أوباري..البلدة المهمله في صحراء ليبيا الجنوبية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة الليبية
صفحة 1 من اصل 1
أوباري..البلدة المهمله في صحراء ليبيا الجنوبية
أصبح المدنيون في واحة أوباري في جنوب ليبيا عالقين في صراع يعزلهم عن العالم الخارجي، فالمؤن والمساعدات تكاد تكون معدومة، والمستشفى هناك بالكاد قادر على العمل ولذلك غالباً ما يموت الجرحى متأثرين بإصاباتهم قبل أن يتمكنوا من الحصول على المساعدة التي يحتاجون إليها.
يجلس كريم المصري في واحدة من أربع غرف لا تزال تعمل في المستشفى الذي كان في الماضي مزدحماً ومترامي الأطراف. وقبل عام واحد، كان مجهزاً تجهيزاً جيداً، وكان معظم العاملين به من الموظفين الوافدين من الهند. ثم وصلت الحرب الأهلية إلى المدينة. وفي شهر نوفمبر، فر الموظفون الهنود عندما وصلت الاشتباكات إلى المستشفى وتعرض قسم الولادة للقصف. وأصبح المصري، وهو جراح متخصص من مصر، الآن هو الطبيب الوحيد في المستشفى.
ونظراً لانتشار الحواجز على امتداد الطريق الوحيد الذي يربط بين أوباري والمناطق الساحلية في شمال البلاد، لا تصل إلى المدينة سوى مستلزمات طبية ضئيلة.
وفي هذا الإطار، يقول المصري: "ليس لدينا تخدير عام ولا طبيب تخدير، ولذلك لا يمكن إجراء عمليات جراحية في حالات الطوارئ إلا باستخدام مخدر موضعي والمسكنات. ولا توجد أساساً أي وسيلة لإنقاذ المرضى هنا، وقد مات الكثيرون منهم بلا داع لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه. كان ينبغي أن يكونوا على قيد الحياة الآن".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك نقصاً في المواد الأساسية: اسطوانات الاوكسجين فارغة، ويلجأ المتطوعون واسعو الحيلة إلى استخدام شريط لاصق عادي وتقطيع شرائح عادية من الجزء الخلفي اللاصق للملاءات الجراحية من أجل توفير أجهزة التنقيط الوريدية والضمادات. ولا يوجد فيلم لالتقاط الصور بالأشعة السينية، وبالتالي لا يمكن تحديد موقع الإصابات الداخلية بدقة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحويل العمليات الجراحية إلى محاولات تعتمد جزئياً على التخمين.
وبالنسبة لمدينة متورطة في الصراع، هذا يجعل سكانها البالغ عددهم أكثر من 30,000 نسمة يواجهون أزمة طبية. ولكن المأزق الذي يعانيه سكان أوباري، مثل المجتمعات الأخرى المحاصرة في جنوب ليبيا الذي يعاني من العزلة وقلة عدد السكان، من غير المرجح أن يكون شاغلاً ملحاً في طرابلس. وقد انزلقت البلاد إلى حرب شاملة منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، من السلطة، بمساعدة التدخل العسكري الأجنبي.
وغالباً ما يدور القتال داخل أوباري وفي المناطق المحيطة بها بين إثنتين من القبائل الصحراوية الأصلية، وهما الطوارق والتبو. وهو صورة مصغرة للصراع الأوسع نطاقاً في ليبيا بين الحكومتين المتناحرتين والميليشيات المتحالفة معهما. تدعم قبائل الطوارق الحكومة في طرابلس، في حين تدعم قبائل التبو الحكومة المعترف بها دولياً في شرق ليبيا. ويتهم كلا الجانبين الآخر بتجنيد مقاتلين من دول الجوار. وتندلع اشتباكات متفرقة في ضواحي أوباري السكنية، وتصل إلى جبل تيندي المطل على المدينة، وكذلك في المدينة نفسها، التي أصبحت أجزاء منها مناطق محظورة على المدنيين.
