يا شباب الفاطمية

بِسْم الله الرحمن الرحيم
يا شباب الفاطمية ..
ان الدولة الفاطمية من اهم الدول التي قامت في تاريخ هذه الأمة ..
حينما شهدت الدولة العباسية ضعفاً شديداً في اطرافها و أركانها و ظهرت عدة مراكز قوى أدت الى انتشار الفرق المذهبية و الدينية و الفكرية التي أفرزت حركات مسلحة تدَّعي الإصلاح و الهدى ..
نتج عن هذه الدعوات و التيارات سفك الكثير من الدماء و تشريد الكثير من البشر و استباحت المحرمات و المقدسات و أهمها البيت الحرام و الكعبة المشرفة بمكة المحرمة ..
و كان اخطر هذه الفرق هم "القرامطة " اللذين انطلقوا من شرق الجزيرة العربية و تحديداً من القطيف و قطر و البحرين و شنوا حرباً على بقية المسلمين بحجة فساد عقيدتهم و ضلالهم و اعتبروا ان من ليس على منهجهم فهو ضال فاسد العقيدة ، و بالتالي إستحلوا دماء و ممتلكات و أعراض المسلمين ، و قطعوا طُرق قوافل الحجيج و عاثوا فيهم قتلاً و نهباً ، و استباحوا حرمة بيت الله الحرام و خلعوا باب الكعبة المشرفة و سرقوا الحجر الأسود و حملوه الى عاصمتهم بمنطقة القطيف بشرق الجزيرة العربية ، و هُجِرَ المسجد الحرام و توقف الحج لمدة لثلاثة و عشرين سنة لم يستطيع خلالها أي مسلم الحج الى البيت العتيق ..
فظهرت الدعوة الفاطمية العُبيّدية و هم رجال يرجع نسبهم الى آل البيت عليهم السلام من احفاد سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام بنت سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و آله و صحبه ..
و قد لاقت هذه الدعوة استجابة قوية لدى جماهير المسلمين لتوافقها على ان المسلمين اخوة إنطلاقاً من قوله تعالى :
( إنما المؤمنين إخوة )..
و تحالفت معها القبائل و أهمها القبائل الليبية و قبائل بني هلال و بني سليم النجديتين اللتان استقرتا في ليبيا و كانت الداعم الأكبر لهذه الدولة ، و شكلت طرابلس و سرت و اجدابيا مراكز مهمة فيها ..
و بلغت هذه الدولة أوجها في عهد الخليفة الفاطمي المعزلدين الله سنة 969 ميلادية و استطاع ان يجهز جيشاً قوياً من هذه القبائل و يفرض نفوذه على كامل شمال افريفيا ، و تمكن من القضاء على جرائم القرامطة و نفوذهم و استرد الحجر الأسود و باب الكعبة المشرفة ، مُعَمِراً بيت الله الحرام بالحجيج ، بعد توقفه لمدة ثلاثة و عشرون سنة و آمَّن طرق القوافل و بنى مدينة القاهرة و اتخذها عاصمة للدولة ..
فأزدهرت فيها الحضارة و تعايشت فيها كل المذاهب الدينية و الفكرية دون عنف و سفك للدماء ، فكانت مثالا حقيقياً لمبدأ حرية الفكر و الاعتقاد دون إكراه إسترشاداً بقوله تعالى :
( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )
فالدولة الفاطمية لم تَطَّهِد أي مذهب أو أي ملة أو أي طائفة مادامت لم تلجأ الى استخدام العنف لفرض مذهبها او منهجها او افكارها ، فقضت على كل المرضى العاجزين الذين يريدون إخضاع الآخرين لا إقناعهم ..
إن الدولة منعت مبدأ الاطهاد الفكري و الديني و التعصب العرقي فأصبح البقاء للأصلح و سقطت كل الدعوات الجوفاء الضالة التي لا تستطيع الصمود في مواجهة الِسجالات الفكرية ..
و هانحن نرى شمال افريقيا خالي تماماً من هذه الفِرق و الطوائف التي كانت دائماً وسيلة للحكم و التحكم ليس إلا ..
فما احوجنا الى مثل هذه المفاهيم الاسلامية السامية ،
و لأهمية مثال الدولة الفاطمية في تقديم نموذج إسلامي يُحتذى
به ، عمل أعداء الاسلام على تشويه تاريخها بالاكاذيب و التضليل ..
فَلَو ان الدولة الفاطمية شيعية و تكرس كره السنة لما ابقت على بيوت الصحابه و قبورهم بمكة و المدينة المنورة و خاصةً قبريَّ سيدنا ابوبكر و سيدنا عمر عليهما السلام بالروضة النبوية الشريفة بجوار سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ..
فالدولة الفاطمية هي خلافة إسلامية خالية من المذهبية و الطائفية و الشواهد كثيرة على ذلك ..
فما احوجنا اليها الان أيها المسلمون ..منقول