مناطق تصحيح الرؤيا وخفايا النقاط العمياء
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
مناطق تصحيح الرؤيا وخفايا النقاط العمياء
أسد زيتون
بعضُ التسميات الأمميّة تثيرُ شهيّتي للسخريّة حتّى الإقياء كالمجتمع الدولي ومنظّمات حقوق الإنسان , وبعض المصطلحات المتداولة على منابر هيئةِ الأمم تبكيني ضحكاً وتذبحني رقصاً كالقوانين الدولية ومبادئ الشرعيّة والتي عادةً ما يصنعها ويفصّلها المنتصر الأقوى أي الأكثرُ إجراماً وقتلاً في أعقاب الحروب العالميّة لتحفظ مصالحَه ولتكونَ لجاماً وآصاراً وأغلالاً على ضحاياه , ففي الحرب العالمية الأولى استُخدمَ السلاح الكيماوي لأوّلِ مرّة وقُصفت المدن بالطائرات لأوّلِ مرّة فكانت عصبةُ الأمم الكيماويّة في جنيف , وفي الحرب العالميّة الثانية استُخدِم السلاحُ النوويّ لأوّلِ مرّة فكانت منظّمة الأمم المُتّحدة ومجلسها النوويّ وشريعةُ الغاب في نيويورك , ولكنّ هذهِ الحرب بانقسام ألمانيا إلى شطرين أبقت موازين القوى متأرجحة بين عالمٍ أوّل بقيادةِ الولايات المتحدة يتبنّى الرأسمالية باسم النُخَب الحاكمة وبينَ عالمٍ ثانٍ بقيادةِ الاتّحاد السوفييتي يتبنّى الاشتراكيّة باسم الشعوب , وبينَ هذين العالمين عالَمٌ ثالثٌ ضائعٌ بينهما مسحوقٌ بتنافسهما عليهِ وليسَ لهُ إلاّ السياط اللاذعة تحتَ نير النفوذ , وفي أحسن أحوالهِ لا يعدو كونَهُ بيدقاً على رقعةِ الصراع الدامي أو الكباش البارد الذي استمرّ بسباقٍ محموم بين المعسكرين على التسلّح بلغَ حدود الفضاء وجاورَ النجوم استطاعَ فيه معسكر النُّخَب الرأسمالية أن يكسبَ جولةَ التكنولوجيا والاتصالات المتطوّرة في عصرِ الاستخبارات والجواسيس ومراكزِ الدراسات والأبحاث التي أبدعت في وضعِ الخطط الجهنّمية لإفقارِ الشعوب ونشر الفسادِ وتعميمِهِ كثقافة اجتماعية بينَ شعوبِ العالمين الثاني والثالث خاصّةً لإنتاج البيئة الحاضنة لبيوضها فانهارَ الجدارُ الفاصل بين شطريّ ألمانيا وسقطَ على منجل الفلاّح ومطرقة العامل ليشتعل جنون العظمة في رأس راعي البقر جورج بوش الأوّل فقبضَ قبضةً من أثرِ الحريّة وساقَ الأمم إلى بابل حيثُ تبلبلَت ألسنتها أوّلَ مرّة ليصنعَ لهم عجلاً جسدا لهُ خوار على عرش حمّورابي ليكونَ الناطقَ الرسميّ باسمِ الذئبة القابعة وراءَ البحار بلغةٍ موحّدةٍ جامعةٍ هي لغة الخوار تهليلا وتمجيدا لعوائها المقدّس حتّى إذا لعبَ السكَرُ في رأسها وسالَ لعابُ جبروتِ أنيابها أمام الجباهِ المعفّرة بذلّ العبوديّة والرقاب الخانعة لمخالبِ بطشِها سرحت مخيّلتها في الأيّام الخوالي وقد استولت على مناطق نفوذ الذئاب الأخرى وأخضعتهم لعوائها لتعلنَ على الملأ ربوبيّتها العظمى داعيةً جميعَ الأمم إلى طاعتها والإذعانِ لعبوديّتها فتدخلهم جنّتها الموعودة وإلاّ فالويلُ والثبور وعظائم الأمور , فنشرت قواعدها وركزت بيارقها على جباه الملوك والأمراء الأعراب في الخليج , وأومأت إليهم في مدريد بصولجانها ذي النجمة السداسيّة لكنّ صدى الزئير الأسدي أيقظَها من أحلامها وفرَقَ شرعَها الذي خطّتهُ بأيديها لتدرك سيّدةُ وادي الذئاب أنّ وراءَ الأكمةِ ما وراءها , وأنّهُ بموجب شريعة الغاب فإنّ الأسد ملك الغاب وسيّدهُ الأوحد , وتذكّرت الذئبة الغاضبة كيف حوّلت زمجرة الأسد قطيعها من المارينز إلى أشلاء في لبنان واستذكرت جيداً كيف أن خطوط الأسد الحمر لم ترسم وفق أعلام الكرملين الحمراء في أوجها , وكيفَ أنّه لا غضبَ يعلو على غضبه يومَ أسقط اتفاق السابع عشر من أيّار , وهيهات أن يصلَ صدى سقوط جدار برلين إلى حدود عرينهِ الشامخ على تخوم الشمس ,