كما أصبحت حوادث إطلاق النار من قبل قناصة وقتال الشوارع العشوائي أموراً شائعة، مما يجعل السكان - الذين يحمل كثيرون منهم السلاح - في حالة استنفار دائم. وحتى المستشفى ليس آمناً، إذ تقول عائشة منير، الممرضة المتطوعة التي تبلغ من العمر 24 عاماً، أنها كادت تلقى مصرعها خلال تبادل لإطلاق النار بينما كانت تُخرج القمامة.
والجدير بالذكر أن المشكلة الرئيسية بالنسبة للمصابين بجروح خطيرة هي العزلة الشديدة التي تعاني منها أوباري: يقع أقرب مستشفى على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال، في تضاريس صحراوية وعرة في بلدة ادري، وهي أيضاً لا تضم سوى مرافق محدودة. ومن هناك، يتم نقل المرضى بعد استقرار حالاتهم إلى العاصمة. وتُنقل الحالات العاجلة من خلال حقل الشرارة النفطي بالطائرة. لا يزال الحقل خاملاً منذ نوفمبر الماضي، ولكن الرحلات الجوية المخصصة لنقل عمال النفط والمؤن تُستخدم الآن بشكل متقطع لمساعدة المدنيين. وقد لقي 15 مصاباً على الأقل حتفهم أثناء انتظار وصول طائرة أو أثناء نقلهم عبر الصحراء.
كما فرت أكثر من 500 عائلة من الطوارق، وفقاً للجنة الأزمات في أوباري، وهي تجمع لشيوخ وممثلي المجتمع المدني. وكان هناك مدنيون بين الـ200 قتيل الذين سقطوا في صفوف الطوارق حتى الآن خلال الصراع، وفقاً لقائد عسكري في أوباري.
وقد تم إجلاء معظم أسر التبو، وفقاً لصحفي محلي، أضاف أن عدد ضحايا التبو بلغ 76 قتيلاً وأكثر من 80 جريحاً. ونظراً لأنهم يشكلون الأقلية في أوباري، يفضل التبو طلب العلاج في بلدة مرزق التي يشكلون فيها الأغلبية والتي تبعد 130 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي.
وهناك نقص حتى في المواد الغذائية الأساسية، مثل الحليب، وحفاضات الأطفال. وتلجأ الأسر الأكثر فقراً، التي تعاني من نقص في الأموال بعد شهور من الصراع، إلى شراء المواد الغذائية بطريقة الائتمان.
كما أن حالات التيفوئيد آخذة في التزايد، وإمدادات مياه الشرب متقطعة وأتلفها القتال، مما يجبر الأسر على البحث عن مصادر أخرى، بعضها ملوث. وتشهد حالات السل ارتفاعاً أيضاً، ومن دون لقاحات للأطفال - بما في ذلك لقاحات شلل الأطفال والنكاف - يلوح خطر الإصابة بمزيد من الأمراض في الأفق.
ويقول المصري وهو يهز رأسه "إن الوضع يزداد سوءاً". ونظراً لإغلاق البنوك في المدينة، لم يحصل على أجره منذ أكثر من عام، لكنه يقول أنه لا يستطيع العودة إلى عائلته في مصر. ويتساءل مستنكراً "كيف يمكن أن أغادر؟"، مشيراً إلى غرفة العمليات المتواضعة وموظفيها المتطوعين الذين يعتبرونه واحداً من أهم أعضاء المجتمع وأكثرهم قيمة – فهو الشخص الوحيد الذي يمكن أن ينقذ رجلاً مصاباً أو امرأة في مرحلة المخاض وتعاني من مضاعفات. ولكن إنقاذ الأرواح يزداد صعوبة.
