبـات الفضائيـة، فبالنسبـة لروسيـا أصبح مركز إطلاق مراكبهـا الفضائيـة [ مركز بايكونور ]، أصبـح في جمهورية كازاخستان بعد تفكك [الاتحاد السوفييتي السابق ]، فلماذا لا تبني روسيـا مركز إطلاق في أراضيهـا وترتاح من أخذ إذن من كازاخستان في كل مرة تريد فيها إطلاق مركبة فضائيـة، ثم لماذا لا تبني الولايات المتحدة الأميركية مركز إطلاق سفنها الفضائية في صحراء [ نيفادا]، وتتخلص من مشكلة وجـود عواصف رعدية فوق مركز [ كيب كانافيرال] في جزيرة مريت على الساحل الشرقي لولاية فلوريدا على المحيط الأطلسي، إذ تعيق هذه العواصف عمليـة الإطلاق لأيام عـدة، ثم لماذا تذهب أوروبا بصاروخها [آريان] إلى [غويانا الفرنسية] على بعد آلاف الأميال في المحيط، لإطلاقه من هناك ولا تبني قاعدة إطلاق داخل أراضي القارة، هل يعني كل هذا إلا أن هناك أبواباً محددة من الخالق تعالى للعبور للفضاء.
(جـعـلـنا في الـسـمـاء بروجـا)[ الحجر 16]:
إن حزام السماوات الواقع في حدود [ 8 درجات ] من طرفي [ الدائرة الكسوفية ]، يسمى: [ دائرة البروج ]، ( والـسـمـاء ذات الـبـروج )[البروج 1]، ( ولـقـد جـعـلـنا في الـسـمـاء بروجـا )[ الحجر 16]، ( تبارك الـذي جـعـل في الـسـمـاء بروجـا)[ الفرقان 61]، إن مجموعات النجوم التي تمر عليها الشمس [ظاهرياً] تسمى علامات البروج، وعندما تقطع دائرة الكسوف خط الاستواء السماوي [الدائرة الاعتدالية]، تكون فترة الاعتدال الخـريفي [ 23 سبتمبر ]، وتكون الشمس أمام بدايـة برج الميـزان، وفترة الاعتـدال الربيعي [ 21 مـارس ] حيث تكون الشمس في بداية برج الـحمـل.
( فـأتـبعـه شـهـاب مـبين)[ الحجر 18]:
منع الجن والشياطين من الصعود إلى طبقات الجو العليا يوم ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي [يوم الاثنين 12 ربيع الأول من عام حادثة الفيل الموافق 20 أبريل 571 ميلادية ]، حيث بدأ في ذلك اليوم رجم الأرض بالشهب [المطر الشهبي] على ارتفاع 80 كم، ما بين طبقتي إستراسوسفير وأيونوسفير، و ذلك لمنع الجـن والشياطين خاصة من استراق السمع على الملائكـة الكرام [ المـلإ الأعلى]: ( إلا مـن اسـترق الـسـمـع فـأتـبعـه شـهـاب مـبين)[ الحجر 18]، وبذلك تـم عزلهم عن السمع تماماً: (إنهـم عـن الـسـمـع لـمـعـزولـون )[ الشعراء 212 ]، ( وإنا كـــنا نـقعـد مـنهـا مـقـاعـد لـلـسـمـع )[ الجن 9 ]، ولذلك استغربوا هذا الرجم الشهبي للأرض: ( وأنـا لـمـسـنـا الـسـمـاء فـوجـدنـاهـا مـلـئـت حـرسـا شـديـدا وشـهـبـا 000 وأنـا لا نـدري أ شــرٌ أريد بـمـن فـي الأرض أم أراد بـهـم ربـهم رشــدا )[ الجن 8 و 10]، مـلـئـت: دليل كثافة الشهب، شـهـبـا: شهب وليس نجوماً.
(أصـحـاب الـحـجـر)[ الحجر 80]:
هـم قوم [ ثـمـود ] نسبة لجدهم [ ثمود بن إرم ]، و هم عربٌ جاءوا بعد عرب عاد: ( إذ جـعـلـكم خـلـفاء مـن بعـد عـاد )[ الأعراف 74]، وقد خرجوا من الجزيرة العربية مع الهجرات العربية في القرن السادس قبل الميلاد، وسكنوا [ البتراء ] ومعناها الصخرة، واسمها العربي الرقيم، حيث عرفوا بـالأنباط، وكانت ديارهم [ مدائن صالح] تسمى الحجر [ السورة رقم 15 في القرآن هي سورة الحجر]: ( ولـقـد كـذب أصـحـاب الـحـجـر الـمـرسـلـين )[ الحجر 80 ]، وقد نحتوا بيوتهم من الصخر: ( وكـانوا ينحـتون مـن الـجـبال بيوتا آمـنين)[ الحجر 82 ]، ينحـتون مـن : نحتوا من الجبال حجارة صغيرة، ( وثمـود الـذين جـابوا الـصـخـر بالـواد )[ الفجر 9 ]، جـابوا : نحتوا الجبـال مباشـرة، ( وبوأكم في الأرض تتخـذون مـن سـهـولـهـا قصـورا وتنحـتون الـجـبال بيوتا)[ الأعراف 74 ]، قصـورا: حجارة صغيرة من الجبال لبناء القصور، تنحـتون الـجـبال بيوتا : نحت مباشـر لبنـاء البيوت، ورسولهم صالحٌ عليه السلام: ( وإلـى ثـمـود أخـاهـم صـالـحـا )[ هود 61 ]، وآيتهم الناقة التي خرجت من الصخر: ( فقـال لـهـم رسـول اللـه ناقة اللـه وسـقياهـا )[ الشمس 13 ]، (هـذه ناقـة اللـه لـكـم آية )[ الأعراف 73]، وقد عقرهـا [ قدار بن سالف]، وهو أشـقى رجال القوم: ( إذ انبعـث أشـقـاهـا )[ الشمس 12]، وشاركه تسعة أشخاص: (وكـان في الـمـدينة تسـعـة رهـط يفسـدون في الأرض)[ النمل 48 ]، وقد هلكت ثمود بالطاغيـة = [الصيحة + الرجفة].
المعجزة الإلهية الكبرى في خلق الإنسان
(خـلـق الإنسـان مـن نطـفة ) [النحـل 4]:
إذا نظرنا إلى عملية خلق الإنسـان من خلال المـادة والطاقة، نعرف هذا الإعجاز المذهل الذي وضعه الخالق سبحانه في عملية التلقيح بين نطفة الرجل وبويضة المرأة، علماً بأن النطفة تصنع في جسم الذكر، بينما تصنع البويضة في جسم الأنثى، وهما جسمان منفصلان مما لا يدع أدنى مجال للشك في أن الخالق واحد، و إلا كان من المستحيل حصول عملية التلقيح، في عملياتها البالغة الدقة، ولا نقرض الجنس البشري والمخلوقات الأخرى: (وفي أنفسـكـم أفلا تبصـرون )[ الذاريات 21].
في الوقت الذي يقوم فيه مبيض الأنثى بصنع البويضة، يجري صنع النطفة في جسم الذكر، ويجري تجهيز هذه النطفة، بحيث تتلاءم مع جسم الأنثى الغريب الذي ستدخله، والمجهول تماماً بالنسبة لها، ففي كل خصية عند الذكر يوجد أقنية مجهرية طولها نحو 500 متر، لإنتاج النطـاف المنويـة التي ستوصل 23 «صبغياً» من الذكر إلى البويضة بشكلٍ آمن لتتحد مع 23 «صبغياً» آخر من الأنثى، ومن أجل تنفيذ هذه المهمة، يجري صنع المركبة [النطفة ] من ثلاثة أجزاء أساسية، هي: الدرع والمحرك والذيل، فالدرع قاس وفي مقدمة النطفة، ليحمي الصبغيـات التي يحملها من عشرات الأخطار التي ستتعرض لها على الطريق نحو البويضة، ويقع خلفه [المحرك القوي] لتحريك الذيـل كالمروحة، ويعمل هذا المحرك على وقود خـاص هو [سكر الفركتوز]، ويوجد في السائل المنوي كمية محسوبة بدقة، تكفي لتشغيل 250 مليون محرك، هو عدد النطاف التي يقذفها الذكر في مهبل الأنثى عند كل جماع، لإيصالها للبويضة عن طريق الرحم.
وتتم المعجزة الإلهية الكبرى في خلق الإنسان، عند خلق النطاف والسائل المنوي: (أفرأيتم مـا تمـنون أأنتم تخـلـقونه أم نحـن الـخـالـقون )[الواقعة 58/ 59]، ( قتل الإنسان مـا أكـفره مـن أي شـيء خـلـقه مـن نطـفة خـلـقـه فقدره ثم الـسـبيل يسـره)[ عبس 17 / 20 ]، الـسـبيل: سبيل وصوله إلى البويضة وهو نطفة، ( خـلـق مـن مـاء دافق يخـرج مـن بين الـصـلـب و الـترائـب)[ الطارق 6 / 7 ]، والطـاقة توجد في [ النطفة ] وليس في [ البويضة ]، لأن البويضة ذات طـاقة خاملة فإذا لـم يتم تلقيحهـا تتلف وتسقط في [الدورة الشهرية].
( وأوحـى ربك إلـى الـنحـل )[ النحل 68]:
النحـل والـذباب:
إن النحـل والذبـاب يجمعهما تصنيف علمي واحد، هو [صنف الحشرات]، ولكن الفرق بينهما أن النحـل قد تلقى وحيـاً من السماء: ( وأوحـى ربك إلـى الـنحـل ) [النحل 68 ]، وعندما التزم بهذه التعاليم ونفذها، أصبح النحل يأكل أفضل ما في الطبيعة [ رحيق الأزهار ]، ثم يعطي أفضل الأطعمة [ العسل ]، كما أنه يعيش في مجتمعات متعاونة، يؤدي كلٌ دوره فيها بصمت وتفان في العمل وضمن بيئـة نظيفـة.
أما الذبـاب فلم يتلق تعليمات سماوية، فبقي يأكل أقـذر ما في الطبيعة، ويعيش في بيئة قذرة، ولا يعطي إلا الأمراض وإزعاج الناس، كما يعيش ضمن مجتمع مفكك، ليس فيه أي رابطة، حيث تتصرف كل ذبابة وحدها، والنحل [ يعطي] العسل الذي فيه شـفاء للناس: ( فيه شـفاء للـناس)[النحل 69]، بينما الذباب [يسلب] بشكل مزعج: ( وإن يسـلـبهـم الـذباب شـيئـا)[ الحج 73] .
وفي ذلك عبرة للنـاس، فالإنسان الذي يلتزم بتعاليم السماء والأرض، هو إنسان أشبه ما يكون بالنحلة، التي تعطي دوماً بلا كلل و لا ملل، فالسـائق الذي يلتزم بتعليمات المرور دون الحاجة لشرطي يراقبه، هو إنسان يعكس صورة مجتمع منظم وحضاري، ويعطي الآخرين فكرة رائعة عن سلوكه الحسن في خدمة المجتمع فهو شـبيه بالنحـلة، أما الذي يسهم في تلوث البيئة، وإلقاء الأوساخ في الشارع ويسعى لفساد الحدائق والساحات، هو أشـبه ما يكون بالذبابة، التي لا يهنـأ لها العيش إلا بين الأوسـاخ، وداخل بيئـة ملوثـةٍ، والذي لا يهمه إلا أن [ يسلب] الآخرين أموالهم بالرشوة أو بالغش والاحتكار والاحتيال، أو يسلبهم راحتهم بمكبرات الصوت أو منبه السيارة، أو يسلبهم حاجاتهم الضرورية من الماء والكهرباء والغذاء، أشبه ما يكون بالذبابة، التي تقضي عمرها وهي [ تسلب]، ولا تعطي إلا الإزعاج، فما أروع أن تنفذ تعاليم السـماء السمحاء، التي تدعو إلى إقامة مجتمع تسوده المحبة والتعاون، وفيه فائض من الخيرات، ويكفي من العبرة أن المجتمع [يربي] النحل، بينما [يكافح ] الذباب، والسورة رقم 16 في القرآن الكريم هي (سـورة النحـل).
المجرمون قطعوا كل الصلات مع الله
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القرآن الكريم، من الآيـة [ 1] من سورة الحجـر، وحتى الآيـة [ 128] من سورة النحـل، ومـمـا ورد فيـه:
(كـذلك نسـلكه في قلوب المجـرمين)[ الحجـر 12 ]:
المجرمـون: هم الذين قطعـوا كل الصلات مع الله سبحانه: ( إنا كـذلـك نفعـل بـالـمـجــرمـين إنهـم كـانوا إذا قـيل لـهـم لا إلـه إلا اللـه يسـتـكـبرون)[الصـافـات 34 ]، فمعنى كلمة جـرم: قطع، وصفات المجرمـين هي: ( يتسـاءلـون عـن الـمـجـرمـين مـا سـلـكـكـم فـي سـقر قالـوا لـم نك مـن الـمـصـلـين ولـم نك نطـعـم الـمـســكـين وكــنا نخـوض مـع الـخـائـضــين وكـنا نكـذب بيوم الـدين )[ المدثر 41/ 46 ]، و رفضوا رحمة الله وعطاءاته بإرادتهم، وأرادوا قطع الصلة به: (ويا قوم اسـتغـفروا اللـه ثم توبوا إلـيه يرسـل السـماء عـلـيكـم مـدرارا و يزدكـم قوة إلـى قوتكـم و لا تتولـوا مـجـرمـين ) [ هود 52 ]، والذين يعرضون عن القرآن الكريم هم مجرمون أيضاً: (و مـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه ثم أعـرض عـنهـا إنا مـن الـمـجـرمـين مـنتقـمـون )[السجدة 22]، ( وأما الـذين كـفروا أفلـم تكـن آياتي تتلى عـلـيكـم فاسـتكـبرتـم وكـنتم قوما مجـرمـين) [ الجاثية 31]، (فمـن أظـلـم مـمـن افترى عـلـى اللـه كـذبا أو كـذب بآياته إنه لا يفلـح الـمـجـرمـون )[ يونس 17]، ( أم يقولـون افتراه قل إن افتريته فعـلـي إجـرامـي وأنا بريء مـمـا تجـرمـون )[ هود 35 ]، ( فإن كـذبوك فقـل ربـكـم ذو رحـمـة واسـعـة و لا يرد بأسـه عـن الـقـوم الـمـجـرمـين )[ الأنعام 147]، (و كـذلـك نفصـل الآيات و لـتسـتبين سـبيل الـمـجـرمـين )[ الأنعام 55]، لذلك كانت عاقبتهم وخيمة يوم القيامـة: (سـيصـيب الـذين أجـرمـوا صـغـار عـند اللـه وعـذاب شـديد بمـا كـانوا يمـكـرون) [ الأنعام 124 ]، صـغـار: منتهى الذل، ( ويوم تقوم الـسـاعـة يبلـس الـمـجـرمـون ) [الروم 12]، يبلـس: منتهى اليأس ومنه كلمة إبليس لأنه يئس من رحمة الله، (ولـو ترى إذ الـمـجـرمـون ناكــسـوا رؤوسـهـم عـند ربهـم ربنا أبصـرنا وسـمـعـنا فأرجـعـنا نعـمـل صـالـحـا إنا مـوقنون )[السجدة 12].
( فـتحـنا عـلـيـهم بابا مـن الـسـمـاء)[ الحجر 14]:
قضت مشيـئة الله بأن يطـلع الإنسـان على آيات الله في الآفاق العـليا: ( سـنـريهـم آيـاتنا في الآفـاق ) [فصلت 53]، لذلك فتـح الله للإنسان أبواباً خاصة في السماء لـيعرج [ ليصعد] منها للفضاء بإذن اللـه و إرادته: (ولـو فـتحـنا عـلـيـهم بابا مـن الـسـمـاء فـظـلـوا فـيه يعـرجـون) [ الحجر 14].
نلاحظ في عصر الفضاء، أن هناك أماكن محددة [أبواباً] يتم منها إطلاق المركبـات الفضائيـة، فبالنسبـة لروسيـا أصبح مركز إطلاق مراكبهـا الفضائيـة [ مركز بايكونور ]، أصبـح في جمهورية كازاخستان بعد تفكك [الاتحاد السوفييتي السابق ]، فلماذا لا تبني روسيـا مركز إطلاق في أراضيهـا وترتاح من أخذ إذن من كازاخستان في كل مرة تريد فيها إطلاق مركبة فضائيـة، ثم لماذا لا تبني الولايات المتحدة الأميركية مركز إطلاق سفنها الفضائية في صحراء [ نيفادا]، وتتخلص من مشكلة وجـود عواصف رعدية فوق مركز [ كيب كانافيرال] في جزيرة مريت على الساحل الشرقي لولاية فلوريدا على المحيط الأطلسي، إذ تعيق هذه العواصف عمليـة الإطلاق لأيام عـدة، ثم لماذا تذهب أوروبا بصاروخها [آريان] إلى [غويانا الفرنسية] على بعد آلاف الأميال في المحيط، لإطلاقه من هناك ولا تبني قاعدة إطلاق داخل أراضي القارة، هل يعني كل هذا إلا أن هناك أبواباً محددة من الخالق تعالى للعبور للفضاء.
(جـعـلـنا في الـسـمـاء بروجـا)[ الحجر 16]:
إن حزام السماوات الواقع في حدود [ 8 درجات ] من طرفي [ الدائرة الكسوفية ]، يسمى: [ دائرة البروج ]، ( والـسـمـاء ذات الـبـروج )[البروج 1]، ( ولـقـد جـعـلـنا في الـسـمـاء بروجـا )[ الحجر 16]، ( تبارك الـذي جـعـل في الـسـمـاء بروجـا)[ الفرقان 61]، إن مجموعات النجوم التي تمر عليها الشمس [ظاهرياً] تسمى علامات البروج، وعندما تقطع دائرة الكسوف خط الاستواء السماوي [الدائرة الاعتدالية]، تكون فترة الاعتدال الخـريفي [ 23 سبتمبر ]، وتكون الشمس أمام بدايـة برج الميـزان، وفترة الاعتـدال الربيعي [ 21 مـارس ] حيث تكون الشمس في بداية برج الـحمـل.
( فـأتـبعـه شـهـاب مـبين)[ الحجر 18]:
منع الجن والشياطين من الصعود إلى طبقات الجو العليا يوم ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي [يوم الاثنين 12 ربيع الأول من عام حادثة الفيل الموافق 20 أبريل 571 ميلادية ]، حيث بدأ في ذلك اليوم رجم الأرض بالشهب [المطر الشهبي] على ارتفاع 80 كم، ما بين طبقتي إستراسوسفير وأيونوسفير، و ذلك لمنع الجـن والشياطين خاصة من استراق السمع على الملائكـة الكرام [ المـلإ الأعلى]: ( إلا مـن اسـترق الـسـمـع فـأتـبعـه شـهـاب مـبين)[ الحجر 18]، وبذلك تـم عزلهم عن السمع تماماً: (إنهـم عـن الـسـمـع لـمـعـزولـون )[ الشعراء 212 ]، ( وإنا كـــنا نـقعـد مـنهـا مـقـاعـد لـلـسـمـع )[ الجن 9 ]، ولذلك استغربوا هذا الرجم الشهبي للأرض: ( وأنـا لـمـسـنـا الـسـمـاء فـوجـدنـاهـا مـلـئـت حـرسـا شـديـدا وشـهـبـا 000 وأنـا لا نـدري أ شــرٌ أريد بـمـن فـي الأرض أم أراد بـهـم ربـهم رشــدا )[ الجن 8 و 10]، مـلـئـت: دليل كثافة الشهب، شـهـبـا: شهب وليس نجوماً.
(أصـحـاب الـحـجـر)[ الحجر 80]:
هـم قوم [ ثـمـود ] نسبة لجدهم [ ثمود بن إرم ]، و هم عربٌ جاءوا بعد عرب عاد: ( إذ جـعـلـكم خـلـفاء مـن بعـد عـاد )[ الأعراف 74]، وقد خرجوا من الجزيرة العربية مع الهجرات العربية في القرن السادس قبل الميلاد، وسكنوا [ البتراء ] ومعناها الصخرة، واسمها العربي الرقيم، حيث عرفوا بـالأنباط، وكانت ديارهم [ مدائن صالح] تسمى الحجر [ السورة رقم 15 في القرآن هي سورة الحجر]: ( ولـقـد كـذب أصـحـاب الـحـجـر الـمـرسـلـين )[ الحجر 80 ]، وقد نحتوا بيوتهم من الصخر: ( وكـانوا ينحـتون مـن الـجـبال بيوتا آمـنين)[ الحجر 82 ]، ينحـتون مـن : نحتوا من الجبال حجارة صغيرة، ( وثمـود الـذين جـابوا الـصـخـر بالـواد )[ الفجر 9 ]، جـابوا : نحتوا الجبـال مباشـرة، ( وبوأكم في الأرض تتخـذون مـن سـهـولـهـا قصـورا وتنحـتون الـجـبال بيوتا)[ الأعراف 74 ]، قصـورا: حجارة صغيرة من الجبال لبناء القصور، تنحـتون الـجـبال بيوتا : نحت مباشـر لبنـاء البيوت، ورسولهم صالحٌ عليه السلام: ( وإلـى ثـمـود أخـاهـم صـالـحـا )[ هود 61 ]، وآيتهم الناقة التي خرجت من الصخر: ( فقـال لـهـم رسـول اللـه ناقة اللـه وسـقياهـا )[ الشمس 13 ]، (هـذه ناقـة اللـه لـكـم آية )[ الأعراف 73]، وقد عقرهـا [ قدار بن سالف]، وهو أشـقى رجال القوم: ( إذ انبعـث أشـقـاهـا )[ الشمس 12]، وشاركه تسعة أشخاص: (وكـان في الـمـدينة تسـعـة رهـط يفسـدون في الأرض)[ النمل 48 ]، وقد هلكت ثمود بالطاغيـة = [الصيحة + الرجفة].
المعجزة الإلهية الكبرى في خلق الإنسان
(خـلـق الإنسـان مـن نطـفة ) [النحـل 4]:
إذا نظرنا إلى عملية خلق الإنسـان من خلال المـادة والطاقة، نعرف هذا الإعجاز المذهل الذي وضعه الخالق سبحانه في عملية التلقيح بين نطفة الرجل وبويضة المرأة، علماً بأن النطفة تصنع في جسم الذكر، بينما تصنع البويضة في جسم الأنثى، وهما جسمان منفصلان مما لا يدع أدنى مجال للشك في أن الخالق واحد، و إلا كان من المستحيل حصول عملية التلقيح، في عملياتها البالغة الدقة، ولا نقرض الجنس البشري والمخلوقات الأخرى: (وفي أنفسـكـم أفلا تبصـرون )[ الذاريات 21].
في الوقت الذي يقوم فيه مبيض الأنثى بصنع البويضة، يجري صنع النطفة في جسم الذكر، ويجري تجهيز هذه النطفة، بحيث تتلاءم مع جسم الأنثى الغريب الذي ستدخله، والمجهول تماماً بالنسبة لها، ففي كل خصية عند الذكر يوجد أقنية مجهرية طولها نحو 500 متر، لإنتاج النطـاف المنويـة التي ستوصل 23 «صبغياً» من الذكر إلى البويضة بشكلٍ آمن لتتحد مع 23 «صبغياً» آخر من الأنثى، ومن أجل تنفيذ هذه المهمة، يجري صنع المركبة [النطفة ] من ثلاثة أجزاء أساسية، هي: الدرع والمحرك والذيل، فالدرع قاس وفي مقدمة النطفة، ليحمي الصبغيـات التي يحملها من عشرات الأخطار التي ستتعرض لها على الطريق نحو البويضة، ويقع خلفه [المحرك القوي] لتحريك الذيـل كالمروحة، ويعمل هذا المحرك على وقود خـاص هو [سكر الفركتوز]، ويوجد في السائل المنوي كمية محسوبة بدقة، تكفي لتشغيل 250 مليون محرك، هو عدد النطاف التي يقذفها الذكر في مهبل الأنثى عند كل جماع، لإيصالها للبويضة عن طريق الرحم.
وتتم المعجزة الإلهية الكبرى في خلق الإنسان، عند خلق النطاف والسائل المنوي: (أفرأيتم مـا تمـنون أأنتم تخـلـقونه أم نحـن الـخـالـقون )[الواقعة 58/ 59]، ( قتل الإنسان مـا أكـفره مـن أي شـيء خـلـقه مـن نطـفة خـلـقـه فقدره ثم الـسـبيل يسـره)[ عبس 17 / 20 ]، الـسـبيل: سبيل وصوله إلى البويضة وهو نطفة، ( خـلـق مـن مـاء دافق يخـرج مـن بين الـصـلـب و الـترائـب)[ الطارق 6 / 7 ]، والطـاقة توجد في [ النطفة ] وليس في [ البويضة ]، لأن البويضة ذات طـاقة خاملة فإذا لـم يتم تلقيحهـا تتلف وتسقط في [الدورة الشهرية].
( وأوحـى ربك إلـى الـنحـل )[ النحل 68]:
النحـل والـذباب:
إن النحـل والذبـاب يجمعهما تصنيف علمي واحد، هو [صنف الحشرات]، ولكن الفرق بينهما أن النحـل قد تلقى وحيـاً من السماء: ( وأوحـى ربك إلـى الـنحـل ) [النحل 68 ]، وعندما التزم بهذه التعاليم ونفذها، أصبح النحل يأكل أفضل ما في الطبيعة [ رحيق الأزهار ]، ثم يعطي أفضل الأطعمة [ العسل ]، كما أنه يعيش في مجتمعات متعاونة، يؤدي كلٌ دوره فيها بصمت وتفان في العمل وضمن بيئـة نظيفـة.
أما الذبـاب فلم يتلق تعليمات سماوية، فبقي يأكل أقـذر ما في الطبيعة، ويعيش في بيئة قذرة، ولا يعطي إلا الأمراض وإزعاج الناس، كما يعيش ضمن مجتمع مفكك، ليس فيه أي رابطة، حيث تتصرف كل ذبابة وحدها، والنحل [ يعطي] العسل الذي فيه شـفاء للناس: ( فيه شـفاء للـناس)[النحل 69]، بينما الذباب [يسلب] بشكل مزعج: ( وإن يسـلـبهـم الـذباب شـيئـا)[ الحج 73] .
وفي ذلك عبرة للنـاس، فالإنسان الذي يلتزم بتعاليم السماء والأرض، هو إنسان أشبه ما يكون بالنحلة، التي تعطي دوماً بلا كلل و لا ملل، فالسـائق الذي يلتزم بتعليمات المرور دون الحاجة لشرطي يراقبه، هو إنسان يعكس صورة مجتمع منظم وحضاري، ويعطي الآخرين فكرة رائعة عن سلوكه الحسن في خدمة المجتمع فهو شـبيه بالنحـلة، أما الذي يسهم في تلوث البيئة، وإلقاء الأوساخ في الشارع ويسعى لفساد الحدائق والساحات، هو أشـبه ما يكون بالذبابة، التي لا يهنـأ لها العيش إلا بين الأوسـاخ، وداخل بيئـة ملوثـةٍ، والذي لا يهمه إلا أن [ يسلب] الآخرين أموالهم بالرشوة أو بالغش والاحتكار والاحتيال، أو يسلبهم راحتهم بمكبرات الصوت أو منبه السيارة، أو يسلبهم حاجاتهم الضرورية من الماء والكهرباء والغذاء، أشبه ما يكون بالذبابة، التي تقضي عمرها وهي [ تسلب]، ولا تعطي إلا الإزعاج، فما أروع أن تنفذ تعاليم السـماء السمحاء، التي تدعو إلى إقامة مجتمع تسوده المحبة والتعاون، وفيه فائض من الخيرات، ويكفي من العبرة أن المجتمع [يربي] النحل، بينما [يكافح ] الذباب، والسورة رقم 16 في القرآن الكريم هي (سـورة النحـل).
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
16رمضان 1436هـ -03 يوليو 2015م
القمح.. رؤيا حق
أتى ذكر السنابل (القمح) في القرآن الكريم في مواضع منها ﴿وَقَالَ المَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ (يوسف:43) هذه رؤيا رآها الملك، فقد رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر فرتعن معهن ثم ملن عليهن فأكلنهن فاستيقظ الملك مذعوراً، ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة وإذا سبع أخر يابسات فأكلهن فاستيقظ مذعورا.... إلخ.
الرؤى والأحلام
الرؤى والأحلام موضوعٌ تناوله الإعلام والناس في مجالسهم وفي أطروحاتهم، موضوعٌ يمس المجتمع لحاجته إليه، في بيان أحكامه وأحواله، نعم .. إنه موضوع راج سوقه في هذا الزمن، وعظُم الاهتمام به في هذا الوقت. وقد صح في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءا من النبوة».
والعلماء رحمهم الله قسموا الرؤيا إلى ثلاثةِ أقسام، الرؤى الصالحة وهي بُشرى وفرح وتطمين وتثبيت وهي من عند الله تعالى، وهذه الرؤيا الصالحة لا تعدو أن تكون من جنسِ المبشرات بإذن الله تعالى، فينبغي حمد الله تعالى على هذه الرؤيا والثناء عليه بما هو أهله، لأنها نعمة تفضَل الله عز وجل، بها على العبد الصالح، ولا يحدّث بها إلا من يحب ويتمنى له الخير في دينه ودنياه، ولا يعرضها أيضا إلا على لبيب عالم ناصح موسوم بالصدق والأمانة وليحذر كل الحذر من أهل الهوى والتعالُم والدعاية والتعبير.
ثانياً حُلُم يكون من الشيطان وهو تحزين وتخويف وأذى، فيجب مُراعاة هذا الحلم وفق الضوابط الشرعية المنصوص عليها في السنة النبوية، والأخير أضغاث أحلام وهو حديثُ نفس لا أثر له.
ضوابط شرعية
ومن هذه الضوابط التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً في الجهة اليسرى، لأنه سبب التحزين والخوف والهلع، وأيضا التعوذ بالله من شر ما رأيت في المنام ثلاث مرات، فإنك إذا فعلت ذلك فإنها لا تضرك بإذن الله تعالى، النفث عن يسارك ثلاث مرات، والنفث هو إخراج الهواء بشيء من الريق البسيط، يجب أن تتحول من الجنب الذي أنت عليه إلى جنب آخر، تفاؤلاً أن يحول الله حالك إلى حال أحسن وأفضل، ومتى ما تكرر هذا الحلُم وهذه الرؤيا المزعجة، فقم وتوضأ وصل لله ركعتين، واعلم أنها لا تضرك إن شاء لله، حاول ألا تخبر بهذا الحلم أحدا، ولا تشغل نفسك أو خاطرك بالتفكير فيه، فإنه لا يعدو أن يكون من عدوك الشيطان تحزينا لك وتخويفا وإفزاعا.
أحكام
وهناك أحكام تتعلق بالرؤى والأحلام، الحكم الأول هو أن هذه الرؤى والأحلام لا يترتب عليها أيةُ أحكام شرعية دينية أو اعتقادات لأن العلم والقول والاعتقاد توقيفي مبني على الوحي الشريف من كلام الله تعالى القرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقط، والحكم الثاني أنه لا يُبنى على تلك الرؤى أحكام شرعية واعتقادات دينية وأحوال مصيرية وتصورات بدعية، وإنما فاعل ذلك هو من أهل الخرافة والشعوذة، الحكم الثالث أنه ينبغي على المسلم العاقل ولا سيما أخواتُنا من النساء أن يحذروا كل الحذر من مُدعي التعبير من المتعالمين والجهال وأهل الكذب والشعوذة والخرافة والكهانة الذين يدّعون علم الغيب، ويروجون على الناس بدعوى تعبير المنامات، الحكم الرابع، ألا يعرضَ المسلم ما يشُد الحاجةَ إلى تعبيره من منامه، إلا على أهل العلم والصدق والخبرة والدِيانة فقط، ويحذر مِن سواهم أشد الحذر، سلامة لعرضه وبراءة وصِيانة لعقيدته ودينه.
الحكم الخامس، أنه لا يسوغُ للمؤمن أن يسأل عن كل رؤى ومنام رآه، بل يكون عاقلا فطنا، كما أنه لا يليق به أن يضيع أوقاته للجلوس لتعبير الرؤى، أو نشر الهواتف والعناوين، والمراسلات عبر وسائل الإعلام من إنترنِت وقنوات وهواتف وبريد وغيرها، وإبراز وسائل الإعلام للقضايا الشخصية والمنامات الخاصة، فإن هذا من عدم الستر، ومن الترويج الفاسد لهذه البضاعة الكاسدة، ومن تضليل الناس وتشويه عقولهم وقلوبهم.
أهمية القمح
يستخدم القمح في غذاء الإنسان ولا يضاهيه أي محصول آخر وذلك لأن الخبز الناتج عنه يعتبر أفضل أنواع الخبز على الإطلاق، بالإضافة إلى أن البسكويت والمعجنات والمعكرونة تعتمد على القمح بشكل أساسي.
وللقمح قيمة غذائية عالية فهو مرمم للجروح والقروح ويستعمل مغلي القشرة (ردة النخالة) لتسكين آلام الحكة الناتجة عن الأمراض الجلدية وفي داء الدمامل بالتكميد، كما يصنع منها لبخة معدية ولصوق للدمل، كما يفيد القمح في تنشيط العصارات الهاضمة وهو موقف للنزف، مقو للأعصاب، يساعد في توليد الحيوية والنشاط وفي إعطاء الجسم مناعة مكتسبة ضد الأمراض. لقد أسبغ الله علينا نعمه وأوحى إلى الأرض أن تخرج خبأها لتدفع عن البشرية غائلة الجوع، وأوحى إلى السماء أن تجود بسخاء لتكون الوشائج قوية بين الأرض والسماء، وليعم النماء فلنؤمن ولنتق لتشملنا البركات، ولننبذ التكذيب والجحود لأنهما طريقان إلى القحط والجدب.
*******************************************************أتى ذكر السنابل (القمح) في القرآن الكريم في مواضع منها ﴿وَقَالَ المَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ (يوسف:43) هذه رؤيا رآها الملك، فقد رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر فرتعن معهن ثم ملن عليهن فأكلنهن فاستيقظ الملك مذعوراً، ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة وإذا سبع أخر يابسات فأكلهن فاستيقظ مذعورا.... إلخ.
الرؤى والأحلام
الرؤى والأحلام موضوعٌ تناوله الإعلام والناس في مجالسهم وفي أطروحاتهم، موضوعٌ يمس المجتمع لحاجته إليه، في بيان أحكامه وأحواله، نعم .. إنه موضوع راج سوقه في هذا الزمن، وعظُم الاهتمام به في هذا الوقت. وقد صح في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءا من النبوة».
والعلماء رحمهم الله قسموا الرؤيا إلى ثلاثةِ أقسام، الرؤى الصالحة وهي بُشرى وفرح وتطمين وتثبيت وهي من عند الله تعالى، وهذه الرؤيا الصالحة لا تعدو أن تكون من جنسِ المبشرات بإذن الله تعالى، فينبغي حمد الله تعالى على هذه الرؤيا والثناء عليه بما هو أهله، لأنها نعمة تفضَل الله عز وجل، بها على العبد الصالح، ولا يحدّث بها إلا من يحب ويتمنى له الخير في دينه ودنياه، ولا يعرضها أيضا إلا على لبيب عالم ناصح موسوم بالصدق والأمانة وليحذر كل الحذر من أهل الهوى والتعالُم والدعاية والتعبير.
ثانياً حُلُم يكون من الشيطان وهو تحزين وتخويف وأذى، فيجب مُراعاة هذا الحلم وفق الضوابط الشرعية المنصوص عليها في السنة النبوية، والأخير أضغاث أحلام وهو حديثُ نفس لا أثر له.
ضوابط شرعية
ومن هذه الضوابط التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً في الجهة اليسرى، لأنه سبب التحزين والخوف والهلع، وأيضا التعوذ بالله من شر ما رأيت في المنام ثلاث مرات، فإنك إذا فعلت ذلك فإنها لا تضرك بإذن الله تعالى، النفث عن يسارك ثلاث مرات، والنفث هو إخراج الهواء بشيء من الريق البسيط، يجب أن تتحول من الجنب الذي أنت عليه إلى جنب آخر، تفاؤلاً أن يحول الله حالك إلى حال أحسن وأفضل، ومتى ما تكرر هذا الحلُم وهذه الرؤيا المزعجة، فقم وتوضأ وصل لله ركعتين، واعلم أنها لا تضرك إن شاء لله، حاول ألا تخبر بهذا الحلم أحدا، ولا تشغل نفسك أو خاطرك بالتفكير فيه، فإنه لا يعدو أن يكون من عدوك الشيطان تحزينا لك وتخويفا وإفزاعا.
أحكام
وهناك أحكام تتعلق بالرؤى والأحلام، الحكم الأول هو أن هذه الرؤى والأحلام لا يترتب عليها أيةُ أحكام شرعية دينية أو اعتقادات لأن العلم والقول والاعتقاد توقيفي مبني على الوحي الشريف من كلام الله تعالى القرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقط، والحكم الثاني أنه لا يُبنى على تلك الرؤى أحكام شرعية واعتقادات دينية وأحوال مصيرية وتصورات بدعية، وإنما فاعل ذلك هو من أهل الخرافة والشعوذة، الحكم الثالث أنه ينبغي على المسلم العاقل ولا سيما أخواتُنا من النساء أن يحذروا كل الحذر من مُدعي التعبير من المتعالمين والجهال وأهل الكذب والشعوذة والخرافة والكهانة الذين يدّعون علم الغيب، ويروجون على الناس بدعوى تعبير المنامات، الحكم الرابع، ألا يعرضَ المسلم ما يشُد الحاجةَ إلى تعبيره من منامه، إلا على أهل العلم والصدق والخبرة والدِيانة فقط، ويحذر مِن سواهم أشد الحذر، سلامة لعرضه وبراءة وصِيانة لعقيدته ودينه.
الحكم الخامس، أنه لا يسوغُ للمؤمن أن يسأل عن كل رؤى ومنام رآه، بل يكون عاقلا فطنا، كما أنه لا يليق به أن يضيع أوقاته للجلوس لتعبير الرؤى، أو نشر الهواتف والعناوين، والمراسلات عبر وسائل الإعلام من إنترنِت وقنوات وهواتف وبريد وغيرها، وإبراز وسائل الإعلام للقضايا الشخصية والمنامات الخاصة، فإن هذا من عدم الستر، ومن الترويج الفاسد لهذه البضاعة الكاسدة، ومن تضليل الناس وتشويه عقولهم وقلوبهم.
أهمية القمح
يستخدم القمح في غذاء الإنسان ولا يضاهيه أي محصول آخر وذلك لأن الخبز الناتج عنه يعتبر أفضل أنواع الخبز على الإطلاق، بالإضافة إلى أن البسكويت والمعجنات والمعكرونة تعتمد على القمح بشكل أساسي.
وللقمح قيمة غذائية عالية فهو مرمم للجروح والقروح ويستعمل مغلي القشرة (ردة النخالة) لتسكين آلام الحكة الناتجة عن الأمراض الجلدية وفي داء الدمامل بالتكميد، كما يصنع منها لبخة معدية ولصوق للدمل، كما يفيد القمح في تنشيط العصارات الهاضمة وهو موقف للنزف، مقو للأعصاب، يساعد في توليد الحيوية والنشاط وفي إعطاء الجسم مناعة مكتسبة ضد الأمراض. لقد أسبغ الله علينا نعمه وأوحى إلى الأرض أن تخرج خبأها لتدفع عن البشرية غائلة الجوع، وأوحى إلى السماء أن تجود بسخاء لتكون الوشائج قوية بين الأرض والسماء، وليعم النماء فلنؤمن ولنتق لتشملنا البركات، ولننبذ التكذيب والجحود لأنهما طريقان إلى القحط والجدب.
اليقين في إيماننا
اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيءٍ، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة، والإنجيل، والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته. الxلهم أنت الأول فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
اللهم تقبل حمدنا وذكرنا، وصلاتنا وسلامنا، وبارك لنا في أعمالنا، وارزقنا اليقين في إيماننا، والتوفيق في أقوالنا وأفعالنا.
اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك.
اللهم إن لك نسمات لطفٍ إذا هبت على مريضٍ شفته، ونفحات إذا توجهت إلى أسيرٍ أطلقته، وعنايات إذا حفظت غريقاً أنقذته، وسعادات إذا أخذت بيد شقي أسعدته، ورحمات إذا ضاقت الحيل على مذنب وسعته، وفضائل إذا شملت فاسدٍ أصلحته، ونظرات رحمةٍ إذا نظرت بها إلى غافل أيقظته، فهب لي نسمةً تشفي بها مرض قلبي وغفلتي، ونفحةً تطلق بها أسري من وثاق شهوتي، واحفظني بعنايتك حفظاً ينقذني من بحر ضلالتي.
اللهم انقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال إلا فيك، وانسدت الطرق إلا إليك، نسألك اللهم ألا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز عن التدبير، ولا إلى احدٍ من خلقك فنجزع من التقصير، وتداركنا بلطفك وعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحانك اللهم بابك مفتوح للراغبين، وخيرك مبذول للطالبين، فاهدني هدى المهتدين ولا تجعلني من الغافلين، واغفر لي يوم الدين، وأسألك اللهم صبراً جميلاً، وفرجاً قريباً، وقولاً صادقا، وأجراً عظيماً. اللَّهُمَّ إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك
*******************************************************اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيءٍ، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة، والإنجيل، والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته. الxلهم أنت الأول فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
اللهم تقبل حمدنا وذكرنا، وصلاتنا وسلامنا، وبارك لنا في أعمالنا، وارزقنا اليقين في إيماننا، والتوفيق في أقوالنا وأفعالنا.
اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا، وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك.
اللهم إن لك نسمات لطفٍ إذا هبت على مريضٍ شفته، ونفحات إذا توجهت إلى أسيرٍ أطلقته، وعنايات إذا حفظت غريقاً أنقذته، وسعادات إذا أخذت بيد شقي أسعدته، ورحمات إذا ضاقت الحيل على مذنب وسعته، وفضائل إذا شملت فاسدٍ أصلحته، ونظرات رحمةٍ إذا نظرت بها إلى غافل أيقظته، فهب لي نسمةً تشفي بها مرض قلبي وغفلتي، ونفحةً تطلق بها أسري من وثاق شهوتي، واحفظني بعنايتك حفظاً ينقذني من بحر ضلالتي.
اللهم انقطع الرجاء إلا منك، وخابت الآمال إلا فيك، وانسدت الطرق إلا إليك، نسألك اللهم ألا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز عن التدبير، ولا إلى احدٍ من خلقك فنجزع من التقصير، وتداركنا بلطفك وعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحانك اللهم بابك مفتوح للراغبين، وخيرك مبذول للطالبين، فاهدني هدى المهتدين ولا تجعلني من الغافلين، واغفر لي يوم الدين، وأسألك اللهم صبراً جميلاً، وفرجاً قريباً، وقولاً صادقا، وأجراً عظيماً. اللَّهُمَّ إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك، وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك
(لقد اتعبت كل الخلفاء من بعدك يا ابا بكر )
في أحد الأيام كان عمر ابن الخطاب يراقب خليفة المؤمنين أبو بكر الصديق في وقت الفجر وشد انتباهه أن أبا بكر يخرج الى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر ويمر بخيمة صغيرة و يدخل به لساعات ثم ينصرف لبيته ... وهو لا يعلم ما بداخل البيت ولا يدري ما يفعلة أبو بكر الصديق داخل هذا البيت
لأن عمر يعرف كل ما يفعله أبو بكر الصديق من خير
إلا ما كان من أمر هذا البيت الذى لا يعلم عمر سره !!
مرت الايام ومازال خليفة المؤمنين أبابكر الصديق يزور هذا البيت
ومازال عمر لا يعرف ماذا يفعل الصديق داخله
إلى أن قرر عمر بن الخطاب دخول البيت بعد خروج أبو بكر منه
ليشاهد بعينه ما بداخله وليعرف ماذا يفعل فيه الصديق رضي الله عنه بعد صلاة الفجر !!
حينما دخل عمر في هذا الكوخ الصغير وجد سيدة عجوز لا تقوى على الحراك كما أنها عمياء العينين ولم يجد شيئاً آخر في هذا البيت فاستغرب ابن الخطاب مما شاهد.....؟؟!!
وأراد أن يعرف ما سر علاقة الصديق بهذه العجوز العمياء ؟!؟
سأل عمر العجوز :
ماذا يفعل هذا الرجل عندكم ؟
(يقصد أبو بكر الصديق) فأجابت العجوز وقالت :
والله لا أعلم يا بنى فهذا الرجل يأتى كل صباح وينظف لي البيت ويكنسه ومن ثم يعد لى الطعام وينصرف دون أن يكلمنى !!
جثم عمر ابن الخطاب على ركبتيه واجهشت عيناه بالدموع وقال عبارته المشهورة :
( لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر )
*******************************************************في أحد الأيام كان عمر ابن الخطاب يراقب خليفة المؤمنين أبو بكر الصديق في وقت الفجر وشد انتباهه أن أبا بكر يخرج الى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر ويمر بخيمة صغيرة و يدخل به لساعات ثم ينصرف لبيته ... وهو لا يعلم ما بداخل البيت ولا يدري ما يفعلة أبو بكر الصديق داخل هذا البيت
لأن عمر يعرف كل ما يفعله أبو بكر الصديق من خير
إلا ما كان من أمر هذا البيت الذى لا يعلم عمر سره !!
مرت الايام ومازال خليفة المؤمنين أبابكر الصديق يزور هذا البيت
ومازال عمر لا يعرف ماذا يفعل الصديق داخله
إلى أن قرر عمر بن الخطاب دخول البيت بعد خروج أبو بكر منه
ليشاهد بعينه ما بداخله وليعرف ماذا يفعل فيه الصديق رضي الله عنه بعد صلاة الفجر !!
حينما دخل عمر في هذا الكوخ الصغير وجد سيدة عجوز لا تقوى على الحراك كما أنها عمياء العينين ولم يجد شيئاً آخر في هذا البيت فاستغرب ابن الخطاب مما شاهد.....؟؟!!
وأراد أن يعرف ما سر علاقة الصديق بهذه العجوز العمياء ؟!؟
سأل عمر العجوز :
ماذا يفعل هذا الرجل عندكم ؟
(يقصد أبو بكر الصديق) فأجابت العجوز وقالت :
والله لا أعلم يا بنى فهذا الرجل يأتى كل صباح وينظف لي البيت ويكنسه ومن ثم يعد لى الطعام وينصرف دون أن يكلمنى !!
جثم عمر ابن الخطاب على ركبتيه واجهشت عيناه بالدموع وقال عبارته المشهورة :
( لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر )
حكى أن رجلاً جلس يوماً يأكل هو وزوجته وبين أيديهما دجاجة مشوية
فوقف سائل ببابه فخرج إليه وانتهره وطرده
ودارات الأيام وافتقر هذا الرجل وزالت نعمته حتى أنه طلق زوجته ،
وتزوجت من بعده برجل آخر جلس يأكل معها في يوم من الأيام وبين أيديهما دجاجة مشوية وإذ بسائل يطرق الباب فقال الرجل لزوجته : ادفعي إليه هذه الدجاجة
فخرجت بها إليه فإذا به زوجها الأول فأعطته الدجاجة كامله ورجعت وهي تبكي إلى زوجها
فسألها عن بكائها فأخبرته أن السائل كان زوجها السابق الذى دار به الحال الى هذه الدرجه
وذكرت له قصتها مع ذلك السائل الذي انتهره زوجها الأول وطرده
فقال لها زوجها : ومم تعجبين
وأنا والله كنت السائل الأول
لاتنفر ولا تذدرء ولا تعبس من احوال الاخرين
لربما تبدل الحال وتبدلت الادوار
سبحان مغير الاحوال
وسبحان من له الدوام
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الجــزء الـخـامـس عـشــر
الليل للسكون والراحـة والنـوم
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الإســراء ، وحتى الآيـة [ 74 ] من سورة الـكـهف ، ومـمّـا ورَد فيـه :
(أسـرى بعـبده ليـلاً )[ الإسراء 1 ]:
الإسْـراءُ: الحـركَةُ الأفقيَّـة مـا بيْنَ مكّـةَ المكرّمة وَالقـدْسِ الشـريف، المِعْراجُ: الحَرَكَـةُ العموديّـةُ صُـعوداً نحـْوَ السَـماءِ .
(فَـمَحونا آيَ اللـيل)[الإسراء 12]:
إنّ مُخالَفَة السَاعَةِ البيولوجيّةِ هوَ شَيْءٌ خَطيرٌ عَلى الصحّةِ، وَ قَدْ أرَادَ الله سبحانهُ أَنْ يَكونَ اللَّيْلُ لِلسُكونِ والراحَـةِ وَالنَـومِ [ إلاّ في حَالَـةِ الضرورَةُ النافِعَـةِ كالدراسَـةِ أوِ الحراسـَةِ أوِ العبادَةِ ] : ( وَ مِـنَ اللـيلِ فَاسْـجُـدْ لَـهُ وَ سَـبِّحْـهُ لـَيْلاً طَـوِيلاً ) الإنسان 26 ] ، وَ عَنِ السُـكونِ في اللَّيْلِ قال تعالى: ( هُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ لِـتَسْـكُـنُوا فيِهِ )[ يونس 67 ] ، ( وَجَـعَـلَ اللَّـيْل َسَـكَـنَاً )[ الأنعام 96 ] ، ( ألَـمْ يَروْا أنّا جَـعَـلـْنَا اللـيْلَ لِـيَسْـكُـنُوا فِيهِ )[ النمل 86 ] ، ( اللّـهُ الـذي جَـعَـلَ لـَكُـمُ اللـيْلَ لـِتَسْـكُـنُوا فِيهِ )[ غافر 61 ]، ( وَجَـعَـلـْنَا اللَّـيْلَ لِـبَاسَـاً )[ النبأ 10 ] ، ( وَهُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ لِـبَاسَـاً وَالـنَوْمَ سُـبَاتاً )[ الفرقان 47 ] ، وَ الليْلُ مَادّةٌ مَخْلُوقَةٌ: ( وَهُـوَ الـذي خَـلَـقَ اللـَّيْلَ وَالـنَهَـارَ )[ الأنبياء 33 ] ، وَ الليلُ مادّةٌ مُسَخّرَة : ( وَسَـخَـرَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ وَالـنَهَـارَ)[ إبراهيم 33 ][ النحل 12 ] ، وَسُـكُونُ الليلِ رَحْمَةٌ إلهيّةٌ : ( وَمِـنْ رَحْـمَـتِهِ جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللـيْلَ وَالـنَهَـارَ لِـتَسْكُـنُوا فِـيهِ وَلِـتَبْتَغُـوا مِـنْ فَضْـلِـهِ)[ القصص 73 ] ، ( وَهُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللّـيْلَ لِـبَاسَـاً وَالـنَوْمَ سُـبَاتَاً ) [ الفرقان 48 ]، لِـبَاسَـاً : إحْسَاسٌ بالهُدُوءِ ، سُـبَاتَاً : حالةُ وفاة ، ( وَهُـوَ الـذي يَتَوَفَّاكُـمْ بِاللّـيْلِ )[ الأنعام 60 ] ، فالنَوْمُ في اللّيْلِ هُوَ حَالَةُ وَفَـاةٍ، وَ بِهَذِهِ الوَفَاةُ راحَةٌ للنَفْسِ وَالجِسْمِ بَعْدَ تَخْفيفِ الروحِ، مِنْ قِبَلِ الخَالِقِ تعالى، وَ التي في حَالِ بَقَائِهَا مَعَ النَفْسِ وَ الجِسْمِ تُسَبِّبُ لَهُمَا الإرْهَاقَ الذي لاَ يُطَاقُ، وَ يَتَّضِحُ ذَلِكَ الإرْهَاقُ جَلِيَّاً إذَا بَقِيَ الإنْسَانُ دُونَ نَوْمٍ لِفَتْرَةٍ طَويلَةٍ، فالسَهَرُ الطَويلُ هُوَ الكَارِثَةُ الصِحِيَّةُ ، التي تُبْقِي الرُوحَ بِكَامِلِ طَاقَتِهَا مَعَ النَفْسِ وَالجِسْمِ مُسَبِّبَةً لَهُمَا الإرْهَاقَ وَالتَعَبَ الشديدَ: ( وَجَـعَـلْـنَا نَوْمَـكُمْ سُـبَاتَاً )[ النبـأ 9 ] ، ( وَمِـنْ آيَاتِهِ مَـنَامُـكُـمْ بِاللّـيْل ِ)[ الروم 23 ] ، فالنَـوْمُ آيَـةٌ مِنْ آيَاتِ اللّـهِ، ( اللّـهُ الـذي جَـعَـلَ لـَكُـمُ اللّـيْلَ لـِتَسْـكُـنُوا فِيهِ وَالـنَهَـارَ مُـبْصِـرَاً )[ غافر 61 ] ، ذَكَرَ مَعَ اللّيْلِ كَلِمَةَ تَسْـكُنُوا بِصِيغَةِ الفِعْلِ، للتَأكِيدِ عَلى حَقيقَةِ السُكُونِ في اللّيْلِ، بَيْنَمَا اسْتَعْمَلَ المَجَـازَ : مُبْصِراً مَعَ النهَارِ مَعَ أنَّ النَهَارَ لاَ يُبْصِرُ، فَلَمْ يَقُلْ عَنِ النَهَارِ: [ لِتُبْصروا فيهِ ]، ( وَلَـهُ مَـا سَـكَـنَ فـي اللّـيْلِ )[ الأنعام 13 ] ، إنَّ للسُـكُونِ أهَمِيَّة بالِغَـة في الوِقَايَةِ مِنَ الأمْراضِ العُضْوِيَّةِ ، فَفي دِراسَةٍ طبيَّةٍ نَشَرَتْهَا مَجَلَّةُ الجَمعِيَّةِ الطبيَّةِ الأمريكيَّةِ أنَّ السُكُونَ مِنْ أهَمِّ الوَسَـائِلِ التي تَقي مِنَ الأمْراضِ ، وَ تُخَلِّصُ مِنَ الآلامِ المُزْمِنَـةِ.
