محاكاة للحرب على سوريا جرت بسرية فما هي النتيجة؟

لم تتوقف الاستعدادات السورية لمواجهة اي عدوان أميركي محتمل منذ اللحظة الاولى لإظهار واشنطن النية بالضربة العسكرية ضد دمشق، وتوزعت ما بين الخطط العسكرية والإدارية والإعلامية، تتمحور جميعها بحسب ما يقول مطلعون على وجود بدائل في حال استهداف اي منظومة خدماتية او دفاعية. لا يبوح السوريون بالتفاصيل لكنهم يواصلون الاستعدادات بزخم ضمن ورشة عمل يتوقع ان يكون حلفاء دمشق شاركوا في تدعيمها.
لم يسترح القادة العسكريون السوريون منذ تصعيد الادارة الاميركية وتهديدها بالضربة، في وقت كانت وزارة الخارجية تواكب على الخط الساخن خطوات دبلوماسية يظهرها السفير بشار الجعفري في نيويورك. وفي وزارة الاعلام أجرى الوزير عمران الزعبي جملة تدابير تقوم على اساس التجربة التي خاضها اعلام المقاومة في لبنان.
القرار السوري كان حاسما: لن ننتظر مفاوضات موسكو وواشنطن، قد لا تنجح ولذلك فلنتصرف على اساس مواجهة العدوان المحتمل.
على مساحة العالم يسود الانتظار: هل ستحصل الضربة ضد دمشق؟ لا يبدو الجواب حاسما، لكن ثمة أسرار تدور في الكواليس.
استعد الأميركيون للضربة "المحدودة"، وجهزوا كل لوازمها وكأنها حاصلة فورا وانتظروا قرار الكونغرس. في هذا الوقت كانت تدور مفاوضات بين الأميركيين والروس حول مسار الازمة والعلاج السوري لم تصل الى حد التقارب في سانت بطرسبورغ.
يطالب الأميركيون بتنازل حلفاء سوريا عن النظام قليلا، تحت عنوان الحد من قدرات الرئيس بشار الاسد، تحضيرا لمؤتمر جنيف2 ، لضمان فرض "عملية انتقال سياسي". لكن الروس تمسكوا بثوابتهم التي تدعو لعدم فرض التغيير على الشعب السوري، بل الذهاب لدوزنة المعارضة وإبعاد المتطرفين عنها وإشراكها في التسوية المطروحة.
يدور البحث مجددا الان حول العودة مرة اخرى الى مجلس الامن بدل الاحتكام الى قرار الكونغرس الأميركي. وفي النية طرح التحضير لمؤتمر جنيف وإيجاد مخرج بعد استبعاد الضربة، لان الأميركيين يطالبون بخطوات عملية تأتي كبديل عن الضربة. ومن هنا يبدو هدف العدوان على سوريا في فرض الشروط لتطويق الرئيس بشار الاسد.

تريد واشنطن تنازلا من الاسد يصل الى حدود استقالته، بعد فشل المسلحين في ضرب نظامه. لكن الرئيس السوري لا يوافق على تلبية ما عجزت الحرب الداخلية ان تفعله.
لا تبدو مؤشرات التصويت في الكونغرس الأميركي واضحة، التردد يزداد وقد ظهر في كلمة الرئيس باراك أوباما ما يعكس الازمة في الموقف الأميركي.
من بين الأسرار ان الادارة الاميركية أجرت في اليومين الماضيين مع حلفائها الإسرائيليين والأتراك وعواصم عربية محاكاة لحرب ضد سوريا، تقول المعلومات المؤكدة ان النتيجة أتت سلبية بعد نجاح الضربة في الساعات الست الاولى يعقبها إرباك في المشهد: اين سترد دمشق؟ ومن يساندها من الحلفاء؟ وهل يتدخل الروس بقواعدهم العسكرية وخبراتهم لصد الحرب على سوريا تحت عنوان المساعدة؟ وماذا عن موقف المقاومة بعد الصمت المريب لقيادتها تجاه التهديدات ضد سوريا؟ وما هي حدود الرد؟ ماذا عن المضائق والتصرفات الايرانية؟ كلها أسئلة بقيت دون الأجوبة وجاءت النتيجة سلبية على هذا الأساس.
تقول المعلومات أيضاً ان الإسرائيليين لم يحسموا بعد الموقف من الضربة وقد وصلت المعلومات الاستخباراتية عن عدم رفع اي جهوزية عسكرية لديهم، فهل تطلب تل أبيب من أوباما التراجع او التقدم؟ وصلت الى اسرائيل معلومات مؤكدة عن حجم الرد على الضربة ما يجعل المنطقة في حالة توتر مفتوح.

يقول مطلعون على مسار الازمة ومحاولة المعالجة الدولية ان واشنطن طرحت التقسيم بطريقة غير مباشرة وجوبهت بالرفض السوري. لذلك يضع المطلعون الحراك الأميركي في خانة التقسيم: تسعى واشنطن لفرض تنازل روسي حول فرط التمسك بوحدة سوريا، المطلوب اميركيا دولتان على طريقة الكوريتين الشمالية والجنوبية، ومن هنا ينطلق الغرب في تبني الضربة العسكرية ضد سوريا لتسهيل خطة المجموعات المسلحة في الهجوم بذات الوقت لاحتلال مناطق جديدة وطرد الجيش من حلب وإحكام السيطرة على شمال سوريا. بعدها يخطط الغرب لتفعيل جنيف 2 وترسيخ الامر الواقع وفرض وقف اطلاق النار من خلال قرار صادر عن مجلس الامن تحت بند الفصل السابع. عندها تتحقق تجربة الكوريتين.
لم توافق موسكو على طرح الغرب لأسباب عدة، منها موضوع المتطرفين الذين اثار قضيتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعاته في بطرسبورغ. رغم ان السعودية تعد بالقضاء على تجربة الإسلاميين لاحقا بعد "إزاحة الاسد"، لكن من يضمن لموسكو عدم امتداد نار التطرف الى حدودها؟
القنوات الفضائية الاميركية باتت تحذر من خطر التطرف في سوريا، وصل الى حد نشر CNN تقرير عن توقع السعوديين وصول خطر جبهة النصرة الى ديارهم بعد سوريا. ولذلك وجب الحذر.
الساعات الجارية حاسمة، فهل يعطي مجلس النواب الأميركي القرار بالموافقة؟ ام يعود أوباما الى البدائل من جديد ومنها مجلس الامن؟
ثمة من يقول ان الأميركيين لا يحسبون حسابا للقانون الدولي، بالنسبة اليهم القانون الأميركي هو المعيار وفوق كل اعتبار. فماذا ستقول واشنطن ما بين الاثنين والثلاثاء؟

ربنا يلطف يسوريا