رجل ليبي يحصل على دواء من الصيدلية الوحيدة في أوباري
وعلى الرغم من قيام وفود من شيوخ القبائل بزيارة كلتا الحكومتين لشرح هذا الوضع اليائس، فلم تمد أياً منهما يد المساعدة، وفقاً لعضو لجنة الأزمات مصطفى بابا أحمد. وقد أرسلت بعض المنظمات غير الحكومية كميات متواضعة من المساعدات الإنسانية عدة مرات عن طريق الرحلات الجوية من حقول النفط، ولكنها لم تغط احتياجات السكان، كما أوضح، مضيفاً أن الأزمة الطبية في المدينة قد وصلت الآن إلى مرحلة حرجة.
ويوضح فني الجراحة عبده سالم عبد الله، الذي يعمل في المستشفى منذ عام 1985، أن عدم وجود لوازم إيقاف النزيف الداخلي وخياطة الجروح الداخلية أو الخارجية يجعل العمليات الجراحية عالية المخاطر. وتبدو عليه نظرة رجل يائس. فمن المستحيل تقنياً القيام بأي عمليات جراحية في المستشفى، ولكنهم يواصلون إجراءها في حالات الطوارئ، كما يقول، لأنه لا يوجد خيار آخر.
وهناك مرفقان طبيان متواضعان آخران يعملان الآن في أوباري: مستشفى ميداني مؤقت، وعلى مشارف البلدة، الصيدلية الوحيدة في المدينة. ولكن المخزون أصبح ضئيلاً بشكل خطير، بما في ذلك المضادات الحيوية وأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، وكذلك الأدوية المضادة لسموم لدغات العقرب الشائعة في ذروة الصيف في صحراء ليبيا الجنوبية. وقد توفي ثلاثة أطفال جراء لدغات العقارب خلال شهر رمضان وحده، حسبما ذكرت متطوعة تساعد في إدارة الصيدلية والمستشفى الميداني.
والجدير بالذكر أن المستشفى الميداني هو عبارة عن مدرسة تم تحويلها لهذا الغرض بعد أن توقفت الدراسة العادية في المنطقة جراء الصراع. وأصبحت ثلاثة فصول دراسية الآن موطناً لأسرّة صدئة غير متطابقة، بعضها يغطيه فرش تكسوها البقع، والبعض الآخر لا تغطيه سوى زنبركات عارية. ويوضع المقاتلون المصابون في الغرفة الوحيدة التي بها تكييف الهواء، الذي لا يخفف كثيراً من حرارة الصحراء الحارقة. وفي قاعة المدرسة السابقة، يسعى المدنيون للحصول على العلاج. يعاني الشاب محمد المصاب بالهزال من الإنهاك الحراري وسوء التغذية، وجسده متصل بجهاز تنقيط وريدي. وأوضحت المتطوعة أن هذا منظر شائع. ويرسل كلا المستشفيين الحالات غير الحرجة إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن، لأنهما لا يستطيعان توفير رعاية لاحقة تُذكر.
وفي المستشفى الرئيسي، تقود الممرضة عائشة منير جولة حزينة في الممرات المهجورة، وتوضح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الأقسام المختلفة، التي أصبحت كلها مغلقة الآن. "في عام 2011، كان كل شيء هنا يعمل على أكمل وجه، ولكن قدرته تقلصت كثيراً على مدار السنوات الأربع الماضية، وخاصة في العام الماضي،" كما أفادت.
توقفت شاحنتان من طراز تويوتا مليئتان بالجنود خارج المستشفى للاطمئنان على الأمن بعد وصول تقارير عن وجود قناص في المنطقة. وقالت عائشة وهي تقف عند المدخل: "يقول الناس أن أوباري بلدة مهجورة، ولكن الحقيقة مختلفة. لا يزال العديد من المدنيين يعيشون هنا ونحن نبذل قصارى جهدنا لاستمرار العمل في هذا المستشفى. ولكننا نشعر بأن الجميع قد نسونا".
