لكل فبرايري .. للعلم قبل الصراخ ( 1 )

القنوات الفبرايرية هذه الايام تضج بالنخب من سياسيين ومحللين ومثقفين ونشطاء ، وجميعهم يصرخون بالسيادة ، ويشتمون السراج ، ويذرفون الدموع على التواجد الإيطالي ، وكأنه هو من تجاوز المحرمات وأسقط القدسية وباع الضمير .
وبينما أنا أتابع ذلك حظر بذهني نص ورد في كتاب الصهيوني برناردليفي في كتابه ( الحرب دون أن نحبها ) يقول فيه ::
قال جيل للرئيس عبدالجليل ( إذا أردتم أن نساعدكم فعليكم أن تساعدونا بطريقة ما ، وهذا مافعله أليشا بيغوفيتش رئيس البوسنة والهرسك لحظة حصار سراييفو ، فقد أوصلنا إلى قواده ، وإلى خطوطه على الجبهة ، وإلى أرشيفاته العسكرية ، وإلى بعض أسراره ، ونحن ننتظر منكم الشئ نفسه ، ننتظر الوصول نفسه إلى قواتكم الخاصة ، وإلى معسكراتكم التدريبية ، إلى مراكزكم الإسترتيجية ، وإلى قيادتكم العليا ، فهذا في منتهى الأهمية )
ويضيف واصفا إستجابة مصطفى عبدالجليل بعد سماع هذا الكلام مباشرة ::
( فيما أتصل بالقوات الخاصة ، ومعسكرات التدريب ، وخطوط الجبهة سوف نراها غدا أو بعد غد )
...
يبقى السؤال :: لن نقول أين كان أباؤكم وأجدادكم ، لكن أين كان كل هؤلاء النخب والفلاسفة المتباكين عن السيادة والكرامة في ذلك الوقت ؟
أم أن السيادة والكرامة والإستقلال ليست مبادئ وثوابت بل تخضع لبورصة المصالح وتحكمها المواسم والفصول ؟ 

لكل فبرايري .. للعلم قبل الصراخ ( 2 )
* ( أن أفضل حقبة مرت على ليبيا وكان فيها تنمية إقتصادية وزراعية ومعمارية ومحاكمات عادلة هي فترة الإنتداب الإيطالي ) . مصطفى عبدالجليل في مؤتمر صحفي مع وزيري الدفاع الإيطالي والبريطاني .
* ( سأدعو الرئيس الفرنسي الذي لابد أن يكون أول رئيس دولة أجنبية يحط بطائرته في بنغازي ) . مصطفى عبدالجليل مخاطبا برناردليفي .
* ( السيد الرئيس ساركوزي شكرا لطياريكم الذين ينطبق عليهم قول تشرشل في الطيارين الانجليز سنة 1940 : " هذا العدد الكبير من الناس مدين لقليل من الرجال " ، فشكرا للقوات البريطانية ، والأمريكية ، والأوربية ، والفرنسية ، والقطرية ، والكويتية على مشاركتها ، نحن نعلم أن بإمكاننا الإعتماد عليكم حتى التحرير النهائي لبلدنا ) . جزء من رسالة المجلس الإنتقالي التي أرسلها محمود جبريل ونشرت في الفيقاروا الفرنسية حسب ماجاء في كتاب الحرب دون أن نحبها .
* ( حلف الناتو بطئ التحرك .. نعطيه الإحداثيات .. لكنه يجلس فوقها بهدوء تام .. وحين يقرر التحرك ، أف أف !! فاتت الفرصة ، وأختفى الهدف .. تعالوا ، ستفهمون ما أعنى ) . عبدالفتاح يونس مخاطبا برناردليفي بغضبه من عدم جدية الناتو في التعامل مع المعلومات التي ترسل إليه .
* ( سنقدمك كشجاع ساعدنا كقلة من الأخرين ، وسيكون وضعك نفس أي مواطن مع كل الحريات بما فيها ممارسة شعائرك الدينية ، فكلنا ساميون ونحن أولاد عم ) . أمير درنة عبدالحكيم الحصادي مخاطبا برناردليفي .
* ( الوجود الأمريكي مهم ، ونحن نطالب بدور أكبر وتكثيف الضربات على المواقع العسكرية ) . خليفة حفتر .
* ( نحن نحيي فرنسا على دورها التاريخي ) . خلفة حفتر .
* ( يجب أن نورث لأحفادنا الدور الإماراتي ) . عقيلة صالح .
* ( طيارات الناتو وين تجي ، غمامة على القلب تجلي ) . نشطاء الحرية الذين أصبحوا اليوم نواب ووزراء وسفراء وقادة جيوش .
...
هذه عينة ولدينا المزيد إن شئتم ، لمعرفة متى سقطت قيم السيادة والإستقلال والكرامة ، ومتى فرشت الطريق للإرتهان الكامل الخارج من الغرب حتى القيادات العميلة المراهقة في الدوحة وأبوظبي ، وعلى من يصرخ في القنوات على تصريح وزيرة الدفاع الإيطالي وسفيرها بيروني ، أن يجرم فبراير ورموزها ويتبرأ من هذا العار والسقوط والخذلان . وإلا فبرامجكم ومداخلاتكم وعويلكم لن يكون إلا كدموع إيمان العبيدي بعريها ، ودموع شلقم بوقاحته ، ودموع المقريف بنفاقه ، ودموع السويحلي بكذبه