حديث في الخيمة عن خليفة حفتر

في ذلك الصباح حضر موسي كوسا كعادته ليعرض التقارير الامنية المهمة على العقيد فهو من كل رؤساء الاجهزة الامنية كان يحرص على ان يسلم تقاريره السرية باليد الي العقيد ويدلي برايه حول طريقة معالجتها .

كان تقرير ذلك اليوم يخص خليفة حفتر وكل تحركاته في ولاية فرجيينا الامريكية ، وعلى الرغم من ان التقرير لم يتضمن معلومات مهمة عن تحركات مشبوهة للهدف الا العقيد قد اهتم بقراءته بتأني وتمعـن وبعد ان خلص منه وضعه على الطاولة التي امامه وقال لكوسا اعتقد ان خليفة لم يعد مهم بالنسبة لهم وهذا واضح من الحياة اليومية التي يعيشها ،

وهنا التقط كوسا هذا التعليق من العقيد ليقول سيدي الانجليز عرضوا علي ان يحضروه لنا وانت تعرف حجم التعاون الكبير بين السي اي ايه والام اي 6 وتستطيع ان تقول ان ما يقرره الانجليز في العادة لا يرفضه الامريكان .

رد عليه العقيد احيانا يا موسي تبدو لي شديد الذكاء وفي احيان اخري تبدو لي في منتهي الغباء ، تقريرك هذا يدل على ان الرجل بحاجة الي ان نمـد له يد المساعدة لا ان نتأمر عليه مع الانجليز والامريكان .

احس كوسا بالحرج بعد ان اسمع رد العقيد فحاول ان يخرج من المأزق بالقول ومن قال سيدي اننا لن نساعده عندما يكون بيننا .

فرد عليه العقـيد أسمع يا موسي انا لا أثق في المخابرات لانها تعمل بالمبدأ الميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة وملف خليفة حفتر عليك ان تسلمه منذ الان الي احمد قذاف الدم وسيتولي اقتراح الطريقة التي تتم مساعدته بها .

كان الرد قاسي فموسي لم يكن يعتقد انه يعرض تقرير امني ليسحب منه ملف كامل ويسلم لشخص لا يطيقه ولكن لا يستطيع ان يعترض عليه امام العقيد .

رفع العقيد الهاتف الذي امامه واصدر تعليماته بالخصوص الي احمد رمضان .

هنا عرف كوسا الموضوع انتهي وان الحديث عن خليفة حفتر في الخيمة مجدداً لن يكون مقبولاً منه .

وبخبثه المعتاد قال موسي للعقيد سيدي هناك شخص يتبعنا جندته في ولاية فرجيينا لكي يراقب خليفة حفتر وادفع له كل شهر من مصروفات الجهاز السرية فهل انهي خدماته ؟

فقصفه العقيد برد صاعق قائلاً له لم تسالنْ عندما جندته فلماذا تسالني عندما تريد ان تنهي خدماته ، هذا عملكم وانا قائد ثورة ولست رئيس جهاز مخابرات .

وامسك العقيد بملف امامه واشار بيده لموسي ان يغادر الخيمة وانسحب موسي في هدوء بعد ان عرف ان مقابلة هذا الصباح كانت سيئة وانه لم يقرأ تفكير العقيد ولا نظرته لرفاقه الذين خسروا انفسهم وخسرتهم مسيرة الثورة في وقت مبكر .

بقية الاحداث انتم على معرفة بها بعد ان سلم الملف لقذاف الدم وحضر ابناء حفتر لزيارة العقيد في مصـر .

وفعلا مدت يد المساعدة لخليفة حفتر بناء على تعليمات معمر القذافي في ذلك الصباح .

ولكن بعد ان مرت كل هذه السنوات تبادر الي ذهني سؤال جعلني اتـذكر هذه الواقعة .

هل كان خليفة حفتر يستحق هذا الموقف الرجولي والشهم من معمر القذافي او كان يستحق مساعدة موسي كوسا في آقبية جهاز الامن الخارجي بعين زارة حيث من يخرج حي يولد من جديد ومن يموت يختفي الي آبد الابدين ؟

على كل حال كل انسان يتصرف بأصله وفي النهاية لن يفوز بالأخرة الا الذين تصرفوا في الدنيا بنواياهم الحسنة .

#الموسيقار_الموسيقار