قهراير اللعينة === حمروشيات

مجازِيّة وانتقائية الأمم المتحدة في تطبيق قراراتها:
******************************************************
تم اليوم الجمعة وبكل حزن، بعد صلاة الظهر، تشييع جثمان المعلمة الفاضلة حنان بلقاسم البرعصي، وذلك إثر سقوط قذيفة هاون عشوائية فجرا علي شقتها في الدور العلوي من عمارة في حي بوهدمة الشعبي ببنغازي.

أودت القذيفة بحياتها وبحياة جنينها البكر الذي كانت تحمله في أحشائها، بينما كانت تتوضأ لصلاة الفجر.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

الصورة المرفقة هي لمكان دخول القذيفة من سقف الشقة، وفيها شبه شديد لصورة مماثلة بثتها قناة الجزيرة عام 2011، مع صور لرتل الجيش الليبي المتوجه إلى بنغازي، واستخدم المجتمع الدولي الصور كحجة ودليل إثبات لتطبيق البند السابع لحماية المدنيين.

اليوم، وبعد ما يزيد عن ثلاث سنوات من أحداث فبراير 2011، اتضحت الكثير من الحقائق، واتضح الدور الخطير الذي لعبه الإعلام المظلل في إشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، الأمر الذي يجعلنا اليوم أكثر قدرة على التمييز وعلى رؤية الفروق والمفارقات بين تلك الأحداث عام 2011 وهذه الأحداث عام 2014، والتي تتمثل في النقاط التالية:

1. لم يكن الرتل المتوجه إلى بنغازي عام 2011 لعرض مسحها كما صُوِّر لنا حينها، بل كان للسيطرة على الثورة وقمعها، مع أوامر صريحة بعدم التعرض للمدنيين، وذلك حسب ما تبيّن من اللقاءات مع بعض المشاركين في ذلك للرتل ومن السيد المستشار مصطفى عبدالجليل بنفسه.

2. القذيفة التي أصابت البيت في شبنه والتي نُشِر بأنها أودت بحياة طفل رضيع حينها، لم يثبت إلى الآن مصدرها أو من أمر بإطلاقها.

3. الرتل عام 2014، وجهته مطار طرابلس وذلك لدعم قوات سابقة كانت قد قامت بتدمير المطار، وصدرت من قبل قياداته بيانات رسمية موثقة إضافة إلى عشرات المدنيين القتلى من جراء العملية، وبيان الحكومة المؤقتة الذي أكّد أن جرائم حرب قد أقتُرِفت خلال العملية.

4. القذيفة التي أصابت السيدة حنان البرعصي في بنغازي هي معروفة المصدر، وقد سبقتها مثيلاتها على مدنيين وأحياء سكنية أخرى، الأمر الذي لا يدع أي مجال للشك بأن هذه العمليات قد عرّضت حياة المدنيين للخطر.

5. عام 2011 ألقى السيد شلقم كلمة في مجلس الأمن بالخصوص، وأقنع بها الحضور بعزم النظام السابق على الإضرار بالمدنيين، مما أسس لصدور قرار مجلس الأمن بالأمم لمتحدة بتطبيق البند السابع على ليبيا لحماية المدنيين.

6. بالمقارنة، بالأمس وبتاريخ 17/07/2014، ألقى وزير الخارجية الليبي السيد محمد عبدالعزيز كلمة قوية، أوضح فيها عدم رغبة ليبيا في أن تقوم الأمم المتحدة بتدخل عسكري في ليبيا، وبيّن بوضوح كامل أنه على المجتمع الدولي أن يكمل ما بدأ عام 2011 واصفا ذلك بالوجه الثاني لنفس العملة، وطلب توفير الخبرات والتقنيات التي تساعد الشعب الليبي وحكومته على سحب السلاح من الشارع، وبسط الأمن، وبناء دولة المؤسسات.

عليه، ورغم أن الحق بيّن والباطل بيّن، ورغم أن البند السابع لا يزال قائما بدون اشتراط أن يكون تطبيقه عسكري، فإنه وبنفس القدر الذي كانت ردة فعل المجتمع الدولي عام 2011 تجاه ليبيا مبالغ فيها ومبنية على معلومات الكثير منها كان مغلوطا، نرى اليوم، في عام 2014، وبالمقابل مبالغة جديدة في ردة الفعل من المجتمع الدولي تجاه ليبيا ولكنها هذه المرة بالصمت، والتردد في إتخاذ الإجراء الصحيح والتصحيحي لما حدث عام 2011، رغم وفرة المعلومات المثبتة والموثّقة بالصوت والصورة وبالبيانات المكتوبة من الأطراف المسببة لتعريض حياة المدنيين للخطر.

نطلب من المجتمع الدولي أن لا يساهم في أن تصبح ليبيا ساحة لتصفية الحسابات بين دول العالم، تدور فوق أرضها حرب يخوضها أبناء شعبنا، ويخسرن فيها الأرواح والأموال، ويكونون فيها وحدهم الخاسر الأكبر.

على الشعب الليبي أن يعي هذه الحقائق، وأن لا يسمح لأن يكون أداة لتحقيق مطامع وافدة، وأن يضع آلامه جانبا، وأن يتحد ليقف صفا واحدا في وجه العدو المشترك والمتمثل في التطرف والإرهاب بجميع أنواعه.

حفظ الله ليبيا وأهلها من كل مكروه.

د فاطمة الحمروش
18/07/2014