مؤشرات بدء الخروج من الازمة السورية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
مؤشرات بدء الخروج من الازمة السورية
عباس ضاهر
بمجرد أن تستحضر المستجدات حول الأزمة السورية، تدرك أن مرحلة جديدة بدأت، إنطلاقاً من وقائع الميدان السوري وصولاً الى الإشارات الخارجية الإقليمية والدولية، التي تدور شكلاً حول مؤتمر جنيف المرتقب بجزئه الثاني، وضمنياً في فلك المصالح الإستراتيجية والاقتصادية.
إنقلاب الصورة السورية سببه الأساسي التطورات الميدانية. القضية لا تـُختصر فقط بنتائج القصير وريفها، رغم الأهمية الإستراتيجية لتلك البقعة الجغرافية، لأن المستجدات تتوزع على مساحة سوريا، ويرصد المتابعون مؤشرات تتراكم من إزدياد وتيرة تذمّر المواطنين جرّاء سوء تصرف المجموعات التي أعدمت مؤخراً صبياً بالرصاص أمام والديه وأقاربه بعد جلده في حلب بحجة الكفر، أو سطت على ممتلكات بداعي نصرة الثورة أو طبّقت حكماً شرعياً تحت قوة الأمر الواقع. تلك وقائع باتت تحضر في الصحافة الدولية المؤثرة وغاب الحديث عن ثورة ديمقراطية وإسقاط نظام...
أيقن السوريون المؤيدون والمعارضون أن لا سبيل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ولا حل إلا بالحوار. بات المواطن يعلم أن وجود المسلحين في أي مدينة أو قرية يعني الحرب والنتيجة ستكون بالمحصلة إستعادة السيطرة العسكرية للدولة.
يروي سوريون أن ظاهرة بدأت في المدة الأخيرة تظهر حول إقدام أعداد من الشباب "الثائرين"، على إلقاء السلاح أو التفاوض للإنتقال إلى مجموعات "اللجان الشعبية" أو "لجان الدفاع الوطني" التابعة للدولة. صارت القصير مثلاً يُضرب في حمص وحلب وريف دمشق وحتى في دير الزور. لم تعد أولويات المسلحين الهجوم على العاصمة أو مناطق تخضع لسيطرة النظام، بل أصبحت الأولويات تتراوح ما بين الحفاظ على المواقع والتنعم بسلطة الأمر الواقع في الأحياء، بانتظار معجزة دولية ما تساعد المسلحين على هلاك النظام، أو تأمين ممرات الانسحاب كما حصل من القصير باتجاه الضبعة ثم المسعودية فالصالحية فالبويضة الشرقية التفافاً عبر الجبال إلى القلمون وعرسال، في مسار لم يكن سلوكه سهلاً لو لم يكن هناك صفقة أمّنت خروج من تبقى من المسلحين ونقل الجرحى منهم إلى لبنان.
في يوميات الجيش السوري استعادة للمعنويات بعد فترة هزائم نفسية إزاء تكاثر أعداد المسلحين السوريين والوافدين من الخارج ونوعية الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. اليوم يتكلم العسكر وفق معادلة الإنتصار لا محالة ويعددون الإنجازات ويفنّدون في السيناريوهات المرتقبة في ريفي حلب ودمشق تحديداً.
إطلاق اسم "عاصفة الشمال" وتحشيد العسكريين واللجان في ريف حلب، رفع أيضاً من معنويات الجيش والمؤيدين رغم محاولة المسلحين تحقيق محطات معنوية رمزية كالهجوم على مطار منغ العسكري أو محاصرة عفرين الكردية وضرب منطقتي نُبّل والزهراء بالصواريخ، لكن الأهالي والجيش في هاتين البلدتين كانوا قد شنّوا هجومات ضد المسلحين الذين يحيطون المنطقة، وكسبوا تعاطفاً كردياً عاماً بعدما هاجمت المجموعات المسلحة القرى الكردية، غير أن الكرد ردوا بإستعادة السيطرة على مناطق عدة شمال حلب وهددوا بضرب المجموعات على مساحة الشمال.
في ذاك الشمال يقول المؤيدون للنظام أن المزاج الكردي تبدل ما بين النأي بالنفس مروراً بتسهيل تحركات المسلحين في الأشهر الماضية، وصولاً إلى مساندة الدولة بطريقة غير مباشرة. قد تبدو في الأفق إشارات لها علاقة بحسابات حزب العمال الكردستاني ولا تقتصر على الوقائع السورية الميدانية.
ولا تغيب احتجاجات تركيا عن اهتمام السوريين خصوصاً في تلك المنطقة الحدودية. ويتردد سؤال على كل لسان: هل بدأت تشهد تركيا ما مر في سوريا خلال سنتين؟ يستنتج معظمهم أن أنقرة ستكون مشغولة إلى أمد بعيد ولن تلتفت عملياً إلى الواقع السوري بعد اضطراب الأوضاع في ولاياتها على طول المساحة التركية. يستحضر ايضاً سوريون الزيارة اللافتة لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى أربيل، ويدققون في الحفاوة البالغة التي خصت بها كردستان رئيس الحكومة المركزية.
ويربط هؤلاء الخيوط الجديدة إبتداء من استهداف الجيش العراقي للقاعدة في الأنبار إلى زيارة المالكي لأربيل واحتجاجات تركيا في أبعادها الداخلية والدولية، وصولاً إلى مساندة الأكراد للنظام السوري.
ثمة وقائع تحضر مع مفاوضات الروس والأميركيين التي إقتضت تأجيل زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الشرق الأوسط. لكن الثابت في سوريا أن لا قبول بفرض التغيير بل الإستناد إلى ما تقرره صناديق الإقتراع. يدرك الأسد هنا أن وضعه الداخلي إلى تحسن، وتصله مشاهدات حية عن مزاج السوريين العام الذي إطلع عليه الغرب من خلال الإحصاءات الرسمية. لذلك رفع الرئيس السوري سقف المفاوضات بعدما قدم للروس منذ مدة أسماء المحاورين في جنيف، وجرى التداول بالشروط والعناوين وآفاق التسوية المطروحة. لكن هذا لا يعني نجاح التسوية مسبقاً، بل يعني السير بخطى ثابتة نحوها، لا سيما أن عواصم دولية سارعت بعد قطيعة مع الأسد لبناء خطوط تعاون جديدة وخصوصاً إستخباراتية، وبعضها صارحت دمشق بأنها تنوي إعادة السفير إلى مكان عمله دون ضجيج.
الأبرز كان البعد الإقتصادي، فالغرب أراد عبر البنك الدولي وضع يده على ملف الإعمار، ورُصدت في مكتب مدير البنك خريطة مفصّلة لسوريا تتضمن إشارات حول المناطق المدمرّة، كما جرت دراسات مفتوحة حول حاجات البناء، وعُرض على الأسد مبلغ 21 مليار دولار كقروض ميسرة من البنك الدولي للإعمار، لكن الرئيس السوري أبلغ الوسيط عبدالله الدردري وهو مسؤول مالي رفيع سابقاً في مصرف سوريا المركزي برد العرض الدولي، في وقت تحدث فيه الأسد أمام وفد عربي عن أن حصة إعمار سوريا للحليف الصيني والإستثمار النفطي هو للحليف الروسي.
تبدو المستجدات توحي بأن سوريا سلكت في طريق الخروج من الأزمة، وإن كان الوصول إلى الحل محفوف بمخاطر الشروط والمصالح التي تؤخر التسوية ولا تلغيها، لكن الوقت الآن بدأ يخدم النظام بعد إنجازات الميدان ودخول تركيا في أزمة مفتوحة لا تبدو حدودها تقف عند شارع تقسيم. إنها مسألة أكبر، فهل بدأ عصر إنهيار التجربة الإسلامية؟ وماذا عن الدول الخليجية؟ هل تتحضّر فعلاً لتسليم جيل جديد؟ أسئلة بالجملة تحضر لكن الجواب يستلزم المزيد من الوقت، فلننتظر الإنتخابات الإيرانية، ستكون نتائجها الإشارة الأولى.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» مؤشرات بدء الخروج من الازمة السورية
» المعلم: عام 2015 سيكون عام بداية الخروج من الازمة السورية
» تفاصيل من اجتماع جنيف حول الازمة السورية
» "عافش".. مصطلح جديد في الازمة السورية
» حسابات المسار والمصير في الازمة السورية
» المعلم: عام 2015 سيكون عام بداية الخروج من الازمة السورية
» تفاصيل من اجتماع جنيف حول الازمة السورية
» "عافش".. مصطلح جديد في الازمة السورية
» حسابات المسار والمصير في الازمة السورية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
اليوم في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi