عن باليرمو .. وما قد يليه ..

كلوديا جاتسيني الخبيرة في المجموعة الدولية للأزمات ، تقول ( أنه بسبب عدم وجود الكثير مما يمكن أن يفرزه مؤتمر باليرمو ، فليس من المستغرب أن العديد من الزعماء لا يعيرونه اهتماما ، لقد ولد المؤتمر بشكل رئيسي من رغبة إيطاليا في إظهار قيادتها وموازنة نفوذ فرنسا المنافس بشأن ليبيا ، وليس بسبب وجود تطورات على الأرض بررت ذلك )
* سكوت بيلنكسي خبير الطاقة الدولي ، يقول ( دوافع تجارية بحتة هي المحرك الرئيس خلف الزخم الأوروبي الأخير لإصلاح الوضع في ليبيا ، حيث ترغب فرنسا بشدة في إيجاد حليف لها في شمال أفريقيا ، في الوقت الذي حصلت فيه شركة إيني الإيطالية المملوكة للدولة ، على حصة كبيرة في شركة بريتيش بتروليوم البريطانية ، إن عدم استقرار أسواق النفط ، في ظل حالة من الغموض حول المآل النهائي لحجم صادرات النفط الإيرانية ، فإن كثيرًا من المحللين ينظرون إلى ليبيا ونيجيريا باعتبارهما منتجي النفط الوحيدين القادرين على الإبقاء على أسعار الخام تحت مستوى الـ100 دولار )
* حسب موقع شبكة CNN الأمريكية ، صحيفة "لي أوكي ديلا غويرا" تقول ( أن باريس مارست ضغطا على عدد من الشخصيات الليبية لمنعها من القدوم إلى باليرمو ، رغم أن تمثيلها سيكون عالي المستوى ، بحضور وزير خارجيتها، جان إيف لودريان )
أما عن الوضع الأقتصادي في ايطاليا وفرنسا قبل مؤتمر باليرمو ::
* المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية ، بيير موسكوفيتشي ، حذر إيطاليا الشهر الماضي ، قائلا ( إذا استمر الإيطاليون في الإستدانة ، ماذا سيحدث ؟ زيادة في سعر الفائدة واستحقاقات الديون تصبح أكبر . يجب ألا يرتكب الايطاليون هذا الخطاء . كل يورو يضاف إلى الدين العام يعني يورو أقل لتشييد الطرق السريعة والمدارس ولتحقيق العدالة الاجتماعية ) .
* صحيفة لوفيغارو الفرنسية، تكتب الشهر الماضي تعليقا على الاحتجاجت الكبيرة في المدن الفرنسية تنديدا بسياسات ماكرون الاجتماعية والاقتصادية ( تسعى النقابات من خلال تحركها للانتفاض على سياسة ماكرون التي تدمر النموذج الاجتماعي الفرنسي ، من خلال تعزيز الفروقات وتحطيم الحقوق الاجتماعية )
وعلقت نقابات العمال بالقول ( السياسات التقشفية التي يعتمدها ماكرون تأتي لصالح الأغنياء والشركات الكبيرة على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة )
وهذه ليست الأحتجاجات الأولى ، ففي شهر مايو الماضي خرج مئات الألاف وحملوا لافتات كتب عليها ( كفى ماكرون .. عام واحد يكفي ) ، وصرح ميلينشون رئيس حركة " فرنسا لاتنحني " لأحدى المحطات الفرنسية ( القضية هنا هي المنح التي لا تنتهي التي قُدمت للأغنياء في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفرنسي ) .
مع أحتقان وغضب شديد داخل اوساط الفرنسيين ، بعد تصريح ماكرون خلال زيارته الدانمارك شهر أغسطس الماضي الذي وصف فيه الفرنسيين بقبائل الغال ، حيث قال ( هناك فوارق ثقافية ، فهذا الشعب الدانماركي لديه مرونة في التحولات خلال السنوات الأخيرة ، ليس مثل قبائل الغال المقاومة للتغيير ) .
* هل يمكننا فهم على الأقل الخطوط العريضة لمبادرات الغرب وأهدافها ، ومواقف أدواته المحلية شرقا وغربا .. بدون تعصب وغباء وجهل .

 

حتى لو صحت التسريبات .. هو لم يعترض على الذهاب لفرنسا التي تمارس وصاية على بلده ، وقتلت جيشها بالرفال في عام الردة ، والتي صرح رئيسها الحالي أن التدخل كان خطأ .. ولم يعترض على لقاء سلامة الذي يمارس دور بريمر العراق .. ولم يعترض على لقاء مبعوث بريطانيا التي تتلاعب بالأرصدة الليبية .. ولم يعترض على الذهاب لإيطاليا التي هددت بقصفه إذا تعرض لفرقاطاتها في الشواطئ الليبية ، والتي رفضت موعد أنتخابات بلده ، والتي تمارس دور المستعمر القديم دون خجل .. هو فقط ( لو صحت التسريبات ) أحتج على الجلوس مع الإخوان الذين هم رفاقه الثوار الحقيقيين في عام الأوديسا ..
الكارثة أن البعض رأه بطل قومي .. رغم أنه في الحلقة الأخيرة حتى الأخوان والرئاسي ذهب إليهم في باليرمو .. كما جلس معهم في أبوظبي بالإبتسامات العريضة ، وفي باريس بالأحضان الدافئة ..
والأدهى الحارس الشخصي خليفة العبيدي بعد أن أعتبر الموقف بطولة غير مسبوقة .. ينشر قبل قليل بعد أن تأكد وصول مشيره إلى باليرمو .. يقول أن القيادة العامة تنفي أن المشير ذهب للمشاركة في المؤتمر بل للقاء بعض قادة رؤساء دول الجوار !! ( يعني لم يجد مكان للقائهم إلا تحت حائط إجتماع باليرمو !! ) .. وكبير الحركة الوطنية يقول يجب أن لاتعولوا على عبث باليرمو ، بل عليكم دعم القوات المسلحة !! ( وكأن مشير قواته المسلحة ليس هو من يحضر عبث باليرمو كما حضر عبث باريس وأبوظبي وجاء على جناح الأباتشي في عام الردة !! ) ..
متى نستفيق من غيبوبة فبراير .. ونعرف أننا نلهث خلف الوهم بهذه المؤتمرات التي يروج لها الغرب الحاقد .. كما لهث الفلسطينيين خلف أوسلو ومدريد .. وكما سار قبلهم السادات والحسين في كامب ديفيد ووادي عربة ؟