الدكتور مصطفى الزائدي:نقطة اول السطر !!

لم تستطع حملات التضليل الاعلامي اخفاء حقيقة ما دبر لبلادنا ، ولن تتمكن محاولات الترقيع التي يمارسها مهندسو المؤامرة من ابقاء الحال علي ما هو عليه !!
ليبيا اليوم وطن ممزق الي دويلات تتصارع على نصيبها من تركة الوطن !!
وليبيا اليوم ساحة يمارس فيها المجرمون تدريباتهم على الاساليب الوحشية المعاصرة للجريمة دون رقيب !!
وليبيا اليوم مرتع لكل اجهزة التجسس العالمية الكبيرة والصغيرة وارضا للصراع على مناطق النفوذ ، ومطمعا لكل دول العالم صغيرها وكبيرها !!
ليبيا اليوم صارت مثابة للإرهابيين يأتونها من كل فجوج الارض العميقة يمارسون فيها طقوس تعبدهم السادية !!
وليبيا اليوم اشبه بدار الغولة التي يملا الرعب كل ارجائها !! فالخوف من انياب الدواعش المكشره ،لا يقل عن الخوف من عصابات الخطف ، او ارهاب الدروع ، او الخوف من وبوابات المليشيات !!
وليبيا اليوم اشبه بمسرح الكوميديا الساخرة عندما يستمع المرء الي فتاوي المفتي ومواعظ رجال الدين !! واحاديث ابطال ثورة 17 فبراير الاشاوس وغير الاشاوس !! وخطابات بوسهمين ومن في حكمه !!
وليبيا اليوم اكبر منتج للشهداء عبر التاريخ !! فمن مات يدافع عن مشروعية التدخل الاجنبي شهيد ، ومن مات وهو يسرق شهيد ومن مات وهو يقتل المئات في تفجير انتحاري شهيد ، ومن مات وهو ينتهك اموال واعراض الاخرين شهيد !!
ليبيا صارت ارض الفوضى والعبث والموت !!
ليبيا هزم فيها الجميع، وخسر الكل الحرب !!
ليبيا لن تخرج من ازمتها القاتلة ، مهما تعددت حكوماتها وجيوشها برلماناتها، ومهما تكاثر المندوبون الساميين الدوليين ، ومهما دعم اصحاب الاموال الخليجيين ، ومهما خطط الاتراك المهوسين بالحلم العثماني الملعون ، واصحاب النفوذ الامريكيين والاوروبيين !! ليبيا لن تنهض من جديد الا بقرار شجاع من جميع الاطراف الليبية التي ساهمت بشكل او بأخر بقدر كبير او يسير فيما حصل من تدبير وتدمير ، وتحتاج الي إرادة صلبة قوية من كل ابنائها الذين ينظرون الي المسألة بعيون الوطن ، ولا يحاولون التعامل مع حالة الوطن ،بعيون تنظر من خلال شخوصهم او جهاتهم او ايديولوجياتهم !!
ليبيا لن تخرج من هذا النفق الذي هي فيه ،الا بوقفة من الجميع ، تستند الي شعار واحد ، وهدف واحد، وهو استعادة الوطن وليس الصراع على الحكم ، نقطة من اول السطر !!
ففي ليبيا رجال ونساء كثر، يمتلكون من الوعي والفهم والشجاعة والارادة ما يمكنهم من الجهر بالدعوة ، ان كفي !! ، فلقد وصل السيل الزبي ، والوطن صار قاب قوسين او ادني ان يصير حكاية من الماضي !!.
وليبيا بها شعب متعلم مدرك، وان حاول البعض الذي ضهر بسبب الانفلات في كل شيء، ان يقدم صورة سوداوية عن الليبيين الطيبين والوطنيين !!
دعونا من الصراع حول الماضي فالأغلبية تدرك حقيقة ماجري ، ولنترك التاريخ يفعل فعله في تحليل المؤامرة وابعادها ، فليس الوقت مناسبا للحساب !!
نقطة من اول السطر ، كيف نتسامى على الوجع الشخصي لنعالج وجع الوطن ؟
نقطة من اول السطر ، كيف نستعيد الوطن من براثن الارهاب والفوضى والعبث الاجنبي ؟؟
نقطة من اول السطر ، كيف نسترد ثروات الشعب المنهوبة ونوقف عمليات السرقة لمواردنا ومدخراتنا ؟
نقطة من اول السطر ، كيف نكفف دموع اليتامى والثكالى ، وكيف نعيد المسجونين والنازحين والمهجرين الي اهلهم وديارهم ؟
نقطة من اول السطر ، كيف يتوافق الليبيون على نظام للحكم يمكنهم من التعايش معا في سلم ووئام بعيدا عن تدخلات الاجانب وبعيد عن طموحات طلاب السلطة ؟
نقطة اول السطر ، كيف نصنع معا علما يقدسه اولادنا واحفادنا ،ونصوغ لحنا وطنيا يعكس اوجاعنا ويدغدغ عواطفنا ويزرع الامل في اجيالنا القادمة ؟
نقطة اول السطر ، كيف نبني معا ليبيا دولة مستقلة امنة مؤمنة مسؤولة ،الكلمة الفصل فيها للشعب ؟؟
هذه البنادق والمدافع والرصاصات قد تزرع الموت والدمار، لكنها لا تبني مستقبل الشعوب ، غاندي دعي الهنود للبصق على الانجليز، فانجز ما لم ينجزه احد و اسس دولة هي اصبحت قوتها اضعاف قوة بريطانيا التي كانت تريدها درة في تاج ملكتها !!
نعم البعض قد لا تردعه الموعظة بالحسني ولن ترده الكلمات الطيبة، ويحتاج الي صفعة ليسترد وعيه ، فلنتحد جميعا نحن الشعب ضد ذاك البعض البغيض .
ونعم ما اخذ بالقوة لن يسترد بغيرها ، لكن القوة لا تعني فقط السيوف والرصاص ، فالشعوب المنظمة الواعية اقوي من اكبر الجيوش تسليحا .
ونعم كثير من الحقوق انتهكت ، حقوق الشهداء الذين سقطوا في مواجهة العدوان والظلم ، وحقوق من انتهكت اموالهم وحرماتهم ، افراد ومناطق وقبائل كثيرة اصابها اذي كبير ، لكن الحقوق ينبغي تستوفي بالعدل وبالقانون ،وليس باليد ، عندما تقام الدولة التي يحترم قانونها الجميع .
نقطة اول السطر ،قدرنا ان نعيش وقتا فاصلا في التاريخ ، سينعكس على الجغرافيا لا محالة ، فإما ان نحافظ على هذا الوطن الصغير، الذي رسمه الاباء والاجداد بدمائهم على خرائط العالم ، واما سيكون اثرا بعد عين .
ونقطة من اول السطر
والله من وراء القصد
مصطفى الزائدي
11.1.2016