فاستعانت سيدة الذئاب بسيّدة الثعالب وقام راعي البقر كلينتون ما بينَ الطينتين ملكاً يرفل بثياب الذهب المزيّنة ببريق الألماس وأسقط الكثيرين في شباك أوسلو ووادي عربة , لكن في بلاد الدمقس لا يعبأ دود القزّ بمناجم الذهب , ولا تأبهُ حبّات الندى ببريق الألماس , وانتقل الحدّ الفاصل بين الشرق والغرب إلى جنيف لتنكسر نظرات السيد بيل عن هامة الشمس الساطعة وتبرّجت كلّ حبّة تراب من الجولان وكلّ نقطة ماء من طبريّا بكلمات الأسد عرائسا ترفل بالضياء والندى والعبير على درب المجرّة , وانتحرت وديعة رابين غيظاً على قبرِ صاحبها المطعون بحراب التلمود واتّسعت حفرةُ واي بلانتيشن إلى شرم الشيخ حيث اجتمعَ صنّاع السلام ليعلنوا موت السلام واستطاعت مونيكا إغواء كلينتون بتفاحةِ العالم السفليّ حيثُ يتمّ وضعُ الخطط والمكائد والمصائد والبرامج لحرب المئة عام وتمويهُ كلّ شيءٍ بنقيضهِ , حتّى الحروف والرموز في بيانات ويندوز تمّ رَقْمُها على نوايا شمشون الجبّار وحقنت بالفيتامينات لتغذية بصيلات شعرهِ وقد همّ بهدمِ أعمدةِ الهيكل في المدينة الجديدة نيويورك وإعادة بنائهِ في المدينة القديمة أورشليم , وأعدّ العدّة لتلغيمِ الطريق إلى شجر الأرز وتفخيخه بالمجازر الانتقامية والفتن الدينية موصولةً بصواعق القوانين الدولية بانسحابهِ المزعوم بعدَ أن مرّغ أنفَه سيّدُ المقاومة بالذلّةِ والمهانة وسربله بعارِ الهزيمة , فكان الهروب ذعرا تحت أزيزِ الرصاص الموجّه وفقَ خوارزميّات بصائر أهل الحقّ والعزم والوعد الصّادق ولغاريتم الهدف الأسمى وفُكّكتِ الألغامُ ونُزعت الصواعقُ , وفرح السيّد حسن فرحتين فرحةً بالنصر وفرحةً لفرح الأسد بهذا الانتصار إذ أغمض عينيهِ تحتَ رفيف راياتهِ وقرأتِ الملائكةُ يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربّكِ راضية مرضيّة .
لم ينذر القدر بريطانيا العظمى بولادةِ المهاتما غاندي ولا شاه صهيون بالخميني الثائر ولا الأبارتيد بنيلسون مانديلا ولا أمريكا بغيفارا وكاسترو وتشافيز ولا أباطرة الشرّ في الأرض وشياطين القرن العشرين بحافظ الأسد وليسَ من عادةِ القدر أن ينذر الظالمين وقد خلتِ النذر ورفعت الأقلام وجفّت الصحف , فالطالبُ الذي قادَ رفاقه في المظاهرات ضدّ الاستعمار يافعاً , ورأسَ اتحاد طلبة سوريا فتىً مشرقاً بالمروءةِ والحكمة والقوّةِ والشجاعة حلّقَ بجناحين من خيوط الشمس في سماءِ سوريّا ليزرعَ قلبه وروحه وعينيهِ في سهولها وجبالها ووهادها ووديانها وأنهارها وشواطئها أملاً يسكنهُ قدر العظماء , فالأسد الطيّار ابن الأربعين عاما الذي طالما ردّدَ بقلبهِ ولسانهِ وشفتيهِ :
عرينُ العروبـــة بيتٌ حرام وعرش الشموس حمىً لا يُضام
استقرّ في عرين الشمس أسداً مكللاً بالمهابة لا يجرؤ أحدٌ على إدامةِ النظر في عينيهِ إلاّ وقصفت الهيبةُ ساقيه ودكّت قلبهُ بصواعق العزّة والكرامة وبين تشرين التصحيح وتشرين التحرير دوّى زئير الانتصار في جهات الأرض وزغردَ الوعدُ في السموات , وليس عبثاً ولا من باب الصدف أن يختارَ القدرُ قائداً لقلبِ العالم ومركزهِ حيثُ عقدةُ اتصال أقاليمِ الأرض وقد جاوزَ الظالمون المدى إلاّ ليشقّ بنورهِ أستارَ الظلمات ويفتق سرادق الليل البهيم ويزرع في أحشائه بذرةَ فجرِ الخلاص ولتبدأ رحلةٌ جديدة للشمس .
حينَ اجتمعَ شارون وديك تشيني وباقي خفافيشَ الجورِ والفجور والطغيان لتطويب نيرون الأحمق جورج بوش الثاني وكيلاً لتلقّي وحي الشيطان وإشعال حروب القرن الأوّل من الألفيّة الثالثة وقد جهّزوا قطر قرن الشيطان الطالع من نجد ليركزوا فيه رماحهم وأعدّوا الميدان في أفغانستان وأعينهم وأحلامهم بين النيل والفرات ومن الشراكة بين آل لادن وآل بوش في المال والأعمال إلى شراكةٍ أخرى في إعداد جيوش المائة عام لهدم الإسلام بالإسلام وصراع الأديان بمباركة الصليبيّين الجدد وفرسان المعبد القابعين في الأنفاق تحت الأقصى , وعلى أنغام الحادي عشر من أيلول وأغنية الحرب على الإرهاب لكاتبها وملحنها ومخرجها ومصوّرها ومنتجها الحاخام الأكبر الذي حبلت منه سيّدة الذئاب بجرائها الخمسين في أقبية البيت الأبيض ودهاليز الكابيتول ومكروا مكرهم وإنّ مكرهم لتزول منه الجبال , مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
في النقاط العمياء حيثُ لا تصل أبصارهم ولا بصائرهم كان القدر يعدّ لهم العدّة ويُهيّئ رجالهُ لصناعة المستقبل بأعين الرحمة , ومن سخّريّة الأقدار أنّ يرتدّ عليهم كلّ ما خططوا له وارتكبوه وأن تتسبّب أفعالهم بأقدارِ حتفهم فلولا غدرهم بالشهيد باسل الأسد لما ترك الأسد الثاني مبضعه الرقيق في المشافي ليتقّلدَ سيفهُ الدمشقيّ في العرين , ولولا دسائسهم ومكائدهم للاتحاد السوفييتي لما وصل القيصر فلاديمير الثاني إلى الكرملين ولولا حصارهم لكوريا وإيران لما استفاقَ الوحشُ النوويّ والمارد التكنولوجي حتّى أقامت أحاجي إيران التكنولوجية تحت أساطيل أمريكا في قاع الخليج وفوق بوارجها بكلّ أمان واطمئنان وبين الحين والآخر تطلقُ قهقهاتها المُتهكّمة بلكنةٍ روسية ساخرة , ولولا ما أعدّوا للصين لما أعدّت لهم ما صُنعَ فيها وعمّ أصقاع الأرض وأسرج حدود الفضاء وكانت رسالة القدر واضحةً في التزامن بين صعود وترقّي الأسد وبوتين سلّم القيادة في بلديهما منذ العام 1994م وترسيخ أسس العمل المقاوم وتمتين وتحصين قواعده في جنوب لبنان وصولاً إلى تفاهم نيسان , ومن سخريّة القدر أيضا أنّهم قبروا أحلامهم في أفغانستان وقتلوا صديقهم الحجّاج في العراق بينما كان نبوخذ نصّر برماحهِ العالية وفرسانهِ الجبّارين يقضّ مضاجعهم في تلّ أبيب ويمسكُ بتلابيب جنونهم ويملؤهم رعباً حتّى الهذيان .
وبوصول الرئيس لحّود إلى كرسيّ الأرز في العام 1998م ودخول الأسد الثاني عرين الشمس في العام 2000م تعالى صراخ وعويل إسرائيل وهي تجترّ آلام هزيمتها النكراء واندحارها المذلّ من جنوب لبنان على تراقصِ أشباح السبي البابليّ جُنّ جنونهم وفاروا فورتهم وكذبوا كذبتهم الكيماويّة وظنّوا أنّ دخولهم بغداد في العام 2003م سيجفّفُ بنسائمِ دجلةَ والفرات دموع بني إسرائيل , وكان الأسد لهم بالمرصاد ليسقطَ أحلامهم وأوهامهم ويصيبهم في الصميم وهم لا يفتئون يكرّرون جملتهم الشهيرة صباحَ مساء أنّ على القيادة السوريّة تغيير سلوكها ولا يكلّون ولا يملّون ولا يستحون , ذلك السلوك الذي جعلَ من حكّام الأعراب أشباه الرجال أضحوكةً عبرَ التاريخ ستذكرها الأجيال إلى الأبد وأدركوا أن الأسد هو السبب في فشلهم وأنّهم أخطأوا في تقدير قوّته وصلابته فكادوا لهُ واستنسخوا كذبتهم الأيلولية فقتلوا رجلهم رفيق الحريري في 2005م ليتهموه وحلفاءَهُ , لم يتوقّعوا خروجَ الأسد بجيشهِ من لبنان أو ربّما أوحى لهم بأنّهُ لن يخرج , وإلاّ لما سعوا لإصدار القرار 1559 ولحاولوا استرضاءَهُ ليبقى إذ أعدّوا المحرقة الكبرى لجيشِ الأسد في لبنان , ومع فشلهم كانت المحكمة الدولية مسرحيّتهم التي حوّلها الأسد بصبره وحكمته إلى عبءٍ ثقيل لا هم قادرين على تحميلهِ لأحد ولا يستطيعون إنزالهِ عن ظهورهم , وجاءَ أحمدي نجاد برمحه النوويّ ومروءته وشجاعته الانشطارية , وأرادوا أن يخلطوا الأوراق فكان عدوان تمّوز 2006م وكانت المعجزة وتُليَ القرآن حقَّ تلاوتهِ فإنَّ حزب الله هم الغالبون , وحتّى آخرِ دقيقةٍ من ولاية الرئيس المقاوم إيميل لحّود عجزت أباطرة الشرّ في العالم عن ليّ ذراع الأسد في لبنان رغم خروج جيشهِ وعجزوا مجتمعين مدجّجين بقراراتهم الدوليّة وحماقةِ أنصاف رجالهم ونذالة عملائهم أن يملؤوا الفراغ إلاّ بإرادة الأسد غير المستعجلة , لقد حملت معركة الوعد الصادق بصمةَ الانتصار الإلهيّ الذي كسرت روسيا على وقعهِ الشوكة الصهيوأمريكيّة في جورجيا بقسوة واختتمت في أيلول من العام ذاتهِ مشاوراتها مع البرازيل والصين والهند على مستوى وزراء الخارجية على هامش اجتماعات هيئة الأمم في نيويورك وأعلنوا عن تأسيس مجموعة دول ( بريك) بصفتها الدول صاحبة أسرع نموّ اقتصادي في العالم , وعقدت أوّل مؤتمرٍ لها على مستوى القمّة في روسيا عام 2009م أُعلِنَ فيها عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبيّة , وتركّزت جهود الدول الأربعة على التعاون والتكامل الاقتصادي وخاصّةً في المجال المالي والغذائي , وبانضمام جنوب إفريقيا في العام 2010م لتصبح مجموعة بريكس التي تُشكّل دولها ربع مساحة اليابسة ونصف سكّان الأرض , وبإعلان المجموعة عن إنشاء مصرفٍ مشترك للاستثمار والتنمية فإنّ سياسات البنك الدولي وديكتاتوريّة الدولار أصبحا على مرمى قرار يلوح في الأفق وهم الذين خسروا خسائر لا قبلَ بتحمّلها وتزداد وتتفاقم يوميّاً ولا يستطيعون تبرير هزائمهم وأزماتهم أمام شعوبهم التي عوّدوها على الرفاهيّة والحياة المترفة على حساب إفقار الشعوب الأخرى وسحقها واستغلال ثرواتها ومواردها واصطناع الحروب كسوقٍ دائم لشركات الأسلحة وموارد لا تنضب لتجار الموت والخراب والدمار , وهم الذين يعلمون جيدا أنّ صعود الأمم وهبوطها يرتبط بالقوّة الاقتصادية والقدرة السياسية والعسكريّة على حمايتها وأنّ قيادة الاقتصاد العالميّ يتزعمها مَن يمتلك أكبر قوّة اقتصادية ذاتيّة في العالم , وهنا لمن أراد الأجوبة الكاملة لجميع استفساراته عن أسباب وأسرار وخفايا الربيع العربي الحاضن للفوضى الخلاّقة القائمة على أنقاض الشرق الأوسط الجديد الملقاة على مزبلة الشرق الأوسط الكبير حيثُ ألقى الأسد قمامةَ الأيّام الخالية , لا يهمّ نوع القذارة المرميّة ولا تعني أسماؤها شيئاً سوى أنّ النهاية السوداء قريبة جداً لجميع العابثين بكرامة الشعوب , ومن ربيع دمشق الذي أُطلِق بوجهِ الأسد مع تسلّمه مقاليد الحكم في العام 2000م إلى الربيع الشيطانيّ الذي يحتضر في مصر وتركيا وتونس بانطلاقة مسيرة 30 يونيو 2013م فإنّ الكثيرين منهم صاروا إلى مزابل التاريخ ليسَ بدءاً من بوش وشيراك إلى بلير وساركوزي ولا انتهاءاً بالإمبراطور القطريّ وكيس قمامته النتن , وكثيرون على لائحة الانتظار القاتل بين براثن الخوفِ والقلق .
وبالعودة إلى العام 1994م أي بعدَ تفكّك الاتحاد السوفييتي بثلاثةِ أعوام إثر الانهيار الاقتصادي الشامل في أعقاب الحرب الباردة اجتمعت روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان لتأسيس خماسي شنغهاي الذي تحوّل إلى منظّمة دوليّة بانضمام أوزبكستان في العام 2001م وأعلنت أهدافها في مكافحة الإرهاب ومواجهة التطرّف والحركات الإنفصاليّة والتصدّي لتجارة الأسلحة أي مواجهة مخطّطات الغرب الرأسمالي وقطبهِ الواحد لدول المنظّمة ومحيطها الحيوي , وانضمّت كلّ من إيران والهند وباكستان وأفغانستان إلى اجتماعات المنظّمة بصفة مراقب , وكلّ من تركيا وبيلاروسيا وسيري لانكا بصفة شريك في الحوار , وأجرت دول المنظّمة مناورات عسكريّة مشتركة بتاريخ 8/6/2012م باسم ( مهمّة السلام ) .
في هذين التجمّعين لا مكان للولايات المتحدة وشركائها , وفي كليهما روسيا والصين بكامل الأناقة النوويّة والفيتو الرصين , فلنبحث عن هاتين الدولتين في تكتّلات الغرب الرأسمالي ولنبدأ بروسيا وفي أقوى وأخطر تكتّل عالمي على الإطلاق :
(مجموعة الثماني) :
وهي مجموعة غير رسميّة أي فوق كلّ القوانين والتشريعات الدوليّة تضمّ دولاً ذات اقتصادٍ مُتقدّم تجتمع مرّة سنويّاً في مؤتمرّ قمّة يضمّ قيادات تلك الدول لتحديد التوجّهات السياسيّة وخطط المستقبل , وقد تشكّلت المجموعة بدعوة من فرنسا عام 1975م من أجل مواجهة أوّل صدمة نفطيّة وانضمّت كندا في العام التالي إلى فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان لتصبح مجموعة السبع , ثمّ مجموعة السبع زائد واحد بانضمام روسيا التدريجي عام 1998م ثمّ مجموعة الثماني التي تشكّل دولها 12% من سكان الأرض وتسيطر على ثلثي التجارة العالمية و50% من الناتج العالمي الخام وقد انتهت قمّتها هذا العام تحتَ سيطرة المنطق الروسي المبين للرئيس بوتين سيّما فيما يتعلّق بالنظرة للوضع في سوريّا وتوالت التصريحات طوعاً وكرهاً تحت سقف المنطق الروسي مع تطايرِ النظرات يمينا وشمالاً دون القدرةِ على التركيز وهذا يعكس انصياعاً لا مناص لهم منه , وروسيا التي ترأس حالياً قمّة العشرين سترأس قمّة مجموعة الثماني في العام القادم 2014م فما هي قمّة العشرين ؟!
مجموعة دول العشرين هو منتدى التعاون الاقتصادي العالمي الأهمّ أسّسَ في العام 1999م بسبب الأزمات المالية في التسعينات بهدف تقديم حلول مُستَدامة والتصدّي للأزمات المالية والاقتصادية العالمية , وتتولّى هذه المجموعة تنظيم المؤسّسات المالية والإشراف عليها كالمصارف وشركات التأمين وتولي اهتماماً بالغاً بالأمن الغذائي العالميّ والتحدّي السكاني وتركّز على التنمية الزراعية , وتسيطر مجموعة العشرين على 80% من التجارة العالميّة و 90% من الناتج العالمي الخام وتضمّ ثلثيّ سكان الأرض بالإضافة إلى دول مجموعة الثماني والبريكس تضمّ كلاًّ من الأرجنتين وأستراليا وكوريا الجنوبيّة وأندونيسيا والمكسيك وتركيّا والسعوديّة ويمثّل الاتحاد الأوروبي العضو العشرين في المجموعة .
وروسيا بوتين الذي أعلن بوضوح وبـ ألم نشرح عن استمرار تسليح سوريا الدولة لم يفوّت فرصة الإستهزاء من الدول السبع القابعة على مرمى سياطهِ وأمعن في السخريّة من دعمهم للجماعات الإرهابية متعدّدة الجنسيّات في سوريا وتقديم السلاح لآكلي البشر , كما لم يُفَوّت على نفسهِ شهيّةَ التهكّم من الدرع الصاروخيّة بعدَ قرار نشر الباتريوت في تركيا , تلك المنظومة التي صنعتها الولايات المتحدة لضرب الطائرات والتصدّي لخطر صواريخ سكود الروسيّة , ولكنّ السكود أُحيل إلى التقاعد وصُرفَ من الخدمة , وبدأ عصر الاسكندر وأجيال الإسّ التي ما خفي منها أعظم ممّا ظهر بكثير , وهو أيضاً مولَعٌ بتقطيعِ الأذرع الأخطبوطية الأمريكية من الشرق كلّ الشرق إلى ما وراء البحار إذا ما شاركتهُ الصين متعةَ اللهو والصيد فماذا عن الصين ؟!
في غمرةِ انشغالِ الولايات المتحدة في ممارسة وتعميم زعامتها المطلقة على العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وانهماكها في حروبها الانتقامية والاستباقية ورحلتها التبشيريّة السفّاحة بالحريّة والديمقراطيّة بعد الحادي عشر من أيلول , تمسكنَ التنّين الصيني وتسلّلَ كالحرباء إلى كلِّ ناحيةٍ في الأرض وأتقنَ مختلف الألوان والأصوات والحركات , وتغلغلَ في زوايا جميع القوانين والصيغ الاقتصادية وبدا سياسيّاً وكأنّهُ غير موجود باستثناء انتفاضاتهِ ونخراتهِ التحذيرية كلّما حاولت الولايات المتحدة اللعب بالنّار على حدودهِ وفي طيّات ثيابه وثنايا جلده في التيبت وتايوان وهونغ كونغ .
استخدمت الصّين سياسة شراء سندات الخزانة الأمريكيّة مستغلّةً أزماتها الاقتصاديّة الناجمة عن حروبها الخاسرة وهزائمها المتوالية في أفغانستان والعراق خاصّةً حتّى أصبحت الصين أكبر دائنٍ للولايات المتحدة , وبالتالي فهي أكبر مموّل للإنفاق العام فيها .
وبالتوازي مع ذلك فقد صنعت الصين كلّ شيء من كلّ شيء لكل شيء تقريباً وأرضت جميع الأذواق و جميع الزبائن كما يرغبون وبالمبلغ الذي يستطيعون دفعهُ , وتُعدّ الصين أكبر شريكٍ تجاريّ لإفريقيا حيث يصل حجم التبادل التجاري إلى 200 مليار دولار سنويّاً , وقد تفوّقت الصادرات الصينيّة على الأمريكيّة في العام 2012م بقيمة نصف تريليون دولار , كما بلغت احتياطيّات النقد الأجنبي لدى الصين 3.44 تريليون دولار حتّى نهاية آذار الماضي 2013م وتمثّل سندات الخزانة الأمريكيّة منها 36% .
والصين بالإضافة إلى أنّها نوويّة ومن ذوات الفيتو وإلى قيامها بإسقاط أحد أقمارها الصناعيّة على مسافة 350 ميلاً فوق الأرض في مطلع العام 2007م بصمت وتواضع شديدين في تجربة هي الأولى من نوعها , الأمر الذي أشعل أمريكا غيظا واعترضت بشدّة ثمّ قامت بنفس الخطوة في شباط 2008م باستعراض كبير لتثبت قدرتها وتفوّقها , وبالإضافة أيضاً لمليارين من البشر قصار القامة طوال الباع فإنّ الصين تمسكُ بتلابيبِ راعي البقر الذي أعلن خفضاً كبيراً في ميزانية وزارة الحرب الأمريكيّة ممّا يعني بالضرورة إغلاق قواعد وخفض عمالة والتخلّي عن برامج للأسلحة وبطبيعة الحال فإنّ توازن الرعب النووي والتفوّق الصاروخي الروسي والمصائد التكنولوجيّة الإيرانيّة لأحدث الطائرات الأمريكيّة من دون طيّار وتفكيكها وتقليدها وكذلك اختراق حزب الله للأجواء الفلسطينيّة المحتلة بطائرة أيّوب ذات المنشأ الإيراني والتركيب المقاوم ووصولها قبالة مفاعل ديمونة , ولا أعتقد أنّ اكتشاف إسرائيل لها إلاّ لأنّ من أرسلها أراد إيصالَ رسالته في موعد الإطلاق في ذكرى حرب تشرين التحريريّة وقد كان هذا الإعجاز هو الثاني من نوعهِ من حيث القيمة والأهميّة بعد الصاروخ الذي ضربَ البارجة ساعر في 2006م , كلّ ذلك مقروناً بالأزمات الماليّة والاقتصاديّة لأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي واستمرار الكساد الاقتصادي وازدياد العجز وارتفاع الدَّين وتقليص الإنفاق وتفشّي البطالة وفشلهم في السيطرة على طرق إمدادات الطاقة بالإضافةِ إلى اكتشاف حقول نفط وغاز كبيرة جداً خارجة عن سيطرة الدولار وخروج العراق من تحتَ الفصل السابع إلى جبهة المقاومة يضعُ شركاتهم النفطية على هامش أسواق الطاقة وشركاتهم لصناعة الأسلحة بمختلف أنواعها القتاليّة والتكنولوجيّة على طريق الإفلاس ولن تنقذها الصفقات الكبيرة لدول الخليج ما لم تشعل المنطقة بحروب عبثيّة لا تنتهي , ويقوم الغرب الرأسمالي بتضافر وتكامل الأدوار خلف الكواليس وفقاً لمصالحه بتمويل جميع الأطراف وترك الباب مفتوحاً لأطراف جديدة وفتن جديدة , وما دام أعرابُ النفاق والشقاق في الخليج يدفعون التكاليف والأثمان الباهظة فربّما تستطيع تلك الشركات أن تجد موارد كافية لتطوير صناعاتها وإعادتها إلى واجهة التفوّق أو التوازن على الأقلّ , وهذا ما يبدو واضحاً في ليبيا واليمن ومالي , وكم كانت سياط كلمات الرئيس بوتين لاذعةً ومؤلمةً على ظهورهم إذ قال ساخراً إنّهم يحاربون في مالي مَن يدعمونهم في سوريّا , لا بل وفّرت الحماقة والصفاقة الغربيّة للساسة الروس والصينيين ألجمة وسياط عديدة وبرادع قيّمة لثلاثي الفيتو الخاسر أمريكا وبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن , ولا مناص لهم منها إذا ما حاولوا التذاكي والتباكي على دماء الشعب السوري , وأعتقد أنّ النمرود القطري دفع ثمن جرأته على مندوب القيصر ولم يُقدّم شيئا بعد من الحساب السوري العسير الذي بات قابَ قوسين أو أدنى وقريباً سيُساقُ آل سعود إلى شقاقٍ واقتتالٍ لا ينتهي إلا بزوالهم ولن تبقى حربةٌ أشهروها إلا وستغرس في أحشائهم .
فقدَ الغرب هيبته وتوالت سقطاتهُ وفقدَ جميع حججه وذرائعه وبدا مُتناقضاً في قوله وفعلهِ وتائهاً في كلّ شيء خطّط له وطارت كلّ الأجندات الزمنيّة وتداخلت فيما بينها في عقله وبيانات حواسيبهِ حتّى انتهت إلى اللاّ تعيين .
ومن قرأ وجهَ أوباما ووزيرهِ كيري خلال اللقاء الذي جمعهما بالرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ في كاليفورنيا في 8/6/2013م يدرك بما لا يقبل الشكّ أنّ النتائج ليست غير مرضيَة وحسب بل ومزعجة أيضاً حتّى أقصى حدود الغيظ والغليان في أحشاء أوباما والخيبة والكآبة والانكسار على وجه العجوز كيري , لقد جرى ما جرى خلال يومين على طاولة اللقاء وفي تجوال الرئيسين برفقة مترجميهما فقط لكنّ ما أعلن عنهُ رسميّا اقتصر على اتفاق لبذل جهود مشتركة لمكافحة التغيير المناخي وظاهرة الاحتباس الحراري التي تُعتبر الولايات المتحدة المُسبّب الأوّل له في العالم فهي المسؤولة عن إطلاق 25% من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الجوّ من مصانعها وآلاتها , وأنّ الرئيسان متفقين حول ضرورة إخلاء الأرخبيل الكوري من السلاح النووي وأن البرنامج العسكري النووي لبيونغ يانغ غير مقبول , كما سُرّب من اللقاء تعبير أوباما عن استياء الولايات المتحدة الشديد من الهجمات المعلوماتية لسرقة بيانات حكومية أمريكيّة هامّة وأسرار صناعية حسّاسة ويُعتقد أنّ مصدرها الأراضي الصينيّة , فردّ الرئيس الصيني بأنّه لا علاقة لنا بهذه الهجمات وبأن بلاده أيضاً تشتكي من هجمات شديدة ومتكرّرة , وبغضّ النظر عن تعابير الوجه والابتسامة الصينيّة العريضة فإنّ هذا اللقاء ومجرياته السرّية والعلنيّة قبيل اجتماع قمّة الثماني كانَ صفعةً بل لكمةً قويّة على أنفِ راعي البقر الذي وقف حائراً عاجزاً بمسدّساته المحشوّة بطلقات خُلَّبيّة وأنشوطتهِ المُلتَفّةِ على رقبتهِ , وفي القمّة التي كان سيّدها دون منازع بدا وأعوانه مجرّد ديكور .
ومن روسيا والصين واتحادهما بالفيتو المزدوج إلى الهند وقصّةٌ أخرى وحكايةٌ مُتجدّدة على تخوم المستقبل فبالإضافة إلى نوويّتها وحجمها الحضاري والسكّاني وصناعاتها المتطوّرة ونجاحاتها الفضائيّة فقد أصبحت الهند المصدر الرئيس لصادرات التكنولوجيا والبرمجيّات إلى معظم دول العالم وخاصّةً المتقدّمة منها والتي تعاني نقصاً شديداً في المبرمجين , وتعتبر السوق الأمريكية أكبر سوق لتصريف صادرات السوفت وير الهنديّة بنسبة 65% تليها الدول الأوروبية بنسبة 30% وخاصّة ألمانيا وبريطانيا , وقد بلغ حجم صادرات الهند التكنولوجية في العام 2012م نحو 60 مليار دولار معظمها في قطّاع البرمجيّات , وتمنح الولايات المتحدة الأمريكية سنويّاً 200 ألف تأشيرة لخبراء هنود وأصبحت الجنسية الهنديّة تعني الجودة وأصبحت الهند أهمّ مركز في العالم لخدمات المعلومات والاتصالات.
عوامل كثيرة ترسّخت أكثر فأكثر على مسرح الأحداث بدءاً من التحوّلات السياسيّة الكبرى ذات التوجّه الشعبي الديمقراطي في أمريكا اللاتينيّة وترسيخ مفهوم العداء للسياسات الغربية الاستبداديّة لدى الشعوب , وتنامي القدرات العسكرية والاقتصاديّة لدول محوريّة في الشرق الأوسط كإيران وسوريّا وهزيمة أمريكا في العراق وخروجها منه وخروجه من تحت سلطانها , وقرب خروج أمريكا من أفغانستان , وتنامي العداء لها في باكستان , وظهور مخزون هائل من النفط والغاز شرقي المتوسط , والتفاهم الروسي القبرصي , وفشل المشروع الغربي الصهيوني التركي القطري الأردني السعودي للسيطرة على إمدادات الطاقة إلى أوروبا والاستغناء عن الغاز الروسي , في الوقت الذي يستمرّ العمل فيه لمدّ خطوط نقل الطاقة من إيران إلى باكستان , وإلى سوريا عبر العراق في ظلّ الصمود السوري الأسطوري وحتميّة الانتصار الذي ما زال البعض يأبى تصديقه وقد بدا أمراً واقعاً , فنراهُ ينتفضُ بينَ حينٍ وآخر ويحرّك أدواته إلى هزائم أخرى أشدّ من قدرتهِ على الاحتمال ولا أدلّ من زفراتهِ في طرابلس وحمحماتهِ في صيدا على تفاهتهِ وانحطاط مستواه وانهيار خططه وتخبّطه الأعمى , وبانضمام أبطال الجيش اللبناني إلى قافلة العزّة والكرامة فقد أدركَ هذا الحلفُ البغيض أنّ جميع جهوده لهدم ما بناهُ الله لشعبٍ واحد في دولتين , لا بل ربّما ظنَّ أنّه باغتياله للشهيد فرانسوا الحاج تخلّصَ من لحود آخر وأنّ وكيله ميشيل سليمان سيكون أكثرَ راحةً في بثّ نجواه بيدَ أنّ قهوة جان ليست كشاي فتفت .
لقد قام الغرب بتوريط كلّ من قطر وتركيّا والسعوديّة ومصر والأردن وزجّ أدواته في المنطقة بمعادلات وصراعات أكبر من أحجامهم بكثير وسيكون لزاماً عليهِ أن يستعدّ لتطورات لا قِبَلَ له بتحمّلها وإن كانَ يظنّ أنّه نجحَ في تفادي أقداره السوداء في قطر وأفغانستان بتلك المسرحيّة الفاشلة وأنّه وجدَ البديل عن قوّاتهِ وقواعدهِ في قطعان الإرهاب يموجُ بعضها ببعض لتأجيج نار فتنةٍ لا تبقي ولا تذر لإطالة أمدِ بقائهِ وإنعاشِ مشاريعه التي دخلت فعلياً في موتٍ سريريّ فعليه أن يعلم أنّ هؤلاء مكانهم في الماضي وسيرسلون إليه فرادى وجماعات تحت وابلِ الساحقِ والماحقِ والغضبِ المُتلاحق ولن يذكرهم أو يبكي عليهم أحد ولن يُحصى لهم عدد , وأنّ مكتب طالبان في قطر سيبقى عارَهُ الأبديّ وأنّ تميم الصغير لا ينفع حتّى كتميمةٍ من مشعوذٍ دجّال , ومع انعدام الخيارات أمامه فإن تفاقم أزماته الماليّة والاقتصادية والأخلاقيّة سيخلق وقائع جديدة في أوروبا وأمريكا ومحيطها المتورّط معها ستغيّر الخرائط الجيوسياسية في المنطقة والعالم إلى الأبد .
سوريّا رغم الألم والجراح النازفة لم تكن في يوم من الأيّام أكثرُ قوّةً من اليوم , ورغم ترسانتها المثيرة لرعبِ الشياطين فإنّ دمَ الشهداء سلاحُها الأقوى والأمضى , فشهداؤنا هم صنّاع الحياة وذخائر المستقبل هكذا ستكتب الأيّام .
مفارقات كبيرة ومصائد خطيرة وقع فيها الغرب الرأسمالي المتصهين في سعيهِ المحموم لبسط سيادته المطلقة على الكوكب وتطبيق قوانينه على البشر لصالح أرباب المال والعقد التلموديّة .
رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج لم يكن من يلاعب القذافي في طرابلس الغرب , وإنّما كان الحاضر القويّ المنتصر يلاعب الماضي المهزوم والقذّافي لم يكن إلاّ بيدقاً على رقعةِ الصراع في الوقت بدل الضائع وقد اجتمعت فيه جميع الأزمنة وحضرَ جميعُ اللاعبين عبر التاريخ ليس لتغيير النتيجة وإنّما لتثبيت الحقائق والتصديق على الأحقاب والعصور وختمها بخاتمٍ أبديّ , إنّها لحظة الحقيقة التي طالما برع الناس في الهروب منها والتفلّت من تداعياتها الحرجة .
أنا لم أستغرب تصريحات مرسي وتكبيره لنصرةِ أبي صقّار آكل لحم البشر فهما من نفس الفصيل ولكنّني كنتُ أستغرب كلّما سمعت لهُ تصريحاً معتدلاً أو دعوةً إلى الحلّ السلميّ من قبل , وليسَ جديداً ما فعلهُ إخوان مرسي في الجيزة فأجداد خالد مشعل ومرسي قتلوا الصحابيّ الجليل محمّد بن أبي بكر ووضعوه في جوفِ حمار وأحرقوه , وأجداد صديقهم العزيز بيريز قطعوا بدسائسهم وغوايتهم رأس يوحنّا المعمدان ووظنّوا أنّهم صلبوا المسيح المخلّص بوشاية يهوذا , وفي لحظةِ الحقيقة فإنّ المخلّص في ملكوتهِ السماويّ ويهوذا الاسخريوطي يُساقُ بالسياطِ والحراب قُبَيل تسليمهِ لزبانية جهنّم .
بنو إسرائيل أكثر أهلِ الأرض إيمانا بالشعوذة والخرافة , فهم لا يجرؤون على إعلان موت شارون بعد أن تنبّأ له عرّافٌ يهوديّ أنّهُ آخر ملوكِ بني إسرائيل قبلَ الزوال , بالطبع لا أجدُ قيمةً تذكر لموت شارون أو بقائهِ على أبوابِ السعير ولا حقيقةَ عندي لنبوءَةِ مشعوذٍ أفّاك , ولكنّ خوفهم هو الحقيقيّ ولَشُدَّ ما يقع المرءُ فيما يخافُ .
لقد أرادوا الحقيقة والحقيقة قادمة قسماً ليرونّها ثمّ ليرونّها عين اليقين
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» تصحيح لا بد منه: سورية ما تزال بخير
» عاااجل وبالفيديو يعني (صوت وصورة) على قناة النبا الاخوانية: اعلان مناطق الغرب مناطق عسكرية بعد فقدان السيطرة عليها
» دورة القيادة الاستراتيجية وضع الرؤيا المستقبلية واعداد الخطط الادارية وتحقيقها مركز itr
» المبادئ العمياء في الحرب السورية
» من وحي مراكز تصحيح البكالوريا
» عاااجل وبالفيديو يعني (صوت وصورة) على قناة النبا الاخوانية: اعلان مناطق الغرب مناطق عسكرية بعد فقدان السيطرة عليها
» دورة القيادة الاستراتيجية وضع الرؤيا المستقبلية واعداد الخطط الادارية وتحقيقها مركز itr
» المبادئ العمياء في الحرب السورية
» من وحي مراكز تصحيح البكالوريا
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد