بوصلة المعركة .. بين خرافات البوعزيزي وملاحم أبوثريا

في غارة أسرائيلية على غزة ، وبأحدى القذائف العشوائية على السكان العزل ، بترت قدمي ( إبراهيم أبوثريا ) ، تم أسعافه بالإمكانيات المحدودة حينها ، بينما الحكام العرب يتحدثون على خيار السلام الأستراتيجي ، وبينما الإعلام العربي يخصص ساعات بثه المباشرة وأخباره العاجلة وفتاويه المفروضة للقتال في تونس والقاهرة وطرابلس ودمشق وصنعاء .
خرج إبراهيم من المستشفى على كرسي متحرك ، وهو يتابع أبتسامة بن قنة وحمية القرضاوي وحماس الست نجوى القاسم وأموال عبدالله زايد ، الفرحة بموت 50 ألف مقاتل وتهجير 2 مليون تحت أزيز الأباتشي في غزوة الحامي الأوحد على أرض المختار ، وموت ربع مليون وتهجير عشرة ملايين تحت مفخخات جبهة النصرة وفتح الإسلام في جبل قاسيون . وموت عشرة ألاف وتهجير 3 ملايين تحت قصف عاصفة الحزم في أرض مأرب ، ونشطاء وثوار الربيع يحققون أهدافهم بأفتتاح أول قناة للمثليين في تونس ، ورفع علم المثلية في أحتفال بالتجمع الخامس بمصر .
ومع سقوط عواصم المقاومة وعدم الإعتراف ، أعلن أبو إيفانكا بعد أن نزل ضيفا مبجلا في أرض مكة وبئر بدر وجبل أحد وقمة عرفات ، وحمل حقائبه بنصف تريليون لتوظيف الأمريكيين العاطلين عن العمل ، ودافعي الضرائب لدعم شعب الله المختار في الأرض الموعودة ، أعلن أن القدس عاصمة الفلاشا وعدا غير منقوص .
أبوثريا أدار الظهر لقمة الجامعة في القاهرة ، والقمة الأسلامية في أسطنبول المرفوع عليها علم النجمة السداسية ، وأخذ علم فلسطين وجلس على كرسيه المتحرك وأنطلق إلى حي الشجاعية شرق مدينة غزة ليكتب بيان أهل الأرض بالفعل لا بالحبر ، تقدم رافعا علمه بينما ( الجيش الصهيوني ) الذي لايصفه الإعلام العربي الثوري بأنه كتايب كما في ليبيا ، ولا شبيحة كما في سوريا ، ولا بلاطجة كما في اليمن ، ذلك الجيش الأخلاقي والديمقراطي الوحيد في المنطقة كما وصفه قديس الربيع برناردليفي ، لم يتورع عن توجيه فوهات بنادقه نحو إبوثريا مبتور القدمين على كرسي متحرك لايحمل سوى علم بلاده ، وبرصاصات باردة أخترقت جسد أبوثريا وأسقطته عن كرسيه ليمتزج دمه بتراب فلسطين .
أستشهد أبوثريا كما محمد الذرة في نقل مباشر أمام شاشات كل العالم ، لكن لأنه ليس ( البوعزيزي ) لم تنتفض له دوائر الغرب ، ولأنه ليس ( إيمان العبيدي ) لم تبكي لأجله رايس وكلينتون وتيريزا ، ولأنه ليس ( عمران دقينش ) لم ترفع صوره كيلي هايلي في مجلس الأمن ، ولأنه ليس ( نيرة ) لم يتحرك لأجله البنتاغون وتخرج مقاتلات بن زايد وتميم وعبدالله وسلمان .
أستشهد أبوثريا في صمت ، دون أن يسجله الغنوشي شهيدا ، وأن يسجله الغرياني ثائرا ، ودون أن تنزل لأجله دموع بشارة والزيات والقلاب وعطوان ، ودون أن يفتي العريفي والقرني والعودة بالجهاد لأجل الله والدين والأرض ، ودون أن يهتف له نشطاء الربيع كلنا إبراهيم كما هتفوا كلنا إيمان وزيو وكريس والجابر .
أبوثريا أسقط كامب ديفيد ومدريد وأوسلو ووادي عربة ، وأقام حجته على أنصار عواصف الصحراء والحزم وفجر الأوديسا ، وحدد أتجاه بوصلة المعركة الحقيقية بكرسيه المتحرك الذي حرفه حداق السياسة ونشطاء الإعلام وعمائم المال ، فهل حان الآوان للعقول أن تستفيق وتطرد خرافات البوعزيزي وتستحضر ملاحم أبوثريا ؟ ... الفارس الليبي