(وازِرةٌ وِزْرَ أخـرى )[ الإسراء 15 ]:
الأوْزارُ: هيَ الأثْقالُ بشَكْلٍ عَامّ: ( حُـمِّـلْـنَا أَوْزاراً مِـنْ زِينَةِ الـقَوْمِ )[ طه 87 ] ،( حَـتّى تَضَعُ الـحَـرْبُ أَوْزارَهَـا )[ محمد 4 ] ، وَ مِنْهُ الوَزيـرُ الذي يُسَاعِدُ الحاكِمَ في حَمْلِ عِبْءِ مَسْؤوليّةِ السُلْطَة: ( وَاجْـعَـلْ لـي وَزيـرا ًمِـنْ أَهْـلـي هَـارونَ أخـي )[ طه 25 ]، ( وَجَـعَـلْـنَـا مَـعـَهُ أَخَــاهُ هَـارونَ وَزيراً )[ الفرقان 35 ] ، ( وَوَضَـعْـنَـا عـَنْـكَ وِزْرَكَ الـذي أَنْقَضَ ظَـهْـرَكَ )[ الشرح 2 ]، وَ الـوَزَرُ: هوَ المَلْجَـأ : ( يَقولُ الإنْسَـانُ يَوْمَـئِـذٍ أَيْنَ الـمَـفَـرُّ كـلاّ لاَ وَزَرَ )[ القيامة 10 ] .
أمَّـا كَلِمَـةُ الثِقَـلِ: فَهُـوَ الـوَزْنُ ذو الفَـائِدَةِ وَ القيمَـةِ وَ المعَـاني العَـاليةِ: ( وَتَحْـمِـلُ أَثْقَـالَـكُـمْ إلـى بَلَـدٍ لَـمْ تَـكُـونُوا بَالِـغـيهِ إلاَّ بِشِـــقِّ الأَنْفُـسِ )[ النحل 7 ] ، ( إنَّـا سَــنُلْـقـي عَـلَـيْـكَ قَـوْلاً ثَقِـيلاً )[ المزمّل 5 ] .
بينمَـا كَلِمَـةُ الـوِقْر: فَهُوَ الحِمْلُ الكبيرُ جِدّاً وَ الذي يَخُصُّ شَيْئاً بِعَيْنِهِ : ( فـالـحَـامـلاَتِ وِقْـراً)[ الذاريات 2 ] ، فالرياحُ تَحْمِلُ الغُيُومَ ذات الأَوْزانِ الهَائِلَـةِ ، حَيْثُ كُلُّ لِيتْرٍ مِنْ مَاءِ المَطَرِ وَزْنُهُ / 1 / كيلو غرام ، وَ يوجَدُ في الغَيْمَةِ ملياراتٍ مِنَ الليتراتِ: ( وَنُنَـزِّلُ مِـنَ الـسَـمـاءِ مِـنْ جِـبَـالٍ فـيهَـا مِـنْ بَـرَدٍ )[ النور 43 ] ، وَ تَبْقى كَلِمَـةُ الحَمْـلِ : وَ هُـوَ لِحَمْلِ الجنينِ في البطْنِ : (حَـمَـلَـتْ حَـمْـلاً خَـفيفَـاً)[ الأعراف 189 ] ، ( وَأُولاَتِ الأَحْـمَـالِ أَجَـلَـهُـنَّ أَنْ يَضَـعْـنَ حَـمْـلَـهُـنَّ)[ الطلاق 4 ] .
(وبالوالدين إحساناً)[الإسراء 23] :
حُسْـناً: الطاعة وَ الوَلَدُ عِنْدَ أهْلِه ، إحْسَـاناً : عطـاء مَعَ تَودّد بَعْدَ زواجِ الوَلَدِ : ( وَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ حُـسْناً )[ العنكبوت 8 ] ، ( وَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ إحْـسَـانَاً ) [ الأحقاف 15 ] ، و كلمة أوْصَـى : لأُمُـورٍ كَثـيرَةٍ و َعَـامَّةٍ ، بينمـا كلمة وَصَّـى : لأَمْـرٍ واحِـدٍ شَـديدِ الأَهَمِيَّـةِ : ( وَأوْصَـاني بِالـصَـلاَةِ وَالـزَكَـاةِ )[ مريم 31 ] ، ( يُوصِـيكُـمُ اللّـهُ فـي أوْلاَدِكُـمْ )[ النساء 11 ] ، بَيْنَمَا وَصَّـيْنَا : المُبالَغَةُ بالوصيَّةِ : ( وَوَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ )[ العنكبوت 8 ][ لقمان 14 ][ الأحقاف 15 ]، ( شَـرَعَ لَـكُـمْ مِـنَ الـدينِ مَـا وَصَّـى بِهِ نُوحَـاً وَالـذي أوْحَـيْنَا إلَـيْكَ وَمَا وَصَّـى بِهِ إبراهِـيمَ وَمُـوسَـى وَعِـيْسَـى )[ الشورى 13 ] ، ( وَوَصَّـى بِهَـا إبراهِـيمُ بَنيهِ وَيَعْـقُوبَ )[ البقرة 132 ].
(وَاخْـفِضْ لَـهُـمَا جَـنَاحَ الـُلّ)[الإسراء 24]:
الذُلُّ: وَيَكُونُ بالهيبَةِ أو الإكْراهِ مِنَ الآخَرينِ ( وَاخْـفِضْ لَـهُـمَـا جَـنَاحَ الـذُلِّ )[ الإسراء 24 ] ، وَ هُنا [ استعارة تخيليّة ] ، حيْثُ استخْدمَتْ كلمَةُ [ جَناح ] في غيْر معناها الأصْليّ، و السَبَبُ هو: إظْهارُ المعقُولِ في صُورَة المحسوس، لتلطيفِ الكلام و زيادةِ الإيْضاح، حَيْثُ ذَكَرَتْ جَناحَ الذُلّ وَ صَاحِبُ الجَناحِ هُوَ الطَائِرُ، وَ مِنْ عَادَةِ الطَائِرِ الصَغيرِ أنْ يَطِيرَ مِنَ العُشِّ دُونَ عَوْدَةٍ مَتى مَا تَمَكَّنَ مِنَ الطَيرانِ ، فالقُرْآنُ يَطْلُبُ مِنَ الإنْسَانِ أنْ لاَ يَكونَ مِثْلَ الطَائِرِ الذي يَهْجُرُ أبَوَيْهِ دُونَ رَجْعَةٍ عِنْدَما يُمَكِّنُهُ جَنَاحُهُ مِنَ الطَيَرانِ ، فَطَلَبَ مِنَ الإنْسَانِ أنْ يُخَالِفَ الطَائِرَ بِأنْ يَخْفِضَ جَناحَ الذُلِّ لِوالِدَيْهِ ، بَلْ طَالَبَهُ بأنْ يَكُونَ وَالِدَاه عِنْـدَهُ ، وَ لَيْسَ في بَيْتِهِمَا ، أثْنَاءَ كِبَرِهِمَا ، فَقَالَ : ( إمَّـا يَبْلُـغَـنَّ عِـنْـدَكَ الـكِـبَرَ أَحَـدُهُـمَـا أوْ كِـلاَهُـمَـا )[ الإسراء 23 ] ، أمّـا ذُلُّ الإكْراهِ : ( خَـاشِـعِـينَ مِـنَ الـذُلِّ يَنْظُـرونَ مِـنْ طَـرَفٍ خَـفِيٍّ )[ الشورى 45 ] ، ( وَقُلِ الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ الـذي لَـمْ يَتَّخِـذْ وَلَـدَاً وَلَـمْ يَـكُـنْ لَـهُ شَـريكٌ فـي الـمُـلْـكِ وَلَـمْ يَكُـنْ لَـهُ وَلِـيٌّ مِـنَ الـذُلِّ وَكَـبِّرْهُ تَكْـبيراً)[ الإسراء 111 ] .
(بالـقِـسْـطَـاسِ الـمُـسْـتَـقيمِ)[الإسراء 35 ] :
القَاسِطُ: هُوَ الذي يَأخُذُ قِسْـطَ غَيْرِهِ وَ حِصَّتَهُ : ( وَأَمَّـا الـقَـاسِـطُـونَ فَكَـانُوا لِـجَـهَـنَّمَ حَـطَـباً )[ الجن 5 ] ، كالذي يَأْخُذُ قِسْـطَهُ وَ قِسْـطَ غَيْرِهِ مِنَ المَــاءِ وَ الكَهْرباءِ وَ المَـوادّ الغِـذَائِيَّةِ وَ غيْرِها ... ، و المُقْسِطُ : هُوَ الذي يُعْطِي لِلآخَرينَ أقْسَاطَهُمْ : ( إنَّ اللَّـهَ يُحِـبُّ الـمُـقْـسِـطِـينَ )[ الممتحنة 8 ][ الحجرات 9 ][ المائدة 42] ، أمَّا القِسْـطُ فَهُوَ : النَاحيَةُ التنفيذيّةُ لإعْطَاءِ الآخَرينَ أقْسَاطَهُمْ : ( كُـونُوا قَوَّامِـينَ بالـقِسْـطِ )[ النساء 135 ] ، ( قُـلْ أَمَـرَ رَبّـي بِالـقِـسْـطِ )[ الأعراف 29 ] ، ( وَأَقِـيمُـوا الـوَزْنَ بِالـقِـسْـطِ )[ الرحمن 9 ] ، أمّا القِسْطَاسُ فَهُوَ : الميزَانُ الذي يَزينُ القِسْطَ الصَحيحَ : ( وَزِنُوا بالـقِـسْـطَـاسِ الـمُـسْـتَـقيمِ )[ الإسراء 35 ] .
الإصباح والإمساء لا ينطبق على الله تعالى
(سُـبْحَـانَ الـذي أَسْـرى بِعَـبْدِهِ لَـيْلاً)[ الإسراء 1 ] :
إنَّ سُـبْحَانَ هِيَ: نَائِبُ مَفْعُولُ مُطْلَقٍ، وَ تَعْني تَعَالى أوْ تَنَزَّهَ عَنِ المَوْضُوعِ الذي يَجْري الحَديثُ عَنْهُ: ( سُبْحَـانَ الـذي أَسْـرى بِعَـبْدِهِ لَـيْلاً )[ الإسراء 1 ] ، فالموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ إسْرَاءٍ، وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُـبْحَانَ، لأنَّ الذي يَسْري يَتَحَرَّكُ في فَراغٍ أوْ مَكَانٍ أكْبَرَ مِنْهُ، وَ الله تعالى لاَ يُوجَدُ فَراغٌ أوْ مَكَانٌ أكْبرَ مِنْهُ كَيْ يَتَحَرَّكَ [ يَسْري ] بِهِ ، فَـ[اللّهُ أكْبَرُ اللّهُ أكْبَرُ] بِإطْلاَقٍ ، وَ لِذَلِكَ وَرَدَتْ كَلِمَةُ سُبْحَانَ : ( فَسُبْحَـانَ اللّـهِ حِـيْنَ تُمْـسُـونَ وَحِـيْنَ تُصْـبِحُـونَ )[ الروم 17 ] ، الموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ إصْباحٍ وَ إمْسَـاءٍ ، وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُبْحَانَ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنّ الإصْبَاحَ وَ الإمْسَاءَ لاَ يَنْطَبِقُ عَلى الله تَعَالى ، لأَنَّ اللّـهَ لاَ يوجَدُ عَلى كَوْكَبٍ يَدورُ بِـهِ ، حَتّى يَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ الإصْبَاحُ وَ الإمْسَاءُ ، مِنْ شَمْسٍ أوْ قَمَرٍ فَوْقَهُ : ( سُـبْحَـانَ رَبِّكَ رَبِّ الـعِـزَّةِ عَـمَّـا يَصِـفُونَ )[ الصافات 180 ] ، الموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ وَصْفٍ وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُبْحَانَ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ مَوْضُوعَ الوَصْفِ لاَ يَنْطَبِقُ عَلى الله تعالى، لأنَّـهُ يَستَحيلُ وَصْفُ الإلـهِ : ( سُـبْحَـانَ الـذي خَـلَـقَ الأزْوَاجَ كُـلَّـهَـا )[ يس 36 ] ، وَ كَلِمَةُ سُبْحَانَ قَدْ سَبَقَتْ مَوْضُوعَ الأزْواجِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ مَوْضُوعَ الأزْواجِ لاَ يَنْطَبِق عَلى الله تَعَالى، بَيْنَمَا يَنْطَبِقُ عَلى جَميعِ مَخْلوقَاتِهِ، وَ كَذَلِكَ: ( قَالُـوا اِتَّخَـذَ اللّـهُ وَلَـداً سُـبْحَـانَهُ ) [ يونس 68 ] ، ( مَـا كَـانَ لِلّـهِ أَنْ يَتَّخِـذَ مِـنْ وَلَـدٍ سُـبْحَـانَهُ )[ مريم 35 ] ، ( سُـبْحَـانَهُ وَتَعَـالـى عَـمَّـا يَقُولُـونَ عُـلُـوّاً كَـبِيراً )[ الإسراء 43] ، ( وَيَجْـعَـلُـونَ لِلَّـهِ الـبَنَاتِ سُـبْحَـانَهُ ) [ النحل 57 ] ، ( لَوْ أرَادَ اللّهُ أَنْ يَتّخِذَ وَلَـداً لاصْـطَـفَى مِـمَّـا يَخْـلُـقُ مَـا يَشَـاءُ سُـبْحَـانَهُ هُـوَ اللّـهُ الـواحِـدُ الـقَهَّـارُ )[ الزمر 4 ] .
وَ مِنْهُ التَسْبيحُ أيْ الإقْرارُ بأنَّ الله : ( لَـيْسَ كَـمِـثْلِـهِ شَـيْءٌ )[ الشورى 11] ، وَ لاَ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ القَوانينُ التي تَنْطَبِقُ عَلى مَا سِوَاهُ في الموجُوداتِ ، وَهَذَا الإقْرَارُ [ التَسْبيحُ ] يُنْجي صَاحِبَهُ مِنَ المهَالِكِ ، كَمَا حَدَثَ لِـ[ يُونُسَ ] عليه السلام عِنْدَمَا ابْتَلَعَهُ الحُوتُ : ( فَالْـتَقَـمَـهُ الـحُـوتُ وَ هُـوَ مُـلِـيمٌ فَلَـوْلاَ أنَّهُ كَـانَ مِـنَ الـمُـسَـبِّحِـينَ لَلَـبِثَ فِي بَطْـنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَـثُونَ )[ الصافات 142 / 144 ] ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ في مَوْضِعٍ آخَرَ : ( فَنَادى فِي الـظُـلُـمَـاتِ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أنْتَ سُـبْحَـانَكَ إنّي كُـنْتُ مِـنَ الـظَـالِـمِـينَ )[ الأنبياء 87 ] ، فَكَانَ بِذَلِكَ نَجَاتُهُ : ( فَاسْـتَجَـبْنَا لَـهُ وَنَجَّـْيْنَاهُ مِـَن الـغَـمِّ )[ الأنبياء 88 ] ، وَ نَحْنُ مُطالبونَ بِهذا الإقْرارِ أي [ التسبيح ] : ( فَسَـبِّحْ بِاسْـمِ رَبِّكَ الـعَـظِـيْمِ )[ الواقعة 74 / 96 ][ الحاقة 52 ] ، ( سَـبِّحِ اِسْـمَ رَبِّكَ الأَعْـلـى )[ الأعلى 1 ] ، ( فَسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّكَ وَكُـنْ مِـنَ الـسَـاجِـدينَ )[ الحجر 98 ] ، ( فَسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّكَ وَاسْـتَغْـفِرْهُ )[ النصر 3 ] ، ( أنْ سَـبِّحـوا بُكْـرَةً وَعَـشِـيّاً )[ مريم 11 ] .
(لَـئِنْ أَخَّـرْتَنِ)[الإسْراء 62]:
(قالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الـذي كَـرَّمْـتَ عَـلَـيَّ لَـئِنْ أَخَّـرْتَنِ إلـى يَوْمِ الـقِيَامَـةِ لأَحْـتَنِكَـنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاَّ قَلِـيْلاً )[ الإسْراء 62 ] ، ( مِـنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَـدَكُـم الـمَـوْتُ فَيَقُـولُ رَبِّ لَـوْلا أَخَّـرْتَنـي إلـى أَجَـلٍ قَـريبٍ فَأَصَّـدَّقَ وَأَكُـنْ مِـنَ الـشَـاكِـرينَ )[ المنافقون 10 ] ، نُلاَحِظُ أنَّ إبْليسَ قَالَ : [ أَخَّرْتَنِ ] بِدونِ حَرْفِ اليَاءِ ، بَيْنَمَا يَقُولُ الإنْسَانُ عِنْدَ المَوْتِ : [ أَخَّرْتَنـي ] بِوُجُودِ حَرْفِ اليَـاءِ ، وَ السَبَبُ أَنَّ الإنْسَانَ يَطْلُبُ التَأْخيرَ لِمَصْلَحَتِهِ الشَخْصِيَّةِ ، بَيْنَما إبْليسُ يَطْلُبُ التَأْخيرَ لِضَرَرِ الآخَرينَ .
(وَلَـقَـدْ كَـرَّمْـنَا بَـني آدَمَ) [الإسراء 70]:
حينَما يَسْـتَخْدِمُ القُرْآنُ عِبارَةَ : [ بَـني آدَمَ ] ، أيْ حينَمَا [ يَنْسِـبُ الإنْسَـانَ لآدَمَ المُتَعَلِّمَ الذي يَعْلَمُ الأسْمَاءَ كُلَّهَـا ] ، فَإنَّهُ يَتَحَدَّثُ باللطْفِ وَ اللينِ وَ التكْريمِ ، تَقْديراً للمَعْرِفَـةِ وَ العِـلْمِ : ( وَلَـقَـدْ كَـرَّمْـنَا بَـني آدَمَ )[ الإسراء 70 ] ، أمّـا حينَما يَسْتَخْدِمُ لَفْظَةَ : [ الإنسـَان ] فَقَطْ ، المُجَـرَّدِ مِنَ المَعْرِفَةِ ، فَإنَّهُ يَتَحَدَّثُ عنهُ كَـكَافِرٍ وَ جَاحِدٍ وَ ذي صِفَاتٍ سيّئَةٍ : ( قُـتِـلَ الإنْسَـانُ مَا أَكْـفَـرَهُ )[ عبس 17 ] ، ( إنَّ الإنْسَـانَ لَــكَــفُـورٌ )[ الزخرف 15 ][ الحج 66 ] ، ( إنَّ الإنْسَـانَ لَـظَــلُـومٌ كَــفَّـارٌ )[ إبراهيم 34 ] ، ( كَـلاّ إنَّ الإنْسَانَ لَــيَطْـغَـى )[ العلق 6 ] ، وَعَنْ طَبيعَةِ النَفْسِ الإنسانيّةِ قالَ تعالى : ( وَلَــئِــنْ أذَقْـنَا الإنسَانَ مِــنَّا رَحْـمَــةً ثُـمّ نَزَعْـنَاهَـا مِـنـْهُ إنَّـهُ لَــيَـؤوسٌ كَــفُـورٌ وَلَــئِـنْ أذَقْـنَاهُ نَـعْـمـَاءَ بَعْـدَ ضَـرّاءَ مَــسّـتْـهُ لَـيَقُولَـنَّ ذَهَـبَ الـسَـيـّئَـاتُ عَــنّي إنَّـهُ لَـفَـرِحٌ فَـخُـورٌ )[ هود 9 ] ، ( إنَّ الإنْسَانَ لِـرَبِّـهِ لَـكَـنُودٌ )[ العاديات 6 ] ، (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا)[ الإسراء 83 ] ، ( خَـلَـقَ الإنْسَـانَ مِـنْ نُطْـفَـةٍ فَإذا هُـوَ خَـصِـيمٌ مُـبينٌ )[ النحل 4 ] ، ( أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسَـانُ أنَّا خَـلَـقْـنَاهُ مِـنْ نُطْـفَـةٍ فَإذا هُـوَ خَـصِـيمٌ مُـبينٌ )[ يـس 77 ] .
( سَـبْعَـةٌ وَثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] :
المُعْتَقَدُ أنَّ عَدَدَ فِتْيَةِ أهْلِ الكَهْفِ سَـبْعَةُ فِتْيَـةٍ : ( سَــيَـقُـولُـونَ ثَـلاثَةٌ رَابِعُـهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ وَيَقُـولُـونَ خَـمْـسَـةٌ سَـادِسُـهُـمْ كَـلْـبُهُـمْ رَجْـمَـاً بالـغَـيْبِ وَ يَقُـولُـونَ سَـبْعَـةٌ وَثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] ، وَسَمّاها البَعْضُ [ واو الثَمانِيَة ] ، لأنَّ القُرْآنَ يَذْكُرُها أثْناءَ التَعْدادِ بَعْدَ الرقم سَبْعة، وَالذي اعْتَبروه الرقم الكامِلَ : ( الـتَائـِبُونَ الـعَـابِدونَ الـحَـامِـدونَ الـسَائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَالـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ ) [ التوبة 112 ] ، ( مُـسْـلِـمَاتٍ مُؤْمِـنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِـباتٍ عَابِداتٍ سَائِحَـاتٍ ثَيِّـباتٍ وَأبْكَـاراً ) [ التحريم 5 ] .
(مَـجْـمَـعَ الـبـحْـرين) [الكهف 60]:
مِنْ بَعْضِ أُمُـورِ التَثْنِيـَة في اللغَةِ العَرَبيّـةِ ، مَـا يُلْفِتُ النَظَرَ ، حَيْثُ تُوجَدُ مُصْطَلَحَاتٌ لاَ تُحَقِّقُ شَـرْطَ تَطَـابُقِ المَعْنى في الاسـمَينِ ، بَـلْ تَغْليبُ اسْـمٍ عَلى الآخَـرِ ، وَ مِنْهـا:
البَحْـرانِ : النَهْـرُ وَ البَحْـرُ : ( مَـرَجَ الـبَحْـرَيْنِ يَلْـتـَقـِيَانِ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ )[ الرحمن 19] ، ( وَمَـا يَسْـتَوي الـبَحْـرانِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ ... وَهَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ )[ فاطر 12 ] ، ( وَجَـعَـلَ بَيْنَ الـبَحْـرَيْنِ حَـاجِـزَاً )[ النمل61 ] ، ( وَهُـوَ الـذي مَـرَجَ الـبَحْـرينِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ وَهَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ وَجَـعَـلَ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ وَحِـجْـراً مَـحْـجُـوراً)[ الفرقان 53 ] .
كـل هـذا واللـه أعـلـم.
الليل للسكون والراحـة والنـوم
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الإســراء ، وحتى الآيـة [ 74 ] من سورة الـكـهف ، ومـمّـا ورَد فيـه :
(أسـرى بعـبده ليـلاً )[ الإسراء 1 ]:
الإسْـراءُ: الحـركَةُ الأفقيَّـة مـا بيْنَ مكّـةَ المكرّمة وَالقـدْسِ الشـريف، المِعْراجُ: الحَرَكَـةُ العموديّـةُ صُـعوداً نحـْوَ السَـماءِ .
(فَـمَحونا آيَ اللـيل)[الإسراء 12]:
إنّ مُخالَفَة السَاعَةِ البيولوجيّةِ هوَ شَيْءٌ خَطيرٌ عَلى الصحّةِ، وَ قَدْ أرَادَ الله سبحانهُ أَنْ يَكونَ اللَّيْلُ لِلسُكونِ والراحَـةِ وَالنَـومِ [ إلاّ في حَالَـةِ الضرورَةُ النافِعَـةِ كالدراسَـةِ أوِ الحراسـَةِ أوِ العبادَةِ ] : ( وَ مِـنَ اللـيلِ فَاسْـجُـدْ لَـهُ وَ سَـبِّحْـهُ لـَيْلاً طَـوِيلاً ) الإنسان 26 ] ، وَ عَنِ السُـكونِ في اللَّيْلِ قال تعالى: ( هُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ لِـتَسْـكُـنُوا فيِهِ )[ يونس 67 ] ، ( وَجَـعَـلَ اللَّـيْل َسَـكَـنَاً )[ الأنعام 96 ] ، ( ألَـمْ يَروْا أنّا جَـعَـلـْنَا اللـيْلَ لِـيَسْـكُـنُوا فِيهِ )[ النمل 86 ] ، ( اللّـهُ الـذي جَـعَـلَ لـَكُـمُ اللـيْلَ لـِتَسْـكُـنُوا فِيهِ )[ غافر 61 ]، ( وَجَـعَـلـْنَا اللَّـيْلَ لِـبَاسَـاً )[ النبأ 10 ] ، ( وَهُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ لِـبَاسَـاً وَالـنَوْمَ سُـبَاتاً )[ الفرقان 47 ] ، وَ الليْلُ مَادّةٌ مَخْلُوقَةٌ: ( وَهُـوَ الـذي خَـلَـقَ اللـَّيْلَ وَالـنَهَـارَ )[ الأنبياء 33 ] ، وَ الليلُ مادّةٌ مُسَخّرَة : ( وَسَـخَـرَ لَـكُـمُ اللَّـيْلَ وَالـنَهَـارَ)[ إبراهيم 33 ][ النحل 12 ] ، وَسُـكُونُ الليلِ رَحْمَةٌ إلهيّةٌ : ( وَمِـنْ رَحْـمَـتِهِ جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللـيْلَ وَالـنَهَـارَ لِـتَسْكُـنُوا فِـيهِ وَلِـتَبْتَغُـوا مِـنْ فَضْـلِـهِ)[ القصص 73 ] ، ( وَهُـوَ الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمُ اللّـيْلَ لِـبَاسَـاً وَالـنَوْمَ سُـبَاتَاً ) [ الفرقان 48 ]، لِـبَاسَـاً : إحْسَاسٌ بالهُدُوءِ ، سُـبَاتَاً : حالةُ وفاة ، ( وَهُـوَ الـذي يَتَوَفَّاكُـمْ بِاللّـيْلِ )[ الأنعام 60 ] ، فالنَوْمُ في اللّيْلِ هُوَ حَالَةُ وَفَـاةٍ، وَ بِهَذِهِ الوَفَاةُ راحَةٌ للنَفْسِ وَالجِسْمِ بَعْدَ تَخْفيفِ الروحِ، مِنْ قِبَلِ الخَالِقِ تعالى، وَ التي في حَالِ بَقَائِهَا مَعَ النَفْسِ وَ الجِسْمِ تُسَبِّبُ لَهُمَا الإرْهَاقَ الذي لاَ يُطَاقُ، وَ يَتَّضِحُ ذَلِكَ الإرْهَاقُ جَلِيَّاً إذَا بَقِيَ الإنْسَانُ دُونَ نَوْمٍ لِفَتْرَةٍ طَويلَةٍ، فالسَهَرُ الطَويلُ هُوَ الكَارِثَةُ الصِحِيَّةُ ، التي تُبْقِي الرُوحَ بِكَامِلِ طَاقَتِهَا مَعَ النَفْسِ وَالجِسْمِ مُسَبِّبَةً لَهُمَا الإرْهَاقَ وَالتَعَبَ الشديدَ: ( وَجَـعَـلْـنَا نَوْمَـكُمْ سُـبَاتَاً )[ النبـأ 9 ] ، ( وَمِـنْ آيَاتِهِ مَـنَامُـكُـمْ بِاللّـيْل ِ)[ الروم 23 ] ، فالنَـوْمُ آيَـةٌ مِنْ آيَاتِ اللّـهِ، ( اللّـهُ الـذي جَـعَـلَ لـَكُـمُ اللّـيْلَ لـِتَسْـكُـنُوا فِيهِ وَالـنَهَـارَ مُـبْصِـرَاً )[ غافر 61 ] ، ذَكَرَ مَعَ اللّيْلِ كَلِمَةَ تَسْـكُنُوا بِصِيغَةِ الفِعْلِ، للتَأكِيدِ عَلى حَقيقَةِ السُكُونِ في اللّيْلِ، بَيْنَمَا اسْتَعْمَلَ المَجَـازَ : مُبْصِراً مَعَ النهَارِ مَعَ أنَّ النَهَارَ لاَ يُبْصِرُ، فَلَمْ يَقُلْ عَنِ النَهَارِ: [ لِتُبْصروا فيهِ ]، ( وَلَـهُ مَـا سَـكَـنَ فـي اللّـيْلِ )[ الأنعام 13 ] ، إنَّ للسُـكُونِ أهَمِيَّة بالِغَـة في الوِقَايَةِ مِنَ الأمْراضِ العُضْوِيَّةِ ، فَفي دِراسَةٍ طبيَّةٍ نَشَرَتْهَا مَجَلَّةُ الجَمعِيَّةِ الطبيَّةِ الأمريكيَّةِ أنَّ السُكُونَ مِنْ أهَمِّ الوَسَـائِلِ التي تَقي مِنَ الأمْراضِ ، وَ تُخَلِّصُ مِنَ الآلامِ المُزْمِنَـةِ.
(وازِرةٌ وِزْرَ أخـرى )[ الإسراء 15 ]:
الأوْزارُ: هيَ الأثْقالُ بشَكْلٍ عَامّ: ( حُـمِّـلْـنَا أَوْزاراً مِـنْ زِينَةِ الـقَوْمِ )[ طه 87 ] ،( حَـتّى تَضَعُ الـحَـرْبُ أَوْزارَهَـا )[ محمد 4 ] ، وَ مِنْهُ الوَزيـرُ الذي يُسَاعِدُ الحاكِمَ في حَمْلِ عِبْءِ مَسْؤوليّةِ السُلْطَة: ( وَاجْـعَـلْ لـي وَزيـرا ًمِـنْ أَهْـلـي هَـارونَ أخـي )[ طه 25 ]، ( وَجَـعَـلْـنَـا مَـعـَهُ أَخَــاهُ هَـارونَ وَزيراً )[ الفرقان 35 ] ، ( وَوَضَـعْـنَـا عـَنْـكَ وِزْرَكَ الـذي أَنْقَضَ ظَـهْـرَكَ )[ الشرح 2 ]، وَ الـوَزَرُ: هوَ المَلْجَـأ : ( يَقولُ الإنْسَـانُ يَوْمَـئِـذٍ أَيْنَ الـمَـفَـرُّ كـلاّ لاَ وَزَرَ )[ القيامة 10 ] .
أمَّـا كَلِمَـةُ الثِقَـلِ: فَهُـوَ الـوَزْنُ ذو الفَـائِدَةِ وَ القيمَـةِ وَ المعَـاني العَـاليةِ: ( وَتَحْـمِـلُ أَثْقَـالَـكُـمْ إلـى بَلَـدٍ لَـمْ تَـكُـونُوا بَالِـغـيهِ إلاَّ بِشِـــقِّ الأَنْفُـسِ )[ النحل 7 ] ، ( إنَّـا سَــنُلْـقـي عَـلَـيْـكَ قَـوْلاً ثَقِـيلاً )[ المزمّل 5 ] .
بينمَـا كَلِمَـةُ الـوِقْر: فَهُوَ الحِمْلُ الكبيرُ جِدّاً وَ الذي يَخُصُّ شَيْئاً بِعَيْنِهِ : ( فـالـحَـامـلاَتِ وِقْـراً)[ الذاريات 2 ] ، فالرياحُ تَحْمِلُ الغُيُومَ ذات الأَوْزانِ الهَائِلَـةِ ، حَيْثُ كُلُّ لِيتْرٍ مِنْ مَاءِ المَطَرِ وَزْنُهُ / 1 / كيلو غرام ، وَ يوجَدُ في الغَيْمَةِ ملياراتٍ مِنَ الليتراتِ: ( وَنُنَـزِّلُ مِـنَ الـسَـمـاءِ مِـنْ جِـبَـالٍ فـيهَـا مِـنْ بَـرَدٍ )[ النور 43 ] ، وَ تَبْقى كَلِمَـةُ الحَمْـلِ : وَ هُـوَ لِحَمْلِ الجنينِ في البطْنِ : (حَـمَـلَـتْ حَـمْـلاً خَـفيفَـاً)[ الأعراف 189 ] ، ( وَأُولاَتِ الأَحْـمَـالِ أَجَـلَـهُـنَّ أَنْ يَضَـعْـنَ حَـمْـلَـهُـنَّ)[ الطلاق 4 ] .
(وبالوالدين إحساناً)[الإسراء 23] :
حُسْـناً: الطاعة وَ الوَلَدُ عِنْدَ أهْلِه ، إحْسَـاناً : عطـاء مَعَ تَودّد بَعْدَ زواجِ الوَلَدِ : ( وَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ حُـسْناً )[ العنكبوت 8 ] ، ( وَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ إحْـسَـانَاً ) [ الأحقاف 15 ] ، و كلمة أوْصَـى : لأُمُـورٍ كَثـيرَةٍ و َعَـامَّةٍ ، بينمـا كلمة وَصَّـى : لأَمْـرٍ واحِـدٍ شَـديدِ الأَهَمِيَّـةِ : ( وَأوْصَـاني بِالـصَـلاَةِ وَالـزَكَـاةِ )[ مريم 31 ] ، ( يُوصِـيكُـمُ اللّـهُ فـي أوْلاَدِكُـمْ )[ النساء 11 ] ، بَيْنَمَا وَصَّـيْنَا : المُبالَغَةُ بالوصيَّةِ : ( وَوَصَّـيْنَا الإنْسَـانَ بِوالِـدَيْهِ )[ العنكبوت 8 ][ لقمان 14 ][ الأحقاف 15 ]، ( شَـرَعَ لَـكُـمْ مِـنَ الـدينِ مَـا وَصَّـى بِهِ نُوحَـاً وَالـذي أوْحَـيْنَا إلَـيْكَ وَمَا وَصَّـى بِهِ إبراهِـيمَ وَمُـوسَـى وَعِـيْسَـى )[ الشورى 13 ] ، ( وَوَصَّـى بِهَـا إبراهِـيمُ بَنيهِ وَيَعْـقُوبَ )[ البقرة 132 ].
(وَاخْـفِضْ لَـهُـمَا جَـنَاحَ الـُلّ)[الإسراء 24]:
الذُلُّ: وَيَكُونُ بالهيبَةِ أو الإكْراهِ مِنَ الآخَرينِ ( وَاخْـفِضْ لَـهُـمَـا جَـنَاحَ الـذُلِّ )[ الإسراء 24 ] ، وَ هُنا [ استعارة تخيليّة ] ، حيْثُ استخْدمَتْ كلمَةُ [ جَناح ] في غيْر معناها الأصْليّ، و السَبَبُ هو: إظْهارُ المعقُولِ في صُورَة المحسوس، لتلطيفِ الكلام و زيادةِ الإيْضاح، حَيْثُ ذَكَرَتْ جَناحَ الذُلّ وَ صَاحِبُ الجَناحِ هُوَ الطَائِرُ، وَ مِنْ عَادَةِ الطَائِرِ الصَغيرِ أنْ يَطِيرَ مِنَ العُشِّ دُونَ عَوْدَةٍ مَتى مَا تَمَكَّنَ مِنَ الطَيرانِ ، فالقُرْآنُ يَطْلُبُ مِنَ الإنْسَانِ أنْ لاَ يَكونَ مِثْلَ الطَائِرِ الذي يَهْجُرُ أبَوَيْهِ دُونَ رَجْعَةٍ عِنْدَما يُمَكِّنُهُ جَنَاحُهُ مِنَ الطَيَرانِ ، فَطَلَبَ مِنَ الإنْسَانِ أنْ يُخَالِفَ الطَائِرَ بِأنْ يَخْفِضَ جَناحَ الذُلِّ لِوالِدَيْهِ ، بَلْ طَالَبَهُ بأنْ يَكُونَ وَالِدَاه عِنْـدَهُ ، وَ لَيْسَ في بَيْتِهِمَا ، أثْنَاءَ كِبَرِهِمَا ، فَقَالَ : ( إمَّـا يَبْلُـغَـنَّ عِـنْـدَكَ الـكِـبَرَ أَحَـدُهُـمَـا أوْ كِـلاَهُـمَـا )[ الإسراء 23 ] ، أمّـا ذُلُّ الإكْراهِ : ( خَـاشِـعِـينَ مِـنَ الـذُلِّ يَنْظُـرونَ مِـنْ طَـرَفٍ خَـفِيٍّ )[ الشورى 45 ] ، ( وَقُلِ الـحَـمْـدُ لِلَّـهِ الـذي لَـمْ يَتَّخِـذْ وَلَـدَاً وَلَـمْ يَـكُـنْ لَـهُ شَـريكٌ فـي الـمُـلْـكِ وَلَـمْ يَكُـنْ لَـهُ وَلِـيٌّ مِـنَ الـذُلِّ وَكَـبِّرْهُ تَكْـبيراً)[ الإسراء 111 ] .
(بالـقِـسْـطَـاسِ الـمُـسْـتَـقيمِ)[الإسراء 35 ] :
القَاسِطُ: هُوَ الذي يَأخُذُ قِسْـطَ غَيْرِهِ وَ حِصَّتَهُ : ( وَأَمَّـا الـقَـاسِـطُـونَ فَكَـانُوا لِـجَـهَـنَّمَ حَـطَـباً )[ الجن 5 ] ، كالذي يَأْخُذُ قِسْـطَهُ وَ قِسْـطَ غَيْرِهِ مِنَ المَــاءِ وَ الكَهْرباءِ وَ المَـوادّ الغِـذَائِيَّةِ وَ غيْرِها ... ، و المُقْسِطُ : هُوَ الذي يُعْطِي لِلآخَرينَ أقْسَاطَهُمْ : ( إنَّ اللَّـهَ يُحِـبُّ الـمُـقْـسِـطِـينَ )[ الممتحنة 8 ][ الحجرات 9 ][ المائدة 42] ، أمَّا القِسْـطُ فَهُوَ : النَاحيَةُ التنفيذيّةُ لإعْطَاءِ الآخَرينَ أقْسَاطَهُمْ : ( كُـونُوا قَوَّامِـينَ بالـقِسْـطِ )[ النساء 135 ] ، ( قُـلْ أَمَـرَ رَبّـي بِالـقِـسْـطِ )[ الأعراف 29 ] ، ( وَأَقِـيمُـوا الـوَزْنَ بِالـقِـسْـطِ )[ الرحمن 9 ] ، أمّا القِسْطَاسُ فَهُوَ : الميزَانُ الذي يَزينُ القِسْطَ الصَحيحَ : ( وَزِنُوا بالـقِـسْـطَـاسِ الـمُـسْـتَـقيمِ )[ الإسراء 35 ] .
الإصباح والإمساء لا ينطبق على الله تعالى
(سُـبْحَـانَ الـذي أَسْـرى بِعَـبْدِهِ لَـيْلاً)[ الإسراء 1 ] :
إنَّ سُـبْحَانَ هِيَ: نَائِبُ مَفْعُولُ مُطْلَقٍ، وَ تَعْني تَعَالى أوْ تَنَزَّهَ عَنِ المَوْضُوعِ الذي يَجْري الحَديثُ عَنْهُ: ( سُبْحَـانَ الـذي أَسْـرى بِعَـبْدِهِ لَـيْلاً )[ الإسراء 1 ] ، فالموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ إسْرَاءٍ، وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُـبْحَانَ، لأنَّ الذي يَسْري يَتَحَرَّكُ في فَراغٍ أوْ مَكَانٍ أكْبَرَ مِنْهُ، وَ الله تعالى لاَ يُوجَدُ فَراغٌ أوْ مَكَانٌ أكْبرَ مِنْهُ كَيْ يَتَحَرَّكَ [ يَسْري ] بِهِ ، فَـ[اللّهُ أكْبَرُ اللّهُ أكْبَرُ] بِإطْلاَقٍ ، وَ لِذَلِكَ وَرَدَتْ كَلِمَةُ سُبْحَانَ : ( فَسُبْحَـانَ اللّـهِ حِـيْنَ تُمْـسُـونَ وَحِـيْنَ تُصْـبِحُـونَ )[ الروم 17 ] ، الموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ إصْباحٍ وَ إمْسَـاءٍ ، وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُبْحَانَ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنّ الإصْبَاحَ وَ الإمْسَاءَ لاَ يَنْطَبِقُ عَلى الله تَعَالى ، لأَنَّ اللّـهَ لاَ يوجَدُ عَلى كَوْكَبٍ يَدورُ بِـهِ ، حَتّى يَتَحَقَّقَ عِنْدَهُ الإصْبَاحُ وَ الإمْسَاءُ ، مِنْ شَمْسٍ أوْ قَمَرٍ فَوْقَهُ : ( سُـبْحَـانَ رَبِّكَ رَبِّ الـعِـزَّةِ عَـمَّـا يَصِـفُونَ )[ الصافات 180 ] ، الموضُوعُ هُنَا مَوْضُوعُ وَصْفٍ وَ بَدَأَ بِكَلِمَةِ سُبْحَانَ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ مَوْضُوعَ الوَصْفِ لاَ يَنْطَبِقُ عَلى الله تعالى، لأنَّـهُ يَستَحيلُ وَصْفُ الإلـهِ : ( سُـبْحَـانَ الـذي خَـلَـقَ الأزْوَاجَ كُـلَّـهَـا )[ يس 36 ] ، وَ كَلِمَةُ سُبْحَانَ قَدْ سَبَقَتْ مَوْضُوعَ الأزْواجِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ مَوْضُوعَ الأزْواجِ لاَ يَنْطَبِق عَلى الله تَعَالى، بَيْنَمَا يَنْطَبِقُ عَلى جَميعِ مَخْلوقَاتِهِ، وَ كَذَلِكَ: ( قَالُـوا اِتَّخَـذَ اللّـهُ وَلَـداً سُـبْحَـانَهُ ) [ يونس 68 ] ، ( مَـا كَـانَ لِلّـهِ أَنْ يَتَّخِـذَ مِـنْ وَلَـدٍ سُـبْحَـانَهُ )[ مريم 35 ] ، ( سُـبْحَـانَهُ وَتَعَـالـى عَـمَّـا يَقُولُـونَ عُـلُـوّاً كَـبِيراً )[ الإسراء 43] ، ( وَيَجْـعَـلُـونَ لِلَّـهِ الـبَنَاتِ سُـبْحَـانَهُ ) [ النحل 57 ] ، ( لَوْ أرَادَ اللّهُ أَنْ يَتّخِذَ وَلَـداً لاصْـطَـفَى مِـمَّـا يَخْـلُـقُ مَـا يَشَـاءُ سُـبْحَـانَهُ هُـوَ اللّـهُ الـواحِـدُ الـقَهَّـارُ )[ الزمر 4 ] .
وَ مِنْهُ التَسْبيحُ أيْ الإقْرارُ بأنَّ الله : ( لَـيْسَ كَـمِـثْلِـهِ شَـيْءٌ )[ الشورى 11] ، وَ لاَ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِ القَوانينُ التي تَنْطَبِقُ عَلى مَا سِوَاهُ في الموجُوداتِ ، وَهَذَا الإقْرَارُ [ التَسْبيحُ ] يُنْجي صَاحِبَهُ مِنَ المهَالِكِ ، كَمَا حَدَثَ لِـ[ يُونُسَ ] عليه السلام عِنْدَمَا ابْتَلَعَهُ الحُوتُ : ( فَالْـتَقَـمَـهُ الـحُـوتُ وَ هُـوَ مُـلِـيمٌ فَلَـوْلاَ أنَّهُ كَـانَ مِـنَ الـمُـسَـبِّحِـينَ لَلَـبِثَ فِي بَطْـنِهِ إلـى يَوْمِ يُبْعَـثُونَ )[ الصافات 142 / 144 ] ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ في مَوْضِعٍ آخَرَ : ( فَنَادى فِي الـظُـلُـمَـاتِ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ أنْتَ سُـبْحَـانَكَ إنّي كُـنْتُ مِـنَ الـظَـالِـمِـينَ )[ الأنبياء 87 ] ، فَكَانَ بِذَلِكَ نَجَاتُهُ : ( فَاسْـتَجَـبْنَا لَـهُ وَنَجَّـْيْنَاهُ مِـَن الـغَـمِّ )[ الأنبياء 88 ] ، وَ نَحْنُ مُطالبونَ بِهذا الإقْرارِ أي [ التسبيح ] : ( فَسَـبِّحْ بِاسْـمِ رَبِّكَ الـعَـظِـيْمِ )[ الواقعة 74 / 96 ][ الحاقة 52 ] ، ( سَـبِّحِ اِسْـمَ رَبِّكَ الأَعْـلـى )[ الأعلى 1 ] ، ( فَسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّكَ وَكُـنْ مِـنَ الـسَـاجِـدينَ )[ الحجر 98 ] ، ( فَسَـبِّحْ بِحَـمْـدِ رَبِّكَ وَاسْـتَغْـفِرْهُ )[ النصر 3 ] ، ( أنْ سَـبِّحـوا بُكْـرَةً وَعَـشِـيّاً )[ مريم 11 ] .
(لَـئِنْ أَخَّـرْتَنِ)[الإسْراء 62]:
(قالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الـذي كَـرَّمْـتَ عَـلَـيَّ لَـئِنْ أَخَّـرْتَنِ إلـى يَوْمِ الـقِيَامَـةِ لأَحْـتَنِكَـنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاَّ قَلِـيْلاً )[ الإسْراء 62 ] ، ( مِـنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَـدَكُـم الـمَـوْتُ فَيَقُـولُ رَبِّ لَـوْلا أَخَّـرْتَنـي إلـى أَجَـلٍ قَـريبٍ فَأَصَّـدَّقَ وَأَكُـنْ مِـنَ الـشَـاكِـرينَ )[ المنافقون 10 ] ، نُلاَحِظُ أنَّ إبْليسَ قَالَ : [ أَخَّرْتَنِ ] بِدونِ حَرْفِ اليَاءِ ، بَيْنَمَا يَقُولُ الإنْسَانُ عِنْدَ المَوْتِ : [ أَخَّرْتَنـي ] بِوُجُودِ حَرْفِ اليَـاءِ ، وَ السَبَبُ أَنَّ الإنْسَانَ يَطْلُبُ التَأْخيرَ لِمَصْلَحَتِهِ الشَخْصِيَّةِ ، بَيْنَما إبْليسُ يَطْلُبُ التَأْخيرَ لِضَرَرِ الآخَرينَ .
(وَلَـقَـدْ كَـرَّمْـنَا بَـني آدَمَ) [الإسراء 70]:
حينَما يَسْـتَخْدِمُ القُرْآنُ عِبارَةَ : [ بَـني آدَمَ ] ، أيْ حينَمَا [ يَنْسِـبُ الإنْسَـانَ لآدَمَ المُتَعَلِّمَ الذي يَعْلَمُ الأسْمَاءَ كُلَّهَـا ] ، فَإنَّهُ يَتَحَدَّثُ باللطْفِ وَ اللينِ وَ التكْريمِ ، تَقْديراً للمَعْرِفَـةِ وَ العِـلْمِ : ( وَلَـقَـدْ كَـرَّمْـنَا بَـني آدَمَ )[ الإسراء 70 ] ، أمّـا حينَما يَسْتَخْدِمُ لَفْظَةَ : [ الإنسـَان ] فَقَطْ ، المُجَـرَّدِ مِنَ المَعْرِفَةِ ، فَإنَّهُ يَتَحَدَّثُ عنهُ كَـكَافِرٍ وَ جَاحِدٍ وَ ذي صِفَاتٍ سيّئَةٍ : ( قُـتِـلَ الإنْسَـانُ مَا أَكْـفَـرَهُ )[ عبس 17 ] ، ( إنَّ الإنْسَـانَ لَــكَــفُـورٌ )[ الزخرف 15 ][ الحج 66 ] ، ( إنَّ الإنْسَـانَ لَـظَــلُـومٌ كَــفَّـارٌ )[ إبراهيم 34 ] ، ( كَـلاّ إنَّ الإنْسَانَ لَــيَطْـغَـى )[ العلق 6 ] ، وَعَنْ طَبيعَةِ النَفْسِ الإنسانيّةِ قالَ تعالى : ( وَلَــئِــنْ أذَقْـنَا الإنسَانَ مِــنَّا رَحْـمَــةً ثُـمّ نَزَعْـنَاهَـا مِـنـْهُ إنَّـهُ لَــيَـؤوسٌ كَــفُـورٌ وَلَــئِـنْ أذَقْـنَاهُ نَـعْـمـَاءَ بَعْـدَ ضَـرّاءَ مَــسّـتْـهُ لَـيَقُولَـنَّ ذَهَـبَ الـسَـيـّئَـاتُ عَــنّي إنَّـهُ لَـفَـرِحٌ فَـخُـورٌ )[ هود 9 ] ، ( إنَّ الإنْسَانَ لِـرَبِّـهِ لَـكَـنُودٌ )[ العاديات 6 ] ، (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا)[ الإسراء 83 ] ، ( خَـلَـقَ الإنْسَـانَ مِـنْ نُطْـفَـةٍ فَإذا هُـوَ خَـصِـيمٌ مُـبينٌ )[ النحل 4 ] ، ( أوَ لَـمْ يَرَ الإنْسَـانُ أنَّا خَـلَـقْـنَاهُ مِـنْ نُطْـفَـةٍ فَإذا هُـوَ خَـصِـيمٌ مُـبينٌ )[ يـس 77 ] .
( سَـبْعَـةٌ وَثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] :
المُعْتَقَدُ أنَّ عَدَدَ فِتْيَةِ أهْلِ الكَهْفِ سَـبْعَةُ فِتْيَـةٍ : ( سَــيَـقُـولُـونَ ثَـلاثَةٌ رَابِعُـهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ وَيَقُـولُـونَ خَـمْـسَـةٌ سَـادِسُـهُـمْ كَـلْـبُهُـمْ رَجْـمَـاً بالـغَـيْبِ وَ يَقُـولُـونَ سَـبْعَـةٌ وَثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] ، وَسَمّاها البَعْضُ [ واو الثَمانِيَة ] ، لأنَّ القُرْآنَ يَذْكُرُها أثْناءَ التَعْدادِ بَعْدَ الرقم سَبْعة، وَالذي اعْتَبروه الرقم الكامِلَ : ( الـتَائـِبُونَ الـعَـابِدونَ الـحَـامِـدونَ الـسَائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَالـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ ) [ التوبة 112 ] ، ( مُـسْـلِـمَاتٍ مُؤْمِـنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِـباتٍ عَابِداتٍ سَائِحَـاتٍ ثَيِّـباتٍ وَأبْكَـاراً ) [ التحريم 5 ] .
(مَـجْـمَـعَ الـبـحْـرين) [الكهف 60]:
مِنْ بَعْضِ أُمُـورِ التَثْنِيـَة في اللغَةِ العَرَبيّـةِ ، مَـا يُلْفِتُ النَظَرَ ، حَيْثُ تُوجَدُ مُصْطَلَحَاتٌ لاَ تُحَقِّقُ شَـرْطَ تَطَـابُقِ المَعْنى في الاسـمَينِ ، بَـلْ تَغْليبُ اسْـمٍ عَلى الآخَـرِ ، وَ مِنْهـا:
البَحْـرانِ : النَهْـرُ وَ البَحْـرُ : ( مَـرَجَ الـبَحْـرَيْنِ يَلْـتـَقـِيَانِ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ )[ الرحمن 19] ، ( وَمَـا يَسْـتَوي الـبَحْـرانِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ ... وَهَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ )[ فاطر 12 ] ، ( وَجَـعَـلَ بَيْنَ الـبَحْـرَيْنِ حَـاجِـزَاً )[ النمل61 ] ، ( وَهُـوَ الـذي مَـرَجَ الـبَحْـرينِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ وَهَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ وَجَـعَـلَ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ وَحِـجْـراً مَـحْـجُـوراً)[ الفرقان 53 ] .
كـل هـذا واللـه أعـلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
17رمضان 1436هـ -04 يوليو 2015م
الرطب أفضل وجبات الحوامل
قال الله تعالى: «واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا ..
وكان أمرا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك تحتك سريّا وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيّا فكلي واشربي وقري عينا فإمّا ترينّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيّا».
هذه الآيات من سورة في القرآن تحمل اسم السيدة مريم، المرأة التي خلد الله ذكرها فيما لا يزال يتلى من آيات الكتاب العزيز المحفوظ من كل تحريف وزيادة ونقصان ..
وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على ما أرسل الله وأنبيائه وصفوته من خلقه من الأتقياء الأطهار من مكانة رفيعة ومنزلة عالية فهم عليهم السلام (الرسل والأنبياء) وكذلك عباد الله من الصلحاء الذين تولاهم بعنايته ورعايته هم القدوة والأسوة وهم المنزهون عن كل رذيلة ونقيصة.
عموم النساء
ومن هؤلاء مريم العذراء عليها السلام، أم المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فلا سبيل أن يقال فيها ما لا يليق بعموم النساء فما بالك بمن جعلها الله أمًّا لأحد أنبيائه ورسله المبجلين وأحد أولي العزم عيسى عليه السلام، فعقيدة المسلم في عيسى عليه السلام وفي أمه مريم عقيدة سليمة قويمة وما قصه القرآن الكريم في سوره وآياته من خبرهما وسيرتهما يرفعهما إلى أعلى عليّين.
والمسلم لا يفرق بين أحد من رسل الله عليهم السلام، يعتقد أن كل أنبياء ورسل الله بلغوا رسالة واحدة ألا وهي توحيد الله وعدم الشرك به (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله)، والمسلم يعتقد أن هؤلاء الأنبياء والمرسلين صاحبت بعثتهم ومسيرتهم معجزات هي خوارق عادات دالة على قدرة الله وقوله جل وعلا للشيء كن فيكون، فالله في عقيدة المسلم على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ..
ولا في السماء ولا عجب أن تذكر آيات الكتاب العزيز بأن ميلاد عيسى عليه السلام من أم دون أب لا يختلف عن خلق آدم من تراب يقول جل من قائل (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب).
إن مريم العذراء، مريم البثول عليها السلام امرأة طاهرة نقية حاشا لها أن تأتي منكراً من الفعل الذي لا تأتيه المرأة العادية فما بالك بمن ستكون أماً لنبي ورسول عظيم عليه وعلى جميع الأنبياء وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والتسليم.
فوائد الرطب
يحتوي الرطب على مواد مغذية ومقوية ومنظفة وملينة، ويعرف غناه بالسكريات خاصة سكر الفواكه وسكر العنب وهي سهلة الهضم والامتصاص والاحتراق..
والسكر لازم للسيدة الماخض لأنه يقوي عضلة الرحم التي تحتاج إلى انقباض. ولأن المرأة الماخض تبذل مجهوداً كبيراً وتحتاج تعويض هذا الجهد بالسكريات، ويقول الأطباء أنه يوجد هرمون يسمى هرمون بيتوسين لا ينشأ إلا في وجود سكر العنب والجلوكوز وهو موجود في الرطب.
