كلام بوتين يحسم الدعم المطلق لدمشق

حسن سلامه
طرحت في الاسابيع الاخيرة في ضوء تمكن التنظيمات الارهابية من التمدد في بعض المناطق السورية تساؤلات حول مواقف روسيا من الوضع السوري، وما اذا كان حصل تغيير في مواقف موسكو من الدعم الذي تلقته الدولة السورية منذ بدء الازمة هناك.
وذهبت تحليلات واستنتاجات البعض الى حدود القول ان موسكو تتجه لوقف الدعم لدمشق او على الاقل تخفيف هذا الدعم لحسابات تتعلق بالعالمية الروسية.
لذلك، ما هي حقيقة المواقف الروسية بما خص الوضع في سوريا وكذلك ملف الاستخبارات الرئاسية في لبنان؟
وفي معلومات لمصادر دبلوماسية حيال الموقف الروسي ان هذه الاستنتاجات اطلقت على خلفية ما كان اعلنه نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف من احتمال انتصار المعارضة في سوريا وان موسكو قد تغير موقفها من الرئيس السوري بشارالاسد ودعوته في الموضوع الرئاسي اللبناني الى انتخاب رئيس توافقي. وقالت المصادر ان لا صحة لحصول اي تبدل سلبي في الموقف الروسي حيال النظام السوري واوضحت ان كل هذه التأويلات هي مجرد رهانات لدى اعداء سوريا ولاحظت المصادر ان ما يؤكد ثبات الموقف الروسي عدة حقائق ابرزها:
- التصريح الحاسم الذي صدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي اكد فيه على الدعم المطلق لسوريا مع تحذيره من امكان تحول سوريا الى ليبيا جديدة.
- الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس مكتب الامن القومي في سوريا اللواء علي المملوك الى موسكو، حيث اعاد الجانب الروسي في خلال اللقاءات التأكيد على الدعم الاستراتيجي لسوريا بينها تزويد دمشق بانواع مختلفة من الاسلحة المتطورة حيث جرى سريعاً ارسال هذه الاسلحة لسوريا، مع العلم ان شحنات السلاح لم تتوقف في اي لحظة الا ان الاسابيع الاخيرة شهدت تزويد سوريا بانواع حديثة من السلاح.
- وجود مصلحة استراتيجية روسية ليس فقط بانتصار سوريا في الحرب العالمية التي تخاض ضدها بل ايضاً في العمل لاستئصال الارهاب وتجفيف مصادره وتمويله، حتى لا يتحول هذا الارهاب الى الداخل الروسي بسبب تنامي حالات التطرف في الجمهوريات الروسية ذات الغالبية السنية.
ولذلك تؤكد المصادر الديبلوماسية ان الروسي بات اليوم اكثر ثباتا ودعما للنظام السوري مما كان عليه في السنوات السابقة. وتقول ان تصريحات بوغدانوف هي نوع من التحليل والقراءة الشخصية للوضع في سوريا، خصوصاً ان الخارجية الروسية كانت اصدرت توضيحاً كما ادلى به بوغدانوف.
واما بخصوص الوضع في لبنان وما ادلى به المسؤول الروسي حول الدعوة لانتخاب رئىس توافقي فتوضح المصادر انه يمكن اعطاء تصريح بوغدانوف اكثر من تفسير وهي:
1ـ ان هذا الرأي لا يعبر عن وجهة نظر موسكو، وقد ابلغ بعض المسؤولـين الروس مؤخراً موقفاً مختلفاً لتصريح بوغدانوف، وهو ان روسيا تشجع اللبنانيين على اجراء الانتخابات الرئاـسية من دون ان تتدخل بأي شكـل من الاشكال بمواصفات الرئىس، وهذا الكلام ابلغه ايضاً السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين لعدد من المسؤولـين، ولـذلك تشـير المصـادر ان هـذا الموقـف للمـسؤول الـروسي لا يـعبـر عن وجهـة نظر القيـادة الروسـية، لان الاخيرة حريصة على عدم استعداء حلفائها في لبنان وسوريا وايران.
2ـ ان يكون هذا الموقف للمسؤول الروسي ليس الرأي الرسمي لموسكو، لكن يراد منه توجيه رسائل للسعودية لتشجيعها على دعوة حلفائها في لبنان للتحاور مع العماد ميشال عون من الموضوع الرئاسي واشارت المصادر الى ان موسكو ليست بوارد تغيير موقفها من الاستحقاق الرئاسي في لبنان. ولاحظت ان موقف بوغدانوف من الموضوع الرئاسي جاء بعد لقائه السفير اللبناني في موسكو المعروف بتوجهاته السياسية ولذلك قد يكون المسؤول الروسي اطلق هذا الموقف على خلفية اجتماعه مع السفير اللبناني هناك.وانطلاقاً من كل ذلك تشير المصادر الديبلوماسية الى ان روسيا ليست بوارد تقديم تنازلات لواشنطن او الغرب في ظل الحرب الباردة التي تدور بين موسكو وخصومها الغربيين على خلفية الازمة في اوكرانيا خاصة ومحاولة واشنطن والاطلسي التمدد نحو عدد من الدول التي تعتبر الحديقة الخلفية لروسيا بدءا من اوكرانيا.
وتكشف المصادر ان مسؤولاً روسياً اكد لعدد من المسؤولين السوريين الذين التقى بهم مؤخراً ان بلاده تدرك مدى الهجوم الغربي والاميركي ضدها بهدف تحجيم دورها العالمي ليكون دوراً محدوداً في النطاق الاقليمي للحدود الروسية. مع العلم ان مجلس الامن القومي الاميركي اكد في تقرير له مؤخراً ان الخطر الاساسي لبلاده يأتي من الجانب الروسي، ولذلك يجب العمل لتحجيم دورها حتى لا تكون الدولة «الند» للاميركي عالمياً، وان يتراجع دورها في حدود اقليمية ضيقة. ولذلك توضح المصادر ان القيادة الروسية بدءاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليسوا بوارد التراجع امام هذا الهجوم الاميركي ـ الغربي، سواء في اوكرانيا او في الرد على نشر منظومة الدرع الصاروخية في دول اوروبا الشرقية، ولا في مناطق النزاع الاخرى بدءاً من سوريا.