مع اللواء ابوالقاسم امسيك و الحلقة الثالثة

في نهاية حرب 1973م مع اسرائيل تأزمت العلاقات الليبية المصرية بسبب الإتفاق المصري الإسرائيلي الذي وقعه الرئيس المصري أنور السادات بوقف اطلاق النار وتقديم بعض التنازلات الأخري وهو ما عارضه العقيد معمر القذافي .
وتم التحفظ علي طائرات الميج المصرية بقاعدة جمال عبدالناصر بطبرق ردا على إحتجاز المصريين طائرات الميراج الليبية التي إشتركت في حرب 1973م ضد الصهاينة الإسرائليين ومنعها من العودة إلي ليبيا بعد توقف الحرب ، فتم نقل جميع منتسبي القاعدة من المصريين ( فنيين وطيارين ) إلي معسكر خارج القاعدة بالقرب من مدينة طبرق ، وأتصل بي الرائد عبدالرحمن الصيد أمين عام رئاسة الأركان في ذلك الوقت وطلب مني إمكانية نقل طائرات الميج إلي مطار مدينة بنغازي .
وافقت على الطيران بهذه الطائرات ولكن واجهتنا مشكلة عدم وجود الفنيين المؤهلين على الميج فتم إستدعاء مجموعة من الفنيين الليبين المتخرّجون حديثا من الجزائر ولكن لم يفلحوا ، وبقت الطائرات بطبرق إلي أن أفرجت السلطات المصرية على طائرات الميراج الليبية المحتجزه ونقلت طائرات الميج بعد ذلك إلي مصر.
بعد إنتهاء هذه الفتره فى قاعدة جمال عبدالناصر بطبرق وفى بداية سنة 1974 م إنتقلت إلى طرابلس قاعدة معيتيقة الجوية ((معيتيقه) هى الطفلة الليبية التى استشهدت عندما سقطت على منزل أهلها إحدى الطائرات الامريكية التى كانت متمركزة فيما يسمى آنذاك بقاعدة ( هويلس ) وقد خلد أسمها فى ذاكرة الليبيين للدلالة على تلك المرحلة المظلمة من تاريخ ليبيا يوم كان الاجنبي يجول شرقاً وغرباً فى سمائها دون حسيب و لا رقيب), وألحقت رفقة زميلي الوحيد ملازم عبدالحكيم حماد بسرب ناصر الذي كان به طائرات 5F .
وقد تم ضمنا إلي مجموعة طيارين كانو قد عادو أخيراً من الدراسه بباكستان وأغلبهم من مجموعتنا التي رافقتنا إلي جمهورية مصر وكانوا قد رجعوا لعدم إجتيازهم الكشف الطبي بمستشفي الطيارين بالعباسية بالقاهرة ثم أرسلوا من جديد إلي دولة باكستان ومنهم فقط الملازم طيار خيري البسكري والملازم طيار محمد المهدوي كانا قد أنهيا دراستهما بفرنسا .
باشرنا دورات دراسية مكثفة بداية بمدرسة اللغة فتلقينا خلالها دورة لغة أنجليزيه ثم دورة بمدرسة الميراج تلقينا فيها دراسة أرضية لطائرة الميراج وإنتهت الدورة بنجاح في شهر 12/1974ف.
في شهر 12 سنة 1974م ونظراً لضيق حيز التدريب بسرب التحويل في ذلك الوقت وبعد إنتهاء دورة الدراسة الأرضية ، فقد تم أختيار مجموعة من الطيارين للبدء في الطيران العملي على الميراج وتم إيفاد بقية المجموعة إلي جمهورية تركيا ( والله فقط والعقيد طيار جبريل الكاديكي يعرف كيفية إختيار هذه المجموعة ) .