كما أثبتت الدراسات العلمية أن الرطب يأتي على رأس الفواكه التي تعمل كمهدئ للمزاج الإنساني ويهدئ النفس ويحتوي الرطب على ماده المارتليم وفيتامين أ الذي يعتبره الأطباء المهدئ الأعظم وهو موجود في الرطب بكثره ويعمل على إرخاء العضلات.
ويحتوي الرطب على مواد معادلة لحموضة الدم لأن الحامل إذا كانت تكثر من تناول البروتينات والبقول فإنها تعاني من حموضة شديدة لأن نسبة الحموضة في الدم تكون عالية...
وهناك أملاح معدنية قلوية في الرطب، والقلوي مع الحامض يعادل الحموضة، وخطورة الحموضة في الدم أنها مسؤولة عن تكوين الحصوات في الكلى والمريء أو البولينا، والحموضة أيضاً مسؤولة عن داء النقرس والرطب هو الحل لهذه المشكلة.
مواد حافظة
يوجد في الرطب نسبة كبيرة من البوتاسيوم الذي يعمل على التوازن بين الماء داخل الخلية والماء خارجها، ويعمل على ثبات في قلوية الدم، كما يحتوي على عناصر أساسية مثل الحديد الذي يوجد في الرطب بنسبة كبيرة، ولأن الماخض تفقد دماً وتنزف فهي تحتاج إلى الحديد لأنه يحد من الدم النازف تدريجياً ويجنبها الإصابة بالأنيميا ورسول الله عليه الصلاة والسلام كان يأكل الرطب مع اللبن..
وذلك لأن العنصر الوحيد غير الموجود في الرطب هو الكالسيوم، وإذا كان الرطب يجب أكله وقت الولادة، فالرطب يساعد على إعادة الرحم لوضعه الطبيعي ووقف النزيف وإن كان لمرحلة ما بعد الولادة فهو يدر اللبن ويعمل انقباضات متعددة للغدد اللبنية، فسبحان الخالق الأعظم الذي وهب لنا هذا القرآن العظيم الذي نكتشف أسراره لنتيقن أن هذا كلام الله الواحد الأحد.
******************************************************************قال الله تعالى: «واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا ..
وكان أمرا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك تحتك سريّا وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيّا فكلي واشربي وقري عينا فإمّا ترينّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيّا».
هذه الآيات من سورة في القرآن تحمل اسم السيدة مريم، المرأة التي خلد الله ذكرها فيما لا يزال يتلى من آيات الكتاب العزيز المحفوظ من كل تحريف وزيادة ونقصان ..
وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على ما أرسل الله وأنبيائه وصفوته من خلقه من الأتقياء الأطهار من مكانة رفيعة ومنزلة عالية فهم عليهم السلام (الرسل والأنبياء) وكذلك عباد الله من الصلحاء الذين تولاهم بعنايته ورعايته هم القدوة والأسوة وهم المنزهون عن كل رذيلة ونقيصة.
عموم النساء
ومن هؤلاء مريم العذراء عليها السلام، أم المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فلا سبيل أن يقال فيها ما لا يليق بعموم النساء فما بالك بمن جعلها الله أمًّا لأحد أنبيائه ورسله المبجلين وأحد أولي العزم عيسى عليه السلام، فعقيدة المسلم في عيسى عليه السلام وفي أمه مريم عقيدة سليمة قويمة وما قصه القرآن الكريم في سوره وآياته من خبرهما وسيرتهما يرفعهما إلى أعلى عليّين.
والمسلم لا يفرق بين أحد من رسل الله عليهم السلام، يعتقد أن كل أنبياء ورسل الله بلغوا رسالة واحدة ألا وهي توحيد الله وعدم الشرك به (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله)، والمسلم يعتقد أن هؤلاء الأنبياء والمرسلين صاحبت بعثتهم ومسيرتهم معجزات هي خوارق عادات دالة على قدرة الله وقوله جل وعلا للشيء كن فيكون، فالله في عقيدة المسلم على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ..
ولا في السماء ولا عجب أن تذكر آيات الكتاب العزيز بأن ميلاد عيسى عليه السلام من أم دون أب لا يختلف عن خلق آدم من تراب يقول جل من قائل (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب).
إن مريم العذراء، مريم البثول عليها السلام امرأة طاهرة نقية حاشا لها أن تأتي منكراً من الفعل الذي لا تأتيه المرأة العادية فما بالك بمن ستكون أماً لنبي ورسول عظيم عليه وعلى جميع الأنبياء وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والتسليم.
فوائد الرطب
يحتوي الرطب على مواد مغذية ومقوية ومنظفة وملينة، ويعرف غناه بالسكريات خاصة سكر الفواكه وسكر العنب وهي سهلة الهضم والامتصاص والاحتراق..
والسكر لازم للسيدة الماخض لأنه يقوي عضلة الرحم التي تحتاج إلى انقباض. ولأن المرأة الماخض تبذل مجهوداً كبيراً وتحتاج تعويض هذا الجهد بالسكريات، ويقول الأطباء أنه يوجد هرمون يسمى هرمون بيتوسين لا ينشأ إلا في وجود سكر العنب والجلوكوز وهو موجود في الرطب.
كما أثبتت الدراسات العلمية أن الرطب يأتي على رأس الفواكه التي تعمل كمهدئ للمزاج الإنساني ويهدئ النفس ويحتوي الرطب على ماده المارتليم وفيتامين أ الذي يعتبره الأطباء المهدئ الأعظم وهو موجود في الرطب بكثره ويعمل على إرخاء العضلات.
ويحتوي الرطب على مواد معادلة لحموضة الدم لأن الحامل إذا كانت تكثر من تناول البروتينات والبقول فإنها تعاني من حموضة شديدة لأن نسبة الحموضة في الدم تكون عالية...
وهناك أملاح معدنية قلوية في الرطب، والقلوي مع الحامض يعادل الحموضة، وخطورة الحموضة في الدم أنها مسؤولة عن تكوين الحصوات في الكلى والمريء أو البولينا، والحموضة أيضاً مسؤولة عن داء النقرس والرطب هو الحل لهذه المشكلة.
مواد حافظة
يوجد في الرطب نسبة كبيرة من البوتاسيوم الذي يعمل على التوازن بين الماء داخل الخلية والماء خارجها، ويعمل على ثبات في قلوية الدم، كما يحتوي على عناصر أساسية مثل الحديد الذي يوجد في الرطب بنسبة كبيرة، ولأن الماخض تفقد دماً وتنزف فهي تحتاج إلى الحديد لأنه يحد من الدم النازف تدريجياً ويجنبها الإصابة بالأنيميا ورسول الله عليه الصلاة والسلام كان يأكل الرطب مع اللبن..
وذلك لأن العنصر الوحيد غير الموجود في الرطب هو الكالسيوم، وإذا كان الرطب يجب أكله وقت الولادة، فالرطب يساعد على إعادة الرحم لوضعه الطبيعي ووقف النزيف وإن كان لمرحلة ما بعد الولادة فهو يدر اللبن ويعمل انقباضات متعددة للغدد اللبنية، فسبحان الخالق الأعظم الذي وهب لنا هذا القرآن العظيم الذي نكتشف أسراره لنتيقن أن هذا كلام الله الواحد الأحد.
الصحابة
عبد الله بن مسعود
(…ـ ق هـ ـ 32 هـ/… ـ 652م)
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهُذَلي، كناه النبيr بأبي عبد الرحمن، وهو من حلفاء بني زهرة، كان أبوه في الجاهلية قد حالف عبد الله بن الحارث بن زهرة، أمه هي أم عبد بنت عبد ود بن سواء الهُذَلية، أسلمت قديماً. كان ابن مسعود من السابقين الأولين، وهو سادس من أسلم من المسلمين، وسبب إسلامه ما رواه بنفسه قال: (كنت أرعى غنماً لعُقْبة بن أبي مُعَيط فمرَّ بي رسول اللهr فقال لي: «يا غلام هل من لبن؟، فقلت: نعم، ولكنني مؤتمن قال: فهل من شاة حائل؟ ـ أي صغيرة لم تحمل ـ، فأتيته بشاة فمسح ضرعها، فنزل لبن فحلبه في إناء وشرب، وسقى أبا بكر، قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول، فمسح رأسي وقال: يرحمك الله، فإنك عليم مُعلَّم»). آخى النبيr قبل الهجرة بينه وبين الزبير بن العوام، وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين. هاجر الهجرتين ـ إلى الحبشة وإلى المدينة المنورة ـ. وكان أول من جهر بالقرآن الكريم بمكة. أحبه النبيr فضمه إليه، فصار يخدم رسول اللهr، فكان يَلِجُ عليه، ويلبسه نعليه، ويمشي أمامه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام. أسهم في قتل أبي جهل يوم بدر، وكان من الأربعة الذين ثبتوا مع النبيr يوم أحد.
كانt لطيفاً فطناً، جواداً، طيب الرائحة، حسن الثوب، يلبس الثياب البيض. وكان أسمر اللون، صغير الجسم، قصيراً نحيفاً، يكاد طِوال الرجال يوازونه جلوساً وهو قائم. توفيt في المدينة على الراجح، سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. ودفن بالبقيع وصلّى عليه عثمان، وقيل بل صلّى عليه الزبير، ودفنه ليلاً عملاً بوصيته له، وكان يوم توفي ابن بضع وستين سنة.
كان عبد الله بن مسعود من أذكياء العلماء، فقد تميز بعلم واسع في القرآن الكريم، واشتهر بذلك حتى شهد له رسول اللهr، فقال: «من سرّه أن يقرأ القرآن رطباً كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». وقد طلب منه النبيr أن يقرأ عليه القرآن، فكان عبد الله يقرأ والنبي يستمع إلى قراءته. وسئل عليt عن قوم من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود، فقال: «أما ابن مسعود فقرأ القرآن وعلم السنة وكفى بذلك».
قال شقيق ـ أحد خواص ابن مسعود ـ: قال ابن مسعودt: «والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحداً تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله منى لأتيته، ثم استحيا مما قال ـ أي مخافة العجب ـ، فقال: «وما أنا بخيركم». قال شقيق فقعدت في الحِلَق فيها أصحاب رسول اللهr فما سمعت أحداً أنكر ذلك عليه، ولا ردّ ما قال. وهذه شهادة من الصحابة لابن مسعود، ويرجع السبب في تفوقه في القرآن إلى ملازمته النبيr.
وقال التابعي الجليل مسروق شاممت أصحاب محمدr فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر، منهم عمر وعلي وعبد الله وأبيّ بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين علي وعبد الله.
اتفق البخاري ومسلم على رواية أربعة وستين حديثاً له في الصحيحين، وانفرد البخاري بإخراج واحد وعشرين حديثاً، ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثاً.
أسند الخلفاء إلى ابن مسعود أعمالاً مهمة، فقد بعثه عمر بن الخطابt إلى الكوفة مع عمار بن ياسر، وكتب إليهم «إني قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميراً وعبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً، وهما من النجباء من أصحاب رسول اللهr من أهل بدر فاقتدوا بهما، واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي». فقام ابن مسعود فيها بالقضاء ونشر العلم، حتى اصطبغ فقه أهل العراق بفقهه، ولما توفي عمر بن الخطاب ترك ابن مسعود عطاءه من بيت المال.
كما أمَّره عثمان بن عفانt في خلافته على الكوفة مدة، ثم عزله، فطلب أهل الكوفة من ابن مسعود ألا يستجيب لأمره فلم يوافقهم، وكان ابن مسعود ينتقد عثمان بأن حوله بطانة السوء. وولاّه أبوعبيدة بن الجراح أمر الغنائم في معركة اليرموك.
وقبل وفاة ابن مسعود أوصى بأهل بيته إلى الزبير بن العوام، فبعدما توفي جاء الزبير إلى عثمان رضي الله عنهم فطلب أن يرد عطاء ابن مسعود الذي أوقفه بنفسه حين توفي عمر قائلاً: «فعيال عبد الله أحق به من بيت المال»، فأعطاه عثمان خمسة عشر ألف دينار.
******************************************************************عبد الله بن مسعود
(…ـ ق هـ ـ 32 هـ/… ـ 652م)
الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهُذَلي، كناه النبيr بأبي عبد الرحمن، وهو من حلفاء بني زهرة، كان أبوه في الجاهلية قد حالف عبد الله بن الحارث بن زهرة، أمه هي أم عبد بنت عبد ود بن سواء الهُذَلية، أسلمت قديماً. كان ابن مسعود من السابقين الأولين، وهو سادس من أسلم من المسلمين، وسبب إسلامه ما رواه بنفسه قال: (كنت أرعى غنماً لعُقْبة بن أبي مُعَيط فمرَّ بي رسول اللهr فقال لي: «يا غلام هل من لبن؟، فقلت: نعم، ولكنني مؤتمن قال: فهل من شاة حائل؟ ـ أي صغيرة لم تحمل ـ، فأتيته بشاة فمسح ضرعها، فنزل لبن فحلبه في إناء وشرب، وسقى أبا بكر، قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول، فمسح رأسي وقال: يرحمك الله، فإنك عليم مُعلَّم»). آخى النبيr قبل الهجرة بينه وبين الزبير بن العوام، وبعد الهجرة بينه وبين سعد بن معاذ رضي الله عنهم أجمعين. هاجر الهجرتين ـ إلى الحبشة وإلى المدينة المنورة ـ. وكان أول من جهر بالقرآن الكريم بمكة. أحبه النبيr فضمه إليه، فصار يخدم رسول اللهr، فكان يَلِجُ عليه، ويلبسه نعليه، ويمشي أمامه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام. أسهم في قتل أبي جهل يوم بدر، وكان من الأربعة الذين ثبتوا مع النبيr يوم أحد.
كانt لطيفاً فطناً، جواداً، طيب الرائحة، حسن الثوب، يلبس الثياب البيض. وكان أسمر اللون، صغير الجسم، قصيراً نحيفاً، يكاد طِوال الرجال يوازونه جلوساً وهو قائم. توفيt في المدينة على الراجح، سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. ودفن بالبقيع وصلّى عليه عثمان، وقيل بل صلّى عليه الزبير، ودفنه ليلاً عملاً بوصيته له، وكان يوم توفي ابن بضع وستين سنة.
كان عبد الله بن مسعود من أذكياء العلماء، فقد تميز بعلم واسع في القرآن الكريم، واشتهر بذلك حتى شهد له رسول اللهr، فقال: «من سرّه أن يقرأ القرآن رطباً كما أُنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد». وقد طلب منه النبيr أن يقرأ عليه القرآن، فكان عبد الله يقرأ والنبي يستمع إلى قراءته. وسئل عليt عن قوم من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود، فقال: «أما ابن مسعود فقرأ القرآن وعلم السنة وكفى بذلك».
قال شقيق ـ أحد خواص ابن مسعود ـ: قال ابن مسعودt: «والله ما نزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحداً تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله منى لأتيته، ثم استحيا مما قال ـ أي مخافة العجب ـ، فقال: «وما أنا بخيركم». قال شقيق فقعدت في الحِلَق فيها أصحاب رسول اللهr فما سمعت أحداً أنكر ذلك عليه، ولا ردّ ما قال. وهذه شهادة من الصحابة لابن مسعود، ويرجع السبب في تفوقه في القرآن إلى ملازمته النبيr.
وقال التابعي الجليل مسروق شاممت أصحاب محمدr فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر، منهم عمر وعلي وعبد الله وأبيّ بن كعب وأبو الدرداء وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين علي وعبد الله.
اتفق البخاري ومسلم على رواية أربعة وستين حديثاً له في الصحيحين، وانفرد البخاري بإخراج واحد وعشرين حديثاً، ومسلم بإخراج خمسة وثلاثين حديثاً.
أسند الخلفاء إلى ابن مسعود أعمالاً مهمة، فقد بعثه عمر بن الخطابt إلى الكوفة مع عمار بن ياسر، وكتب إليهم «إني قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميراً وعبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً، وهما من النجباء من أصحاب رسول اللهr من أهل بدر فاقتدوا بهما، واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي». فقام ابن مسعود فيها بالقضاء ونشر العلم، حتى اصطبغ فقه أهل العراق بفقهه، ولما توفي عمر بن الخطاب ترك ابن مسعود عطاءه من بيت المال.
كما أمَّره عثمان بن عفانt في خلافته على الكوفة مدة، ثم عزله، فطلب أهل الكوفة من ابن مسعود ألا يستجيب لأمره فلم يوافقهم، وكان ابن مسعود ينتقد عثمان بأن حوله بطانة السوء. وولاّه أبوعبيدة بن الجراح أمر الغنائم في معركة اليرموك.
وقبل وفاة ابن مسعود أوصى بأهل بيته إلى الزبير بن العوام، فبعدما توفي جاء الزبير إلى عثمان رضي الله عنهم فطلب أن يرد عطاء ابن مسعود الذي أوقفه بنفسه حين توفي عمر قائلاً: «فعيال عبد الله أحق به من بيت المال»، فأعطاه عثمان خمسة عشر ألف دينار.
رب كريم
اللهم أدخل على قلوب المؤمنين السرور، وأغن منهم كل فقير، وأشبع كل جائع، ورد كل غائب، وفك كل أسير، واشف كل مريض، وفرج عن كل مكروب، وأدِّ الدين عن كل مديون. سبحانك اللهم إنا إذا عبدناك فإنما نعبد رباً عظيماً وإذا سألناك فإنما نسأل رباً كريماً وإذا رجوناك فإنما نرجو رباً رحيماً وإذا طمعنا فيما لديك، فإنما نطمع في فضل رب عظيم كريم رحيم. اللَّهُمَّ اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي.
اللَّهُمَّ إني خائف مستجير فأجرني من عذابك، وسائل فقير فارزقني من فضلك، فلست ذا قوة فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر.
اللهم ارحم إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم فرج همهم ونفس كربهم وأقل عثراتهم وتول بنفسك أمرهم وارفع رايتهم واكبت عدوهم ووحد صفهم واجمع كلمتهم وردهم إليك رداً جميلاً. اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين من خلقك بسوءٍ، بيده أو لسانه، أو أضمر لهم في قلبه، فأحرج اللهم صدره، وأبعد شره، وادفع ضره، وأرعب جنانه، وزلزل أركانه، وفرق أعوانه، وأشغله بنفسه، وأمته بحسرته، ورده بغيظه، واقطع دابره، وأشغل خاطره، ولا تدع له بيتاً يأويه، ولا مالاً يكفيه، ولا ثوباً يواريه، وشرده في البلاد، واجعله عبرةً للحاضر والباد، وأهلكه كما أهلكت ثمود وعاد، اللهم لا ترفع له أبداً راية، واجعله لمن خلفه آية.
اللهم عليك بأعدائنا فإنهم لا يعجزونك، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم انشر رحمتك على العباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد. يا فارج الهم وكاشف الغم، يا غافر الذنب وقابل التوب، يا خالق الخلق وعالم السر، يا موفي بالعهد وصادق الوعد، يا راحم العبرات ومقيل العثرات، يا ستير العورات ومحيي الأموات، يا مضاعف الحسنات وماحي السيئات، أسألك يا رب البيت الحرام، والركن والمقام، رضاك والجنة، وأعوذ بك من النار. يا لطيفاً في فضائله، ورحيماً في بلائه، وكريماً في عطائه، تجل علينا باسمك اللطيف، الرحيم، الكريم.
*****************************************************************اللهم أدخل على قلوب المؤمنين السرور، وأغن منهم كل فقير، وأشبع كل جائع، ورد كل غائب، وفك كل أسير، واشف كل مريض، وفرج عن كل مكروب، وأدِّ الدين عن كل مديون. سبحانك اللهم إنا إذا عبدناك فإنما نعبد رباً عظيماً وإذا سألناك فإنما نسأل رباً كريماً وإذا رجوناك فإنما نرجو رباً رحيماً وإذا طمعنا فيما لديك، فإنما نطمع في فضل رب عظيم كريم رحيم. اللَّهُمَّ اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي.
اللَّهُمَّ إني خائف مستجير فأجرني من عذابك، وسائل فقير فارزقني من فضلك، فلست ذا قوة فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر.
اللهم ارحم إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم فرج همهم ونفس كربهم وأقل عثراتهم وتول بنفسك أمرهم وارفع رايتهم واكبت عدوهم ووحد صفهم واجمع كلمتهم وردهم إليك رداً جميلاً. اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره تدميراً عليه.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين من خلقك بسوءٍ، بيده أو لسانه، أو أضمر لهم في قلبه، فأحرج اللهم صدره، وأبعد شره، وادفع ضره، وأرعب جنانه، وزلزل أركانه، وفرق أعوانه، وأشغله بنفسه، وأمته بحسرته، ورده بغيظه، واقطع دابره، وأشغل خاطره، ولا تدع له بيتاً يأويه، ولا مالاً يكفيه، ولا ثوباً يواريه، وشرده في البلاد، واجعله عبرةً للحاضر والباد، وأهلكه كما أهلكت ثمود وعاد، اللهم لا ترفع له أبداً راية، واجعله لمن خلفه آية.
اللهم عليك بأعدائنا فإنهم لا يعجزونك، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم انشر رحمتك على العباد، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد. يا فارج الهم وكاشف الغم، يا غافر الذنب وقابل التوب، يا خالق الخلق وعالم السر، يا موفي بالعهد وصادق الوعد، يا راحم العبرات ومقيل العثرات، يا ستير العورات ومحيي الأموات، يا مضاعف الحسنات وماحي السيئات، أسألك يا رب البيت الحرام، والركن والمقام، رضاك والجنة، وأعوذ بك من النار. يا لطيفاً في فضائله، ورحيماً في بلائه، وكريماً في عطائه، تجل علينا باسمك اللطيف، الرحيم، الكريم.
قصة وعبرة
كان عند إمرأة صينية مسنة إناءين كبيرين تنقل بهما الماء، وتحملهما مربوطين بعمود خشبي على كتفيها.
وكان أحد الإناءين به شرخ والإناء الآخر سليم ولا ينقص من الماء الذي بداخله شيء .
وفى كل مرة كان الإناء المشروخ يصل إلى نهاية المطاف من النهر إلى المنزل وبه نصف كمية الماء فقط ولمدة سنتين كاملتين كان هذا يحدث مع السيدة الصينية،
حيث كانت تصل منزلها بإناء واحد مملوء وآخر به نصفه .
وبالطبع، كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل ، والإناء المشروخ محتقراً لنفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام ما هو متوقع منه .
وفى يوم من الأيام وبعد سنتين من المرارة والإحساس بالفشل تكلم الإناء المشروخ مع السيدة الصينية
"أنا خجل جداَ من نفسي لأني عاجز ولدي شرخ يسرب الماء على الطريق للمنزل"
فابتسمت المرأة الصينية وقالت "ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر؟"
أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك ولهذا الغرض غرست البذورعلى طول الطريق من جهتك حتى ترويها في طريق عودتك للمنزل
"ولمدة سنتين متواصلتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي"
ما لم تكن أنت بما أنت فيه، ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي .
عندما يهدى لك القدر ليمونة حامضة اجعل منها عصير ليمون لذيذ
يخسر الناس معظم الفرص لأنها تأتيهم فى صورة مشكلات
*****************************************************************كان عند إمرأة صينية مسنة إناءين كبيرين تنقل بهما الماء، وتحملهما مربوطين بعمود خشبي على كتفيها.
وكان أحد الإناءين به شرخ والإناء الآخر سليم ولا ينقص من الماء الذي بداخله شيء .
وفى كل مرة كان الإناء المشروخ يصل إلى نهاية المطاف من النهر إلى المنزل وبه نصف كمية الماء فقط ولمدة سنتين كاملتين كان هذا يحدث مع السيدة الصينية،
حيث كانت تصل منزلها بإناء واحد مملوء وآخر به نصفه .
وبالطبع، كان الإناء السليم مزهواً بعمله الكامل ، والإناء المشروخ محتقراً لنفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام ما هو متوقع منه .
وفى يوم من الأيام وبعد سنتين من المرارة والإحساس بالفشل تكلم الإناء المشروخ مع السيدة الصينية
"أنا خجل جداَ من نفسي لأني عاجز ولدي شرخ يسرب الماء على الطريق للمنزل"
فابتسمت المرأة الصينية وقالت "ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر؟"
أنا أعلم تماماً عن الماء الذي يُفقد منك ولهذا الغرض غرست البذورعلى طول الطريق من جهتك حتى ترويها في طريق عودتك للمنزل
"ولمدة سنتين متواصلتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي"
ما لم تكن أنت بما أنت فيه، ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي .
عندما يهدى لك القدر ليمونة حامضة اجعل منها عصير ليمون لذيذ
يخسر الناس معظم الفرص لأنها تأتيهم فى صورة مشكلات
إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ
يحكى أنه في زمن من الأزمان وضع الله سر قدر أهل قرية مع رجل صالح فيها ليكرمه ويجعله عزيزاً بينهم ، فجاء شاب يبلغ من العمر 20 عاماً وسأله عن قدره فقال له الرجل الصالح :" ستحكم هذه القرية ، وستنطلق بعدها لتحكم البلاد كلها".
فرح الشاب بهذا وقرر أن يتوقف عن العمل .. فمستقبله مضمون حاكماً للبلاد فلماذا التعب إذن؟
سقط حاكم المستقبل في بحور اللهو والشرب حتى ساعات الصباح كل يوم ... وهو يعود لمنزله وتقول له أمه : " ماذا تفعل يا بني بنفسك؟"..
فيجيبها : " أريد أن ألعب وأستمتع قبل أن تأتي مسؤوليات الحاكم لي في المستقبل فلا أجد وقتاً لهذا".
مرت السنوات ... ودخل الشاب في سن الأربعين وهو مدمن على الشرب واللعب واللهو ولا يتقن صنعة ... أصابه المرض وارتمى في الفراش فعلم أن موته اقترب فطلب أن يأتوا له بالرجل الصالح الذي يخبر الناس قدرهم.
فجاء الرجل الصالح ونظر للشاب بحزن .. فقال له : " ليشفيك الله"..
فقال له المريض : " أنت رجل كاذب محتال ، لم أصبح حاكماً للبلاد".
فأجابه الصالح : " لقد كان قدرك فعلاً أن تصبح حاكماً للبلاد ، لكن القدر ليس هدية وينتهي الأمر ... إن القدر يحتاج لعمل ويحتاج لجهد كي يتحقق فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل وأنت لو استمريت بجهدك وإخلاص لقريتك بعملك النزيه لكنت حاكماً لها ولطالبت القرى المجاورة بك أن تديرها بسبب أخلاقك لكنك تخليت عنها فتغير قدرك".
الحكمة : إن المتحججين على فشلهم بالقدر لا يدركون معنى قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ"...إن القدر نتيجة لأعمالنا فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل .. ونحن من نختار العمل فتكون النتيجة المقدرة من الله تعالى ، فمن يفعل الصحيح يجد قدراً جميلاً صحيحاً ومن يفعل الخطأ يجد قدراً يعاقبه.
*****************************************************************يحكى أنه في زمن من الأزمان وضع الله سر قدر أهل قرية مع رجل صالح فيها ليكرمه ويجعله عزيزاً بينهم ، فجاء شاب يبلغ من العمر 20 عاماً وسأله عن قدره فقال له الرجل الصالح :" ستحكم هذه القرية ، وستنطلق بعدها لتحكم البلاد كلها".
فرح الشاب بهذا وقرر أن يتوقف عن العمل .. فمستقبله مضمون حاكماً للبلاد فلماذا التعب إذن؟
سقط حاكم المستقبل في بحور اللهو والشرب حتى ساعات الصباح كل يوم ... وهو يعود لمنزله وتقول له أمه : " ماذا تفعل يا بني بنفسك؟"..
فيجيبها : " أريد أن ألعب وأستمتع قبل أن تأتي مسؤوليات الحاكم لي في المستقبل فلا أجد وقتاً لهذا".
مرت السنوات ... ودخل الشاب في سن الأربعين وهو مدمن على الشرب واللعب واللهو ولا يتقن صنعة ... أصابه المرض وارتمى في الفراش فعلم أن موته اقترب فطلب أن يأتوا له بالرجل الصالح الذي يخبر الناس قدرهم.
فجاء الرجل الصالح ونظر للشاب بحزن .. فقال له : " ليشفيك الله"..
فقال له المريض : " أنت رجل كاذب محتال ، لم أصبح حاكماً للبلاد".
فأجابه الصالح : " لقد كان قدرك فعلاً أن تصبح حاكماً للبلاد ، لكن القدر ليس هدية وينتهي الأمر ... إن القدر يحتاج لعمل ويحتاج لجهد كي يتحقق فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل وأنت لو استمريت بجهدك وإخلاص لقريتك بعملك النزيه لكنت حاكماً لها ولطالبت القرى المجاورة بك أن تديرها بسبب أخلاقك لكنك تخليت عنها فتغير قدرك".
الحكمة : إن المتحججين على فشلهم بالقدر لا يدركون معنى قوله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ"...إن القدر نتيجة لأعمالنا فالله تعالى وضع نتيجة لكل عمل .. ونحن من نختار العمل فتكون النتيجة المقدرة من الله تعالى ، فمن يفعل الصحيح يجد قدراً جميلاً صحيحاً ومن يفعل الخطأ يجد قدراً يعاقبه.
لجزء الـسادس عـشر
" تَسْطِـعْ".. تدل على القِلَّة والاستحالة
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 75 ] من سورة الكهـف، وحتى الآيـة [ 135 ] من سورة طـه، ومـمّـا ورَد فيـه :
( تَسْـتَطِـيعَ، تَسْـطِـعْ )[ الكهف 72 / 82 ] :
تَسْتَطيعُ: بِوُجُودِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، تَدُلّ ُعلى كَثْرَةِ الأمور، تَسْطِعْ : بِدونِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، تدل على القِلَّةِ وَالاسْتحالَة، لأنّ زيادة المبنى في الكلمة يدلّ على زيادة المعنى، فَقَدْ قالَ العَبْدُ الصَالِحُ لمُوسـى عليه السلامُ في بِدَايَةِ لِقَائِهِمَا: ( إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 67 ]، فَهُوَ لَدَيْهِ أُمُـورٌ كَثيرَةٌ وَصَعْبَةٌ عَلى مُوسى، وَكَذَلِكَ قالَ لَـهُ في المَرَّةِ الثَانِيَةِ: ( أَلَـمْ أَقُلْ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 72 ]، أمَّا في المَـرَّةِ الثَالِثَةِ فَقَالَ :
( أَلَـمْ أَقُـلْ لَـكَ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 75 ]، وَحينَمَـا لَمْ يَصْبِرْ مُوسى عَلى ثَلاَثة أُمُورٍ فَقَطْ، قالَ لَـهُ العَبْدُ الصَالِحُ، وَبَعْدَ أنْ شَرَحَ لَهُ مُبَرِّراتُ أعْمالِهِ : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ]، وَفي سُورَةِ الكَهْفِ أيْضَاً عَنْ سَدِّ ذِي القَرْنَيْنِ: ( فَمَـا اسْـطَـاعُـوا أنْ يَظْـهَـروهُ وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً )[ الكهف 97 ]، يَظْـهَـروهُ: يَصْعَدوا على ظَهْرِ السَدِّ، وَالصُعُودُ أسْهَلُ مِنْ نَقْبِهِ، بينمـا قال:
وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً، وهو أصعب من الصعود على ظهره لذلك أضاف حرف التاء بعد حرف السين، وَعَنْ صَاحِبِ الجَنَّةِ الأَرْضِيَّةِ: ( أوْ يُصْـبِحَ مَـاؤُهَـا غَـوْراً فَـلَـنْ تَسْـتَطِـيعَ لَـهُ طَـلَـبَاً )[ الكهف 41 ]، تَسْـتَطِـيعَ: بِوُجُودِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، وَتَدُلّ ُعلى الاسْتِـحَالَةِ، وَكَذَلِكَ: ( فَإنْ كَـانَ الـذي عَـلَـيْهِ الـحَـقُّ سَـفيهَـاً أوْ ضَـعِـيفَاً أوْ لاَ يَسْـتَطِـيعُ أنْ يُمِـلَّ فَلْـيُمْـلِلْ وَلِـيُّهُ )[ البقرة 282 ] .
( يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ )[ الكهف 83 ] :
كَانَ السائلون عن [ ذي القرنين ] يَنْقُصُهُمْ الكَثِيْرُ مِنَ المَعْلُومَاتِ عَنْهُ، فَأرادُوا مِنْ سُؤالِهِمْ هَذَا اسْتِكْمالَ تِلْكَ المَعْلُومَاتِ، لَكِنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ أبى إعْطاءَهُمْ كُلَّ المَعْلُومَاتِ، بَلْ أعْطاهُمْ جِزْءَاً مِنْهَا : ( مِنْهُ ذِكْراً ) وَليْسَ الكُلَّ، خَاصَّةً أنَّ الرَجُلَ كَانَ عادِلاً وَلَمْ يُدَلِّلهم كَثِيْراً كَمَا يَدَّعُونَ: ( وَيَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ قُلْ سَـأَتْلُـو عَـلَـيْكُـمْ مِـنْهُ ذِكْـراً إنّا مَـكَّـنَّا لَـهُ في الأرْضِ وَآتَيْناهُ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً فَأتْبَعَ سَـبَبَاً )[ الكهف 83 / 85 ]، فَعْنْدَما وَصَلَ إلى مَديْنَةِ [ بـابِلْ ]، عَلى مَشَارِفِ مُسْتَنْقَعَاتِ [ الأهْـوارِ ] في العِراقِ عِنْدَ شَـطِّ العَرَبِ :
( حَـتّى إذَا بَلَـغَ مَـغْـرِبَ الـشَـمْـسِ وَجَـدَهَـا تَغْـرُبُ في عَـيْنٍ حَـمِـئَـةٍ وَوَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً قُلْـنَا يَا ذَا الـقَرْنَيْنِ إمَّـا أنْ تُعَـذِّبَ وَإمَّـا أنْ تَتَّخِـذَ فِيْهِـمْ حُـسْـنَاً قَالَ أمَّـا مَـنْ ظَـلَـمَ فَإنَّا نُعَـذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلـى رَبِّهِ فَيُعَـذِّبُهُ عَـذَابَاً نُـكْـراً وَأمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَعَـمِـلَ صَـالِـحَـاً فَلَـهُ جَـزَاءً الـحُـسْـنى )[ الكهف 86 ]، حَـمِـئَـةٍ: الحَمـأُ هُوَ نَوْعُ الطَمي عَلى ضِفافِ الأنْهارِ وَمُسْتَنْقَعَاتِهَا، مِثْلَ مُسْتَنْقَعاتِ [ الأهْوارِ ] عِنْدَ الْتِقاءِ نَهْرَيْ دِجْلَةَ وَالفُراتِ في العِراقِ، وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً: جَاءَتْ بِصِيْغَةِ النَكِرَةِ، لأنَّهُمُ منَ القَوْمُ السَائِليْن، عَـذَابَاً نُـكْـراً: يَسْتَغْرِبُهُ أهْلُ جَهَنَّمَ.
( وَإنّي خِـفْتُ الـمَـوالِـيَ مِـنْ وَرائِي )[ مَريَم 5 ]:
هُمُ [ الأسِـيْنيُّون ] الذيْنَ كانُوا أتْقِياءً وَذَوي أخْلاقٍ عَالِيَة، وَكانُوا يَسْكُنُونَ في أمَاكِنَ مَعْزولَةٍ، وَكانَ رَئِيْسُهُمْ [ زَكَريّا عليه السلام ]، وَحِيْنَمَا بَلَغَ الكِبَرَ خَافَ عَلى هَذِهِ المَجْمُوعَةِ مِنَ الضَيَاعِ، فَطَلَبَ مِنَ اللّهِ وَلَدَاً ذَكَراً يَخْلفُهُ عَلى رِئَاسَةِ هَؤلاَءِ المَوالي، فَرَزَقَهُ اللّهُ يَحْيى عليه السلام: ( ذِكْـرُ رَحْـمَـة ِ رَبِّـكَ عَـبْدَهُ زَكَـرِيّا إِذْ نَادى رَبَّـهُ نِدَاءً خَـفِيّاً قَالَ رَبِّ إنّي وَهَـنَ الـعَـظْـمُ مِـنّي وَاشْـتَعَـلَ الـرَأسُ شَـيْباً وَلَـمْ أكُـنْ بِدُعَـائِـكَ رَبِّ شَـقِيّاً وَكَـانَتِ امْـرَأتي عَـاقِراً فَهَـبْ لـي مِـنْ لَـدُنْكَ وَلِـيّاً يَرِثُني وَيَرِثُ مِـنْ آلِ يَعْـقُوبَ ... يَا زَكَـرِيّا إنّا نُبَشِّـرُكَ بِغُـلامٍ اسْـمُهُ يَحْـيى )[ مَريَم 2 / 7 ]، وَقَدْ قَتَلَ شَلُومُ زَكَريّا لِيَحْكُمَ مَكَانَهُ عَلى الأسِيْنيّينَ، وَمَقامُ زَكَرِيّا في المسجد الأموي في مدينة حَلَبْ بسوريا.
( عَصِـيّاً، شَـقِيّاً )[ مريم 14 / 32]:
نُلاَحِظُ في يَحْيَى عليه السلام قال تعالى: ( وَلَـمْ يَكُـنْ جَـبَّارَاً عَـصِـيّاً )[ مريم 14 ]، عَـصِـيّاً: عِنْدَ وُجُودِ الأبِ يَكُونُ الوَلَدُ عَصِيّاً لأوامِرِ وَالِده، بَيْنَمَا في قَوْلِ عِيسى عليه السلام : ( وَلَـمْ يَجْـعَـلْـني جَـبَّارَاً شَـقِيّاً )[ مريم 32 ]، شَـقِيّاً: عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الأبِ يَكُونُ الوَلَدُ شَقيّاً، وهذا دليلٌ لغويٌ مذهل أنّ عيسى عليه السلام ليس لـه أب.
( يَا أُخْــتَ هَـارونَ )[ مـريَم 28 ] :
إنّ أسـرة عمـران كانت مؤلفة من ثلاثة أولاد هُـم: [ هارون + مـرْيَم + إليزابيت ] وهـارون أخو مـريم، يختلف عن هارون أخي موسى عليهم السلام، وقـد انجبت مريم عيسى عليهمـا السلام بدون أب، بينمـا تزوّجت إليزابيت بزكـريّا وأنجبـا النبي يحيى، لذلك فإنّ عيسى ويحيى أولاد خالة، عليهم السلام جميعاً : ( يَا أُخْــتَ هَـارونَ مَـا كَـانَ أبوكِ امْـرَأَ سَـوْءٍ وَمَـا كَـانَتْ أُمُّـكِ بَغِـيَّـاً )[ مـريَم 28 ] .
( أَراغِـبٌ أَنْتَ عَـنْ آلِـهَـتي يَا إبْراهِـيْمُ )[ مريم 46 ] :
رَغِبَ عَنْ: رفَضَ وامْتَنَـعَ، رَغِبَ بِـ: قَبِـلَ وَأرادَ: ( وَمَـنْ يَرْغَـبُ عَـنْ مِـلَّـةِ إبْراهِـيْمَ إلاّ مَـنْ سَـفِهَ نَفْسَـهُ )[ البقرة 130]، ( قَالَ أَراغِـبٌ أَنْتَ عَـنْ آلِـهَـتي يَا إبْراهِـيْمُ ) [ مريم 46 ]، ( أَنْ يَتَخَـلَّفُـوا عَـنْ رَسُـولِ اللّـهِ وَلاَ يَرْغَـبُوا بِأَنْفُسِـهِـمْ عَـنْ نَفْسِـهِ )[ التوبة 120 ]، وَالرَغْبَـةُ: بِمَعْنى القَبُولِ وَالرِضَى: ( وَيَدْعُـونَنَا رَغَـبَاً وَرَهَـبَاً وَكَـانُوا لَـنَا خَاشِـعِـيْن )[ الأنبياء 90 ]، ( وَإلى رَبِّكَ فَارْغَـبْ )[ الشرح 8 ]، ( وَتَرغَـبُونَ أَنْ تَنْكِحُـوهُـنَّ) [ النساء 127 ]، ( إنَّا إلـى رَبِّنَا رَاغِـبُون )[ القلم 32 ]، ( إنَّا إلى اللّهِ رَاغِـبُون )[ التوبة 59 ].
(واصْـطَـبرْ لـعبادته)[مـريَم 65]:
( يَا أَيُّهَـا الـذينَ آمَـنوا اصْـبِروا وَصَـابِروا وَرابِطُـوا )[ آل عمران 200 ]
مَراتِبُ الصَبْرِ هيَ :
1_ التَصَبُّـرُ: وَهُوَ الصَبْر بِتَكَلُّفٍ، وَهُوَ أدْنى المراتِبِ .
2_ الصَبْـرُ: وَهُوَ الصَبْرُ دونَ مَلَلٍ، وَهُوَ الحَالَةُ الوُسْطى .
3_ الصَبْرُ الجميلُ: وَهُوَ السِمَةُ الأسَاسيَّةُ للشَخْصِ، كَصَبْرِ يَعْقُوب : ( فَصَـبْرٌ جَـمِـيْلٌ)[ يوسف 18 ] .
وَالصَبْرُ شَرْطٌ أَسَاسيٌّ لِدُخُولِ الجَنَّةِ: ( وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ الـذينَ صَـبَروا وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ ذُو حَـظٍّ عَـظِـيمٍ )[ فصلت 35 ]، ( وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ الـصَـابرونَ )[القصص 80 ] .
(تَؤُزُّهُـمْ أَزَّاً )[ مريم 83]:
الأَزّ: هُوَ التَحْريضُ بِإصْـرارٍ عَلى الكُفْرِ، وَالاسْـِتمْرارِ بِهِ، عِقابَـاً مِنَ اللّهِ لِلكَافرينَ: (أَنَّا أَرْسَـلْـنَا الـشَـيَاطِـينَ عَـلـى الـكَـافِرينَ تَؤُزُّهُـمْ أَزَّاً)[ مريم 83 ]، تَؤُزُّهُـمْ: تُحَرِّضُهُمْ، أَزَّاً: تَحْريضَاً.
أحْـصَـاهُـمْ: عرِف كل شـيء عنهم بكل دقة
(أحْـصَـاهُـمْ وَعَـدَّهُـمْ عَـدَّاً )[مريم 64 ] :
إنَّ الإحْصَاءَ هُوَ: العَدُّ مِنْ أجْلِ هَدَفٍ مُعَيَّنٍ مَعَ المَعْلومَاتِ الدقيقة عَنِ المَعْدودِ، كَأنْ نحصي المُهَنْدِسينَ مِنْ أجْلِ مَعْرِفَةِ الاخْتِصَاصَاتِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَمَعْرِفَةِ النَقْصِ في كُلِّ اخْتِصَاصٍ، أمَّا العَـدّ: فَهُوَ الحُصُولُ عَلى العَدَدِ بِشَكْلٍ مُجَرَّدٍ فَقَطْ: ( وَإنْ تَعُـدُّوا نِعْـمَـةَ اللّـهِ لاَ تُحْـصُـوهَـا)[ إبراهيم 34 ]، تَعُـدُّوا نِعْـمَـةَ اللّـهِ: فوائِدَ كُلَّ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِ اللّهِ، لاَ تُحْـصُـوهَـا: لَنْ تَعْرِفوا الغاياتِ مِنْ هَذِهِ النِعْمَةِ، ( لَـقَدْ أحْـصَـاهُـمْ وَعَـدَّهُـمْ عَـدَّاً )[ مريم 64 ]، أحْـصَـاهُـمْ: عَرِفَ كُلَّ شَـيْءٍ عَنْهُمْ بِكُلِّ دِقَّـةٍ، عَـدَّهُـمْ عَـدَّاً: عَرِفَ عَدَدَهُمْ أيْضَـاً بِكُلَّ دِقَّـةٍ، ( وَأحْـصَـى كُـلَّ شَـيْءٍ عَـدَدَاً )[ الجن 28 ]، ( وَكُـلَّ شَـيْءٍ أحْـصَـيْنَاهُ كِـتَابَاً ) [ النبأ 29 ]، كِـتَابَاً :
في إمامٍ مبين: ( وَكُـلَّ شَـيْءٍ أحْـصَـيْنَاه ُفي إمَـامٍ مُـبينٍ )[ يس 12 ]، لِذَلِكَ : ( وَيَقُولُـونَ يَا وَيْلَـتَنَا مَالِ هَـذَا الـكِـتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَـغِـيرَةً وَلاَ كَـبيرَةٍ إلاَّ أَحْصَاهَا) [ الكهف 49 ]، وَلِذَلِكَ: ( إذَا طَـلَّـقْـتُمُ الـنِسَـاءَ فَطَـلِّـقُـوهُـنَّ لِـعِـدَّتِهِـنَّ وَأحْـصُـوا الـعِـدَّةَ ) [ الطلاق 1 ]، أحْـصُـوا الـعِـدَّةَ: فالعِدَّةُ ليْسَتْ عَدَدَ أيَّامٍ فقط، فَيَجِبُ مَعْرِفَةُ الغَايَةِ مِنَ العِدَّةِ [ إحصَاءَهَا ]، وَهيَ إمْكَانِيَّةُ الرُجُوعِ عَنِ الطَلاَقِ، ( يَوْمَ يَبْعَـثُهُـمُ اللّـهُ جَـمِـيعَـاً فَيُنَبِّئُـهُـمْ بِمَـا عَـمِـلُـوا أحْـصَـاهُ اللّـهُ وَنَسُوهُ )[ المجادلة 6 ] .
(الوادي الـمُـقَـدَّسِ طُـوى)[طـه 12] :
طـوى: هُوَ اسم الوادي الذي تَمَّ فيهِ نِـدَاءُ مُوسَى مِنَ الخَالِقِ تَعالى: ( وَهَـلْ أتَاكَ حَـديْثُ مُـوسَـى إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالـوادِ الـمُـقَدَّسِ طُـوىً )[ النازعات 15 / 16 ]، نَادَاهُ: النِـداءُ هُوَ الحَديثُ عَنْ بُعْـدٍ، ولَيْسَ اهْتِزاز طَبْلَةِ الأُذُنِ مُباشَرَةً، وَكَلاَمَـهُ مَعَهُ: ( وَكَـلَّـمَ اللّـهُ مُـوسَـى تَكْـلِـيمَـاً )[ النساء 164 ]، وَكَانَتِ النَـارُ التي رآهَا مُوسى تَخْرُجُ مِنَ الشَجَرَةِ المُبارَكَةِ المُوْجُودَةِ عَلى شَاطِئ الوادي الأَيْمَنِ : ( فَلَـمَّـا أتَاهَـا نُودِيَ مِـنْ شَـاطِـئ الـوادِ الأَيْمَـنِ فـي الـبُقْعَـةِ الـمُـبَارَكَـةِ مِـنَ الـشَـجَـرَةِ )[ القصص 30 ]، ( فَلَـمَّـا جَـاءَهَـا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَـنْ فِـي الـنَارِ وَمَـنْ حَـوْلَـهَـا )[ النمل 8 ]، وَالوادي واقِعٌ في الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ مِنْ جَبَلِ الطُورِ :
( وَنادَيْنَاهُ مِـنْ جَـانِبِ الـطُـورِ الأيْمَـنِ )[ مريم 52 ]، ( وَمَـا كُـنْتَ بِجَـانِبِ الـغَـرْبِيِّ إذْ قَضَـيْنَا إلـى مُـوسَـى الأَمْـرَ )[ القصص 44 ]، وَتَمَّ تَكْليفُ مُوسى بالرِسَـالَةِ إلى فِرْعَـون، بَعْدَ أنْ اخْتَارَ اللّهُ هَذَا التَوْقِيْتَ وَهَذَا المَكَانَ بالذَاتِ: ( فَلَـبِثْتَ سِـنينَ فـي أَهْـلِ مَـدْيَنَ ثُمَّ جِـئْـتَ عَـلـى قَدَرٍ يَا مُـوسَـى )[ طـه 40 ]، وَتَمَّ إعْطَاؤهُ تَعْليمَاتِ الرِسَالَةِ مِنَ اللّهِ مُباشَرَةً: ( فَلَـمَّـا أتَاهَـا نُودِيَ يَا مُـوسَـى إنِّي أنَا رَبُّكَ فاخْـلَـعْ نَعْـلَـيْكَ إنَّكَ بِالـوادِ الـمُـقَدَّسِ طُـوى وَأنَا اخْـتَرْتُكَ فَاسْتَمِـعْ لِـمَـا يُوحَـى إنَّني أنَا اللّـهُ لاَ إلَـهَ إلاَّ أنَا فَاعْـبُدْني وَأقِمِ الـصَـلاَةَ لِـذِكْـري إنَّ الـسَـاعَـةَ آتِيَةٌ )[ طه 11 ]، إنَّني أنَا اللّـهُ : إشَارَةً للعَقَائِدِ العَقْـليَّةِ، فَاعْـبُدْني: إشَارَةً للعَقَائِدِ الفرْعيَّة، إنَّ الـسَـاعَـةَ آتِيَةٌ :
إشَارَةً للعَقَائِدِ السمعيّة، وَهَذَا مُجْمَلُ الدينِ، ثُمَّ كَلَّفَهُ بالرِسَـالَةِ: ( اِذْهَـبْ إلـى فِـرْعَـوْنَ إنَّهُ طَـغَـى ) [ طه 24 ][ النازعات 17 ]، ( وَإذْ نَادى رَبُّكَ مُـوسـى أَنِ اِئْـتِ الـقَـوْمَ الـظَـالِـمِـينَ قَـوْمَ فِرْعَـوْنَ ألاَ يَتَّقُونَ )[ الشعراء 10 ]، فَطَلَبَ مُوسَى عَدَدَاً مِنَ الطَلَباتِ: ( قَالَ رَبِّ اشْـرَحْ لِـي صَـدْري وَيَسِّـرْ لـي أَمْـري وَاحْـلُـلْ عُـقْـدَةً مِـنْ لِـسَـاني يَفْقَهُـوا قَوْلـي وَاجـعَـلْ لـي وَزيراً مِـنْ أَهْـلـي هَـارونَ أخَي اُشْـدُدْ بِهِ أَزْري وَأَشْـرِكْـهُ فـي أَمْـري )[ طه 25 / 32 ]، ( وَأخِي هَـارونَ هُـوَ أَفْصَـحُ مِـنّي لِـسَـانَاً فَأرْسِـلْـهُ مَـعِـي رِدْءاً )[ القصص 34 ]، رِدْءاً :
مُؤازرةً وَمَشَاركَةً بالرسَالَةِ، ( وَيَضِـيقُ صَـدْري وَلاَ يَنْطَـلِـقُ لِـسَـاني فَأرْسِـلْ إلـى هَـارونَ )[ الشعراء 13 ]، فَأجَابَ اللّهُ جَميعَ طَلَباتِ مُوسى: ( قَالَ قَدْ أُوتِيْتَ سُـؤْلَـكَ يَا مُـوسَـى )[ طه 36 ]، ( قَال سَـنَشُـدُّ عَـضُـدَكَ بِأخِـيكَ )[ القصص 35 ]، عَـضُـدَكَ: عَضَلَةُ العَضُدِ هيَ عَضَلَةُ أعْلى الذِراعِ وَفيهَا القُوَّةُ، ( وَجَـعَـلْـنَا مَـعَـهُ أخَـاهُ هَـارونَ وَزيراً ) [ الفرقان 35 ]، وَهَكَذَا جَعَلَ مُوسى أَخَاهُ رَسُولاً، وَذُكِرَ هارون في القُرْآنِ / 20 / مَرَّةً، ( سَـلاَمُ عَـلـى مُـوسَـى وَهَـارونَ )[ الصافات 120 ].
كـل هـذا واللـه أعـلـم.
" تَسْطِـعْ".. تدل على القِلَّة والاستحالة
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القرآن الكريم، منْ الآيـة [ 75 ] من سورة الكهـف، وحتى الآيـة [ 135 ] من سورة طـه، ومـمّـا ورَد فيـه :
( تَسْـتَطِـيعَ، تَسْـطِـعْ )[ الكهف 72 / 82 ] :
تَسْتَطيعُ: بِوُجُودِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، تَدُلّ ُعلى كَثْرَةِ الأمور، تَسْطِعْ : بِدونِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، تدل على القِلَّةِ وَالاسْتحالَة، لأنّ زيادة المبنى في الكلمة يدلّ على زيادة المعنى، فَقَدْ قالَ العَبْدُ الصَالِحُ لمُوسـى عليه السلامُ في بِدَايَةِ لِقَائِهِمَا: ( إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 67 ]، فَهُوَ لَدَيْهِ أُمُـورٌ كَثيرَةٌ وَصَعْبَةٌ عَلى مُوسى، وَكَذَلِكَ قالَ لَـهُ في المَرَّةِ الثَانِيَةِ: ( أَلَـمْ أَقُلْ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 72 ]، أمَّا في المَـرَّةِ الثَالِثَةِ فَقَالَ :
( أَلَـمْ أَقُـلْ لَـكَ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 75 ]، وَحينَمَـا لَمْ يَصْبِرْ مُوسى عَلى ثَلاَثة أُمُورٍ فَقَطْ، قالَ لَـهُ العَبْدُ الصَالِحُ، وَبَعْدَ أنْ شَرَحَ لَهُ مُبَرِّراتُ أعْمالِهِ : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ]، وَفي سُورَةِ الكَهْفِ أيْضَاً عَنْ سَدِّ ذِي القَرْنَيْنِ: ( فَمَـا اسْـطَـاعُـوا أنْ يَظْـهَـروهُ وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً )[ الكهف 97 ]، يَظْـهَـروهُ: يَصْعَدوا على ظَهْرِ السَدِّ، وَالصُعُودُ أسْهَلُ مِنْ نَقْبِهِ، بينمـا قال:
وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً، وهو أصعب من الصعود على ظهره لذلك أضاف حرف التاء بعد حرف السين، وَعَنْ صَاحِبِ الجَنَّةِ الأَرْضِيَّةِ: ( أوْ يُصْـبِحَ مَـاؤُهَـا غَـوْراً فَـلَـنْ تَسْـتَطِـيعَ لَـهُ طَـلَـبَاً )[ الكهف 41 ]، تَسْـتَطِـيعَ: بِوُجُودِ تـاء بَعْدَ حَرْفِ السينِ، وَتَدُلّ ُعلى الاسْتِـحَالَةِ، وَكَذَلِكَ: ( فَإنْ كَـانَ الـذي عَـلَـيْهِ الـحَـقُّ سَـفيهَـاً أوْ ضَـعِـيفَاً أوْ لاَ يَسْـتَطِـيعُ أنْ يُمِـلَّ فَلْـيُمْـلِلْ وَلِـيُّهُ )[ البقرة 282 ] .
( يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ )[ الكهف 83 ] :
كَانَ السائلون عن [ ذي القرنين ] يَنْقُصُهُمْ الكَثِيْرُ مِنَ المَعْلُومَاتِ عَنْهُ، فَأرادُوا مِنْ سُؤالِهِمْ هَذَا اسْتِكْمالَ تِلْكَ المَعْلُومَاتِ، لَكِنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ أبى إعْطاءَهُمْ كُلَّ المَعْلُومَاتِ، بَلْ أعْطاهُمْ جِزْءَاً مِنْهَا : ( مِنْهُ ذِكْراً ) وَليْسَ الكُلَّ، خَاصَّةً أنَّ الرَجُلَ كَانَ عادِلاً وَلَمْ يُدَلِّلهم كَثِيْراً كَمَا يَدَّعُونَ: ( وَيَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ قُلْ سَـأَتْلُـو عَـلَـيْكُـمْ مِـنْهُ ذِكْـراً إنّا مَـكَّـنَّا لَـهُ في الأرْضِ وَآتَيْناهُ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً فَأتْبَعَ سَـبَبَاً )[ الكهف 83 / 85 ]، فَعْنْدَما وَصَلَ إلى مَديْنَةِ [ بـابِلْ ]، عَلى مَشَارِفِ مُسْتَنْقَعَاتِ [ الأهْـوارِ ] في العِراقِ عِنْدَ شَـطِّ العَرَبِ :
( حَـتّى إذَا بَلَـغَ مَـغْـرِبَ الـشَـمْـسِ وَجَـدَهَـا تَغْـرُبُ في عَـيْنٍ حَـمِـئَـةٍ وَوَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً قُلْـنَا يَا ذَا الـقَرْنَيْنِ إمَّـا أنْ تُعَـذِّبَ وَإمَّـا أنْ تَتَّخِـذَ فِيْهِـمْ حُـسْـنَاً قَالَ أمَّـا مَـنْ ظَـلَـمَ فَإنَّا نُعَـذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلـى رَبِّهِ فَيُعَـذِّبُهُ عَـذَابَاً نُـكْـراً وَأمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَعَـمِـلَ صَـالِـحَـاً فَلَـهُ جَـزَاءً الـحُـسْـنى )[ الكهف 86 ]، حَـمِـئَـةٍ: الحَمـأُ هُوَ نَوْعُ الطَمي عَلى ضِفافِ الأنْهارِ وَمُسْتَنْقَعَاتِهَا، مِثْلَ مُسْتَنْقَعاتِ [ الأهْوارِ ] عِنْدَ الْتِقاءِ نَهْرَيْ دِجْلَةَ وَالفُراتِ في العِراقِ، وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً: جَاءَتْ بِصِيْغَةِ النَكِرَةِ، لأنَّهُمُ منَ القَوْمُ السَائِليْن، عَـذَابَاً نُـكْـراً: يَسْتَغْرِبُهُ أهْلُ جَهَنَّمَ.
( وَإنّي خِـفْتُ الـمَـوالِـيَ مِـنْ وَرائِي )[ مَريَم 5 ]:
هُمُ [ الأسِـيْنيُّون ] الذيْنَ كانُوا أتْقِياءً وَذَوي أخْلاقٍ عَالِيَة، وَكانُوا يَسْكُنُونَ في أمَاكِنَ مَعْزولَةٍ، وَكانَ رَئِيْسُهُمْ [ زَكَريّا عليه السلام ]، وَحِيْنَمَا بَلَغَ الكِبَرَ خَافَ عَلى هَذِهِ المَجْمُوعَةِ مِنَ الضَيَاعِ، فَطَلَبَ مِنَ اللّهِ وَلَدَاً ذَكَراً يَخْلفُهُ عَلى رِئَاسَةِ هَؤلاَءِ المَوالي، فَرَزَقَهُ اللّهُ يَحْيى عليه السلام: ( ذِكْـرُ رَحْـمَـة ِ رَبِّـكَ عَـبْدَهُ زَكَـرِيّا إِذْ نَادى رَبَّـهُ نِدَاءً خَـفِيّاً قَالَ رَبِّ إنّي وَهَـنَ الـعَـظْـمُ مِـنّي وَاشْـتَعَـلَ الـرَأسُ شَـيْباً وَلَـمْ أكُـنْ بِدُعَـائِـكَ رَبِّ شَـقِيّاً وَكَـانَتِ امْـرَأتي عَـاقِراً فَهَـبْ لـي مِـنْ لَـدُنْكَ وَلِـيّاً يَرِثُني وَيَرِثُ مِـنْ آلِ يَعْـقُوبَ ... يَا زَكَـرِيّا إنّا نُبَشِّـرُكَ بِغُـلامٍ اسْـمُهُ يَحْـيى )[ مَريَم 2 / 7 ]، وَقَدْ قَتَلَ شَلُومُ زَكَريّا لِيَحْكُمَ مَكَانَهُ عَلى الأسِيْنيّينَ، وَمَقامُ زَكَرِيّا في المسجد الأموي في مدينة حَلَبْ بسوريا.
( عَصِـيّاً، شَـقِيّاً )[ مريم 14 / 32]:
نُلاَحِظُ في يَحْيَى عليه السلام قال تعالى: ( وَلَـمْ يَكُـنْ جَـبَّارَاً عَـصِـيّاً )[ مريم 14 ]، عَـصِـيّاً: عِنْدَ وُجُودِ الأبِ يَكُونُ الوَلَدُ عَصِيّاً لأوامِرِ وَالِده، بَيْنَمَا في قَوْلِ عِيسى عليه السلام : ( وَلَـمْ يَجْـعَـلْـني جَـبَّارَاً شَـقِيّاً )[ مريم 32 ]، شَـقِيّاً: عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الأبِ يَكُونُ الوَلَدُ شَقيّاً، وهذا دليلٌ لغويٌ مذهل أنّ عيسى عليه السلام ليس لـه أب.
( يَا أُخْــتَ هَـارونَ )[ مـريَم 28 ] :
إنّ أسـرة عمـران كانت مؤلفة من ثلاثة أولاد هُـم: [ هارون + مـرْيَم + إليزابيت ] وهـارون أخو مـريم، يختلف عن هارون أخي موسى عليهم السلام، وقـد انجبت مريم عيسى عليهمـا السلام بدون أب، بينمـا تزوّجت إليزابيت بزكـريّا وأنجبـا النبي يحيى، لذلك فإنّ عيسى ويحيى أولاد خالة، عليهم السلام جميعاً : ( يَا أُخْــتَ هَـارونَ مَـا كَـانَ أبوكِ امْـرَأَ سَـوْءٍ وَمَـا كَـانَتْ أُمُّـكِ بَغِـيَّـاً )[ مـريَم 28 ] .
( أَراغِـبٌ أَنْتَ عَـنْ آلِـهَـتي يَا إبْراهِـيْمُ )[ مريم 46 ] :
رَغِبَ عَنْ: رفَضَ وامْتَنَـعَ، رَغِبَ بِـ: قَبِـلَ وَأرادَ: ( وَمَـنْ يَرْغَـبُ عَـنْ مِـلَّـةِ إبْراهِـيْمَ إلاّ مَـنْ سَـفِهَ نَفْسَـهُ )[ البقرة 130]، ( قَالَ أَراغِـبٌ أَنْتَ عَـنْ آلِـهَـتي يَا إبْراهِـيْمُ ) [ مريم 46 ]، ( أَنْ يَتَخَـلَّفُـوا عَـنْ رَسُـولِ اللّـهِ وَلاَ يَرْغَـبُوا بِأَنْفُسِـهِـمْ عَـنْ نَفْسِـهِ )[ التوبة 120 ]، وَالرَغْبَـةُ: بِمَعْنى القَبُولِ وَالرِضَى: ( وَيَدْعُـونَنَا رَغَـبَاً وَرَهَـبَاً وَكَـانُوا لَـنَا خَاشِـعِـيْن )[ الأنبياء 90 ]، ( وَإلى رَبِّكَ فَارْغَـبْ )[ الشرح 8 ]، ( وَتَرغَـبُونَ أَنْ تَنْكِحُـوهُـنَّ) [ النساء 127 ]، ( إنَّا إلـى رَبِّنَا رَاغِـبُون )[ القلم 32 ]، ( إنَّا إلى اللّهِ رَاغِـبُون )[ التوبة 59 ].
(واصْـطَـبرْ لـعبادته)[مـريَم 65]:
( يَا أَيُّهَـا الـذينَ آمَـنوا اصْـبِروا وَصَـابِروا وَرابِطُـوا )[ آل عمران 200 ]
مَراتِبُ الصَبْرِ هيَ :
1_ التَصَبُّـرُ: وَهُوَ الصَبْر بِتَكَلُّفٍ، وَهُوَ أدْنى المراتِبِ .
2_ الصَبْـرُ: وَهُوَ الصَبْرُ دونَ مَلَلٍ، وَهُوَ الحَالَةُ الوُسْطى .
3_ الصَبْرُ الجميلُ: وَهُوَ السِمَةُ الأسَاسيَّةُ للشَخْصِ، كَصَبْرِ يَعْقُوب : ( فَصَـبْرٌ جَـمِـيْلٌ)[ يوسف 18 ] .
وَالصَبْرُ شَرْطٌ أَسَاسيٌّ لِدُخُولِ الجَنَّةِ: ( وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ الـذينَ صَـبَروا وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ ذُو حَـظٍّ عَـظِـيمٍ )[ فصلت 35 ]، ( وَمَـا يُلَـقَّـاهَـا إلاَّ الـصَـابرونَ )[القصص 80 ] .
(تَؤُزُّهُـمْ أَزَّاً )[ مريم 83]:
الأَزّ: هُوَ التَحْريضُ بِإصْـرارٍ عَلى الكُفْرِ، وَالاسْـِتمْرارِ بِهِ، عِقابَـاً مِنَ اللّهِ لِلكَافرينَ: (أَنَّا أَرْسَـلْـنَا الـشَـيَاطِـينَ عَـلـى الـكَـافِرينَ تَؤُزُّهُـمْ أَزَّاً)[ مريم 83 ]، تَؤُزُّهُـمْ: تُحَرِّضُهُمْ، أَزَّاً: تَحْريضَاً.
أحْـصَـاهُـمْ: عرِف كل شـيء عنهم بكل دقة
(أحْـصَـاهُـمْ وَعَـدَّهُـمْ عَـدَّاً )[مريم 64 ] :
إنَّ الإحْصَاءَ هُوَ: العَدُّ مِنْ أجْلِ هَدَفٍ مُعَيَّنٍ مَعَ المَعْلومَاتِ الدقيقة عَنِ المَعْدودِ، كَأنْ نحصي المُهَنْدِسينَ مِنْ أجْلِ مَعْرِفَةِ الاخْتِصَاصَاتِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ وَمَعْرِفَةِ النَقْصِ في كُلِّ اخْتِصَاصٍ، أمَّا العَـدّ: فَهُوَ الحُصُولُ عَلى العَدَدِ بِشَكْلٍ مُجَرَّدٍ فَقَطْ: ( وَإنْ تَعُـدُّوا نِعْـمَـةَ اللّـهِ لاَ تُحْـصُـوهَـا)[ إبراهيم 34 ]، تَعُـدُّوا نِعْـمَـةَ اللّـهِ: فوائِدَ كُلَّ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِ اللّهِ، لاَ تُحْـصُـوهَـا: لَنْ تَعْرِفوا الغاياتِ مِنْ هَذِهِ النِعْمَةِ، ( لَـقَدْ أحْـصَـاهُـمْ وَعَـدَّهُـمْ عَـدَّاً )[ مريم 64 ]، أحْـصَـاهُـمْ: عَرِفَ كُلَّ شَـيْءٍ عَنْهُمْ بِكُلِّ دِقَّـةٍ، عَـدَّهُـمْ عَـدَّاً: عَرِفَ عَدَدَهُمْ أيْضَـاً بِكُلَّ دِقَّـةٍ، ( وَأحْـصَـى كُـلَّ شَـيْءٍ عَـدَدَاً )[ الجن 28 ]، ( وَكُـلَّ شَـيْءٍ أحْـصَـيْنَاهُ كِـتَابَاً ) [ النبأ 29 ]، كِـتَابَاً :
في إمامٍ مبين: ( وَكُـلَّ شَـيْءٍ أحْـصَـيْنَاه ُفي إمَـامٍ مُـبينٍ )[ يس 12 ]، لِذَلِكَ : ( وَيَقُولُـونَ يَا وَيْلَـتَنَا مَالِ هَـذَا الـكِـتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَـغِـيرَةً وَلاَ كَـبيرَةٍ إلاَّ أَحْصَاهَا) [ الكهف 49 ]، وَلِذَلِكَ: ( إذَا طَـلَّـقْـتُمُ الـنِسَـاءَ فَطَـلِّـقُـوهُـنَّ لِـعِـدَّتِهِـنَّ وَأحْـصُـوا الـعِـدَّةَ ) [ الطلاق 1 ]، أحْـصُـوا الـعِـدَّةَ: فالعِدَّةُ ليْسَتْ عَدَدَ أيَّامٍ فقط، فَيَجِبُ مَعْرِفَةُ الغَايَةِ مِنَ العِدَّةِ [ إحصَاءَهَا ]، وَهيَ إمْكَانِيَّةُ الرُجُوعِ عَنِ الطَلاَقِ، ( يَوْمَ يَبْعَـثُهُـمُ اللّـهُ جَـمِـيعَـاً فَيُنَبِّئُـهُـمْ بِمَـا عَـمِـلُـوا أحْـصَـاهُ اللّـهُ وَنَسُوهُ )[ المجادلة 6 ] .
(الوادي الـمُـقَـدَّسِ طُـوى)[طـه 12] :
طـوى: هُوَ اسم الوادي الذي تَمَّ فيهِ نِـدَاءُ مُوسَى مِنَ الخَالِقِ تَعالى: ( وَهَـلْ أتَاكَ حَـديْثُ مُـوسَـى إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالـوادِ الـمُـقَدَّسِ طُـوىً )[ النازعات 15 / 16 ]، نَادَاهُ: النِـداءُ هُوَ الحَديثُ عَنْ بُعْـدٍ، ولَيْسَ اهْتِزاز طَبْلَةِ الأُذُنِ مُباشَرَةً، وَكَلاَمَـهُ مَعَهُ: ( وَكَـلَّـمَ اللّـهُ مُـوسَـى تَكْـلِـيمَـاً )[ النساء 164 ]، وَكَانَتِ النَـارُ التي رآهَا مُوسى تَخْرُجُ مِنَ الشَجَرَةِ المُبارَكَةِ المُوْجُودَةِ عَلى شَاطِئ الوادي الأَيْمَنِ : ( فَلَـمَّـا أتَاهَـا نُودِيَ مِـنْ شَـاطِـئ الـوادِ الأَيْمَـنِ فـي الـبُقْعَـةِ الـمُـبَارَكَـةِ مِـنَ الـشَـجَـرَةِ )[ القصص 30 ]، ( فَلَـمَّـا جَـاءَهَـا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَـنْ فِـي الـنَارِ وَمَـنْ حَـوْلَـهَـا )[ النمل 8 ]، وَالوادي واقِعٌ في الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ مِنْ جَبَلِ الطُورِ :
( وَنادَيْنَاهُ مِـنْ جَـانِبِ الـطُـورِ الأيْمَـنِ )[ مريم 52 ]، ( وَمَـا كُـنْتَ بِجَـانِبِ الـغَـرْبِيِّ إذْ قَضَـيْنَا إلـى مُـوسَـى الأَمْـرَ )[ القصص 44 ]، وَتَمَّ تَكْليفُ مُوسى بالرِسَـالَةِ إلى فِرْعَـون، بَعْدَ أنْ اخْتَارَ اللّهُ هَذَا التَوْقِيْتَ وَهَذَا المَكَانَ بالذَاتِ: ( فَلَـبِثْتَ سِـنينَ فـي أَهْـلِ مَـدْيَنَ ثُمَّ جِـئْـتَ عَـلـى قَدَرٍ يَا مُـوسَـى )[ طـه 40 ]، وَتَمَّ إعْطَاؤهُ تَعْليمَاتِ الرِسَالَةِ مِنَ اللّهِ مُباشَرَةً: ( فَلَـمَّـا أتَاهَـا نُودِيَ يَا مُـوسَـى إنِّي أنَا رَبُّكَ فاخْـلَـعْ نَعْـلَـيْكَ إنَّكَ بِالـوادِ الـمُـقَدَّسِ طُـوى وَأنَا اخْـتَرْتُكَ فَاسْتَمِـعْ لِـمَـا يُوحَـى إنَّني أنَا اللّـهُ لاَ إلَـهَ إلاَّ أنَا فَاعْـبُدْني وَأقِمِ الـصَـلاَةَ لِـذِكْـري إنَّ الـسَـاعَـةَ آتِيَةٌ )[ طه 11 ]، إنَّني أنَا اللّـهُ : إشَارَةً للعَقَائِدِ العَقْـليَّةِ، فَاعْـبُدْني: إشَارَةً للعَقَائِدِ الفرْعيَّة، إنَّ الـسَـاعَـةَ آتِيَةٌ :
إشَارَةً للعَقَائِدِ السمعيّة، وَهَذَا مُجْمَلُ الدينِ، ثُمَّ كَلَّفَهُ بالرِسَـالَةِ: ( اِذْهَـبْ إلـى فِـرْعَـوْنَ إنَّهُ طَـغَـى ) [ طه 24 ][ النازعات 17 ]، ( وَإذْ نَادى رَبُّكَ مُـوسـى أَنِ اِئْـتِ الـقَـوْمَ الـظَـالِـمِـينَ قَـوْمَ فِرْعَـوْنَ ألاَ يَتَّقُونَ )[ الشعراء 10 ]، فَطَلَبَ مُوسَى عَدَدَاً مِنَ الطَلَباتِ: ( قَالَ رَبِّ اشْـرَحْ لِـي صَـدْري وَيَسِّـرْ لـي أَمْـري وَاحْـلُـلْ عُـقْـدَةً مِـنْ لِـسَـاني يَفْقَهُـوا قَوْلـي وَاجـعَـلْ لـي وَزيراً مِـنْ أَهْـلـي هَـارونَ أخَي اُشْـدُدْ بِهِ أَزْري وَأَشْـرِكْـهُ فـي أَمْـري )[ طه 25 / 32 ]، ( وَأخِي هَـارونَ هُـوَ أَفْصَـحُ مِـنّي لِـسَـانَاً فَأرْسِـلْـهُ مَـعِـي رِدْءاً )[ القصص 34 ]، رِدْءاً :
مُؤازرةً وَمَشَاركَةً بالرسَالَةِ، ( وَيَضِـيقُ صَـدْري وَلاَ يَنْطَـلِـقُ لِـسَـاني فَأرْسِـلْ إلـى هَـارونَ )[ الشعراء 13 ]، فَأجَابَ اللّهُ جَميعَ طَلَباتِ مُوسى: ( قَالَ قَدْ أُوتِيْتَ سُـؤْلَـكَ يَا مُـوسَـى )[ طه 36 ]، ( قَال سَـنَشُـدُّ عَـضُـدَكَ بِأخِـيكَ )[ القصص 35 ]، عَـضُـدَكَ: عَضَلَةُ العَضُدِ هيَ عَضَلَةُ أعْلى الذِراعِ وَفيهَا القُوَّةُ، ( وَجَـعَـلْـنَا مَـعَـهُ أخَـاهُ هَـارونَ وَزيراً ) [ الفرقان 35 ]، وَهَكَذَا جَعَلَ مُوسى أَخَاهُ رَسُولاً، وَذُكِرَ هارون في القُرْآنِ / 20 / مَرَّةً، ( سَـلاَمُ عَـلـى مُـوسَـى وَهَـارونَ )[ الصافات 120 ].
كـل هـذا واللـه أعـلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
18 رمضان 1436هـ - 05 يوليو 2015م
الخمط.. طهارة لكل الأوقات
قال الله عز وجل :» فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ «. والخمط هو «الأراك» وهو من الاسماء العربية:
الآراك ،الراك ، السواك ، المسواك، لشلش، اما ثماره فتسمى مرد او كباث، والاراك نبات واسع الانتشار من افريقيا مرورا بالجزيرة العربية وصولا الى الصين، وهو ينمو في دولة الامارات العربية المتحدة في الوديان وفي بعض الجبال في الامارات الشمالية وحديثا تم استزراعه بصورة مكثفة في جميع مناطق الدولة على جنبات الطرق.
أوراق جلدية
شجيرة الأراك كثيرة التفرعات تصل إلى ارتفاع 3 امتار، وتنمو على الرمال وتتحمل الجفاف والملوحة النسبية، اوراقه جلدية رمحية عريضة، بسيطة متقابلة، وثماره عنبية خضراء قبل النضج وتتحول الى حمراء داكنة عند النضج مع وجود بذرة واحدة مستديرة، وهي تنتشر بفعل الرياح وتنبت بكثافة عند الرطوبة.
وذكر الأراك في القرآن والسنة ورد ذكر الخمط «الأراك» في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى« فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل )» قال ابن عباس والجمهور ان الخمط هو نبات الأراك او السواك.
اما الاستخدامات الشعبية الطبية للأراك عرفها العرب كغذاء ودواء منذ آلاف السنين، كما اهتم المسلمون باستعمال نبات السواك في تطبيب مرضاهم، فهو يعالج البلغم والرطوبات اللزجة واذا غلي في الزيت سكن الاوجاع ،وحلل اورام الرحم والبواسير، ودلك الاسنان، فعوده يجلو ويقوي اللثة وينقيها من الفضلات.
كما جاء في كتاب « الطب النبوي » للإمام الدمشقي، إن ثمر السواك الكباث ، اكله يقوي المعدة ويجيد الهضم ويجلو البلغم وينفع في اوجاع الظهر وإذا شرب طبيخه ادر البول ونقى المثانة وقواها.
مشروعية السواك
هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام « أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي»، وقال صلى الله عليه وسلم « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب »، و هو من سنن الوضوء : قال صلى الله عليه وسلم « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء »، فهو مستحب قبل الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم : « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»، وهنا المرأة والرجل في ذلك سواء « لولا أن أشق على أمتي » والمرأة من الأمة.
أوقات السواك
فالسواك مستحب في كل وقت لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب » ويشتد استحبابه عند الصلاة وعند الوضوء وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند تغير الفم . عن عائشة رضي الله عنها قالت :
كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثــه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي «. وعنهـا قالت : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل فيستيقظ إلا تَسَوَّك «. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك « .
وعن حذيفة رضي الله عنه : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك«، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعار من الليل إلا أمر السواك على فيه«. ، لذلك علينا أن نحيي هذه السنه، وأن نجعل السواك دائما معنا في صلاتنا ووضوئنا ونومنا، فمن أحيا هذه السنة فله أجر عظيم، لأن إحياءها إظهارٌ لها ودعوة للناس إليها، فمن عمل بالسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : » من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعى إلى ضلالة كان له من الإثم مثل آثام من تبعه ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً«.
واتباع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم من أسباب محبة الله للعبد، فليس الشأن أن تحب الله، فالجميع يدعي محبة الله عزوجل ولكن الشأن كل الشأن أن يحبك الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ))
**************************************************************************قال الله عز وجل :» فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ «. والخمط هو «الأراك» وهو من الاسماء العربية:
الآراك ،الراك ، السواك ، المسواك، لشلش، اما ثماره فتسمى مرد او كباث، والاراك نبات واسع الانتشار من افريقيا مرورا بالجزيرة العربية وصولا الى الصين، وهو ينمو في دولة الامارات العربية المتحدة في الوديان وفي بعض الجبال في الامارات الشمالية وحديثا تم استزراعه بصورة مكثفة في جميع مناطق الدولة على جنبات الطرق.
أوراق جلدية
شجيرة الأراك كثيرة التفرعات تصل إلى ارتفاع 3 امتار، وتنمو على الرمال وتتحمل الجفاف والملوحة النسبية، اوراقه جلدية رمحية عريضة، بسيطة متقابلة، وثماره عنبية خضراء قبل النضج وتتحول الى حمراء داكنة عند النضج مع وجود بذرة واحدة مستديرة، وهي تنتشر بفعل الرياح وتنبت بكثافة عند الرطوبة.
وذكر الأراك في القرآن والسنة ورد ذكر الخمط «الأراك» في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى« فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل )» قال ابن عباس والجمهور ان الخمط هو نبات الأراك او السواك.
اما الاستخدامات الشعبية الطبية للأراك عرفها العرب كغذاء ودواء منذ آلاف السنين، كما اهتم المسلمون باستعمال نبات السواك في تطبيب مرضاهم، فهو يعالج البلغم والرطوبات اللزجة واذا غلي في الزيت سكن الاوجاع ،وحلل اورام الرحم والبواسير، ودلك الاسنان، فعوده يجلو ويقوي اللثة وينقيها من الفضلات.
كما جاء في كتاب « الطب النبوي » للإمام الدمشقي، إن ثمر السواك الكباث ، اكله يقوي المعدة ويجيد الهضم ويجلو البلغم وينفع في اوجاع الظهر وإذا شرب طبيخه ادر البول ونقى المثانة وقواها.
مشروعية السواك
هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام « أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي»، وقال صلى الله عليه وسلم « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب »، و هو من سنن الوضوء : قال صلى الله عليه وسلم « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء »، فهو مستحب قبل الصلاة، قال صلى الله عليه وسلم : « لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة»، وهنا المرأة والرجل في ذلك سواء « لولا أن أشق على أمتي » والمرأة من الأمة.
أوقات السواك
فالسواك مستحب في كل وقت لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب » ويشتد استحبابه عند الصلاة وعند الوضوء وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند تغير الفم . عن عائشة رضي الله عنها قالت :
كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره فيبعثــه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي «. وعنهـا قالت : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرقد من ليل فيستيقظ إلا تَسَوَّك «. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام إلا والسواك عند رأسه فإذا استيقظ بدأ بالسواك « .
وعن حذيفة رضي الله عنه : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك«، وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : » كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعار من الليل إلا أمر السواك على فيه«. ، لذلك علينا أن نحيي هذه السنه، وأن نجعل السواك دائما معنا في صلاتنا ووضوئنا ونومنا، فمن أحيا هذه السنة فله أجر عظيم، لأن إحياءها إظهارٌ لها ودعوة للناس إليها، فمن عمل بالسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : » من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعى إلى ضلالة كان له من الإثم مثل آثام من تبعه ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً«.
واتباع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم من أسباب محبة الله للعبد، فليس الشأن أن تحب الله، فالجميع يدعي محبة الله عزوجل ولكن الشأن كل الشأن أن يحبك الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ ))
زدني علماً
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. اللهم أنفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً.
سبحانك ربي أنت العظيم القدير العزيز الحكيم، اللطيف الخبير، الرحمن الرحيم، السميع البصير. رب ما أرحمك وما أرأفك. رب ما أجودك وما أمجدك، رب ما أعلاك وما أقربك. رب ما أقدرك وما أقهرك. رب ما أبين كتابك وأشد عقابك. رب ما أكرم مآبك وأحسن ثوابك. رب ما أجزل عطاءك وأجل ثناءك. رب ما أحسن بلاءك وأسبغ نعماءك. رب ما أعلى شأنك وأعظم سلطانك. رب ما أعظم عرشك وأشد بطشك.
إلهي وسيدي ومولاي كيف أرجو غيرك والخير كله بيدك؟ أم كيف أؤمل سواك والخلق والأمر لك؟ أم كيف أنساك ولم تزل ذاكري؟ أم كيف ألهو عنك وأنت مراقبي؟
اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة.
اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه، وأخلف عليّ كل غائبة لي بخير.
اللهم إنا قد أطعناك في أحب الأشياء إليك أن تطاع فيه، الإيمان بك والإقرار بك، ولم نعصك في أبغض الأشياء أن تعصى فيه، الكفر والجحد بك، فاغفر لنا ما بينهما، إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم ارحم من ضاقت به الحيل، وتشابهت عليه السبل، يا من إذا شاء فعل، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، اللهم إنك قلت وقولك الحق المبين، ووعدك الصادق اليقين، ادعوني استجب لكم، اللهم إنا دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، إنك لا تخلف الميعاد.
كانت هناك قرية جميلة يعيش بها الجميع بسلام ويمارسون اعمالهم وعبادة ربهم بحرية ، في أحد الأيام وصل الشيطان الى القرية وتنكر بشكل رجل ، فور وصولة زرع الشيطان شجرة وبدأ يدعي سكان القرية لعبادة الشجرة ويكافئ من يعبدها بالهدايا ، أنشغل الشعب عن العمل والعبادة بتقديس الشجرة وبدأت المشاكل تنتشر في القرية ، شعر سامر بالغضب حين شاهد اهل ضيعته يتركون اعمالهم وعباداتهم من أجل الشجرة فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر سامر ووضع رأس الشيطان تحت قدمة ليقتله ، صرخ الشيطان : لاتقتلني وسأضع لك كل صباح قطعة ذهب تحت مخدتك فكر سامر بكل مشاكلة المادية وقال لنفسة سأتركه يعيش بعض الوقت وسأعود لاحقا لقطع الشجرة ترك سامر الشيطان وعاد الى بيتة وبدأ يشعر بالسعادة في كل صباح يستيقظ ويجد قطعة من الذهب في سريرة ,بعد شهر استيقظ سامر فلم يجد قطعة الذهب قال لنفسه ربما نسي الشيطان وضعها اليوم ، مر اسبوعين بدون ظهور اي قطعة ذهب جديدة عندها شعر سامر بالغضب لانقطاع الذهب فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر الشيطان ووضع رأس سامر تحت قدمة ليقتله ، صرخ سامر : لا أفهم كيف أصبحت قوي ؟ في الماضي انتصرت عليك بسرعة وسهولة والان انت اصبحت أقوى مني وهزمتني بسهولة ؟ أجاب الشيطان : في الماضي أنت كنت قوي لأنك كنت تدافع عن مبادئك لكنك اليوم أنتكانت هناك قرية جميلة يعيش بها الجميع بسلام ويمارسون اعمالهم وعبادة ربهم بحرية ، في أحد الأيام وصل الشيطان الى القرية وتنكر بشكل رجل ، فور وصولة زرع الشيطان شجرة وبدأ يدعي سكان القرية لعبادة الشجرة ويكافئ من يعبدها بالهدايا ، أنشغل الشعب عن العمل والعبادة بتقديس الشجرة وبدأت المشاكل تنتشر في القرية ، شعر سامر بالغضب حين شاهد اهل ضيعته يتركون اعمالهم وعباداتهم من أجل الشجرة فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر سامر ووضع رأس الشيطان تحت قدمة ليقتله ، صرخ الشيطان : لاتقتلني وسأضع لك كل صباح قطعة ذهب تحت مخدتك فكر سامر بكل مشاكلة المادية وقال لنفسة سأتركه يعيش بعض الوقت وسأعود لاحقا لقطع الشجرة ترك سامر الشيطان وعاد الى بيتة وبدأ يشعر بالسعادة في كل صباح يستيقظ ويجد قطعة من الذهب في سريرة ,بعد شهر استيقظ سامر فلم يجد قطعة الذهب قال لنفسه ربما نسي الشيطان وضعها اليوم ، مر اسبوعين بدون ظهور اي قطعة ذهب جديدة عندها شعر سامر بالغضب لانقطاع الذهب فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر الشيطان ووضع رأس سامر تحت قدمة ليقتله ، صرخ سامر : لا أفهم كيف أصبحت قوي ؟ في الماضي انتصرت عليك بسرعة وسهولة والان انت اصبحت أقوى مني وهزمتني بسهولة ؟ أجاب الشيطان : في الماضي أنت كنت قوي لأنك كنت تدافع عن مبادئك لكنك اليوم أنت أصبحت ضعيف لأنك تدافع فقط عن اموالك
*************************************************************************أبو موسى الأشعري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود"، إنه عبـد الله بن قيـس المكني بـ أبي موسى الأشعري، أمّهُ ظبية المكيّة بنت وهـب أسلمت وتوفيـت بالمدينة، كان قصيرًا نحيفًا خفيف اللحيّـة، غادر وطنه اليمـن إلى الكعبة فور سماعه برسـول يدعو إلى التوحيد، وفي مكة جلس بين يدي الرسول الكريم وتلقى عنه الهدى واليقين، وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله.
أبو موسى الأشعري والسفينة
قال أبو موسى الأشعري : "بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهما أحدهُما أبو بُرْدة والآخر أبو رُهْم، وبضع وخمسين رجلاً من قومي فركبنا سفينة، فألْقَتْنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر :إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا".
أبو موسى الأشعري والقدوم على المدينة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «يقدم عليكم غدًا قومٌ هم أرقُّ قلوبًا للإسلام منكم»، فقدِمَ الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري، فلمّا دَنَوْا من المدينـة جعلوا يرتجـزون يقولـون: "غدًا نلقى الأحبّـة، محمّـدًا وحِزبه"، فلمّا قدمـوا تصافحـوا، فكانوا هم أوّل مَنْ أحدث المصافحة.
واتفق قدوم الأشعريين وقدوم جعفر وفتح خيبر، فأطعمهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر طُعْمة، وهي معروفة بـ"طُعْمَة الأشعريين"، قال أبو موسى: "فوافَقْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا".
فضل أبو موسى الأشعري
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيهًا حصيفًا ذكيًّا، ويتألق بالإفتاء والقضاء حتى قال الشعبي: "قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت"، وقال: "كان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ستة: عمر وعليّ وعبد الله بن مسعود وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب".
أبو موسى الأشعري والقرآن
وكان من أهل القرآن حفظًا وفقهًا وعملاً، ومن كلماته المضيئة: "اتبعوا القرآن ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن"، وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه حتى قال الرسـول صلى الله عليه وسلم: «لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود»، وكان عمر يدعوه للتلاوة قائلاً: "شوقنا إلى ربنا يا أبا موسى".
أبو موسى الأشعري والصوم
وكان أبو موسى -رضي الله عنه- من أهل العبادة المثابرين وفي الأيام القائظة كان يلقاها مشتاقًا ليصومها قائلاً: "لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة"، وعن أبي موسى قال: "غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا حتى إذا كنّا في لُجّة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذْ سمعنا مناديًا يُنادي: "يا أهل السفينة قِفُوا أخبرْكم"، قال: فقمتُ فنظرتُ يمينًا وشمالاً فلم أرَ شيئًا، حتى نادى سبع مرات فقلتُ: "من هذا؟ ألا ترى على أيّ حالٍ نحن؟ إنّا لا نستطيع أن نُحْبَسَ"، قال: "ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟"، قلتُ: "بلى"، قال: "فإنّه من عطّش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حارّ كان على الله أن يرويه يوم القيامة"، فكان أبو موسى لا تلقاه إلا صائمًا في يوم حارٍ.
أبو موسى الأشعري في مواطن الجهاد
كان أبوموسى -رضي الله عنه- موضع ثقة الرسول وأصحابه وحبهم، فكان مقاتلاً جسورًا، ومناضلاً صعبًا، فكان يحمل مسئولياته في استبسال جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه: «سيد الفوارس أبو موسى»، ويقول أبو موسى عن قتاله: "خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق"، وفي حياة رسول الله ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن ...
أبو موسى الأشعري والإمارة
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عاد أبو موسى من اليمن إلى المدينة، ليحمل مسئولياته مع جيوش الاسلام، وفي عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة بعد عزل المغيرة، فجمع أهلها وخطب فيهم قائلاً: "إن أمير المؤمنين عمر بعثني إليكم، أعلمكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم"، فدهش الناس لأنهم اعتادوا أن يفقههـم الأمير ويثقفهـم، ولكن أن ينظـف طرقاتهم فهذا ما لم يعهـدوه أبدًا، وقال عنه الحسن -رضي الله عنه-: "ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه"، فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر -رضي الله عنه-.
كما أن عثمان -رضي الله عنه- ولاه الكوفة، قال الأسود بن يزيد: "لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- أعلم من عليّ بن أبي طالب والأشعري".
أبو موسى الأشعري وأهل أصبهان
وبينما كان المسلمون يفتحون بلاد فارس، هبط الأشعري وجيشه على أهل أصبهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم، بيد أنهم لم يكونوا صادقين، وإنما أرادوا أن يأخذوا الفرصة للإعداد لضربة غادرة، ولكن فطنة أبي موسى التي لم تغيب كانت لهم بالمرصاد، فعندما هموا بضربتهم وجدوا جيش المسلمين متأهبًا لهم، ولم ينتصف النهار حتى تم النصر الباهر.
أبو موسى الأشعري في موقعة تستر
في فتح بلاد فارس أبلى القائد العظيم أبو موسى الأشعري البلاء الكريم، وفي موقعة التستر (20 هـ) بالذات كان أبو موسى بطلها الكبير، فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر، وحاصرها المسلمون أيامًا عدة، حتى أعمل أبو موسى الحيلة، فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الطليعة الحصن وانقض أبو موسى بجيشه انقضاضًا، واستولى على المعقل في ساعات، واستسلم قائد الفرس، فأرسله أبو موسى إلى المدينة لينظر الخليفة في أمره.
وفاة أبو موسى الأشعري
ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: "إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك"، وجاء أجل أبو موسى الأشعـري، وكست محياه إشراقة من يرجـو لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دومًا: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام"، وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية سنة اثنين وخمسين.
*************************************************************************قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود"، إنه عبـد الله بن قيـس المكني بـ أبي موسى الأشعري، أمّهُ ظبية المكيّة بنت وهـب أسلمت وتوفيـت بالمدينة، كان قصيرًا نحيفًا خفيف اللحيّـة، غادر وطنه اليمـن إلى الكعبة فور سماعه برسـول يدعو إلى التوحيد، وفي مكة جلس بين يدي الرسول الكريم وتلقى عنه الهدى واليقين، وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله.
أبو موسى الأشعري والسفينة
قال أبو موسى الأشعري : "بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهما أحدهُما أبو بُرْدة والآخر أبو رُهْم، وبضع وخمسين رجلاً من قومي فركبنا سفينة، فألْقَتْنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر :إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا".
أبو موسى الأشعري والقدوم على المدينة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «يقدم عليكم غدًا قومٌ هم أرقُّ قلوبًا للإسلام منكم»، فقدِمَ الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري، فلمّا دَنَوْا من المدينـة جعلوا يرتجـزون يقولـون: "غدًا نلقى الأحبّـة، محمّـدًا وحِزبه"، فلمّا قدمـوا تصافحـوا، فكانوا هم أوّل مَنْ أحدث المصافحة.
واتفق قدوم الأشعريين وقدوم جعفر وفتح خيبر، فأطعمهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر طُعْمة، وهي معروفة بـ"طُعْمَة الأشعريين"، قال أبو موسى: "فوافَقْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا".
فضل أبو موسى الأشعري
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيهًا حصيفًا ذكيًّا، ويتألق بالإفتاء والقضاء حتى قال الشعبي: "قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت"، وقال: "كان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ستة: عمر وعليّ وعبد الله بن مسعود وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب".
أبو موسى الأشعري والقرآن
وكان من أهل القرآن حفظًا وفقهًا وعملاً، ومن كلماته المضيئة: "اتبعوا القرآن ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن"، وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه حتى قال الرسـول صلى الله عليه وسلم: «لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود»، وكان عمر يدعوه للتلاوة قائلاً: "شوقنا إلى ربنا يا أبا موسى".
أبو موسى الأشعري والصوم
وكان أبو موسى -رضي الله عنه- من أهل العبادة المثابرين وفي الأيام القائظة كان يلقاها مشتاقًا ليصومها قائلاً: "لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة"، وعن أبي موسى قال: "غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا حتى إذا كنّا في لُجّة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذْ سمعنا مناديًا يُنادي: "يا أهل السفينة قِفُوا أخبرْكم"، قال: فقمتُ فنظرتُ يمينًا وشمالاً فلم أرَ شيئًا، حتى نادى سبع مرات فقلتُ: "من هذا؟ ألا ترى على أيّ حالٍ نحن؟ إنّا لا نستطيع أن نُحْبَسَ"، قال: "ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟"، قلتُ: "بلى"، قال: "فإنّه من عطّش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حارّ كان على الله أن يرويه يوم القيامة"، فكان أبو موسى لا تلقاه إلا صائمًا في يوم حارٍ.
أبو موسى الأشعري في مواطن الجهاد
كان أبوموسى -رضي الله عنه- موضع ثقة الرسول وأصحابه وحبهم، فكان مقاتلاً جسورًا، ومناضلاً صعبًا، فكان يحمل مسئولياته في استبسال جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه: «سيد الفوارس أبو موسى»، ويقول أبو موسى عن قتاله: "خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق"، وفي حياة رسول الله ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن ...
أبو موسى الأشعري والإمارة
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عاد أبو موسى من اليمن إلى المدينة، ليحمل مسئولياته مع جيوش الاسلام، وفي عهد عمر ولاه البصرة سنة سبعَ عشرة بعد عزل المغيرة، فجمع أهلها وخطب فيهم قائلاً: "إن أمير المؤمنين عمر بعثني إليكم، أعلمكم كتاب ربكم، وسنة نبيكم، وأنظف لكم طرقكم"، فدهش الناس لأنهم اعتادوا أن يفقههـم الأمير ويثقفهـم، ولكن أن ينظـف طرقاتهم فهذا ما لم يعهـدوه أبدًا، وقال عنه الحسن -رضي الله عنه-: "ما أتى البصرة راكب خير لأهلها منه"، فلم يزل عليها حتى قُتِلَ عمر -رضي الله عنه-.
كما أن عثمان -رضي الله عنه- ولاه الكوفة، قال الأسود بن يزيد: "لم أرَ بالكوفة من أصحاب محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- أعلم من عليّ بن أبي طالب والأشعري".
أبو موسى الأشعري وأهل أصبهان
وبينما كان المسلمون يفتحون بلاد فارس، هبط الأشعري وجيشه على أهل أصبهان الذين صالحوه على الجزية فصالحهم، بيد أنهم لم يكونوا صادقين، وإنما أرادوا أن يأخذوا الفرصة للإعداد لضربة غادرة، ولكن فطنة أبي موسى التي لم تغيب كانت لهم بالمرصاد، فعندما هموا بضربتهم وجدوا جيش المسلمين متأهبًا لهم، ولم ينتصف النهار حتى تم النصر الباهر.
أبو موسى الأشعري في موقعة تستر
في فتح بلاد فارس أبلى القائد العظيم أبو موسى الأشعري البلاء الكريم، وفي موقعة التستر (20 هـ) بالذات كان أبو موسى بطلها الكبير، فقد تحصن الهُرْمُزان بجيشه في تستر، وحاصرها المسلمون أيامًا عدة، حتى أعمل أبو موسى الحيلة، فأرسل مائتي فارس مع عميل فارسي أغراه أبو موسى بأن يحتال حتى يفتح باب المدينة، ولم تكاد تفتح الأبواب حتى اقتحم جنود الطليعة الحصن وانقض أبو موسى بجيشه انقضاضًا، واستولى على المعقل في ساعات، واستسلم قائد الفرس، فأرسله أبو موسى إلى المدينة لينظر الخليفة في أمره.
وفاة أبو موسى الأشعري
ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: "إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك"، وجاء أجل أبو موسى الأشعـري، وكست محياه إشراقة من يرجـو لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دومًا: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام"، وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية سنة اثنين وخمسين.
الجــزء الـسابـع عـشـر
نشأة الكون
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الأنبيـاء ، و حتى الآيـة [ 78 ] من سورة الحـج ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( أنَّ الـسَـمَـاواتِ وَ الأرْضَ كَـانَتا رَتْـقاً فَفَـتَقْـنَاهُـمـا )[ الأنبياء 30]:
قبل الرتْق لَمْ يكُنِ الزمَانُ مَوجـوداً، لأنَّ الزمَانَ ينتجُ أصْلاً مِنْ حَرَكَةِ المكَانِ، ثمَّ أذِنَ الله بانفجَـارِ هـذهِ الكتلةِ، فَبَدأَ الزمَـانُ، وَ بَدأَ الكَوْنُ بالتوسُّـعِ وَ التمَدُّدِ وَ التَباعُدِ: (أوَ لَـمْ يرَ الـذِينَ كَـفروا أنَّ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضَ كَـانَتا رَتْـقاً فَـفَـتَقْـنَاهُـما)[ الأنبياء 30 ] ، رَتْـقاً : قطعـةً واحدةً متماسـكة ، فَفَـتَقْـنَاهُـمـا: إشارَةً إلى الانْفِجَارِ أو التَباعُدِ الأعْظَمِ، وَ لاَ يَزالُ الكَوْنُ في حَالَةِ تَمَدُّدِ وَ تَوسُّعٍ حتَّى الآنَ:
( وَ الـسـمَـاءَ بَنَيْنَـاهـَا بِأيْـدٍ وَ إنَّـا لَـمُـوسِـعُـونَ )[ الذاريات 47 ] ، بِأيْدٍ: بقوةِ، لَـمُـوسِـعُـونَ: دونَ زِيَادَةٍ في الكتْلَةِ، فالتَوَسُّعُ يَعْني التَبَاعُـدَ فَقَطْ، مِثْلَ القَوْلِ: تَوَسَّعُوا في المَجَالِسِ، أيْ تَبَاعَدُوا فيمَا بِيْنَكُمْ، إلى أنْ يُعِيدُهُ الخَالِقُ تعالى في نِهَايةِ دَوْرَتهِ إلى حَالتِهِ الأولى، أي [ قِطْعَةً واحِدَة مُتراصّةً وَ مُتَمَاسِكَةً بِشَكْلٍ هائِلٍ ]: (يَوْمَ نَطْوي الـسـمَـاءَ كَـطَـيِّ الـسِجِـلِّ لِلـكُـتُبِ كَـمَـا بَدَأْنَا أوَّل َ خَـلْـقٍ نُعِـيدُهُ وَعْـداً عَـلَـيْنَا إنَّا كُـنَّا فَـاعِـلـينَ)[الأنبياء 104] ، (وَ الـسَـمَـاواتُ مَـطْـويّـاتٌ بِـيَـمِــينِهِ)[ الزمر 67] .
لَقَدْ تمَّ وِفْقَ نظرياتِ [ المَجَالِ الموحَّدِ]، تَمَّ وَضْعُ تَصَوُّرٍ لِمـَا حَدَثَ في الثَواني القليلةِ الأولى التي أعْقَبَتِ الانفجَارَ الكبيرَ عِنْدَ نَشْأةِ الزَمَانِ، حيثُ كانَ الكونُ لاَ يزالُ كُرَةً ناريةً تَدورُ بشَكْلِ دوَّامَةٍ تَتكوَّنُ مِنَ [ الكُواركات وَ الكمَّاتِ الفيزيائيّةِ ] الأُخْرى ، وَ قَدْ أوْضَحَ القرْآنُ الكريمُ أنَّ الإنسَانَ سَيَتَمَكَّنُ يَوْمَـاً مـَا مِنْ مَعْرِفَـةِ مَا حَـدَثَ عِنْدَ بِدايَـةِ النَشْـأَةِ الأُولى: ( وَ لَـقَـدْ عَـلِـمْـتُـمْ الـنَـشْـأةَ الأولـى فَـلَـوْلاَ تَـذَكَّـرونَ )[ الواقعة 62 ] ، تَـذَكَّـرونَ: لِلمعْلوماتِ التي في الذاكِـرةِ الأزلِيّـَةِ.
فَـقَبْلَ زَمَنٍ قَدْرُهُ أقل مِنَ الثانيةِ الأولى، لَمْ يَسْتَطِعِ العُلمَاءُ وَضْعَ تَصَوُّرٍ لِمَا حَدَثَ، أمَّا بَعْدَ هَذهِ الفترةِ الزمنيَّـةِ المتناهيـَةِ في الصِغَرِ فَقَدْ كانتْ دَرَجَةُ حَرَارَةِ الكَوْنِ تُقَدَّرُ بِ [ مَائةِ مِلْيارِ دَرَجَةٍ مُطُلَقَةٍ - كَلْفِنْ - ] ، وَ كانَتِ المادَّةُ عَلى شَكْلِ [ هَيُولى أوْ حِسَاءٍ ذَرّيٍ ] ، وَ لَمْ تَكُنِ الذرّاتُ قَدْ أَخَذَتْ هَوِيَّتَهَا حَسَبَ جَدْوَلِ مَنْدَلْييفْ لترتيبِ العَنَاصرِ، وَ هَذا الحِسَـاءُ الذَرّيُّ كانَ عِبارةً عَنْ إلكتروناتٍ و فوتوناتٍ و بوزيتروناتٍ و نيوترونو مُضَـادّ :
( وَ مِـنْ كُـلِّ شَـءٍ خَـلَـقْنَا زَوْجَــينِ )[ الذاريات 49 ] ، إلى آخِرِ ذلكَ مِنَ العناصِرِ الدقيقَةِ ، وَ كانَتْ هَذِهِ الجُسَيْماتُ تَخْلَقُ وَ تَتَلاشى باسْتِمْرارٍ في كَثَافَةٍ وَ حَرارَةٍ عالِيَتَيْنِ ، وَ كانَ ناتِجُ ذلِكَ هُوَ الفوتوناتِ التي كانَتْ تَتَصَادَمُ مَعَ بَعْضِهَا وَ مِنْ هَذا الذي حَصَلَ تَشَكَّلَ الكَوْنُ [ السَماواتُ وَ الأرْضُ وَ مَا بيْنَهُمَا ]، وَ في أثْنَاءِ تَحَطُّمِ التَنَاظُرِ :
[ الجُسَيْمُ وَ ضِدَّهُ ] هَذَا ، فَقَدْ تَمَّ حَبْسُ أوْ تَقْييدُ بَعْضِ حَالاَتِ التَفْريغِ هَذِهِ دَاخِلَ خُيُوطٍ في الفَضَاءِ هيَ الأوْتَارُ ، وَ كَانَ تَحَطُّمُ التَنَاظُر ِهَذَا لَيْسَ تَامّاً في الكَوْنِ بَلْ كَانَ مُتَصَدِّعَاً فَنَجَـا فَائِضٌ مِنَ البروتونَاتِ وَ الإلِكِتْرونَاتِ بِنِسْبَةِ : وَاحِدٍ إلى مِلْيَارٍ لِكُلٍّ مِنْهَا ، وَ هَذِهِ النِسْبَةُ الضَئِيلَةُ التي نَجَـتْ ، شَكَّلَتِ الكَوْنَ المرْئيّ وَ مَا فيهِ ، وَ الإنْسَـانَ ، وَ لَوْلاَ ذَلِكَ لاَ يُوجَدُ كَـوْنٌ أصْلاً .
(وَ جَـعَـلْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ كُــلَّ شَـيْءٍ حَـيٍّ)[ الأنبياء30] :
إنَّهُ المَـاءُ: ( وَ جَـعَـلْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ كُــلَّ شَـيْءٍ حَـيٍّ )[ الأنبياء30 ] ، وَ لَمْ يَقُلْ تعالى : [ خَلَقْنا ] ، لأنَّ الجَعْـلَ: هُوَ الإبْداعُ وَ الإنْشَاءُ في الخَلْقِ، وَ فيهِ مَعْنى التَقْديرِ: ( وَالـذي قَدَّرَ فَـهَـدى )[ الأعلى 2 ]، وَ فيهِ مَعْنى التَسْويَةِ : ( خَـلَـقَـكَ فَـسَـوَّاكَ )[ الإنفطار 6 ] ، فَكَلِمَةُ جَـعَـلْـنَا أَعَمُّ وَ أَشْمَلُ مِنْ كَلِمَةِ خَلَقْنا، و بدايَةُ تكوينِ الإنسانِ في الرَحِمِ تكونُ في [ السائل الأمينوسيّ ] الذي يتكوّنُ 99 % منه مـاء .
المـاءُ الخَفيفُ:
صِيْغَتُهُ الكيميائِيَّةُ هيَ : H2O ، أيْ يَتَكَوَّنُ جُزَيْئُهُ مِنْ ذَرَّتَيْنِ مِنَ الهيدروجينِ الخَفيفِ ، ذي الوَزْنِ الذَريّ / 1 / ، وَ مِنْ ذَرَّةٍ واحِدَةٍ مِنَ الأُوكْسجين ، ذي الوزنِ الذريّ / 16 / فَيَكونُ مَجْموعُ الوَزْنِ الجُزَيْئيِّ لِجُزَيْءِ المَاءِ الخَفيفِ = / 18 / وحدة ، ( وَ أَسْـقِيْناكُـمْ مَـاءً فُـراتَاً )[ المرسلات 27 ] ، وَ يَتَمَتَّعُ المَاءُ الخَفيفُ بِخَاصِيَّةِ التَفَكُّكِ الضَعيْفِ إلى شَوارِدِH+ ، OH- ، وَ يُظْهِرُ الماءُ خَواصّاً تُشْبِهُ خواصّ الحُمُوضِ وَ الأُسُسِ ، وَ هَذَا يَجْعَلُهُ شُـمْولِيّاً كَمُذِيْبٍ لِلْعَدَدِ الأعْظَميِّ مِنَ المَوادّ الضَروريّةِ لِلحَيـاةِ وَ يَضْمَنُ وُجُودَها ، وَ خُطُوطُ الاتِّصَالِ في جُزَيْءِ المَاءِ مَا بَيْنَ [ الأوكْسجيْنِ وَ الهيْدروجيْنِ ] ، تَتَقاطَعُ في مَرْكَزِ ذَرَّةِ الأوكْسجيْنِ ، مِمَّا يَجْعَلُ المَاءَ يُحَافِظُ عَلى حَالَتِهِ السَائِلَةِ في الطبيعَةِ مَعَ أَنَّهُ يَتَكَوَّنُ مِنْ غَازَيْنِ [ أوكسجين وَ هيدروجين ] ، مَعَ العِلْمِ أنَّ الغازَاتِ لاَ تَكُونُ سَائِلَةً إلاَّ تَحْتَ الضَغْطِ وَ البُرودَةِ [ مِثْلَ غَازِ الطَبْخِ مَثَلاً ] ..
وَ تَتَوَضَّعُ خُطُوطُ الاتِّصَالِ هَذِهِ بالنِسْبَةِ لِبَعْضِها بِزاوِيَةٍ قَدْرُها / 104 درجات + 27 دقيقة مِنَ الدَرجة / ، وَهَذَا مَا يَكْفلُ لِلْماءِ خَواصَّهُ الفَريْدَةِ كَأسَاسٍ لِلْحياةِ، وَ كَمادّةٍ تُسَاعِدُ عَلى النَشَاطِ الحَيَويِّ، وَكَعُنْصُرٍ في بُنْيانِ الشَبَكَةِ البلّوريَّةِ لِلْثَلْجِ وَ الجَليْدِ ، بِحَيْثُ يَطْفو الجَليْدُ عَلى سَطْحِ المَاءِ، بِعَكْسِ السَوائِلِ الأُخْرى، التي يَنْزِلُ القِسْمُ الجَامِدُ مِنْها لِلأَسْفَلِ [ مِثْلَ الشَمْعِ وَ الزَيْتِ ...]، كَما أنَّ هَذِهِ البُنْيَةَ البَلَّوريَّةَ تُبْقي الماءَ في حَالَةِ الذَوبانِ في الكائِنِ الحيِّ مَا بَيْنَ دَرَجَتَيْ الحَرارَةِ المِئَويَّةِ / 30 – 40 /، مِمَّا يَجْعَلُ المَـاءَ حَامِلَ الحَيَـاةِ الأسَاسيِّ:
( أَ فَرَأَيْتُمُ الـمَـاءَ الـذي تَشْـرَبُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْـتُمُـوهُ مِـنَ الـمُـزْنِ أَمْ نَحْـنُ الـمُـنْزِلُـونَ لَـوْ نَشَـاءُ جَـعَـلْـناهُ أُجَـاجَـاً فَلَـوْلاَ تَشْـكُـرونَ ... أَ فَـرأيْتُـمُ الـنَـارَ الـتي تُورون .... أَ فـرأيْتُـمْ مَـا تحْـرثُـونَ )[ الواقعة 68 / 83 ] ، فهذه الآيات الكريمة شَملتْ [ المـاء + النَـارَ + التُراب ]، و هي عنـاصر الحياة الأساسيّة، و لـمْ يذْكُـر العنصُرَ الرابع [ الهـواء ] ، لأنّ الآيات تتحدّثُ عن اُمورٍ مَـرئيّةٍ للعيْـن: ( أَ فَـرَأَيْتُـمُ )، و الهواءُ غيْـرُ مـرئيّ .
(وَ جَعَـلْـنَـا الـسَـمَـاءَ سَـقْـفاً مَحْـفوظاً)[الأنبياء 32] :
بالنَظَرِ في قَوْلِهِ تعالى: ( وَ بَـنَيْـنا فَوْقَكُـمْ سَـبْعـاً شِداداً )[ النبأ 12 ] ، ( وَالسَـمَـاءَ بِنَاءً ) [ البقرة 22 ] ، بِناء وَ لَيْسَتْ فراغاً، ( أَ أَنْتُمْ أَشَـدُّ خَـلْـقَـاً أَمِ الـسَـمَـاءَ بَنَاهـَا )[ النازعات 27 ] ، ( وَ جَـعَـلْـنَـا الـسَـمَـاءَ سَـقْـفـاً مَـحْــفوظـاً )[ الأنبياء 32 ] ، سَـقْـفـاً : سَـقْفٌ لِلأرْضِ ، بِكلِّ ما في هـذِهِ الكلِمَـةِ مِنْ مَعْـنى: ( وَ الـسَـقْـفُ الـمَـرْفوعُ )[ الطور 5 ] ، وَ نَحْنُ مُطالَبونَ بالنَظَرِ في كيْفيَّـةِ رَفْعِ هذِهِ السَمَاءِ الدُنيا التي هيَ الغِلافُ الجـوّيُّ للأرْضِ ، لأنَّ السَمَاواتِ العُـلى تَقَعُ خارِجَ حُدودِ الإمكاناتِ البشَـريَّةِ لِبُعْدِهَا الهائِلِ عَنَّـَا ، وَ هيَ مِنْ عالَمِ الغَيْبِ في الحيَاةِ الدُنْيا ، فَقَدْ قالَ تعالى:
( أ فَـلاَ يَـنْـظُـرونَ إلـى الإبِـلِ كَـيْـفَ خُـلِـقَـتْ وَ إلـى الـسَـمَـاءِ كَــيْـفَ رُفِـعَـتْ )[ الغاشية 17 / 18 ] ، ( أَ فَلَـمْ يَـنْظُـروا إلـى الـسَـمَـاءِ فَوْقَهُـمْ كَـيْـفَ بَنَيْـناهَـا وَ زَيَّنَّاهَـا )[ ق 6 ] ، وَ بِمَا أنَّ الزينَةَ لِلسَماءِ التي فَوْقَنا [ أي السَبْع الشِداد حسْبَ آيَةِ : النبأ 12 السابقة ] ، فَهي إذاً السَماءُ الدُنيا لقَوْلِهِ تعالى : ( وَ لَـقَدْ زَيَّنَّا الـسَـمَـاءَ الـدُنْيَا بِمَـصَـابيحَ وَ جَعَـلْـنَاهـَا رُجُـوماً لِلشَـيَاطينِ )[ الملك 5 ] ، جَعَـلْـنَاهـَا :
أي السماء الدنيا، ( إنَّـا زَيَّنَّا الـسَـمـَاءَ الـدُنْيا بِـزينَةٍ الـكَـواكِـبِ )[ الصافات 6 ] ، وَ هذا البنـاءُ وَهذا السَقْفُ المرفوعُ يَحْفَظُهُ اللهُ تعالى مِنَ السُقوطِ عَلى الأرْضِ ذاتِ الجاذبيّةِ : ( وَ يُـمْـسِـكُ الـسَـمَـاءَ أَنْ تَـقَـعَ عَـلى الأرْضِ )[ الحج 65 ]، ( اللَّـهُ الـذي رَفَـعَ الـسَـمَـاواتِ بِغَـيْـرِ عَـمَـدٍ تَرونَهَـا )[ الرعد 2 ]، بِغَـيْـرِ عَـمَـدٍ تَرونَهَـا: أي يوجد أعمِـدَةٍ و لكن غَـيْرَ مَرْئيّـةٍ لكم و هي خيوط الجاذبية: ( خَـلَـقَ الـسَـمَاواتِ بِغَـيْرِ عَـمَـدٍ تَرونَها )[ لقمان 10 ] ، فَالغِـلافُ الجـوّيُّ إذاً : هوَ السَـمَاءُ الدُنيَـا.
أسـماء أهم مراحل حيـاة الإنسـان
أوِّبي : ردّدي مَعَهُ التسْبيحَ
(قالوا سَـمِعْنا فَتَـىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَـهُ إبْراهيـمُ )[ الأنبياء 60]:
أسْـمَاءُ أهَـمِّ مَرَاحِلِ حَيـَاةِ الإنْسـَانِ :
مَرْحَلَةُ الطِفْـلِ: مُنْـذٌ الولاَدَةِ: ( يُخْرِجُكُمْ طِفْـلاً )[ غافر 67 ] ، وَ حتّى الحُلُـم: ( وَ إذا بَلَغَ الأَطفـالُ منْكُمُ الحُلُـمَ )[ النور 59 ] ، ثُم مَرْحَلَةُ الصِبـَا: تَلي البُلُوغَ وَهيَ بدايَـةُ سنَّ المُراهَقَـةِ، وَ فيها أُوتِيَ يَحْيَى عليه السلام الحِكْمَةَ: ( وَ آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيّـاً )[ مريم 12 ] ، ثـمّ مَرْحَلَةُ الفَـتى: وَ تُسَمَّى في الوَقْتِ الحاليِّ سِـنُّ المُراهَقَـةِ:
( قالوا سَـمِعْنا فَتَـىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَـهُ إبْراهيـمُ )[ الأنبياء 60 ] ، ثـمّ مَرْحَلَةُ الشَـباب: وَ هيَ مَرْحَلَةُ القُـوّة ِ [ منْ سِن 25 إلى 40 سَنَة ]: ( حتّى إذا بَلَـغَ أَشُـدّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعينَ سَـنَةً )[ الأحقاف 15 ] ، ثُـم ّ مَرْحَلَةُ الكُهولَـةِ: [ منْ سِن 40 إلى 50 سَـنَة ] وَ هيَ مَرْحَلَةُ تَكْليفِ الرُسُلِ بالرسَالات: ( تُكَلِّمُ الناسَ في المَهْدِ وَ كَهْلاً )[ المائدة 110 ] ، ثُـمّ مرْحَلَةُ الشَيْخِ :
[ بَعْدَ سِن 50 سَنَة ] : ( ثُمّ لِتَكونوا شُيوخاً )[ غافر 67 ] ، وَ المرأةُ تُدعى عَجوزٌ : ( وَ أنا عَجوزٌ وَ هَذا بَعْلي شَيْخاً )[ هود 72 ] ، ثُـمّ أرْذَلُ العُمُـرِ : ( وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العُمُـرِ لكيْ لاَ يَعْلَـمَ مِنْ بَعْـدِ عِلْمٍ شَيْئـاً )[ النحل 70 ] ، وَهيَ مَرْحَلَةُ الخَـرَفِ.
( وَ سَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَ الـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 :
دَامَ عَهْدُ داوود عليه السلام / 94 / سَنَةً ، مَا بَيْنَ 1025 _ 931 قَبْلَ المِيْلادِ ، كَانَ داوودُ نَبِيّاً وَ رسُولاً مِنْ أصْحابِ الكُتُبِ السَماويَّةِ : ( وَآتَيْنَا داوودَ زَبُوراً )[ النساء 163 ][ الإسراء 55 ] ، وَ كَانَ قاضِيَاً : ( يَا داوودُ إنّا جَـعَـلْـنَاكَ خَـلِـيْفَةً في الأرْضِ فَاحْـكُـمْ بَيْنَ الـنَاسِ بِالـحَـقِّ )[ ص 26 ] ، وَ كَانَ يتَمَتَّع بِالحِكْمَةِ وَ القُوَّةِ :
( وَ شَـدَدْنا مُـلْـكَـهُ وَ آتِيْنَاهُ الـحِـكْـمَـةَ وَ فَصْـلَ الـخِـطَـابِ )[ ص 20 ] ، ( وَ اذْكُـرْ عَـبْدَنا داوودَ ذَا الأيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ ) [ ص 18 ] ، وَ كانَ يَتَمَتَّعُ بِجَمالِ الصَوْتِ ، حَتّى أنَّ صَوْتهُ كانَ يُؤثِّرُ في الصَخْرِ: ( وَ سَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَ الـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 ] ، ( وَ لَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً يَا جِـبَالُ أوِّبي معـه وَ الـطَـيْرَ )[ سَـبَأ 10 ] ، أوِّبي :
ردّدي مَعَهُ التسْبيحَ ، وَ الـطَـيْرَ : أيْضاً يُرَدِّدُ مَعَهُ التسبيح : ( إنَّا سَـخّـرْنَا الـجِـبالَ مَـعَـهُ يُسَـبِّحْـنَ بِالـعَـشِـيِّ وَ الإشْـراقِ وَ الـطَـيْرَ مَـحْـشُـورَةٌ كُـلٌّ لَـهُ أوّابٌ )[ ص 18 ] ، وَ تُسَمّى مَزَامِيْرُ داوود ، وَ قَدْ أسَّسَ داوودُ مَا يُسَمَّى في الوَقْتِ الحالي الصِناعَةَ الحَرْبِيَّة : ( وَعَـلَّـمْـنَاهُ صَـنْعَـةَ لَـبُوسٍ لَـكُـمْ ) [ الأنبياء 80 ] ، لَـبُوسٍ : دُروع ، مَعَ الدِقَّةِ وَ المَهارَةِ في صِناعَتِها :
( وَ قَدِّرْ في الـسَـرْدِ )[ سَـبأ 11 ] ، الـسَـرْدِ : حلقات الدِرْع ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ اسْتَخْدَمَ في المنطِقَةِ الصِناعات المَعْدنيَّة : ( وَألَـنّا لَـهُ الـحَـديْدَ )[ سَـبأ 10 ] ، مِنْ أجْلِ ذَلِكَ يَذْكُرُ التاريْخُ أنَّ الكَنعانِيّينَ أوَّلُ مَن اكْتَشَفَ الحديْدَ ، فَقَدْ أُعْطِيَ سُلَيْمانُ عليه السلام مَناجِمَ النُحاسِ :
( وَ أسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِـطْـرِ )[ سَـبأ 12 ] ، الـقِـطْـرِ : النحاس ، فَكانُوا السَبَّاقِيْنَ في صِناعَةِ التَعْديْنِ ، وَ سَاهَموا بِبنـاءِ [ الحَضَارة المِيْغالِيْثِيَّة ] المُمْتدّة حَوْلَ العَالَمِ ، حَيْثُ أعْطى اللّهُ داوودَ و ابْنَهُ سُـلَيْمانَ إمْكاناتٍ خَارِقَة مثل : [ الريح ، الجِنّ ، الحديد ، النُحاس ... ] ، وَ قالَ لَهُمْ : ( اِعْـمَـلُـوا آلَ دَاوودَ شُـكْـراً )[ سَـبأ 13 ] ، وَ كَانَ المِصْريُّونَ يَنْقلونَ الحَدِيْدَ وَ النُحاسَ مِنْ فلسْطِيْنَ لِمِصْرَ .
( تَـذْهَـلُ كُـلُّ مُـرْضِـعَـةٍ عَـمَّـا أَرْضَـعَـتْ )[ الحـج 1 ] :
بَعْدَ أنْ تَصْدُمَ قذيفَةُ الأَرْضَ ، كَأشْـبَهَ مَا يكونُ بِحادِثِ سَـيْرٍ هَـائِلٍ : ( وَ حُـمِّـلَـتِ الأَرْضُ وَ الـجِـبَالُ فَـدُكَّـتَا دَكَّـةً وَاحِـدَةً )[ الحاقة 14 ] ، سَتَعْمَلُ هَذِهِ الصَدْمَةُ عَلى عَكْسِ اتّجـَاهِ حَرَكَةِ دَوَرانِ الأَرْض ، وَ يَصْدُقُ بِذَلِكَ الحديثُ الشريفُ : [ تُشْرِقُ الشَمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَـا ] ، وَ يَنْتُـجُ عِنْ ذَلِكَ زَلْزَلَةٌ هائِلَةٌ لِلأَرْضِ :
( يَـا أَيُّـهَـا الـنَاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إنَّ زَلْـزَلَـةَ الـسَـاعَةِ شَـيْءٌ عَـظـيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَـلُ كُـلُّ مُـرْضِـعَـةٍ عَـمَّـا أَرْضَـعَـتْ وَ تَضَـعُ كُـلُّ ذاتِ حَـمْـلٍ حَـمْـلَـهَـا وَ تَرى الـنَاسَ سُـكَـارى وَ مَـا هُـمْ بِـسُـكـَارى وَ لَـكِـنَّ عَــذابَ اللَّـهِ شَـديدٌ )[ الحج 1/ 2 ] ، الـنَاسُ : وَ لَيْسَ يا أيّها الذينَ آمنوا ، لأنّ الذينَ آمنوا يكونونَ قَـدْ مَـاتوا في ذَلِكَ الحين ، تَرَوْنَهَا :
بالجمْعِ لأنَّ كُلَّ الناسِ الذين على قيد الحياة َيرَوْنَهَا ، مُـرْضِـعَـةٍ : المُرضِعَةُ بالتاء المربوطة هيَ التي يكون طِفْلُهَا على صَدْرِهَا ، أمَّا المُرْضِع بدون التاء المربوطة فهي الأمُّ خِلاَلَ سَنتَيْ الرَضَاعَةِ ، تَرى :
بالمفردِ أيْ الذي يَنْظُرُ للنَاسِ فَقَطْ وَ لَيْسَ لِكُلِّ الأحْداثِ ، ( قُـلْ أَرَأيْتُمْ إنْ أَتَاكُـمْ عَـذابُ اللَّـهِ بَغْـتَةً )[ الأنعام 47 ] ، ( مِـنْ قَـبْلِ أَنْ يَأتِيَكُـمْ الـعَـذابُ بَغْـتَةً وَ أَنْتُمْ لاَ تَشْـعُـرونَ )[ الزمر 55 ] ، ( لَـجَـاءَهُـمُ الـعَـذابُ وَ لَـيَأْتِـيَـنَّهُمْ بَغْــتَةً )[ العنكبوت 53 ] ، وَ قُوّةُ هَذِهِ الصَدْمَةِ سَتُفَتِّتُ صَخْرَ الجِبالِ : ( إذا رُجَّـتِ الأَرْضُ رَجّـاً وَ بُـسَّـتِ الـجِـبَالُ بَسّـاً )[ الواقعة 4 / 5 ] ، بُـسَّـتِ الـجِـبَالُ : تَفَتّتت قِطَعاً صغيرة ، ( يَوْمَ تَرْجُـفُ الأَرْضُ وَ الجِـبَالُ وَ كَانَتِ الجِـبَالُ كَثيباً مـَهِـيلاً )[ المزمل 14 ] .
( وَ إنَّ يَوْمَـاً عِـنْدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] :
إنّ السِنينُ هيَ وِحْدَةُ زَماَنِ المُعَاناةِ عَلى الأرْضِ : ( وَ إنَّ يَوْمَـاً عِـنْدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] ، ( في يَوْمٍ كَانَ مِقْـدارُهُ أَلْـفَ سَـنَـةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ السجدة 5 ] ، لقد تَحَدَّثَ القُرْآنُ الكَريمُ عَنْ نِسْـبيّةِ الزَمَنِ : ( وَ إنَّ يَـوْمَـاً عِـنْـدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَـنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] ، يَـوْمَـاً عِـنْـدَ رَبِّكَ : في عَذاب جهنّـم ، كَـألْـفِ سَـنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ :
الكاف للتشبيه و ليس للمساواة الحقيقة كمـا ورَد في سورة السجدة ، مِمّا نَعـُدّ على الأرْضِ ، وَ لَوْ كانَ هُناكَ أناسٌ على المريّخِ مَثَلاً سَيَعُدّونَ أيّاماً أخرى ، ( وَ يَوْمَ تَقُـومُ الـسَـاعَـةُ يُقْـسِـمُ الـمُـجْـرِمُـونَ مَـا لَـبِثُـوا غَـيْرَ سَـاعَـةٍ )[ الروم 55 ] ، ( قَالَ كَـمْ لَـبِثْـتُمْ فِـي الأَرْضِ عَـدَدَ سِـنينَ قَالـوا لَـبِثْـنا يَوْمـاً أوْ بَعْـضَ يَوْمٍ )[ المؤمنون 112 ] ، ( كَـأنَّهُـمْ يَوْمَ يَـرَوْنَهَـا لَـمْ يَلْـبَثُـوا إلاّ عَـشِـيّةً أوْ ضُـحَـاهَـا )[ النازعات 46 ] .
إنَّ اليَـوْمَ في القرآنِ الكريمِ أطوَلُ مِنَ السَنَـةِ ، حَيْثُ اعْتَبَرَ القرآنُ الكريمُ أنَّ اليومَ هوَ رَمْزٌ لِزَمَـانِ الحادِثَةِ طَـالَ أمْ قَصُرَ [ بالمعنى الفيزيائيِّ : الزمان اللازم للقيام بالحدث لِمَرَّةٍ واحدةٍ ] : ( كُـلَّ يَـومٍ هُـوَ في شَـأْنٍ )[ الرحمن 29 ] ، أيْ : كل شَـأن أو حادِثة لَها يَوْمُهـا الخاص بِها ، بينَمَا السَـنةُ هيَ مِقْدارُ هَذا الزمَـانِ ، وَ لكِنْ حسبَ وَسائِل حِسَابِ الزَمَان الأرضيّةِ [ الأيامَ وَ السنينَ ] .
كـلّ هـذا و اللـه أعـلم.
نشأة الكون
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الأنبيـاء ، و حتى الآيـة [ 78 ] من سورة الحـج ، و مـمّـا ورَد فيـه :
( أنَّ الـسَـمَـاواتِ وَ الأرْضَ كَـانَتا رَتْـقاً فَفَـتَقْـنَاهُـمـا )[ الأنبياء 30]:
قبل الرتْق لَمْ يكُنِ الزمَانُ مَوجـوداً، لأنَّ الزمَانَ ينتجُ أصْلاً مِنْ حَرَكَةِ المكَانِ، ثمَّ أذِنَ الله بانفجَـارِ هـذهِ الكتلةِ، فَبَدأَ الزمَـانُ، وَ بَدأَ الكَوْنُ بالتوسُّـعِ وَ التمَدُّدِ وَ التَباعُدِ: (أوَ لَـمْ يرَ الـذِينَ كَـفروا أنَّ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضَ كَـانَتا رَتْـقاً فَـفَـتَقْـنَاهُـما)[ الأنبياء 30 ] ، رَتْـقاً : قطعـةً واحدةً متماسـكة ، فَفَـتَقْـنَاهُـمـا: إشارَةً إلى الانْفِجَارِ أو التَباعُدِ الأعْظَمِ، وَ لاَ يَزالُ الكَوْنُ في حَالَةِ تَمَدُّدِ وَ تَوسُّعٍ حتَّى الآنَ:
( وَ الـسـمَـاءَ بَنَيْنَـاهـَا بِأيْـدٍ وَ إنَّـا لَـمُـوسِـعُـونَ )[ الذاريات 47 ] ، بِأيْدٍ: بقوةِ، لَـمُـوسِـعُـونَ: دونَ زِيَادَةٍ في الكتْلَةِ، فالتَوَسُّعُ يَعْني التَبَاعُـدَ فَقَطْ، مِثْلَ القَوْلِ: تَوَسَّعُوا في المَجَالِسِ، أيْ تَبَاعَدُوا فيمَا بِيْنَكُمْ، إلى أنْ يُعِيدُهُ الخَالِقُ تعالى في نِهَايةِ دَوْرَتهِ إلى حَالتِهِ الأولى، أي [ قِطْعَةً واحِدَة مُتراصّةً وَ مُتَمَاسِكَةً بِشَكْلٍ هائِلٍ ]: (يَوْمَ نَطْوي الـسـمَـاءَ كَـطَـيِّ الـسِجِـلِّ لِلـكُـتُبِ كَـمَـا بَدَأْنَا أوَّل َ خَـلْـقٍ نُعِـيدُهُ وَعْـداً عَـلَـيْنَا إنَّا كُـنَّا فَـاعِـلـينَ)[الأنبياء 104] ، (وَ الـسَـمَـاواتُ مَـطْـويّـاتٌ بِـيَـمِــينِهِ)[ الزمر 67] .
لَقَدْ تمَّ وِفْقَ نظرياتِ [ المَجَالِ الموحَّدِ]، تَمَّ وَضْعُ تَصَوُّرٍ لِمـَا حَدَثَ في الثَواني القليلةِ الأولى التي أعْقَبَتِ الانفجَارَ الكبيرَ عِنْدَ نَشْأةِ الزَمَانِ، حيثُ كانَ الكونُ لاَ يزالُ كُرَةً ناريةً تَدورُ بشَكْلِ دوَّامَةٍ تَتكوَّنُ مِنَ [ الكُواركات وَ الكمَّاتِ الفيزيائيّةِ ] الأُخْرى ، وَ قَدْ أوْضَحَ القرْآنُ الكريمُ أنَّ الإنسَانَ سَيَتَمَكَّنُ يَوْمَـاً مـَا مِنْ مَعْرِفَـةِ مَا حَـدَثَ عِنْدَ بِدايَـةِ النَشْـأَةِ الأُولى: ( وَ لَـقَـدْ عَـلِـمْـتُـمْ الـنَـشْـأةَ الأولـى فَـلَـوْلاَ تَـذَكَّـرونَ )[ الواقعة 62 ] ، تَـذَكَّـرونَ: لِلمعْلوماتِ التي في الذاكِـرةِ الأزلِيّـَةِ.
فَـقَبْلَ زَمَنٍ قَدْرُهُ أقل مِنَ الثانيةِ الأولى، لَمْ يَسْتَطِعِ العُلمَاءُ وَضْعَ تَصَوُّرٍ لِمَا حَدَثَ، أمَّا بَعْدَ هَذهِ الفترةِ الزمنيَّـةِ المتناهيـَةِ في الصِغَرِ فَقَدْ كانتْ دَرَجَةُ حَرَارَةِ الكَوْنِ تُقَدَّرُ بِ [ مَائةِ مِلْيارِ دَرَجَةٍ مُطُلَقَةٍ - كَلْفِنْ - ] ، وَ كانَتِ المادَّةُ عَلى شَكْلِ [ هَيُولى أوْ حِسَاءٍ ذَرّيٍ ] ، وَ لَمْ تَكُنِ الذرّاتُ قَدْ أَخَذَتْ هَوِيَّتَهَا حَسَبَ جَدْوَلِ مَنْدَلْييفْ لترتيبِ العَنَاصرِ، وَ هَذا الحِسَـاءُ الذَرّيُّ كانَ عِبارةً عَنْ إلكتروناتٍ و فوتوناتٍ و بوزيتروناتٍ و نيوترونو مُضَـادّ :
( وَ مِـنْ كُـلِّ شَـءٍ خَـلَـقْنَا زَوْجَــينِ )[ الذاريات 49 ] ، إلى آخِرِ ذلكَ مِنَ العناصِرِ الدقيقَةِ ، وَ كانَتْ هَذِهِ الجُسَيْماتُ تَخْلَقُ وَ تَتَلاشى باسْتِمْرارٍ في كَثَافَةٍ وَ حَرارَةٍ عالِيَتَيْنِ ، وَ كانَ ناتِجُ ذلِكَ هُوَ الفوتوناتِ التي كانَتْ تَتَصَادَمُ مَعَ بَعْضِهَا وَ مِنْ هَذا الذي حَصَلَ تَشَكَّلَ الكَوْنُ [ السَماواتُ وَ الأرْضُ وَ مَا بيْنَهُمَا ]، وَ في أثْنَاءِ تَحَطُّمِ التَنَاظُرِ :
[ الجُسَيْمُ وَ ضِدَّهُ ] هَذَا ، فَقَدْ تَمَّ حَبْسُ أوْ تَقْييدُ بَعْضِ حَالاَتِ التَفْريغِ هَذِهِ دَاخِلَ خُيُوطٍ في الفَضَاءِ هيَ الأوْتَارُ ، وَ كَانَ تَحَطُّمُ التَنَاظُر ِهَذَا لَيْسَ تَامّاً في الكَوْنِ بَلْ كَانَ مُتَصَدِّعَاً فَنَجَـا فَائِضٌ مِنَ البروتونَاتِ وَ الإلِكِتْرونَاتِ بِنِسْبَةِ : وَاحِدٍ إلى مِلْيَارٍ لِكُلٍّ مِنْهَا ، وَ هَذِهِ النِسْبَةُ الضَئِيلَةُ التي نَجَـتْ ، شَكَّلَتِ الكَوْنَ المرْئيّ وَ مَا فيهِ ، وَ الإنْسَـانَ ، وَ لَوْلاَ ذَلِكَ لاَ يُوجَدُ كَـوْنٌ أصْلاً .
(وَ جَـعَـلْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ كُــلَّ شَـيْءٍ حَـيٍّ)[ الأنبياء30] :
إنَّهُ المَـاءُ: ( وَ جَـعَـلْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ كُــلَّ شَـيْءٍ حَـيٍّ )[ الأنبياء30 ] ، وَ لَمْ يَقُلْ تعالى : [ خَلَقْنا ] ، لأنَّ الجَعْـلَ: هُوَ الإبْداعُ وَ الإنْشَاءُ في الخَلْقِ، وَ فيهِ مَعْنى التَقْديرِ: ( وَالـذي قَدَّرَ فَـهَـدى )[ الأعلى 2 ]، وَ فيهِ مَعْنى التَسْويَةِ : ( خَـلَـقَـكَ فَـسَـوَّاكَ )[ الإنفطار 6 ] ، فَكَلِمَةُ جَـعَـلْـنَا أَعَمُّ وَ أَشْمَلُ مِنْ كَلِمَةِ خَلَقْنا، و بدايَةُ تكوينِ الإنسانِ في الرَحِمِ تكونُ في [ السائل الأمينوسيّ ] الذي يتكوّنُ 99 % منه مـاء .
المـاءُ الخَفيفُ:
صِيْغَتُهُ الكيميائِيَّةُ هيَ : H2O ، أيْ يَتَكَوَّنُ جُزَيْئُهُ مِنْ ذَرَّتَيْنِ مِنَ الهيدروجينِ الخَفيفِ ، ذي الوَزْنِ الذَريّ / 1 / ، وَ مِنْ ذَرَّةٍ واحِدَةٍ مِنَ الأُوكْسجين ، ذي الوزنِ الذريّ / 16 / فَيَكونُ مَجْموعُ الوَزْنِ الجُزَيْئيِّ لِجُزَيْءِ المَاءِ الخَفيفِ = / 18 / وحدة ، ( وَ أَسْـقِيْناكُـمْ مَـاءً فُـراتَاً )[ المرسلات 27 ] ، وَ يَتَمَتَّعُ المَاءُ الخَفيفُ بِخَاصِيَّةِ التَفَكُّكِ الضَعيْفِ إلى شَوارِدِH+ ، OH- ، وَ يُظْهِرُ الماءُ خَواصّاً تُشْبِهُ خواصّ الحُمُوضِ وَ الأُسُسِ ، وَ هَذَا يَجْعَلُهُ شُـمْولِيّاً كَمُذِيْبٍ لِلْعَدَدِ الأعْظَميِّ مِنَ المَوادّ الضَروريّةِ لِلحَيـاةِ وَ يَضْمَنُ وُجُودَها ، وَ خُطُوطُ الاتِّصَالِ في جُزَيْءِ المَاءِ مَا بَيْنَ [ الأوكْسجيْنِ وَ الهيْدروجيْنِ ] ، تَتَقاطَعُ في مَرْكَزِ ذَرَّةِ الأوكْسجيْنِ ، مِمَّا يَجْعَلُ المَاءَ يُحَافِظُ عَلى حَالَتِهِ السَائِلَةِ في الطبيعَةِ مَعَ أَنَّهُ يَتَكَوَّنُ مِنْ غَازَيْنِ [ أوكسجين وَ هيدروجين ] ، مَعَ العِلْمِ أنَّ الغازَاتِ لاَ تَكُونُ سَائِلَةً إلاَّ تَحْتَ الضَغْطِ وَ البُرودَةِ [ مِثْلَ غَازِ الطَبْخِ مَثَلاً ] ..
وَ تَتَوَضَّعُ خُطُوطُ الاتِّصَالِ هَذِهِ بالنِسْبَةِ لِبَعْضِها بِزاوِيَةٍ قَدْرُها / 104 درجات + 27 دقيقة مِنَ الدَرجة / ، وَهَذَا مَا يَكْفلُ لِلْماءِ خَواصَّهُ الفَريْدَةِ كَأسَاسٍ لِلْحياةِ، وَ كَمادّةٍ تُسَاعِدُ عَلى النَشَاطِ الحَيَويِّ، وَكَعُنْصُرٍ في بُنْيانِ الشَبَكَةِ البلّوريَّةِ لِلْثَلْجِ وَ الجَليْدِ ، بِحَيْثُ يَطْفو الجَليْدُ عَلى سَطْحِ المَاءِ، بِعَكْسِ السَوائِلِ الأُخْرى، التي يَنْزِلُ القِسْمُ الجَامِدُ مِنْها لِلأَسْفَلِ [ مِثْلَ الشَمْعِ وَ الزَيْتِ ...]، كَما أنَّ هَذِهِ البُنْيَةَ البَلَّوريَّةَ تُبْقي الماءَ في حَالَةِ الذَوبانِ في الكائِنِ الحيِّ مَا بَيْنَ دَرَجَتَيْ الحَرارَةِ المِئَويَّةِ / 30 – 40 /، مِمَّا يَجْعَلُ المَـاءَ حَامِلَ الحَيَـاةِ الأسَاسيِّ:
( أَ فَرَأَيْتُمُ الـمَـاءَ الـذي تَشْـرَبُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْـتُمُـوهُ مِـنَ الـمُـزْنِ أَمْ نَحْـنُ الـمُـنْزِلُـونَ لَـوْ نَشَـاءُ جَـعَـلْـناهُ أُجَـاجَـاً فَلَـوْلاَ تَشْـكُـرونَ ... أَ فَـرأيْتُـمُ الـنَـارَ الـتي تُورون .... أَ فـرأيْتُـمْ مَـا تحْـرثُـونَ )[ الواقعة 68 / 83 ] ، فهذه الآيات الكريمة شَملتْ [ المـاء + النَـارَ + التُراب ]، و هي عنـاصر الحياة الأساسيّة، و لـمْ يذْكُـر العنصُرَ الرابع [ الهـواء ] ، لأنّ الآيات تتحدّثُ عن اُمورٍ مَـرئيّةٍ للعيْـن: ( أَ فَـرَأَيْتُـمُ )، و الهواءُ غيْـرُ مـرئيّ .
(وَ جَعَـلْـنَـا الـسَـمَـاءَ سَـقْـفاً مَحْـفوظاً)[الأنبياء 32] :
بالنَظَرِ في قَوْلِهِ تعالى: ( وَ بَـنَيْـنا فَوْقَكُـمْ سَـبْعـاً شِداداً )[ النبأ 12 ] ، ( وَالسَـمَـاءَ بِنَاءً ) [ البقرة 22 ] ، بِناء وَ لَيْسَتْ فراغاً، ( أَ أَنْتُمْ أَشَـدُّ خَـلْـقَـاً أَمِ الـسَـمَـاءَ بَنَاهـَا )[ النازعات 27 ] ، ( وَ جَـعَـلْـنَـا الـسَـمَـاءَ سَـقْـفـاً مَـحْــفوظـاً )[ الأنبياء 32 ] ، سَـقْـفـاً : سَـقْفٌ لِلأرْضِ ، بِكلِّ ما في هـذِهِ الكلِمَـةِ مِنْ مَعْـنى: ( وَ الـسَـقْـفُ الـمَـرْفوعُ )[ الطور 5 ] ، وَ نَحْنُ مُطالَبونَ بالنَظَرِ في كيْفيَّـةِ رَفْعِ هذِهِ السَمَاءِ الدُنيا التي هيَ الغِلافُ الجـوّيُّ للأرْضِ ، لأنَّ السَمَاواتِ العُـلى تَقَعُ خارِجَ حُدودِ الإمكاناتِ البشَـريَّةِ لِبُعْدِهَا الهائِلِ عَنَّـَا ، وَ هيَ مِنْ عالَمِ الغَيْبِ في الحيَاةِ الدُنْيا ، فَقَدْ قالَ تعالى:
( أ فَـلاَ يَـنْـظُـرونَ إلـى الإبِـلِ كَـيْـفَ خُـلِـقَـتْ وَ إلـى الـسَـمَـاءِ كَــيْـفَ رُفِـعَـتْ )[ الغاشية 17 / 18 ] ، ( أَ فَلَـمْ يَـنْظُـروا إلـى الـسَـمَـاءِ فَوْقَهُـمْ كَـيْـفَ بَنَيْـناهَـا وَ زَيَّنَّاهَـا )[ ق 6 ] ، وَ بِمَا أنَّ الزينَةَ لِلسَماءِ التي فَوْقَنا [ أي السَبْع الشِداد حسْبَ آيَةِ : النبأ 12 السابقة ] ، فَهي إذاً السَماءُ الدُنيا لقَوْلِهِ تعالى : ( وَ لَـقَدْ زَيَّنَّا الـسَـمَـاءَ الـدُنْيَا بِمَـصَـابيحَ وَ جَعَـلْـنَاهـَا رُجُـوماً لِلشَـيَاطينِ )[ الملك 5 ] ، جَعَـلْـنَاهـَا :
أي السماء الدنيا، ( إنَّـا زَيَّنَّا الـسَـمـَاءَ الـدُنْيا بِـزينَةٍ الـكَـواكِـبِ )[ الصافات 6 ] ، وَ هذا البنـاءُ وَهذا السَقْفُ المرفوعُ يَحْفَظُهُ اللهُ تعالى مِنَ السُقوطِ عَلى الأرْضِ ذاتِ الجاذبيّةِ : ( وَ يُـمْـسِـكُ الـسَـمَـاءَ أَنْ تَـقَـعَ عَـلى الأرْضِ )[ الحج 65 ]، ( اللَّـهُ الـذي رَفَـعَ الـسَـمَـاواتِ بِغَـيْـرِ عَـمَـدٍ تَرونَهَـا )[ الرعد 2 ]، بِغَـيْـرِ عَـمَـدٍ تَرونَهَـا: أي يوجد أعمِـدَةٍ و لكن غَـيْرَ مَرْئيّـةٍ لكم و هي خيوط الجاذبية: ( خَـلَـقَ الـسَـمَاواتِ بِغَـيْرِ عَـمَـدٍ تَرونَها )[ لقمان 10 ] ، فَالغِـلافُ الجـوّيُّ إذاً : هوَ السَـمَاءُ الدُنيَـا.
أسـماء أهم مراحل حيـاة الإنسـان
أوِّبي : ردّدي مَعَهُ التسْبيحَ
(قالوا سَـمِعْنا فَتَـىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَـهُ إبْراهيـمُ )[ الأنبياء 60]:
أسْـمَاءُ أهَـمِّ مَرَاحِلِ حَيـَاةِ الإنْسـَانِ :
مَرْحَلَةُ الطِفْـلِ: مُنْـذٌ الولاَدَةِ: ( يُخْرِجُكُمْ طِفْـلاً )[ غافر 67 ] ، وَ حتّى الحُلُـم: ( وَ إذا بَلَغَ الأَطفـالُ منْكُمُ الحُلُـمَ )[ النور 59 ] ، ثُم مَرْحَلَةُ الصِبـَا: تَلي البُلُوغَ وَهيَ بدايَـةُ سنَّ المُراهَقَـةِ، وَ فيها أُوتِيَ يَحْيَى عليه السلام الحِكْمَةَ: ( وَ آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيّـاً )[ مريم 12 ] ، ثـمّ مَرْحَلَةُ الفَـتى: وَ تُسَمَّى في الوَقْتِ الحاليِّ سِـنُّ المُراهَقَـةِ:
( قالوا سَـمِعْنا فَتَـىً يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَـهُ إبْراهيـمُ )[ الأنبياء 60 ] ، ثـمّ مَرْحَلَةُ الشَـباب: وَ هيَ مَرْحَلَةُ القُـوّة ِ [ منْ سِن 25 إلى 40 سَنَة ]: ( حتّى إذا بَلَـغَ أَشُـدّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعينَ سَـنَةً )[ الأحقاف 15 ] ، ثُـم ّ مَرْحَلَةُ الكُهولَـةِ: [ منْ سِن 40 إلى 50 سَـنَة ] وَ هيَ مَرْحَلَةُ تَكْليفِ الرُسُلِ بالرسَالات: ( تُكَلِّمُ الناسَ في المَهْدِ وَ كَهْلاً )[ المائدة 110 ] ، ثُـمّ مرْحَلَةُ الشَيْخِ :
[ بَعْدَ سِن 50 سَنَة ] : ( ثُمّ لِتَكونوا شُيوخاً )[ غافر 67 ] ، وَ المرأةُ تُدعى عَجوزٌ : ( وَ أنا عَجوزٌ وَ هَذا بَعْلي شَيْخاً )[ هود 72 ] ، ثُـمّ أرْذَلُ العُمُـرِ : ( وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العُمُـرِ لكيْ لاَ يَعْلَـمَ مِنْ بَعْـدِ عِلْمٍ شَيْئـاً )[ النحل 70 ] ، وَهيَ مَرْحَلَةُ الخَـرَفِ.
( وَ سَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَ الـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 :
دَامَ عَهْدُ داوود عليه السلام / 94 / سَنَةً ، مَا بَيْنَ 1025 _ 931 قَبْلَ المِيْلادِ ، كَانَ داوودُ نَبِيّاً وَ رسُولاً مِنْ أصْحابِ الكُتُبِ السَماويَّةِ : ( وَآتَيْنَا داوودَ زَبُوراً )[ النساء 163 ][ الإسراء 55 ] ، وَ كَانَ قاضِيَاً : ( يَا داوودُ إنّا جَـعَـلْـنَاكَ خَـلِـيْفَةً في الأرْضِ فَاحْـكُـمْ بَيْنَ الـنَاسِ بِالـحَـقِّ )[ ص 26 ] ، وَ كَانَ يتَمَتَّع بِالحِكْمَةِ وَ القُوَّةِ :
( وَ شَـدَدْنا مُـلْـكَـهُ وَ آتِيْنَاهُ الـحِـكْـمَـةَ وَ فَصْـلَ الـخِـطَـابِ )[ ص 20 ] ، ( وَ اذْكُـرْ عَـبْدَنا داوودَ ذَا الأيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ ) [ ص 18 ] ، وَ كانَ يَتَمَتَّعُ بِجَمالِ الصَوْتِ ، حَتّى أنَّ صَوْتهُ كانَ يُؤثِّرُ في الصَخْرِ: ( وَ سَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَ الـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 ] ، ( وَ لَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً يَا جِـبَالُ أوِّبي معـه وَ الـطَـيْرَ )[ سَـبَأ 10 ] ، أوِّبي :
ردّدي مَعَهُ التسْبيحَ ، وَ الـطَـيْرَ : أيْضاً يُرَدِّدُ مَعَهُ التسبيح : ( إنَّا سَـخّـرْنَا الـجِـبالَ مَـعَـهُ يُسَـبِّحْـنَ بِالـعَـشِـيِّ وَ الإشْـراقِ وَ الـطَـيْرَ مَـحْـشُـورَةٌ كُـلٌّ لَـهُ أوّابٌ )[ ص 18 ] ، وَ تُسَمّى مَزَامِيْرُ داوود ، وَ قَدْ أسَّسَ داوودُ مَا يُسَمَّى في الوَقْتِ الحالي الصِناعَةَ الحَرْبِيَّة : ( وَعَـلَّـمْـنَاهُ صَـنْعَـةَ لَـبُوسٍ لَـكُـمْ ) [ الأنبياء 80 ] ، لَـبُوسٍ : دُروع ، مَعَ الدِقَّةِ وَ المَهارَةِ في صِناعَتِها :
( وَ قَدِّرْ في الـسَـرْدِ )[ سَـبأ 11 ] ، الـسَـرْدِ : حلقات الدِرْع ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ اسْتَخْدَمَ في المنطِقَةِ الصِناعات المَعْدنيَّة : ( وَألَـنّا لَـهُ الـحَـديْدَ )[ سَـبأ 10 ] ، مِنْ أجْلِ ذَلِكَ يَذْكُرُ التاريْخُ أنَّ الكَنعانِيّينَ أوَّلُ مَن اكْتَشَفَ الحديْدَ ، فَقَدْ أُعْطِيَ سُلَيْمانُ عليه السلام مَناجِمَ النُحاسِ :
( وَ أسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِـطْـرِ )[ سَـبأ 12 ] ، الـقِـطْـرِ : النحاس ، فَكانُوا السَبَّاقِيْنَ في صِناعَةِ التَعْديْنِ ، وَ سَاهَموا بِبنـاءِ [ الحَضَارة المِيْغالِيْثِيَّة ] المُمْتدّة حَوْلَ العَالَمِ ، حَيْثُ أعْطى اللّهُ داوودَ و ابْنَهُ سُـلَيْمانَ إمْكاناتٍ خَارِقَة مثل : [ الريح ، الجِنّ ، الحديد ، النُحاس ... ] ، وَ قالَ لَهُمْ : ( اِعْـمَـلُـوا آلَ دَاوودَ شُـكْـراً )[ سَـبأ 13 ] ، وَ كَانَ المِصْريُّونَ يَنْقلونَ الحَدِيْدَ وَ النُحاسَ مِنْ فلسْطِيْنَ لِمِصْرَ .
( تَـذْهَـلُ كُـلُّ مُـرْضِـعَـةٍ عَـمَّـا أَرْضَـعَـتْ )[ الحـج 1 ] :
بَعْدَ أنْ تَصْدُمَ قذيفَةُ الأَرْضَ ، كَأشْـبَهَ مَا يكونُ بِحادِثِ سَـيْرٍ هَـائِلٍ : ( وَ حُـمِّـلَـتِ الأَرْضُ وَ الـجِـبَالُ فَـدُكَّـتَا دَكَّـةً وَاحِـدَةً )[ الحاقة 14 ] ، سَتَعْمَلُ هَذِهِ الصَدْمَةُ عَلى عَكْسِ اتّجـَاهِ حَرَكَةِ دَوَرانِ الأَرْض ، وَ يَصْدُقُ بِذَلِكَ الحديثُ الشريفُ : [ تُشْرِقُ الشَمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَـا ] ، وَ يَنْتُـجُ عِنْ ذَلِكَ زَلْزَلَةٌ هائِلَةٌ لِلأَرْضِ :
( يَـا أَيُّـهَـا الـنَاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إنَّ زَلْـزَلَـةَ الـسَـاعَةِ شَـيْءٌ عَـظـيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَـلُ كُـلُّ مُـرْضِـعَـةٍ عَـمَّـا أَرْضَـعَـتْ وَ تَضَـعُ كُـلُّ ذاتِ حَـمْـلٍ حَـمْـلَـهَـا وَ تَرى الـنَاسَ سُـكَـارى وَ مَـا هُـمْ بِـسُـكـَارى وَ لَـكِـنَّ عَــذابَ اللَّـهِ شَـديدٌ )[ الحج 1/ 2 ] ، الـنَاسُ : وَ لَيْسَ يا أيّها الذينَ آمنوا ، لأنّ الذينَ آمنوا يكونونَ قَـدْ مَـاتوا في ذَلِكَ الحين ، تَرَوْنَهَا :
بالجمْعِ لأنَّ كُلَّ الناسِ الذين على قيد الحياة َيرَوْنَهَا ، مُـرْضِـعَـةٍ : المُرضِعَةُ بالتاء المربوطة هيَ التي يكون طِفْلُهَا على صَدْرِهَا ، أمَّا المُرْضِع بدون التاء المربوطة فهي الأمُّ خِلاَلَ سَنتَيْ الرَضَاعَةِ ، تَرى :
بالمفردِ أيْ الذي يَنْظُرُ للنَاسِ فَقَطْ وَ لَيْسَ لِكُلِّ الأحْداثِ ، ( قُـلْ أَرَأيْتُمْ إنْ أَتَاكُـمْ عَـذابُ اللَّـهِ بَغْـتَةً )[ الأنعام 47 ] ، ( مِـنْ قَـبْلِ أَنْ يَأتِيَكُـمْ الـعَـذابُ بَغْـتَةً وَ أَنْتُمْ لاَ تَشْـعُـرونَ )[ الزمر 55 ] ، ( لَـجَـاءَهُـمُ الـعَـذابُ وَ لَـيَأْتِـيَـنَّهُمْ بَغْــتَةً )[ العنكبوت 53 ] ، وَ قُوّةُ هَذِهِ الصَدْمَةِ سَتُفَتِّتُ صَخْرَ الجِبالِ : ( إذا رُجَّـتِ الأَرْضُ رَجّـاً وَ بُـسَّـتِ الـجِـبَالُ بَسّـاً )[ الواقعة 4 / 5 ] ، بُـسَّـتِ الـجِـبَالُ : تَفَتّتت قِطَعاً صغيرة ، ( يَوْمَ تَرْجُـفُ الأَرْضُ وَ الجِـبَالُ وَ كَانَتِ الجِـبَالُ كَثيباً مـَهِـيلاً )[ المزمل 14 ] .
( وَ إنَّ يَوْمَـاً عِـنْدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] :
إنّ السِنينُ هيَ وِحْدَةُ زَماَنِ المُعَاناةِ عَلى الأرْضِ : ( وَ إنَّ يَوْمَـاً عِـنْدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] ، ( في يَوْمٍ كَانَ مِقْـدارُهُ أَلْـفَ سَـنَـةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ السجدة 5 ] ، لقد تَحَدَّثَ القُرْآنُ الكَريمُ عَنْ نِسْـبيّةِ الزَمَنِ : ( وَ إنَّ يَـوْمَـاً عِـنْـدَ رَبِّكَ كَـألْـفِ سَـنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ )[ الحج 47 ] ، يَـوْمَـاً عِـنْـدَ رَبِّكَ : في عَذاب جهنّـم ، كَـألْـفِ سَـنَةٍ مِـمَّـا تَعُـدُّونَ :
الكاف للتشبيه و ليس للمساواة الحقيقة كمـا ورَد في سورة السجدة ، مِمّا نَعـُدّ على الأرْضِ ، وَ لَوْ كانَ هُناكَ أناسٌ على المريّخِ مَثَلاً سَيَعُدّونَ أيّاماً أخرى ، ( وَ يَوْمَ تَقُـومُ الـسَـاعَـةُ يُقْـسِـمُ الـمُـجْـرِمُـونَ مَـا لَـبِثُـوا غَـيْرَ سَـاعَـةٍ )[ الروم 55 ] ، ( قَالَ كَـمْ لَـبِثْـتُمْ فِـي الأَرْضِ عَـدَدَ سِـنينَ قَالـوا لَـبِثْـنا يَوْمـاً أوْ بَعْـضَ يَوْمٍ )[ المؤمنون 112 ] ، ( كَـأنَّهُـمْ يَوْمَ يَـرَوْنَهَـا لَـمْ يَلْـبَثُـوا إلاّ عَـشِـيّةً أوْ ضُـحَـاهَـا )[ النازعات 46 ] .
إنَّ اليَـوْمَ في القرآنِ الكريمِ أطوَلُ مِنَ السَنَـةِ ، حَيْثُ اعْتَبَرَ القرآنُ الكريمُ أنَّ اليومَ هوَ رَمْزٌ لِزَمَـانِ الحادِثَةِ طَـالَ أمْ قَصُرَ [ بالمعنى الفيزيائيِّ : الزمان اللازم للقيام بالحدث لِمَرَّةٍ واحدةٍ ] : ( كُـلَّ يَـومٍ هُـوَ في شَـأْنٍ )[ الرحمن 29 ] ، أيْ : كل شَـأن أو حادِثة لَها يَوْمُهـا الخاص بِها ، بينَمَا السَـنةُ هيَ مِقْدارُ هَذا الزمَـانِ ، وَ لكِنْ حسبَ وَسائِل حِسَابِ الزَمَان الأرضيّةِ [ الأيامَ وَ السنينَ ] .
كـلّ هـذا و اللـه أعـلم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
19 رمضان 1436هـ - 06 يوليو 2015م
الريحان طارد السموم من الجسم
اكتشـف الريحان منذ أكثر من 7000 سـنة، والريحان نبات خفيف المحمل طيب الرائحة يستخدم كغذاء ودواء وعطر، الموطن الأصلي له الهند ويسمى بالعشبة الملكية، وسماه قدماء المصريين ((سـت أو شامو)) وفي كتاب الطب النووي لابن القيم «إنه نبت طيب الريح»، أما في الغرب فيسمونه «الآس» وعند العرب «الريحان»، وأهل العراق والشام يسمونه «الحبق»، ويعرف في اليمن بالحابي أو شجرة الرعاوز، ويسميه البعض حوك، وقالوا عنه في الغرب إنه عشب يسحب السموم من اللدغات وعض الحيوانات السامة، ويزرعه الفرنسيون في داخل منازلهم لإبعاد الذباب عنها ويكفيه تكريماً أنه ذكر في القرآن الكريم مرتين الآيــة الأولى وردت في سورة الرحمن قال تعالى:- «والحب ذو العصف والريحان» الآيــة الثانية وردت في سورة الواقعة آية 89 قال تعالى: «فَرَوْحٌ وَرَيحانٌ وجَنَّةُ نعيمْ» وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ((من عُرض عليه ريحان، فلا يرده، فإنه طيب الريح، خفيف المحمل)) .
صفة الريحان
يوصف نبات الريحان بأنه شجيرة يصل طولها من 100 – 150 سم، وهو كثيف الأوراق، وله رائحة عطرية وأزهار بيضاء أو بنفسجية، ومن طبيعة هذا النبات تحمل ملوحة التربة بصورة عالية، كما أنه يحتاج للري بانتظام ويجب تسميده شهرياً، ويزرع الريحان طوال العام وينصح زراعياً بقص الأزهار وتقليم النبات بشدة ودائماً حتى يساعده على النمو وإذا لم يتعرض الريحان للجفاف ولم يكوِنْ بذوراً، فقد يعيش لسنوات عدة، وتبلغ أنواع الريحان أكثر من 150 نوعاً، ولكن أهمها نوعين.
أحدها: الريحان الحلو ويستخلص منه زيت طيار، لونه أبيض له رائحة عطرية ويستعمل في تحضير العطور ومعاجين الأسنان، وثانيها: الريحان الكافوري وزيته سائل أصفر، ويستعمل في الطب والصناعات الدوائية.
يحتوي الريحان على فيتامين A وفيتامين B والفلافونيدات المختلفة، وكلها مضادة للأكسدة، وتقوي الجهاز المناعي في الجسم، كما تحتوي بذور الريحان على مواد شبيهة بالمضادات الحيوية، والتي تفيد في الوقاية والتداوي من الانتانات الجلدية، وتسرع في شفاء الجروح الجلدية الصغيرة، ولذا فقد اشتملت بعض المراهم الجلدية على مستخلصات من الريحان، كما أنه فاتح للشهية، فمضغ بعض أوراق الريحان قبل وجبة الأكل يفتح الشهية، وشربه مغلياً بعد الوجبة يساعد على هضم الطعام، ويقلل الغازات والانتفاخات.
فوائد الريحان
ذكر الأطباء القدماء من فوائد الريحان الطبية أنه إذا استُـنشق حلّـل ما في الدماغ من الرطوبة الفاسدة وأخلاط الصدر، وإذا شرب ماؤه أزال اليرقان وانحباس الدم حيث كان، وإذا نثر مسحوقه على الجرح ساعد في التئامه، وإذا دلّك الجلد به في الحمام نعَّم البشرة، وأزال الأوساخ، كما أن نقيع ورق الريحان يقوي الشعر، ويمنع سقوطه وينشطه وقال ابن سينا: ينفع من البواسير، والدوار، والرعاف. يستخدم الريحان لعلاج التشنج والخفقان والرجفة، حيث تنقع زهرة الريحان بالماء المغلي لفترة ثم يؤخذ منه مقدار ملعقة وتضاف على كوب ماء ويشربه بعد كل وجبة، وتسحق بذور الريحان وتغلى ويتمضمض بها لقتل جرثومة نخر الأسنان (السوس)، وكذلك يحرق ورق الريحان ويسحق ويدهن أماكن البرص والبهاق، كما يساعد حب الريحان في علاج التهاب المسالك البولية وانحباس البول أو قلته ولعلاج ورم الحالبين.
الطب الحديث
من فوائد الريحان أنه علاج ناجع للصداع النصفي (الشقيقة)، وذلك بوضع مقدار ملعقة من مسحوق الريحان المجفف في كوب به ماء مغلي، ويترك لمدة 10 دقائق، ثم يصفى، وبعد أن يبرد تغمس قطعة قماش فيه وتوضع على الجبهة والأصداغ، أو يوضع بضع قطرات منه على قطعة قماش ويستنشق كسعوط ومن فوائده ما أوصى به خبير الأعشاب الفرنسي موريس مسيجيه من صنع شاي مُعَـد من الريحان، لإدرار المزيد من اللبن لدى الأم المرضع، وأيضاً تتناوله قبل الدورة الدموية وبعدها لتعزيز الدورة الدموية.
الريحان السنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)).
**********************************************************************************اكتشـف الريحان منذ أكثر من 7000 سـنة، والريحان نبات خفيف المحمل طيب الرائحة يستخدم كغذاء ودواء وعطر، الموطن الأصلي له الهند ويسمى بالعشبة الملكية، وسماه قدماء المصريين ((سـت أو شامو)) وفي كتاب الطب النووي لابن القيم «إنه نبت طيب الريح»، أما في الغرب فيسمونه «الآس» وعند العرب «الريحان»، وأهل العراق والشام يسمونه «الحبق»، ويعرف في اليمن بالحابي أو شجرة الرعاوز، ويسميه البعض حوك، وقالوا عنه في الغرب إنه عشب يسحب السموم من اللدغات وعض الحيوانات السامة، ويزرعه الفرنسيون في داخل منازلهم لإبعاد الذباب عنها ويكفيه تكريماً أنه ذكر في القرآن الكريم مرتين الآيــة الأولى وردت في سورة الرحمن قال تعالى:- «والحب ذو العصف والريحان» الآيــة الثانية وردت في سورة الواقعة آية 89 قال تعالى: «فَرَوْحٌ وَرَيحانٌ وجَنَّةُ نعيمْ» وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ((من عُرض عليه ريحان، فلا يرده، فإنه طيب الريح، خفيف المحمل)) .
صفة الريحان
يوصف نبات الريحان بأنه شجيرة يصل طولها من 100 – 150 سم، وهو كثيف الأوراق، وله رائحة عطرية وأزهار بيضاء أو بنفسجية، ومن طبيعة هذا النبات تحمل ملوحة التربة بصورة عالية، كما أنه يحتاج للري بانتظام ويجب تسميده شهرياً، ويزرع الريحان طوال العام وينصح زراعياً بقص الأزهار وتقليم النبات بشدة ودائماً حتى يساعده على النمو وإذا لم يتعرض الريحان للجفاف ولم يكوِنْ بذوراً، فقد يعيش لسنوات عدة، وتبلغ أنواع الريحان أكثر من 150 نوعاً، ولكن أهمها نوعين.
أحدها: الريحان الحلو ويستخلص منه زيت طيار، لونه أبيض له رائحة عطرية ويستعمل في تحضير العطور ومعاجين الأسنان، وثانيها: الريحان الكافوري وزيته سائل أصفر، ويستعمل في الطب والصناعات الدوائية.
يحتوي الريحان على فيتامين A وفيتامين B والفلافونيدات المختلفة، وكلها مضادة للأكسدة، وتقوي الجهاز المناعي في الجسم، كما تحتوي بذور الريحان على مواد شبيهة بالمضادات الحيوية، والتي تفيد في الوقاية والتداوي من الانتانات الجلدية، وتسرع في شفاء الجروح الجلدية الصغيرة، ولذا فقد اشتملت بعض المراهم الجلدية على مستخلصات من الريحان، كما أنه فاتح للشهية، فمضغ بعض أوراق الريحان قبل وجبة الأكل يفتح الشهية، وشربه مغلياً بعد الوجبة يساعد على هضم الطعام، ويقلل الغازات والانتفاخات.
فوائد الريحان
ذكر الأطباء القدماء من فوائد الريحان الطبية أنه إذا استُـنشق حلّـل ما في الدماغ من الرطوبة الفاسدة وأخلاط الصدر، وإذا شرب ماؤه أزال اليرقان وانحباس الدم حيث كان، وإذا نثر مسحوقه على الجرح ساعد في التئامه، وإذا دلّك الجلد به في الحمام نعَّم البشرة، وأزال الأوساخ، كما أن نقيع ورق الريحان يقوي الشعر، ويمنع سقوطه وينشطه وقال ابن سينا: ينفع من البواسير، والدوار، والرعاف. يستخدم الريحان لعلاج التشنج والخفقان والرجفة، حيث تنقع زهرة الريحان بالماء المغلي لفترة ثم يؤخذ منه مقدار ملعقة وتضاف على كوب ماء ويشربه بعد كل وجبة، وتسحق بذور الريحان وتغلى ويتمضمض بها لقتل جرثومة نخر الأسنان (السوس)، وكذلك يحرق ورق الريحان ويسحق ويدهن أماكن البرص والبهاق، كما يساعد حب الريحان في علاج التهاب المسالك البولية وانحباس البول أو قلته ولعلاج ورم الحالبين.
الطب الحديث
من فوائد الريحان أنه علاج ناجع للصداع النصفي (الشقيقة)، وذلك بوضع مقدار ملعقة من مسحوق الريحان المجفف في كوب به ماء مغلي، ويترك لمدة 10 دقائق، ثم يصفى، وبعد أن يبرد تغمس قطعة قماش فيه وتوضع على الجبهة والأصداغ، أو يوضع بضع قطرات منه على قطعة قماش ويستنشق كسعوط ومن فوائده ما أوصى به خبير الأعشاب الفرنسي موريس مسيجيه من صنع شاي مُعَـد من الريحان، لإدرار المزيد من اللبن لدى الأم المرضع، وأيضاً تتناوله قبل الدورة الدموية وبعدها لتعزيز الدورة الدموية.
الريحان السنة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)).
جامع عقبة إبن نافع بالقيروان
عُقبة بن نافع رضي الله عنه
عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
**********************************************************************************عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
قصة وعبرة
كانت فاطمة جالسة حين استقبلت والدتها جارتها التي قدمت لزيارتها ، كادت الأم تصعق ، وهي ترى ابنتها لا تتحرك من مقعدها فلا تقوم للترحيب معها بالجارة الطيبة الفاضلة التي بادرت – برغم – ذلك إلى بسط يدها لمصافحة فاطمة ، لكن فاطمة تجاهلتها ولم تبسط يدها للجارة الزائرة ، وتركتها لحظات واقفة باسطة يدها أمام ذهول أمها التي لم تملك إلا أن تصرخ فيها : قومي وسلمي على خالتك ، ردت فاطمة بنظرات لا مبالية دون أن تتحرك من مقعدها كأنها لم تسمع كلمات أمها !.
أحست الجارة بحرج شديد تجاه ما فعلته فاطمة ورأت فيها مسا مباشرا بكرامتها ، وإهانة لها ، فطوت يدها الممدودة ، والتفتت تريد العودة إلى بيتها وهي تقول : يبدو أنني زرتكم في وقت غير مناسب!
هنا قفزت فاطمة من مقعدها ، وأمسكت بيد الجارة وقبلت رأسها وهي تقول : سامحيني يا خالة .. فو الله لم أكن أقصد الإساءة إليك ، وأخذت يدها بلطف ورفق ومودة واحترام ، ودعتها لتقعد وهي تقول لها : تعلمين يا خالتي كم أحبك وأحترمك ؟!
نجحت فاطمة في تطيب خاطر الجارة ومسح الألم الذي سببته لها بموقفها الغريب ، غير المفهوم ، بينما أمها تمنع مشاعرها بالغضب من أن تنفجر في وجه ابنتها .
قامت الجارة مودعة ، فقامت فاطمة على الفور ، وهي تمد يدها إليها ، وتمسك بيدها الأخرى يد جارتها اليمنى ، لتمنعها من أن تمتد إليها وهي تقول : ينبغي أن تبقى يدي ممدودة دون أن تمدي يدك إلي لأدرك قبح ما فعلته تجاهك .
لكن الجارة ضمت فاطمة إلى صدرها ، وقبلت رأسها وهي تقول لها : ما عليك يابنتي .. لقد أقسمت إنك ما قصدت الإساءة .
ما إن غادرت الجارة المنزل حتى قالت الأم لفاطمة في غضب مكتوم : مالذي دفعك إلى هذا التصرف ؟ قالت : أعلم أنني سببت لك الحرج يا أمي فسامحيني .
ردت أمها : تمد إليك يدها وتبقين في مقعدك فلا تقفين لتمدي يدك وتصافحيها ؟!
قالت فاطمة : أنت يا أمي تفعلين هذا أيضا ! صاحت أمها : أنا أفعل هذا يافاطمة ؟!
قالت : نعم تفعلينه في الليل والنهار .
ردت أمها في حدة : وماذا أفعل في الليل والنهار ؟ قالت فاطمة : يمد إليك يده فلا تمدين يدك إليه!
صرخت أمها في غضب : من هذا الذي يمد يده إليّ ولا أمد يدي إليه ؟ قالت فاطمة : الله يا أمي .. الله سبحانه يبسط يده إليك في النهار لتتوبي .. ويبسط يده إليك في الليل لتتوبي .. وأنت لاتتوبين .. لاتمدين يدك إليه ، تعاهدينه على التوبه . صمتت الأم ، وقد أذهلها كلام ابنتها .
واصلت فاطمة حديثها : أما حزنت يا أمي حينما لم أمد يدي لمصافحة جارتنا ، وخشيت من أن تهتز الصورة الحسنة التي تحملها عني ؟ أنا يا أمي أحزن كل يوم وأنا أجدك لاتمدين يدك بالتوبة إلى الله سبحانه الذي يبسط يده إليك بالليل والنهار . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )). رواه مسلم .
فهل رأيت يا أمي : ربنا يبسط إليك يده في كل يوم مرتين ، وأنت تقبضين يدك عنه ، ولا تبسطينها إليه بالتوبة!
اغرورقت عينا الأم بالدموع .
واصلت فاطمة حديثها وقد زادت عذوبته : أخاف عليك يا أمي وأنت لاتصلين ، وأول ما تحاسبين عليه يوم القيامة الصلاة ، وأحزن وأنا أراك تخرجين من البيت دون الخمار الذي أمرك به الله سبحانه ، ألم تحرجي من تصرفي تجاه جارتنا .. أنا يا أمي أحرج أما صديقاتي حين يسألنني عن سفورك ، وتبرجك ، بينما أنا محجبة !.
سالت دموع التوبة مدرارا على خدي الأم ، وشاركتها ابنتها فاندفعت الدموع غزيرة من عينيها ثم قامت إلى أمها التي احتضنتها في حنو بالغ ، وهي تردد : (( تبت إليك يا رب .. تبت إليك يارب.
قال تعالى ( ومن يغفر الذنوب إلا اللـــــه )) لقد رآك الله وأنت تقرأ هذه الكلمات ويرى ما يدور في قلبك الآن وينتظر توبتك فلا يراك حبيبك الله إلا تائبا, خاصة ونحن في شهر فضيل, وموسم كريم, قد غلقت فيه أبواب العذاب وفتحت فيه أبواب الرحمة, وهو فرصة عظيمة للعودة إلى الله, وقد لا تتكرر هذه الفرصة مرة أخرى, فيأتي رمضان وأنت في عداد من قد مات, والله المستعان.
فعسى أن يكون في هذه القصة عبرة لك تكون باب خير للدعوة إلى التوبة إلى الله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
نقلها
فيصل بن عبدالله العمري
أسألك كلمة الحق
اللَّهُمَّ يا مؤنس القلوب، ويا ساتر العيوب، ويا كاشف الكروب، ويا غافر الذنوب، ويا عالم الغيوب، أنت اللهم تعلم همتي، والمطلع على نيتي، والآخذ بناصيتي، ورجائي عند شدتي، ومؤنسي في وحدتي، وراحم عبرتي، ومقيل عثرتي، ومجيب دعوتي، وبسترك سترتني، فيا أكرم الأكرمين، ومنتهى غاية الطالبين، ومالك يوم الدين، الذي يعلم ما أخفي في الضمير، ويدبر أمر الصغير والكبير.
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وسبحان من سبحت له السموات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها، والأرض وسكانها، والبحار وحيتانها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسموات، وخلقت لأجلها جميع المخلوقات، وبها أرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه. إلهنا جودك دلَّنا عليك، وإحسانك أوصلنا إليك، نشكو إليك ما لا يخفى عليك، وعلمك بحالنا لا يغني عن سؤالنا.
اللهم أجب دعائي واسمع ندائي ولا تخيب رجائي وعجل شفاء دائي وعافني برحمتك من عظيم بلائي.
اللَّهُمَّ يا فارج الهم وكاشف الغم، يا غافر الذنب وقابل التوب، يا خالق الخلق وعالم السر، يا موفي بالعهد وصادق الوعد، يا راحم العبرات ومقيل العثرات، يا ستير العورات ومحيي الأموات، يا مضاعف الحسنات وماحي السيئات، أسألك يا رب البيت الحرام، والركن والمقام، رضاك والجنة، وأعوذ بك من النار. يا لطيفاً في فضائله، ورحيماً في بلائه، وكريماً في عطائه، تجل علينا باسمك اللطيف، الرحيم، الكريم.
الجزء الـثامن عـشر في القرآن الكريم
قرار ومعين
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الـمـؤمنـون ، وحتى الآيـة [ 20 ] من سورة الـفـرقـان ، ومـمّـا ورَد فيـه :
(نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا)[المؤمنون 21 ] :
بُطُـونِهِ: بالمُـذَكَّرِ، لِحَالَةٍ واحِدَةٍ فَقَطْ هيَ اللّبَنُ، بُطُـونِهِا: بالمُـؤَنَّثِ ، لِحَالاَتٍ وَ فَوائِدَ عَديدَةِ مِنها الأكْلُ مَثَلاً: ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِ مِـنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَـبَنَاً خَـالِـصَـاً )[ النحل 66 ] ، ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا وَلَـكُـمْ فيهَـا مَـنَافِـعُ كَـثيرَةٌ وَمِـنْهَـا تَأْكُـلُـونَ )[ المؤمنون 21 ] ، فَقَالَ هُنَا : بُطُونِهَـا لِتَعَـدُّدِ الفَوائِـدِ.
(وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ) [المؤمنـون 50 ] :
( وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرارٍ وَمَـعِـينٍ )[ المؤمنـون 50 ] ، آوَيْنَاهُـمَـا: مَرْيَمُ وَ ابْنَهَا عيسى عليهما السلامُ، إلـى رَبْوَةٍ: مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، ذَاتِ قَرارٍ: مُسْتَقَرُّ إقَامَةِ، وَ مَـعِـينٍ: ماءٌ يجري منْ نبْعِ العَيْن، لأنّ [ مَـعِيـْن ]: نسْـبَةً إلى [ عَـيْن المـاء ] ، و منْـهُ كلمـةُ : [ مَـعْـن ] بمعـنى المـاء، و هـو اسـم علَم مُـذكّـر .
(أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ)[المؤمنون 57 ] :
يُسارعُون في الخَيْرات : ( إنَّ الـذينَ هُـمْ مِــنْ خَـشْــيَةِ رَبِّـهِـمْ مُـشْــفِـقُــونَ وَالـذيـنَ هُـمْ بِآياتِ رَبِّهِـمْ يُؤمِـنُـونَ وَالـذينَ هُـمْ بِـرَبِّـهِـمْ لاَ يُشْـرِكُـون وَالـذينَ يُؤْتـونَ مَـا آتُوا وَقُـلُـوبُهُـمْ وَجِـلَـةٌ أَنَّهُـمْ إلـى رَبِّهِـمْ راجِـعُـون أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ وَهُـمْ لَـهَـا سَـابِقُونَ )[ المؤمنون 57 ] .
وَ الرُسُلُ وَ الأنْبِيـَاءُ الكِرامُ كانُوا يُسَـارِعُونَ في الخَيْراتِ : فَبَعْدَ أنْ تَحَدَّثَ عَنْ : موسى وَ أخيهِ هَارونَ، وَ إبْراهيمَ وَ ابنُ أخيهِ لُوطٌ، وَ وَلَدَيْ إبراهيمَ اسْحَقَ وَ يَعْقوبَ، وَ نُوحَاً، وَ داوودَ وَ ابنِهِ سُلَيْمَانَ، وَ أيَّوبَ، وَ ابنُ إبراهيمَ إسْمَاعيلَ، وَ إدْريسَ، وَ ذا الكِفْلِ، وَ ذا النُونِ [ الحوتِ] وَهُوَ يُونُسَ ، وَ زَكَريّا وَ ابْنِهِ يَحْيى، وَ مَرْيَمَ وَ ابْنِها عيسى، عَلَيْهِم السَلامُ أجْمَعِينَ، بَعْدَ أنْ ذَكَرَهُمْ بأسْمائِهِمْ قَالَ تعالى: ( إنَّهُـمْ كَـانُوا يُـسَـارِعُـونَ فِـي الـخَـيْراتِ وَيَدْعُـونَنَا رَغَـبَاً وَرَهَـبَاً وَكَـانُوا لَـنَا خَـاشِـعِـيْنَ ) [ الأنبياء 90 ] ، فالخشوع أهمُّ سِماتِ الذين يُسارعون في الخيرات .
(إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ)[المؤمنون 77 ] :
مَعْنى كَلِمَةِ إبليس: اليائِسُ أَوِ القَانِطُ [ في مُعْجَمِ المنجد : أبْلَسَ : قَلَّ خَيْرُهُ، بَلَسَ مِنْ رَحْمَةِ الله : يَئِسَ ] ، ( وَيَوْمَ تَقُومُ الـسَـاعَـةُ يُبْلِـسُ الـمُـجْـرِمُـونَ )[ الروم 12 ] ، ( فَإذَا هُـمْ مُـبْلِـسُـونَ)[ الأنعام 44 ] ، ( إنَّ الـمُـجْـرِمِـينَ فِي عَـذَابِ جَـهَـنَّمَ خَـالِـدُونَ لاَ يُفَـتَّرُ عَـنْهُـمْ وَهُـمْ فِيهِ مُـبْلِـسُــونَ )[ الزخرف 74] ، ( حَـتَّى إذَا فَـتَحْـنَا عَـلَـيْهِـمْ بَابَاً ذَا عَـذَابٍ شَـديدٍ إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ )[ المؤمنون 77 ] 00000 ، وَ يوجدُ كلمَةُ : [ بَسَلَ ] بذات المعنى : ( أنْ تُبْسَـلَ نفْـسٌ بِما كَـسَـبَتْ ... أولائِـكَ الـذينَ اُبْسِـلـوا بِـما كَـسَـبوا لَهُـمْ شَـرابٌ مِـنْ حَـمـيْـمٍ) [ الأنعام 70 ] .
(إنْ هـذا إلاّ أسَـاطيرُ الأوّلـين)[المؤمنون 83]
يُطْلَقُ عَلى هَذِهِ الأُسطورَةُ اسْمَ : [ إنومَا إيليش وَ مَعْناهَا : عِنْدَمَا في العُلى لأنَّ مَطْلَعَهَا : [ عِنْدَمَا في العُلى لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَمَاءٌ ] ، تَقولُ هذِهِ الأُسْـطورَةُ : إنَّ أصْلَ الوجُودِ هوَ الميَـاهُ الأُولى الأزليّةُ، وَ إنَّ هذِهِ المياهَ كانَتْ تَتَألّفُ مِنْ عُنْصُرَيْنِ الأَوَّلُ : مُذَكَّـرٌ وَ اسْمُهُ [ إبْسو ] وَ هوَ المياهُ العَذْبةُ وَ الثاني : مؤنَّثٌ [ تيامات ] وَ هوَ المياهُ المالِحةُ، وَ كانَ هناكَ عُنْصُرٌ ثالِثٌ هُوَ [ مَمّو ] وَ هوَ الضَبابُ المنْتَشِرُ فَوْقَ المياهِ .
كانَ هَؤلاَءِ الآلِهَـةُ الثلاثَـةُ يَعيشونَ في سُكُونٍ مُطْلَقٍ عَلى شَكْلِ هَيولى بِدائيّةٍ ، دُونَ شَكْلٍ أوْ حَرَكَـةٍ أوْ نِظامٍ ، وَ تَزَوَّجَ إبْسـو مِنْ تِيامَـاتٍ ، فَأنْجَبـَا إلَهينِ هُمَا : [ لَحْمو ] وَ [ لَحامو ] ، وَ أنْجَبَ هذانِ بِدَوْرِهِمـَا [ أنْشَـار ] وَ [ كيشَار ] اللّذينِ فاقـَا أبَوَيْهِمَا قوَّةً وَ مَنَـعَةً ، ثُمَّ وُلِدَ لأنْشَار وَ كيشَار ابنٌ دُعِيَ [ آنو ] الذي أَصْبَحَ مِنْ ثَمَّ إلَهَ السَماءِ : [ كانَ رَقَمُ آنو في القُدْسِيّةِ 60 ، وَهذا الرَقَمُ اعتمَدَهُ كريستيان هويكِنْزْ في تَقْسيمِ الساعَةِ تَقسيماً ستينياً ] ، وَ أنْجَبَ آنو ابناً هُوَ [ نوديمود ] الذي هوَ [ أنكي ] أوْ [ أيَا ] إلَـهَ الحِكْمَةِ وَ الفِطْنَةِ وَ السِحْرِ، وَ الذي أَصْبَحَ إلهَ المياهِ الباطنيّةِ العذبةِ، كانَت الآلِهَـةُ الجديدةُ مَليئَةً بالشَبابِ وَ الحيويّةِ، وَ قَرّرَ الجَدُّ الأكْبَرُ إبْسو بالاتفاقِ مَعَ مَمّو أنْ يَبْطُشَ بِهذِهِ الآلِهَةِ وَ يُبيدها، وَعارَضَتْهُ في ذَلِكَ تيامات وَ تَدَخّلَ أنْكي فأنْقَذَ الآلِهةَ ، وَ أدْخَلَ إبْسو في ثُباتٍ عَميقٍ، وَ ذَبَحَهُ وَ هوَ نائِمٌ وَ أَسَرَ مَمّو ، وَ رَبَطَ أنْفَهُ بِسِلْسِلَةٍ وَ عَفا عَنِ تياماتٍ : ( لَـوْ كَـانَ فِـيهِـمَــا آلِـهَـةٌ إلاَّ اللَّـهُ لَــفَسَـدَتَـا )[ الأنبياء 22 ] ، لَــفَسَـدَتَـا : السماواتُ وَ الأرْضُ فِعْلاً ، وَ هَذَا باعتِرافِ الأسْطورةِ ذَاتَهَا .
وَ أنْجَبَ [ أنْكي ] الإلَـهَ [ مَرْدوك ] ، وَ عادَتِ الآلِهَةُ القديمَةُ إلى الضَجَرِ مِنَ الآلِهَةِ الجديدةِ ، وَ قَرّرَتِ [ تيامات وَ معناه تنّين البحر ] أنْ تَنْتَقِمَ لِزَوْجِهَا ، فَوَلَدَتْ جَيْشَاً هائِلاً مِنَ الحيواناتِ المُرْعِبَةِ وَ سَلَّمَتْ قِيادَتَهُ إلى زَوْجِهَا الجديدِ الإله [ كَنْجو ] ، كَلَّفَتِ الآلِهَةُ مَرْدوكَ بالتَصَدّي لِتياماتٍ، فانْتَصَرَ مَرْدوك عَلى تياماتَ وَ قَتَلَهَا، وَ سَجَنَ زَوْجَها كَنْجو، وَ عَادَ إلى جُثَّةِ تيامَاتٍ وَ فَصَلَها إلى شَطْرينِ، وَ رَفَعَ النِصْفَ الأوّلَ وَ شَكَّلَ مِنْهُ السَمَاءَ، وَ صَنَعَ الأرْضَ مِنَ النِصْفِ الثاني، وَ وَضَعَ الثلاثيّ [ آنو وَ أنيل وَ أيا ] في السَمَاءِ، ثُمّ صَنَعَ مَرْدوك النُجُومَ وَ الكَواكِبَ وَ حَدَّدَ الأَزْمِنَةَ، و الحقيقة هي: ( وَمَـا مِـنْ إلَـهٍ إلاَّ اللَّـهُ الـواحِـدُ الـقَـهَّـارُ رَبُّ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضِ وَمَـا بَيْنَهُـمَـا )[ ص 65 / 66 ] ، ( ذَلِـكُـمُ اللَّـهُ رَبُّـكُـمْ لاَ إلَـهَ إلاَّ هُـوَ خَـالِـقُ كُـلِّ شَــيْءٍ فَاعْـبُدوهُ وَهُـوَ عَـلـى كُـلِّ شَـيْءٍ وَكِـيلٌ )[ الأنعام 102 ] ، ( مَـا اتَّـخَـذَ اللّـهُ مِـنْ وَلَـدٍ وَمَـا كَـانَ مَـعَـهُ مِـنْ إلَـهٍ إذاً لَـذَهَـبَ كُـلُّ إلَـهٍ بِمَـا خَـلَـقَ وَلَـعَـلاَ بَعْـضُـهُـمْ عَـلـى بَعْـضٍ سُـبْـحَـانَ اللّـهِ عَـمَّـا يَصِـفُـونَ )[ المؤمنون 91 / 92 ] .
(هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ)[المؤمنون 97] :
الـهَمْـزُ : هُوَ وَضْعُ الإنْسَانِ بِحَالَةٍ مِنَ التَهَوُّرِ وَ الغَضَبِ لأَدْنى سَبَبٍ ، أي ما يُعرف بالإنسَانُ العَصَبيُّ وَ سُوءُ الخُلُقِ : ( وَقُلْ أَعُـوذُ بِكَ رَبِّـي مِـنْ هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ ) [ المؤمنون 97 ] .
وَ يَعْمَلُ شَـيْطَانُ الجِـنَّ على عَكْسِ المَشـيْئـَةِ الإلـهيَّـةِ :
1 _ ( إنَّ اللّـهَ يَأْمُـرُ بِالعَـدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيْتَاءِ ذِي القُرْبى وَيَنْهَى عَنِ الـفَحْـشَاءِ وَالمُـنْـكَـرِ وَالـبَغْـيِ)[ النحل 90]، (إنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُـرُ بالـفَحْـشَاءِ)[الأعراف 28 ]، بينمـا الشيطان : ( وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الـشَـيْطَان ِفَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالـفَحْـشَاءِ وَالـمُـنْـكَـرِ)[النور 21]
2 _ ( اللّـهُ وَلِيُّ الـذينَ آمَـنُوا يُخْـرِجُـهُـمْ مِنَ الـظُـلُـمَـاتِ إلـى الـنُورِ )[ البقرة 257 ] ، بينمـا : ( وَالذينَ كَفَروا أَوْلِياؤُهُمُ الطَاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُورِ إلى الظُلُمَاتِ)[ البقرة 257 ] .
3 _( إنَّ اللّـهَ لَهَـادِ الـذينَ آمَـنُوا إلـى صِـراطٍ مُـسْـتَقِيمٍ )[ الحج 54 ] ، بينمـا : ( وَيُريدُ الـشَـيْطَانُ أنْ يُضِلَّهُـمْ ضَـلاَلاً بَعِيدَاً )[ النساء 60 ] ، ضَــلاَلاً بَعِـيدَاً : بِحيْثُ يُضِـلُّونَ غَيْرَهُمْ أيْضـاً .
الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة
(الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات )[ النور 26 ] :
قال تعالى في سورة النور المفروضة : (الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات والطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات أولائـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا ، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : (ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح وامـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... وضرب الله مثـلا للّذين آمنوا امـرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لـي عـندك بيتـاً في الجنّـة ونجّـني من فرعـون وعمـلـه )[ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء ، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولائـك مـبرّؤون مـمّا يقولون )[ النور 26 ] ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة ، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثـلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... ومثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .
و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم )[ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( وقـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى ( وقولوا للناس حسـناً ) [ البقرة 83 ] .
( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ )[ النور 35 ] :
( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ مَـثَلُ نُورِهِ كَـمِـشْـكَـاةٍ فيهَـا مِـصْـبَاحُ الـمِـصْـبَاحُ فـي زُجَـاجَـةِ الـزُجَـاجَـةُ كَـأَنَّهَـا كَـوْكَـبٌ دُرِّيٌ يُـوقَـدُ مِـنْ شَـجَـرَةٍ مُـبَارَكَـةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَـرْقِيَّةٍ وَلاَ غَـربِيَّةٍ يَكَـادُ زَيْتُهَـا يُضِـيْءُ وَلَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ نُورٌ عَـلـى نُور )[ النور 35 ] ، مِـشْـكَـاةٍ : صُنْدوقٌ أوْ عِلْبَةٌ صَـغيرَةٌ ، زُجَـاجَـةِ : إشَارَةٌ للزُجَاجِ ، كَـوْكَـبٌ : الكوْكَبُ يَعْكُسُ الضَـوْءَ ، دُرِّيّ : يَعْكِسُ الضَوْءَ بِشَكْلٍ كَامِلٍ أي [ مرايا ] فَنَقُولُ : دَرَّ الضِرْعُ الحَليبَ ، وَ للّهِ دَرُّكَ : أيْ عَطَاءكَ ، مُـبَارَكَـةٍ : فيهَـا طَـاقَةٌ ، لَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ : لَيْسَ لَهَا دُخَـانٌ يُعِيقُ الانْعِكَاسَ عَلى المرآتَيْنِ ، نُورٌ عَـلـى نور : مُتَوافِقٌ بالمَوْجَـةِ لإعْطَاءِ طَـاقَةِ ضوئية قوية مثل أشعة الليـزَرِ القَويّـةِ .
( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء )[ النور 45 ] :
أوضح القرآن الكريم أنّ كـلّ المـخلوقات [ عـدا الإنسـان ] قـدْ خضعتْ إلى : [ النـشوء و الارتقـاء ] لقوله تعالى : ( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء فمنهُم مَـنْ يمـشي على بطنـه ومنهُم مَـنْ يمشي على رجـلين ومنهُم مَنْ يمشي على أربـع )[ النور 45 ] ، إذاً : الحياة بدأتْ [ مـائيّة ] ثُـمّ [ برْمـائيّة ] ثُمّ [ بريّـة ] ، بالنسبة لجميع المخلوقات ، و القرآن الكريم يُطـالبُ صـراحةً بدراسة [ علْم المستحاثّات ] ، قال تعالى : ( قُـلْ سيروا في الأرض فـانظروا كيـف بـدأ الـخلْق )[ العنكبوت 20 ] ، لكنّ المسلمين لـمْ يُنفّذوا هذا [ الأمْـر ] الإلهيّ ، وعندمـا قام [ الآخـرون ] بدراسة المستحاثّات و نفّذوا الآية الكريمة لكيْ يعرفوا كيْف بـدأ الخلْـق ، مثْل [ تشارلز داروين ] كفّــرناهُم ، إنّ الخـطأ عند [ تشارلز داروين ] أنّـه أدْخل الإنسـان في [ النشوء و الارتقـاء ] و جعلَ أصْـل الإنسان [ قـرْداً ] ، لكنّ القرآن الكريم يُوضح أنّ الإنسان خُلقَ مُنذ اللحظة الأولى [ كامـلاً ] ، فـلاَ حـاجة لتـطويره : (لقـدْ خلقْنـا الإنسان في أحسن تقْـويم )[ التين 4 ] ، و الحديث الشريف : [ إنّ الـله قـد خلـق آدم على صورتـه ][ رواه البخاري برقم 6226 ] ، و [ الهاء بكلمة - صورته - تعـود على آدم ] ، أيْ : أنّ اللـه خلقَ آدم على [ صورتـه التي ترونهـا عليـه الآن ، ولمْ يطـرأ عليه أيّ تغييـر في الشكْل.
قرار ومعين
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الـمـؤمنـون ، وحتى الآيـة [ 20 ] من سورة الـفـرقـان ، ومـمّـا ورَد فيـه :
(نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا)[المؤمنون 21 ] :
بُطُـونِهِ: بالمُـذَكَّرِ، لِحَالَةٍ واحِدَةٍ فَقَطْ هيَ اللّبَنُ، بُطُـونِهِا: بالمُـؤَنَّثِ ، لِحَالاَتٍ وَ فَوائِدَ عَديدَةِ مِنها الأكْلُ مَثَلاً: ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِ مِـنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَـبَنَاً خَـالِـصَـاً )[ النحل 66 ] ، ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا وَلَـكُـمْ فيهَـا مَـنَافِـعُ كَـثيرَةٌ وَمِـنْهَـا تَأْكُـلُـونَ )[ المؤمنون 21 ] ، فَقَالَ هُنَا : بُطُونِهَـا لِتَعَـدُّدِ الفَوائِـدِ.
(وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ) [المؤمنـون 50 ] :
( وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرارٍ وَمَـعِـينٍ )[ المؤمنـون 50 ] ، آوَيْنَاهُـمَـا: مَرْيَمُ وَ ابْنَهَا عيسى عليهما السلامُ، إلـى رَبْوَةٍ: مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، ذَاتِ قَرارٍ: مُسْتَقَرُّ إقَامَةِ، وَ مَـعِـينٍ: ماءٌ يجري منْ نبْعِ العَيْن، لأنّ [ مَـعِيـْن ]: نسْـبَةً إلى [ عَـيْن المـاء ] ، و منْـهُ كلمـةُ : [ مَـعْـن ] بمعـنى المـاء، و هـو اسـم علَم مُـذكّـر .
(أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ)[المؤمنون 57 ] :
يُسارعُون في الخَيْرات : ( إنَّ الـذينَ هُـمْ مِــنْ خَـشْــيَةِ رَبِّـهِـمْ مُـشْــفِـقُــونَ وَالـذيـنَ هُـمْ بِآياتِ رَبِّهِـمْ يُؤمِـنُـونَ وَالـذينَ هُـمْ بِـرَبِّـهِـمْ لاَ يُشْـرِكُـون وَالـذينَ يُؤْتـونَ مَـا آتُوا وَقُـلُـوبُهُـمْ وَجِـلَـةٌ أَنَّهُـمْ إلـى رَبِّهِـمْ راجِـعُـون أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ وَهُـمْ لَـهَـا سَـابِقُونَ )[ المؤمنون 57 ] .
وَ الرُسُلُ وَ الأنْبِيـَاءُ الكِرامُ كانُوا يُسَـارِعُونَ في الخَيْراتِ : فَبَعْدَ أنْ تَحَدَّثَ عَنْ : موسى وَ أخيهِ هَارونَ، وَ إبْراهيمَ وَ ابنُ أخيهِ لُوطٌ، وَ وَلَدَيْ إبراهيمَ اسْحَقَ وَ يَعْقوبَ، وَ نُوحَاً، وَ داوودَ وَ ابنِهِ سُلَيْمَانَ، وَ أيَّوبَ، وَ ابنُ إبراهيمَ إسْمَاعيلَ، وَ إدْريسَ، وَ ذا الكِفْلِ، وَ ذا النُونِ [ الحوتِ] وَهُوَ يُونُسَ ، وَ زَكَريّا وَ ابْنِهِ يَحْيى، وَ مَرْيَمَ وَ ابْنِها عيسى، عَلَيْهِم السَلامُ أجْمَعِينَ، بَعْدَ أنْ ذَكَرَهُمْ بأسْمائِهِمْ قَالَ تعالى: ( إنَّهُـمْ كَـانُوا يُـسَـارِعُـونَ فِـي الـخَـيْراتِ وَيَدْعُـونَنَا رَغَـبَاً وَرَهَـبَاً وَكَـانُوا لَـنَا خَـاشِـعِـيْنَ ) [ الأنبياء 90 ] ، فالخشوع أهمُّ سِماتِ الذين يُسارعون في الخيرات .
(إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ)[المؤمنون 77 ] :
مَعْنى كَلِمَةِ إبليس: اليائِسُ أَوِ القَانِطُ [ في مُعْجَمِ المنجد : أبْلَسَ : قَلَّ خَيْرُهُ، بَلَسَ مِنْ رَحْمَةِ الله : يَئِسَ ] ، ( وَيَوْمَ تَقُومُ الـسَـاعَـةُ يُبْلِـسُ الـمُـجْـرِمُـونَ )[ الروم 12 ] ، ( فَإذَا هُـمْ مُـبْلِـسُـونَ)[ الأنعام 44 ] ، ( إنَّ الـمُـجْـرِمِـينَ فِي عَـذَابِ جَـهَـنَّمَ خَـالِـدُونَ لاَ يُفَـتَّرُ عَـنْهُـمْ وَهُـمْ فِيهِ مُـبْلِـسُــونَ )[ الزخرف 74] ، ( حَـتَّى إذَا فَـتَحْـنَا عَـلَـيْهِـمْ بَابَاً ذَا عَـذَابٍ شَـديدٍ إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ )[ المؤمنون 77 ] 00000 ، وَ يوجدُ كلمَةُ : [ بَسَلَ ] بذات المعنى : ( أنْ تُبْسَـلَ نفْـسٌ بِما كَـسَـبَتْ ... أولائِـكَ الـذينَ اُبْسِـلـوا بِـما كَـسَـبوا لَهُـمْ شَـرابٌ مِـنْ حَـمـيْـمٍ) [ الأنعام 70 ] .
(إنْ هـذا إلاّ أسَـاطيرُ الأوّلـين)[المؤمنون 83]
يُطْلَقُ عَلى هَذِهِ الأُسطورَةُ اسْمَ : [ إنومَا إيليش وَ مَعْناهَا : عِنْدَمَا في العُلى لأنَّ مَطْلَعَهَا : [ عِنْدَمَا في العُلى لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَمَاءٌ ] ، تَقولُ هذِهِ الأُسْـطورَةُ : إنَّ أصْلَ الوجُودِ هوَ الميَـاهُ الأُولى الأزليّةُ، وَ إنَّ هذِهِ المياهَ كانَتْ تَتَألّفُ مِنْ عُنْصُرَيْنِ الأَوَّلُ : مُذَكَّـرٌ وَ اسْمُهُ [ إبْسو ] وَ هوَ المياهُ العَذْبةُ وَ الثاني : مؤنَّثٌ [ تيامات ] وَ هوَ المياهُ المالِحةُ، وَ كانَ هناكَ عُنْصُرٌ ثالِثٌ هُوَ [ مَمّو ] وَ هوَ الضَبابُ المنْتَشِرُ فَوْقَ المياهِ .
كانَ هَؤلاَءِ الآلِهَـةُ الثلاثَـةُ يَعيشونَ في سُكُونٍ مُطْلَقٍ عَلى شَكْلِ هَيولى بِدائيّةٍ ، دُونَ شَكْلٍ أوْ حَرَكَـةٍ أوْ نِظامٍ ، وَ تَزَوَّجَ إبْسـو مِنْ تِيامَـاتٍ ، فَأنْجَبـَا إلَهينِ هُمَا : [ لَحْمو ] وَ [ لَحامو ] ، وَ أنْجَبَ هذانِ بِدَوْرِهِمـَا [ أنْشَـار ] وَ [ كيشَار ] اللّذينِ فاقـَا أبَوَيْهِمَا قوَّةً وَ مَنَـعَةً ، ثُمَّ وُلِدَ لأنْشَار وَ كيشَار ابنٌ دُعِيَ [ آنو ] الذي أَصْبَحَ مِنْ ثَمَّ إلَهَ السَماءِ : [ كانَ رَقَمُ آنو في القُدْسِيّةِ 60 ، وَهذا الرَقَمُ اعتمَدَهُ كريستيان هويكِنْزْ في تَقْسيمِ الساعَةِ تَقسيماً ستينياً ] ، وَ أنْجَبَ آنو ابناً هُوَ [ نوديمود ] الذي هوَ [ أنكي ] أوْ [ أيَا ] إلَـهَ الحِكْمَةِ وَ الفِطْنَةِ وَ السِحْرِ، وَ الذي أَصْبَحَ إلهَ المياهِ الباطنيّةِ العذبةِ، كانَت الآلِهَـةُ الجديدةُ مَليئَةً بالشَبابِ وَ الحيويّةِ، وَ قَرّرَ الجَدُّ الأكْبَرُ إبْسو بالاتفاقِ مَعَ مَمّو أنْ يَبْطُشَ بِهذِهِ الآلِهَةِ وَ يُبيدها، وَعارَضَتْهُ في ذَلِكَ تيامات وَ تَدَخّلَ أنْكي فأنْقَذَ الآلِهةَ ، وَ أدْخَلَ إبْسو في ثُباتٍ عَميقٍ، وَ ذَبَحَهُ وَ هوَ نائِمٌ وَ أَسَرَ مَمّو ، وَ رَبَطَ أنْفَهُ بِسِلْسِلَةٍ وَ عَفا عَنِ تياماتٍ : ( لَـوْ كَـانَ فِـيهِـمَــا آلِـهَـةٌ إلاَّ اللَّـهُ لَــفَسَـدَتَـا )[ الأنبياء 22 ] ، لَــفَسَـدَتَـا : السماواتُ وَ الأرْضُ فِعْلاً ، وَ هَذَا باعتِرافِ الأسْطورةِ ذَاتَهَا .
وَ أنْجَبَ [ أنْكي ] الإلَـهَ [ مَرْدوك ] ، وَ عادَتِ الآلِهَةُ القديمَةُ إلى الضَجَرِ مِنَ الآلِهَةِ الجديدةِ ، وَ قَرّرَتِ [ تيامات وَ معناه تنّين البحر ] أنْ تَنْتَقِمَ لِزَوْجِهَا ، فَوَلَدَتْ جَيْشَاً هائِلاً مِنَ الحيواناتِ المُرْعِبَةِ وَ سَلَّمَتْ قِيادَتَهُ إلى زَوْجِهَا الجديدِ الإله [ كَنْجو ] ، كَلَّفَتِ الآلِهَةُ مَرْدوكَ بالتَصَدّي لِتياماتٍ، فانْتَصَرَ مَرْدوك عَلى تياماتَ وَ قَتَلَهَا، وَ سَجَنَ زَوْجَها كَنْجو، وَ عَادَ إلى جُثَّةِ تيامَاتٍ وَ فَصَلَها إلى شَطْرينِ، وَ رَفَعَ النِصْفَ الأوّلَ وَ شَكَّلَ مِنْهُ السَمَاءَ، وَ صَنَعَ الأرْضَ مِنَ النِصْفِ الثاني، وَ وَضَعَ الثلاثيّ [ آنو وَ أنيل وَ أيا ] في السَمَاءِ، ثُمّ صَنَعَ مَرْدوك النُجُومَ وَ الكَواكِبَ وَ حَدَّدَ الأَزْمِنَةَ، و الحقيقة هي: ( وَمَـا مِـنْ إلَـهٍ إلاَّ اللَّـهُ الـواحِـدُ الـقَـهَّـارُ رَبُّ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضِ وَمَـا بَيْنَهُـمَـا )[ ص 65 / 66 ] ، ( ذَلِـكُـمُ اللَّـهُ رَبُّـكُـمْ لاَ إلَـهَ إلاَّ هُـوَ خَـالِـقُ كُـلِّ شَــيْءٍ فَاعْـبُدوهُ وَهُـوَ عَـلـى كُـلِّ شَـيْءٍ وَكِـيلٌ )[ الأنعام 102 ] ، ( مَـا اتَّـخَـذَ اللّـهُ مِـنْ وَلَـدٍ وَمَـا كَـانَ مَـعَـهُ مِـنْ إلَـهٍ إذاً لَـذَهَـبَ كُـلُّ إلَـهٍ بِمَـا خَـلَـقَ وَلَـعَـلاَ بَعْـضُـهُـمْ عَـلـى بَعْـضٍ سُـبْـحَـانَ اللّـهِ عَـمَّـا يَصِـفُـونَ )[ المؤمنون 91 / 92 ] .
(هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ)[المؤمنون 97] :
الـهَمْـزُ : هُوَ وَضْعُ الإنْسَانِ بِحَالَةٍ مِنَ التَهَوُّرِ وَ الغَضَبِ لأَدْنى سَبَبٍ ، أي ما يُعرف بالإنسَانُ العَصَبيُّ وَ سُوءُ الخُلُقِ : ( وَقُلْ أَعُـوذُ بِكَ رَبِّـي مِـنْ هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ ) [ المؤمنون 97 ] .
وَ يَعْمَلُ شَـيْطَانُ الجِـنَّ على عَكْسِ المَشـيْئـَةِ الإلـهيَّـةِ :
1 _ ( إنَّ اللّـهَ يَأْمُـرُ بِالعَـدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيْتَاءِ ذِي القُرْبى وَيَنْهَى عَنِ الـفَحْـشَاءِ وَالمُـنْـكَـرِ وَالـبَغْـيِ)[ النحل 90]، (إنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُـرُ بالـفَحْـشَاءِ)[الأعراف 28 ]، بينمـا الشيطان : ( وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الـشَـيْطَان ِفَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالـفَحْـشَاءِ وَالـمُـنْـكَـرِ)[النور 21]
2 _ ( اللّـهُ وَلِيُّ الـذينَ آمَـنُوا يُخْـرِجُـهُـمْ مِنَ الـظُـلُـمَـاتِ إلـى الـنُورِ )[ البقرة 257 ] ، بينمـا : ( وَالذينَ كَفَروا أَوْلِياؤُهُمُ الطَاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُورِ إلى الظُلُمَاتِ)[ البقرة 257 ] .
3 _( إنَّ اللّـهَ لَهَـادِ الـذينَ آمَـنُوا إلـى صِـراطٍ مُـسْـتَقِيمٍ )[ الحج 54 ] ، بينمـا : ( وَيُريدُ الـشَـيْطَانُ أنْ يُضِلَّهُـمْ ضَـلاَلاً بَعِيدَاً )[ النساء 60 ] ، ضَــلاَلاً بَعِـيدَاً : بِحيْثُ يُضِـلُّونَ غَيْرَهُمْ أيْضـاً .
الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة
(الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات )[ النور 26 ] :
قال تعالى في سورة النور المفروضة : (الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات والطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات أولائـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا ، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : (ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح وامـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... وضرب الله مثـلا للّذين آمنوا امـرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لـي عـندك بيتـاً في الجنّـة ونجّـني من فرعـون وعمـلـه )[ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء ، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولائـك مـبرّؤون مـمّا يقولون )[ النور 26 ] ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة ، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثـلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... ومثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .
و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم )[ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( وقـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى ( وقولوا للناس حسـناً ) [ البقرة 83 ] .
( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ )[ النور 35 ] :
( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ مَـثَلُ نُورِهِ كَـمِـشْـكَـاةٍ فيهَـا مِـصْـبَاحُ الـمِـصْـبَاحُ فـي زُجَـاجَـةِ الـزُجَـاجَـةُ كَـأَنَّهَـا كَـوْكَـبٌ دُرِّيٌ يُـوقَـدُ مِـنْ شَـجَـرَةٍ مُـبَارَكَـةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَـرْقِيَّةٍ وَلاَ غَـربِيَّةٍ يَكَـادُ زَيْتُهَـا يُضِـيْءُ وَلَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ نُورٌ عَـلـى نُور )[ النور 35 ] ، مِـشْـكَـاةٍ : صُنْدوقٌ أوْ عِلْبَةٌ صَـغيرَةٌ ، زُجَـاجَـةِ : إشَارَةٌ للزُجَاجِ ، كَـوْكَـبٌ : الكوْكَبُ يَعْكُسُ الضَـوْءَ ، دُرِّيّ : يَعْكِسُ الضَوْءَ بِشَكْلٍ كَامِلٍ أي [ مرايا ] فَنَقُولُ : دَرَّ الضِرْعُ الحَليبَ ، وَ للّهِ دَرُّكَ : أيْ عَطَاءكَ ، مُـبَارَكَـةٍ : فيهَـا طَـاقَةٌ ، لَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ : لَيْسَ لَهَا دُخَـانٌ يُعِيقُ الانْعِكَاسَ عَلى المرآتَيْنِ ، نُورٌ عَـلـى نور : مُتَوافِقٌ بالمَوْجَـةِ لإعْطَاءِ طَـاقَةِ ضوئية قوية مثل أشعة الليـزَرِ القَويّـةِ .
( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء )[ النور 45 ] :
أوضح القرآن الكريم أنّ كـلّ المـخلوقات [ عـدا الإنسـان ] قـدْ خضعتْ إلى : [ النـشوء و الارتقـاء ] لقوله تعالى : ( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء فمنهُم مَـنْ يمـشي على بطنـه ومنهُم مَـنْ يمشي على رجـلين ومنهُم مَنْ يمشي على أربـع )[ النور 45 ] ، إذاً : الحياة بدأتْ [ مـائيّة ] ثُـمّ [ برْمـائيّة ] ثُمّ [ بريّـة ] ، بالنسبة لجميع المخلوقات ، و القرآن الكريم يُطـالبُ صـراحةً بدراسة [ علْم المستحاثّات ] ، قال تعالى : ( قُـلْ سيروا في الأرض فـانظروا كيـف بـدأ الـخلْق )[ العنكبوت 20 ] ، لكنّ المسلمين لـمْ يُنفّذوا هذا [ الأمْـر ] الإلهيّ ، وعندمـا قام [ الآخـرون ] بدراسة المستحاثّات و نفّذوا الآية الكريمة لكيْ يعرفوا كيْف بـدأ الخلْـق ، مثْل [ تشارلز داروين ] كفّــرناهُم ، إنّ الخـطأ عند [ تشارلز داروين ] أنّـه أدْخل الإنسـان في [ النشوء و الارتقـاء ] و جعلَ أصْـل الإنسان [ قـرْداً ] ، لكنّ القرآن الكريم يُوضح أنّ الإنسان خُلقَ مُنذ اللحظة الأولى [ كامـلاً ] ، فـلاَ حـاجة لتـطويره : (لقـدْ خلقْنـا الإنسان في أحسن تقْـويم )[ التين 4 ] ، و الحديث الشريف : [ إنّ الـله قـد خلـق آدم على صورتـه ][ رواه البخاري برقم 6226 ] ، و [ الهاء بكلمة - صورته - تعـود على آدم ] ، أيْ : أنّ اللـه خلقَ آدم على [ صورتـه التي ترونهـا عليـه الآن ، ولمْ يطـرأ عليه أيّ تغييـر في الشكْل.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
20 رمضان 1436هـ - 07 يوليو 2015م
معجزة "التين و الزيتون" في القرآن الكريم
قام فريق من العلماء اليبانيين بدراسة مادة ( الميثالوندز )، و هي مادة مهمة جداً في إزالة آثار الشيخوخة حيث يفرزها الانسان بكميات قليل
و يزداد إفراز هذه المادة في الانسان بين سن الـ15 الي سن الـ35 ، ثم يقل إفرازها حتي سن الـ60 ، و توجد بنسبة قليلة في الحيوانات.
و تتدخل هذه المادة في تنظيم كثير من فعاليات البدن الهامة مثل ( خفض الكولسترول ـ التمثيل الغذائي ـ تقوية القلب ـ ضبط التنفس)
و إتجه الفريق اليباني للبحث عن هذه المادة في النباتات فلم يجدوها إلا في " التين و الزيتون"
صدق الله حيث يقول في كتابه العزيز (( و التين و الزيتون.........،لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم))
و العجيب في السورة الكريمة هو إرتباط القسم بهذين النباتين بخلق الانسان في احسن تقويم
إذن هذه السورة تتحدث عن نباتين لهما أكبر الأثر في تنظيم صحة جسم الانسان و بقاؤه شاباً حسب ما اكتشفه الفريق الياباني و لكن المعجزة لم تنتهي عند هذا الحد.
فقد قام الفريق بدراسة تأثير هذه المادة المستخلصة من هذين النباتين ، فوجدوا ان بإستعمال أي من المستخلصين دون الآخر لا يأتي بالفائدة المنتظرة علي صحة الانسان.
انما وجدوا بعد التجربة خلط المستخلصين من النباتين له تأثير كبير و فعال علي صحة الإنسان.
و الأعجب من ذلك انهم اكتشفوا ان النسبة الامثل هي : 1 تين الي 7 زيتون .
قام الدكتور "طه إبراهيم" ببحث في القرآن الكريم فوجد ان القرآن قد ذكر التين مرة واحدة بينما ذكر الزيتون سبع مرات ، و لكن واحدة منهم ذكرت ضمناً في سورة المؤمنون،في قوله تعالي ((و شجرة تخرج في طور سيناء تنبت بالدهن و صبغ للآكلين)) و المقصود من الشجرة هو الزيتون
ثم أرسل الدكتور "ابراهيم" هذه المعلومات الي الفريق اليباني، و بعد التحقق من صحة المعلومات و ان القرآن الذي جاء به سيدنا محمد "صلي الله عليه و سلمم" قد ذكر هذه الحقائق قبل 14 قرناً و نصف، أعلن رئيس فريق البحث اليباني عن اسلامه ثم قاموا بمنح شهادة ببراءة إختراع للدكتور " طه إبراهيم" علي هذا الكشف العلمي القرآني
فسبحان الله و تبارك رب العزة عما يصف الجاهلون
*******************************************************************************قام فريق من العلماء اليبانيين بدراسة مادة ( الميثالوندز )، و هي مادة مهمة جداً في إزالة آثار الشيخوخة حيث يفرزها الانسان بكميات قليل
و يزداد إفراز هذه المادة في الانسان بين سن الـ15 الي سن الـ35 ، ثم يقل إفرازها حتي سن الـ60 ، و توجد بنسبة قليلة في الحيوانات.
و تتدخل هذه المادة في تنظيم كثير من فعاليات البدن الهامة مثل ( خفض الكولسترول ـ التمثيل الغذائي ـ تقوية القلب ـ ضبط التنفس)
و إتجه الفريق اليباني للبحث عن هذه المادة في النباتات فلم يجدوها إلا في " التين و الزيتون"
صدق الله حيث يقول في كتابه العزيز (( و التين و الزيتون.........،لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم))
و العجيب في السورة الكريمة هو إرتباط القسم بهذين النباتين بخلق الانسان في احسن تقويم
إذن هذه السورة تتحدث عن نباتين لهما أكبر الأثر في تنظيم صحة جسم الانسان و بقاؤه شاباً حسب ما اكتشفه الفريق الياباني و لكن المعجزة لم تنتهي عند هذا الحد.
