الهائمون

بعد أن أُسقِط في أيديهم، وبعد أن جنوا خيبة لم يكونوا ليتصوروها، ولم تكن لديهم الشجاعة، للاعتراف بالخطيئة، وخارت فيهم القوى بحيث لم يفقهوا مايقولون، ولم يعلموا ما يفعلون بل صاروا في كل وادٍ يهيمون، وبين الفِرق يتخبطون، فهم لم يعملوا العقل البتة، ولم يستفيدوا من مسيرة لا بأس بها في معترك الحياة لاينضحون سوى الحقد، ولا يجيدون سوى التصيد والتربص تركهم أربابهم ليتنعموا فيما سرقوا ونهبوا، وبقوا هم يعلِكون الهواء، ومع هذا كان الطبع غالب، فمن جُبل على شئ يصعب عليه مبارحته صرعهم حِقدهم، وغلبتهم غِيرتهم، فاعمت فيهم البصر وقتلت البصيرة.
هم فئة قليلة لم يعُد لها سوى أن تلهث بين الصفحات ونبش الغثِ من الكتابات علّهم يجدون ما يطفئ لهيب حقدهم، ويُشبع غريزة التشفي لديهم هم فاشلون، ومن بيئتهم معتزلون يجالسون بعضهم يعزفون عن مجالس الناس، وينأوون بأنفسهم عن اللقاءات والمناسبات ليقينهم بأنهم نشاذ ورؤياهم لاتُطرب العباد.
هذه الفئه لم تفوت فرصة لتنال من الفاتح ولم تألوا جهداً للنيل من الرمز الشهيد الصائم، ونسوا أن كُبرائهم حاولوا على مدى عقود، وانتهوا متوسلين، ومتملقين، ومن ثم انقلبوا إما خونة أو مُطاردين يخرج أولئك الطفيليات بهرطقات لا تنطلي على أطفال ويسردون تُرهات لاتقبلها شتى الشرائع والديانات.
أيُّها الهائمون يا من تملك الحقدُ قلوبكم، وسيطرت الغيرة على أنفسكم نعرف إنكم تصلُّون سراً لأجل نكبتكم المنتهية بفعل صمودنا، ونعرف إنكم تتمنون من كل قلوبكم أن نكون عبيداً لأسياد نكبتكم، ولكن هيهات منا الذلة هيهات أن نكون كما تريدون بل سنكون كعهدكم بنا شوكة في حلوقكم، وغُصّه تحرمكم النوم، وكابوس يجثم على صدوركم التي لم ولن تسع سوى الضغينه.
نقول تقوّلوا كما تشاؤون، واكذبوا ما وسعكم الكذب، فمعمر ظاهرة انحنى لها التاريخ، والفاتح سيكون الثورة العربية الوحيدة التي سادت بها ليبيا شتى أصقاع البسيطة، واعلموا إنكم بشعودتكم ورعونتكم لن تنزعوا ذكرى الشهيد من قلوب الملايين في شتى البقاع كابروا ماشئتم، وضللوا مايحلوا لكم، فنحن هنا في بلد الصمود نستمتع بإرث الشهيد الصائم، ونتباهى على البشرية بأننا عشنا معه وأبناء بلده وأخوته.
اقضموا أصابعكم، وشقوا جيوبكم بل، وكما (إيمان) الطموا خدودكم، فلم يفيدكم هذا، ولن نُعركم بالاً لاْننا قلنا كلمتنا، ومضينا كما فعل قائدنا بأن رسم لنا طريق الشرف، وسار الى العُلا بارادته، وبرضى ربه.
موتوا بغيظكم ...
صامد أصيل
20 الكانون من العام الخامس للنكبة..