من بركات الديمقراطية الامريكية :العراق البلد الأكثر تلوثا في العالم

من المقومات الاساسية لتحديد ملامح النجاح والتفوق في أي بلد بالعالم، هي الابداع والتحدي والصدق والايمان بالمباديء الصحيحة والاداء المتميز وهي الأدوات التي ترسم مسارات الارتقاء نحو الأفضل،

ولم يسبق للمؤسسات العالمية والمراكز الدولية المكلفة بتقييم الدول أن تخندقت ضد دولة على حساب اخرى، ولذلك لم يكن تصدّر العراق لقائمة الدول الاكثر تلوثا في العالم مسألة حظ أو سوء طالع وانما الواقع المتردي للبيئة الذي يعيشه هذا البلد الجريح منذ اكثر من عشر سنوات يؤكد ما ذهبت اليه المؤسسات الدولية المحايدة التي لا تعرف التلاعب او التزوير, ولا عهد لها بالكذب والتلفيق والتحايل, وتختلف اختلافا مهنيا وعلميا وأخلاقيا عن اللجان الحكومية المُسيسة.
ونسبت المصادر الصحفية التي تابعت هذه المشكلة الخطيرة الى مؤسسات دولية متخصصة في مجالات البيئة تعتمد على المعايير القياسية والثوابت المختبرية قوله في تقارير نشرت مؤخرا إن مقياس الفساد العالمي يعتمد على منح نقطة واحدة لكل مؤشر فرعي من المؤشرات التي يتكون منها المقياس العام ليصل في النهاية إلى عشر نقاط، كما يعتمد المقياس على ترتيب تصاعدي لبحث معيار الشفافية في البلدان التي يشملها التقرير, فتكون الدول أكثر فسادًا كلما هبط المقياس نحو الصفر، وأقل فسادًا كلما قفز نحو القمة, وعلى هذا الأساس جاء ترتيب العراق في الدرك الأسفل من الترتيب العالمي, الذي اعتمدته المنظمة العالمية للشفافية, واصطف مع الصومال والسودان وأفغانستان, التي تحتل المواقع المخصصة للبلدان الأكثر فساداً على وجه الأرض.
واشارت المصادر الى ان مؤسسة (ميرسر) وضعت العاصمة بغداد في أسفل درجات السلم العالمي للعواصم النظيفة, حيث جاءت بغداد في الترتيب الأخير للعام الرابع على التوالي, وكانت في التسلسل (221) وعدّتها المؤسسة من أقبح مدن العالم وأكثرها بشاعة .. موضحة ان هذه النتائج المخيبة تبعث على الأسى والحزن على بغداد التي حملت منذ تأسيسها أجمل الأسماء, فكانت بيت الحكمة, ودار السلام, وجنة الأرض, ومعبر العرب, ومدينة العلم, ونزهة الأمصار, ومرفأ الحكمة والفضيلة, وعنوان الفنون والآداب, وهي المدينة التي قارعت الأحداث وقاومت عاديات الزمن ورأت من المصائب والعجائب ما لم تشهده عواصم الدنيا كلها, وليس هناك مدينة انفردت بشهرة واسعة وذاع صيتها في الآفاق مثل بغداد, لكنها للأسف الشديد سقطت في قعر المقياس العالمي الذي تبنته مؤسسة (ميرسر).
واكدت المصادر ان النشرة البيئية العالمية وضعت العراق في ذيل القائمة الدولية وفقا لمرآة التقييم العام التي تتألف من خمس مرايا ملونة, هي اللون الأخضر الغامق, والأخضر الفاتح, والأبيض, والقرنفلي, والكستنائي المرادف للون الصدأ، حيث جاء العراق في نهاية قائمة البلدان المتأخرة عن تلبية متطلبات الحد الأدنى من إجراءات مكافحة التلوث, بحصوله على التسلسل (132).
ولفتت المصادر، الانتباه الى انه ليس هناك حاجة لمن يشعر العراقيين بما آلت إليه ظروف بلدهم البيئية السيئة لا سيما خلال السنوات التي تلت الاحتلال الغاشم, فالشوارع غير المبلطة والمدن المختنقة بسموم الدخان الأسود, والانهار الممتلئة بالنفايات, والجداول التي تطفح بجثث القطط والكلاب, والتجمعات السكانية العشوائية الممتدة الى الأرصفة، وشبكات الصرف الصحي المعطلة, ومكبات القمامة المتكدسة, هي المرايا الصفراء المعبرة عن سوء أحوال البيئية, والناطقة بتردي الظروف الصحية في هذا البلد الجريح.
وقالت المصادر لا نريد أن نتحدث عن الجرذان والقوارض, التي تتكاثر في العراق بالانشطار, والانهار المصابة بكولسترول الأطيان الآسنة, واللون العراقي الموحد لوجوه الناس في المدن الواقعة تحت خط الفقر, لان اللون (البيجي) الترابي هو القاسم المشترك في تقاطيع كل الوجوه البائسة .. مشيرة الى انتشار حقول الألغام والمخلفات الحربية في العديد من المحافظات العراقية ولا سيما الجنوبية منها, وظهور الحيوانات الغريبة والتماسيح وأفاعي المامبا السوداء والقرش القاتل والكلاب المتوحشة التي لم يألفها العراقيون قبل ابتلائهم بالاحتلال السافر.
كما تبوأ العراق المراكز الدولية الأولى في مجال الإصابات بالامراض السرطانية المختلفة, فيما جاء بالترتيب الأول في معدلات الملوحة والملوثات النفطية في الأنهار والأهوار والجداول، واصبح شط العرب أكبر مستودع للنفايات النفطية, نتيجة المخلفات النفطية التي ترميها السفن في عرض النهر، اضافة الى المواد السامة والمركبات الكيماوية القاتلة التي تجرفها المجاري المنسابة نحو شط العرب.
وخلصت المصادر الصحفية الى القول ان وضع العراق بالمرتبة الأخيرة في المعيار البيئي لجامعة (ييل) الامريكية يعد اعترافا رسميا بآثار الغزو الهمجي والاحتلال البغيض الذي قادته الادارة الامريكية الأمريكية ضد العراق عام 2003 تحت افتراءات زائفة واكاذيب باطلة, كما يعكس حجم الدمار والتخريب الذي تركته قوات الاحتلال الهمجية على أرض الرافدين منذ عام 1991 وحتى يومنا هذا .. مطالبة الجامعة المذكورة بكشف النقاب عن رواسب غازات (الكيمتريل) التي نفثتها الطائرات الامريكية في سماء العراق خلال طلعاتها الجوية الموثقة في سجلات وزارة الحرب (البنتاغون) لمعرفة حجم المخاطر البيئية الكارثية التي يعاني منها الشعب العراقي المنكوب.
الجدير بالذكر ان جامعة (ييل) الامريكية ـ المتخصصة بعلوم الكيمياء الحيوية والفيزياء وعلوم البيئة والجيولوجيا وغيرها ـ هي المسؤولة عن إصدار النشرة البيئية السنوية, وهي التي تشرف على التقييم العام بالاعتماد على مجموعة من المؤشرات, تتضمن قياس مستويات التلوث في الماء والهواء والمناخ والحقول والغابات والثروة السمكية والمستشفيات وأنظمة الصرف الصحي، وغيرها.