فقد قام الفريق بدراسة تأثير هذه المادة المستخلصة من هذين النباتين ، فوجدوا ان بإستعمال أي من المستخلصين دون الآخر لا يأتي بالفائدة المنتظرة علي صحة الانسان.
انما وجدوا بعد التجربة خلط المستخلصين من النباتين له تأثير كبير و فعال علي صحة الإنسان.
و الأعجب من ذلك انهم اكتشفوا ان النسبة الامثل هي : 1 تين الي 7 زيتون .
قام الدكتور "طه إبراهيم" ببحث في القرآن الكريم فوجد ان القرآن قد ذكر التين مرة واحدة بينما ذكر الزيتون سبع مرات ، و لكن واحدة منهم ذكرت ضمناً في سورة المؤمنون،في قوله تعالي ((و شجرة تخرج في طور سيناء تنبت بالدهن و صبغ للآكلين)) و المقصود من الشجرة هو الزيتون
ثم أرسل الدكتور "ابراهيم" هذه المعلومات الي الفريق اليباني، و بعد التحقق من صحة المعلومات و ان القرآن الذي جاء به سيدنا محمد "صلي الله عليه و سلمم" قد ذكر هذه الحقائق قبل 14 قرناً و نصف، أعلن رئيس فريق البحث اليباني عن اسلامه ثم قاموا بمنح شهادة ببراءة إختراع للدكتور " طه إبراهيم" علي هذا الكشف العلمي القرآني
فسبحان الله و تبارك رب العزة عما يصف الجاهلون
اختصها الله بمزيد من الفضل والخيرات والكرامات..العشر الأواخر..أيام العتق من النار
للعشر الأواخر من رمضان عند النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على طاعة الله عز وجل، والعبادة وقيام الليل وتلاوة القرآن، ومن أهم حُسن استغلال العشر الأواخر إحياء الليل، الذى كان يحرص النبي، صلى الله عليه وسلم، حرصا شديدا على قيامه فى تلك الأيام.
مراد الإنسان فى الحياة هو العتق من النار وقد دلنا النبي، صلى الله عليه وسلم على أعمال إذا قمنا بها كانت سببًا لعتق رقابنا من النَّار ، فلنحاول القيام بها جميعًا أنْ نجعل منها برنامجًا يوميًا ومشروعًا إيمانيًا، يتضمن النجاة من النار، والعمل باجتهاد من أجل دخول الجنة.
وأكد العلماء أن الإخلاص فى العبادة سبب من أسباب العتق من النار، وأيضا اجتناب السبع الموبقات، وهناك أعمال كثيرة تكون سببا فى العتق من النار، أهمها تنظيف القلوب من الغل والأحقاد، وأن يحسن الإنسان إلى جيرانه، ويعامل الناس بالحُسنى.
ويقول الدكتور عبدالوارث عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه ثبت فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره (ومعنى إحياء الليل أى استغرقه بالسهر فى الصلاة والذكر وغيرهما)، ومن الأعمال الجليلة فى هذه العشر إيقاظ الرجل أهله للصلاة، فقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام فى هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما فى البخارى عن عائشة، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالى هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله فى نومهم، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك خطأ وتقصير ظاهر من رب البيت حينما لا يوقظ أهل بيته للصلاة لأنه مسئول مسئولية كاملة عن أهله، ومن هدى النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان ينشغل بالعبادة فى العشر الأواخر ويعتزل النساء، وتصفو نفسه عن متطلبات الدنيا، وهذا يعلمنا أن هذه الأيام هى فرصة لكل مسلم ألا تشغله الدنيا عن الصلاة والقيام وتلاوة القرآن فى ليل رمضان، حتى تسمو الروح إلى معارج القبول، ومما ينبغى الحرص عليه أيضا فى مثل هذه الأيام هو الاعتكاف فى المساجد، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فى العشر الأواخر حتى توفاه الله تعالى، فبقدر ما يستطيع الإنسان أن يتقرب إلى الله فى هذه الأيام بالأعمال الصالحة ويخلص النية لله عز وجل، سيكافئه الله عز وجل بإدراك ليلة القدر، التى هى خير من ألف شهر.
احذروا ضياع الوقت
ويقول الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، إن من أهم الأعمال فى مثل هذه الأيام تلاوة القرآن بتدبر وتمعن ليتذوق الإنسان حلاوته، فليحذر المسلم حينما يكون معتكفا من ضياع الوقت فى إعداد الطعام أو التحدث مع زملائه من المعتكفين فى أمور الدنيا، وفضول الصحبة وغير ذلك من الصوارف التى تفرق أمر القلب وتفسد اجتماعه، أو كثرة الخروج لقضاء حاجاته ولا يجدد نية الاعتكاف، لأن من أسرار الاعتكاف النية الخالصة لله وصفاء القلب والروح، وكما ذكر العلماء أنها أفضل ليالى السنة على الإطلاق، فقد اختصها الله بمزيد الفضل والإنعام والخيرات والكرامات والعتق من النار وشرفها الله بوجود ليلة القدر المباركة فيها، ومن خصائصها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر الأواخر شمر عن ساعده وتفرغ فيها لطاعة الله تعالى، وجد واجتهد وخصها بأعمال لا يعملها فى أول الشهر فكان يحيى الليل كله بالصلاة وقراءة القرآن والدعاء ويوقظ أهله. ففى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره)، وهذا دليل على أن لهذه العشرة أيام مزيد فضل وشرف على غيرها من مضاعفة الأجور فيها والعتق من النار ولأن ليلة القدر ترجى فى لياليها وبها بركات كثيرة، كما أن الله تعالى يغفر لمن قبل صيامه وقيامه فى آخر ليلة منها لما صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعطيت أمتى خمس خصال فى رمضان لم تعطهن أمة من الأمم قبلها خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.... إلى أن قال: ..... ويغفر لهم فى آخر ليلة قيل يا رسول الله أهى ليلة القدر قال لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) رواه الإمام احمد والبيهقي، فهنيئاً له وعليه أن يحسن التمام وليحمد الله على أن وفقه لطاعة مولاه ويسأله سبحانه القبول وحسن الختام.
أسباب العتق
ويقول الدكتور رمضان عطا الله رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، إن العتق هو العزة بعد مذلة للإنسان بالمعاصى التى تهلكه، ويأتى العتق ليكون طوق النجاة بعد ذل المعاصى للإنسان، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إن لله تعالى عتقاء فى كل يوم وليلة، وإن لكل مسلم فى كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه الإمام أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا، ( إن لله عز وجل عند كل فطر عتقاء) رواه أيضا الإمام أحمد، وهذا يدلنا على أن نبذل الجهد فى الإتيان بالأسباب التى بها يكون فكاك الرقاب من النار، وخاصة أن الشياطين مصفدة، ومن تلك الأسباب التى دلنا عليها النبى صلى الله عليه وسلم لعتق رقابنا، هى الإخلاص لله، سواء فى الطاعة أو العمل، وإصلاح الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى لله أربعين يوما فى جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق) رواه الترمذي. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار)، والإنسان إذا أدرك المغفرة فى رمضان كانت سببا فى عتقه من النار.
*****************************************************************************للعشر الأواخر من رمضان عند النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على طاعة الله عز وجل، والعبادة وقيام الليل وتلاوة القرآن، ومن أهم حُسن استغلال العشر الأواخر إحياء الليل، الذى كان يحرص النبي، صلى الله عليه وسلم، حرصا شديدا على قيامه فى تلك الأيام.
مراد الإنسان فى الحياة هو العتق من النار وقد دلنا النبي، صلى الله عليه وسلم على أعمال إذا قمنا بها كانت سببًا لعتق رقابنا من النَّار ، فلنحاول القيام بها جميعًا أنْ نجعل منها برنامجًا يوميًا ومشروعًا إيمانيًا، يتضمن النجاة من النار، والعمل باجتهاد من أجل دخول الجنة.
وأكد العلماء أن الإخلاص فى العبادة سبب من أسباب العتق من النار، وأيضا اجتناب السبع الموبقات، وهناك أعمال كثيرة تكون سببا فى العتق من النار، أهمها تنظيف القلوب من الغل والأحقاد، وأن يحسن الإنسان إلى جيرانه، ويعامل الناس بالحُسنى.
ويقول الدكتور عبدالوارث عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه ثبت فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره (ومعنى إحياء الليل أى استغرقه بالسهر فى الصلاة والذكر وغيرهما)، ومن الأعمال الجليلة فى هذه العشر إيقاظ الرجل أهله للصلاة، فقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام فى هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما فى البخارى عن عائشة، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالى هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله فى نومهم، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك خطأ وتقصير ظاهر من رب البيت حينما لا يوقظ أهل بيته للصلاة لأنه مسئول مسئولية كاملة عن أهله، ومن هدى النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان ينشغل بالعبادة فى العشر الأواخر ويعتزل النساء، وتصفو نفسه عن متطلبات الدنيا، وهذا يعلمنا أن هذه الأيام هى فرصة لكل مسلم ألا تشغله الدنيا عن الصلاة والقيام وتلاوة القرآن فى ليل رمضان، حتى تسمو الروح إلى معارج القبول، ومما ينبغى الحرص عليه أيضا فى مثل هذه الأيام هو الاعتكاف فى المساجد، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فى العشر الأواخر حتى توفاه الله تعالى، فبقدر ما يستطيع الإنسان أن يتقرب إلى الله فى هذه الأيام بالأعمال الصالحة ويخلص النية لله عز وجل، سيكافئه الله عز وجل بإدراك ليلة القدر، التى هى خير من ألف شهر.
احذروا ضياع الوقت
ويقول الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، إن من أهم الأعمال فى مثل هذه الأيام تلاوة القرآن بتدبر وتمعن ليتذوق الإنسان حلاوته، فليحذر المسلم حينما يكون معتكفا من ضياع الوقت فى إعداد الطعام أو التحدث مع زملائه من المعتكفين فى أمور الدنيا، وفضول الصحبة وغير ذلك من الصوارف التى تفرق أمر القلب وتفسد اجتماعه، أو كثرة الخروج لقضاء حاجاته ولا يجدد نية الاعتكاف، لأن من أسرار الاعتكاف النية الخالصة لله وصفاء القلب والروح، وكما ذكر العلماء أنها أفضل ليالى السنة على الإطلاق، فقد اختصها الله بمزيد الفضل والإنعام والخيرات والكرامات والعتق من النار وشرفها الله بوجود ليلة القدر المباركة فيها، ومن خصائصها، أن النبي، صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر الأواخر شمر عن ساعده وتفرغ فيها لطاعة الله تعالى، وجد واجتهد وخصها بأعمال لا يعملها فى أول الشهر فكان يحيى الليل كله بالصلاة وقراءة القرآن والدعاء ويوقظ أهله. ففى صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيره)، وهذا دليل على أن لهذه العشرة أيام مزيد فضل وشرف على غيرها من مضاعفة الأجور فيها والعتق من النار ولأن ليلة القدر ترجى فى لياليها وبها بركات كثيرة، كما أن الله تعالى يغفر لمن قبل صيامه وقيامه فى آخر ليلة منها لما صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعطيت أمتى خمس خصال فى رمضان لم تعطهن أمة من الأمم قبلها خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.... إلى أن قال: ..... ويغفر لهم فى آخر ليلة قيل يا رسول الله أهى ليلة القدر قال لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) رواه الإمام احمد والبيهقي، فهنيئاً له وعليه أن يحسن التمام وليحمد الله على أن وفقه لطاعة مولاه ويسأله سبحانه القبول وحسن الختام.
أسباب العتق
ويقول الدكتور رمضان عطا الله رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، إن العتق هو العزة بعد مذلة للإنسان بالمعاصى التى تهلكه، ويأتى العتق ليكون طوق النجاة بعد ذل المعاصى للإنسان، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم: (إن لله تعالى عتقاء فى كل يوم وليلة، وإن لكل مسلم فى كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه الإمام أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا، ( إن لله عز وجل عند كل فطر عتقاء) رواه أيضا الإمام أحمد، وهذا يدلنا على أن نبذل الجهد فى الإتيان بالأسباب التى بها يكون فكاك الرقاب من النار، وخاصة أن الشياطين مصفدة، ومن تلك الأسباب التى دلنا عليها النبى صلى الله عليه وسلم لعتق رقابنا، هى الإخلاص لله، سواء فى الطاعة أو العمل، وإصلاح الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام، والنبي، صلى الله عليه وسلم يقول: (من صلى لله أربعين يوما فى جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق) رواه الترمذي. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار)، والإنسان إذا أدرك المغفرة فى رمضان كانت سببا فى عتقه من النار.
التوبة
التوبة: «افتقار إلى الله وانكسارٌ، واستغفار واعتذار من الذنب والناس هجوع (نيام)، وتذلُّل بين يديه وخضوع، وإقلاع عن الذنب ورجوع، وعَزْم وعهْدٌ على الابتعاد عن المعاصي وأسبابها، ومُقترفيها وأمكنتها فيما هو آتٍ، ورَدٌّ للمظالِم والحقوق المُغتصبة بغير حقٍّ إلى أصحابها»[2].
والتوبة: «ندَمٌ على اقتراف الذنب والشعور بلَدغه وكيِّه، والندم هو بيت القصيد، وحجر الزاوية، وقُطب الرَّحى في التوبة، فمَن لَم يَشعر به حسرة تَغمره، ونارًا تتأجَّج في قلبه، فليس بتائب - وإن ادَّعى»[3].
والتوبة: نداء الله - عزَّ وجلَّ - المتلطِّف لعباده بألاَّ يَقنطوا من رحمته، أو يَيْئَسوا من مَغفرته؛ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53].
******************************************************************************التوبة: «افتقار إلى الله وانكسارٌ، واستغفار واعتذار من الذنب والناس هجوع (نيام)، وتذلُّل بين يديه وخضوع، وإقلاع عن الذنب ورجوع، وعَزْم وعهْدٌ على الابتعاد عن المعاصي وأسبابها، ومُقترفيها وأمكنتها فيما هو آتٍ، ورَدٌّ للمظالِم والحقوق المُغتصبة بغير حقٍّ إلى أصحابها»[2].
والتوبة: «ندَمٌ على اقتراف الذنب والشعور بلَدغه وكيِّه، والندم هو بيت القصيد، وحجر الزاوية، وقُطب الرَّحى في التوبة، فمَن لَم يَشعر به حسرة تَغمره، ونارًا تتأجَّج في قلبه، فليس بتائب - وإن ادَّعى»[3].
والتوبة: نداء الله - عزَّ وجلَّ - المتلطِّف لعباده بألاَّ يَقنطوا من رحمته، أو يَيْئَسوا من مَغفرته؛ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53].
الرحمة خلق العابدين
الرحمة في الحقيقة كمال في التكوين الفطري للإنسان، لكنه حين انحرف عن منهج الله أصيب في فطرته، مما جعله محتاجًا الى تذكيره بأهمية هذه الصفة وهذا الخلق.
قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
إن أهل الجنة هم من كانوا في الدنيا يرحمون الخلق ويرقون لهم: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيمٌ رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال».
إن من عظمة الإسلام وكمال الشريعة أن أمر أتباعه بالرحمة، الرحمة بالناس، بالمسلمين، بالكافرين، بل بالحيوانات. قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
قال نبي الرحمة صَلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله». رحم الضعفاء من الناس فرحمه الله وأعلى درجته.
وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: جَاءتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَىَ فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلُهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: «إِنَّ الله قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوأَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». أوجب لها الجنة برحمتها بناتها.
قَبَّلَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الحسنَ بن عليّ رضي اللّه عنهما وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي. فقال الأقرعُ: إن لي عشرةً من الولد ما قبّلتُ منهم أحداً، فنظرَ إليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال: «مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ».
وقدم ناس من الأعراب على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: «نعم» قالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال: «أو أملك أن كان اللَّه نزع من قلوبكم الرحمة».
لقد وصف الله عز وجل مجتمع المسلمين بأنه يتراحم ويواسي بعضهم بعضًا: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح:29]
{مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كمَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}.
كما روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».
وعن أبي هريرة رَضي الله عنه أن الرسول صَلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَرِيقِ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرىَ مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفَيْهِ حَتَّىَ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَإنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لأَجْراً؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».
*****************************************************************************الرحمة في الحقيقة كمال في التكوين الفطري للإنسان، لكنه حين انحرف عن منهج الله أصيب في فطرته، مما جعله محتاجًا الى تذكيره بأهمية هذه الصفة وهذا الخلق.
قال رسول الله صَلى الله عليه وسلم: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
إن أهل الجنة هم من كانوا في الدنيا يرحمون الخلق ويرقون لهم: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيمٌ رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال».
إن من عظمة الإسلام وكمال الشريعة أن أمر أتباعه بالرحمة، الرحمة بالناس، بالمسلمين، بالكافرين، بل بالحيوانات. قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107].
قال نبي الرحمة صَلى الله عليه وسلم: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله». رحم الضعفاء من الناس فرحمه الله وأعلى درجته.
وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: جَاءتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَىَ فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلُهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: «إِنَّ الله قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوأَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ». أوجب لها الجنة برحمتها بناتها.
قَبَّلَ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم الحسنَ بن عليّ رضي اللّه عنهما وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي. فقال الأقرعُ: إن لي عشرةً من الولد ما قبّلتُ منهم أحداً، فنظرَ إليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم قال: «مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ».
وقدم ناس من الأعراب على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقال: «نعم» قالوا: لكنا والله ما نقبل. فقال: «أو أملك أن كان اللَّه نزع من قلوبكم الرحمة».
لقد وصف الله عز وجل مجتمع المسلمين بأنه يتراحم ويواسي بعضهم بعضًا: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} [الفتح:29]
{مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، كمَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}.
كما روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».
وعن أبي هريرة رَضي الله عنه أن الرسول صَلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشي بِطَرِيقِ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرىَ مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفَيْهِ حَتَّىَ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَإنَّ لَنَا فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ لأَجْراً؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».
الغضب سبب كل مصيبة
الغضب مرض خطير وداء عضال إذا أتى على الإنسان وتملك به أفقده السيطرة على عقله وجسمه ولم يتحكم حتى على نفسه، لهذا حذرنا منه النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: «إنّ الغضب جمرة توقد في القلب». (أخرجه الترمذي) والغضب غير محمود ومنهي عنه شرعا بنصّ الكتاب وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم، قال تعالى {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الفتح 26) وقد خلق الله طبيعة الغضب من النّار وغرزها في الإنسان وعجنها بطينته. لهذا عند الغضب يغلي الدّم في القلب وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن لذلك يحمرّ الوجه والعين. ومن هذا المعنى جاء تعريف الغزالي رحمه الله للغضب بأنه غليان دم القلب بطلب الانتقام.
روى أبوهريرة رضي الله عنه أنّ رجلا: قال: يا رسول الله مرني بعمل وأقلل، قال لا تغضب ثمّ عاد عليه فقال: لا تغضب. (رواه البخاري) فالغضب من الصفات المذمومة عند الإنسان، لأنّ العبد كلّما غضب أوقعه الشّيطان في ارتكاب المعاصي والآثام التي تقربه من نار جهنّم لأنّ الشيطان يصبح أقدر عليه. فمثلا: يمكن للعبد في حالة غضب أن يطلّق زوجته، أو يعتدي عليها لفظيا أوجسديا، كما أنّه في حالة الهيجان والغليان قد يسب الجلالة، أو يطرد ابنته أوابنه خارج البيت، وفي بعض الأحيان لأتفه الأسباب، وما ينجر من عواقب وخيمة من جراء تصرف في حالة غضب قد يندم عليه بقيّة حياته. قال بعضهم: من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النّار.
سأل راهب الشيطان قال: أخبرني أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ فقال: الحدّة إنّ الرّجل إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة.
وقال إبليس، عليه لعنة الله، ما أعجزني بنو آدم فلن يعجزوني في ثلاث: منها إذا غضب. قال بما لا يعلم وعمل بما يندم.لهذا قال بعضهم: إيّاك والغضب فإنّه يصيّرك إلى ذلّة الاعتذار. فالغضب ينسي الحرمات، ويدفن الحسنات، ويخلق للبريء جنايات.
ولقد مدح الله تعالى من يملك غضبه فقال تعالى {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران 137) وقال تعالى {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى 37) وبيّن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه أقوى النّاس فقال: «ما تدرون الصرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرّجال قال ليس ذلك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب». (رواه مسلم) وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». (متفق عليه).
وكان عمر رضي الله عنه إذا خطب قال في خطبته أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى والغضب.
وإن من تحكم في غضبه ستر الله عورته، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «من كفّ غضبه ستر الله عورته». (أخرجه ابن أبي الدنيا) وابتعد عن غضب الله، قال رجل يا رسول الله: «أيّ شيء أشدّ عليّ، قال: غضب الله قال فما يبعدني عن غضب الله؟ قال لا تغضب».(أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه) قال ذي القرنين إنّه لقي ملكا من الملائكة فقال: علمني علما أزداد به إيمانا ويقينا، قال لا تغضب فإنّ الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب، فرد الغضب بالكظم.
وقيل لحكيم: ما أملك فلان لنفسه؟ قال: إذا لا تذلّه الشّهوة ولا يصرعه الهوى ولا يغلبه الغضب.
ومن ترك الغضب حسن الله أخلاقه: قيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. فقال: اترك الغضب. ومن ثـمرات ترك الغضب الفوز برضا الله في الآخرة: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة. (رواه الطبراني وهو في صحيح الجامع)، كذلك يخيّره الله يوم القيامة من الحور العين: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عزّ وجلّ على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيّره من الحور العين ما شاء. (رواه أبوداود وغيره وحسنّه في صحيح الجامع).
وخلاصة الحديث لا تغضب لدنيا، تدخل الجنّة: قال أبو الدرداء رضي الله عنه: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنّة، قال: لا تغضب. (أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد حسن) وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تغضب ولك الجنّة». (صحيح الجامع).
******************************************************************************الغضب مرض خطير وداء عضال إذا أتى على الإنسان وتملك به أفقده السيطرة على عقله وجسمه ولم يتحكم حتى على نفسه، لهذا حذرنا منه النّبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال: «إنّ الغضب جمرة توقد في القلب». (أخرجه الترمذي) والغضب غير محمود ومنهي عنه شرعا بنصّ الكتاب وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم، قال تعالى {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الفتح 26) وقد خلق الله طبيعة الغضب من النّار وغرزها في الإنسان وعجنها بطينته. لهذا عند الغضب يغلي الدّم في القلب وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن لذلك يحمرّ الوجه والعين. ومن هذا المعنى جاء تعريف الغزالي رحمه الله للغضب بأنه غليان دم القلب بطلب الانتقام.
روى أبوهريرة رضي الله عنه أنّ رجلا: قال: يا رسول الله مرني بعمل وأقلل، قال لا تغضب ثمّ عاد عليه فقال: لا تغضب. (رواه البخاري) فالغضب من الصفات المذمومة عند الإنسان، لأنّ العبد كلّما غضب أوقعه الشّيطان في ارتكاب المعاصي والآثام التي تقربه من نار جهنّم لأنّ الشيطان يصبح أقدر عليه. فمثلا: يمكن للعبد في حالة غضب أن يطلّق زوجته، أو يعتدي عليها لفظيا أوجسديا، كما أنّه في حالة الهيجان والغليان قد يسب الجلالة، أو يطرد ابنته أوابنه خارج البيت، وفي بعض الأحيان لأتفه الأسباب، وما ينجر من عواقب وخيمة من جراء تصرف في حالة غضب قد يندم عليه بقيّة حياته. قال بعضهم: من أطاع شهوته وغضبه قاداه إلى النّار.
سأل راهب الشيطان قال: أخبرني أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ فقال: الحدّة إنّ الرّجل إذا كان حديدا قلبناه كما يقلب الصبيان الكرة.
وقال إبليس، عليه لعنة الله، ما أعجزني بنو آدم فلن يعجزوني في ثلاث: منها إذا غضب. قال بما لا يعلم وعمل بما يندم.لهذا قال بعضهم: إيّاك والغضب فإنّه يصيّرك إلى ذلّة الاعتذار. فالغضب ينسي الحرمات، ويدفن الحسنات، ويخلق للبريء جنايات.
ولقد مدح الله تعالى من يملك غضبه فقال تعالى {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران 137) وقال تعالى {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (الشورى 37) وبيّن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه أقوى النّاس فقال: «ما تدرون الصرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرّجال قال ليس ذلك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب». (رواه مسلم) وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». (متفق عليه).
وكان عمر رضي الله عنه إذا خطب قال في خطبته أفلح منكم من حفظ من الطمع والهوى والغضب.
وإن من تحكم في غضبه ستر الله عورته، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «من كفّ غضبه ستر الله عورته». (أخرجه ابن أبي الدنيا) وابتعد عن غضب الله، قال رجل يا رسول الله: «أيّ شيء أشدّ عليّ، قال: غضب الله قال فما يبعدني عن غضب الله؟ قال لا تغضب».(أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه) قال ذي القرنين إنّه لقي ملكا من الملائكة فقال: علمني علما أزداد به إيمانا ويقينا، قال لا تغضب فإنّ الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب، فرد الغضب بالكظم.
وقيل لحكيم: ما أملك فلان لنفسه؟ قال: إذا لا تذلّه الشّهوة ولا يصرعه الهوى ولا يغلبه الغضب.
ومن ترك الغضب حسن الله أخلاقه: قيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. فقال: اترك الغضب. ومن ثـمرات ترك الغضب الفوز برضا الله في الآخرة: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ومن كظم غيظاً ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة. (رواه الطبراني وهو في صحيح الجامع)، كذلك يخيّره الله يوم القيامة من الحور العين: عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عزّ وجلّ على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيّره من الحور العين ما شاء. (رواه أبوداود وغيره وحسنّه في صحيح الجامع).
وخلاصة الحديث لا تغضب لدنيا، تدخل الجنّة: قال أبو الدرداء رضي الله عنه: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنّة، قال: لا تغضب. (أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد حسن) وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تغضب ولك الجنّة». (صحيح الجامع).
لا يكون المؤمن غادرا
لغدر صفة تدل على خسة النفس وحقارتها، بل هوخصلة من خصال النفاق التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: «أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا؛ ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». [البخاري ومسلم].
فأي شيء أقبح من غدر يسوق إلى النفاق، وأي عار أفضح من نقض العهد إذا عدت مساوئ الأخلاق!!.
وقد عدَّ بعض العلماء الغدر من الكبائر، كيف لا والغادر خصمه يوم القيامة رب العالمين تبارك وتعالى، ففي الحديث: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجلٌ استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره». [البخاري]
وقد كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمراء جيشه: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا...» الحديث [رواه مسلم]
إن الغادر مذموم في الدنيا، وهو كذلك عند الله تعالى، وسيفضحه على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا من إمام عامة». (رواه مسلم) فكم أوقع الغدر في المهالك مِن غادر، وضاقت عليه من موارد الهلكات فسيحات المصادر، وطوَّقه غدره طوق خزي، فهوعلى فكِّه غيرُ قادر.
ومما هو معلوم ومشاهد في دنيا الناس أن الغادر لا يكاد يتم له أمر، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ؛ فعن علي رضي الله عنه قال: «ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فمن أخفر مسلما (يعني نقض عهده) فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل...». (البخاري)
وقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في الوفاء حتى وإن فوت عليهم بعض المصالح، فعن سليم بن عامر قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى عهدهم غزاهم، فجاء رجل على فرس وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدةً، ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية.
********************************************************************************لغدر صفة تدل على خسة النفس وحقارتها، بل هوخصلة من خصال النفاق التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: «أربع من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا؛ ومن كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». [البخاري ومسلم].
فأي شيء أقبح من غدر يسوق إلى النفاق، وأي عار أفضح من نقض العهد إذا عدت مساوئ الأخلاق!!.
وقد عدَّ بعض العلماء الغدر من الكبائر، كيف لا والغادر خصمه يوم القيامة رب العالمين تبارك وتعالى، ففي الحديث: «قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجلٌ استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره». [البخاري]
وقد كان من وصاياه صلى الله عليه وسلم لأمراء جيشه: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدًا...» الحديث [رواه مسلم]
إن الغادر مذموم في الدنيا، وهو كذلك عند الله تعالى، وسيفضحه على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرًا من إمام عامة». (رواه مسلم) فكم أوقع الغدر في المهالك مِن غادر، وضاقت عليه من موارد الهلكات فسيحات المصادر، وطوَّقه غدره طوق خزي، فهوعلى فكِّه غيرُ قادر.
ومما هو معلوم ومشاهد في دنيا الناس أن الغادر لا يكاد يتم له أمر، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ؛ فعن علي رضي الله عنه قال: «ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فمن أخفر مسلما (يعني نقض عهده) فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل...». (البخاري)
وقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في الوفاء حتى وإن فوت عليهم بعض المصالح، فعن سليم بن عامر قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى عهدهم غزاهم، فجاء رجل على فرس وهو يقول: الله أكبر الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدةً، ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء» فرجع معاوية.
بالأمس كنا نقول :
رمضان أهلاً !!
واليوم نقول رمضان مهلاً ...!
مخيفه هي سرعة الأيام
اللهم بارك لنا فيه وتقبله منا يا الله ..
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
21رمضان 1436هـ -08 يوليو 2015م
كلمات الله خالدة وإن جفت الأقلام
قال تعالى: «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم». وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولو أن أشجار الأرض كلها بريت أقلاماً والبحر مداداً لها، ويمد بسبعة أبحر أخرى، وكتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها أحد، إن الله عزيز في انتقامه ممن أشرك به، حكيم في تدبير خلقه.
وفي الآية بيان لعظمة الله سبحانه وتعالى وإثبات صفة الكلام لله - تعالى - حقيقة كما يليق بجلاله وكماله سبحانه، يعظم العظيم من الخلق في عيون الخلق بقوة كلامه، ونفاذ أمره، وعجائب فعله، وكثرة صنائعه، وعدله في حكمه، وسيطرته على مملكته، وعلمه بأحوال رعيته، وخالق الخلق، ومدبر الأمر سبحانه وتعالى له القدرة التي ليست لخلقه، وما قدرة كل خلقه إلا من قدرته سبحانه، فهو عز وجل خالق كل شيء، وواهب كل موهوب.
تدبير الأمر
وكلمات الله تعالى من صفاته، وصفاته ليس لها ابتداء ولا انتهاء، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ومن آثار كلماته سبحانه خلق الخلق، وتدبير الأمر، وتصريف الكون ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40].
وكلماته سبحانه ليست ككلمات خلقه الضعاف المترددين المقهورين، فكلماته عز وجل لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل؛ لأنها صادرة عن علم وحكمة وقدرة، فلا جهل يسبقها، ولا عجز يلحقها، ولا مكره له سبحانه عليها ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الكهف: 27]. وهي صدق في الأخبار، وعدل في الأقضية والأحكام، وكلمات هذا شأنها لا بد أن تكون ثابتة.
فيا لخيبة من استبدلوا كلمات الله تعالى بغيرها، وأعرضوا عن كتاب الله تعالى وعن شريعته، ويمموا وجوههم شطر أفكار البشر وفلسفاتهم يبحثون فيها قضايا الوجود والكون والموت والمصير، فنقلتهم من اليقين إلى الشك، ومن الإيمان إلى الجحود والإلحاد، فعاشوا تعساء في الدنيا، يمزقهم الشك والحيرة، ولعذاب الآخرة أخزى، وما لهم من الله من واق، وهذا جزاء المعرضين عن كلمات الله تعالى.
النصر والعاقبة
ومن آثار ثبات كلماته سبحانه في الدنيا: وعد المؤمنين بالنصر والعاقبة، فإن ذلك حتم لا يتغير، ووعد لا يتخلف، لأنه من كلمات الله تعالى ومن آثار ثبات كلماته سبحانه: أنه لا يوقع عقوبته إلا في أجلها المضروب لها سواء أكان في الدنيا كما في قول الله تعالى ﴿وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59] أو في الآخرة كما في تأخيره الفصل بين عباده في القضاء إلى يوم القيامة، فإنه مهما وقع منهم من ظلم وبغي وسفك للدماء، وسألوا الله تعالى فصل القضاء بينهم، فإنه لا يقع إلا يوم القيامة على مقتضى كلماته سبحانه، وجاء خبر ذلك في آيات عدة من كتاب الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
ومن آثار كلماته سبحانه: أنه مانح الهداية ومانعها، ولا تطلب الهداية من سواه فمن وفقه اهتدى، ومن خذله ضل وغوى ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: 97].
أفضل خلقه
ومن آثار كلماته سبحانه: وفي أهل الكفر والعصيان قال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: 6] وفي آية أخرى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: 119] ويخاطب بكلماته سبحانه أفضل خلقه، وخاتم رسله فيقول ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ [الزُّمر: 19] وهذه الآية يجب أن تتمثل للمؤمن في كل أحيانه، فيكررها بلسانه، ويعيها قلبه، ويخشاها على نفسه، ويلهج لسانه بدعاء الله تعالى يسأله الهداية، ويخاف أن يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب. وكيف لا يفزع المؤمن منها وأفضل الخلق لا يستطيع إنقاذ من مضت فيه كلمة الله تعالى فحق عليه العذاب.
ومن عظيم كلمات الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بها، ويعلم أمته الاستعاذة بها، فكَانَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» رواه البخاري.
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم. وفي السنة كان التعوذ بكلمات الله تعالى ذكراً يومياً، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: «أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ» رواه مسلم.
**********************************************************************************قال تعالى: «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم». وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولو أن أشجار الأرض كلها بريت أقلاماً والبحر مداداً لها، ويمد بسبعة أبحر أخرى، وكتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها أحد، إن الله عزيز في انتقامه ممن أشرك به، حكيم في تدبير خلقه.
وفي الآية بيان لعظمة الله سبحانه وتعالى وإثبات صفة الكلام لله - تعالى - حقيقة كما يليق بجلاله وكماله سبحانه، يعظم العظيم من الخلق في عيون الخلق بقوة كلامه، ونفاذ أمره، وعجائب فعله، وكثرة صنائعه، وعدله في حكمه، وسيطرته على مملكته، وعلمه بأحوال رعيته، وخالق الخلق، ومدبر الأمر سبحانه وتعالى له القدرة التي ليست لخلقه، وما قدرة كل خلقه إلا من قدرته سبحانه، فهو عز وجل خالق كل شيء، وواهب كل موهوب.
تدبير الأمر
وكلمات الله تعالى من صفاته، وصفاته ليس لها ابتداء ولا انتهاء، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ومن آثار كلماته سبحانه خلق الخلق، وتدبير الأمر، وتصريف الكون ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40].
وكلماته سبحانه ليست ككلمات خلقه الضعاف المترددين المقهورين، فكلماته عز وجل لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل؛ لأنها صادرة عن علم وحكمة وقدرة، فلا جهل يسبقها، ولا عجز يلحقها، ولا مكره له سبحانه عليها ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الكهف: 27]. وهي صدق في الأخبار، وعدل في الأقضية والأحكام، وكلمات هذا شأنها لا بد أن تكون ثابتة.
فيا لخيبة من استبدلوا كلمات الله تعالى بغيرها، وأعرضوا عن كتاب الله تعالى وعن شريعته، ويمموا وجوههم شطر أفكار البشر وفلسفاتهم يبحثون فيها قضايا الوجود والكون والموت والمصير، فنقلتهم من اليقين إلى الشك، ومن الإيمان إلى الجحود والإلحاد، فعاشوا تعساء في الدنيا، يمزقهم الشك والحيرة، ولعذاب الآخرة أخزى، وما لهم من الله من واق، وهذا جزاء المعرضين عن كلمات الله تعالى.
النصر والعاقبة
ومن آثار ثبات كلماته سبحانه في الدنيا: وعد المؤمنين بالنصر والعاقبة، فإن ذلك حتم لا يتغير، ووعد لا يتخلف، لأنه من كلمات الله تعالى ومن آثار ثبات كلماته سبحانه: أنه لا يوقع عقوبته إلا في أجلها المضروب لها سواء أكان في الدنيا كما في قول الله تعالى ﴿وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59] أو في الآخرة كما في تأخيره الفصل بين عباده في القضاء إلى يوم القيامة، فإنه مهما وقع منهم من ظلم وبغي وسفك للدماء، وسألوا الله تعالى فصل القضاء بينهم، فإنه لا يقع إلا يوم القيامة على مقتضى كلماته سبحانه، وجاء خبر ذلك في آيات عدة من كتاب الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
ومن آثار كلماته سبحانه: أنه مانح الهداية ومانعها، ولا تطلب الهداية من سواه فمن وفقه اهتدى، ومن خذله ضل وغوى ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: 97].
أفضل خلقه
ومن آثار كلماته سبحانه: وفي أهل الكفر والعصيان قال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: 6] وفي آية أخرى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: 119] ويخاطب بكلماته سبحانه أفضل خلقه، وخاتم رسله فيقول ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ [الزُّمر: 19] وهذه الآية يجب أن تتمثل للمؤمن في كل أحيانه، فيكررها بلسانه، ويعيها قلبه، ويخشاها على نفسه، ويلهج لسانه بدعاء الله تعالى يسأله الهداية، ويخاف أن يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب. وكيف لا يفزع المؤمن منها وأفضل الخلق لا يستطيع إنقاذ من مضت فيه كلمة الله تعالى فحق عليه العذاب.
ومن عظيم كلمات الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بها، ويعلم أمته الاستعاذة بها، فكَانَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» رواه البخاري.
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم. وفي السنة كان التعوذ بكلمات الله تعالى ذكراً يومياً، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: «أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ» رواه مسلم.
أشكو ضعف قوتي
اللهم كن لي مؤيداً وناصراً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين، إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي، فارحمني بقدرتك علي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي كل ذنب، واحفظني من كل جنب، وفرج عني كل كرب.
اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري، وتصلح أمري وتطهر قلبي وتحصن فرجي، وتنور قلبي وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة. اللهم يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، يا من يسمع العبد إذا ناداه، أناديك يا الله، وأدعوك يا رباه، أن تكشف عني همي وتزيل غمي، يا كاشف الهم، ويا مزيل الغم، يا رحمن يا رحيم، يا عفو يا كريم، ارحمني وعافني، وشافني واعف عني، يا رب العالمين.
الله يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، أكرمني بإرادتك لي بالنجاح، والتوفيق، والعافية، والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة. إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفاً؟ ومن أولى بالعفو منك وعلمك بي سابق، وقضاؤك بي محيط؟ أطعتك بإذنك والمنتهى إليك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، اللهم لا برادة لي من ذنب فأعتذر، ولا قوة لي فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر، اللهم إنما هو محض حقك ومحض جنايتي، فإن عفوت وإلا فالحق لك.
اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم.
**********************************************************************************اللهم كن لي مؤيداً وناصراً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين، إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي، فارحمني بقدرتك علي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي كل ذنب، واحفظني من كل جنب، وفرج عني كل كرب.
اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري، وتصلح أمري وتطهر قلبي وتحصن فرجي، وتنور قلبي وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة. اللهم يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، يا من يسمع العبد إذا ناداه، أناديك يا الله، وأدعوك يا رباه، أن تكشف عني همي وتزيل غمي، يا كاشف الهم، ويا مزيل الغم، يا رحمن يا رحيم، يا عفو يا كريم، ارحمني وعافني، وشافني واعف عني، يا رب العالمين.
الله يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، أكرمني بإرادتك لي بالنجاح، والتوفيق، والعافية، والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة. إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفاً؟ ومن أولى بالعفو منك وعلمك بي سابق، وقضاؤك بي محيط؟ أطعتك بإذنك والمنتهى إليك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، اللهم لا برادة لي من ذنب فأعتذر، ولا قوة لي فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر، اللهم إنما هو محض حقك ومحض جنايتي، فإن عفوت وإلا فالحق لك.
اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم.
جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى زمن الخليفة العباسي، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. فقال الشيخ: وماذا أيضا؟ قال: سنة رسول الله. قال الشيخ: وماذا أيضا؟
قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوفّّه ما تولى ونصله جهنّم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت.
**********************************************************************************قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوفّّه ما تولى ونصله جهنّم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت.
مواقف خالدة
كانت عائلة عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد، فشرع اليهود يتنمرون، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين، فينبذ عبادة عهدهم وحلفهم قائلا «إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين» فيتنزل القرآن محييا موقفه وولائه
قال تعالى {ومن يَتَولّ اللّهَ ورَسُوله والذين آمنوا فإنّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الغَالِبُون} سورة المائدة ( آية: 56)
أجمل ما قال أبو الطيب المتنبي وهي أشعار مشهورة بالحكمة والفائدة لكل من قرأها:
1- ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
2- ومن أشهر أقوال المتنبي "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ"
3- وأما أشجع أقوال المتنبي "لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي"
4- ومن أكثر أقوال وأشعار المتنبي حكمة "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد"
5- أنا الغريق فما خوفي من البلل؟
6- ومن رومانسيات أقوال المتنبي "لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ ... حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه"
7- وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ ... وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
8- ومن أكثر أشعار المتنبي انتشارا قوله "وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل"
9- ومما تعلمناه عن المتنبي في الكتب والمكاتب قوله "أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ"
10- وليس أروع من قول المتنبي "ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
11- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
12- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى ... أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
13- إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
14- وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
15- بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها ... مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
16- فطعم الموت فى أمر حقير ... كطعم الموت فى أمر عظيم
17- تريدين لقيان المعالي رخيصة ... لابد دون الشهد من إبر النحل
18- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
19- على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
20- وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
21- لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
22- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَيَبْتَسِمُ
**********************************************************************************1- ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
2- ومن أشهر أقوال المتنبي "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ"
3- وأما أشجع أقوال المتنبي "لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي"
4- ومن أكثر أقوال وأشعار المتنبي حكمة "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد"
5- أنا الغريق فما خوفي من البلل؟
6- ومن رومانسيات أقوال المتنبي "لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ ... حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه"
7- وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ ... وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
8- ومن أكثر أشعار المتنبي انتشارا قوله "وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل"
9- ومما تعلمناه عن المتنبي في الكتب والمكاتب قوله "أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ"
10- وليس أروع من قول المتنبي "ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
11- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
12- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى ... أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
13- إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
14- وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
15- بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها ... مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
16- فطعم الموت فى أمر حقير ... كطعم الموت فى أمر عظيم
17- تريدين لقيان المعالي رخيصة ... لابد دون الشهد من إبر النحل
18- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
19- على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
20- وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
21- لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
22- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَيَبْتَسِمُ
الجــزء الـتـاسع عـشر
الإعراض عن القرآن عواقبه وخيمة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [21] من سورة الـفـرقـان، وحتى الآيـة [55] من سورة الـنـمـل، ومـمـا ورد فيـه:
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان 30]:
إن الإعراض عن القرآن فقـط وليس هجـره، لـه عواقب وخيمـة في الدنيـا قبل الآخرة، ففي الدنيـا: (ومـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه فأعـرض عـنهـا ونسـي مـا قدمـت يداه إنا جـعـلـنا عـلـى قلـوبهـم أكـنة أن يفقهـوه وفي آذانهـم وقـراً وإن تدعـهـم إلـى الـهـدى فلـن يهـتدوا إذاً أبداً) [الكهف 57]، أما في الآخرة: (وآتيناك مـن لـدنا ذكـراً مـن أعـرض عـنه فإنه يحـمـل يوم الـقيامـة وزراً خـالـدين فيه سـاء لـهـم يوم الـقيـامـة حـمـلاً) [طـه 99]، وزراً: حمـلاً ثقـيلاً جـداً، ويجب هجر هذه الفئة: (فاعـرض عـن مـن تولـى عـن ذكـرنا ولـم يرد إلا الـحـياة الـدنيـا ذلـك مـبلـغـهـم مـن الـعـلـم إن ربك هـو أعـلـم بمـن ضـل عـن سـبيلـه وهـو أعـلـم بمـن اهـتدى)[النجم 29 / 30]، (ولا تطـع مـن أغـفلـنا قـلـبه عـن ذكـرنا واتبع هـواه وكـان أمـره فـرطـاً)[الكهف 28]، (وهـذا ذكـر مـبارك أنزلـناه فأنتـم لـه مـنـكـرون)[الأنبياء 50]، وقد أسـرفوا في تصديهم للنص القـرآني: (أفنضـرب عـنـكـم الـذكـر صـفحـاً أن كـنتم قومـاً مـسـرفين)[الزخرف 5]، وبالغوا في حربهم لأصحاب القرآن الكريم: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)[الحج 72]، يسـطـون: يبطشـون، (تلـك آيات اللـه نتلـوهـا عـلـيك بالـحـق فبأي حـديثٍ بعـد اللـه وآياته يؤمـنون)[الجاثية 6].
(أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]:
الأوزار: هي الأثقال بشكل عام: (حـمـلـنا أوزاراً مـن زينة الـقوم)[طه 87]، (حـتى تضع الـحـرب أوزارهـا)[محمد 4]، ومنه الوزيـر الذي يساعد الحاكم في حمل عبء مسؤولية السلطة: (واجـعـل لـي وزيـراً مـن أهـلـي هـارون أخـي)[طه 25]، (وجـعـلـنـا مـعـه أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]، (ووضـعـنـا عـنـك وزرك الـذي أنقض ظـهـرك)[الشرح 2]، والـوزر: هو الملجـأ: (يقول الإنسـان يومـئـذ أين الـمـفـر كـلا لا وزر)[القيامة 10].
(وأصـحـاب الـرس)[الفرقان 38]:
(كـذبت قـبلـهـم قـوم نوح وأصـحـاب الـرس وثـمـود وعـاد وفـرعـون وإخـوان لـوط وأصـحـاب الأيـكـة وقوم تبع كـل كـذب الـرسـل)[ق 12]، أصـحـاب الـرس: أصحاب البئر الذي يجمع فيه الماء، ولم يوضح القرآن المزيد عنهم.
(الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40]:
هم قوم لوط الذين سـكنوا في قريـة [سـدوم] التي تقع حالياً تحت جنوب البحـر الميت بفلسـطين، وقد ابتكروا للمرة الأولى اللواطـة [نسبة لقـوم لـوط] وهي معاشـرة الذكور جنسياً دون الإناث: (ولـوطـاً إذ قال لـقـومـه أتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها مـن أحـد مــن الـعـالـمـين أئـنكـم لـتأتون الـرجـال شـهـوة مـن دون الـنسـاء بل أنتـم قـوم مـسـرفون)[الأعراف 81]، (ولـوطـا إذ قـال لـقـومـه إنكـم لـتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها أحـد مــن الـعـالـمـين إنكـم لـتأتون الـرجـال)[العنكبوت 28]، (أتأتون الـذكـران مـن الـعـالـمـين)[الشعراء 165]، ومارسوا اللواطة علناً في ناديهم: (وتأتون في ناديكـم الـمـنكـر)[العنكبوت 29]، لذلك أهلكهم الله بعقاب متميز في شدته وقسوته إذ قلب قريتهم رأساً على عقب: (والـمـؤتفـكـة أهـوى)[النجم 53]، الـمـؤتفـكـة: المنقلبة، وهي قرية سدوم، ثم أحرق الجثث بحجارة حارقة من السماء، وبعد ذلك غطى المنطقة بمياه شديدة الملوحة [البحر الميت]، وربما كان ذلك بسبب إصابتهم بأمراض معدية حتى بعد الوفاة، ولم تنفع شفاعة إبراهيم عليه السلام لهم، فقد عاشوا على زمن إبراهيم حوالي 1700 قبل الميلاد: (فـلـمـا ذهـب عـن إبراهـيم الـروع وجـاءته الـبشـرى يجـادلـنا في قـوم لـوط يا إبراهـيم أعـرض عـن هـذا إنـه قـد جـاء أمـر ربك وإنهـم آتيهـم عـذاب غـير مـردود ولـمـا جـاءت رسـلـنا لـوطـا سـيء بهـم وضـاق بهـم ذرعـاً وقال هـذا يوم عـصـيب وجـاءه قومـه يهـرعـون إلـيه ومـن قبل كـانوا يعـمـلـون الـسـيئـات قال يا قوم هـؤلاء بناتي هـن أطـهـر لـكـم فاتقوا اللـه ولا تخـزوني في ضـيفي ألـيس مـنـكـم رجـل رشـيد قالـوا لـقد عـلـمـت مـا لـنا في بناتك مـن حـق وإنـك لـتعـلـم مـا نريد قالـوا يا لـوط إنا رسـل ربك لـن يصـلـوا إلـيك فأسـر بأهـلـك بقـطـع مـن اللـيل ولا يلـتفـت مـنكـم أحـد إلا امـرأتك إنه مـصـيـبهـا مـا أصـابهـم إن مـوعـدهـم الـصـبح ألـيس الـصـبح بقـريب فـلـمـا جـاء أمـرنا جـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـا حـجـارة مـن سـجـيل مـنضـود)[هود 74]، (قالـوا إنا أرسـلـنا إلـى قـوم مـجـرمـين لـنرسـل عـلـيهـم حـجـارة مـن طـين)[الذاريات 32 / 33]، (ولـمـا جـاءت رسـلـنا إبراهـيم بالـبشـرى قـالـوا إنـا مـهـلـكـو أهـل هـذه الـقـرية قال إن فيهـا لـوطـاً قالـوا نحـن أعـلـم بـمـن فيهـا لـننجـينـه وأهـلـه إلا امـرأته)[العنكبوت 31]، (فجـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـم حـجـارة مـن سـجـيل)[الحجر 76]، (وأمـطـرنا عـلـيهـم مـطـراً فسـاء مـطـر الـمـنذرين)[الشعراء 173][النمل 58]، (الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40].
(إلى ربـك كـيف مـد الـظـل)[الفرقان 45]:
عند الصـباح يتداخـل النهار مع الليل، ولا يزيحـه ليحل محله بشكل كامل، أما عند المساء فإن النهار ينسـلخ من الليل ليبقى الليل فقط بشكل كامل 100%، (وآيـة لـهـم اللـيل نسـلـخ مـنـه الـنهـار فـإذا هـم مـظـلـمـون)[يس 37]، وفي هذه الحالة يبدو الليل وكأنه يتبـع النهـار: (يغـشـي اللـيل الـنهـار يطـلـبه حـثيـثاً)[الأعراف 54]، لذلك: (ولا اللـيل ســابق الـنهـار)[يس 40]، فاللـيل يتبـع النهـار، ولا يسـبقه.
إذاً يوجد ليـل بشـكل كـامل ولا يوجد نهار بشكل كامل، فالنهـار يوجد فيه ليـل نسـبي: (واللـيل إذا يســر)[الفجر 4]، وهذا ما يسبب حدوث الـظل، فالظـل هـو ليـل نسـبي، أي: بالمفهوم الفيزيـائي، والذي كشـفه القرآن الكريم: ضـوء النهـار [بكل أطيافـه اللونيـة]، ما عـدا الأمواج الحمراء وما تحت الحمراء، وهي الأمواج المسؤولة عن حمل الحرارة، فقد قال تعالى: (ومـا يسـتوي الأعـمـى والـبـصـير ولا الـظـلـمـات والـنور ولا الـظـل ولا الـحـرور)[فاطر 19 / 21]، فنلاحظ بوضوح كيف قـارن الظل مع الحـرور، أي أن الظل ضده الحـرور، [فالظـل إذاً: هو ألوان طيف الشمس مـا عدا الأشـعة الحمراء والأشعة ما تحت الحمراء]: (أولـم يروا إلـى مـا خـلـق اللـه مـن شـيء يتفـيـئـوا ظـلالـه عـن الـيمـين والـشـمـائل)[النحل 48]، (واللـه جـعـل لـكـم مـمـا خـلـق ظـلالاً)[النحل 81]، فالظلال عمل إلهي مباشـر: (ألـم تـر إلـى ربـك كـيف مـد الـظـل ولـو شـاء لـجـعـلـه سـاكـناً ثـم جـعـلـنا الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً ثم قـبضـناه إلـينا قبضـاً يـسـيراً)[الفرقان 45 / 46]، سـاكـناً: مهما تحـرك المصدر الضوئي، الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً: فالشمس كاشـفة للظل وليست صانعة.
الحرب في الإسلام لدفع العدوان فقط
اللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة
(وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]:
إن الجهاد الكبير في الإسلام هو: [جهـاد فكري]، قال تعالى عن القرآن الكريم: (وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]، أي جاهدهم بالقرآن وبالفكر والحوار جهاداً كبيراً، أما الحرب في الإسلام فهي حالة [استثنائية] لـدفع العدوان فقط، لذلك قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[البقرة 190]، نلاحظ أن الآية الكريمة بدأت بكلمة (قاتلوا) وليس [اقتلوا]، أي (قاتلوا) الذين يقاتلونكم فقط، ولا تعتدوا على أحد أبداً، لأن الله (لا يحب المعتدين) أياً كانوا، وقد أوضح سبحانه ذلك فقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله)[البقرة 194]، أما باقي الناس فيجب معاملتهم بكل احترام ومحبة لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)[الممتحنة 8]، وبذلك يوضح الإسلام أن أصل العلاقات مع الآخرين هي [السلم العادل] سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الشعوب والدول، وقد حذر القرآن الكريم عدم التقيد بالأوامر التي مرت في الآيات السابقة، فقال تعالى: (فإن زللتم من بعـد ما جاءكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)[البقرة 209]، أي إذا زللتم عن هذه التعليمات بعدما أوضحناها لكم، فإن الله (عزيز) عنكم وليس بحاجة لكم، لأن هذه الأوامر فيها الحكمة والمنطق ويجب أن تطبق.
