حرب المعابر... جبهة النصرة تحاول إستعادة رأس العين

بينما تنتظر الدولة الإسلامية في العراق والشام الوقت المناسب كي تعلن سيطرتها على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، بعد أن نجحت في بسط سلطانها على المناطق الريفية المحيطة به في ريف إدلب، استطاعت قوات حزب العمال الكردستاني أول أمس أن تطرد جبهة النصرة ومليشيات الجيش الحر من مدينة رأس العين في ريف الحسكة وإعلان سيطرتها عليها وعلى المعبر الحدودي مع تركيا، وهو ما أدّى إلى إعادة تسخين الجمر من تحت الرماد في مدينة تل أبيض بالرقة التي اضطرت جميع الأطراف جبهة النصرة والجيش الحر والأكراد إلى التوافق على صيغة معينة لإدارة المعبر ولاسيما في ظل الضغوط التي مارستها تركيا على الجميع، ولكن يبدو أن هذا الاتفاق سوف تنسفه الرياح القادمة من مدينة رأس العين.
وحرب المعابر هذه ليست جديدة بين المجموعات المسلحة بعضها بعضاً، فقد بدأت أول إرهاصاتها بالظهور في الشهر التاسع من العام الماضي ولاسيما عندما حدثت اشتباكات عنيفة بين كتيبة فاروق الشمال من جهة ومجلس شورى المجاهدين في دولة الإسلام من جهة ثانية، بهدف السيطرة على معبر باب الهوى وقد قتل في تلك الاشتباكات أمير مجلس شورى المجاهدين أبو فراس العبسي، الأمر الذي يمكن اعتباره الحلقة الأولى من حلقات التصفية بين الطرفين كان آخرها قتل أبو بصير اللاذقاني قائد كتائب العز بن عبدالسلام في اللاذقية على يد أبو أيمن العراقي أمير الساحل في الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهو ما اعتبره الجيش الحر إعلان حرب فيما يبدو بأنه بداية الانزلاق إلى حرب شاملة بين الطرفين الكتائب المسلحة التابعة لهيئة الأركان من جهة والتنظيمات الجهادية من جهة أخرى.
تعرف جبهة النصرة جيداً أنه لا حظوظ لها في محافظة الرقة ولاسيما بعد اتساع نفوذ الدولة الإسلامية في المحافظة وسيطرتها على معظم مساحتها، لذلك لم تتحمل جبهة النصرة الصفعة التي وجهها إليها حزب العمال الكردستاني بطردها من رأس العين وفقدانها بالتالي للتحكم والسيطرة بالمعبر الحدودي الهام الذي يتيح لها خط إمداد لا غنى لها عنه، فأبدت استماتتها في الدفاع عن تواجدها في المدينة، ثم استماتة في محاولة استرجاعها بعد أن فشلت كل محاولاتها في البقاء بها.
وقبل انقضاء أربع وعشرين ساعة على انسحابها من رأس العين، قامت جبهة النصرة بحشد قواتها من جديد وشنت هجوماً معاكساً بهدف استرجاع السيطرة على المدينة.
وقد ذكرت مصادر جهادية من جبهة النصرة أن أبو ماريا القحطاني أمير المنطقة الشرقية (والمسؤول الشرعي في الجبهة)، أعلن عقب الهزيمة التي لحقت بتنظيمه على يد الكردستاني، النفير العام في صفوف مجاهديه واستقدم تعزيزات كثيرة شملت دبابات ومدفعية وصواريخ أرض جو محمولة على الكتف، وقاد الهجوم المضاد بنفسه، في دلالة واضحة على مدى أهمية المعركة بالنسبة لجبهة النصرة.
وبينما لا تزال الاشتباكات دائرة بين جبهة النصرة من جهة وقوات حزب العمال الكردستاني من جهة ثانية على محور رأس العين، في معركة الحسم على السيطرة على المدينة والأهم معبرها الحدودي، كانت الدولة الإسلامية في العراق والشام، في هذه الأثناء، تخوض معركة من نوع آخر في مدينة تل أبيض بالرقة، تمهيداً للسيطرة على معبرها.
فقد قام أمير تل أبيض في الدولة الإسلامية بعقد اجتماع مع بعض وجهاء المدينة، بهدف تشكيل مجلس محلي بدل المجلس الذي اعتقلت الدولة الإسلامية جميع أعضائه منذ أيام بسبب ما سمته "عنصريتهم" و"فسادهم". وبحسب مصادر مقربة من الدولة الإسلامية فقد تمّ في الاجتماع مناقشة أخطاء المجلس المعتقل، وأن الأمير وضّح أن مهمة المجلس الجديد ينبغي أن تكون خدمية ولا علاقة لها بالشأن العام.
كما نقلت المصادر عن أمير تل ابيض قوله في الاجتماع "من أراد دولة علمانية فليخرج خارج بلاد المسلمين أو فليحتلها بالقوة" في تحدٍّ واضح للاحتجاجات والمظاهرات التي خرجت اعتراضاً على سياسة الدولة الإسلامية في إدارة محافظة الرقة، والمستمرة منذ حوالي عشرة أيام.
وأكدت المصادر أنه في نهاية الاجتماع جرى الاتفاق على اختيار أعضاء اللجنة التي ستكون مهمتها تحديد أعضاء المجلس المحلي الجديد، الذي من المتوقع أن يكون أداة طيعة بيد أمير الدولة الإسلامية، وهو ما يعني في حال حدوثه، سيطرة الدولة على معبر تل ابيض ونسف الاتفاق السابق الذي كان المعبر بموجبه يدار بالتوافق بين مختلف الأطراف والفصائل المسلحة.


عربي برس