ليلة القبض على الفقر في القربولي (#الموسيقار_الموسيقار)

على تمام الساعة التاسعة مساء وردت توجيهات من العقيد معمر القذافي للأجهزة الامنية وادارة الاستخبارات بالتحرك الي مدينة القربولي فوراً
كانت الواقعة عام 2008 وفي ليلة شتاء لم يتوقف فيها المطر منذ الصباح والمهمة المراد التقصي عنها بسرعة كانت اغـرب من ان نتوقعها .
احمد رمضان يقول ان القائد وصلت له معلومات مؤكدة عن وجود عائلة ليبية تعيش في خرابة على شاطئ البحر وهذه العائلة مكونة من ثلاثة بنات وولدين ويجب التقصي عن هذه المعلومة من حيث صحتها والتقرير يجب ان يصلنا الينا خلال ساعتين على اقصي تقدير .
انطلقت مجموعات من كل الاجهزة الامنية وادارة الاستخبارات وتم الربط بينها باللاسلكي عن طريق الغرفة الرئيسية .
بعد تمشيط المنطقة بالكامل وصلت دورية الي مكان اقامة هذه العائلة وثم طرق الباب فخرج طفل يبدو انه في العاشرة من عمره ، سأله احد الضباط عن والده فأجاب ان والده يسهر مع اصدقائه ويعود في وقت متأخر من الليل .
ماهي الا دقائق واصبح ذلك المكان يعج بجميع الدوريات التي كانت تصل تباعاً ولان المنطقة كانت شبه خالية ومظلمة اعتمدت الدوريات على انوار السيارات في تطويق المكان بالكامل .
خرجت الأم وهي تسأل احد الظباط ماذا فعل زوجي انه رجل بسيط وانتم تشاهدون اين نعيش مع اطفالنا الصغار .
حاول الجميع ان يطمئنها فليس هناك ما يدعو للقلق وقال لها ضابط من القيادة وصل اخيراً لا تخافي يا أختي نحن ارسلنا لكم القائد لكي نتأكـد من وجودكم هنا وبأذن الله ستتغير اموركم الي الافضل ، نحن فقط نريد زوجـك الان هل لكي ان تصفي لنا المكان الذي نجده فيه .
ردت المرأة ان لديه اصدقاء كثر ولا اعرف بالتحديد لمن ذهب اليوم لكن سوف اعطيكم اسماء بعض من اصدقائه عسي ان تجدوهم عندهم .
وصلت المعلومة للعقيد بأن العائلة فعلا موجودة وتعيش في مكان لا يصلح لأقامة البشر ولديهم اطفال والمطر يتساقط علي غرفتهم من كل مكان .
رد احمد رمضان قائلاً تعليمات القائد بأخراجهم فوراً والحضور بهم الي باب العزيزية وسوف اتصل بالمهندس بشير ماضي لكي يخصص لهم شقة ويتم فرشها في الغد المهم انتم لا تتأخروا لان القائد كل خمس دقائق يتصل بي للسؤال عن هذه العائلة .
المشكلة كانت ان كل الدوريات فشلت في العثور على مكان الاب وخصوصا انه لا يملك هاتف نقال وكل اصدقائه الذين عرفنا بيوتهم لم نجده لديهم .
تأخرت الدوريات في الانتظار امام الغرفة التي كانت تقيم فيها تلك العائلة واتصالات القيادة لم تنقطع ولم يكن بالأمكان المغادرة بالعائلة بدون ان يحضر الاب .
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يتصل احمد رمضان وهو في غاية الانزعاج مع انه في العادة لا ينزعج الا للضرورة القسوى قائلا ان العقيد خرج في اتجاه القربولي لأنكم تأخرتم في احضار العائلة .
اصبحنا امام مشكلة كبيرة فهو قد خرج مع السائق وبدون رتل الحراسة وهذه مخاطرة كبرى في ليلة ممطرة .
اتصل احمد رمضان بالمهندس عزالدين الهنشيري الذي لم يكن مناوب تلك الليلة فخرج بسرعة الي طريق تاجوراء بحكم قرب الطريق من بيته .
بعد دقائق خرج عبدالله السنوسي ووكل ضباط الكتيبة الي القربولي .
دولة كاملة اصبحت على مشارف القربولي في وقت عجزت فيه كل الدوريات عن معرفـة مكان الأب .
طلبنا على الفور من شركة الكهرباء في القربولي ان تحضر مولدات الانارة الكبيرة ومن شركة الاشغال العامة في القربولي ان تكون جاهزة لفتح اي طريق قد تجرفها السيول التي لم تتوقف في تلك الليلة العصيبة .
وصـل العقيد الي المكان بعد ان تم تطويق مدينة القربولي ونشر البوابات فيها .
نزل من سيارته وصافح الام والابناء وتجول في تلك الغرفة البائسة وهو يصفق يديه متحسرا على ما يرأه .
قال للمرأة اين زوجك ، فردت عليه يا قائد زوجي لا يعمل ويعود متأخر الي البيت .
قال لها زين الليلة تذهبون للنوم في فندق بطرابلس وفي الغد سيخصص لكم بيت تعيشين فيه انت وزوجـك وابنائـك .
كان المطر ينهمر و احد افراد الحراسة يضع مضلة فوق راس العقيد اخذها منه العقيد بعد ذلك ورمي بها على الارض وركب سيارته غاضبا .
وصل الرتل بالكامل وكل المسئولين الي المكان وبعد نصف ساعة وصل رب العائلة كان سكران ولكن طلبنا من الدوريات ان تتكتم عن الآمر وتنقل العائلة الي فندق باب البحر فورا
في طـرابلس .
في الصباح استدعي معمر القذافي اللجنة الشعبية العامة للخيمة في باب العزيزية وقال لهم كلاماً لا تستطيع ان تتحمله الجبال ووصـف تقاعسهم عن ايجاد حلول لملف السكن والعمل بمثابة جريمة الخيانة العظمي .
رايت اليوم رجل مسن يبكي امام مصرف الجمهورية في الزاوية لعدم وجود سيولة فتذكرت فزعـة العقيد وليلة القبض على الفقر في القربولي .
#الموسيقار_الموسيقار

أيام كانوا قوادة ويوكلوا ويشربوا فيهم أسيادهم لأمريكان
( زيدان + شمام + حف تر + صهد )
وطنية يا C