أما مـا يقال إنها [آية السيف] والتي هي قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يـد وهم صـاغرون)[التوبة 29]، فنلاحظ أنها أيضاً بدأت بكلمة: (قاتلوا) أي قاتلوهم فقط إذا قاتلوكم وكانوا هم البادئين، وفي هذا المجال نجد الحديث الشريف: [أمـرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـه إلا الله ........]، فهذا الحديث وردت فيه كلمة [أقاتل] وليس [أقتل]، أي أقاتلهم إذا قاتلوني، وأرغمهم على الجزية، ولذلك فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لم يشـن أي حملة عسكرية على القبائل الكافرة المجاورة له، لأن الله قد أمره صراحة أن لا يكره أحداً على الإيمان: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[يونس 99]، أي تكفي المشيئة الإلهية كي يؤمن كل الناس ولا داعي للمعارك من أجل ذلك، فالإرادة الإلهية تقضي أن يبقى الناس مختلفين في معتقداتهم، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)[هود 118]، إن الدين الإسلامي هو دين: [السلام عليكم]، وبهذا أمر الله المؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)[البقرة 208].
(مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج)[الفرقان 53]:
البحـران: النهـر والبحـر: (مـرج الـبحـرين يلـتـقـيان بينهـمـا برزخ)[الرحمن 19]، (ومـا يسـتوي الـبحـران هـذا عـذب فرات ... وهـذا مـلـح أجـاج)[فاطر 12]، (وجـعـل بين الـبحـرين حـاجـزاً)[النمل61]، (وهـو الـذي مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج وجـعـل بينهـمـا برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً)[الفرقان 53]، عـذب فرات: مـاء النهـر، مـلـح أجـاج: مـاء البحـر المالح جـداً، برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً: حاجز يمنع الاختلاط وتغيير المواصفات.
(للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 74]:
لكي يصبح الإنسان إمامـاً للمتقـين: (وعـباد الـرحـمـن الـذين يمـشـون عـلـى الأرض هـوناً وإذا خـاطـبهـم الـجـاهـلـون قـالـوا سـلامـاً والـذين يبيتون لـربهـم سـجـداً وقـيامـاً والـذين يقـولـون ربـنا اصـرف عـنـا عـذاب جـهـنـم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والـذين إذا أنفـقـوا لـم يسـرفوا ولـم يقـتروا وكان بين ذلك قواماً والـذين لا يدعـون مـع اللـه إلهـاً آخـر ولا يقـتـلـون الـنفـس الـتي حـرم اللـه إلا بالـحـق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً، ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا والـذين لا يشـهـدون الـزور وإذا مـروا باللـغـو مـروا كـرامـاً والـذين إذا ذكـروا بآيات ربهـم لـم يخـروا عـلـيهـا صـمـاً وعـمـياناً والـذين يقولـون ربنا هـب لـنا مـن أزواجـنا وذرياتنا قـرة أعـينٍ واجـعـلـنا للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 63 / 74]، هذه شروط [إمـام المتقـين]، باللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة، لـم يخـروا: بالسجود في الصلاة، أي يفهمون معنى الآيات التي يقولونها في صلاتهم.
والتقـوى هي درجة عليـا في الطاعـة والتقرب إلى اللـه، لذلك أمـر رسـوله الكريم بها: (يا أيهـا الـنبي اتق اللـه)[الأحزاب 1]، فنفذ صلى الله عليه وسلم الأمر، فأصبح الأتقى [صيغة المبالغة من التقي]: (الأتقى الـذي يؤتـى مالـه يتزكـى وما لأحـد عـنده مـن نعـمـة تجـزى إلا ابتغـاء وجـه ربه الأعـلـى ولـسـوف يرضـى)[الليل 17 / 21]، فحصل بحق على هـذه الميزة: (ولـسـوف يعـطـيـك ربك فترضـى)[الضحى 4]، وحصل بحق على الوسـيلة [المقام المحمود].
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الإعراض عن القرآن عواقبه وخيمة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [21] من سورة الـفـرقـان، وحتى الآيـة [55] من سورة الـنـمـل، ومـمـا ورد فيـه:
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان 30]:
إن الإعراض عن القرآن فقـط وليس هجـره، لـه عواقب وخيمـة في الدنيـا قبل الآخرة، ففي الدنيـا: (ومـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه فأعـرض عـنهـا ونسـي مـا قدمـت يداه إنا جـعـلـنا عـلـى قلـوبهـم أكـنة أن يفقهـوه وفي آذانهـم وقـراً وإن تدعـهـم إلـى الـهـدى فلـن يهـتدوا إذاً أبداً) [الكهف 57]، أما في الآخرة: (وآتيناك مـن لـدنا ذكـراً مـن أعـرض عـنه فإنه يحـمـل يوم الـقيامـة وزراً خـالـدين فيه سـاء لـهـم يوم الـقيـامـة حـمـلاً) [طـه 99]، وزراً: حمـلاً ثقـيلاً جـداً، ويجب هجر هذه الفئة: (فاعـرض عـن مـن تولـى عـن ذكـرنا ولـم يرد إلا الـحـياة الـدنيـا ذلـك مـبلـغـهـم مـن الـعـلـم إن ربك هـو أعـلـم بمـن ضـل عـن سـبيلـه وهـو أعـلـم بمـن اهـتدى)[النجم 29 / 30]، (ولا تطـع مـن أغـفلـنا قـلـبه عـن ذكـرنا واتبع هـواه وكـان أمـره فـرطـاً)[الكهف 28]، (وهـذا ذكـر مـبارك أنزلـناه فأنتـم لـه مـنـكـرون)[الأنبياء 50]، وقد أسـرفوا في تصديهم للنص القـرآني: (أفنضـرب عـنـكـم الـذكـر صـفحـاً أن كـنتم قومـاً مـسـرفين)[الزخرف 5]، وبالغوا في حربهم لأصحاب القرآن الكريم: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)[الحج 72]، يسـطـون: يبطشـون، (تلـك آيات اللـه نتلـوهـا عـلـيك بالـحـق فبأي حـديثٍ بعـد اللـه وآياته يؤمـنون)[الجاثية 6].
(أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]:
الأوزار: هي الأثقال بشكل عام: (حـمـلـنا أوزاراً مـن زينة الـقوم)[طه 87]، (حـتى تضع الـحـرب أوزارهـا)[محمد 4]، ومنه الوزيـر الذي يساعد الحاكم في حمل عبء مسؤولية السلطة: (واجـعـل لـي وزيـراً مـن أهـلـي هـارون أخـي)[طه 25]، (وجـعـلـنـا مـعـه أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]، (ووضـعـنـا عـنـك وزرك الـذي أنقض ظـهـرك)[الشرح 2]، والـوزر: هو الملجـأ: (يقول الإنسـان يومـئـذ أين الـمـفـر كـلا لا وزر)[القيامة 10].
(وأصـحـاب الـرس)[الفرقان 38]:
(كـذبت قـبلـهـم قـوم نوح وأصـحـاب الـرس وثـمـود وعـاد وفـرعـون وإخـوان لـوط وأصـحـاب الأيـكـة وقوم تبع كـل كـذب الـرسـل)[ق 12]، أصـحـاب الـرس: أصحاب البئر الذي يجمع فيه الماء، ولم يوضح القرآن المزيد عنهم.
(الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40]:
هم قوم لوط الذين سـكنوا في قريـة [سـدوم] التي تقع حالياً تحت جنوب البحـر الميت بفلسـطين، وقد ابتكروا للمرة الأولى اللواطـة [نسبة لقـوم لـوط] وهي معاشـرة الذكور جنسياً دون الإناث: (ولـوطـاً إذ قال لـقـومـه أتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها مـن أحـد مــن الـعـالـمـين أئـنكـم لـتأتون الـرجـال شـهـوة مـن دون الـنسـاء بل أنتـم قـوم مـسـرفون)[الأعراف 81]، (ولـوطـا إذ قـال لـقـومـه إنكـم لـتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها أحـد مــن الـعـالـمـين إنكـم لـتأتون الـرجـال)[العنكبوت 28]، (أتأتون الـذكـران مـن الـعـالـمـين)[الشعراء 165]، ومارسوا اللواطة علناً في ناديهم: (وتأتون في ناديكـم الـمـنكـر)[العنكبوت 29]، لذلك أهلكهم الله بعقاب متميز في شدته وقسوته إذ قلب قريتهم رأساً على عقب: (والـمـؤتفـكـة أهـوى)[النجم 53]، الـمـؤتفـكـة: المنقلبة، وهي قرية سدوم، ثم أحرق الجثث بحجارة حارقة من السماء، وبعد ذلك غطى المنطقة بمياه شديدة الملوحة [البحر الميت]، وربما كان ذلك بسبب إصابتهم بأمراض معدية حتى بعد الوفاة، ولم تنفع شفاعة إبراهيم عليه السلام لهم، فقد عاشوا على زمن إبراهيم حوالي 1700 قبل الميلاد: (فـلـمـا ذهـب عـن إبراهـيم الـروع وجـاءته الـبشـرى يجـادلـنا في قـوم لـوط يا إبراهـيم أعـرض عـن هـذا إنـه قـد جـاء أمـر ربك وإنهـم آتيهـم عـذاب غـير مـردود ولـمـا جـاءت رسـلـنا لـوطـا سـيء بهـم وضـاق بهـم ذرعـاً وقال هـذا يوم عـصـيب وجـاءه قومـه يهـرعـون إلـيه ومـن قبل كـانوا يعـمـلـون الـسـيئـات قال يا قوم هـؤلاء بناتي هـن أطـهـر لـكـم فاتقوا اللـه ولا تخـزوني في ضـيفي ألـيس مـنـكـم رجـل رشـيد قالـوا لـقد عـلـمـت مـا لـنا في بناتك مـن حـق وإنـك لـتعـلـم مـا نريد قالـوا يا لـوط إنا رسـل ربك لـن يصـلـوا إلـيك فأسـر بأهـلـك بقـطـع مـن اللـيل ولا يلـتفـت مـنكـم أحـد إلا امـرأتك إنه مـصـيـبهـا مـا أصـابهـم إن مـوعـدهـم الـصـبح ألـيس الـصـبح بقـريب فـلـمـا جـاء أمـرنا جـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـا حـجـارة مـن سـجـيل مـنضـود)[هود 74]، (قالـوا إنا أرسـلـنا إلـى قـوم مـجـرمـين لـنرسـل عـلـيهـم حـجـارة مـن طـين)[الذاريات 32 / 33]، (ولـمـا جـاءت رسـلـنا إبراهـيم بالـبشـرى قـالـوا إنـا مـهـلـكـو أهـل هـذه الـقـرية قال إن فيهـا لـوطـاً قالـوا نحـن أعـلـم بـمـن فيهـا لـننجـينـه وأهـلـه إلا امـرأته)[العنكبوت 31]، (فجـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـم حـجـارة مـن سـجـيل)[الحجر 76]، (وأمـطـرنا عـلـيهـم مـطـراً فسـاء مـطـر الـمـنذرين)[الشعراء 173][النمل 58]، (الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40].
(إلى ربـك كـيف مـد الـظـل)[الفرقان 45]:
عند الصـباح يتداخـل النهار مع الليل، ولا يزيحـه ليحل محله بشكل كامل، أما عند المساء فإن النهار ينسـلخ من الليل ليبقى الليل فقط بشكل كامل 100%، (وآيـة لـهـم اللـيل نسـلـخ مـنـه الـنهـار فـإذا هـم مـظـلـمـون)[يس 37]، وفي هذه الحالة يبدو الليل وكأنه يتبـع النهـار: (يغـشـي اللـيل الـنهـار يطـلـبه حـثيـثاً)[الأعراف 54]، لذلك: (ولا اللـيل ســابق الـنهـار)[يس 40]، فاللـيل يتبـع النهـار، ولا يسـبقه.
إذاً يوجد ليـل بشـكل كـامل ولا يوجد نهار بشكل كامل، فالنهـار يوجد فيه ليـل نسـبي: (واللـيل إذا يســر)[الفجر 4]، وهذا ما يسبب حدوث الـظل، فالظـل هـو ليـل نسـبي، أي: بالمفهوم الفيزيـائي، والذي كشـفه القرآن الكريم: ضـوء النهـار [بكل أطيافـه اللونيـة]، ما عـدا الأمواج الحمراء وما تحت الحمراء، وهي الأمواج المسؤولة عن حمل الحرارة، فقد قال تعالى: (ومـا يسـتوي الأعـمـى والـبـصـير ولا الـظـلـمـات والـنور ولا الـظـل ولا الـحـرور)[فاطر 19 / 21]، فنلاحظ بوضوح كيف قـارن الظل مع الحـرور، أي أن الظل ضده الحـرور، [فالظـل إذاً: هو ألوان طيف الشمس مـا عدا الأشـعة الحمراء والأشعة ما تحت الحمراء]: (أولـم يروا إلـى مـا خـلـق اللـه مـن شـيء يتفـيـئـوا ظـلالـه عـن الـيمـين والـشـمـائل)[النحل 48]، (واللـه جـعـل لـكـم مـمـا خـلـق ظـلالاً)[النحل 81]، فالظلال عمل إلهي مباشـر: (ألـم تـر إلـى ربـك كـيف مـد الـظـل ولـو شـاء لـجـعـلـه سـاكـناً ثـم جـعـلـنا الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً ثم قـبضـناه إلـينا قبضـاً يـسـيراً)[الفرقان 45 / 46]، سـاكـناً: مهما تحـرك المصدر الضوئي، الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً: فالشمس كاشـفة للظل وليست صانعة.
الحرب في الإسلام لدفع العدوان فقط
اللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة
(وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]:
إن الجهاد الكبير في الإسلام هو: [جهـاد فكري]، قال تعالى عن القرآن الكريم: (وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]، أي جاهدهم بالقرآن وبالفكر والحوار جهاداً كبيراً، أما الحرب في الإسلام فهي حالة [استثنائية] لـدفع العدوان فقط، لذلك قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[البقرة 190]، نلاحظ أن الآية الكريمة بدأت بكلمة (قاتلوا) وليس [اقتلوا]، أي (قاتلوا) الذين يقاتلونكم فقط، ولا تعتدوا على أحد أبداً، لأن الله (لا يحب المعتدين) أياً كانوا، وقد أوضح سبحانه ذلك فقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله)[البقرة 194]، أما باقي الناس فيجب معاملتهم بكل احترام ومحبة لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)[الممتحنة 8]، وبذلك يوضح الإسلام أن أصل العلاقات مع الآخرين هي [السلم العادل] سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الشعوب والدول، وقد حذر القرآن الكريم عدم التقيد بالأوامر التي مرت في الآيات السابقة، فقال تعالى: (فإن زللتم من بعـد ما جاءكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)[البقرة 209]، أي إذا زللتم عن هذه التعليمات بعدما أوضحناها لكم، فإن الله (عزيز) عنكم وليس بحاجة لكم، لأن هذه الأوامر فيها الحكمة والمنطق ويجب أن تطبق.
أما مـا يقال إنها [آية السيف] والتي هي قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يـد وهم صـاغرون)[التوبة 29]، فنلاحظ أنها أيضاً بدأت بكلمة: (قاتلوا) أي قاتلوهم فقط إذا قاتلوكم وكانوا هم البادئين، وفي هذا المجال نجد الحديث الشريف: [أمـرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـه إلا الله ........]، فهذا الحديث وردت فيه كلمة [أقاتل] وليس [أقتل]، أي أقاتلهم إذا قاتلوني، وأرغمهم على الجزية، ولذلك فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لم يشـن أي حملة عسكرية على القبائل الكافرة المجاورة له، لأن الله قد أمره صراحة أن لا يكره أحداً على الإيمان: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[يونس 99]، أي تكفي المشيئة الإلهية كي يؤمن كل الناس ولا داعي للمعارك من أجل ذلك، فالإرادة الإلهية تقضي أن يبقى الناس مختلفين في معتقداتهم، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)[هود 118]، إن الدين الإسلامي هو دين: [السلام عليكم]، وبهذا أمر الله المؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)[البقرة 208].
(مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج)[الفرقان 53]:
البحـران: النهـر والبحـر: (مـرج الـبحـرين يلـتـقـيان بينهـمـا برزخ)[الرحمن 19]، (ومـا يسـتوي الـبحـران هـذا عـذب فرات ... وهـذا مـلـح أجـاج)[فاطر 12]، (وجـعـل بين الـبحـرين حـاجـزاً)[النمل61]، (وهـو الـذي مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج وجـعـل بينهـمـا برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً)[الفرقان 53]، عـذب فرات: مـاء النهـر، مـلـح أجـاج: مـاء البحـر المالح جـداً، برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً: حاجز يمنع الاختلاط وتغيير المواصفات.
(للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 74]:
لكي يصبح الإنسان إمامـاً للمتقـين: (وعـباد الـرحـمـن الـذين يمـشـون عـلـى الأرض هـوناً وإذا خـاطـبهـم الـجـاهـلـون قـالـوا سـلامـاً والـذين يبيتون لـربهـم سـجـداً وقـيامـاً والـذين يقـولـون ربـنا اصـرف عـنـا عـذاب جـهـنـم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والـذين إذا أنفـقـوا لـم يسـرفوا ولـم يقـتروا وكان بين ذلك قواماً والـذين لا يدعـون مـع اللـه إلهـاً آخـر ولا يقـتـلـون الـنفـس الـتي حـرم اللـه إلا بالـحـق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً، ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا والـذين لا يشـهـدون الـزور وإذا مـروا باللـغـو مـروا كـرامـاً والـذين إذا ذكـروا بآيات ربهـم لـم يخـروا عـلـيهـا صـمـاً وعـمـياناً والـذين يقولـون ربنا هـب لـنا مـن أزواجـنا وذرياتنا قـرة أعـينٍ واجـعـلـنا للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 63 / 74]، هذه شروط [إمـام المتقـين]، باللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة، لـم يخـروا: بالسجود في الصلاة، أي يفهمون معنى الآيات التي يقولونها في صلاتهم.
والتقـوى هي درجة عليـا في الطاعـة والتقرب إلى اللـه، لذلك أمـر رسـوله الكريم بها: (يا أيهـا الـنبي اتق اللـه)[الأحزاب 1]، فنفذ صلى الله عليه وسلم الأمر، فأصبح الأتقى [صيغة المبالغة من التقي]: (الأتقى الـذي يؤتـى مالـه يتزكـى وما لأحـد عـنده مـن نعـمـة تجـزى إلا ابتغـاء وجـه ربه الأعـلـى ولـسـوف يرضـى)[الليل 17 / 21]، فحصل بحق على هـذه الميزة: (ولـسـوف يعـطـيـك ربك فترضـى)[الضحى 4]، وحصل بحق على الوسـيلة [المقام المحمود].
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
22رمضان 1436هـ -09 يوليو 2015م
الأَبُّ.. طعام البهائم من الكلأ والمرعى
ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
******************************************************************ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
قلب خاشع
اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
******************************************************************اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
صفحات من تاريخ القبائل (21):الهجرة الليبية الى تونس
وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
******************************************************************وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
الصالحون في رمضان:عامر بن عبد قيس
كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
******************************************************************كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
لجزء الحادي والـعـشرون
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
23 رمضان 1436هـ - 10 يوليو 2015م ا
الحَب.. معجزة الله في أصغر المخلوقات
للبذور النباتية اسمان متمايزان أولهما (الحب) وثانيهما (النوى)، ويعبر بلفظة (الحب) أو (الحبوب) عن البذور المستخدمة كمحاصيل غذائية أساسية للإنسان، مثل حبوب القمح (الحنطة) والشعير، والذرة، والشوفان، وكلها من بذور النباتات الوعائية، المزهرة، ذات البذور المكونة من فلقة واحدة، أما البذور ذات الفلقتين فيطلق عليها اسم (البذور)، مثل بذور العائلة القرنية التي منها الفول، والحمص، البازلاء، الفاصوليا، اللوبيا، العدس، الترمس، فول الصويا، الفول السوداني، الحلبة، البامية، كما قد تطلق على البذور التي لا يأكلها الإنسان مثل بذور البرسيم، والقطن وغيرها.
رقيقة هشة
أما البذور التي لها قدر من الصلابة فيطلق عليها اسم النوى (ومفردها نواة)، كما قد تجمع على أنواء، وذلك مثل نواة كل من البلح، والمشمش، والبرقوق، والخوخ، والزيتون وغيرها، واللفظة تذكر وتؤنث، وقد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة.
وأيا كانت طبيعة غلاف أو اغلفة البذرة رقيقة هشة، أو سميكة خشبية أو قرنية صلبة فإن الله تعالى قد اعطى للجنين الكامن بداخلها القدرة على شقها وفلقها، بمجرد توافر الشروط اللازمة لإنباته، وذلك من أجل تيسير خروج النبتة الجنينية النامية من داخل البذرة في عملية معجزة تعرف باسم عملية إنبات البذور التي تتكاثر بها معظم النباتات الراقية.
هذه العمليات المعقدة في فلق الحب والنوى لا يقوى عليهما أحد من الخلق، ولا يمكن لهما أن تتما بغير توجيه، وهداية ربانية ومن هنا نسب الحق (تبارك وتعالى) هاتين العمليتين لذاته العلية تشريفا لهما، وتعظيما لشأنهما لأنه بدونهما ما كانت هناك إمكانية للحياة على الأرض، ولذلك قال عز من قائل: (إن الله فالق الحب والنوى)، وتدل هذه الآية على توحيد الربوبية.
توحيد الخلق
فأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو «إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به»، وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة
الأول، توحيد الربوبية، والثاني توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة، فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة، وسنتحدث عن توحيد الربوبية، حيث أنه يتعلق بهذا الموضوع، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير.
فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى: «هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو»، فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالق لأفعال العباد، كما قال الله تعالى: «والله خلقكم وما تعملون».
ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب،
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:
«يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل.
إثبات الخلق
هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق، وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.
فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير»، فالملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله تعالى: «أو ما ملكتم مفاتحه»، وقوله: «إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم»، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنَّ لغير الله تعالى ملكاً.
لكن هذا الملك ليس كملك الله عز وجل فهو مُلك قاصر، ومُلك مقيد، مُلك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله تبارك وتعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً»، وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
**************************************************************************للبذور النباتية اسمان متمايزان أولهما (الحب) وثانيهما (النوى)، ويعبر بلفظة (الحب) أو (الحبوب) عن البذور المستخدمة كمحاصيل غذائية أساسية للإنسان، مثل حبوب القمح (الحنطة) والشعير، والذرة، والشوفان، وكلها من بذور النباتات الوعائية، المزهرة، ذات البذور المكونة من فلقة واحدة، أما البذور ذات الفلقتين فيطلق عليها اسم (البذور)، مثل بذور العائلة القرنية التي منها الفول، والحمص، البازلاء، الفاصوليا، اللوبيا، العدس، الترمس، فول الصويا، الفول السوداني، الحلبة، البامية، كما قد تطلق على البذور التي لا يأكلها الإنسان مثل بذور البرسيم، والقطن وغيرها.
رقيقة هشة
أما البذور التي لها قدر من الصلابة فيطلق عليها اسم النوى (ومفردها نواة)، كما قد تجمع على أنواء، وذلك مثل نواة كل من البلح، والمشمش، والبرقوق، والخوخ، والزيتون وغيرها، واللفظة تذكر وتؤنث، وقد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة.
وأيا كانت طبيعة غلاف أو اغلفة البذرة رقيقة هشة، أو سميكة خشبية أو قرنية صلبة فإن الله تعالى قد اعطى للجنين الكامن بداخلها القدرة على شقها وفلقها، بمجرد توافر الشروط اللازمة لإنباته، وذلك من أجل تيسير خروج النبتة الجنينية النامية من داخل البذرة في عملية معجزة تعرف باسم عملية إنبات البذور التي تتكاثر بها معظم النباتات الراقية.
هذه العمليات المعقدة في فلق الحب والنوى لا يقوى عليهما أحد من الخلق، ولا يمكن لهما أن تتما بغير توجيه، وهداية ربانية ومن هنا نسب الحق (تبارك وتعالى) هاتين العمليتين لذاته العلية تشريفا لهما، وتعظيما لشأنهما لأنه بدونهما ما كانت هناك إمكانية للحياة على الأرض، ولذلك قال عز من قائل: (إن الله فالق الحب والنوى)، وتدل هذه الآية على توحيد الربوبية.
توحيد الخلق
فأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو «إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به»، وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة
الأول، توحيد الربوبية، والثاني توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة، فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة، وسنتحدث عن توحيد الربوبية، حيث أنه يتعلق بهذا الموضوع، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير.
فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى: «هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو»، فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالق لأفعال العباد، كما قال الله تعالى: «والله خلقكم وما تعملون».
ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب،
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:
«يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل.
إثبات الخلق
هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق، وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.
فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير»، فالملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله تعالى: «أو ما ملكتم مفاتحه»، وقوله: «إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم»، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنَّ لغير الله تعالى ملكاً.
لكن هذا الملك ليس كملك الله عز وجل فهو مُلك قاصر، ومُلك مقيد، مُلك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله تبارك وتعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً»، وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
زدنا تذوقاً لطاعتك
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء، ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء ومن جار السوء في دار المقامة.اللهم يا ذا العرش الكريم، والسلطان العظيم، يا خير من خلوت به وحدي، ويا خير من مددت إليه يدي، أسألك اللهم أن تلهمني الخير وتعطيني إياه، وأن تصرف عني الشر وتكفيني إياه. اللهم زدنا تذوقاً لطاعتك، ورغبة في محبتك، وتلذذاً بعبوديتك، وإخلاصاً في عبادتك، وشكراً لنعمتك، وثقة بعزتك وعظمتك، وفوزاً برعايتك ونصرتك، وأمدنا بفضل جودك ومنتك، وأذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك.
إلهي إلى من أقصد وأنت المقصود وإلى من أتوجه وأنت الحي الموجود ومن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الكرم والجود، ومن ذا الذي يسأل وأنت الرب المعبود، يا من لا ملجأ إلا إليه، يا من يجير ولا يجار عليه.
اللهم إني أسألك أن تهب لي إيماناً أقدم به عليك، وأن تهب لي يقيناً لا توهنه شبهة ولا شك، حتى لا ألهو عن شكرك، ولا أنعم إلا بذكرك. اللهم لا تجعل حسناتي حسرات، ولا تفضحني بسيئاتي يوم ألقاك، واجعل قلبي يذكرك ولا ينساك. اللهم يا حابس يد إبراهيم (عليه السلام) عن ذبح ابنه، ورافع شأن يوسف (عليه السلام) على إخوته وأهله، ويا راحم عبرة داود (عليه السلام) وكاشف ضر أيوب (عليه السلام)، وكاشف غم المغمومين، ومجيب دعوة المضطرين، أسألك يا إلهي أن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً. اللهم إن ذنوبي لم تبق لي إلا رجاء عفوك ورحمتك، فأنا أسألك بما لا أستحقه، وأدعوك بما لا أستوجبه، وأتضرع إليك بما لا أستأهله، فلن يخفى عليك حالي وإن خفي على الناس كلهم معرفة أمري.
اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي. أسألك العفو والعافية والستر والموت على الإيمان وحسن الختام يا كريم يا الله.
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان:قال: ياأيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من الف شهر ، شهر جعل الله صيامه فريضة و قيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصله من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه و من أدى فريضه فيه كان كمن أدى سبعين فريضه فيما سواه ، وهو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة و شهر المواساة و شهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه و عتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أ، ينقص من أجره شئ، قالوا: يا رسول الله : ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمه و أوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له ، وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم و خصلتين لا غناءبكم عنهما: فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، و تستغفرونه، و أما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة و تعوذون به من النار ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه ابن خزيمه في صحيحه عن طريق البيهقي و رواه ابو الشيخ ابن حبان.ث نبوية
************************************************************************الجزء الثاني والعشرون
بشر المؤمن
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 31 ] من سورة الأحــزاب، وحتى الآيـة [ 27 ] من سورة يـس، ومـمّـا ورَد فيـه:
[ الآيـــة 35 ]
الله سبحانه دومـاً يقول في القرآن الكريم: (يا أيهـا الذين آمنوا) قاصداً بذلك الرجال والنساء معاً، ولا يوجدُ في القرآن كلّه آيةً تقول : [ يا أيهـا الذين آمنوا ويا أيتهـا اللواتي آمـنـتُـنّ ] ، مـا عدا [ الآية 35 ] فقد فصلت [ المذكّر عن المؤنّث ] ، والسـبب هو : أنّ الله في هذه الآية [ يُصنّف ] ولا [ يُعدّد ] ، درجات الإيمان من المرتبة الأدنى إلى المرتبة الأعلى ، وقد قسّمت هذه الآية الكريمة المراتب إلى عشَر مراتب، هي:
(إنّ المسلمينَ والمسلمات، والمؤمنينَ والمؤمنات، والقانتينَ والقانتات، والصادقينَ والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعينَ والخاشعات، والمتصدّقينَ والمتصدّقات، والصـائمينَ والصـائمـات، والحافظينَ فُروجهُم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكـرات، أعدّ الله لهُم مغفرةً وأجْراً عظيمـاً) [ الأحزاب 35 ].
المـراتب إذاً، هي:
1 ـ المرتبة الأدنى: (المسلمين والمسلمات)، الذين يُؤدّون شعائر الإسلام فقط، وهُم الغالبية العُظمى، ولا يوجد في كلّ القرآن الكريم آيةً تقول [ يا أيُهـا الذينَ أسلموا ]، والإسلامُ أدنى مرتبةً من الإيمان لقوله تعالى: (لـمْ تُـؤمنـوا ولكنْ قولوا أسْلمْنـا) [ الحجرات 14 ].
2 ـ المرتبة الأعلى: (المـؤمنينَ والمـؤمنات)، وهذه الفئة هي التي يُخاطبُهـا الله دومـاً: (يا أيُهـا الذين آمنوا)، وهُم الذين يُحقّقون [ الشروط التسعة الواردة في الآية 112 من سورة التوبة ] وهي:
(التائبـون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين) [ التوبة 112 ]، وكلمة [ السائحون ] تعني [ المتفرّغون لمساعدة الغيْـر في الشدائد !!! ]، فيُرجى الانتـباه لعبارة: (بشّــر المؤمنين)، فبعْـدَ [ الإيمـان ] تأتـي [ البُشـرى ] والبشـائر.
ـ كمـا يُـرجى [ الانتبـاه بـدقّة ] أنّ بين هذه الصفات التسع لا يوجد صفة الاعتداء على الاخرين، فلم يقُل: [ العـادون، المعتدون، القاتلون ...... ] ، وبدون تحقيق هذه الشروط [ التســعة ] السامية منَ الأخلاق والتصرّفات الحميدة، سـنبْقى [ مُسـلمينَ ] فقـط، وينـطـبقُ عليْنـا قولـه تعالى: (لـمْ تُــؤمـنوا ولـكـنْ قولـوا أسْــلـمْـنا ولـمّـا يـدخُل الإيـمـانُ في قلوبكُـم)[ الحجـرات 14 ].
3 ـ المرتبة الأعلى: (القـانتين والقانتـات)، والقنوتُ ليس [ دُعاءً أو صلاةً فقط ]، ولكنّ القُنوت هو: [ الطـاعة المُطلقة مع الرضـا التامّ ]، وهذا مَـا طالبَتْ الملائكة الكرام إلى مرْيَم عليهـا السلام: (يا مَرْيَمُ اقنتي لربّك)[ آل عمران 43 ]، وهذا مَـا طـالبَ به الله سبحانه نساء النبيّ رضي الله عنهُنّ جميعاً وأرضاهُن: (ومَنْ يقْنُتْ منكُنّ لله ورسوله وتعْمل صالحاً نؤتهـا أجْرهـا مرّتين)[ الأحزاب 21 ]، وقد وصلتْ مريمُ إلى مرتبة [ القنوت ] قال تعالى عنهـا: (وكـانتْ منَ القانتين )[ التحريم 12 ] ، و نُلاحظُ أنّه قال ( منَ القانتين) ولـم يقُلْ :
[ منَ القانتات ]، أيْ : بدّل صيغةَ المؤنث بصيغة المذكّر، والسـبب: لأنّ [ عدد ] القانتين [ قليلٌ جداً ] بين المؤمنين، مع أنّ كلمة [ القانتات ] موجودةٌ في القرآن، خاصّةً في هذه الآية التي نُناقشُهـا الآن، والزوجـةُ [ الصـالحة ] هي التي تُحقّق [ القُنوت ] لقوله تعالى: (فالصـالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيْب)[ النساء 34 ].
4 ـ المرتبة الأعلى: (والصـادقين والصـادقات)، ومنهم يوسف عليه السلام: (وهو منَ الصـادقين) [ يوسف 27 ] .
5 ـ المـرتبة الأعلى: (الصـابرين والصَــابرات ) ، ومن هذه المرتبة كان [ أيّوب ] عليه السلام : (إنّـا وجدْنـاهُ صـابراً، نعْـمَ العبـد إنّـه أوّاب)[ ص 43]، ويجب التمييز بين درجـات الصـبْر: قال تعالى: (يـا أيّهـا الذين آمنوا اصْـبروا وصَـابروا) [ آل عمران 200]، وقال: (فاعبدْهُ واصْـطـبرْ لـعبادته) [ مريم 65 ]، فدرجات الصبْر هي:
ـ التصـبّر: وهو الصـبْر بتكلّف والشعور بالضيق والمَلَل وهو أدنى الدرجات
ـ الصـبْر: وهو الحـالة الوسطى، حيث الصبْر بصمْت وهدوء وتحمّل
ـ الصَبر الجميل: وهو الصفة الأساسيّة للشخْص بحيث يكون منْ طبيعته الصبْر، وبدون شكوى، وهذه الدرجة وصَل إليْهـا [ يعقوب ] عليه السلام: (فصَـبْرٌ جميـل) [ يوسف 18 ]، أمّـا [ أعلى درجات الصبْر ] على الإطلاق، فقد وصَل إليهـا من كلّ البشريّة فقط خمسةٌ منَ الرُسُل الكرام عليهم صلاة الله وسلامه، وهُم [أولو العَـزْم ] : [نـوح، إبراهيم، موسـى، عيسـى، وسيّد أولي العَزم هو: مُحمّد] ، فقال تعالى لـه: (فاصْـبرْ كَمـا صَـبَر أولـوا العـزْم منَ الرُسُـل )[ الأحقاف 35 ] .
والصـبْر: هو الشرْطُ الرئيس لدخول الجنّـة ومَـا يُلقّـاهـا إلاّ الصــابرون )[ القصص 80 ] .
6 ـ المـرتبة الأعلى: (الخاشعينَ والخاشـعات)، ومنهُم مجموعةٌ منَ الأنبياء والرسُل الكرام، ذكَرَهُم الله في سورة الأنبياء، وهُم: [موسى، هارون، إبراهيم، لوط، إسحاق، يعقوب، نوح، داوود، سليمان، أيوب، اسماعيل، إدريس، ذو الكفْل، يونس، زكريّا، يحيى، مريم، عيسى] ، فقال تعالى عنهُم: (وكـانوا لنـا خاشعين)[ الأنبياء 90 ] .
7 ـ المـرتبة الأعلى: (المُتصـدّقينَ والمُتصـدّقات)، وهُم الذين: (يُنفقون أموالـهُم بالليل والنهـار سـرّاً وعـلانية) [ البقرة 74 ]، فهو ليْس مـال [ الزكـاة ] ، فهُم يُعطون المـال بـلا مُقابل لهذه الفـئات منَ الناس: (ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السـبيل، والسـائلين، وفي الرقاب)[ البقرة 177 ]، وهذا ليْسَ مـال الزكـاة، لأنّ الآية الكريمة تقول بعْد ذلك: (وأقـام الصـلاة، وآتى الزكـاة )[ البقرة 177 ]، فالزكـاة هي [ للبُخـلاء ] منَ المسلمين.
8 ـ المـرتبة الأعلى: (الصـائمين والصـائمات)، المقصود هنـا: [ الصـوم ] بحرف ـ الواو ـ وليس: [الصيام ] بحرف ـ الياء ـ لأنّ [ الصـيام ] يأتي مع المـرتبة الأولى: (المسلمين والمسلمات)، لأنّه رُكْنٌ منْ أركان الإسلام، وهو في شهْر رمضان، و[الصــوم]: هنـا معناه [ قوْل الحـقّ ] مع الآخرين، ويأتي [ الصوم] مع كلّ أيّام السنة، مثلمـا فعلتْ مرْيَم عليهـا السلام التي كانت تأكُلُ وتشْرب، وقالت للناس: (إنّي نذرْتُ للرحمن صـومـاً) مريم 26، وبتحقيق [ الصـوم ] يتخلّص المجتمع منَ الكثير منَ المشكلات والخلافات، ولكن مع [ الصـيام ] نجد ازدياد المشكلات في المجتمع، بحجّة [ الصيام ] وضيق الخُلُق!!
9 ـ المـرتبة الأعلى: (الحافظين فُروجهُم والحـافظات)، نُلاحظُ أن الآية الكريمة تقول (الحافظين) ولمْ تقُلْ : [ المُمسكين ] مثلاً ، لأنّ [ الحفْظ ] أقوى وأشمل، فالذي [ يحفظُ ] فرجه، فإنّه [ يحفظه ] حتى منَ الأمراض السارية مثل [ الإيدز ]، ولذلك تقول الآيات عن الذين يُمارسون الجنس خارج إطـار العلاقات الزوجيّة إنّهُم [ عادون ] وليس [ مُعتدون فقط ] ، فكلمة [ عادون ] تدلّ على شموليّة العدوان، مثل العدوان على النفْس وعلى الآخرين وعلى المجتمع، فقال تعالى: (والذين هُم لفروجهم حافظون، إلاّ على أزواجهم أو مـا مَلَكتْ أيمانُهُم فإنّهُم غيرُ مَلومين فَمَن ابتغى وراء ذلك فأولئكَ هُـمُ العَــادون) [ المؤمنون 5 / 7 ] ، ولذلك ربط [ الحافظون ] لفروجهم مع [ المؤمنين ] وليس [ المسلمين ] .
10 ـ أعلى المـراتب: (الذاكرين الله كثيراً والذاكـرات)، وهي أعلى مـراتب الإيمـان، لذلك كان [ اُسوتُهُم الحسنة ] إمامُ المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ففي ذات سورة الأحزاب، يقول تعالى: (لقَد كان لكُم في رسول الله اُسْوةٌ حَسنة، لِمَـن كانَ يرجو الله واليوم الآخـر، وذَكَـرَ الله كـثيراً ) [ الأحزاب 21 ].
أعطى الله داوود وابنه سليمان إمكانات خارقة
(وَلَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً )[ سَـبَأ 10 ] :
داوودُ : ثَاني مُلوكِ المَمْلَكَةِ المُتّحِدة الذينَ حَكَموا بني إسْرائِيْلَ ،َ هُوَ ابنُ يَسّى أحَدُ الملاَكِيْنَ في بَيْتِ لَحْم، عَمِلَ عِنْدَ طَالُوتَ سَائِسَاً [ راعي الخَيْل ] ، فَتَحَ القُـدْسَ وَجَعَلها عَاصِمَتَهُ، دَامَ هَذَا العَهْدُ / 94 / سَنَةً مَا بَيْنَ 1025 ـ 931 قَبْلَ المِيْلادِ، وَيُعْتَبَرُ العَصْرُ الذَهَبيُّ لِبني إسْرائِيْلَ ، فَقَدْ أخْرَجَ داوودُ عليه السلام بَني إسْرائِيْلَ مِنْ عِبادَةِ الأوْثَانِ ، إلى عِبادَةِ اللّه وَحْدَهُ ، كَانَ داوودُ نَبِيّاً وَرسُولاً مِنْ أصْحابِ الكُتُبِ السَماويَّةِ : ( وَآتَيْنَا داوودَ زَبُوراً )[ النساء 163 ][ الإسراء 55 ] ، وَ كَانَ قاضِيَاً : ( يَا داوودُ إنّا جَـعَـلْـنَاكَ خَـلِـيْفَةً في الأرْضِ فَاحْـكُـمْ بَيْنَ الـنَاسِ بِالـحَـقِّ )[ ص 26 ] ..
وَ كَانَ يتَمَتَّع بِالحِكْمَةِ وَالقُوَّةِ : (وَشَـدَدْنا مُـلْـكَـهُ وَآتِيْنَاهُ الـحِـكْـمَـةَ وَفَصْـلَ الـخِـطَـابِ )[ ص 20 ]، (وَ اذْكُـرْ عَـبْدَنا داوودَ ذَا الأيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ )[ ص 18 ] ، ذَا الأيْدِ: القوة والعَزْم الشَـديد، وَكانَ يَتَمَتَّعُ بِجَمالِ الصَوْتِ ، حَتّى أنَّ صَوْتهُ كانَ يُؤثِّرُ في الصَخْرِ: (وَسَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَالـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 ] ، (وَلَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً يَا جِـبَالُ أوِّبي وَ الـطَـيْرَ )[ سَـبَأ 10 ] ، ( إنَّا سَـخّـرْنَا الـجِـبالَ مَـعَـهُ يُسَـبِّحْـنَ بِالـعَـشِـيِّ وَالإشْـراقِ وَالـطَـيْرَ مَـحْـشُـورَةٌ كُـلٌّ لَـهُ أوّابٌ )[ ص 18 ] .
وَقَدْ أسَّسَ داوودُ مَا يُسَمَّى في الوَقْتِ الحالي الصِناعَةَ الحَرْبِيَّة: (وَعَـلَّـمْـنَاهُ صَـنْعَـةَ لَـبُوسٍ لَـكُـمْ )[ الأنبياء 80 ] ، لَـبُوسٍ : دُروع، مَعَ الدِقَّةِ وَالمَهارَةِ في صِناعَتِها: (وَقَدِّرْ في الـسَـرْدِ)[ سَـبأ 11 ] ، الـسَـرْدِ:
حلقات الدِرْع ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ اسْتَخْدَمَ في هذه المنطِقَةِ الصِناعات المَعْدنيَّة : ( وَ ألَـنّا لَـهُ الـحَـديْدَ )[ سَـبأ 10 ] ، مِنْ أجْلِ ذَلِكَ يَذْكُرُ التاريْخُ أنَّ الكَنعانِيّينَ أوَّلُ مَن اكْتَشَفَ الحديْدَ وَأنْتَجُوا البرونْز، فَقَدْ أُعْطِيَ سُلَيْمانُ عليه السلام مَناجِمَ النُحاسِ : (وَأسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِـطْـرِ )[ سَـبأ 12 ] ، فَكانُوا السَبَّاقِيْنَ في صِناعَةِ التَعْديْنِ، وَسَاهَموا بِبنـاءِ [ الحَضَارة المِيْغالِيْثِيَّة ] المُمْتدّة حَوْلَ العَالَمِ ، حَيْثُ أعْطى اللّهُ داوودَ و ابْنَهُ سُـلَيْمانَ إمْكاناتٍ خَارِقَة [ الريح ، الجِنّ ، الحديد ، النُحاس ... ] ، وَقالَ لَهُمْ : (اِعْـمَـلُـوا آلَ دَاوودَ شُـكْـراً)[ سَـبأ 13] ، وَ كَانَ المِصْريُّونَ يَنْقلونَ الحَدِيْدَ وَالنُحاسَ مِنْ فلسْطِيْنَ لِمِصْرَ.
(وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ)[ سـبأ 12 ] :
كَانَ سُـلَيْمانُ بن داوودَ عليهما السلام يَتّصِفُ بِكُلِّ صِفاتِ والِدِهِ الحَميدَة: (وَوَهَـبْنا لِـداوودَ سُـلَـيْمَـانَ نِعْـمَ الـعَـبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ.... وَكُلاًّ آتَيْنَا حُـكْـمَاً وَ عِـلْـمَـاً)[ ص 30 / 79 ]، وَدَامَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام قُرابَةَ / 44 / عَامَاً، في الفَتْرةِ الواقِعَةِ بَيْنَ 975 ـ 931 قَبْلَ الميْلاَدِ: (وَوَرِثَ سُـلَـيْمَـانُ داوودَ وَقَالَ يَا أيُّهَـا الـنَاسُ عُـلِّـمْـنَا مَـنْطِـقَ الـطَـيْرِ وَأُوتِيْنَا مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ )[ النمل 16 ] ، مَـنْطِـقَ الـطَـيْرِ : وَ لَيْس لُغَةَ الطَيْرِ فقط ، فالمَنْطِقُ :
هُوَ نِظَـامُ تَفاهُمٍ مُحَدَّد ضِمْنَ عالَمِهِ الخـاصّ ، وَ مُصْطَلَحَاتِهِ الخَاصَّة بِـهِ ، ( وَأسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِطْـرِ )[ سـبأ 12 ] ، عَـيْنَ الـقِطْـرِ : النحـاس السائل ، فَكَانَ تَعْديْنُ الحديْدِ في عَهْدِ داوودَ ، وَتَعْديْنُ النُحَاسِ في عَهْدِ سُلَيْمان، وَمِنْ هَذَيْنِ المَعْدنَيْنِ كانَ البرونْز العُنْصُرُ الأساسيّ في بِناءِ [ الحَضَارَةِ المِيْغالِيْثِيَّة ] التي عَمَّت العَالَمَ، وَقَدْ أعْطى اللّهُ سُلَيْمان بَعْضَ العَطاءَاتِ التي لَمْ يُعْطِها لأحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، خَاصَّةً المُتَعَلِّقة مِنْها في الحَياةِ البَحْرِيَّةِ ، فَقَدْ كانَ سُلَيْمانُ عليه السلام بَحَّاراً بامْتِيازٍ ، فَسَخَّرَ لَهُ اللّهُ الرِيْـحَ مِنْ أجْلِ تَحْريْكِ السُفُنِ في البَحْرِ ، كَما أعْطاهُ الشَياطِيْن لِبناءِ السُفُنِ وَ الغَوْصِ في البِحَارِ ، كَمَا تُوضِحُ الآياتُ التالِيَةُ : ( قالَ رَبِّ اغْـفِـرْ لـي وَ هَـبْ لـي مُـلْـكَـاً لاَ يَنْبَغِـي لأَحَـدٍ مِـنْ بَعْـدي إنَّكَ أنْتَ الـوَهَّـابُ فَسَـخَّـرْنَا لَـهُ الـرِيْحَ تَجْـرِي بِأَمْـرِهِ رُخَـاءً حَـيْثُ أَصَـابَ وَ الشَـيَاطِـيْنَ كُـلَّ بَنَّـاءٍ وَغَـوَّاصٍ )[ ص 35 / 37 ] ، رُخَـاءً : لِتَحْريْكِ السُفُنِ بِهُدوءٍ ، حَـيْثُ أَصَـابَ : حَسَبَ الجِهَةِ المطلوبة ، وَ المسافَةُ التي كَانَتِ الرِيْحُ تَأْخُذُ سُلَيْمانَ إلَيْها في البَحْرِ كَانَتْ مَسافَةً بعِيْدَةً [ مسْيرة شَهْرٍ ] ، تُوصِلُهُ لِمَضِيْقِ جَبَلِ طارق :
(وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ غُدُوُّهَـا شَـهْـرٌ وَرواحُـهَـا شَـهْـر)[ سـبأ 12 ] ، وَ في حَالِ ضَيَاعِهِ أوْ حُدُوثِ مُشْكِلَةٍ مَعَهُ في البَحْرِ ، كانَت الرِيْحُ تَعُودُ بِهِ مُسْرِعَةً إلى فِلَسْطِيْنَ حَصْراً : (وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ عَـاصِـفَةً تَجْـرِي بِأَمْـرِهِ إلـى الأرْضِ الـتي بارَكْـنَا فِيْهَـا)[ الأنبياء 81 ] ، الـرِيْحَ عَـاصِـفَةً:
هُنا قال عاصِفة وَلَيْسَتْ رُخاء حَيْثُ الأمْرُ إسْعافيّ، وَقَسَمَ الجِنَّ إلى قِسْمَيْنِ ، القِسْمُ الكافِرُ [ الشَياطِيْن ] للغَوْصِ وَ بناءِ السُفُنِ أيْ للنَشَاطِ البَحْريّ : (وَالـشَـيَاطِـينَ كُـلَّ بَنَّاءٍ وَغَـوَّاصٍ )[ ص 38 ]، (وَمِـنَ الـشَـيَاطِـينِ مَـنْ يَغُـوصُـونَ لَـهُ وَيَعْـمَـلُـونَ عَـمَـلاً دُونَ ذَلِـكَ )[ الأنباء 82 ]، أمَّا الجِنُّ العاديّينَ لِلأعْمالِ الخَفِيْفَـةِ مِثْلَ الأعْمالِ الفَخَارِيَّةِ : (وَمِـنَ الـجِـنِّ مَـنْ يَعْـمَـلُ بَيْنَ يَـدَيْه بِإِذْنِ رَبِّـهِ )[ سَـبَأ 12 ] ، ( يَعْـمَـلُـونَ لَـهُ مَـا يَشَـاءُ مِـنْ مَـحَـاريبَ وَ تَمَـاثِيلَ وَ جِـفَانٍ كَـالـجَـوابِ وَ قُـدورٍ رَاسِـيَاتِ )[ سـبأ 13 ] ، جِـفَانٍ : وَاحِدَتُها [ جَـفْنة ] وَ هيَ القَصْعَاتُ الكبيرَةُ للأَكْلِ ، الـجَـوابِ : أحْواضِ الماءِ الضَخْمَةِ ، قُـدورٍ : أواني الطبخ ، رَاسِـيَاتِ : ثَابِتَـةٌ في مكانِها بسبب كبَر حجمهـا .
( وَ الـعَـمَـلُ الـصَـالِـحُ يَـرْفَعُـهُ )[ فاطر 10 ] :
العَـمَـلُ الصَـالِحُ وَ العَـمَـلُ الحَـسَـنُ :
إنَّ العَمَلَ الصَالِحَ : هُوَ العَمَلُ الذي يَصْلُحُ فيهِ حَالُ الفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ إِذَا لَمْ يَصْلُحُ فيهِ حَالُ الفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ يَبْقى عَمَلاً [ حَسَـناً ] فَقَطْ ، فالمُوَظَّفُ الذي يُداوِمُ عَلى عَمَلِهِ ، يَقُومُ بِعَمَلٍ حَسَـنٍ مِنْ حَيْثُ المَبْدَأ، وَ لاَ يَكُونُ عَمَلُهُ صَالِحَاً إلاّ إِذَا أَدّى الأعْمَالَ المُوكَلَةَ إلَيْهِ بِصِدْقٍ وَ أَمَانَةٍ خِلاَلَ فَتْرَةِ دَوامِهِ، وَ الطَالِبُ الذي يَذْهَبُ لِلمَدْرَسَةِ ، يَقُومُ مَبْدَئِيَـاً بِعَمَلٍ حَسَـنٍ ، وَ لاَ يَكُونُ عَمَلُهُ صَـالِحَاً ، إلاّ إِذَا انْتَبَـهَ لِدُروسِهِ وَ وَاجِبَـاتِهِ وَ نَجَحَ آخِـرَ العَامِ ، وَ أَصْبَحَ بالتَالي عُضْـواً نافِعَـاً في مُجْتَمَعِهِ .
وَ مَا أَكْثَرَ الأَعْمال الحَسَـنَةَ التي نَقُومُ بِهَـا ، وَ مَا أَقَـلَّ الأَعْمَالَ الصَالِحةَ ، فَكَمْ مِنْ مُوَظَّفٍ مَوْجُودٌ في وَظِيْفَتِهِ ، لَكِنَّهُ لاَ يُؤَدّي مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ مِنْ خِدْمَةِ المُواطِنِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ كَمْ مِنْ طَالِبٍ في مَدْرَسَتِهِ لاَ يَهْتَمُّ بِدُروسِهِ وَ يَفْشَلُ آخِرَ العَـامِ ، وَ نحن الآن في شَـهْرِ الصِيَـامِ , وَ كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَـهُ مِنْ صِيَـامِهِ إلاَّ الجُـوعُ وَ العَطَشُ ، عِلْمَاً أَنَّهُ لاَ يَصْعَدُ لِلسَمَاءِ إلاّ العَمَلُ الصَالِحُ : ( وَ الـعَـمَـلُ الـصَـالِـحُ يَرْفَعُـهُ )[ فاطر 10 ] ، لِذَلِكَ وَرَدَ في القُرْآنِ الكَريْمِ / 50 مَرّة / : ( الـذيْنَ آمَـنُوا وَ عَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ ) ، وَ صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تُعَلِّمُنَـا قَضِيَّتَيْنِ أَساسِـيَّتَيْنِ هُمَـا :
أَنْ يَقِفَ الإنْسَـانُ مُتَراصَّـاً مَعَ بَيْنَ صُفُوفِ مُجْتَمَعِهِ ، يُؤَدّي وَاجِباتِهِ بِصَمْتٍ وَ هُدُوءٍ ، وَ أَنْ يُكْمِلَ الصُفُوفَ النَاقِصَـة في مُجْتَمَعِهِ ، لِيَكُونَ مُجْتَمَعَـاً مُتَكَامِلاً ، لاَ يَحْتَاجُ غَيْرَهُ مِنَ المُجْتَمَعَـاتِ ، وَ بِذَلِكَ تَنْهَى الصَلاَةُ عَنِ الفَحْشَاءِ وَ المُنْكَرِ ، فَعَلى ُكلٍّ مِنَّا أنْ يَسْعَى لِيَكُونَ عَمَلُهُ صَالِحَاً لِلفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ لَيْسَ عَمَلاً حَسَنَاً فَقَطْ ، فَلاَ يَكُونُ الإنْسَانُ أهلاً لِلاعْتِمَادِ عَليْهِ ، وَ سَيَنْبُذُهُ المُجْتَمَعُ في النِهَايَةِ : ( قَالَ يَا نُوحُ إنّهُ لـَيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ إنَّهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ )[ هود 45 ] .
فَمَا أَحْوَجَنـَا اليَوْمَ لِلأعْمَالِ الصَالِحَـةِ ، مِنْ اَجْلِ تَقَدُّمِ المُجْتَمَعِ وَ ازْدِهَارِهِ ، وَ أَنْ لاَ نَنْظُرَ لِلأعْمَالِ الحَسَنَةِ عَلى أنَّهَا صَـالِحَة، فَنَقَعَ في سُـوءِ الفَهْمِ القاتِلِ : ( أَفَمَـنْ زُيِّنَ لَـهُ سُـوءُ عَـمَـلِـهِ فَـرَآهُ حَـسَـناً )[ فاطر 8 ] ، وَ كُلُّ الشُـكْرِ لِمَنْ يَقُومُونَ ِالأَعْمالِ الصَالِحَـةِ في هَذَا المُجْتَمَعِ الطَيّـِبِ.
كـلّ هـذا واللـه أعْلـمُ .
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد