الدكتور رمضان البحباح:ليبيا دولة منتهية تتصارع على أرضها العصابات المدعومة من الخارج

قال الديبلوماسي الليبي الدكتور رمضان البحباح أن الهجرة غير الشرعية من ليبيا باتجاه دول أوروبا ليست وليدة الحالة الراهنة، انما كانت ناشطة ولكن بوتيرة أقل إبان وجود الدولة ونظامها. وأوضح الدبلوماسي الليبي أن : “المهاجرين الغير شرعيين عبر ليبيا باتجاه دول أوروبا أغلبهم من القادمين من الدول الأفريقية”. وكشف رمضان البحباح أن الدول الأوروبية حاولت اتخاذ جملة من الاجراءات التي من شأنها أن تحد من استمرار هجرة الموت، لكن هذه الإجراءات لم تكن جدية ولم تعالج هذه الظاهرة بشكل جذري لوجود أطراف تحاول إستثمارها وفق سياسات تخدم مصالحها حسب قوله. ولمزيد التوضيح والاستيضاح إلى الحوار, في ظل الفوضى والنزاع المسلح في ليبيا تفاقمت ظاهرة الهجرة غير الشرعية ونشطت عصابات الاتجار بتهريب البشر خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، هل تعتبر الهجرة السرية “بزنس” المليشيات المسلحة الليبية ؟       المليشيات المسلحة هي جزء من المخطط الاستعماري وهي تعمل لصالح أجندات خارجية، هذه العصابات لاتتحرك من ذاتها إنما هي على علاقة مع عصابات أخرى في الطرف الآخر من البحر. إذن التعامل يتم مع أطراف في دول معروفة وهذه الدول تمتلك من الامكانيات والقدرات ما يمكنها أن تنهي الظاهرة في وقت قصير جدا لكنها غير جادة لأن الدول الكبرى هي المتحكمة في في المعادلة الدولية. * لا يمر يوم دون تسجيل حادث غرق أو إنقاذ مجموعة كانت تنوي الوصول إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية، فمنذ أسبوع أعلنت إيطاليا عن إنقاذ 11 ألف مهاجر خلال 48 ساعة قبالة السواحل الليبية، ما العمل برأيك لإقفال معبر الموت الليبي ؟ *** السؤال كيف استطاعت إيطاليا انقاذ هؤلاء ؟ فالأرجح أنها تعلم مسبقا بوجودهم عرض البحر وإلا لما استطاعت انقاذ هذا العدد الكبير. وهذا يؤكد ما أشرت إليه في السؤال الأول، أي أن الطرف الثاني هو شريك مباشر في هذه الجريمة إذا أراد العالم أو منظماته تصنيفها ضمن الجرائم . أما إقفال معبر الموت، أعتقد أن من تهمه أرواح البشر عليه أن يتجه للحل الذي طرح من الدولة الليبية قبل تدميرها من حلف شمال الاطلسي في سنة 2011. أما الحل الذي سيعالج الأسباب الحقيقية والجوهرية لمشكلة الهجرة هو إحداث صندوق يدعم من طرف الدول المانحة حسب تعريف الأمم المتحدة وتوفر له اعتمادات مالية لبعث مشاريع تنموية كبرى في الدول الإفريقية الفقيرة. هذه المشاريع التنموية يجب أن تشمل كافة المجالات التي تتناسب وشعوب تلك الدول وبإشراف من الأمم المتحدة حتى تؤمن الحياة المناسبة والعيش الكريم للشعوب الفقيرة في بيئتها التي تعودت على الإقامة فيها. في هذه الحالة ستتراجع الهجرة السرية، فالدول المانحة سبق وأن استحوذت على ثروات وخيرات القارة الإفريقية في حقبة الإستعمار التي رفعت مستوى الرفاهية والثراء في أوروبا وبالمقابل تفقير الدول الافريقية . * في ظل هذا الوضع الذي أصبحت فيه ليبيا مرتعا خصبا لعصابات التهريب هل تحولت فعلا الهجرة السريّة إلى معبر للإرهابين بإتجاه أوروبا ؟                 