أحلام والبرغثي ..

في مساحة الفراغ التي خلقتها حملة 30 ألف غارة جوية ، ألقيت فيها حمم من الأسلحة الفتاكة لم تستخدم منذ نصف قرن .. كانت كافية لإذابة الأقنعة من الوجوه ، وطفح حقيقة البشر ، وإسقاط ملامح الخجل والحياء من اللغة ، وأمتهان أساليب التجارة في السياسة والدين وحتى المعاملات ..
السفير الليبي في الأردن ( محمد البرغثي ) الذي كان محل ثقة قيادة النظام الجماهيري ، وأدار ظهره له في لحظة الإمتحان العظيم ، حتى لاتغضب حسناوات الجزيرة والبي بي سي التي أستضافته كمثقف لايشق له غبار ، ولم تستفز مشاعره أزيز المقاتلات التي أنطلقت من فوق بيته بالأردن لتلقي التحية على تل أبيب ومبعوثها ليفي ، وتحمل حقدها الذي صبته على أطفال ليبيا الذين كان يتم أعدادهم جيل تحرير الأمة ووحدتها .. ولم تحرك مشاعره إغلاق أبواب مركز الحسين بالأردن أمام ألاف الليبيين المصابين بالسرطان الذي جاء من حشوة صواريخ الناتو المحملة باليورانيوم المخصب .. بل واصل رقصته النشاز للحفاظ على منصبه وأمواله وحتى ربطة عنقه ، بجولات وصور له مع مشير الأحداثيات وسراج الفرقاطة .. وغزل مراهق الأردن الذي عينه على ألاف الأردنيين الجوعى الذين أسقطوا رئيس الحكومة الملقي ، ويهتفون بالأمس لإسقاط خلفه الرزاز ، وعينه الأخرى على الغنيمة في طرابلس ..
البرغثي يبشركم أن ملك الأردن غلام المخابرات البريطانية مهتم بكم ويدعم الحل السياسي ، بينما الواقع يحدثنا عن عجزه على حل أزمات الأردن الخانقة التي تهدد بإنهياره .. والشوارع مكتظة بالجوعى من رفع أسعار الخبز الذي أقره البنك الدولي ، وتقارير مفزعة عن أرتفاع نسبة المنتحرين بسبب الفقر والبطالة .. حيث هتف المتظاهرين ( ارحل ارحل يا رزاز.. شعب الاردن كله اعزاز،، لا الملقي ولا رزاز .. ما بدنا حكومة برواز ) .. أقول وربما تسونامي السترات الصفراء تجد طريقها للشوارع المأزومة .. والتي عبر عنها الإعلام الصهيوني كوهين أنهم قادرين على إسقاط الأردن في ساعة فقط ..
البرغثي ذكرني بصورة الفنانة أحلام ، التي شبهها الكاتب الأردني عبدالهادي راجي المجالي بالسياسيين في بلاده .. وأنقل لكم المنشور بعنوان ( أحلام والنخبة السياسية ) ::
[ كنت أشاهد بعض الحلقات من برنامج (أرب ايدول) , وكان يلفت انتباهي دور المطربة أحلام وتعليقاتها , ومشاحناتها ..وصدامها مع أعضاء لجنة التحكيم ومن ثم إشعالها منصات التواصل الإجتماعي , بعد تعليقاتها الساذجة نوعا ما والتي تسمي نفسها فيها بالملكة , وتتهم من ينتقدونها بأن الغيرة تذبحهم .
في الحقيقة أحلام هي تعبير عن فائض الثروة , حتى في الفن لغة المال لها حضورها , وهي تعبير عن إنتاج القلق ..فالمحطة تعتبر أن المشاهدات التي تحققها أحلام عبر الاراء الساذجة والمثيرة للجدل , في وسائل التواصل الإجتماعي تمثل ترويجا مهما للبرنامج ...ناهيك عن أن الأزياء التي ترتديها والمجوهرات تمثل استفزازا للمحرومين وبعض الناقمين على المال , وهذا يزجهم في مشاحنات وسائل التواصل الإجتماعي وبالتالي يحقق ترويجا للبرنامج .
النخب السياسية في الأردن حينما تتحدث عن الشأن العام , يأخذ حديثها صدى مهما في الشارع , لكنه في النهاية يشبه دور أحلام في (أرب ايدول) فهم حققوا عبر خدمتهم في سلك الدولة فائضا مريحا من الثروة , وهذا لم يكن نتاج إرث عائلي بل نتاج الوظيفة العامة ...وأحلام أيضا لديها فائض من الثروة ,وهو ليس نتاج إرث عائلي بل نتاج سذاجة فنية ...وهم أيضا ينتجون قلقا في الشارع بمثل ما تنتج أحلام على منصات التواصل الإجتماعي .
أيضا أحلام ... تشعل مواقع التواصل الإجتماعي , حين تهاجم راغب علامة علما بأن راغب وأحلام يتلقون مالهم من إدارة البرنامج , ووظيفتهم واحدة وفي النهاية هم يمارسون ..نمطا استهلاكيا من البرامج هدفه التسلية وليس مخاطبة العقل ...وهكذا هي النخبة السياسية , في الأردن ..تهاجم الحكومات دوما علما بأن دورها حين كانت في السلطة لايختلف عن دور أي حكومة , ناهيك عن أن كتب التكليف واحدة , والبرامج واحدة ...والفشل واحد ..دلوني فقط على مسؤول سابق لم ينتج في حياته الرسمية فشلا , أو ترديا في الوضع العام ...
أحلام وظيفتها الغناء وراغب وظيفته الغناء ..والخلاف دائما يكون على (الطبلة) ..أو الإيقاع , وهكذا هي النخب السياسية في الأردن ..الخلاف دوما على من يطبل لهم , ومن يطلق لحنا نشازا في وجوههم
لكن أحلام بالرغم من كل ذلك , تركب طائرة خاصة ..والنخب السياسية في الأردن أيضا حين يحلقون في الأجواء , يركبون أغلى درجة وأهم درجة في الطائرة .
ونحن في النهاية الجمهور , وعلينا أن نصفق ...حين يكون الإيقاع سريعا ونبكي حين يكون اللحن مأساويا ...وأحيانا نقوم بهز الخصر إذا تطلب اللحن نوعا من السلطنة ..
كلهم أحلام ..لكن ثمة اختلاف واحد , وهو أن أغاني أحلام فيها بعض الفرح بالمقابل نخبنا السياسية كل نوتة تعزفها توحي , بقرب الكارثة ...كأنهم يغنون موالا واحدا منذ عشرين عاما لم يتغير ...
شكرا أحلام ..فقد قمت بتعرية واقع مؤلم لدينا . ]
* أضيف .. أن أحلام وجدت نفسها في أزمة بعد الطلاق الخليجي ، حيث أصلها الأماراتي وزوجها القطري وجمهورها السعودي ، فلم يكن أمامها إلا الرقص للجميع بإيقاع نشاز ، يشابه رقص البرغثي بوجهه القومي وإنحيازه للناتو وتملقه لجمهوره في الرجمة وسيد المال في أبوستة