كيف سيرد حزب الله على محاولات محاصرته واخراجه من المعادلة؟

مع انتهاء شهر رمضان وسقوط الهدنة غير المعلنة خلاله، عادت الأوضاع الى أسوأ ما كانت عليه بعد سلسلة من التطورات والأحداث المتسارعة انتهت إلى مزيد من الانقسامات العامودية الحادة، كما إلى اعتراف ضمني من قبل أكثر من مسؤول بأن الأمور تسير بخطى ثابتة نحو المزيد من الارباك والتوتر في ظل أحادية السعودية المستجدة في ادارة الملفين اللبناني والسوري وتأجيل لقاء القمة بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين إلى أجل غير مسمى، وبالتالي عودة الأوضاع في كل من لبنان وسوريا إلى مربعها الأول.
وفي وقت يلاحظ فيه المراقبون أن الأمور تفلتت بالتتابع الكامل في كل من مصر والعراق وسوريا ولبنان، حيث تشهد الأولى عودة على بدء الثورة مع اتساع رقعة العمليات العسكرية بما ينذر بدخول البلاد أتون الحرب العقائدية، فيما تشهد الثانية حرباً على شريحة مذهبية معينة غير مسبوقة من خلال موجة من السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، مع ما يعني ذلك من ايقاظ للخلايا الارهابية النائمة، في حين تشتد الأزمة في سوريا وتتسع رقعة الاشتباكات في ظل هجمات متبادلة توحي بأن المعارضة المسلحة تلقت جرعة دعم وشحنات من السلاح الثقيل سمح لها بتوسيع رقعة العمليات وفتح معركة الساحل السوري.
وفي لبنان، لا تختلف الصورة على الاطلاق، وإن كانت الحرب عليه ترتدي وجوها مختلفة، أبرزها محاولات تفجير الفتنة المذهبية السنية الشيعية، من خلال التجييش وفرض أمر واقع جديد عنوانه الأساسي الفراغ السياسي الكامل، الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى فراغ أمني ينفذ منه المصطادون بالوحول اللبنانية.
في هذا السياق، يدرج قيادي قريب من "حزب الله" تطورات الساعات الأخيرة الماضية، ومن ضمنها ردود الفعل المحلية والرسمية على خطف الطيار التركي ومساعده، فضلاً عن كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عن ضرورة تشكيل حكومة، والماحه إلى صلاحيات الرئيسين، أي هو والرئيس المكلف في تشكيل حكومة تناسب الأوضاع، في اشارة واضحة إلى امكانية اعلان حكومة أمر واقع في خانة محاصرة "حزب الله" واحراجه، فتكرار الموقف من تدخل "حزب الله" وتفرده في الداخل والخارج ليس وليد صدفة، بل هو مقصود بالكامل ولا يقع سوى في خانة محاصرة الحزب واخراجه من السلطة، تمهيداً لاعتباره مكوناً مسلحاً من جملة المكونات المسلحة المنتشرة بكثافة على الأراضي اللبنانية .
غير أن القيادس نفسه، يعرب عن خشيته من ردة الفعل خصوصاً أن وقوف الحزب موقف المتفرج على ما تشهده الضاحية من بلبلة وصراع بين أهالي المخطوفين وفرع المعلومات، يشكل رسالة واضحة مفادها أن الحزب ضاق ذرعا بالممارسات اليومية والأداء العام الذي يتحكم بالساحة المحلية، فضلاً عن أن اعتباره كمين عرسال بالأمس هو ردة فعل ثأرية على كمين مماثل أدى الى مقتل أربعة شبان من اللبوة هو رسالة ثانية، فصحيح أن الحزب دخل على خط الأزمة السورية، ولكن الصحيح أيضاً أن دخولة هو ردة فعل على فعل مستمر، فضلاً عن أنه بدأ يشعر فعلاً بأنه مستهدف بصورة مباشرة من خلال جملة محطات سياسية توجها سليمان بتكرار موقفه من الحزب واعلان بعبدا الذي أسقطه تيار "المستقبل"، وذلك من خلال اقحام نفسه في الحرب على سوريا منذ اليوم الأول، وبالتالي فإن خيارات الحزب بدأت تضيق ويخشى معها أن تتفلت الأمور من عقالها اذا ما شعر بالخطر الوجودي الداهم.