ليبيا اليوم دولة منتهية تتصارع على أرضها العصابات المدعومة من الخارج، لقد تحولت إلى مرتع لكل شذاذ الافاق الذين جيىء بهم من كل مكان، وهو مصير تم التخطيط له والطامة الكبرى أن الشعب الليبي هو من يدفع ثمن هذه الجريمة التي ارتكبت بحقه. ليبيا تحولت بفعل الغرب من دولة غنية قائدة في المنطقة يسودها الامن إلى ملاذ ومأوى للاجرام الدولي وخلقت كل المبررات لتواجده على الارض الليبية لأهداف استعمارية صرفة. بهدف إعادة رسم خارطة العالم من جديد بما يتوافق وأهداف الرأسمالية والصهيونية، فالإرهاب الموجود في ليبيا اليوم أتى مع فبراير 2011 وتم دعمه من قبل الدول التي شاركت في تدمير ليبيا وللاسف منها دول عربية. وهنا نحمل الأمم المتحدة والجامعة العربية مسئولية هذه الجريمة التي كانت سببا في ما وصلت إليه ليبيا من حرب وإرهاب وإجرام. * سجلت سنة 2016 وصول 142 ألف مهاجر سري إلى إيطاليا ولقي نحو 3100 حتفهم، ورغم ذلك لم تتخذ السلطات الايطالية والفرنسية والاسبانية أي إجراء جدي تجاه هذه الظاهرة لماذا توقفت مواقفهم حد التصاريح لا أكثر؟ *** هذه سياسة استعمارية قديمة وحديثة وهذا السلوك المشين دأب عليه الاستعمار منذ بداياته في القرن السابع عشر وحتى القرن العشرين للميلاد. كل ما نسمعه عن الانسانية مجرد شعارات زائفة فالرأسمالية هي من صنع الحرب العالمية الأولى والثانية وكل الحروب التي بينهما ومات في هذه الحروب عشرات الملايين. موت بضعة آلاف عرض البحر أمر عابر لا يحرك مشاعر الدول الرأسمالية كما لم يحركها موت الملايين، سقط ملايين العراقيين ومئات الالاف من السوريين والليبيين واليمنيين وهم يتفرجون المهم بقائهم وسيطرتهم على الكرة الارضية . * كيف تقرأ سياسة الاتحاد الاوروبي تجاه ظاهرة الهجرة السرية؟ وهل يتحمل المسؤولية الأخلاقيّة من خلال تبنيه لسياسات مجحفة تجاه المهاجرين؟ ***هو اتحاد رأسمالي للدول الأوربية الغنية وسياسته وأهدافه واحدة وهو متضامن مع بعضه ضد من يهدد أمنه ووجود عالم متخلف بجواره يعطي المبرر لهذا الإتحاد للتدخل في شؤونه . وهذه نظرية طبيعية تحكمها نظرية الإستعمار مادام هناك فراغ ومناطق جذب غير مستغلة وغير مستثمرة وبها إمكانيات تسيل اللعاب. أعتقد أن تعامل الإتحاد الأوربي مع المهاجرين ظاهريا يبدو مجحفا لكن في الواقع هو يشجع ترك الشعوب لبلدانها حتى تسهل السيطرة عليها واحتلالها كما يجري اليوم في ليبيا وفي سوريا هو يدعم العصابات الإرهابية ويمدها بالسلاح ويذكي نار الحرب لتهجير أكبر عدد من السكان . بالتالي ستصبح الدول فارغة من سكانها وهذا المصطلح يعرف بالاستعمار الاحتلالي الاستيطاني أي أنه يحتل المكان بعد افراغ سكانه منه ويتم الاستيطان به .