وقد كنت ضمن المجموعة التي أوفدت في هذه البعثة الدراسية حيث ظللت بها من بداية عام 1975 م إلي منتصف عام 1977ف تلقيت خلالها دورة تدريب لغة تركية ودورة لغة أنجليزية ثم دورة طيران على الطائرة الأمريكية T33 والطائرة F5 .
فقد وصلنا إلى مدينة أزمير وألتحقنا فوراً بدورة قصيرة بمدرسة اللغة (هوا لسان أكولو) لدراسة فى اللغة الانجليزية واللغة التركية ثم بعد إجتياز الإمتحان انتقلت والملازم طيار رمضان العكرمي والملازم طيار عبد الله فرج حنيش إلى قاعدة تشيلي بإحدى ضواحي مدينة أزمير في دورة تحويل على الطائرة T33 دون بقية زملائنا حيث لم يسبق لنا نحن الثلاثة الطيران على طائرات غربية فأنا خريج جمهورية مصر والملازم طيار رمضان العكرمي والملازم طيار عبد الله فرج حنيش خريجي جمهورية الجزائر وكلا البلدين يتبعون نظام الطيران الشرقي وهو يختلف في التكتيك والتعبية ونظم القياسات فالغرب يتبعون نظام القدم للإرتفاع والعقدة/الساعة للسرعة أما الشرق فيتبعون نظام المتر للإرتفاع والكيلو متر/الساعة للسرعة.
بعد إنتهاء فترة التدريب المقررة منحت إجازة لقضائها بليبيا ثم عدت إلي أزمير وإنتقلت إلى قاعدة بندرما بالسرب المقاتل 160 بمدينة بندرما بالقرب من مدينة اسطنبول حيث كان برفقتي في هذا السرب الملازم طيار مصطفى الطاهر أبو الشوق والملازم طيار عزالدين الترهوني والمرحوم الملازم طيارعمار الصغير وفى نفس القاعدة كان يوجد معنا بالسرب المقاتل 161 الملازم طيار عبد الله حنيش والملازم طيار فاضل عبدالمجيد صقر.
أستمر التدريب وقد كنت جداً جاد في التحصيل وتمكنت من تحقيق نتائج جيدة وتحسين مستوي التحدث باللغة التركية .
عشت أيام ممتعة ورائعة في مجال الطيران فقد أعجبت بهذا النوع من الطائرات لقدرتها الرائعة على المناورة وسرعتها فهي مقاتلة أسرع من الصوت وتعتبر طائرة حديثة في تلك الفترة.
تقدمت بتوفيق من الله في مستوى الأداء والمداومة اليومية في برنامج التدريب فتفوقت في إنجاز البرنامج المخصص لتدريبنا قبل زملائي وقبل إنتهاء الدورة التدريبة بفترة تعرضّت لحادث مرور حيث صدمت أحد المارة الأتراك وكان يدعي أيوب ، وقد صدمت هذا الرجل لأن المدينة التي كنت بها وهي مدينة بندرما ركّب بها للمرة الأولي إشارة ضوئية وقد كنت في صباح ذلك اليوم متأخر قليلاً عن موعد خروجي إلي العمل ولاحظت من بعيد الإشارة الضوئية خضراء فأسرعت قليلاً مستبقا تغييرالإشارة الضوئية ولم أنتبه إلي أن الأرض مبللة ، وكان السيد أيوب ومعه زميله يقطع الطريق غير مبالِ بالإشارة الحمراء في ممر المشاة وعندما تفاجاءا بسيارتي قادمة نحوهما جري أحدهما في نفس الإتجاه وعاد السيد أيوب إلي الخلف وهربت أنا بالسيارة إلي جهة اليمين فصدمته ووقع أرضا ، ولحسن حظي فقد حصل الحادث أمام نقطة الشرطة العسكرية بالمدينة وكنت أنا أرتدي الزي العسكري وسرعان ماطوقني أفراد الشرطة العسكرية وسيارتي ومنعوا المواطنين من الوصول لي .
يتبع