يجلس كريم المصري في واحدة من أربع غرف لا تزال تعمل في المستشفى الذي كان في الماضي مزدحماً ومترامي الأطراف. وقبل عام واحد، كان مجهزاً تجهيزاً جيداً، وكان معظم العاملين به من الموظفين الوافدين من الهند. ثم وصلت الحرب الأهلية إلى المدينة. وفي شهر نوفمبر، فر الموظفون الهنود عندما وصلت الاشتباكات إلى المستشفى وتعرض قسم الولادة للقصف. وأصبح المصري، وهو جراح متخصص من مصر، الآن هو الطبيب الوحيد في المستشفى.
ونظراً لانتشار الحواجز على امتداد الطريق الوحيد الذي يربط بين أوباري والمناطق الساحلية في شمال البلاد، لا تصل إلى المدينة سوى مستلزمات طبية ضئيلة.
وفي هذا الإطار، يقول المصري: "ليس لدينا تخدير عام ولا طبيب تخدير، ولذلك لا يمكن إجراء عمليات جراحية في حالات الطوارئ إلا باستخدام مخدر موضعي والمسكنات. ولا توجد أساساً أي وسيلة لإنقاذ المرضى هنا، وقد مات الكثيرون منهم بلا داع لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه. كان ينبغي أن يكونوا على قيد الحياة الآن".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك نقصاً في المواد الأساسية: اسطوانات الاوكسجين فارغة، ويلجأ المتطوعون واسعو الحيلة إلى استخدام شريط لاصق عادي وتقطيع شرائح عادية من الجزء الخلفي اللاصق للملاءات الجراحية من أجل توفير أجهزة التنقيط الوريدية والضمادات. ولا يوجد فيلم لالتقاط الصور بالأشعة السينية، وبالتالي لا يمكن تحديد موقع الإصابات الداخلية بدقة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تحويل العمليات الجراحية إلى محاولات تعتمد جزئياً على التخمين.
وبالنسبة لمدينة متورطة في الصراع، هذا يجعل سكانها البالغ عددهم أكثر من 30,000 نسمة يواجهون أزمة طبية. ولكن المأزق الذي يعانيه سكان أوباري، مثل المجتمعات الأخرى المحاصرة في جنوب ليبيا الذي يعاني من العزلة وقلة عدد السكان، من غير المرجح أن يكون شاغلاً ملحاً في طرابلس. وقد انزلقت البلاد إلى حرب شاملة منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، الذي حكم البلاد لفترة طويلة، من السلطة، بمساعدة التدخل العسكري الأجنبي.
وغالباً ما يدور القتال داخل أوباري وفي المناطق المحيطة بها بين إثنتين من القبائل الصحراوية الأصلية، وهما الطوارق والتبو. وهو صورة مصغرة للصراع الأوسع نطاقاً في ليبيا بين الحكومتين المتناحرتين والميليشيات المتحالفة معهما. تدعم قبائل الطوارق الحكومة في طرابلس، في حين تدعم قبائل التبو الحكومة المعترف بها دولياً في شرق ليبيا. ويتهم كلا الجانبين الآخر بتجنيد مقاتلين من دول الجوار. وتندلع اشتباكات متفرقة في ضواحي أوباري السكنية، وتصل إلى جبل تيندي المطل على المدينة، وكذلك في المدينة نفسها، التي أصبحت أجزاء منها مناطق محظورة على المدنيين.
كما أصبحت حوادث إطلاق النار من قبل قناصة وقتال الشوارع العشوائي أموراً شائعة، مما يجعل السكان - الذين يحمل كثيرون منهم السلاح - في حالة استنفار دائم. وحتى المستشفى ليس آمناً، إذ تقول عائشة منير، الممرضة المتطوعة التي تبلغ من العمر 24 عاماً، أنها كادت تلقى مصرعها خلال تبادل لإطلاق النار بينما كانت تُخرج القمامة.
