معركة الساحل: رواية الجهاديين عن الانسحاب والتخاذل

بينما كانت شمس الظهيرة الحارقة تلفح وجه الأرض، يوم السبت الماضي، كانت حرارة الاشتباكات في ريف اللاذقية قد وصلت إلى أقصى ذروتها، وكان الهجوم المضاد الذي شنّه الجيش السوري لاستعادة القرى التي سيطر عليها مسلحو التنظيمات الجهادية، قد بدأ ينضج ويعطي ثماره.

فلم يكن عادياً أن يكتب "صقر الجهاد" قائد كتيبة صقور العز إحدى الكتائب الجهادية الأساسية التي شاركت في المعركة، على حسابه في تويتر ذلك اليوم: "الله اكبر معارك في اوبين وحنبوشيه اجتهدوا بالدعاء معارك قائمه شهداء وجرحى أوصوا المسلمين بالدعاء الوضع حرج عاجل", فعندما يصدر هكذا تصريح عن أمير كتيبة صقور العز وهو يعلم أن أصداءه سوف تصل في لحظات إلى أغلب مقاتلي كتيبته والكتائب الأخرى، فهذا يعني أن الوضع كان بالفعل حرجاً للغاية ولا يتحمل المجاملة أو الكلام الاستهلاكي لرفع المعنويات.

أما الجهادي "ابو صخر التميمي" سعودي الجنسية الذي أذهلته طريقة الجيش السوري في الالتفاف واستعادة بعض المناطق التي سيطروا عليها خلال اليومين السابقين، فقد قال: " في ‫الساحل لدينا جبهتان للقتال الأولى جهة قرية أوبين والثانية جهة قرية إستربة وكلا المحورين مهمين لأنهما يطلان على مدينة صلنفة معقل الشبيحة" وأضاف: " تقدم الشباب (يقصد الجهاديين) من جهة أوبين حتى وصلوا إلى بيت عرامو وتراجع الشباب في قرية إستربة بسبب القصف الشديد بالهاون وإنتشار القنصات في الجبال. وماحصل أن قوات الجيش الأسدي كانوا من ثلاثة أيام يحاولون التسلل من جهة أوبين وفي كل يوم يسقط جرحى وشهداء فأصبح في كل ساعة يضعف هذا المحور بسبب نقص (الرجال) والذخيرة والسلاح فانسحب إخواننا وإستطاع الجيش إسترداد ثلاث مناطق ومن فجر اليوم (السبت) والحرب في سجال والطيران يقصف وتقدم الجيش بدبابتين ومشاة وهاونات ومعه الطيران" وختم بالقول: "إذا لم يحافظ الأخوة على محاورهم فأجزم أنني سننسى شيئاً اسمه سوريا" بحسب قوله.

وعن سبب تراجع الكتائب الإسلامية وتمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة على بعض المناطق وخصوصاً بلوطة وبيت الشكوحي وعرامو، يقول الجهادي السعودي أبو حمد الحمد: " لا حول ولا قوة الا بالله...وضع الساحل مخزي جدا...كتائب من أكبر الكتائب في سوريا تقف كالمتفرج بالمعركة!الحمل كله على الدولة وكتائب المهاجرين والنصرة .. أنا أتكلم عن فصيل كبير له وزنه في سوريا وعند نقاشهم بالأمر يقولون نحن مهمتنا حددت في غرفة العمليات فقط حماية المناطق المحررة".

ويتساءل أبو حمد: " هل كان هدف غزوة تحرير الساحل استنزاف المجاهدين من الدولة وباقي الكتائب المشاركة بفاعلية؟؟" ويختم قائلاً: " شكل المعركة تغير فلما تقفون موقف المتفرج؟".

وبحسب الدكتور شافي العجمي الذي يعتبر من أكبر ممولي حركة أحرر الشام المشاركة في المعركة، فإن " النظام كان يحاول أن يستعيد القمم بالتسلل والقصف المتواصل والعنيف وكان يستعين بكل شيء لاستعادة القمم" ويضيف مفسراً كيف استطاع النظام تحقيق هذا الهدف والسيطرة على بعض التلال والمرتفعات: " من الغرائب أن العدو أتى ببعض الباكستانيين الذين طالت لحاهم للتمويه والتلبيس على المجاهدين ولكي يتسلل على القمم" بحسب قوله، مؤكداً أنه " بعد أسبوعين من تحرير القمم استطاع النظام أن يستعيد بعض التلال القريبة من تمركز المجاهدين ثم استعاد إحدى القمم المرتفعة" .

أما الناشط "عقاب السوري" الذي يردف الجهاديين إعلامياً وينقل أخبار معاركهم فقد هاله المشهد الذي انقشع عنه غبار معارك اليومين الماضيين وتحدث عن مجزرة كبيرة وقعت في صفوف المجاهدين، حيث قال:" اليوم (الأحد) عشرات الشهداء من مهاجرين في الساحل في حمبوشة وجبل ال ٣٥ وبارودة وتلة وقرى باقية التي حررها المهاجرون وبقوا فيها حتى ماتوا فيها وأسر من أسر والعدد بالعشرات" بحسب قوله.

جزاك الله عنا اخي السهم قيما تقوم به من جهد