داعش يرسل فى رسالة صريحة من " بن قردان "

لماذا مدينة بن قردان ؟ و من أين جاؤا ؟ و أين تدربوا ؟و من سلحهم ؟ و من مولهم ؟و من دعمهم ؟ و من حرضهم للهجوم على المدينة فى ساعة الصفر التى حددها لهم مُحركيهم ؟
الهدف كما أصبح معلوما هو محاولة السيطرة على مدينة بن قردان و رفع العلم الأسود ، فإذا أخفقوا فيكفيهم فخرا أنهم أحدثوا الهلع و الفزع المطلوب و معه الدعاية الإعلامية المجانية.
نبدأ بالجواب الأخير ردا على السؤال : لماذا إختاروا ساعة الصفر فى هذا الظرف الوجيز بحيث جعلوا من الهجوم الكاسح للدواعش السريع أو المتسرع بمثابة شبه إنتحار جماعى على أسوار مدينة بن قردان ؟
الجواب يرتبط بالحراك الشعبى الذى شاهدناه مؤخرا و الذى عبر عن رفض تونس شعبا و حكومتا بتصنيف حزب الله اللبنانى كتنظيم إرهابى من قبل السعودية و دول مجلس التعاون الخليجى .
كان يمكن أن يكون الهجوم " أكثر نجاحا " و عدد الضحايا كان سيكون كارثيا من كل النواحى الإنسانية و الأمنية لو تم تأجيل الهجوم لعدد من الأيام بالتنسيق مع الخلايا النائمة داخل المدينة ، لكن سرعة التنفيد و الإستعجال مع الفطنة الأمنية حال دون إحداث ذلك الخرق الكبير الذى كان يحلم به الدواعش ، هذا يعنى أن المُحرض و الأمر بالهجوم أراد أن يُرسل رسالة مستعجلة لمن يهمه الأمر ردا على ردة فعل الشعب التونسى إتجاه القضايا العربية العادلة و إرتباطه بمنهج المقاومة و الممانعة.
مدينة بن قردان كخصوصية هي مدينة حدودية كانت تعرف بالتهريب و معظم ساكنيها كانوا متعاطفين مع النظام الليبى غداة عدوان النيتو على ليبيا و بالتالى الحاضنة الشعبية لهكذا تطرف وهابى غير موجودة و لكن الفقر و العوز قد يكون أحد أهم أسباب تجنيد ذلك الشباب القاطن بالمدينة.
أما باقى الأسئلة فجوابها من الداخل الليبى بعد سقوط نظام الشرعية ، ببساطة صرنا نعلم أن كل مصائب تونس الأمنية و حتى الإقتصادية و السياحية مصدرها الجار الشرقى و مادام هذا الجار مايزال يرزخ تحت رحمة حكم الميليشيات و العصابات المسلحة فلن يهنأ لتونس بال.
الإسلام السياسى بفرعيه الإخوانى و السلفى هو من سلّح و موّل و حرّض و نفّد كل الجرائم و المجازر التى تقوم بها عناصره بمختلف إتجاهاتها و مشاربها السياسية فى ليبيا و فى دول الجوار ، و ما حدث فى مدينة صبراتة يؤكد ذلك لأن حكام طرابلس و ميليشيات فجر ليبيا هي التى كانت و لاتزال تُسيطر على هذه المدينة و هي التى تتحكم فى كل واردة أو شاردة من داخل هذه المدينة و غيرها من المدن الليبية المُسيطر عليها من قبل جردان النيتو ، لا ننسى ذلك التدرج الذى حدث فى سوريا من الجيش الحر إلى جبهة النصرة إلى تنظيم داعش ، و هو نفس التشكيل و التدرج الذى نشاهده فى ليبيا من المقاتلة إلى أنصار الشريعة إلى داعش .
و لا ننسى أن حركة النهضة التونسية هي من كانت وراء عملية إرسال ألاف الشباب التونسى للقتال فى سوريا و فى ليبيا و لما إرتد إرهابهم إلى الداخل التونسى توقفت عملية التجنيد المباشر و لكن أدرعها و فكرها مازال يسرى كما يسرى السم فى الدم .
لكن المؤكد فى كل هذا المُخطط أن أصحاب القرار الرئيسى و المُحركين الفعليين لكل هذه الفوضى لا يسكنون طرابلس و لا يقطنون فى دول الجوار ، فالو م أ التى غزت العراق بقرار من الأرعن جوج بوش و دمرت جيشه و قتلت شعبه و حطمت البلد و نشرت التقسيم الطائفى و الفتنة المذهبية هي نفسها من سعت لوضع قائم على هذا التقسيم و الفُرقة و هي من جلبت القاعدة للتشويش على العمليات العسكرية الناجحة التى كانت تُنفد ضد وحداتها العسكرية الغازية و هي من أرست هذه الفوضى الخلاقة فى البلد لنمو داعش و تمددها ، و بعد ذلك من هذا الغبي الذى بقي يُصدق أن " أم الإرهاب " تحارب الإرهاب !؟
يجب دائما أن لا نغرق فى التفاصيل بعد كل حادث أمنى ، علينا طرح السؤال : من المستفيد من الجريمة ؟
و قبلها لا يجب أن ننسى طرح السؤال التالى : من هي المدينة التالية المستهدفة ؟ و من هو البلد التالى المستهدف ؟ فغزوات الدواعش لم تنتهى .
بعيدا عن نظرية المؤامرة التى يُراد تهميشها و هي فعلا موجودة بكل تفاصلها فى وطننا العربي ، فتش عن الكيان الصهيونى ستجده حاضرا فى كل مصائب العرب ، و أول تلكم المصائب هي ضرب الوحدة الوطنية و النسيج الإجتماعى داخل البلد ، و عندما ندرك مخططات الأعداء يمكننا بسهولة مواجهتها و التغلب عليها .