والجدير بالذكر أن المشكلة الرئيسية بالنسبة للمصابين بجروح خطيرة هي العزلة الشديدة التي تعاني منها أوباري: يقع أقرب مستشفى على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال، في تضاريس صحراوية وعرة في بلدة ادري، وهي أيضاً لا تضم سوى مرافق محدودة. ومن هناك، يتم نقل المرضى بعد استقرار حالاتهم إلى العاصمة. وتُنقل الحالات العاجلة من خلال حقل الشرارة النفطي بالطائرة. لا يزال الحقل خاملاً منذ نوفمبر الماضي، ولكن الرحلات الجوية المخصصة لنقل عمال النفط والمؤن تُستخدم الآن بشكل متقطع لمساعدة المدنيين. وقد لقي 15 مصاباً على الأقل حتفهم أثناء انتظار وصول طائرة أو أثناء نقلهم عبر الصحراء.
كما فرت أكثر من 500 عائلة من الطوارق، وفقاً للجنة الأزمات في أوباري، وهي تجمع لشيوخ وممثلي المجتمع المدني. وكان هناك مدنيون بين الـ200 قتيل الذين سقطوا في صفوف الطوارق حتى الآن خلال الصراع، وفقاً لقائد عسكري في أوباري.
وقد تم إجلاء معظم أسر التبو، وفقاً لصحفي محلي، أضاف أن عدد ضحايا التبو بلغ 76 قتيلاً وأكثر من 80 جريحاً. ونظراً لأنهم يشكلون الأقلية في أوباري، يفضل التبو طلب العلاج في بلدة مرزق التي يشكلون فيها الأغلبية والتي تبعد 130 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي.
وهناك نقص حتى في المواد الغذائية الأساسية، مثل الحليب، وحفاضات الأطفال. وتلجأ الأسر الأكثر فقراً، التي تعاني من نقص في الأموال بعد شهور من الصراع، إلى شراء المواد الغذائية بطريقة الائتمان.
كما أن حالات التيفوئيد آخذة في التزايد، وإمدادات مياه الشرب متقطعة وأتلفها القتال، مما يجبر الأسر على البحث عن مصادر أخرى، بعضها ملوث. وتشهد حالات السل ارتفاعاً أيضاً، ومن دون لقاحات للأطفال - بما في ذلك لقاحات شلل الأطفال والنكاف - يلوح خطر الإصابة بمزيد من الأمراض في الأفق.
ويقول المصري وهو يهز رأسه "إن الوضع يزداد سوءاً". ونظراً لإغلاق البنوك في المدينة، لم يحصل على أجره منذ أكثر من عام، لكنه يقول أنه لا يستطيع العودة إلى عائلته في مصر. ويتساءل مستنكراً "كيف يمكن أن أغادر؟"، مشيراً إلى غرفة العمليات المتواضعة وموظفيها المتطوعين الذين يعتبرونه واحداً من أهم أعضاء المجتمع وأكثرهم قيمة – فهو الشخص الوحيد الذي يمكن أن ينقذ رجلاً مصاباً أو امرأة في مرحلة المخاض وتعاني من مضاعفات. ولكن إنقاذ الأرواح يزداد صعوبة.
رجل ليبي يحصل على دواء من الصيدلية الوحيدة في أوباري
وعلى الرغم من قيام وفود من شيوخ القبائل بزيارة كلتا الحكومتين لشرح هذا الوضع اليائس، فلم تمد أياً منهما يد المساعدة، وفقاً لعضو لجنة الأزمات مصطفى بابا أحمد. وقد أرسلت بعض المنظمات غير الحكومية كميات متواضعة من المساعدات الإنسانية عدة مرات عن طريق الرحلات الجوية من حقول النفط، ولكنها لم تغط احتياجات السكان، كما أوضح، مضيفاً أن الأزمة الطبية في المدينة قد وصلت الآن إلى مرحلة حرجة.
ويوضح فني الجراحة عبده سالم عبد الله، الذي يعمل في المستشفى منذ عام 1985، أن عدم وجود لوازم إيقاف النزيف الداخلي وخياطة الجروح الداخلية أو الخارجية يجعل العمليات الجراحية عالية المخاطر. وتبدو عليه نظرة رجل يائس. فمن المستحيل تقنياً القيام بأي عمليات جراحية في المستشفى، ولكنهم يواصلون إجراءها في حالات الطوارئ، كما يقول، لأنه لا يوجد خيار آخر.
وهناك مرفقان طبيان متواضعان آخران يعملان الآن في أوباري: مستشفى ميداني مؤقت، وعلى مشارف البلدة، الصيدلية الوحيدة في المدينة. ولكن المخزون أصبح ضئيلاً بشكل خطير، بما في ذلك المضادات الحيوية وأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، وكذلك الأدوية المضادة لسموم لدغات العقرب الشائعة في ذروة الصيف في صحراء ليبيا الجنوبية. وقد توفي ثلاثة أطفال جراء لدغات العقارب خلال شهر رمضان وحده، حسبما ذكرت متطوعة تساعد في إدارة الصيدلية والمستشفى الميداني.
والجدير بالذكر أن المستشفى الميداني هو عبارة عن مدرسة تم تحويلها لهذا الغرض بعد أن توقفت الدراسة العادية في المنطقة جراء الصراع. وأصبحت ثلاثة فصول دراسية الآن موطناً لأسرّة صدئة غير متطابقة، بعضها يغطيه فرش تكسوها البقع، والبعض الآخر لا تغطيه سوى زنبركات عارية. ويوضع المقاتلون المصابون في الغرفة الوحيدة التي بها تكييف الهواء، الذي لا يخفف كثيراً من حرارة الصحراء الحارقة. وفي قاعة المدرسة السابقة، يسعى المدنيون للحصول على العلاج. يعاني الشاب محمد المصاب بالهزال من الإنهاك الحراري وسوء التغذية، وجسده متصل بجهاز تنقيط وريدي. وأوضحت المتطوعة أن هذا منظر شائع. ويرسل كلا المستشفيين الحالات غير الحرجة إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن، لأنهما لا يستطيعان توفير رعاية لاحقة تُذكر.
وفي المستشفى الرئيسي، تقود الممرضة عائشة منير جولة حزينة في الممرات المهجورة، وتوضح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الأقسام المختلفة، التي أصبحت كلها مغلقة الآن. "في عام 2011، كان كل شيء هنا يعمل على أكمل وجه، ولكن قدرته تقلصت كثيراً على مدار السنوات الأربع الماضية، وخاصة في العام الماضي،" كما أفادت.
توقفت شاحنتان من طراز تويوتا مليئتان بالجنود خارج المستشفى للاطمئنان على الأمن بعد وصول تقارير عن وجود قناص في المنطقة. وقالت عائشة وهي تقف عند المدخل: "يقول الناس أن أوباري بلدة مهجورة، ولكن الحقيقة مختلفة. لا يزال العديد من المدنيين يعيشون هنا ونحن نبذل قصارى جهدنا لاستمرار العمل في هذا المستشفى. ولكننا نشعر بأن الجميع قد نسونا".
الشابي- مشرف عام
-
عدد المساهمات : 5777
نقاط : 15814
تاريخ التسجيل : 04/06/2014
مواضيع مماثلة
» إنهيار الهدنة الهشة في أوباري جنوب ليبيا، وتجدد الإقتتال الدائر في المدينة ..
» مطار أوباري الأن في حماية الجيش الليبي وأهالي أوباري
» تجدد الإشتباكات بمدينة أوباري ليبيا
» أوباري (ليبيا) – بوابة افريقيا الاخبارية:
» سيف الإسلام يظهر في أوباري جنوب ليبيا!
» مطار أوباري الأن في حماية الجيش الليبي وأهالي أوباري
» تجدد الإشتباكات بمدينة أوباري ليبيا
» أوباري (ليبيا) – بوابة افريقيا الاخبارية:
» سيف الإسلام يظهر في أوباري جنوب ليبيا!
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة الليبية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الإثنين نوفمبر 25, 2024 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi